عَودِة ميت
لا أستطيع تحمُل هذا بعد الآن ، كُلِ الضَغط الذى يعتَصِر قلبى ، كَتِفاى لا يَحتَمِلان ضغط الهواءَ علىّ ! يدفعنى للأرضِ دفعًا ، لِمَ أنا وحدى فى وجه الحياة ؟ لِمَ أنا فارِغة جِدًا مِن الداخِل ؟ لِمَ أنسى كُل شيء ؟!
بالتحديد "أنا"
أنا أنسى أنا ، لِمَ هَدَدَتهُ وهيّ تبكى ؟ ولِمَ ألقي بِاللَومِ علىّ أنا ؟! ما ذَنبي أنا بِما تفعله ؟!
هل أنا مجنونَةٌ كأُمى ؟ لَقد وَرثتُ جيناتِها ، هوَ قَدَري ، ذَلِكَ المرضُ اللعين الذى يسير فى بنات عائِلَتي منذُ جدتي !
هذا ظُلمٌ ! ظُلمٌ ! فقط لأننى فتاة ؟!
إخوَتي الصبية عاديون ، هذا قدري وحدى ، أنا فِعلًا وحدى فى هذا !
هل سأموتُ إنّ حملتُ بِطفلًا كابنة خالَتى؟
هل ستَرِث طِفلَتي ذلك المرض مِنى إن أنجبتُ بِنتًا؟!
رُبما يجب علىّ تَجنُب الزواج والوقوع فى الحُب !
لِمَ هجروننى أصدِقائى ؟ أم إننى من هجرتهم خوفًا مِن أن يهجروننى؟!
لقد كُنت كالغريبة بينهم على أيِ حال !
لم يفهما شيئًا ، حاجَتى الدائِمة للأمان ، قلقى من أتفه الأشياء ، الصمت الذى أجبرتُ نفسي عليه رغم كونه يؤلمنى !
- إنّ عيناكِ سوداءٌ جِدًا ، لا أكادُ أري فيها لمحة بُني كبقية البشر ، إنها جميلة .. لكن .. بعيدة ..
هذا لأن صاحِبتها كذلك يا صديقة ،أنا لا أنام من الأساس ، جالِسة أمامِك لكننى لستُ هُنا فِعلًا ، أنا غارِقة فى مخاوفى وأشباحى تتربصُ بى ، ستكونينَ أنتِ القشة رُبما ؟!
عَلِمتُ هذا .
لِماذا .... لا أرى شيئًا ؟!
كيفَ يُمكِن لصفحاتِ المُصحف أن تَكونَ فارِغة ؟!
اللهُ ليسَ راضيًا عنى ! وكيف يرضي عنى وأنا أُحاوِل الانتحار؟!
من المُفترض إنهُ يعلم كُل شيء !
يجب أن يُسامِحنى على يأسى !
لستُ إلا خطئًا واحِدًا كبيرًا وسأتخلَص مِنى الآن !
لكنهُ أرادَ مِنى أن أصبِر واؤمِن ! ، إنهُ اختبارٌ وأنا سأرسب على هذا المنوال !
سوفَ يُساعِدنى ، لديهِ خُطةً ما ، يجب فقط أن أتماسَك !
هل أُخبِر أبى أنى تناولت كُل تلك الحبوب ؟ سيقتلنى قبل أن يفعل السُم ذلك !
لا حلَ سِوى انتظار عودة أمى من عملها ، لكن ماذا إن فارقت الحياة قبل عودتها ؟! لا أُريد أن أذهب إلى الله بتلك الطريقة !
وضعتُ رأسى بجوار يده وأغمضتُ عينايّ لأفتحهما مرةً أُخرى على صوت باب شقتنا يُغلق ، هل مرت ساعتان بالفعل ؟ لقد أُغشى علىّ !
- أمى ، لقد حاولت الانتحار ، تناولت الكثير من الأدوية...
- بدلى ثيابك !
أسير ؟ لا بل ، أطير ! تاكسى ؟
أرحتُ رأسى على الزُجاج ، أوه الراحة..
أسير مرة أُخرى ، هل وصلنا ؟!
توقفوا عن اعطائى الماء ! لا أُريد أن أشرب ! أوه سأتقيأ !
- فقط ما الذى تناولتِه تحديدًا؟!
سألتنى المُمرضة لأُجيبها بضحكة قبل أن أسقُط : كُل شيء... لقد تجرعت كُل شيء ...
سرير ، الكثير من البشر حولى ، إلى أينَ تَمُدينَ يدِك ؟ لا تفتحي قميصى !
لا قوة بجسدى أُبعدها بِها !
- لقد فتحت عينيها !
ذلك المشفى قذر جدًا ، ماذا إن قطعونى إربًا وباعوني قِطع غيار ؟ لا أهتم !
إنها توصِلُ أشياءً ما بِصدرى ..
يا إلهى ! أُختى !
- هل رأيتِ ما يفعلونهُ بي ؟ أنا أُريدُ البقاءَ معكِ ! لا أُريدُ العودة لهم !
ضمتنى واستمرت فى النظر لي بآسى لِثوانٍ دونَ أن تَنطِق ...
صوتُ بُكاء ؟ إنها أمى ..
فتحتُ فمى : لا تخافى ، لن أموت ، ليسَ وقتى ... ليسَ بعد ..
فقد تم رفضي فى أرضِ الأموات ، لكننى هُناكَ مرةً أُخرى ، أحدهم قادِم وسيبقي ، تحديدًا زميلي فى الغُرفة ، أسمع صوت أنفاسه ، أعرِفُ ذلك الصوت جيدًا ، أُختى كانت تُصدِرُه أيضًا قبل أن تَذهَب ...
يجب أن أُساعِدُه ! تبًا !! تبًا !! يجب أن أعود !!
فتحتُ عينايّ لِانتَزِعَ جسدى من السرير : إنهُ يحتضر ! افعلى شيئًا ما ! لا يستطيع التنفُس !! أرجوكِ !!
هدأتنى المُمرضة بإنهم سيهتمون به ، عُدت للنوم ، لقد بلَغتُ الرِسالة التى قيلَت لى ...
فى اليوم التالى كانَ سريرهُ خاويًا ، عندما سألتُ عنهُ أخبروننى أنهُ قد ماتَ ، أعلمُ هذا ...
قد لَفَظَ أنفاسَهُ الأخيرة فى أُذُني ! لَكِن أحدًا لم يستمع لي !
وأحدًا لم يسمعه !
منذُ ذلك اليوم أصبحتُ أشُمَ الموت قبل أن يأتِ ، لقد عُدتُ لكننى لم أعُدُ ..
قدمٌ فى هذا العالم وقدمٌ فى الأخَر ، أنا دومًا فى المُنتصَف ، ما أنا بحية وما أنا بميتة ، لأنني قد وقفتُ على الحِدود بينَ العالَمين!
حِدية ...
ما أنا بِعاقِلة وما أنا بِمجنونة ...
ما أنا بجيدة وما أنا بسيئة ...
أنا دومًا فى المُنتصف ، بين النعيم والجحيم!
النِصف حياة التى أعيشَها لها هدف واحِد وهوَ إنقاذ من لا يستطيع أحد سماعهم غيرى ، هذا سبب عودتى بعد كُل شىء ...
عَلَ اللهَ يُسامِحني أبدًا على مُحاولتي للذهاب دونَ إذنٍ...
لقد عُدت ، لأننى أشعُر بالذنب ...
وأنا أشعُر لأننى ، مازلت حية ! |
__________________
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم 🌠
لا إله إلا الله محمد رسول الله 🌠
الله أكبر 🌠 |