"ظُلْمَتُه/ها عَالَمِي"
إنه لمن النادر أن يشدها شيئ ، إلا أن المستقر أمامها لشيئ آخر...!
لم تكن لها إطلالة واضحة على ملامحه،جزء يسير من جانبه الأيمن إن التف و شعره الدامس الذي يصل لمنتهى عنقه...
بالنسبة لها ، هي و هذا الشخص في عالم متوازي من الفراغ..!
لمحت شابا عكس بإبتسامته طبيعته المرحة قد اقترب من المنعزل بصمته ليبادره بإستفسار: هل أستطيع الجلوس هنا؟
عدم تحركه أفهمها أن لا تغير طرأ على ملامحه الباردة ، و نبرة صوته الممتزجة بالثقة و اللامبالاة أكدت ذلك لها: لا أظن أنني موكل بإذنك، مادام خاليا فلا مانع من جلوسك.
حسنا، أيدته في داخلها لكن هذا ما لا يتقبله البشر عادة... هم مبتنون على المجاملة و الإبتسامات الزائقة التي توقعهم في مصيدة تسمى "الطيبة"....
و هذا بالفعل ماحصل، لم يرق لذاك الشاب ذو الإبتسامة العريضة الإجابة التي حصل عليها، ففضل البعد من بداية الأمر: أه، أظن..سأجلس في مكان آخر.
وكزة خفيفة على كتفها جرتها لإجابة مخرجتها الدائمة من عالمها:ماذا هناك هيلين؟
بانت تقطيبة على صاحبة البؤبؤتين الخضراوين معترضة على حالة صديقتها الغريبة: هينا، أنا من يتوجب عليه السؤال... مالذي يجري لك؟!..لك عشر دقائق تذرفين الدموع .
توسعت حدقتيها لحظة، ثم بسطت كفها متفحصة صدق صديقتها...حقا، هي كانت كذلك ..!
سلبها شرودها الإحساس بكل شيئ، بتلك الدموع التي غدرت محجريها ...و بقدوم هيلين من المقدمة لها ... و بنظرات الإستهجان ممن حولها...
طمأنت صديقتها بإبتسامة شقتها بصعوبة اعتادتها منذ أعوام: لا تقلقي، لقد شردت قليلا فقط... سأكون بخير.
مطَّت الأخرى شفتيها غير مقتنعة، لكن لم يكن لها التدخل أكثر، فعادت لحيث كانت بعد سؤالها المؤكد صحة ما سمعته: مؤكد؟..
إيجابا و هي ترجع خصلاتها البنية الداكنة لجانب كتفها الأيسر: مؤكد أومأت..إطمئني.
تنفست الصعداء لتخلي سبيل الأفكار التي راودتها حتى كونت شيئا يسمى الفضول، فهل هذا الشاب عانى كما عانت..؟
هل فقد؟...
هل تألم حتى باتت مشاعره عدماً ؟...
أم ، هل يعيش كما تعيش الناس؟...
للحظة، بزغت تلك الصورة المشومة التي لونت حياتها بصبغةٍ هي كابوسها الدائم...
سارعت بإغماض جفنيها لتمحي تلك الذكرى و تلك اللحظات القاسية...
إلاَّ أنَّ ثباتها لم يكن ليتزحزح بإرادتها فقط...
ساعدها على تجاهل تلك الصور المشومة دخول امرأة ناهزت أواخر الأربعين، قرينةً على كونها معلِّمَتَهُم لهذا العام...
جالَتِ المعلمة بناظريها نحو القاعة ، كانت نصف فارغة لشدة وسعها تقريبا ...
و من بين أعداد الجالسين على مقاعد المدرج الجامعي ، لم يغب عنها منعزلين على آخر مدرجين...
أنزلت نظارتها الثخينة مدققة عليهما بفضول...
فذلك يعتبر شاذا بالنسبة لجامعي همُّهُ التَّركيز على المحاظرة التي سيلقيها الأستاذ...
***************
مضت الساعات بتوال لتصل لحظة تكرارية لوداع يرجى نهايته خلال أربع و عشرون ساعة...
لسان هيلين لم يفتأ عن التحدث عما أزعجها ، من لم يعجبها من المعلمين.. المواد التي تمقتها.. مضايقات ريك و سينكا، و برود ذلك الفتى الذي أصبح شحنة سلبية ينفر منها الجميع منذ اليوم الأول...
