عرض مشاركة واحدة
  #28  
قديم 01-19-2017, 12:13 PM
 









الفصل الرابع~الجشع

في ليلة غاب فيها القمر، كسح الظلام غابة المملكة، هدوء تام تمكن من المكان ما خلا صوت اقدام اولئك الثلاث، سار ثلاثتهم متخفين بعبائات سوداء، ينير طريقهم رأس صولجان الوزير السحري، وصلوا الى حاجز عملاق من العريش المتداخل، وضع الوزير الصولجان على ورقة بين الاوراق لتتفرق الاغصان المتشابكة وتنسحب كأنسحاب الافاعي، دخل الاب تبعته الام واسرعت خلفها ابنتها، وما لبثوا ان تجاوزوا الفتحة حتى التفتت انتاشيا فزعة عند سماع صوت احتكاك الاغصان لاعادة تشابكها وتغلق بإحكام، امسكتها امها من يدها محاولة طمئنتها وجرتها كي لا يسبقهما الوزير، سارت تمشي لتلاحظ ومضات تطير فوق الازهار، اقتربت بسعادة قائلة:"اخيرا ارى اليرعات عن كثب" ابتسمت لها امها لتقول لها"اليرعات في ارض البشر، انما هذه جنيات..."
قربت يدها من احداها لتستقر بهدوء فتنظر اليها وترى فتاة بحجم صغير ذات ملامح بيريئة تنظر اليها بابتسامة لطيفة، القت انتاشيا التحية فترد عليها الاخرى بالمثل، ارادت ان تفتح معها حديث وتضرب صحبتها الا ان صوت ابيها الغاضب جعلها تنهض بعجل وتنصرف دون انتباه لما يحدث مع صغيرة الحجم تلك التي كان مستقرة على راحتها، اسرعت مع امها لتصل الى الوزير الذي كان يمشي بكل برود حتى لاح لهم في الغابة بعيدا بيوتا مهيبة توزعت فيها
ابتسامة ظهرت على محياها حين لاحظت ان تلك الصور التي رأتهم في الكتب تتجلى امامها، وما ان وصلوا اليها حتى وجدت الناس تمشي في الشوارع، اتسعت ابتسامتها لرؤية حلمها اخيرا سيتحقق، اذ يمكنها ان تتعايش مع هولاء بما ان كلهم سحرة وليسو بشرا، سيكون لها حياة اجتماعية اخيرا مثلها مثل الاخرين، سيكون لها الكثير من الاصدقاء تلعب وتمرح وتضحك معهم، سارت خلف والداها حيث كل شيء حولها كان مذهلا بالنسبة اليها، تمشي وتنظر يمينا ويسارا بدهشة، حتى اخيرا وصلوا امام قصر شامخ، فتحت ابوابه ما ان اقترب الوزير منه، دخلوا لتضاء الشموع تلقائيا فتكشف عن جدرانه المزخرفة، سقفه الرفيع، اثاثه الفاخر، امر الاب زوجته ان تدل ابنتها على غرفتها بينما ذهب هو للانشغال بما لديه من امور المملكة وما اصابها مؤخرا...
تسلقت الام السلالم لتتبعها ابنتها وصولا الى غرفة بسيطة بدت لطيفة مقارنة مع باقي غرف القصر، دخلت امها بابتسامة لتقول لها:"هذه ستكون غرفتك، اخترت لك كل شيء بعناية كما تحبين عادة..."
دخلت انتاشيا لغرفتها بابتسامة واسعة تنظر اليها نظرة سريعة وتقول: "هنا سأحقق احلامي... هنا سأدعو صديقاتي الاتي سأتعرف عليهن ونقيم حفلة مبيت ونشرب الشاي سوية و..."
راحت الام تنظر اليها مستغربة، من اين اتت بهذه الافكار! اساسا الشاي يضر السحرة ويضعف من قوتهم، لا بد ان الفكرة كانت من بشري وبالتأكيد من ذلك الامير...
جلست انتاشيا على السرير وأخذت منه دبا محشوا وعانقته لتفرغ به كل امالها وامانيها وما لبثت ان ابعدته عنها وواجهته بسرور: "ما رأيك؟... سيكون لنا الكثير من الاصدقاء هنا..."
جلست الام بالقرب منها وربتت على كتفها وقبل ان تتكلم امها اخذت انتاشيا تعانقها بسرور،
ارتبكت الام، كيف لها ان تخبرها ان واقعها لم يتغير، وان كل ما تغير هو مكان اقامتها فقط؟ كيف لها ان تخبرها بذلك بعد ان غاصت في تلك الاحلام؟
ابعدتها عنها لتنظر اليها انتاشيا مبتسمة بينما ظلت الام تنظر اليها بجدية حتى احست ان هنالك شيء ما خاطئ، اخفت ابتسامتها تسألها عما يدور في خلدتها، هزت الام رأسها كأنها تخبرها ان ما تبنيه من اماني لا تمت للواقع بصلة، لم تستوعب انتاشيا ذلك رغم انكماش قلبها، حلت في وجهها علامات الصدمة لتقول لامها:" ماذا... ما الذي تقصدينه؟..."
غلب الحزن ملامح الام لتقول:" انا اسفة... لن يحدث شيئا مما تختطين له... لن تقابلي احدا هنا كما كنتي هناك، على الاقل الى ان تحملي وتضعي مولدتك وتاخذ المهمة عنك...
حينها ذبلت ملامحها، لم تتفوه بشي، لم تصرخ غضبا، فقط صمت تراقب امها، تحاول ان تستوعب ما قيل، تحاول لم شتات امالها المنكسرة بعد ان اضحت افكارها تتخبط ببعضها بفوضوية، ارتمت على سريرها تعانق دبدوبها محاولة مكابرة دموعها، ربتت الام على ذراعها فتجاهلتها ابنتها، تركتها الام لتصفي ذهنها وذهبت لاستقبال زائرة كانت بانتظارها قبل لن تصل للقصر، رحبت بها الام ودعتها للدخول، جلسوا ما يقارب النصف ساعة يتداولن الاحاديث، بينما انتاشيا تستمع اليهما من خلف دموع قهرها، تمنت لو تذهب وتنضم اليهما، لكنها لم تعد تجرؤ على عصيان والدها بعد ما جرى مؤخرا، فما كان منها الا ان ترتمي في سريرها وتبكي ثم تبكي وتستمع لما يتيسر لها الاستماع، غادرت الضيفة وعادت الام الى ابنتها لتراها على حالها، حاولت مواساتها لكن دون جدوى، حاولت طرق كثيرة حتى اخيرا اقتنعت انتاشيا بان تبقى في المنزل منعزلة مقابل ان تبقى والدتها بقربها طوال الوقت، ستصبح صديقتها المقربة الى ان تحمل فتلد ثم يمكن لها ان تذهب آن شآءت...
مر اسبوع على مضض حتى اخيرا وصل اليوم الموعود، عاد خاطبها من السفر، شخصا جديدا ستقابله اخيرا، ستوسع من دائرة معارفها ولو شخصا واحدا، فالشخص الغريب عنها الوحيد الذي عرفته بحياتها كلها هو الامير، ستخرج اخيرا من دائرة الملل القاتلة بقدوم المنقذ
جلست مع والديها في غرفة الضيوف ليدخل عليهم شاب عشريني، ابيض البشرة لحد الشحوب بارد الملامح، اسود الشعر ناعم يصل لحد كتفيه يربطه للخلف على هيئة النبلاء، يملىء تصرفاته الهيبة، مجلل بالسواد، رداؤه السحري المطرز بعناية كللته اوسمة شرف لا تقل اهمية عن اوسمة والدها رغم فارق العمر بينهما، القى نظرة سريعة على الموجودين ثم اقبل يسلم عليهم باحترام جاف، بدءا بوالدها ثم امها حتى وصل اليها، القى التحية وانتظر ردها لكنه وجدها شاردة تنظر اليه كأن هناك ما يزعجها، توجه ناحية والدها قائلا بشيء من الانزعاج والتأنيب "ارجو ان تعلم ابنتك القاء التحية واحترام الحاضرين، فلم اخطط لمستقبلي وجود زوجة لم تتربى على الاصول"
ابتسم الاب بحرج ثم قال:"ارجو ان تتجاوز عما رأيت الان، فلم تعتد على التعامل مع الغرباء، لقد سبق ان اخبرتك بوضعها" رفع ليونارد حاجبه بشك ثم انصرف فحدجها والدها نظرة لوم سريعة وعاد الى ليونارد الذي اتخذ من اريكة مخملية منفردة مجلسا له تاركا اياها تغلي من الداخل وبدأ احاديث مع والدها لم تفقه منها الكثير ولم تكن لتهتم لتلك الاشيا، جل ما اخذ تفكيرها ان هذا الجالس امامها صورة طبق الاصل عن ابيها، وبالتاكيد سينتهج طريقه في حياته المستقبلية، المعنى الشامل العام، حياتها لن تتغير بعد الزواج، ستعاني من جفافه نفس ما عانت مع والدها، الواجبات همه اول باول ويبقى للعائلة ما تبقى له من وقت، هذا ان بقى، شدت على شفتيها محاولة امساك ما كاد يخرج من فاهها من غضب فامسكت امها يدها محاولة تدارك الوضع بتهدأتها ثم دعتها للجلوس، توجه الوزير الى مكتبة زاخرة بكتب قديمة تراثية عن السحر، اخرج منها كتاب وعاد الى ليونارد، فتح الكتاب ليتضح انه صندوق سري، اخرج منه ورقة ملفوفة عبارة عن المعاهدة التي جرت بينه وبين الملك وشروطها، سلمها لليونارد فاخذها الاخر، فتحها وصار يتفحصها تارة ويتفحص انتاشيا تارة اخرى، وضعها جانبا ثم قال:"يبدو انك ارتكبت بعض الخطايا..." ابعدت نظرها عنه باستياء فاردف وهو ينظر لوالدها:"كما تعلم اني دائم الانشغال، ما ان تحمل حتى اغيب عنكم فلن تحتاجو لوجودي بكل حال الى ان تلد، وما ان تلد سنقيم مراسم نقل مهمة انتاشيا الى ابنتي وبعدها سآخذ الطفلة وسأربيها بنفسي كما احب، لن تروها لمدة ستة عشر عاما الى ان اكون قد ربيتها ودربتها كما اريد بالضبط..."
