المرآة المكسورة / الفصل السادس "التكبر"
"التكبر"
في عمق الظلام ، و بين صفحاتُ الأحداث أخذ أثنان يتحدثان في عمق الأسرار ..
" هل قتلتهُ حقاً ؟ "
" ربما ! "
" لماذا ؟ "
" لأنني لم أستطع منع نفسي من ذلك ! كُنتُ أريدُ ذلك بشدة ..
لقد استحقها ذلك الخائن ... "
" وما دخلي بذلك ؟ لما ورطتني ؟ "
" لا تجعلني أجيبُك كما أجبتُ ايميتو ! "
" وماذا تقصد يا هذا ؟ "
في لحظة غفله رفع القاتلُ سلاحهُ نحو الثاني و وجه رصاصةً و بكُل برود نحوه ،
غير آبه لزيادة نقطة سوداء أخرى في حياته ، هو غارقٌ في مُستنقعٍ نتنّ على أي حال !
*****
عادت كيتي لمحضنِ ذكرياتها الغابرة تُداعبُ مُقلة عينيها الحزينتين ، و شوقٌ يأسرُ حنينها ،
هذا الصمتُ يحتضنُ غيابَ الغوالي ، فنبشَ هذا الهدوء في أسرارِ ذكرياتها ،
حاملاً عبقَ أروع النسمات لمسامها .
حافظً هذا المكانُ على أثارها السابقةَ ، الأثاثُ بزينتهُ الغامقة و الستائرُ بيضاء لامعهَ ،
لکن الحديقة مشهدٌ من أيامٍ قاحلة ! النباتات ذابلة و العشبُ ميتْ ، الشجارُ حزينة و المسبح عفنْ ، كأنها مقبرةٍ مُقفرة !
يا لهُ من مشهدٍ يقضي على مسرة الوجدان !
تبع حديثُ الشريكين ، مُلاحقه للإمساك بهدفهم الغامض ،
وصولهم كان بعد فوات الأوان ! و عم الغضبُ و الإحباط لكُلٍ منهُما ،
أخذت تلتمسُ باحثةً عن مُرادها لتتصل به مُستنجدة، جاءها صوتٌ مُتلعثم غيرُ رزين :
" ببمماا أخخدمُك سسيدتتي ؟ "
أجابتهُ مُتململه وهيّ تعبث بلورقة بيدها غاضبه :
" أيها الاحمق ! ما هذه الإحداثيات التي زودتنا بها ، المكانُ مصنعٌ مُحترق و مهجور !
أين هو ابحث عنهُ جيداً أريدُ أن أنهيَ عملي على هذه البطيخة اليوم ! "
توتر هيروشي و أسقط الهاتف من يده و استعادهُ قائلا و هو يمسك به معكوساً ! :
" فففي الححال انتظرري اانا ابححث ااالآن ... "
بعد لحظات محسوسه ،
" لققد غيييرَ مككااانهُ ثثانيتتاً ..
اااليكي ااحداثثيات الموققع الححالي "
" تلقيتها ، ابقى على الخط و أخبرني بوجهته الجديدة" ..
التفتت لشريكها :
" لدينا احداثيات الموقع الجديد ، الهدف يتحركُ مُبتعداً نحو الشرق .. "
كان يقف بعيداً ، مصدوماً فاتحاً فاههُ ينظر في اللاشيء ، تقدمت نحوه قائلة :
" ما بك يا كيث ؟؟ ماالـ..... "
بترت كلامها مصدومة برؤية ما ينظرُ اليه .....
دخلت كيتي للمطبخ لتراهُ قليلاً ، كان كارثة بلا مبالغة ، التقطت نفساً عميقاً قائلة :
" معك حق يا كاغوري ، البيتُ بلا أمراءه ككعكةٍ بلا زينة !!! "
رفعت الطبق الذي يبدو عليه أنهُ لا يخصُ اليوم أو الذي سبقه قائلة باشمئزاز :
"كعكةٌ عفنة بلا زينة !! "
قامت بتنظيف البيت هُنا و هُناك ، تقتُلُ فراقها مُنتظرةً عودةَ والدها و أخيها ،
و حين كانت تمسحُ الغُبار عن البيانو الأبيض ، القابع في زاويةٍ من زوايا غرفة الاستقبال ،
لمحت ملف فضي اللون كان مُندساً بين كومة أوراق بفوضى ، فأخذت تكشفُ مكونهُ من الأسرار ....
