عرض مشاركة واحدة
  #74  
قديم 12-16-2016, 07:37 PM
 


_٣٢_

~ ياماتو ~

إنتظرت قدوم سوبارو في مقهى قريب من مدرسته ، بعد أن أرسلت إليه رسالة أعلمه برغبتي في التحدث معه ..
يجب أن أتحدث معه بهدوء ، فمن الواضح جداً أنه يمتلك الكثير من المعلومات المتعلقة بقضية جوليا ، وإذا ما علمت فأنا سأبلغ الشرطة بذلك بلا شك ..

دقائق ولمحته يدخل من الباب وعيناه تبحثان عني ، لوحت له بيدي وفور أن رآني سار بإتجاهي وأنظار الجميع تلاحقه ..
جلس في الجهة المقابلة لي ، وقبل أن يتفوه بكلمة بادرت بسؤاله : هل تريد شرب شيء ؟؟
أجاب بهدوء : ليس لدي الوقت الكافي لذلك ، أخبرني لماذا طلبت مقابلتي ؟؟ أتريد أن نكمل ما بدأناه في الأمس ؟؟ ألم يكفيك ما أصابك من لكمات ؟؟

لا أعلم حقاً كيف أخبره بأنني أريد مزيداً من المعلومات التي يمتلكها ، فأنا أعلم أنه مُراقب ، وهذا لن يكون بالأمر الجيد ..
شبكت أصابعي ببعضها وقلت : لنكمل ما بدأناه لكن هذه المرة بطريقة أكثر عقلانية ، وأنا أعني بالحوار ..


أسند بظهره إلى الوراء وعقد ساعديه أمام صدره وقال بإزدراء : وماذا تريد أن تقول ؟؟
بلعت ريقي بتوتر ، لم أظن أنه سيكون بارداً بهذا الشكل ، كنت أعتقد بأنه سيتعاون معي من أجل إنقاذ جوليا و روز ، لكنه غير مهتم ..
أو ربما هو يمثل البرود فقط ، من أجل إبعاد الشبهات ..

سألت سوبارو : هل حصلت على رسالة من الخاطف هذا اليوم ؟؟
- لا أبداً ، لقد انقطع منذ أيام ، وأنا لا أعلم لماذا حقاً ..

أرغب حقاً في معرفة كيف علم بأنني لست بمراقب ؟؟ ولماذا طلب مني إبلاغ الشرطة ولم يذهب هو إليهم بنفسه ، لكنني لا أعلم الطريقة السليمة لفعلها ..

قلت بإرتباك : سوبارو لو رغبت في معرفة أمر ما ، فهل تنتظر أحداً يخبرك بهذا أم تكتشفه بنفسك ؟؟
أجاب سوبارو : أنا لن أعرف شيئاً إذا لم يخبرني أحد ، فمثلاً في المدرسة لن أعلم بما يحصل إلا إذا أخبرني المدير بهذا ..

حاولت جاهداً إخفاء إندهاشي ، هل من المعقول أنه فهم مقصدي ؟؟
لأتأكد من ذلك سألت بحذر : هل أنت واثق من ذلك ؟؟
أجاب بثقة : أنا أفهمك جيداً يا ياماتو ، فأنت الثري المغفل في النهاية ..
أغاظني كلامه جيداً ، لكنني حاولت أن أخفي ذلك ، فأنا يجب أن أركز على المهم الآن ..
أعني أنه بجوابه هذا أثبت لي أنه فهم مقصدي ، وإجابته تلك تعني أن المدير هو من أعلمه بذلك ، إذاً المدير متورط أيضاً في القضية ..


نطق سوبارو : إسمعني يا ياماتو لا تظن أنني أمتلك الكثير من المعلومات ، فنحن في نفس المستوى الدراسي ، إذاً كلانا في مستوى واحد ، ولا أحد متفوق على الآخر ..
حاولت تحليل كلماته في ذهني ، ربما هو يقصد بأنه لا يمتلك المزيد من المعلومات ، وما يعلمه قد أوصله إلي ، وهذا هو كل ما لديه ..

إبتسمت قائلاً : تقول أنه لا متفوق بيننا !! أنت محق ، لكن الأشخاص الأكبر منا متفوقون بلا شك ..
لمحت شبه إبتسامة رسمت على شفتيه وهو يتمتم : هذا أمر مؤكد ولا غبار عليه فهم أحرار تماماً في تصرفاتهم بسبب إستقلاليتهم ..


هذا السوبارو يعجبني حقاً ، إنه يفهم ما أريد قوله من دون أن أبذل مجهوداً ، فعلاً كم هو ذكي..

قلت بتردد : سوبارو هل سمعت أي خبر عن روز ؟؟ وهل لديك أي فكرة عن مكانها ؟؟
أجاب ببرود : لا أعلم ، ولا أريد أن أعلم ..
قطبت حاجباي بإنزعاج متسائلاً : ماذا تعني بأنك لا تريد أن تعلم ؟؟ ألا تهتم لأمرها ؟؟
- أنا أساعد جوليا لأنها ضحية ، أما روز فهي من جنت على نفسها ..


لم يعجبني جوابه أبداً ، لذا وقفت من مكاني بقوة حتى أن الطاولة قد اهتزت ، وأمسكت بياقة ملابسه قائلاً بحدة : حتى لو كانت روز مخطئة ، نحن أصدقاءها ويجب أن نقف معها في محنتها ..
أبعد قبضتي عنه ودفعني إلى الوراء لأسقط على الكرسي الموضوع خلفي ، وقال بصوت عالي : الوقوف معها يعني هلاكنا أيها الغبي ، أنا غير مستعد لأن أزج في السجن بسببها ..