تجلت الصدمة على وجوه الموجودين وقامت الام معترضة فأوقفها ليونارد بإشارة سريعة من يده قائلا: "هذه شروطي لأتزوج من ابنتكم، ان شئتم يتم وان لم تشاؤ فابحثو عن غيري"
نهضت انتاشيا والشرارة تتطاير من عينيها "لا يمكنك ان تحرمني من ابنتي ستة عشر عاما فقط لتربيها كما تريد"
نظر اليها بازدراء، نهض من مكانه وسار اليها بتعال، مرر يده على خصلة الغضب المجعدة ثم رفعها باصبعين قائلا: "انت اخر من يحق له الاعتراض، ان التقيتي بابنتك فذلك سيؤثر عليها كما اثر عليك الامير، ويذهب مجهودنا سدى، امثالك اول من عليه ان يبتعد عن ابنتي..."
تحملت منه الكثير منذ ان اتى ولكن هذا القدر لم يعد يطاق، اسرعت اليه تحاول ان تخنقه لكن شلت حركتها بمجرد نظرة من عينيه، حاولت مقاومة تعويذته والتحرر منها بصعوبة قصوى، وكلما فشلت كلما ازداد غضبها احتقانا، نظراته الباردة التي لم تتعنى ولو بغمضة جفن لغضبها زادها استياءا لتزدادا مقاومة دون جدوى، سكت على اسنانها وادمعت عينيها حين علمت انها لن تجاري جبروته وسيكون عليها الاستسلام ما ان تنتهي موجة الغضب العارمة، برهة وابعد نظره عنها لتجثو على قدميها خارقة القوى، قال بانزعاج:"اتمنى ان لا تكرري الاعيبك الطفولية معي فلا وقت لي اضيعه في هكذا امور" انصرف وهو يتذمر بإنزعاج "لا اصدق انكم ستزوجونني من طفلة، فكروا بشروطي وما ان تقرروا اخبروني بما توصلتم له"
اوقفه الوزير معلنا له عن قبوله لشروطه، رفعت انتاشيا رأسها مصدومة من كلام والدها لترى ليونارد ينظر اليها كأنها ينتظر ردها، نظرت لوالدها لتراه ينظر اليها كأنه يحثها على القبول، عادت لتدمع عيناها واسرعت تركض الى غرفتها، نظر ليونارد الى الوزير ليقول له: "حل مشكلتك مع ابنتك ثم اعلمني بما اتفقتم عليه" انصرف من عندهم فنظرت الام الى الوزير بصدمة: "هل حقا وافقت على شروطه؟..."
نظر اليها بجدية وقال: "انه محق... انتاشيا ارتكبت بعض الخطايا... وبذلك لن تستطيع ان تقابل ابنتها"
- حسنا... قد تكون محقا من هذه الناحية رغم قسوة الامر، لكن ماذا عنا نحن... هل ستقبل بان لا نرى حفيدتنا لستة عشر عاما؟..."
- سيتولى تربيتها بنفسه... اظن ذلك سيكون جيدا
- لقد كنت اشتكي من قلة اهتمامك بنا وكنت اتغاضى عن الامر لكثرة انشغالاتك، لكن ان تقبل ان لا نرى حفيدتنا ابدا فلا ابرر لك ذلك
- نظر الوزير لزوجته ببرود ليقول لها: اسف لكنك اجبرتني على ان ابوح بها، تربيتك لابنتك لم تعجبه لذلك سيضطر ان يربي لبنته بنفسه..."
تجاوزها ليذهب الى ابنته، دخل غرفتها ليجدها مرتمية على سريرها غارقة في البكاء، نداها لتخفض من شهقاتها، جلس قربها على السرير واخذ نفسا:
- اسمعي... قد يكون ما جرى الان امرا جنونيا، لكنه لمصلحة الجميع، عليك ان تقبلي بشروطه وتتزوجيه، انه الحل الوحيد للبقاء على سلامة المملكة
نهضت عن فراشها تمسح دموعها بغضب وصاحت: "لكنه يريد ان يحرمني من رؤية ابنتي لستة عشر عاما
- اغمض الاب عينيه بحسرة وقال: "بل للابد... او على الاقل الى ان يكون لك حفيدة تاخذ عنها المهمة"
سرت قشعريرة في جسدها وتخدرت اطرافها، القت نفسها على سريرها وصارت تردد: "محال... يستحيل ان اقبل بهذا"
التمس بعض البرود في صوت والدها ادركت منه مدى جديته:" عليك ان تقبلي لتكفري عن خطأك، حذرناك منذ البداية من مقابلة البشر، لولا التقائك بالامير سرا لما كنتي ارتكبتي تلك الخطايا، وما كنتي ادخلتي المملكة في نزاع حاد اجبرتني فيه على تزويجك مبكرا، انه خطئك منذ البداية، فاما ان تصلحي خطأك اما انني سأضطر ان اعالج الامر على طريقتي الخاصة، وتعلمين جيدا كيف تكون طرقي"
نهض الاب من مكانه وخرج من الغرفة تاركا ابنته قتيلة الرعب
جلست ليلا تنظر من النافذة الى النجوم المتلألئة، تفكر بحل لمشكلتها، ذلك الشخص الذي قابلته اليوم يستحيل ان تتزوجه، لكن بالمقابل والدها بالمرصاد، لن يرتاح قبل ان يتم الزواج، دخلت امها لتجلس بالقرب منها وكما يبدو انها ايضا اقتنعت اخيرا بالفكرة، او بالاحرى علمت انها لن تستطيع تغيير رأي زوجها بعد خبرة اكتسبتها خلال مئتا عام من زواجها منه، فقررت ان ترضخ للفكرة منتظرة ستة عشر عاما، فما هي شيء يذكر امام عمرهم الطويل، فقررت ان تقنع ابنتها بالامر عسى ان ذلك اسهل، نظرت لابنتها تتهيء للكلام ثم بدأت:
"انت تريدين حياة اجتماعية كما غيرك، اليس كذلك؟"
نظرت اليها ابنتها باهتمام فأكملت الام:
"تزوجي من ليونارد وانجبي طفلتك وبعدها عيشي حياتك... لن يمنعك والدك من ذلك فمهمتك بحماية المملكة ستكون قد انتهت... ستأخذ ابنتك مهمتك، اما زوجا افضل منه فلن تجدي لانه بالتاكيد سيكون من اختيار والدك، بالتالي سيكونون كلهم بنفس المواصفات، وهوية الزوج لن يغير من حقيقة انك لن تستطيع مقابلة ابنتك بسبب ارتكابك لبعض الخطايا، سترينها عن بعد كل ما اردت، فقد تحدثت اليه وحاولت اقناعه بتغيير رأيه وهذا اكثر ما استطعت الحصول عليه، فكري بالامر.. تسعة اشهر وتحصلين على حريتك..."
ظلت انتاشيا تنظر الى امها تفكر بكلامها ثم نكست رأسها بحزن، حقيقة تمكنها من رؤية ابنتها ولو عن بعد جعلها تنسى ما حدث صباحا وكذلك بالتأكيد حصولها على حريتها فيما بعد، فأعلنت موافقتها للأمر
---
وضعت الام ياقة ورد ابيض على رأس انتاشيا ثم نظرت اليها بحماس: "تبدين رأئعة... لم اكن اتصور يوم ولدتك ان هذا اليوم سيكون قريبا بهذا القدر... لكنك رائعة على كل حال... هيا ارسمي ابتسامة جميلة على وجهك فاليوم يوم زفافك"
ابتسمت انتاشيا بتوتر واخفضت رأسها خجلة، فقالت الام بحماس: "سيكون علي ان اتركك هنا واذهب لابقى مع المدعويين، انتظري هنا الى ان يأت القاضي ليزوجكما ثم تذهبين مع زوجك الى منزلكما" اسرعت الام لخارج الغرفة فقد تأخرت على المدعوين وهي تجهز ابنتها، نظرت انتاشيا الى نفسها بالمرآة، تبدو جميلة جدا ولطيفة بلمسات امها السحرية البسيطة، لكنها هنا وحدها مع انعكاسها في المراة، لا احد يراها غيرها، ولا تظن ان تلك اللمسات ستؤثر ولو قليلا على ذلك المدعو ليونارد، اذا هي تتزيين لللااحد، فلا احد ممن حضر زفافها سيراها، لكن لا بأس، الامر لن يطول، ما هي الا تسعة اشهر وترتاح من هذا الواقع، تسعة اشهر وتنال حريتها، وربما عدة اشهر اكثر، قد لا تحمل من اول شهر، ربما قد تطول اشهر... ربما سنين... ربما... ماذا لو كانت عاقر؟... نهضت بعصبية تجول الغرفة ذهابا وايابا تحاول نفض الفكرة من رأسها، لكن دون جدوى، ماذا لو تزوجته ولم تنجب طفلة تحمل عنها المهمة، في هذه الحال زواجها سيكون بلا فائدة، وستقترن لمدى العمر بشاب لا تطيق رؤيته او سماع اسمه دون فائدة، في هذه الحالة ستفضل لو تبقى عزباء طوال حياتها، نظرت لخنصرها تفكر بالامر، ليس وقت التفكير بهذا الشيء، المملكة تحتاجها، لقد تغيرت كثيرا منذ التقت بالامير، مسبقا كان همها الوحيد انقاذ المملكة من الكارثة التي ستحل لو التقت ببشري، والان الكارثة تحل تدريجيا وهي لا تهتم الا بمصيرها، لقد ولدت لاجل هذه المهمة، عليها ان تنهيها للآخر، لما كان عليها ان تكون هي بالضبط ولا احد غيرها، مجرد قدر مكتوب لا مفر منه، السؤال لن ينفع، القدر كتب وما عليها الا ان ترضخ، ان ارادوها كبش المحرقة فلتكن كبش المحرقة، نظرت لنفسها بعزم في المرآة وقالت:"لا شيء يؤكد انني لن انجب طفلة تحرمني مما اريد، سأتزوج وانجب الطفلة ثم انال حريتي، لن اجعل المملكة تتدهور اكثر مما فعلت" نظرت الى النافذة لترى بالقرب منه مكنسة امها الطائرة، نظرت للباب تجاه المدعوين، الكل يفرح في عرسها الا هي، وهكذا ستكون بقية حياتها في حال لم تنجب الطفلة، نفضت راسها واخذت نفسا محاولة ان تهدأ ثم قال:"سأنجب طفلة... سانجب طفلة وانال حريتي" ثوان وانقلبت حزينة "وماذا لو لم انجبها؟..."