في الطريق ، كان كيث يجلس بجانب ايكوكو وهي تقودُ بعد أن فقدا أثر هدفهما ،
كان الغضب و الانزعاج جلياً عليه ، قالت ايكوكو مفتعلةً النقاش :
" علينا أن نُمسكَ به بسرعه ، لم أتوقع أن نجد ضحيةً أخرى له ،
العلاقة الوثيقة بينه و بين الضحية باتت تُدينهُ و بشدة ! "
أجابها و هو يُضيقُ عينيه بحذر :
"علينا الإمساكُ به قبل أن يؤذي أحداً آخر ، بتُ قلقاً على كيتي .. "
*****
عصر نفس اليوم، عاد القاضي و كان مصدوماً لتواجد كيتي ، لم تكُن قد أخبرتهُ بقرارها هذا بالأمس ،
كانت تجلسُ على كرسيُ البيانو العريض و تنظرُ لمفاتيحهُ بفراق ،
فزعت حين وضع يديه الكبيرتين على كتفيها ، نظرت نحوهُ بفزع ثم هدأت لدى رؤيته ُ يحتضنها بكفيه ،
فأعادت طرف عينها للملف الذي في حضنها لتقول بلا مقدمات :
" لقد كُنتُ أبدو كالمغفلة الساذجة طوال السنوات الثلاث السابقة ،
استُغللتُ ، أهنت و اُذللت ، و أنا غيرُ مُدركة لما يحدُث حولي "
وجهت نظراتها نحوهُ و قالت و الدموع تغزو خديها :
"في ذلك اليوم ،
اتصل ايكيجي بي و قال ، إن كُنتُ لا أصدق ما قاله لي في حفلة ليلة أمس ،
فل أعد أدراجي الأن ! لا أعلمُ لما عُدتْ لكنني عُدتُ وحسب ،
كُنتُ بحاجة لأشعر أني مُحقه ، و اكتشفتُ أني لستُ كذلك !
وقفتُ مترددة أمام بيتي لم أعلم ماذا سأقول لايميتو ان سألني لما عُدت !
لكنني تفاجأت بمارثا تخرج من بيتي أنا و ابتعدت بسرعه ! تجمدتُ مكاني ،
و لم أدرك ماذا يفترضُ بي أن أفعل ، شعرت بخليط من المشاعر غلبها الحقد ،
دخلت و أنا في شدة غضبي بعد أن أدركتُ أن لا فائدة من البكاء هُنا !
حينها كنتُ في قمة غضبي لدرجة أني لم أكن لأستغرب من نفسي إذا قتلتهُ ،
صُدمت !!!!
كان ايميتو هُناك غارق بدمائهُ فاتحاً عينيه على وسعها ، دبَ الخوف في سري ،
لم تحملني قدماي و تهاويت فوق دمائهُ الدافئة على الأرض ،
حاولتُ الإقتراب لكن عجزت و خذلتني شجاعتي عن التقدم ،
اتصلت بهيكيجي و تحدثتُ معه بحروف مُبعثرة بالكاد فهم منها أني في موقفٍ صعب ،
حاول تهدئتي ليفهم جيدا و حين هدئت رويت لهُ ما حدث ،
فقال لي أن أخرج من هُنا و أن أذهب لحيثُ يفترض بي أن أكون ،
لأن الشرطة ستتهمُني بقتله !!!
فزعتُ و تلبكت بشدة ، و في النهاية نهضتُ من مكاني و غادرتُ بسرعه ،
بقيتُ أهلع و أدور حول نفسي و أنا أبكي ،
ثم خلعتُ جواربي و معطفي الأبيض بعد أن تلوثا بالدماء و ركبتُ سيارتي مبتعدة ،
فكرة أن يكون ما قالهُ هيكيجي صحيحاً طغت على منطقي تماماً !
لا أصدقُ أني تركتهُ هناك غارقًا بدمائهُ في زاوية مكتبهُ الباردة !!!
و حتى الآن أفكر أنهُ كان من الممكن أن أساعدهُ لكنني خذلته بسبب أنانيتي !! "
كان والدها يستمعُ لها باهتمام ، طبعا ليست أول مرة يستمعُ لشيء مشابه ،
في نهاية الأمر هو قاضي و عملهُ يتطلب منه الاستماع لما يقولهُ طرفه ،
رجلً كان أم أمرأه ، ليحكم بعدل !
حركها من كتفيها جاثياً على ركبتيه ، لتستوي أمامهُ تماماً ويتقابلا وجهاً لوجه ،
أمسك وجهها يبن كفيه الكبيرتين قائلاً بحذر :
" أأهذا كُل ما حدث ؟ ألم تُغفلي عن أي شيء مهما كان صغيراً "
بات والدها الوحيد الذي تثق به في الحياة ، و الناس من حولها يستغلونها لا أكثر !