زفرت بإستياء موجهة كلماتها الحانقة: هي، أنا لا أفهم لم كنت تحدقين بذلك الثلج المتحرك، النظر له يجلب لي الكآبة لا غير.
أرخت ناظريها تفكر بحقيقة ذاتها التي طالما أخفتها..."يجلب الكآبه، ها..!"
أصلَحَت وضعية ياقة قميصها الفيروزية و هي تنكر تصريح هيلين: و كأن العيوب طلَّقتك ، إحداها أنك تتحدثين فيما لا شأن لك به.
كتفت هيلين ذراعيها المفرودين مجيبة تلك الجملة الطاعنة: يا للقساوة ، ألم يكن هناك أسلوب ألطف لمنعي عن التحدث عنه؟
قاطعهما شاب يرتدي بزة رسمية و يبدوا على ملامحه أنه أكبر منهما مقتربا بخطى تنبئ عن ثقته، كبريائه و...غروره : مبروك لك وصولك للجامعة.
أطلقت المخاطبة صرخة تعمق وصولها لطبلة أذن هينا بينما تشير مهددة له: قف مكانك، إن اقتربت سأصرخ و أجمع عليك الناس.
حك وجنته بتوتر خفيف لموقفه الحرج الذي يكاد يودي بسمعته التي حافظ عليها لعامين متتاليين: لقد فعلت ذلك عزيزتي...و بشكل مثالي.
تركته هيلين مكانه كنكرة لاوجود لها متجهة لبوابة الجامعة ملوحة لهينا و مطلقة صوتها: أراك غدا .
وجهت هينا جملة مختصرة تحوي الكثير مما يفهمه حامل الأسى هذه اللحظة: مرة أخرى.
زم شفتيه و عيناه مازالتا مصوبتان نحو مكان رحيلها : حسنا، ربما هي من على حق هذه المرة.
رمقته بنظرة جانبية تعاتبه ، نظرة توجهت لأخمص رأسه ذو الشعر الرمادي حتى قدميه الطويلتان: لن تتغيرا.
هذا ما ختمت به محادثتها القصيرة التي استصغرت بها هذا الماثل أمامها بكل سماته المستهجنة لديها قبل أن تخرج للشارع العام الذي يؤدي لمنزلها...
لحسن حظها أن جامعتها لا تبعد الكثير عن حيها، و ذلك يخفف عليها وطأة إستخدام المواصلات المزدحمة ...
عمارات سكنية، مستشفى ، متاجر و منازل...
أناس تمشي فرادى..زوجا...أو جماعة هي ما تلتقطه الأنظار هنا...
وقفت فجأة لتستدير مطمئنة على نفسها...
هل من أحد يتبعها..؟!
بسطت كفها على قلبها الذي كاد يخرج من،مكانه توا و همست لنفسها: لا بأس، كنت أتوهم فقط..أتوهم.
عادت متابعة خطواتها لدقائق ، لكنها عاودت بالإلتفات..
هناك شخص يتتبعها..
هذا ما تشعر به منذ خروجها من أسوار الجامعة، كان ذلك مرعبا لها بشكل لايصدق..!
فهل هناك من يريد خلاصها من مصائبها بنهاية تماثل عائلتها...
كانت تراودها الوساوس التي تأبى استقرارها...
شدت بكفيها المرتعشتان على حقيبتها الأرجوانية التي وضعتها على كتفها
و تفحصت بعينها كل زاوية خلفها، لكن مالاحظته هو ذلك الشاب الذي تقرر كونه زميلا ..ذو العين الحادة التي لقبته هيلين ب"الثلج المتحرك"..
إذا، هو يتبعها...ما الذي يريده منها؟!
هزت رأسها طاردة هذه الفكرة السخيفة ، من الطبيعي أن يكون أحدهم معها في ذات الطريق...هو ليس محكورا لها...
تجاهلته و قادت قدميها للخطي لأقرب متجر تشتري منه ما يستلزمه المنزل ، و لغاية أخرى هي التأكد من،ظن لم تتيقن منه بعد...
بات لها الأمر واضحا، و خفي الظن خلف اليقين...
هو يتبعها فعلا، ها هو دخل متظاهرا بشراء حاجيات لم تكترث هي بها، ارتكزت أفكارها متبعة ماضيها و مجاهيل حياتها، فهل هو مرسول عذابها...؟
أسرعت بشراء ما تريد لكي لا تثير إنتباهه لخروجها الفوري، و لكن خطواته سارحاً خلفها مرة أخرى وترتها أكثر...