وضعت يداها على رأسها بعدما اضحت في حالة من الضياع علمت منها انها لا تتحمل التفكير بذلك الواقع فما بالك ان اضطرت ان تعيشه، توجهت الى مكنسة امها وطارت من النافذة مبتعدة قدر الامكان عن قصر ابيها وصولا الى الباب الذي يفصل بين عالم السحرة وعالم البشر، نزلت بالمكنسة على الارض واقتربت من العرائش المتداخلة، مدت يدها محاولة ابعادهم عن بعضهم لكن دون جدوى، اقتربت منها الجنية الصغيرة التي التقت بها يوم دخلت عالم السحرة والقت التحية عليها، ما ان رأتها انتاشيا حتى عانقتها باصبعين وقربتها من وجنتها تحنو عليها، ثم دار بينهما حديث قصير حتى اخبرتها انتاشيا عن قصتها واخبرتها انها تريد الهرب ولا تستطيع بسبب الباب السحري، ابتسمت لها الجنية بلطف، توجهت الى البوابة والقت بعض رذاذها عليها لتنقشع العرائش، لوحت لها الجنية وتمنت لها التوفيق ومضت انتاشيا الى عالم البشر، عادت الى برجها لتنظر حولها محتارة، هنا سيجدها والدها بكل سهولة، الى اين تذهب ولمن تلتجئ؟ كان الامير اول من خطر على بالها ولكن كيف تصل اليه وهي لا تعرف الا هذا المكان، قررت البحث عنه باي طريقة، ركبت المكنسة وطارت، اجتازت الغابة السرية التي تحيط بالبرج حتى وصلت الى احدى القرى، بيوتها الخشبية اصبحت فحما دلالة على حريق فظيع حدث فيها، ورائحة الموت المنتشرة فيها اصابها بالغثيان، ناهيك عن الجثث الملقاة على الارض من هنا وهناك، وضعت يدها على فمها محاولة مقامة غثيانها واسرعت بالمكنسة مبتعدة عن المكان حتى وصلت الى قرية مجاورة، جلست تحت شجرة قرب منزل احدهم محاولة ان تنسى المنظر الفظيع الذي رأته منذ برهة حتى سمعت خطوات لاحد يقترب، نهضت بسرعة وتوجهت لمصدر الصوت عساه يعرف مكان اقامة الامير، رأت رجلا يعود لمنزله منهك من العمل، بمجرد رؤيتها صاح:"ستدفعين الثمن ايتها اللصة" ما ان رآته قادم اليها غاضب حامل فأسه حتى توقفت متفكرة، وقبل ان تصل لإستنتاج وجدت الرجل يحاول قتلها بالفأس، تراجعت عنه وهربت الى ان وصلت الى مكنستها وطارت بها، صاح الرجل : "اياك ان تعودي الى هنا والا قتلتك" ابتعدت انتاشيا من الرجل ومن القرية حتى وصلت الى قرية مجاورة، نزلت اليها تتأمل ان تكون افضل من القريتين السابقتين، اقتربت من منزل وطرقت الباب لتسأل اصحابه عن مكان الامير، فتحت لها الباب امراة شابة ذات ملامح لطيفة، نظرت اليها مستغربة ثم الى المكنسة بيدها، سألتها بشيء من الخوف: "هل انت ساحرة"
ارتابت من خوفها انتاشيا لكن قبل ان تجيب دعتها المراة للدخول واغلقت الباب خلفها، اجلستها على كرسي وجلست هي على كرسي مقابلها ثم قالت باهتمام:"لا بد انك جريئة جدا كي تخرجي هكذا امام الملاء معلنة عن هويتك، السكان هنا يخافون السحرة فكوني اكثر حذرا"
اخفضت انتاشيا رأسها بحرج فقالت لها الشابة:"انا من القلة الذين لا يخافون السحرة، فقد عرفت بعض السحرة مسبقا، انهم ضيوفي المفضلين"
- حقا!
قالتها انتاشيا بسعادة وحماس فأومئت لها المرأة مطمئنة، نهضت واحضرت لها كاسة من الشوربة الدافئة اكلتها انتاشيا بسعادة وحماس، وما كادت تنهيها حتى بدأت تشعر بالنعاس، وسدت رأسها على ذراعيها على الطاولة واخذت تغمض عينيها حتى لمحت اضواء حمراء تشع حولها، عادت لتفتح عينيها مرغمة لتكتشف حولها ثلاث اطفال بعيون تتوهج احمرارا، لم تدري ما امرهم بالضبط لكنها ارتعبت من منظرهم، ارادت ان تهرب لكن قدماها لم تطاوعاها فسقطت على الارض، الاطفال يقتربون منها وهي بالكاد تستطيع الحراك فالنعاس انهكها، بصعوبة نهضت ووصلت للباب، مدت يدها لتفتحه فوجدته مقفلا، ارتمت على الارض وقد تخدر تفكيرها بالكامل فاستسلمت للنوم حتى احست بانياب احد الاطفال تغرز في ذراعها اعادها لوعيها بصرخة مدوية، حاولت ابعاده بيدها الاخرى فامسكتها المرأة لتمنعها، أقبل طفل اخر جلس قرب المرأة وتناول منها الذراع واجاد بعضة شرسة من قلبه، قطعت صرخة انتاشيا خرقة قماش ربطتها الشابة على فمها ثم ابعدت الشعر عن الرقبة لتدعو ابنتها الى الطعام، اقتربت الطفلة بابتسامة لطيفة وما ان اتسعت ابتسامتها حتى بانت انيابها الحادة متهيئة لانجاز مهمتها، صراخها لا يسمع، ونعاسها يقهرها ولم يعد لها من امل للنجاة، اغمضت عينيها مستسلمة للواقع الذي اودت نفسها اليه حتى اخيرا سمعت صوت تكسر الباب، توجهت الانظار ناحية الصوت ليجدوا شخصا ذات نظرات فتاكة، دخل دون استئذان ناظرا للام طالبا اليها ان تبعد اطفالها عن الفتاة، ابتسمت الام لتقول ساخرة: "اذا اليوم سننعم بوجبتين دسمتين، لا نجد السحرة كل يوم"
سحبت ابر منومة من جيبها ورمته بها، استقرت احداها على خده، صرخت بحماس مستعدة لوجبتها والاولاد ينظرون بعيون متلألئة ينتظرون المزيد، لكنه خيب املهم حين انتزع الابرة عن وجهه بكل برود، نظرت اليه الشابة بصدمة وقالت متلعثمة: "مستحيل... انت..." اسرع اليها وطعنها في قلبها لتتحول الى دخان اسود وتتختفي فيكمل جملتها:" ليونارد، اقوى ساحر في مملكة السحرة... والوحيد الذي لا يتأثر بأسلحة مصاصي الدماء..."
توجه للأطفال قائلا:" اتحبون ان الحقكم بها ام تبتعدون عن تلك الفتاة"
ارتعد الاطفال وابتعدوا عنها يراقبونه وهو يقترب منها، حملها وخرج بها لخارج المنزل ثم اختفيا

فلاش باك:
حضر ليونارد مع القاضي قصر الوزير، رحب بهما بسرور، نظر ليونارد للوزير ببرود وقال:"ظننتك قلت لي ان ابنتك وافقت على هذا الزواج.."