ضغطت على أسناني من شدة الغضب ، وأنفاسي أخذت بالتسارع والبراكين قد تفجرت في داخلي ، ولم أعد أستطيع تحمل حديثه أكثر ..
قلت بغضب عارم : أيها الخائن اللعين ، لا تستحق ثقة روز أبداً ، ألسنا أصدقاء ؟؟ أليس الصديق وقت الضيق ؟؟ أليس من الواجب أن نقف معها في محنتها ونثق بها أكثر ؟؟ لماذا تريد خيانتها في المواقف الصعبة ؟؟ تباً لك يا سوبارو ، أغرب عن وجهي فأنا لم أعد أتحملك أيها البغيض ..

رمقني بنظرة باردة وبعدها أدار ظهره نحوي مغادراً المكان ، وعندما إختفى من أمامي إنهرت تماماً ، وقدماي لم تعودا تقويان على حملي ، إذا لم نقف مع روز الآن فمن سيقف معها ؟؟




سمعت صوتاً أنثوياً ينادي : هل أنت بخير أيها الفتى ؟؟ هل أحضر لك شيئاً تشربه ؟؟
رفعت رأسي إلى النادلة أنظر إليها ، فإذا بي أكتشف أن الجميع كانوا يراقبوننا ، ولازالت نظراتهم الفضولية مصوبة نحوي ..
وقفت بسرعة وغادرت المقهى راكضاً ، وأنا محرج كثيراً من نفسي من جهة وغاضب جداً من سوبارو من جهة أخرى ..


لمحت سيارة السائق تنتظرني خارجاً ، صعدت على متنها وعدنا إلى المنزل ..
فور وصولي نزلت من السيارة لأتفاجأ بأبي الذي يقف أمامي مباشرة على بعد عدة خطوات ، وحاجبيه معقودتان ، ووجهه لا يبشر بالخير ..

أخذ الخوف يتسلل إلى قلبي بعد رؤيته يقترب مني ، وما هي إلا ثواني حتى طبع كفه على وجهي، وأتبعها صوت صراخه الذي هز أرجاء المكان : لقد تماديت كثيراً يا ياماتو ، لم أعهدك عنيداً هكذا ، أنا واثق من أن هذا بسبب الأشخاص الذين كانوا حولك ، وأنا قد تساهلت في معاقبتك كثيراً ، كم مرة منعتك من مقابلة أولئك التعساء وأنت تتجاهلني ؟؟
تمتمت وأنا أطأطئ رأسي : أبي لكنهم .......

قاطعني بغضب : لكنهم ماذا ؟؟ لا تقل أنهم أصدقائك ، أحدهم قد شيع بأنه سارق والأخرى إتضح بأنها عاهرة هربت من المنزل والأخيرة ليست سوى مجرمة قتلت عائلتها وولت هاربة ، أي نوع من الأشخاص الذين تصاحبهم ؟؟ أنت بتصرفاتك هذه تسيء إلى سمعة عائلتنا أيها الأحمق ، فكر أولاً بعقلك لا بقلبك ، دع مشاعرك الغبية جانباً .........


صرخت مقاطعاً له بإنفعال : مشاعري ليست بغبية يا أبي ، وهم ليسوا كما تظن أبداً ، إياك وأن تتحدث بسوء عنهم ، صحيح أنني لم أتعرف عليهم إلا قريباً إلا أنني ....
صمت لبرهة قبل أن أرفع بصري نحو أبي وأقول بجرأة : إلا أنني أحبهم أكثر منك ، وهم ذو فائدة أعظم منك أيها الأب عديم الفائدة ..

أنهيت عبارتي وأغمضت عيناي إستعدادا للصفعة الثانية التي سيوجهها لي أبي بعد كلماتي الوقحة ، لكنني لم أتلقى شيئاً لذا فتحت عيني ببطء لأجده ينظر إلي دون حراك ..
وما هي ألا ثواني حتى بدأت حاجباه بالانعقاد ، وطغى على ملامحه الألم ، وجسده الصلب أخذ بالتمايل ، ويديه ممسكة صدره الأيسر ..


صرخت بفزع وأنا أمسك به قبل أن يتهاوى أرضاً : أبي ماذا أصابك ؟؟
سمعت السائق يقول بقلق : لنحمله إلى المشفى يا سيدي بسرعة ..
حملته بمساعدة السائق وصعدنا به إلى السيارة متوجهين نحو المشفى ..



***

~ آلبرت ~

إلتفت إلى السرير المجاور لي فإذا بشينا غارقة في النوم ، كلماتها مفاجأة للغاية ، حتى أنا لم أكن لأفكر هكذا ..

أعدت بذاكرتي قبل ساعات قليلة ، عندما كانت تسدي لي النصائح ، وتقنعني بالخضوع للعملية ..
{ شينا : لماذا تفكر بصورة سلبية ؟؟ لماذا لا تفكر كيف ستكون مشاعرك إذا ما نجحت العملية ؟؟ كيف ستكون عائلتك سعيدة بعودتك سالماً إليهم ، هذا مايجب عليك أن تفكر بشأنه يا آلبرت ..

ثم صمتت لتتيح لي التفكير بكلماتها ، وبعد دقائق عاودت الحديث قائلة : وإذا لم تنجح العملية لا يجب عليك التفكير بالإحباط ، وإنما عليك ...
تغيرت نظراتها إلى نظرات حادة ومرعبة وأكملت بنظرات حاقدة : التفكير بالإنتقام من السبب الرئيسي لمصيبتك ، واسلب منه ما سلبه منك ..