لا تعرف، هل كان هلعها سبب قرارها الذي ناقض طبعها أم أن جرأة غيبية حلَّت عليها..
ذي هي تواجهه، بعين تقابل عينية السوداوين ..!
اقتربت منه ناطقة تلك الحروف الأساسية التي طالما انتظرت حصولها: لماذا تتبعني؟!..إن كنت تريد مني شيئا فقله ، لست مضطرا لتتبعي ...إلا إذا كنت...
أشار لها على مبنى لا يقل عن عشرون طابقا ليقاطعها بجملته البسيطة: أسكن هنا.. لم أكن أتبع أحدا ، بل لم أنتبه أن هناك فتاة أمامي.
لحظة، هل كلماته الأخيرة استهدفت السخرية منها...
لم تكن لتقبل إهانته المخبأة تحت كلماته بسهولة، هناك دليل على ماتقول : لكن..أنت دخلت المتجر خلفي أيضا ... إعترف بذلك فقط... أنا أعرف أن هناك من يريد إسكات فمي لألا يفضح أمره...
قاطع ثرثرتها المنفعلة بلحن بارد غشاه بعض الإستهزاء: تسرعتي كثيرا يا فتاة،لقد ذهبت لشراء قطع لحم جاهزة لأطبخها.
أتم بعد رفع الكيس الذي بيده: يكفي شخصين إن كنت متحمسة لمشاركتي...من ناحيتي، لا مانع لدي.
غلا الدم الساري في عروقها، مزيجا من الإحراج و الغضب قد قضيا على موقفها تماما الآن...
فتحت فمهما لتعلق عليه لكن...رأت أن الصمت خير من كلمة أخرى تزيدها إحراجا...!
اكتفت بنفي جملته المستهترة: لا، شكرا لك.
تقدم أمامها أخيرا ليترك لها راحة البال ، تنهدت عميقا شاكرة ربها أن أوهامها لم تكن لها حقيقة ، أهبطت رأسها لتنتبه لذلك العمود الأسود الذي سقط من الشاب على ما يبدوا...
جادلت نفسها عن ترك ذلك القلم الذي لا صلة لها به..فهو ليس إلا قلم، و كذا ... إتخاذ مسلك الفتاة اللطيفة سيجمع بينها و بين ذلك المستفز الذي وجه لها ضربة سريعة و قوية..!
عينها تتناقل حديث إيجاب و سلب بالنظر للقلم الملقى تارة، و بمسكن الشاب أخرى...
لكنها في النهاية قررت ...
ففي كل الأحوال، هي من بدأت بالحكم السريع عليه... و لابد لها من الإعتذار ...
لحظات و هي تقف في صالون استقبال ضخم، زينته الزخارف الذهبية على السقف و الجدران مع ستائر مخملية قانية...
حاولت أن تجد مبتغاها لكن يبدوا أنه ذهب لشقته ، فما كان لها إلا أن تتجه للمظيفة ذات الشعر النيلي القصير مؤدية الإحترام بداية...
أرشدتها ابتسامة المظيفة و جملتها المعهودة من أمثالها: أهلا بك آنسة، فيما أستطيع مساعدتك؟
قالت بكلمات مهزوزة الخيار: أريد أن أسلم هذا القلم لصاحبه، شاب يسكن هنا...للتو أتى...
رفعت يديها موضحة صفاته التي لاحظتها في سيمائه محاولة وصفه كما يراه الأناس الطبيعيون على حد زعمهم: شعره أسود و مصفف على الجانب، عينيه حادتان بشكل كبير ، طويل القامة نسبيا..امممم، أه...يرتدي قميصا ترابي اللون مع بنطال أزرق .
إبتسمت تلك المظيفة بتوتر أثار عجب هينا: حسنا، عرفته..تقصدين السيد نوي، إذهبي لإيصال قلمه بنفسك...يسكن في الطابق الثالث عشر، غرفة رقم١٤٠٨..حظا موفقا.
استقلت المصعد بصمت هو ملازمها عادة حتى بلغت الطابق المقصود...
و عندما أوشكت على إتمام مهمتها، كرهت نفسها على إتخاذ خطوتها هذه...
ها هو يقابلها بوجه متجهم قائلا بلهجة غاضب: أوي، ما الذي أتى بك إلى هنا ..!
لم يكن قد غير ملابسه أو بعثر شعره...كل ما تغير أنه فتح زر قميصه العلوي...