ابتسم الاب محتارا من كلامه ثم قال مؤكدا: "بالتاكيد، لقد حدثتها امها وكذلك قالت"
نظر ليونارد للام ليراها تؤكد كلامه بابتسامة سعادة، تنهد بملل ثم قال:"اذا اين هي الان"
- الام: انها في غرفتها بانتظاركما
- ليونارد: اذا دعوني اراها
رافقاه الى غرفتها، طرقت امها الباب واخبرت انتاشيا ان القاضي حضر، كررت الامر حين لم تجد جوابا من ابنتها، استغربت الامر فظنت ان ابنتها نائمة، دخلت لتوقظها لكنها وجدت الغرفة خالية ومكنستها مختفية بينما الهواء يتلاعب بستار النافذة على هواه، سرعان ما ادركت ان ابنتها هربت، دخل الوزير للغرفة ترقبها بصدمة ثم خرج غاضبا، قال ليونارد بتحدي:"اذا الشبح الابيض الذي رأيته يهرب طائرا من نافذتها كانت هي"
نظر اليه الوزير مصدوما ليقول:" رأيتها تهرب وسمحت لها بذلك"
- لقد قلت انها موافقة على الزواج... فلما قد تهرب... لما كان علي ان اظن انها هي...
" نظر الوزير لزوجته فرفعت يداها كالمحتارة وقالت:"لقد كانت كذلك حقا... لقد اخبرتني بنفسها"
- ليونارد: اذا لما تهرب لو كانت كذلك؟
- الام: لست ادري
رفع ليونارد حاجبه بشك فقال الوزير:"فلنبحث عنها الان ونعلم منها ما يجول في خاطرها بعدها..."

بحث الاب مع الام في جميع قرى المملكة، وذهب الوزير للقصر ليستطلع سرا لكنه عاد الى قصره خائبا، نظر اليهما ليونارد وسألهم:"هل تعلم انتاشيا عن مصاصي الدماء ومدى خطورتهم على السحرة؟"
تجمد الدم في عروق الام لسماعها كلامه، هي لم تخبرها بحياتها عن مصاصي الدماء، لم تظن يوما انها قد تخرج من منزلها لكي تلقاهم، ففضلت ان تخفي عنها الامر رفقا بقلبها الرقيق، غطت فمها بيدها فزعة، نظر الوزير لزوجته مصدوما: "لا تقولي انك لم تعلميها بذلك" هزت رأسها نافية وادمعت عيناها، اسرع الوزير للخارج كي يذهب لقرية مصاصي الدماء فاوقفه ليونارد:" ساذهب انا، انها زوجتي المستقبلية ومن واجبي حمايتها"
- لا بأس... سنذهب سوية فمن الخطر ان تذهب وحدك
- بل سأذهب وحدي... فانت ستعرقل طريقي
اختفى من امامهما ليصل الى القرية، مر بين البيوت مشغلا جميع حواسه حتى سمع صراخا من بعيد، اسرع الى مصدر الصوت حتى وصل الى كوخ خشبي بسيط، نظر من خلف النافذة ليرى طفلا يعض ذراع انتاشيا، ارتسمت ملامح الاشمئزار على وجهه، اخرج ساعة جيبه ليحدد وقتا واستند على الجدار يراقب، الى ان اقبل الطفل الاخر واخته فقال:"اظن ان هذا القدر كفيلا بتعليمها درسا" وقف امام عتبة الدار وفجأة تمزق الباب شذايا فتوجهت الانظار اليه
---
عودة للحاضر

فتحت عيناها بنعاس وفجاة فتحتهما على وسعهما، المكان غريبا عليها، نهضت من مكانها بفزع تنظر حولها لتجد نفسها على سرير كبير وسط غرفة فخمة لا تشبه الغرفة القروية التي نامت فيها البارحة، زفرت بارتياح ثم نظرت الى الجروح في ذراعيها لتجدهم مضمضة، نهضت عن السرير لتتفقد المكان بفضول، نظرت من النافذة لتجد الظلام دامسا، ابتعدت لتفتح باب الغرفة وتخرج الى الرواق بتوتر، تمشي وتنظر يمينا ويسارا حتى وصلت لغرفة بدت كأنها غرفة جلوس، دخلته بتأن فوجدت ليونارد يرتشف كأسا من عصير التوت المركز ويقرأ كتابا عن السحر، تراجعت بسرعة كي لا يراها، نظرت للمنزل بتوتر، لما هي في منزله، حسب علمها هربت البارحة من هذا الزواج، فلما هي هنا، قررت الانسحاب الى حيث كانت لتبحث عن طريقة للهرب مجددا، ما ان التفتت حتى صدمت به امامها ينظر اليها ببرود، نظراته تلك تكرهها بنفس القدر التي ترتعب منها، اغلق كتابه وقال لها:"استفقتي اخيرا... اظن هناك موضوع علينا ان نتكلم به... هلا تفضلتي ودخلتي غرفة الجلوس لنتحدث بهدوء؟..." نظرت تجاه الغرفة ثم اليه وزمت شفتاها مبعدة نظرها عنه لا تجرؤ على الرفض، تنهد بملل ثم قال:"الا يكفي انني تغاضيت عن عدم شكرك لانقاذي لك لعلمي انك لا تعرفين شيئا عن الاصول... تفضلي وادخلي..."
لسماع كلامه استرجعت اخر مشهد رأته البارحة قبل ان تستسلم للنوم، ذلك المنقذ الذي خلع الباب يبدو انه لم يكن الا ليونارد، اظهرت الصدمة في تعابير وجهها فسبقها الى الغرفة قائلا:"هيا تعالي لا اريد ان اسهر الليل بأكمله"
تبعته ووقفت في زاوية بعيدة عنه قدر الامكان، نظر اليها ببلاهة وأشر لأريكة مقابله وقال لها:"هلا جلستي اولا؟..."
صارت ببطئ نحو الاريكة حتى جلست على طرفها، تمسك يدها اليمنى بيدها اليسرى، لاصقة ركبتيها ببعضهما وتسند على الارض اطراف اصابع قدماها، نظر اليها ليونارد بصدمة ثم زفر بيأس، تجاهل جلستها المتشنجة وسألها: "لماذا هربتي؟"
نظرت اليه متفكرة ثم اخفضت رأسها بحرج، هل تخبره انها لا تريد ان تلزم حياته مع انسان بارد مثله؟ ام تخبره انها فضلت حياتها على ذلك الزواج، رغم انها كانت ستنال تلك الحياة لو صبرت قليلا، لكنها خافت من هاجس احتمال تحققه 10%
اعاد عليها السؤال فنظرت اليه ويبدو انه لا مجال للهرب من الاجابة، فقالت:"خفت من الزواج بك"
- رفع حاجبه باستهزاء: خفت من الزواج بي، اولم تتذكري الخوف الا يوم الزفاف؟
اعادت خفض رأسها فأرجع ظهره ليسنده على الاريكة ملقيا زفيرا متعبا ثم عاد لينظر اليها وقال: "وهل تظنين اني سعيد جدا بالزواج منك؟ انت تصغرينني بمئتا عام، هل ابدو لك سعيدا بالزواج من طفلة في التاسعة عشر، لكني التزمت كلمتي وحضرت الزواج
- حينها اندفعت انتاشيا بعصبية: ان كنت لا تريد الزواج مني فلما تتزوجني بالاصل، اذهب انت بطريقك ودعني اذهب بطريقي
- نظر اليها ليونارد بحقد وقال:"لست ادري لما اختيرتي انت لهذه المهمة، فتاة بأنانيتك لا يمكن لها ان تكون مخلصة المملكة
- صرخت حينها بغضب: لا يهمني ذلك، لا اريد ان اكون المختارة، اريد ان اكون فتاة عادية، اريد ان احيا حياة عادية...
- بنات الساحرات يتمنون لو يكونوا مكانك، يعتبرونه شرفا لهم وانت ترفضينه هكذا
- يتمنون ذلك!... هن حتى لم يجربن ذلك، ان تكون حبيس برج لا ترى فيه احدا الا امك ساعة في اليوم وليلة اضافية في الاسبوع، وابي بالكاد كنت اراه وحين اراه لا اذكر انه ابتسم لي يوما، ما الذي يحسدونه في حياتي... لو جربنها ما كانوا ليحسدوني
- وهل جربتي حياة الاخرين؟
صمتت قليلا ثم قالت بصوت مربك:"لم اجربها لكنني سمعت عنها في بعض الكتب
ابتسم ليونارد نصف ابتسامة وقال: قلت الكتب؟ وهل كل ما يذكر في الكتب حقيقة؟ يبدو انك قرأت لكاتب رومنسي جدا، لكنك جربتي الليلة فعليا حياة الاخرين، فكيف وجدتها؟
صمتت حينها انتاشيا وهي تتذكر القرى الثلاث التي مرت بهم، الاولى اناس مجزرين ومحروقين لا اثر فيها للحياة، الثانية ما ان رأت بشري حتى هاجمها دون ان يعلم ما قصتها، الثالثة فتاة مخادعة متظاهرة باللطف حاولت افتراسها لتطعم اطفالها، فقال ليونارد:"كانت حياة تحفو بالمخاطر، اليس كذلك؟ بينما انت في برجك المعزول تجلسين بكل راحة وطمئنية، تقضين نهارك باللهو واللغو بينما غيرك يكد ويعمل ليحصل على حياة كريمة، ومع ذلك انت تحسدينهم...
اظهرت حينها انتاشيا انزعاجا وقالت:"الجنة بلا ناس لا تداس"
سكت حينها ليونارد وعلم انها لن تنصاع مهما حاول معها، فقرر محاولته الاخيرة، نظر اليها بجدية ليقول لها:" اولئك اللذين هاجموك البارحة كانوا بشرا عاديين قبل ارتكابك للخطايا، لم يكونو يؤذون احدهم الا عند الضرورى الملحة، لكن ارتكابك للخطايا حولهم الى وحوش" اشار للباب وقال:" لك حرية الذهاب، اما لبيت اهلك... اما لحياة البشر الطبيعية، لكن اعلمي ان المملكة ستنهار لو اخترتي الحياة التي تبغينها..."