لأكون صريحاً لقد ارتعبت من نبرتها ، ونظراتها الحادة فاجئني كثيراً ، وانقلابها غريب جداً ..
نظرت إليها محاولاً إستيعاب كلماتها ، ثم قلت وأنا أرمش بغباء : هل تعتبرين ما قلتيه نصيحة ؟؟

قالت بنظرة سوداء : هذا نهجي في الحياة ، وأنا أسير عليه منذ زمن ، ولذا لا زلت حية حتى الآن ، أتمسك بالحياة من أجل الإنتقام ، وهذا هو الطريق الأفضل للعيش ..
سألت ببطء : ماذا تعنين بأنك متمسكة بالحياة بسبب الإنتقام ؟؟ هل هناك أشخاص تهدفين إلى الإنتقام منهم ؟؟

أجابت بشرود وكأنها تحدث نفسها : لا أقول أنها إنتقام ، بل رد للدين ، فإذا ما تسبب أحدهم بجرحي فيجب أن يُجرح بالطريقة ذاتها ، وإذا ما قتل أحدهم أخوك الوحيد فيجب أن يُقتل أيضاً ..
تهدج صوتها وهي تكمل بحزن وقد ترقرقت الدموع في عينيها : كان آخر من تبقى لي والآن غادر دون رجعة بسبب ........

لم تكمل ما كانت ترغب في قوله وبدت تصرفاتها غريبة ، وصوتها مخنوق ، وملامح الألم يكسو وجهها ، كان وجهها مرعباً ، وأطراف شفتيها يميل إلى الزرقة ..
وضعت يدها ناحية قلبها وأخذت تضغط عليه متمتمة : قلبي ... يؤلمني ..
ذعرت كثيراً و لذا ضغطت زر إستدعاء الممرضات ، لتأتي إلي الممرضة مسرعة ..
صرخت بذعر : أنظروا ماذا أصاب هذه الفتاة ، أرجو ألا تكون قد ماتت ..

أخرجنها الممرضات من الغرفة ولا أعلم ماذا أصابها ، في الحقيقة أنا حتى لا أعلم سبب مكوثها هنا وما نوع المرض التي تشكو منه ..


مرت ساعة كاملة كنت فيها قلقاً ، وبالي مشغول بأمرها كثيراً ، عندما فُتح الباب رأيتهم يضعونها على السرير ويشبكون في يدها إبرة المغذي ..
نظرت إلى الطبيب الذي أعتقد بأنه مسؤول عنها وقلت : أيها الطبيب ماذا أصاب هذه الفتاة ؟؟
نظر إلي الطبيب وحرك نظارته مجيباً : شينا لديها ثقب في قلبها ، ولذا قلبها ضعيف جداً ، وإذا غضبت كثيراً أو حزنت بشدة فهذا سيؤثر عليها سلباً ..
ثم أعاد ببصره إليها وقال وهو يتأمل وجهها النائم : هي مصرة كثيراً على مغادرة المشفى لكنني لن أستطيع الموافقة على ذلك ، فهي لازالت متأثرة بموت أخيها ولهذا أنا أخشى من أن تسوء حالتها أكثر .. }

إذاً هي ليس لديها أحد كما توقعت ، ولهذا لم يأتي احد لزيارتها ، حسناً أشعر بالشفقة عليها قليلاً ..
لم أظن أنها ضعيفة القلب هكذا ، فقد بدت لي فتاة حيوية وصلبة ، لكن على ما يبدو موت أخاها أثر عليها كثيراً ، يالها من مسكينة ..

سمعت صوت طرقات على باب الغرفة ، وبعدها فُتح الباب ليدخل منها ياماتو ووجهه مظلم بشكل غريب ، وعينيه قد فقدتا لمعانهما المميزتين ، وأخذ يسير بخطوات ثقيلة نحوي ..
ألقى بجسده على الكرسي المجاور لي ، ودفن وجهه في السرير وهو يتمتم بكلمات لم أفهمها ..


عقدت حاجباي باستغراب ، ما الذي يحاول هذا الياماتو قوله ؟؟
قلت بإنزعاج : ماذا بك أيها السيد الصغير ؟؟
لم يرفع رأسه وينظر إلي وواصل تمتمته التي لم أفهم منها شيئاً ..
أمسكت شعره ورفعت رأسه قائلاً : أيها الغبي إذا إستمريت على هذا فأنا لن أفهمك ..
قال ووجه ينذر ببكائه : أنا .. أنا شخص حقير ..

أملت فمي ساخراً وأنا أقول : أأدركت هذا لتوك ؟؟ أنت هكذا منذ زمن ..
تركت شعره ووضع هو كفيه على وجهه مانعاً نفسه عن البكاء وقال : أبي يا آلبرت أصيب بسكتة قلبية بسببي ، كان سيموت إذا ما تأخرنا دقيقة في إسعافه ، كلماتي القاسية تسببت في كل هذا ، أتمنى أن أموت فقط ..


تفاجأت حين علمت أن والده أصاب بسكتة قلبية ، سألت بهدوء : هل ألقيت نظرة على والدك ؟؟
هز رأسه نافياً وهو يقول : لم أمتلك الجرأة الكافية للنظر إليه بعد ما قلته له وتسببت في إصابته ..
قلت بقهر : ولماذا أتيت إلي ؟؟ هل نسيت أنك تسببت في شللي ؟؟ أم أنك تظن أن ما سببته لي لا يستدعي القلق ..

نظر إلي بذعر وقال محاولاً تدارك الأمر : الأمر ليس هكذا يا آلبرت صدقني ، أنا ....
وضعت يدي أمام وجهه لأمنعه من إكمال جملته وقالت : سئمت من الاستماع إلى تبريراتك السخيفة ، أغرب عن وجهي حالاً ، فأنا لم أعد أطيق رؤيتك ..