أجابته بلا خوف واثقة به ، من غير توريط ايميوي لتسترهُ عليها طوال الشهور الماضية :
" نعم هذا ما حدث تماماً ! "
رسم ابتسامة هادئة و رقيقه لابنتهُ الغالية و ضمها لصدره بأريحيه قائلاً :
" لقد أرحتني صغيرتي ، كُنتُ واثقاُ بك . "
تأثرت و انصدمت من كلامه ، فسألت بحذر :
" أهذا يعني أني لن أذهب للسجن ؟؟ "
بقي يُحدق بها لفترة قبل أن يُدرك سؤالها البريء ليُجبها :
" لا يا صغيرتي ! هذا لا يستدعي السجن ، لن يحكم القاضي بأكثر من
دفع مبلغ معين للمحكمة مع بضعة أشهر من الأعمال الإجتماعية !
فأنت لم تقتليه إنما لم تبلغي الشرطة بسرعة بتأثر من شخصٌ آخر . "
قالت مبررة : " لكن هيكيجي قال ..... "
توقفت حين استوعبت الأمر أخيراً ، فنهارت باكية لغبائها ......
" في هذه الحياة لا أحد يستحقُ أن تثقي به أكثر من عائلتك ،
لأن الآخرين يُشكلون الذئاب في المجتمع ، ينتظرون منك أن تغفلي ليغدروا بك ،
وأنا هي هذه العائلة ، لأنني أبقي مصلحتك في هذه الحياة ففي النهاية أنا شريكُ حياتك ،
ولن يفرقنا أحد عن بعض ، الى الأبد !!! "
كانت هذه كلمات ألقى بها ايميتو على مسمع كيتي ذات مرة ،
وها هي تذكرُ ما قالهُ لها لتنهار أكثر و تُحاول الإستناد على والدها ....
****
" اعكسي الاتجاه بسرعة ، لقد دخل المبنى هُناك !! "
و بخفة فائقة عكست اتجاه السيارة الى حيثُ أشار كيث ، التفتت إليه لتقول له :
" تذكر أننا نريدُ الإمساك به حياً ! "
لكن كيث نزل غاضباً و بسرعة قبل أن تتوقف السيارة تماماً !
لتنزل خلفهُ قائلة بتذمر :
" أي حماسة هذه ؟ لن نُمسك به حياً و هو على هذه الحال ! "
كانا يبحثان هُنا و هُناك إلى أن لمحاه كما فعل هو فبدأ بالركض هارباً منهما
وبدأت المطاردة ، الى أن حاصراه و وصلا لنهاية هذه المطاردة السخيفة ،
لاشك لأنهُ مدرك أنهما سيُمسكان به في نهاية المطاف فلما يُتعبُ نفسه ؟!
حاصراه في زاويةٍ من إحدا القاعات الكبيرة في الطابق الثالث بعد المئة !
بدأ بالذهاب يمنةً و يسرة إلى أن أدرك أنه قد حُوصر تماماً ،
توقف يلتقط أنفاسهُ بفوضى ليسأل كيث بحدة :
" هل أدركت أخيراً أنك وصلت لنهاية المطاف يا هذا ؟
سأضعُ نهاية لهذه المطاردة ! استسلم و إلا !! "
قال الجملة الأخير و هو يُلقمُ سلاحهُ و يُشهرهُ نحو هيكيجي مُتابعاً لكلامه :
" توقف و إلا تعرف أني لن أتردد أبداً !! "
ففعلت ايكوكو الشيء نفسهُ لكن بحذر ، سأل هيكيجي مستفسراً :
" أعتقدُ أنهُ يحقُ لي أن أسأل عن سبب مُطاردتكُما لي ؟! "
ليجيب كيث و الشرر يتطاير من عينيه :
" كأنك لا تعلم ! أم أنك تحبُ لعب دور الغبي ؟ "
لتُتابع ايكوكو وهي تظهرُ ورقةً له :
" أنتَ رهنُ الأعتقال بتُهمة مُتاجرةَ الممنوعات ،
بالإضافة لقضايا أخرى سنفتحُ التحقيقَ عنها بعد استضافتُك لدينا
وهذه هيّ مذكرة الاعتقال ! "
فقال هيكجي بعد أن خلع قناع السيد المهذب الذي اشتُهر به بين المحامين :
" أنتم يا كلاب الحكومة تعيشون على تنظيف الشوارع من المتشردين
لننعم نحنُ أصحاب المصالح المُربحة بالنعيم و الرُقي !! "
ثُم رفع يدهُ و أشار نحو كيث مُكملاً بتعالي :
" أنت تعتقدُ أنك ستُنهي الأمر بالقبض علي
لايمكنُكُما إدانتي بهذه التهمة ببساطة ، لا تتوقعا أن إظهار
ورقةً سخيفة سيجعلُني أستسلمُ لكُما أنا لا أهزَمُ بورقةً ضعيفة كهذه ! "
ضيق بعينيه ليقول بثقه أكبر :
" كما أنني الوحيدُ القادر على تخليص كيتي من كُل الاتهامات التي وجهة لها
و منها تلك التُهمة التي ورطتها بتجارة الممنوعات ! "
قال كيث غاضباً و هو على نفس الوقفة :
" ما الذي تتحدّثُ عنه الآن أيها اللعين ؟ أية تجارة و ما علاقة كيتي ؟ "
نظرت لهُ ايكوكو لتقول تاركةً دور المُشاهدة :
" إنهُ يقصدُ تلك الملفات التي جمعها والدك ، بعض تلك الصفقات تحملُ توقيع كيتي !