لم تكد تسمع كلامه حتى توجه نظرها للباب بعيون متلألئة، نظرت اليه محتارة، هل من المناسب ان تذهب وتترك مهمتها؟ وهل سيتركها تذهب فعلا؟... لن تعرف ذلك الا ان جربت، نظرت اليه بحرج وسألته:" كيف سأعرف مكان إقامة الامير؟" لاول مرة ترى تعابير البرود تنجلي عن وجهه ليأتي بدلا منها الصدمة من شدة وقاحتها، ان لا تعلم بالاصول شيء لكن ان تسأل خاطبها الذي رفضته توا عن مكان اقامة شاب غيره شيء اخر، ابعد نظره عنها بإستياء وقال لها:" الا تريدين حياة طبيعية؟ اعملي واسعي لتصلي لمرادك... اخرجي من بيتي الان"
لم يكد ينهي كلامه حتى اسرعت انتاشيا للخارج كسجين فتح له الباب، اسرعت الخطى حتى تعثرت بسجادة موضوعة على الارض، غطى عيناه متأزما من وضعها ثم راقبها تنهض عن الارض وهي تنظر اليه محمرة الخدين وانسحبت من بيته، نظر الى بدلته المعلقة والى الاوسمة التي زينتها وقال بأسف: "مكانتي التي حلمت بها لاسابيع طارت من بين يدي..."
---

نظرت حولها لتجد ان مكنسة امها لم تعد بحوزتها، لن تدخل بيته مرة اخرى لتساله عنها فهي لا تصدق الى الان انها بالفعل خرجت من هناك، سارت على الاقدام حتى سمعت صوته من الخلف يناديها، ارتجفت حينها وتوقفت مكانها، علمت منه انه قرر ان يوصلها لنهاية القرية كي يحميها من مصاصي الدماء الموجودون في الارجاء، صارا مشيا على الاقدام والصمت يسود بينهما طوال الطريق، ما ان خرجا من القرية حتى ودعها، اخبرها انها منذ هذه اللحظة هي المسؤولة عن نفسها ولو حدث لها مكروه هو لن يأت لإنقاذها، تفهمت موقفه رغم الرعب الذي دب بقلبها، ودعته وصارت في القرى محاولة التخفي من البشر هذه المرة، تمشي وتمشي ولا تدري اين اصبحت واين تذهب، الامر لا يبدو سهلا، وهي لم تعد تجرؤ على مقابلة البشر بعد ما لاقته منهم، اصابها جوع مفاجئ، لم تأكل مذ كانت في بيت مصاصة الدماء، وما اكلته شيء يسير فقد اصابها نعاس مفاجئ ولم تكمل طعامها، كما انها مشت لفترة طويلة وهي معتادة على الجلوس طوال النهار، جلست تحت شجرة لتستريح وغفت حتى طلوع الصباح...
اطلت الشمس عليها ففتحت عيناها بانزعاج، رأت احدهم يتقدم اليها، خافت منه فنهضت سريعا وما ان اقترب منها حتى هددته ان يبتعد، لم يستمع منها فجمدت حركته بتعويذة، اسرعت في الركض مبتعدة حتى اصطدمت بطفل صغير، وهي بعدما حدث البارحة اصبحت تخشى الاطفال اكثر من الكبار، نهضت عن الارض بهستيريا واخذت تهرول الى ان اصطدمت بامراة، امسكتها المرأة تطمئن عليها، وما ان امسكتها حتى بدأت انتاشيا تصرخ كالمجنونة فاجتمع اهل القرية حولها، جاء ذلك الرجل الذي جمدته صارخا:"احذروا منها انها ساحرة" هنا ابتعد الجميع عنها وتقدم الرجل يحمل مشعلا يحاول اخافتها، جائها رجل من الخلف وامكسها محاولا منعها من التحرك كي لا تقوم بأي تعويذة مجددا الى ان يحضر احدهم الحبال، ربطوها على عامود من الخشب ثبتوه على التراب وسط القرية، واخذ المارة يتفرجون عليها ويرمونها بالنفايات، هدأت حين تركوها لوقت اعدامها، اخذت تسترجع شريط حياتها كيف كانت وكيف اصبحت، لقد كانت منقذة المملكة حتى دون ان يدري بها احد، بينما اصبحت الان مجرد مشعوذة تنتظر ساعة موتها، لا تظن ان ليونارد سيأتي لانقاذها هذه المرة فقد اخبرها انها المسؤولة عن اي شيء يحصل معها، اذا هي ميتة لا محال
بينما اخذ رجل يعلن عن امساك ساحرة وتهيئهم لإحراقها لتطهير القرية منها ومن سحرها كان الامير يمر من هناك، سمع الخبر فانتابه الفضول، هو لم يرى ساحرة في حياته غير انتاشيا، تقدم نحو الناس المتجمهرة قابتعدو له ما ان رأوه، انقشعت الناس لترى عيناه ما لم يستطع ان يصدقه، هل هذه هي نفسهة انتاشيا ام ان الساحرات يشبهن بعضهن، نزل عن فرسه واسرع اليها، رفع رأسها ليتأكد انها هي حين ابتسمت ما ان رأته وخرت دموعها مدرارا تشكي له عن حالها التي اضحت عليها، اخرج سيفه وفك وثاقها، ساعدها على النهوض بينما اعترض الجميع انها ساحرة وستؤذيه، وجه سيفه اليهم مهددا فابتعدوا منصاعين، ليس خوفا منه بل خوفا من والده، سار معها الى حصانه واركبها على سهوته ثم ركب هو وانطلق نحو القصر، ما ان وصل حتى امر احدى الخادمات ان تهتم بها حتى عادت جديدة
دعاها الى الحديقة وتحدثا هناك عن كل مستجداتهما، اخبرته عن سبب هرووبها، عن انتقالها لبيتها الجديد واخبرها بدوره عن الحياة كيف تغيرت بعدما التقى بها، حزنت لذلك وتمنت لو استطاعت ان تراها قبل ان تتغير، علمت ان كل ما ارادت رؤيته يوما لم يعد موجودا، ووجودها هنا لم يعد ذات اهمية بالنسبة لها الا بتواجد الامير صديقها المقرب، وبينما هم يتحدثان ويضحكان انضم اليهما الملك، سأل الملك عن الفتاة الجميلة التي معه فأجابه انها ابنة الوزير، تجمد الملك حين سمع كلامه وطلب منه ان يعيد ليتأكد، حسب علمه ان ابنة الوزير في برج معزول، فكيف لها ان تكون هنا، لكن نظرا لطول شعرها المبالغ فيبدو انه صادق، ارتسمت على محياه ابتسامة خبيثة وانصرف تاركا ابنه محتارا من تصرفه، شعر ان شيئا غريبا يحصل لكنه لم يدر ما هو بالضبط، ما هي الا ثوان حتى تجمع خمس من الحرس حولهما وقام اثنين منهما بامساك انتاشيا، نهض الامير معترضا فأمسكه حارسان، حاول التلفت منهم لكن دون جدوى، اخذوا انتاشيا لزنزانة مضادة للسحر ووضعوها هناك، اقترب الملك من ابنه قائلا:"ان احضارك لها الى هنا افضل عمل قمت به بحياتك على الاطلاق، بعد خروج انتاشيا من برجها تكون قد اخلت بالمعاهدة التي وقعها اجدادي مع والد الوزير، وبذلك لم يعد من حق الوزير ان يهدم مملكتي، بل اصبح من حقي انا ان اهدم مملكته، فسحرهم بعد الان لن ينفع معنا نحن البشر... شكرا لك ولدي العزيز" انصرف ليجمع جيشه وينطلق الى مملكة السحرة ليهدمها.
اسرع الامير الى زنزانة انتاشيا بعد ان رشا السجان ليدله عليها ويسمح له بمكالمتها، وقف امامها يفصلهما القضبان، نظرت اليه بحزن تشكو له همها بينما نظر اليها بحزم واستعجال، اخبرها انه يمكنه ان يخرجها من سجنها ولكن بشرط ان تعود لمملكتها كي تتعيد الامور الى نصابها ولا تعود للخطايا مجددا كي تنصلح المملكة ويعود والده الى رشده، عقدت حاجبيها، وابتعدت عنه بسخط، اعاد طلبه اليها بترجي واخبرها عن نوايا والده بتدمير مملكة السحرة، اعرضت عنه، جلست على زاوية الزنزانة بحزن وقالت له:
- اسفة... لا يمكنني ان اعود... ليس بعد ان عرفت من هو خطيبي... ليس بعد ان هربت من بيتي ويوم زفافي... سيقتلني والدي لا محال
- لكن والداك بخطر، ومملكتك كلها بخطر
- صاحت حينها: قلت لك لا يمكنني العودة، سيقتلني والدي
- رفع صوته اكثر: وهل ستتركين معشر السحرة كلهم يموتون لأنك خائفة من والدك؟
تأففت بضحر قائلة: لما يجب دائما ان يكون حياة الجميع متعلق بحريتي، فليتروكوني احيا حياتي كما اريد، ثم انك كنت اول من لا تصدق هذه الخرافات فما دهاك الان
- انتاشيا... الامر يحصل امامك... البشر كلهم تغيروا عما كانو عليه قبل لقائنا، فليكن هذا وداع بيننا واذهبي وانقذي شعبك
ابعدت وجهها عنه وهزت كتفاها لا مبالية وما لبث ان تبع هذا التصرف تجعد خصلة اخرى، لا شك في انها كانت خصلة الجشع...