قال بوجه متألم : إلى أين تريدني أن أذهب ؟؟ لم يعد هناك أحد حولي يا آلبرت ، أرجوك كن معي ..
أجبت بقسوة : إذهب إلى الجحيم أيها المزعج ، لا أذكر أنني كنت معك قبلاً ، غادر من أمامي بسرعة ، رؤيتي لك ستسيء من حالتي ..

نظر إلي بإنكسار والحزن بادٍ عليه ، إلا أنني لم أتأثر ولو قليلاً ، فهو تسبب في إيذائي أكثر مما هو متأذي الآن ..
وقف بصمت وغادر المكان بهدوء بشكل غريب ، لم أتوقع أن يفعل هذا ، فقد ظننت أنه سيبكي كما يفعل دائماً ، فهو ليس من الرجال الذين يعتبرون البكاء ضعفاً ..

أتذكر عندما كان في العاشرة وكنت أنا آن ذاك في التاسعة عشرة من العمر ، وكانت سنتي الأولى في العمل ، عندما كان يبكي كنت أقول له دائماً : الرجال لا يبكون يا سيدي الصغير ..
ليرد علي ببراءة : لماذا خُلق الدموع إذاً للرجال ؟؟ أليس لنبكي عندما نحزن ؟؟

ذلك المزعج ماذا سيفعل الآن ؟؟ أرجو ألا يُفكر في أمر متهور ..


***
~ يوما ~

لا أعلم لماذا لكنني أشعر بضيق شديد ، وهذا يُنذر بخطر محدق قادم من المجهول ..
يخالجني شعور غريب ، شعور يسبب لي الأرق ، مذ أن توليت منصب قيادة المجموعة بعد ساي وأنا لم أذق طعم الراحة ..
أتذكر ماقالته لي راي سابقاً بشأن كلمات ساي الأخيرة ، لكنني لم أتوصل إلى الشخص الخائن بعد ، لكن شكوكي تحوم حول كازوما العضو الجديد بيننا ، ولكن هناك إحتمال أن يكون الخائن شخص آخر ..

لم أعد أستطيع تحديد الوفي من بين الجميع ، ولا تمييز الخائن المخادع ، أنا حالياً أصب كل إهتمامي نحو كازوما العضو الجديد ، مع أنني قد أكون مخطئاً ، إلا أنني أثق ثقة عمياء في حدسي ..

الأسئلة التي كان كازوماً منشغلاً بها أوقعتني في حيرة ، فهي أشبه بجمل لا معنى لها ، وأسئلة غبية تافهة للغاية ..
لكن ولتجنب الخطر قمت بمحوها ، وإذا ما أعادها كازوما فأنا واثق من أنها مهمة ، وهناك سر وراءها ، لكنني حين راقبته من الكاميرات الموزعة في أرجاء المدرسة بأكلمها لاحظت أنه لم يُعد كتابتها ، ولم يُعر الأمر إهتماماً ..


لذا تبدد شكي تماماً ، وقررت بعدها مراقبة شخص آخر ، والذي هو ذلك الحارس الذي أُصيب بحروق في جسده بعد أن سُكب الزيت الحار عليه ، وتشوه كثيراً في وجهه ومناطق عدة من جسده ، والتشوه لن يزول بسهولة ، والحروق كانت عميقة جداً ..


لازلت أتذكر رغبته في الإنتقام من السجينة المسماة بجوليا ، فقد ألقى باللوم عليها هي والحارس كيتورا ، لكن ساي منعه من الإنتقام قائلاً أنه لازال بحاجة إليها ..

على ذكر كيتورا أتذكر أنه قد قُتل على يد ساي بعد أن حاول إنقاذ السجينتين ، وقد سمعت بأنه قبل موته صرح بحبه لإحدى السجينتين وكان هذا الدافع الذي جعله يفكر في خيانتنا ..
أنا مندهش جداً من أن إحدى السجينتين إستطاعت خطف قلب كيتورا الذي كان لا يهتم بشيء في الحياة إلا أخته المريضة بسبب ثقب في قلبها ، هل فعلاً تلك السجينة بتلك الجاذبية !!

بالتفكير بالأمر أنا لم أقابل السجينتين يوماً ، ولا أعلم عنهما شيء إلا إسميهما ، حتى أنني أجهل عمرهما ..


قررت حينها إلقاء نظرة على السجينتين ، لأقتل هذا الفراغ ، فساي دائماً يخبرني بأنه من المسلي جداً التحدث مع السجينة جوليا ..

توجهت نحو قبو المنزل ، وسرت نحو الغرفة التي يتواجد فيها السجينتين ، دخلت فإذا بي أرى الحارس يعبث بهاتفه المحمول ، وفور أن رآني اعتدل بجلسته ، ووقف إحتراماً لي ..

أدرت رأسي نحو السجينتين ، لأجد شخصان جالسان بهدوء بالقرب من القضبان ، إحداهما إمرأة تبدو في الثلاثين من العمر ، ووجهها شاحب للغاية ، ولم تكن تسند بظهرها إلى الجدار ..
والأخرى فتاة من الواضح جداً بأنها لاازالت صغيرة في السن ، وأستطيع القول أنها في المرحلة الإعدادية ، وحالها لم يكن بأفضل من حال المرأة السابقة ، الهالات السوداء تحيط بعينيها الذابلتين وشعرها رث للغاية ، ووجهها محتقن بالإحمرار ..


