عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 03-12-2017, 12:40 AM
 



3 \ 9 \ 2016

مرت اربعةُ أيام مذُّ ان تركتُ ليو ، لقد كنتُ بحاجةٍ لبعضِ الوقت للتفكير ، انا أشعر بأن أفكاري مشيجٌ من الندم و القلق
ما كان علي تركه ، و لكني قلقة على مستقبلي معه ، كيف سنمضي بقية حياتنا ؟

في هذه الايام الاربعة قمت ببعض الابحاث عن ما يسمى بالهلع و قد رسيتُ على ضفةِ ان ذلك المرض ليس بالشيء العسير ، بل هو قابلٌ للعلاج بسهولةٍ و يسرٍ كذلك !
لكننا بحاجة للعزيمة و الارادة
الا ان ما يقلقني هو ما تلفظه بشأنِ طيفٍ ما ؟ لم تذكر المقالات التي قرأتها اي كلمةٍ بهذا الشأن .
و لكن ما لا خلاف فيه هو ان الامر كله يتعلق بقوةِ نفس ليو .

استغرق الأمرُ عشرين دقيقة حتى استحممتُ و جففتُ شعري و نظفتُ أسناني ثم اخترتُ فستاناً فارتديتهُ و خلعته ثم جربتُ فستاناً آخر ، ثم آخر ، وضعتُ قليلاً من المكياج ، و غيرتُ الفستان ثانيةً ثم انطلقتُ الى منزلي و قد رأيت امي تبتسم كما لو انها تقول لي اذهبي إليه ..

***

فتحتُ الباب بالمفتاح ، من المفترض ان يكون ليو متواجداً الآن ، لقد كان المكان مظلماً كما لو أن ديجوراً أبتلعه ، بينما حلّق شبح الصمتِ بين ثناياه بفتور ، حتى طردته قائلة :" ليوو ، أأنت هنا ؟"
كان جلياً انه في الغرفة لكنه لم يجب ، دخلت عليه
كان واقفاً مستنداً للحائط و ضوء الغرفة الليلي يعمل ..
اقتربتُ و ابتسمتُ له ، فاستنبطتُ من عينيهِ حزناً عميقاً
لذا تأسفتُ منه أشد اسف ، قلتُ له
بأني حمقاء لأني تركت زوجاً رحيماً مثله ، انا لن أدعه أبداً بعد الآن
لا في السراء ولا الضراء
و قلتُ له جملةً كنتُ قد أعددتها من أجل ان يتغلبَ على ضعفه
* لا شيء موجودٌ في الظلام غيرُ موجودٍ في الضوء *

عندما نطقتُ كلماتي مُباعدةً بين أحرفها
استطعتُ لمح سطوع محجرا عينيه يتوهجان بوضاءة
سعدت كثيراً ، فضحكتُ على منظره الطفولي و هتفت بسعادة :" سأذهب لإعداد الطعام "

كان مطبخنا قريباً من باب المنزل الرئيسي و كنا قاطنين بعمارةٍ جديدة أي لم يسكنها أحد غيرنا بعد ...

فعندما توجهت للمطبخ ، لاحظت انني قد نسيتُ إغلاق الباب خلفي ، لذا هرعتُ و أغلقته
و ما لم أضعه بالحسبان أن أحداً شد يدي للخلف ، حاول أن يغلق ثغري بكفه
في تلك اللحظة لم يخطر ببالي الا ان أصرخ بِـ جامِ قواي
" لــيــو "
و لكن ذلك المُعتدي قام بحركةٍ خاطفة بضربِ رأسي بالحائط لأفقد الوعي ، و أسمع وشوشته :" لن يأتي أحد لمساعدتك "
يبدو انه لم يدرك وجود ليو في المنزل بعد ....


***

لقد سمعتها تصرخ ، انا متأكدٌ من هذا !
و لكن عضلاتي ترفضُ أوامري ، لا أستطيع الحركة
كان ذلك الطيفُ واقفاً في ظلامِ ما وراء الباب يقهقه و كأنه يخبرني
إما ان أبقى على برّ الامان هنا ، او اذهب إلى ماري و لا يمكنني الذهاب إليها الا بعد ان اخطو على جثته مُراهناً على حياتي ..

أريد ان اهرول لها ، فهي زوجتي
و لكن قلبي يكاد يشقُ صدري لشدة قوة خفقاته..
زممتُ شفتاي حتى تلاشى لونها ...

* لا شيء موجودٌ في الظلام غير موجودٍ في الضوء *
كان لوقع تلك الجملة مفعولٌ كالسحر
و كأن تلك الكلمات فقط قد تركت مذاقاً حلوا في فمي..

بطشتُ خطواتي مُمهداً الظلام ، لم أُعر الطيف أي اهتمام ، و بقيت اردد تلك الجملة فأضمحل وحده في الغيهبان ..

عندها اندفعتُ كسهمٍ مُشتعل ، لأرى ماري مُلقاةً على الأرض و ذلك الرجلُ يستعدُ لتقييدها .

ركضتُ ناحيته لأسدد لكمة في وجههِ بقوةٍ لم أعهدها على نفسي سابقاً ، الا انه رد علي بركلةٍ في معدتي
لم اتراجع ، فحياةُ عزيزتي على المِحك هنا
إستدرتُ بخفة الى خلفه ، و أمسكتُ ذراعه و كما يفعلُ أبطال الأفلام
رفعته و قلبتهُ أرضاً ، فبصق دماً و همدَ جسده بتألم ...


صافراتُ سيارات الشرطة و خليط ألوانٍ يتباينُ بين أحمرٍ و ازرق
وضعَ شرطيٌ الأصفاد في ساعدي السارق..

بينما فتحت ماري عيناها في سارة إسعاف ، تحسست الضمادات في أعلى رأسها ثم وجهّت مقلتيها نحوي
فانصدمت بإحتضاني لها بسرعة ، و همست :" لا شيء موجودٌ في الظلام غيرُ موجودٍ في الضوء ، صحيح ؟ "

عندها توهجت وجنتاها بحرارة و اردفت لي بسعادة غامرة
:" ولا سعادة لي في حياة انت لا توجد فيها ! "



= النهاية =




هكذا هم الناس ، يومٌ يتفألون و
اليوم الآخرِ يجحدون .


__________________
رد مع اقتباس