*****

ابعدت زوزي نظرها عن الكتاب بفزع حين سمعت صراخا صادرا من لونا، نهضت بسرعة تأخذ وضعية الدفاع وهي تراقبها حتى انتبهت ان صراخها كان لشدة حماسها عند استيقاظ عريسها، تنهدت زوزي بارتياح، اغلقت زوزي الكتاب ثم فتحته على اول صفحة لتقرأ توقيع الكاتبة:
"شكرا لانك من معجبي كتاباتي ولو انه كتابي الوحيد
اتمنى لك قراءة ممتعة ويسرني ان تتعرفي على ثقافتنا
ولو انها مجرد مهزلة مفرغة من انسانية
اتمنى ان يتغيير الواقع يوما ما
ويعيش الكل بامان
الكاتبة لونا"

ابتسمت حينها زوزي تفكر، تلك الباكا كاتبة تاريخية محترفة، فقد كت قصة السليلة بأسلوب مؤثر جدا، لكن عندما يتعلق الامر بالحب تفقد ما يسمى بالدماغ
اعتدل دارك مون جالسا بصعوبة فربت اسبادا على كتفه:
- عودة حميدة، لقد غبت عنا اسبوع بال...
قطع كلامه لونا حين وقفت بينهما تطمئن عليه:
هل انت بخير؟ هل تؤلمك عينك؟ هل ترى جيدا؟
عاد دارك ليرتمى على الفراش قائلا بشكوى:"ليس مجددا... فلينقذني احدهم"
- لم تكد تسمع زوزي شكواه حتى رمت الكتاب من يدها ونهضت بحماس قائلة: "انا لها... لكمة واحدة واعيدك الى سباتك..."
نظر اليها دارك بانزعاج: "ليس انت..."
زوزي بترجي: "تمزح معي... لقد كحلت لك عينا واحدة، تبدو كمهرج، دعني اكحل عينك الاخرى لتغدو طبيعيا...
- لا
- بلا
- لا
- بلا
- لا
-عاااااااا
نظر الجميع الى لونا التي ركضت صارخة إلى غرفتها ثم نظروا الى عمها العجوز الذي بات ينظر اليها بأسى، سألته زوزي عما جرى معها لكنه امتنع عن الكلام، ارادت اللحاق بها للاستفسار منها لكنه وقف امام باب الغرفة يمنعها، نظرت اليه زوزي مستغربة ثم الى حيث توجهت لونا، عادت لتنظر اليه وتبادلا نظرات التحدي، وبحركة خاطفة مدت زوزي يدها الى خاصرته تدغدغه فانكمش العم ضاحكا واسرعت الى حيث توجهت لونا، دخلت غرفتها لتطلق صرخة مدوية، اراد اسبادا ودارك ان يلحقوا بها لكن العجوز سبقهم، دخل الغرفة واقفل الباب، اخفت لونا وجهها حرجا بينما زوزي وضعت يداها على خديها بحماس صارخة : "انت مصاصة دماء..." اسرعت اليها وعانقتها: "لي ابنة مصاصة دماء... لكم اشتقت اليها..." اخذت زوزي تبكي تأثرا بينما لونا وعمها ينظران لبعضهما مصدومين، ابتعدت زوزي وراحت تجفف دموعها ثم تذكرت فجأة، القمر سيكتمل، سوهاني بعيدة عنها، ان اكتمل القمر وهي بلا رقيب قد تقضي على احد اعضاء الفريق، اسرعت للباب كي تتوجه اليهم لكن تفاجئت بالباب مقفل، نظرت للعم الذي كان يحمل المفاتيح ويعبث بهم ثم قال: "لن تخرجي من هنا حية بعد ان علمتي بسر لونا" نظرت اليه زوزي ثم الى لونا التي بدت كئيبة ثم تململت قائلة: "بالله عليكم، ما هذا السر الخطير الذي يجعلكم تقتلوني لاجله، ابنتي مصاصة دماء والكل يعلم بذلك، هل علي ان اقتل الجميع لاجل ذلك..."
- العم: ان كان لا يهمك كون ابنتك منبوذة فانا اهتم بابنة اخي ولا اريد لها ان تكون كذلك...
نظرت اليه زوزي ببرود ثم الى لونا، ثوان وفرطت ضحك، اقتربت من لونا حاوطتها بذراعها مستندة عليها ثم قالت: "ولما تظنون انها منبوذة؟... على العكس انها محبوبة من الجميع" اردفت بحماس: "نحن نحب مصاصي الدماء"
بشكل مفاجئ تبدل حال لونا الى الحماس قائلة: "وهل دارك ايضا يحب مصاصي الدماء؟" ارادت زوزي ان تتحدث لكنها سكتت فجأة وتفكرت بالامر، نظرت اليها نظرة مخيفة وقالت:" بل هو يكرههم، يكرههم لحد الموت، يفضل ان تختفي في هذه الفترة الى ان تعودي بشرية طبيعية والا لكرهك لاخر العمر...
اخفت لونا فمها بكفها صدمة لتدمع عينيها، توجهت الى عمها بترجي: "عمي ارجوك دعهم يذهبون، نصطادهم مجددا في اول الشهر القمري...
نظر العم اليها بحنان وملس على رأسها ثم نظر الى زوزي بشك، فتح باب الغرفة وتوجه الى حيث كانوا قبل ان يحدث ما حدث ليجد الطحلبين جالسين بهدوء ينظرون الى زوايا الغرفة يصفرون كأن لا شان لهما بالاحاديث اللتي دارت، توجه العم مباشرة الى دارك وسأله: "انت... ما رأيك بمصاصي الدماء؟..."
اشتعل الغيظ في عينا دارك ليقول بانفعال:" مخلوقات شريرة، مقيتة، لو اجد احدهم امامي لاقتلعت قلبه وجعلته عشاءا للجرذان"
تعالت صيحة بكاء من الداخل بينما حاول كل من زوزي واسبادا ان يكمشا ضحكتهما، ربت العم العجوز على كتف دارك بعزم وقال:" ونحن ايضا نكرههم، انكم منا، ارحلوا فانتم احرار... لكن عودوا لزيارتنا بعد نصف شهر تقريبا للضرورة"
ارتسمت ابتسامة عريضة على وجه كل من الثلاثة واسرعوا للخارج، نظر الثلاثة لبعضهم وصفقوا ايديهم ببعض فارطي الضحك، سكتوا فجأة واخذوا ينظرون الى النجوم ويصفرون محاولين اخفاء ما فعلوا ما ان سمعوا باب النفق يفتح، صاح العم "زوزي... لقد نسيتي الرواية" شهقت زوزي واسرعت اليه لتأخذها منه فامسكها وهمس مهددا:"اياك ان تخبريهم بحقيقة لونا والا جعلتك عشاءا لها"
ابتسمت زوزي ببراءة وقالت:" لا تقلق، اخبرتك ان ابنتي مصاصة دماء، استطيع ان اروضهم بكل سهولة"
صرخ العم حينها: "مشكلتك لن تكون مع لونا بل معي انا..."
عضت زوزي اصابعها بخوف ثم هربت مسرعة الى اوساط الغابة، تبعاها دارك واسبادا الى ان توقفت تلهث، نظروا حولهم مستغربين "اين نحن الان؟ وكيف طريقنا"
---

جلس الفريق على الاعشاب ويبدو ان اسبوعا من التعب جعلهم يعتادون على ملازمة المشقات، فها هو الليل قد انتصف وهم يفرشون خيمهم ضاحكين يتداولون اطراف الحديث غير ابهين لتعبهم او الجروحات الطفيفة التي اصابتهن وغيرها، اغمض الجميع عيناه بينما بقيت بيم تسهر في مراقبة الاوضاع، فقد كان دورها في حراسة الفريق من خصل شعر السليلة، تحمل مصباحا في يدها وكلما سمعت صوتا وجهت نور المصباح اليه فترى خصلة تنسحب بعجلة كي لا تصيبها خنجرا من احد اعضاء الفريق فقد دربهم الجد برو على الرماية بالخناحر خلال هذا الاسبوع واصبحن ماهرات، بعد فترة أحست بيم ان الاوضاع حولها تبدو مطمئنة، اخر هجوم من خصل السليلة كانت من قرابة ساعة، يبدو انها نائمة الان، نظرت للساعة لتجد ان المتبقي من دورها في الحراسة ليس الا ربع ساعة، تنهدت بملل واسندت رأسها على قبضتها ودون شعور منها غفت
استيقظت على بعوضة مزعجة لدغتها في طرف راسها، نظرت حولها لترى الجميع نيام واحست بخصلة تبتعد عنها، نهضت بعجل تحمل خنجرها لكن الخصلة اختفت، عادت لتنام دون اكتراث لمن اصبح الدور في المناوبة...
استيقظت صباحا على نداء الجد ليوقظهم، نهضت سنو وفاير بنشاط موعدتان بيوم جديد حافل بالمشقات واخذتا تساعدان الجد على ايقاظ صديقاتهن، نهضت هاري غاضبة متذمرة، بينما طلبت هاك من سنو الابتعاد لانها تحاول تعلم الطياران وقد تسقط ان لمستها، لم تدري سنو ان كان كلامها كذبا من تأثير السليلة او انه حلم جميل وظنته حقيقة، ام انه كلامهما سوية، كذبة داخل حلم، تجاهلت البحث عما يدور في رأس هاك واستمرت بإيقاظها الى ان نهضت، تركت سوهاني نائمة لترتاح قليلا لانها اخر من سهر البارحة للحراسة وتوجهت لبيم، نادتها لتوقظها لكنها لم تجبها، هزتها سنو فأمرتها بيم بالابتعاد، استغربت سنو هذا التصرف فقالت لها: "بيم انهضي هيا، هناك خطة يريد الجد ان يشرحها لنا لندخل المنطقة التالية، فهي خطيرة جدا..."