على الرغم من مظهرها هذا ألا أنها كانت ترسم إبتسامة غريبة على ثغرها ، إبتسامة لم أفهم مغزاها ، لذا سألت بحدة : لماذا تبتسمين بهذا الشكل ؟؟أأنت مجنونة ؟؟

لم تجبني تلك الفتاة وعوضاً عن ذلك قامت بإبعاد بصرها عني ، قطبت حاجباي بإنزعاج وقلت بنبرة عالية : لماذا تتجاهلينني أيتها الفتاة المزعجة ؟؟ ردي علي ..

لم يُرعبها صراخي ، ولم يتغير ملامحها البتة ، نقلت ببصري نحو المرأة التي تنظر إلينا بتوتر وقلق ، وكان هذا واضح كالشمس ..

قلت وأنا أقترب من القضبان الحديدية ونظراتي مصوبة نحو جوليا التي تنظر إلى الفراغ : إذاً أنت جوليا التي سمعت عنها كثيراً ، الفتاة التي كانت تضحي بنفسها من أجل السجينة يومي ، لم أتوقع بأن تكوني صغيرة جداً ، ظننت أنك أكبر عمراً من هذا ..

اقترب مني الحارس هامساً : لا يغرك مظهر وجهها الطفولي ، إنها في السابعة عشر من العمر ..
قلت بتفاجؤ : في السابعة عشرة !! هذا مفاجئ ظننتها في المرحلة الإعدادية ..

طويت قدمي لأصل إلى مستواها ، وكانت قريبة جداً مني ، قلت بإبتسامة : لدي سؤال يحيرني يا جوليا ، كيف استطعتي إغراء كيتورا وجعله في صفك ؟؟
لم تجبني هذه المرة كذلك ، ووقفت مبتعدة عن القضبان لتصبح بعيدة عني ، شعرت بالغيظ من تجاهلها ، لذا أمرت الحارس بفتح الزنزانة ، فتصرفاتها استفزني كثيراً ..

بينما كان الحارس يقوم بفتح القفل سمعتها تنطق أخيراً بنبرة هادئة ومتزنة : أنا لم أحاول إغراء أحد ، كل ما هنالك أن جانبه الإنساني قد أفاق ، ولهذا قرر مساعدتنا ..
تعمدت الضحك عالياً لأستفزها وعندما انتهيت تمتمت ساخراً : جانبه الإنساني !! هه أنت مضحكة حقاً ..

فتح الحارس باب السجن ، وعندما هممت بالدخول همس لي : إحذر منها فهي تجيد فنون القتال ..
قلت بإعجاب : حقاً !!
نظرت إليها وقلت بإبتسامة : هل تجيدين القتال ياصاحبة الجانب الإنساني ؟؟
أجابت ببرود : لا ..

إقتربت منها بخطوات بطيئة وأنا أرمقها بنظرات حادة محاولاً بث الرعب في قلبها ، لكن المفاجئ أنها تقابلني بنظرة قاتلة كانت لتجعل أي سفاح فخوراً!!
عندما وصلت إليها نزلت إلى مستواها وقلت هامساً بخبث وأنا أقرب وجهي منها: لديك نظرات مرعبة حقاً ، من المؤسف أن صاحبة هذه النظرات ستُقتل قريباً ..


على الرغم من أنني بهذا القرب الشديد منها إلا أنني لم أرى في عينيها ذرة خوف ، وكل ما أراه هو الثقة والقوة ..
سمعت صوت أنثوي مرتعش يقول : إبتعد عن جوليا أيها الحقير ..
أبعدت رأسي عن وجهها والتفت إلى تلك المرأة التي تفوهت بهذه الكلمات بصوت عكس الخوف والاضطراب اللذان في داخلها ..
رفعت إحدى حاجباي قائلاً : ماذا قلتي للتو !!

نطقت بجرأة على الرغم من جسدها الذي يرتعش خوفاً : لماذا جميعكم تحاولون إختلاق الشجار مع جوليا التي تصغركم بسنوات ؟؟ لماذا لا تتصرفون كالرجال وتواجهون أحداً بسنكم ، أم أنكم مجموعة من الجبناء لا تستقوون إلا على الصغار ..

أصدرت ضحكة ساخرة وقلت وأنا أرمقها بنظرات مستحقرة : على الرغم من كلماتك الشجاعة إلا أنك تبدين كطفل أوشك على أن يبلل نفسه من شدة الخوف ..
ثم أردفت بحدة : لا تتفوهي بكلمات أكبر منك ، وإلا جعلت تندمين على كل حرف تفوهت به ..

كلماتي سببت لها الكثير من الرعب ، حتى أن الدموع قد ترقرقت في عينيها ، في النهاية هي إمرأة جبانة كما توقعت ..

انتصبت على قدماي قائلاً بملل : أنت لست ممتعة البتة ، لابد أن الإشاعات كانت كاذبة ..
ثم سرت خارجاً لكنني توقف للحظة والتفت إليها قائلاً : لو كنت كما سمعت لكنت قد جعلتك واحدة منا ، بما أن ساي لا يُكن لك الحقد كما يُكنه لأصدقائك ..


عندما هممت بمتابعة طريقي سمعتها تقول : أنا لن أنضم إليكم حتى لو أجبرتموني ، لكنني مستعدة للتضحية بنفسي من أجل أصدقائي ، لذا أرجوكم دعوا روز وسوبارو وشأنهما وأنا سأكون كبش فداء لهما ..
حككت رأسي بحيرة وأنا أقول : للأسف الأمر ليس بيدي ، في النهاية أنت ستموتين سواءً أرغبت في التضحية بنفسك أو لا ..
قالت بنبرة قوية : أقنع ساي بذلك أرجوك ، لاداعي لقتلهما فهذا لن يعيد إليه قدمه المبتورة ، ولن يزيد إلا من عدد الضحايا التي تسبب في قتلها ، لذا تحدث معه علّه يغير رأيه ..