هذا المتعجرف يعتقدُ اننا لا نملكُ دليل براءة شقيقتك من كلا القضيتين !"
تفاجئ كيث من هذا الكلام و بقي غير مُصدق لما يحدُث ،
هو جاء لمساعدة ايكوكو و لم يكن يعرف شيء أكثر من أنهما
يُطاردان هيكيجي بعد أن كشفت بعض تلك المستندات عن تورطهُ
مع و مارثا و ايميتو و أنهم شركاء منذ عقد !
قال هيكيجي بحذر :
" أيُ دليلٍ تقصدينَ يا فتاة ؟ "
قالت و ابتسامةً واثقه تُزين ثغرها :
" حين استلمتُ قضية جاستري ، قمتُ بدراسة كُل المستجدات التي جمعها كيث ،
لكنها لم تكن كافية ! ذلك الشعور في أن هُنالك حلقةً مفقودة بقي ينتابُني ،
فذهبتُ لبيت كيتي وحدي حين كانت في المشفى ،
و بحثتُ عن شيء جديد فوجدتهُ في مكانٍ من مكتب جاستري ،
كانت تلك التحفةُ تُثيرُ استغرابي ، لم تكُن مُتميزة ولا جميله مُجرد تُحفه رخيصة و
بالمقارنة مع التحف الثمينة الأخرى لا تستحقُ أن يُزين جداران المكتب بأربعٍ منها !!
اقتربتُ لتفحُصها عن قُرب و الأربعة منها كانت تحملُ مايكرو كاميرا ذكية
و ذات ذاكرة واسعة ! فحصلنا على تسجيلات التسعة أشهر الماضية
و من ضمنها يوم الجريمة قبل سبعة أشهر !! "
كانت الصدمة تعلو وجه المتابعين لحديثها ،
من جهة كيث الذي فاتهُ العثور على الدليل و هيكيجي الذي أدرك موقفهُ
في هذه القضية ! تراجع هيكيجي متوتراً يفكر في مخرجٍ لا وجود له ،
وفي لحظة غفلة هجم نحو ايكوكو ، مُعتمداً نظرية أنها الأضعف !
لكنها تصدت لهجومه و أمسكت ساقهُ و حولت هجومهُ لمصلحتها و أسقطتهُ جانباً ،
ثم عاود الهجوم فاحتدم القتال بينهما ، بدا جلياً الكفة لمصلحتها مع أن هيكيجي
كان يصبُ جام غيضهُ عليها !!
في أثناء ذلك كان كيث يُرجع ما قالتهُ قبل لحظات غافلاً عن ايكوكو ،
التفت نحوهما ليفاجئ بمشهد انتزاع هيكيجي لسلاح ايكوكو
وفي طرفة عين كانت قد تهاوت لتسقط بصمت .
وكردة فعل سريعة أطلق كيث النار على الآخر قبل أن يُطلق عليه ...
.
.
.
*يتبع*
اذا بعد كشف المجرم ، ما رأيكم بالحبكة ^.^
أرجو أن لا أكون أفسدتُ كُل شيء
لأنني لم أغير الخطة التي رسمتها منذ شهور
رأيكم و توقعاتكم للفصل القادم
أول مره أسألكم على توقعاتكم بليز بلا هريبه
مع اني عارفه أنتو بتحبو الفروض المنزليه ما رح تهربوا
دمتم في أمان الباري |
التعديل الأخير تم بواسطة Y a g i m a ; 01-17-2019 الساعة 11:49 AM |