هزت بيم كتفاها لا مبالية ثم قالت:"فليفعل... هذا شأنه"
استمر الجدال ثوان بينهما حتى يأست سنو وابتعدت عنها متوجه الى الجد تخبره عن حالة بيم الغريبة، سألها عدة اسئلة عن تصرفاتها وكلامها حتى همهم متفهما ثم قال:"انها شعرة الجشع... ليست خطيرة لكنها مزعجة بشكل لا يطاق..." نظر الى الفريق حوله وقال: "هيا تجمعو لاشرح لكم الخطة"
اخذ يشرح بينما بيم تستمع من تحت الغطاء:
المنطقة القادمة هي منطقة مصاصي الدماء، انها اخطر منطقة هنا في الجزيرة فمصاصي الدماء سريعو الحركة على غرار الزومبي، كما انهم ادهى منهم واذكى، لذلك علينا الحذر واتباع الخطة بحذافيرها، للأسف انا لن استطيع ان اتواجد معكم لانه علي ان افعل شيئا ضروريا في منطقة قريبة لكي تنجح الخطة...
تعال اعتراض من الفريق فقد اعتادوا ان يعتمدوا عليه اعتماد شبه كامل فطلبوا منه تأجيل المهمة الى ان يعود، رفض الجد التأجيل فالقمر يوشك ان يكتمل، وذلك وقت الاصطياد لدى مصاصي الدماء، وان لم يجدو ما يقطاطونه في منطقتهم سيخرجون منها ليبحثو في الخارج، وسيضحون في خطر، طمئنهم انهن اصبحن جاهزات وقويات وقادرات على مواجهة العدو ووعدهن ان يأتي اليهن باسرع ما يمكن، ارتسم الحزن على وجوههن فأكمل الشرح
الخطة كانت شبه انتحارية، ان لم يكن لكل الفريق فعلى الاقل لثلاث ارباعه، فكانت كالتالي:
"في القرية خمس مناطق متوزعة على اطرافها، في كل منطقة نوع مختلف من انواع مصاصي الدماء، كل منهم يفضل صنف من الدماء، ناول كل منهن علبة محكمة الاغلاق فيها دماء مختلفة ثم وزع المهام عليهن حسب المناطق، طالبا ان يفتحن العلب في المنطقة المطلوبة وتهرب بسرعة نحو الجهة الاخرى من القرية قبل ان يصل اليهم رائحة الدماء، وحين يتوجه جميع الفامبيرز للطعم وتخلو المنطقة الوسطى، تقوم بيم بالتوجه الى القصر الوحيد الموجود هناك وتدخله ثم تبحث فيه عن كتاب بعنوان (إزالة اللعنات الموروثة واخفاؤها) تبحث عنه وتحضره معها وتنضم الى بقية الفريق، وان نجحت المهمة فليتركوا الباقي عليه ليتدبر امر الخروج من الجزيرة بأمان...
عند سماع كلامه تحمسن ونهضن للعمل، اخذت كل واحدة منهن علبة دماء وايقظوا سوهاني واخبروها بمختصر الخطة كي تنضم اليهم، نظرت اليهم شاردة ثم اخذت تتثآئب فتراجع الجميع مرعوبا، حكت رأسها نصف نائمة بعين مفتوحة عين مغمضة فصرخت سناو، ابتعدو ان سوهاني تتحول الى فامبير، فتحت سوهاني عيناها على وسعهما حتى بان الاحمر قد اخذ مجراه نحوهما، وضعت سوهاني اصبعها على نابها لترى ان سنو محقة، اصطنعت وجها الورطة ثم صاحت باكية: "مامي... احتاج اليك..."
اسرعن الفتيات الى الجد ليخبروه بما حصل، حين سمع كلامهن فغر فاهه مصدوما، اخر ما توقعه ان يكون ضمن الفريق مصاص دماء، نظر الى سوهاني حائرا وطلب من الفريق ان لا يقتربوا منها، تنهدت سوهاني بانزعاج وقالت متذمرة: "لما انتم خائفون هكذا؟... انا لم اتحول بالكامل، ما يزال امامي وقت حتى يكتمل القمر..."
تنفس الفريق الصعداء ثم نهضت بيم من فراشها متوجها للجد برو قائلة: "هل مصاصو الدماء يشربون دماء بعضهم؟"
نظر اليها الجد ببلاهة ثم قال: "وهل يأكل البشر لحوم بعضهم البعض؟... الامر مشابه..."
نظرت بيم تجاه منطقة مصاصي الدماء ثم قالت: "في هذه الحالة الفامبيرز لن يهتمو بسوهاني لو دخلت اليهم، لما لا تذهب لوحدها لاحضار الكتاب؟..."
اعترض كامل الفريق لمجرد سماع اقتراحها، هدئهم الجد، نظر اليهم بجدية ثم قال: "اظن ان بيم محقة... لما نخاطر بحياة جميعنا في حين يمكنها ان تذهب وحدها دون ان يمسها السوء... الفامبير يسكنون مع بعضهم منذ الاف السنين، ولم يتعرض احدهم للاخر يوما... لو ذهبت ستجلب لنا الكتاب وتنجح المهمة..." تريث قليلا متفكرا ثم اكمل "ولكن... بكل الحالات نحن نحتاج لان نمر بمنطقتهم كي ننتقل الى المنطقة الاخرى... فهناك ادوات قد نحتاجهم هناك..."
ارتسم الرعب على وجوه الفتيات بينما اخذت بيم تفكر بالامر، نهض الجد برو قائلا: في الوقت الراهن، دعنا نحضر الكتاب... هلا ذهبتي سوهاني؟..." هزت سوهاني رأسها بحماس فناول برو الخريطة لفاير كي تسلمها لسوهاني، نهضت سوهاني لتذهب لكن بيم امسكتها من رداؤها لتوقفها، نظرت الى برو وقالت: "وما الضمان بان تعود سالمة؟ ثم اننا سنضطر ان نمر من تلك المنطقة على كل حال، دعنا نستغل الوقت وننفذ الخطة السابقة"
الجد: لا... افضل رؤية ما في الكتاب اولا، عسى وعل استطيع ان اجد طريقة كي لا نضطر للمرور
اتخذت بيم الصمت بينما اخذت سوهاني الخريطة من فاير ودخلت منطقة مصاصي الدماء، ترقبها الجميع بقلق وهي تدخل حتى اختفت من انظارهم فما كان لهم الا ان يدعو لها بالعودة قريبا، جلس الجميع ينتظرون بينما اخذت بيم تفكر بخطة "ب" في حال فشلت الخطة "أ"
اخذت تنظر الى صديقاتها، مواهبهم، نقاط القوة ونقاط الضعف، وجهت نظرها للجد برو الذي كان وكالعادة يتفحص عكازته ويجري عليها تجارب محاولا تطويرها، قالت له بحدة:"الم تقل انك لن تستطيع الدخول معنا لان هناك مهمة ضرورية لا تؤجل عليك ان تنفذها؟"
- نزع الجد نظره عن عكازته لينظر الى بيم مفكرا ثم عاد لينشغل بالعكاز وقال: "كان ذلك قبل تغيير الخطة... اما الان فلا داعي..."
- وماا كانت تلك المهمة؟
- اسف لكنها سرية جدا...
- بيم بشك:سرية!
- هاك: لقد اخبرتكم ان الجد يخفي شيئا..
نهض الجد منزعجا قائلا بغضب: من لا يستطيع ان يثق بي فليرحل ويبحث عن حل بنفسه... انا لم اجبركم على البقاء معي...
جلست هاك جلسة التلميذ المهذب بينما اشاحت بيم بوجهها تواصل التفكير بما بدأت تخطط، نظرت لهاري التي كانت تأكل السردين حزينة، بالعادة كانت تأكل مع صورة هاري ستيل ويبدو ان فقد صورته اشعرها بالوحدة نوعا ما، هاك كانت تتنقل من احد لاحد تلقي الاكاذيب العجيبة وكان الاحرى لو سنو وفاير التي كانتا يكتبان عن هذه الجزيرة، ان يكتبو عن اكاذيب هاك التي لا يعرف الجني الازرق اختلاق امثالها، انتهى النهار وبدأت بوادر الليل بالظهور وسوهاني لم تعد بعد، بدأ القلق ينتاب الجميع، غدا يكتمل القمر ومصاصي الدماء سيتوزعون في الجزيرة باحثين عن ضحايا، سوهاني لم تعد، لربما تغذى عليها احدهم وغدت داخل الجزيرة ميتة ولا احد يعلم عنها شيء، نهضت بيم قائلة: "اظن الوقت يداهمنا... علينا ان نننفذ المهمة السابقة"
نظر الجد الى بيم مستغربا، عادة من يؤخذ منه شعرة الجشع يكون اكثر ازعاجا، دائم الشكوى، يريد الافضل لنفسه، بينما بيم تبدو هادئة جدا على غرار من سبقها، والاكثر من ذلك انها مهتمة بمن حولها، هل كان تصرفها صباحا مجرد مزاجية عبثية عابرة ام انه بما يسمى بهدوء ما قبل العاصفة... نظرت الصديقات للجد برو ينتظرن منه ان يقرر ما يفعلن فاحنى رأسه مظهرا يأسه ثم قال: "ان تلك خطة انتحارية، يفضل لو نعدل الى التفكير بما هو افضل منها، فقد جربتها مرات كثيرة مسبقا، وكانت النتيجة موت الفريق بأكمله" صمت الجميع بخوف بينما قالت هاك: "وانت الوحيد الناجي! يبدو ان ما من مهمة سرية لكنك خائف من مصاصي الدماء لذلك قررت الهرب وترك البقية يتذوقون الموت وحدهم..."