أرادت بيان سبب حظورها لكن قاطعها للمرة الثالثة في فترة وجيزة بنظرة تهدف للإستهزاء: لا تقولي أنك أتيتي لمشاركتي الطعام.
مدت له قلمه قبل أن يزيد من كلماته التي تقطع حبال صبرها: لقد سقط منك.
صمت تخلخل ثوان كان من أبطأ ما يمر عليها...
شعرت بأن اللحظة باتت لصالحها أخيرا ، يبدوا أن هذا الفتى فهم خطأه... "غبية، كنت تستطيعين تسليمه لي غدا.."
هذا ما هد تصوراتها ...!
إهانة أخرى...!
و هو اكتفى بسحب قلمه ليدخل...
سحبت جسدها المتصنم من أمام داره...
ندمت على يومها هذا في كل شيئ...
أفكارها، توهماتها، توقعاتها... و خاصة مساعدتها...!
مر يومها بغضب أبعد فكرة الإعتذار منه من جذورها ..
تطبخ، تذكر اللحم الذي كان سبب إهانتها...
تنظف، تذكر بكل خطوة خطواته خلفها...
و حتى غضبها، يعيد لها لحظة غضبه...
لحظة...ذلك الشخص، لم كان غاضبا بتلك الدرجة..!
هل يزعجه إقتراب أحد،من شقته...؟
تهرب المظيفة عن تسليمه القلم، يؤكد نفرتها منه هي أيضا..ما سر ذلك..؟!
يريد أن يبقى معزولا..؟
مثلها...
***********************
ليلة واحدة فصلت بين يوم و غده...حدث و جديده...
هي ساعات فصلها نوم و غياب شمس عن بزوغها...
يوم واحد...
أنا و أنت و هم..
نجهل من تشاجر و سيتصالح...
من مرض و صحى ...
من كان جاهلا فعلم....
و من كان بين الخلق يمشي سويا فمات تاركا العدم من أنفاسه التي تعني،الكثير ىغيرك.. ...
نحن لا نعلم شيئا فلم ندعي شيئا لسنا بأهله....
للتعاريف أخطاء جمة...
و منها أن تعلن عن نفسك عالم...
و هذا ما لن تعترف به تلك الفتاة التي جهزت نفسها لدواما الجامعي....
هي تعترف بأنها لا تعلم..
هي لا تعلم ماتكون، و ما ستكون عليه غدا...
الإنسان يعرف ماهو به، لذا يعيشه كما هو ظاهر له...
هذه هي أفكارها التي تتسم بكل بساطة بغرابة و تعقيد...
أحكمت ربطة حذائها النيلي لتخطوا أول خطوات يومها، و ما أن مشت قليلا حتى استوقفها منظر تلك العمارة السكنية...
ذلك المجهول الذي يزيد فضولها ، و يجدد ذكرى لا تعرف لها به صلة...
سرت قشعريرة بجسدها النحيل عند مقاطعة صوت لخلوتها...صوت لم يكن عليه التواجد في هذه اللحظة بالذات: إن كنت تبحثين عني فأنا هنا.
جملته تزيدها شعورا بالبلاهة و الحمق لوقوفها هنا...!
نكست رأسها أسفا على ما تصل له أمورها ، ثم حاولت،تبرير منظرها بحجة متقنة: أنا...لقد..كنت أريد أن...
قاطع تلكئها و هو،يضع يديه في جيبي بنطاله الزيتي متقدما: كنت تستطيعين الإعتذار في الجامعة أولا، ثانيا..ألست تنوين المجاملة كعادتك؟
مجاملة..!
و هل كل ما تفعله غير ذلك..؟
تجاهلت سر جملته قائلة بتذمر: بالطبع، كيف لي أن أنوي الإعتذار من شخص مثلك .
تسمرت لحظة لنظرته الخاطفة التي توجهت لها...
كانت عتابا جليا بعين افتقدت معنى المزاح...
لقد كان جديا في قوله: أنت خير من تفهمين ما أرمي إليه..لست سوى فتاة تعيش بمجاملة غيرها...
توقفت عن المشي لحظة تفكر بكيفية التعامل مع هذا الفتى الغريب، هي أجادت التصرف بعفوية و أجادت تمثيل الإهتمام و السعادة التي غاب معناها عن ذهنها...
أغمضت جفنيها ثوان لتفتحهما نحو عالمها..الذي يبدوا أنه فتح مصراعيه نحو المسمى بنوي أيضا...