إبتسمت نصف إبتسامة واستدرت نحوها قائلة : ساي الآن في غيبوبة وأنا من توليت قيادة الجميع الآن ، ولا أفكر في أن أعدل عن رأيي ..
قالت بإندهاش : ساي في غيبوبة !! أتمنى لو مات فقط ..

قلت بمكر : حتى لو مات ودفن وتحللت جثته ، لازلنا نحن هنا لنتابع خطته ونسير على خطاه ، لذا لا تفرحي كثيراً ..
ضيقت عينيها متسائلة : أخبرني ما الممتع في القتل ؟؟ ما الشيء المسلي في زهق أرواح الأبرياء ؟؟ ألا تخشون من أن يُلقى بالقبض عليكم ؟؟

وضعت يدي أسفل ذقني بتفكير قائلاً : أنت لن تفهمي هذا الشعور حتى تجربيه بنفسك ، كل شخص هنا لديه هدف يسعى إليه بجرائمه ، فمنهم من يسعى للمال ، والآخر للإنتقام والبعض للترويح عن أنفسهم ، وهناك من قرروا التوقف إلا أنهم لا يستطيعون ذلك ، ولذا وجب عليهم المواصلة حتى النهاية وإلا فالموت هو خياره الأخير ..

ثم صمت لثواني وأردفت بإبتسامة واثقة : أما بالنسبة للشرطة فهم لم ولن يقبضوا علينا ، فنحن بارعين في عملنا ولا نترك وراءنا نصف دليل ، لذا لا تقلقي علينا ..
حملقت فيني بإستحقار وتمتمت : أقلق عليكم !! لا تضحكني أيها الأحمق ..
لم أرد عليها وغادرت المكان بصمت ، وقد عاودني ذلك الشعور بالخطر ..



***


~ روك ~

- حسناً شكراً لك على هذه المعلومات ، وداعاً ..
أغلقت خط الهاتف وشعور غريب ينتابني ، شعور بالسعادة ربما ، أشعر بأنني قريب من الحقيقة وقد أصل إليها في أي لحظة ..

كان من الصواب أن أراقب السيد كيداي وأشك به ، فليس علينا الشك في روز وحدها ، وترك البقية يسرحون ويمرحون ..

وردني للتو معلومة كان فيها أن السيد كيداي قد توجه إلى منزل أحدهم ، والغريب أنهم لاحظوا أن مدير مدرسة روز وجوليا قد ذهب إلى ذلك المنزل نفسه ، وحتى إحدى معلمات تلك المدرسة والتي هي زوجة والد ياماتو ..

وبعد التحقيق في صاحب المنزل إكتشفنا أنه رجل الأعمال المعروف ساي ، وهو أخ راي التوأم ، كما أنه الآن في غيبوبة ..
لن أستغرب من ذهاب المعلمة راي إلى هناك فذاك منزل أخاها ، لكن ما علاقة السيد كيداي والسيد كازوما ؟؟

أخبرني أحد الشرطة أنهما لم يتعرفا على بعضهما إلا في الأمس ، وكان سبب تواجد السيد كازوما هناك هو للتأكد من صحة الخبر بصفته مديراً للمدرسة ، هل من المعقول أنهما وطدا علاقتهما بهذه السرعة ؟؟
لا لا أظن ذلك ، لاشك في أنهما كانا يعرفان بعضهما قبلاً ، وهناك سر خلف إخفاء ذلك ..

الأمر الآخر الذي أثار إستغرابي هو أن عدداً من الرجال توافدوا نحو ذلك المنزل أيضاً ، حسناً ربما قد يكون أمراً عادياً كأن تقوم راي بدعوتهم مثلاً من أجل تناول العشاء ، أو من أجل أمر آخر ، لذا أمرت إحدهم بمراقبة المنزل عن كثب ومراقبة كل شخص يدخل ويخرج من المنزل ..

نظرت إلى مساعدتي التي تلتزم الصمت إذا رأتني صامتاً ، وتبادلني أطراف الحديث إذا بدأت أنا التحدث ..
قلت لها وبريق الأمل تلمع في عيني : سايو أشعر بشعور أفضل من الصباح ، ماسبب هذا يا ترى ؟؟
إبتسمت مجيبة: ربما حسك الأبوي يخبرك بأن الموعد لعودة إبنتك قد اقترب ..
تمتمت براحة غريبة : أتمنى أن تكون محقة في إستنتاجك ..
صمتنا لبرهة لتتحدث سايو مجدداً : ألم يحن الوقت لأن تعود إلى عائلتك يا روك ، لا شك أن زوجتك وإبنتك قلقتان عليك بما أنك لم تعد منذ البارحة ..
نطقت بتفاؤل : أنت محقة ، حسناً سأغادر الآن ، تستطيعين العودة إلى منزلك كذلك ..

عدت إلى منزلي وحين دخلت تفاجأت بوجود أمي جالسة على الأريكة الموجودة في وسط الصالة الصغيرة ، وبجانبها خادمها الذي يرافقها في كل مكان لأجل الحفاظ على صحتها ..
فور أن رأتني أمي وقفت بمساعدة العصا التي تمسك بها وقالت : إخيراً عدت يا روك ..
قلت وأنا أقترب منها : أعذريني يا أمي لم أعلم أنك كنت تنتظرينني ..