تجهم وجه برو حينها، نهض بمساعدة عكازه وانصرف بينما لكشت سنو هاك بمرفقها لتسكتها لانها تعدت حدودها ككل مرة، نظرت بيم لبقية الصديقات لتقول لهن: "اذا... هل ننهض؟... قد تكون سوهاني خائفة في احدى الاماكن في الداخل تعاني من الخوف...لا يمكننا تركها وحدها" نظرن الصديقات الى منطقة الفامبيرز ثم الى الجد برو يبتعد ويبدو انهن لن يقمن باي خطوة مجنونة دون طلب من برو، عادت بيم لتجلس غاضبة ثم اخرجت من حقيبتها دفتر وقلم واخذت تعبث بالقلم على ورقة لتلهي فكرها عما يزعجه...
مر ما يقارب الساعة واخذت البطون يصدرن اصواتا مزعجة تنبئ عن الحاجة المفرطة للطعام، تركت سنو دفتر الملاحظات جانبا لتأخذ استراحة قصيرة، اخذت نفسا عميقا ثم زفرت لتقول: "لقد تأخر الجد برو... يبدو انه ذهب للبحث عن الطعام"
- فاير تؤيدها: هذا ما اظنه... من الجيد ان سوهاني غير متواجدة فلطالما كرهت اكل الفطر مع الخضار
- ضحكت الصديقتين لتقول سنو: "هذا صحيح... دائما ما تطلب اللحم ولكن لسوء حظها لا يتوفر منه الا في المنطقة الامنة
تبادلا احاديث بينما كانت بيم تنظر الى هاري الحزينة ويبدو انها الوحيدة التي معدتها لا تصدر ضجيجا فقد كانت تأكل السردين وحدها بصمت ويأس، نهضت بيم اليها وهمست في اذنها كلمات اعادت اليها البسمة مجددا، مشت بيم ومشت هاري خلفها حتى توارتا عن اعين البقية في بقعة تعتبر ممر للرياح القوية، اخرجت بيم من خلف ظهرها رسمة لهاري قد رسمتها خلال هذه الساعة، اظهرت ابتسامة لطيفة لتقول لهاري: "فضلت ان اعطيك اياها بعيدة عن اعين البقية كي لا يعرفن بوجودها ويأخذنها منك كطعم لإناث الزومبي" تلألئت عينا هاري وهي تنظر للرسمة، مدت بيم الرسمة للأخرى بينما مدت الاخرى يدها لتأخذها مذهولة، قبل ان تمسك الرسمة افلتتها بيم فجرفتها الرياح، ضربت بيم خديها قائلة بتوتر : "يا اللهي انا اسفة" اسرعت هاري خلف الرسمة لتظهر بيم ابتسامتها الخبيثة وهي تنظر إلى نقاط الدماء التي تتقطر من حقيبة هاري بسبب العلبة التي ناولها الجد برو لهاري كي تنفذ بها المهمة بعد ان ثقبتها بيم، امحت ابتسامتها وهي تنظر للخريطة الاحطياطية التي اخذتها من الجد برو دون انتباه منه، كان الممر الذي انطلقت منه هاري احدى الممرات التي تؤدي إلى منطقة مصاصي الدماء، وبالضبط حيث تطلب منها تنفيذ مهمتها، اعادت الخريطة الى حقيبتها وانطلقت للبقية، نظرت لهم وتذكرت المناطق الخمس في الخريطة، المنطقة الأبعد بعد هاري يكون لفاير، نادتها بيم بحجة طلب المساعدة ورحبت فاير بالامر، ببشاشة نهضت وانضمت الى بيم ومشيا سوية حتى وصلتا الى مكان بهيج، ضوء القمر تخلل الاغصان وظهرت بقعا ساحرة على الارض، مشت بيم بين الحشائش المنتشرة لترتفع عنها اليرعات وتحوم في الارجاء، بذهول انضمت فاير اليها تنظر حولها بسعادة، اخذت بيم الحقيبة من فاير قائلة: "سأخذ عنك الحقيبة بينما انت تصورين هذا المنظر الأخاذ" اومئت لها فاير وصارت تصور وتصور بينما بيم تنفذ خططها وما ان انتهت حتى اعادت الحقيبة لفاير قائلة، اكملي الطريق للداخل عسى ان تجدي مكانا اجمل وانا سأذهب لانادي سنو كي توزعا ادوار التصوير والتدوين كما تتفقان، وافقت فاير وانطلقت للداخل لتعود غبيم الى ابتسامتها الخبيثة، عادت الى سنو لتناديها على عجل: "سنو بسرعة تعالي، فاير وجدت مكانا رائعا للكتابة عنه، اسرعي قبل ان تبتعد وحينها لن تجديها" نهضت سنو عن الارض بحماس واخذت معها دفتر الملاحظات وحقيبتها وانطلقت مع بيم التي كانت تدلها على الطريق، توقفت بيم امام طريق موحش انصدمت سنو من المنظر، اخذت بيم الحقيبة من سنو واخرجت منها بوصلة وصارت تدور في جهة ثم في جهة اخرى ثم قالت بانزعاج، كيف تعمل هذه" ضحكت سنو من تصرفهة وقالت: "الا تجيدين استخدام البوصلة!" اعطتها اياها بيم وقالت لها: "يبدو ان فاير ابتعدت، قالت انها ستتبع طريق الشرق في كل حين كي لا تضييعيها، امشي خلفها وستصلين اليها" اعادت بيم الاغراض المبعثرة في الارض الى الحقيبة واغلقتها وسلمتها لسنو وقالت لها: "هيا انطلقي انها بانتظارك"
نظرت سنو الى المكان ثم الى بيم وقالت: "هل انت متأكدة انها كانت هنا؟..." المكان موحش جدا"
ربتت بيم على كتفها قائلة: "امشي قليلا بالاتجاه الذي اخبرتك عنه وستصدمين من المكان الذي ستصلين اليه... صدقيني"
حاولت سنو ان تطمئن وذهبت بالاتجاه الذي اخبرتها بيم عنه لتطلق بيم تنهيدة فقد تصورت ان اقناعها بدخول مطان كهذا سيكون اصعب، يبدو ان الثقة احيانا تلعب دورا في استغلال الاخرين، نظرت تجاه هاك انها الاخيرة، لم يتبقى غيرها بين هذه المجموعة ترسلها للمهمة وبعدها ترسل الجد برو لانقاذهم، هكذا يكونون خمسة يغطون المناطق الخمسة وبالتالي تذهب هي في المهمة اذلاكثر امانا حين يندفع كل الفامبيرز الى اطراف القرية ليخلو لها المكان، ان عاد الجد برو حيا قد يستطيع مساعدتها في تحليل الكتاب والا ستضطر ان تكتشف بنفسها، توجهت لهاك وما ان وصلت اليها رأتها ترتجف، وضعت يدها على كتفها "هاك!... ما دهاك؟... المكان ليس باردا لما ترتجفين؟..." رفعت رسها لتكشف عن دموعها المنهمرة على وجنتيها، قالت بذعر "انها هاري... لقد هاجمها مصاص دماء... حاولت الهرب منه لكنه اعادهاا الى القرية ولم اسمع منها الا صراخها" انصدمت حينها فزعة، قالت بحذر: "هل قالت هاري شيئا قبل ان يعيدها مصاص الدماء للقرية؟..."
استغربت هاك سؤال بيم: "شيئا مثل ماذا؟.."
بيم بعصبية: "اي شيء... هل تحدثت اليك؟..." تفكرت هاك بالامر ثم قالت: "اجل... قالت ان الامر مؤلم جدا..."
- الامر مؤلم جدا!...
- اجل... وانها مرعوبة
- توففت بيم عن الكلام قليلا تحلل كلام هاك ثم قالت بتهديد: هل كانت هذه كذبة من كذباتك؟
اصطنعت هاك وجه الرعب قائلة: لا ليست كذلك
- بيم بشك: حقا!
تنهدت هاك منزعجة لتقول: لما لم تصدقي، كان ليكون الامر ممتعا لو صدقتي
لمعت نظرات الخبث متخفية في عينا بيم ثم جلست بالقرب من هاك قائلة: "اواتظنينني ذلك الفامبير الاحمق الذي تعرفت عليه سوهاني في هذه القرية، كلما اطلقت عليه كذبة صدقها مهما كانت سخيفة، لذلك لم تعد بعد، انها تقضي اوقاتا ممتعة معه"
نهضت هاك بعجل قائلة: "انا ذاهبة الى السينسي سوهاني، لطالما كانت مثالية..."
نظرت اليها بيم وهي تفكر: "اظنني اليوم كذبت أكثر من هاك حتى... لكن لا بأس... سأفعل اي شيء مقابل النجاة..." تذكرت بيم فجأة "مهلا هاك... نسيت امرا هاما" توقفتت هاك تنظر الى بيم تنتظر ما ستقوله لتسمعا صوت العجوز: "ما الامر الهام الذي نسيته...بيم"
نظرت بيم للجد برو وشدت على قبضتها بعصبية، ما كان عليه ان يأت الان... لقد خرب خططتها قبل ان تتم







__________________













رد مع اقتباس