انرت القسم اخي
~سايا~ موضوع جميل شكراً لكِ: قد يكون الحياد أعنف أنواع التدخل وأخطرها .. وأقل المواقف أخلاقية وأكثرها انتهازية .. عندما تشاهد ماردًا يقتل طفلاً وتعلن أنك على الحياد فأنت بذلك تقف مع مجرم لا تحود عن رأيه. في الحرب لا يمكن أن يكون الحياد فضيلة لا في الإعلام وفي أحاديث المجالس إلا حين تكون الحرب بين شر وشر، فهُنا نقول ((اللهم اشغل الظالمين بالظالمين واخرجنا من بينهم سالمين اللهم ارنا عجائب قدرتك فيهم فانهم لا يعجزونك وفرقهم تفريقا وشتت شملهم ولا تبقي منهم ولا تذر )) فالحياد يكون في أمر يحمل خلافاً بين طرفين أو أكثر. هو عدم الانحياز أو الميل في الموقف إلى طرف أكثر من آخر، خاصة في نزاع أو حرب، إلخ. وبناء عليه، لا يشارك المحايد في المواجهات المسلحة أو في التبادل الدبلوماسي أو السياسي. فكيف لأي أنسان لا ينحاز الى طفلً يموت بِرصاص القدر ويقول أُفضل عدم الأنحياز فيتسبب في قتل وتدمير وفتك وهتك بذالك القرار والموقف الذي أقرب ما يُقال عنهُ أنهُ موقف المتخاذل وليس بِموقف المحايد. هذا المصطلح يستخدمه البعض في مجال العلم للدلالة على "ترك الميل في بحث قضية من القضايا، والوقوف موقف العدل والإنصاف" ويعدون التلبس به مما يمدح به الباحث، ويدل على عدم حيفه واستجابته لعواطفه التي قد تخالف ما يظهر له من حقائق . ولكن لو نظرنا إلى معنى هذا المصطلح في اللغة لوجدناه لا يدل على شيء من هذا. فقد جاء في لسان العرب (مادة: حيد): "حاد عن الشيء: يحيد حيداً وحَيَداناً ومحيداً وحيدودة : مال عنه وعدل". ومثله في القاموس المحيط. فلا رابط بين معناها في اللغة وما استخدمت له في مجال العلم. إلا أن يراد أن يميل الإنسان أثناء البحث عن (الهوى) الذي يصده عن الحق، كما قال تعالى (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله..) الآية، فعندها يحسن استعمال مصطلح (العدل) الذي يغني في هذا الباب، وقد أمر الله المؤمنين في كتابه بأن يتصفوا به أثناء تصديهم للحكم بين الناس أو بين الأفكار، قال سبحانه (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) وقال (ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى) فالمسلم مطالب بالعدل في ما يصدره من أحكام، وهو أن يضع الشيء في موضعه الذي وضعه الله فيه شرعاً، فيمدح ما مدحه الله ويذم ما ذمه، ويدور مع ما دل عليه الكتاب والسنة، ولو خالف بذلك عواطفه أو أهواءه، فضلاً عن عواطف وأهواء الآخرين.
والذي يظهر أن مصطلح (الحياد) تسرب إلى المجال العلمي من المجال السياسي؛ حيث عرف هذا المصطلح حديثاً في عالم السياسة (بعد الحربين العالميتين) بمعنى عدم التحيز إلى أحد من الطرفين المتصارعين، وذلك بعد أن ذاق العالم ويلات الحربين. هذهِ هي حقيقة الحياد شاكر لكِ الأخت الكريمة طرحك الجميل لِهذا الموضوع. تقبلي مروري ومشاركتي.
التعديل الأخير تم بواسطة |Eman Ahmed| ; 03-08-2017 الساعة 10:36 PM |