بدا صوتها خاويا من انفعالات البشر لوهلة أدهشت نوي بدوره: ما الذي جعلك تتوصل لهذه النتيجة ؟...هل كنت واضحة لهذه الدرجة..؟!
أجاب متما ما بدأه من حوار غامض بأساسه: لقد سببتي لي الحكة بالأمس لنظراتك التي لم تتحرك من عندي بالأمس... كنت مزعجة جدا...
حاولت إستدراج تصريحه : لم تجبني؟
قال: أهو مهم لك؟
قالت: لست مكترثة كثيرا، إنما أود عمل إصلاحات لنقطة ضعفي...لايجب أن أسمع هذا الكلام من شخص آخر.
قال: أنت مخادعة عظيمة يافتاة، أنا لا أخفي عنهم شيئا خلف قناع اللطافة هذا.
دخلت سور المدرسة منهية نطاق إجتماعها الذي دام دقائق لا بأس بها بتصريح بما يلقب به: لهذا تسمى فظا .
*******************
فسحة الغداء...
هي راحة للكثير إلا لتلك الفتاة التي عزلتها جنة...
النظر لإزدحام المطعم لاغير يسبب مغصا في بطنها...
لذا ، هي دائمة الجلوس على طاولة منزوية تأكل ما صنعته في منزلها...
و تشاركها ملازمتها هيلين لتتحفها بالأخبار التي لم تسمع بها في محيط الجامعة...
داخلهم ريك مازحا: ما بال زئيرك يصل للطابق العلوي هيلين؟... من يراك لا يحسبك فتاة..!
تثائبت معلنة استخفافها بهذا الأشقر: إسمح لي أخي أن أنصحك بشيئ...
رفع حاجبا متسائلا عما بدا لها من ردة فعل لها تتمة لتنهض صارخة بأذنه صرخة فارغة من معاني الحروف الهجائية ليغطيهاريك بكفه: أيتها الحمقاء.
ضحكت ملئ فمها لتقول بفرح قد غمرها: لقد أسمعتك نغمة زئير الأسد على أصولها..أتمنى أن تكون قد راقت ذوقك.
استقام بوقفته المنحنية لتختفي تجاعية قميصة الجلدي الفاحم مؤنبا أخته المزعجة: مزاح ثقيل يا خفيفة الظل.
أخرجت هينا تساؤلا هي تعرف إجابته مسبقا تقريبا: هيلين، ما الذي جرى بينك و بين سينكا ثانية؟... لم أسمعك تثرثرين عنه منذ الأمس.
احتدت نظرتها و قالت بإنفعال : ذلك الأحمق المغرور المتكبر لا يستحق أن أتلفظ بإسمه حتى... لن تصدقي....
في الحقيقة ، لم أقطع شيئا إنما لقد بترت هينا سلسلة إصغائها لهذه القصص التكرارية ... تركت لسان هيلين يخرج ما لاتكتمه و شردت لمجهول لا يعرفه غيرها...
*************
كل يسعى لتجاهل الآخر...
هذا هو ما اتخذه نوي و اتخذته هينا في تلك المرافقة الصامته...
و هذا ...
إن كان ذلك يسمى مرافقة، فتارة يتقدم نوي و تارة تتقدم هينا، و هذا،استمر حتى قرب المسير من مسكن نوي ...
دوى صوت دوي هز كل الأطراف...!
أوقفت هينا خطواتها لتلحظ مصدر الصوت...
لقد كان منظرا مهيبا أسكن في القلوب الرعب و في قلبها الهلع...
سمعت همسا مستنكرا من نوي و هو ينظر بتقطيبة واضحة لمصدر الحدث الجسيم: شقة ذلك الفتى...!،،تباًّ.
أسرع راكضا لتلك العمارة التي لا يعلم مابها و إلى متى ستصمد بعد تلك الإنفجارات التي استهدفت شقق هذا المبنى، فلحقته هينا بصوت جهوري: سأساعدك.
اكتفى بردعها بما لا يردع و هو اللسان: أفضل أن تبقي بعيدا. " و من يهتم لما تفضل..هناك أناس يحتاجونني.." يتبع،،،، |
__________________
إخوتي
إني أغضب لأجلكم و منكم
و أحزن لأجلكم و بسببكم
و أبتهج لأفراحكم و تفائلكم
فتحملوا أخوتي هذه
هي كل ما لدي لكم
التعديل الأخير تم بواسطة وردة المـودة ; 03-08-2017 الساعة 03:54 PM |