صرخت حينها بحدة : كاذب إبنتك اللعينة إتصلت بك مرات عدة وأخبرتك بمجيئي ، لكنك قلت أنك لا تود رؤيتي ..
بلعت ريقي بتوتر ، لا أذكر أنني تلقيت إتصالاً من جودي ، فجأة أدركت أن جودي قد كذبت على أمي ..
أخذت نفساً عميقاً وصرخت عالياً : جودي تعالي هنا بسرعة ..
ثواني قليلة حتى سمعت صوت أحدهم يتخبط من الدرج ، وبعدها رأيتها تقف أمامي بإرتباك ..
قلت بنبرة عالية : لماذا كذبت على جدتك ولم تتصلي بي ؟؟ أنت وقحة جداً يا جودي ..

قلت بصوت مرتعش ينذر ببكائها : أنا آسفة يا أبي أرجوك أعذرني ..
قلت بحزم : لا تعتذري إلي بل إلى جدتك ..
قالت أمي بحدة : لا أحتاج إلى اعتذار هذه الوقحة ، أتيت إلى هنا لأعرف عن ما إذا كنت قد وجدت خاطف جوليا أم لا ..
- على الرغم من أنني لم أتوصل لشيء بعد ، إلا أنني أشعر بأني قريب جداً من إنقاذها ..
- هذا جيد لكن لا تنسى أنك إذا ما وجدتها ستعيش حينها معي كما وعدتموني ..

قلت بصدمة : متى وعدناك بذلك ؟؟ لا أذكر أبداً هذا ..
قالت وهي ترمقني بنظرات نارية : حصل هذا عندما أتيت لزيارتكم المرة السابقة ، لا تتظاهر بالنسيان ، فهي ستبقى معي بعد أن تجدوها ..

حاولت تذكر ما حصل في المرة السابقة ، لأتذكر أننا بالفعل وعدناها بذلك ، يا إلهي كيف أمكنني نسان ذلك ..
قلت بتردد : القرار سيكون بيد جوليا يا أمي ، وإذا رفضت فلن نرغمها ..
قالت بصرامة : لا يهمني رأي الجميع ، هي ستسكن معي بدون أي نقاش ..

فضلت إلتزام الصمت ، فالجدال مع أمي لن يجدي نفعاً الآن ، وسيكون لنا حديث آخر بعد أن أنقذ جوليا ، لذا لأركز على إنقاذها أولاً ..
غادرت بعدها أمي على الرغم من أنني ألححت عليها بالبقاء قليلاً ، لكنها وكالعادة رفضت ذلك بشدة فهي لا تتحمل وجود جودي وزوجتي ..


حينما غادرت ألتفت إلى جودي التي كانت واقفة مكانها ومنكسة برأسها نحو الأسفل ، وقلت بهدوء : لماذا لا تستطيعين يا جودي تحسين علاقتك بجدتك ؟؟
أجابت جودي : هي تغيظني كثيراً حينما تهين أمي أمامي ولا تحترمها ، وأنا كما تعلم سريعة الغضب ، ولذا أنا وتلك العجوز لا نتوافق إطلاقاً ..


خلخلت شعري بين أصابعي وأنا أتمتم بيأس : لا أعلم حقاً كيف أتصرف معك يا جودي ..
ثم أردفت بتساؤل : على أي حال أين هي والدتك ؟؟
أتاني صوتها المرهق من خلف جودي : أنا هنا يا عزيزي ..


قلت بهدوء : هل كنت متواطئة مع جودي في كذبتها ..
تحدثت جودي بسرعة : لا أبداً ، أمي لا تعلم بأنني كنت أكذب صدقني ..
رمقتها بنظرة حادة وقلت : التزمي الصمت يا جودي فأنا لم أسألك ..
رفعت ببصري إلى كينور مجدداً منتظراً إجابتها ، فقالت حينها : آسفة يا عزيزي لكنني لم أعلم أن جودي تكذب ، لكن اللوم يقع على عاتقي فأنا لم أربيها جيداً ..
تدخلت جودي مجدداً وقالت وهي تنظر إلى كينور : لا يا أمي ، لا تدعي كلمات تلك العجوز تؤثر عليك ، أنت أم جيدة ..
صاحت حينها كينور بعصبية : لو كنت كذلك حقاً لما كذبت علي أنا وجدتك ، وما كنت لتناديها بالعجوز ..

بعدها وضعت يدها على رأسها ، ويبدو أن الصداع قد عاودها ..
هرعت إليها مسرعاً ، وأمسكت بها قبل أن تتهاوى إلى الأرض ، أشرت لجودي التي تنظر إلى كينور بقلق وأمرتها بالمغادرة ، وعلى الرغم من رفضها إلا أنني أرغمتها على ذلك ..

قدت كينور إلى السرير وساعدتها على الاستلقاء ، وبينما كنت أغطيها سمعتها تقول بصوت متألم : يوماً بعد يوم أشعر بأن والدتك محقة في حديثها عني ، أنا لا أصلح لأن أكون أماً لأحد ..
- لا تشغلي بالك بالتفكير كثيراً ، إستريحي الآن وسنتحدث بهذا الشأن لاحقاً ..

غادرت الغرفة متوجهاً نحو غرفة جودي ، توقفت أمام باب غرفتها وطرقت الباب بهدوء ، ودون أن أسمع ردها قمت بفتح الباب فإذا بي أجدها تبكي فوق سريرها الزهري ..
ما إن رأتني حتى ارتفع صوت نحيبها أكثر ، جلست على الكرسي الموجود في غرفتها وقلت بحزم : إرفعي رأسك يا جودي حالاً ..
لم تستجب لي ولذا أعدت ما قلته لكن بنبرة أعلى جعلها تخاف مني وتستجيب لما قلته ..
لم أهتم لبكائها الذي كان خطأها وقلت بصرامة : اسمعيني يا جودي تصرفاتك هذه لا ترضيني أنا ولا والدتك ، وأنت تسببين الحزن لأمك أكثر مما هي حزينة الآن ، هل يعجبك حقاً أن يقول الناس عن والدتك أنها سيئة في التربية ؟؟

هزت رأسها نفية لأكمل بقليل من العصبية : إذاً لماذا تتصرفين بهذه الطريقة مع جدتك ؟؟ ليست جدتك وحدها وإنما صديقك زاك كذلك ، لأكون صريحاً أنت فتاة فظة ، كنت دائماً أقول لنفسي أنك صغيرة وستتغيرين قريباً ، لكنك كما أنت مذ أن كنت صغيرة ولم يكبر عقلك ولو قليلاً ، إن أردتي أن نسامحك فمن الأفضل أن تعدينا بتحسين سلوكك ..

وقفت حينها جودي وهي تقول وسط دموعها : أعدك بذلك يا أبي ، لكن أرجوك لا تغضب مني ، أنا آسفة لن أكرر تصرفاتي الطفولية ، سامحني أرجوك ..
وقفت بدوري وسرت نحوها وأخذتها في أحضاني ، حسناً لا أستطيع أن أقسو عليها كثراً فهي إبنتي الصغيرة والمدللة ..
قلت بإبتسامة وأنا أمسح على رأسها : أنا أريدك أن تكوني فتاة جيدة ليحبك الجميع يا جودي ، ولم أقسو عليك إلا من أجل مصلحتك ..


***


~ سوبارو ~

أقلب بالمسدس يميناً وشمالاً ، وعقلي منشغل بالحوار الذي دار بيني وبين ياماتو ، فعلى الرغم من أنه قد فهم ما أعنيه ، إلا أنني غير مطمئن لسبب أجهله ..

هززت رأسي قليلاً محاولاً طرد هذه الأفكار الغبية ، بما أن ياماتو قد فهمني جيداً فلا شيء يجب أن أقلق عليه ، إذا راقبوا المدير كازوما فسوف يتوصلون إلى مكان جوليا بلا شك ..
الآن يجب أن أركز في قضية روز الذي لازلت أجهل ما إذا كانت هي من قتلت والدتها والوقح ماركو ، وقد جرت الأمور كما وصفتها لي ، أم أن هناك من خطط لكل هذا ؟؟
أنا لا أستبعد الخيار الثاني أبداً ، فالحياة التي نعيشها الآن تجعلني أشك في كل شيء ..


لقد طلبت من السيد روكاوا البقاء معها بعد أن أقسمت له مرات عدة ببراءتها ، وقد سرقت المسدس منها حتى لا تريه للسيد روكاوا ويظن أنها القاتلة فعلاً ..
السيد روكاوا يثق بي ، ويثق بأنني سأثبت براءة روز حتى لا يتورط مع الشرطة لاحقاً ، لكنني لا أعلم حقاً كيف أثبت براءتها ..

أول خطوة علي عملها هو أن أعرف صاحب هذا المسدس ، فربما هو من ارتكب الجريمة وألقى بالتهمة على روز ..
لكن الغريب أن روز لا تتذكر ما حصل لها بعد أن شربت المشروب الغازي الذي اتضح فيما بعد أنه مشروب كحولي ، هل هي فعلاً كانت آن ذاك ثملة وقامت بإرتكاب هذه الجريمة ؟؟

أوه يا إلهي كلما فكرت بشأن هذا الموضوع لا يسعني سوى التفكير بهذه الطريقة حتى لو كنت أشك في براءتها ..
لحظة ، ماذا لو كان في المشروب الغازي منوم أو ما شابه ، هذا سيفسر سبب تشوش ذاكرتها في تلك اللحظة ، نعم هذا محتمل ، كيف لي ألا أتوصل لهذا مبكراً ..

لكن لم يوجد في القمامة إلا علبة نبيذ ، إذاً فربما قد تم إستبدال العلبتين لإلقاء التهمة على روز ، لكن من يكون الفاعل ؟؟
إذا أردت الإشتباه في شخص مقرب فزوج والدتها هو الشخص الوحيد الذي أشك فيه ، ولكن ماذا لو كان القاتل شخصاً غريباً ؟؟
عندما سألت روز عن زوج والدتها أخبرتني أنه رجل طيب ، وروز لم تكن لتمدحه لو لم يكن كذلك ، فروز لا تحب الرجال بصفة عامة إلا المقربون منها جداً ..

وإن كان هو طيب كما تقول روز فهذا سيصعب من حل هذا الغموض ، فالمشتبه به سيكون صعب الوصول إليه ، ولا شيء يمكن أن يدلنا إليه ..

اجتاحني نوبة صداع جعلني أغمض عيني بقوة ، وأمسكت برأسي بألم ، أنا لم أتوقف عن التفكير منذ إختطاف جوليا ، ولا أنام إلا لساعات قليلة حين أرهق تماماً ، لولا هذه الضمادات على وجهي لفزع الناس من شكلي الآن ..

شيء في داخلي يحملني مسؤولية ما يحصل ، وكأنني المتسبب في كل هذا ومن دون أن أعلم ، ولا أعلم سر هذا الشعور ..
فكرة أن كل حركة من حركاتي مراقبة لهو شيء يبعث على الغضب ، فأنا لست مراقباً من قبل الشخص الذي اختطفني ، وإنما مراقب من قبل الشرطة أيضاً ..
عندما أخرج من المنزل يكون هناك شرطي يلاحقني أينما ذهبت ، فهم يشكون في أنني أعرف مكان روز ، ولهذا لا أستطيع الذهاب إليها والبقاء برفقتها ..

<< نهاية الجزء ..
رد مع اقتباس