الحسد
غرفة لعب اعتيادية، طاولة عليها قصاصات اوراق متناثرة، مكعبات مرمية هنا و هناك، قطعة من الصلصال ملتصقة بالحائط، قدم لدمية ملتصقة برأس اخرى
على شكل قرد، وغيرها...
بين انقاض هذه الفوضى تجلت محبة طفولية لاخوين صغيرين، تفصلهما اعوام قليلة، كانت كيارا ذات السبع سنوات تشارك اخاها بلعبة تركيب المكعبات،
وبينما همت بتركيب اثنين توسطهما اصبع كريس الصغير ليطلق صرخة مدوية جعلت الأم تهلع وتهرع تاركة الاواني دون الالتفات لغلق الصنبور الذي
تصبب ماء دون انقطاع كالشلال لنجدة صغيرها، وصلت اليه لتجد عينيه العسليتين اختفتا خلف دموعه التي شقت طريقها الى خدوده الموردة وسط بشرته
الحنطية وقد نفخ بالون امام انفه من المخاط...
عند رؤية امه رفع اصبع سبابته التى تعرضت لضغطة من قطع مكعبات التركيب لتتدخل الام و عاطفتها تقودها و تجلس بمستوى ابنها و تحتضنه و تبدا
بتهدئته و قبلت اصبعه الصغيرة وبعد ان هدأ الصغير خرجت ، كانت كيارا تراقب كل ذلك بصمت و بعد خروج الام تغيرت كيارا في تصرفاتها تجاه اخاها
عينا كيارا التي ماثلت عينا اخاها باللون العسلي على عكس نظراته البريئة اتخذت نظراتها شقاوة طفولية بدأت بالتحرك ما ان احست ببعض الغيرة من ذاك
الطفل امامها، استقرت عيناها على سبابة اخيها، اقتربت منه بنبرة حنونة لتنظر الى الاصبع حيث قبلته امه، مثلت الحنان لتقرب اصبعه من فاهها بحجة انها
ستقبله وعضته
بدأ الصغير بالبكاء مجددا، عادت الام مرة اخرى لتجد صغيرها رافع سبابته مرة اخرى، اقبلت اليه وهمت لتقبل اصبعه مجددا لكنها وجدت اثار العضة، نظرت
الى ابنتها بشك وعندما سألتها قوست كيارا شفتاها وعقدت ذراعاها بدلال واجابتها انه يلقى كل اهتمام من والدته و انها قبلت اصبعه و هي لا
صارت الام تفكر بطريقة تعلم ابنتها ان تصرفها خاطئ نتيجة الحسد والحسد صفة مذمومة
عند المساء حيث كل البشر حسب توقيت منطقتهم يخلدون إلى النوم، استعدت بطلتنا كيارا للنوم ارتدت ملابسها و حملت دبها المحشو تيدي في يدها و
صعدت الى السرير و انتظرت والدتها حتى تأتي و تقص لها قصة ما قبل النوم
جلست الام قرب ابنتها على السرير وداعبت بعض خصلات شعرها لتتهيأ للسرد
بدأت تحكي على مسامع ابنتها التى باتت تصغي باهتمام حكاية انجليسا
كان يامكان في قديم الزمان
كانت هناك امرأة عجوز تمنت الحصول على طفلة صغيرة لكنها لم تعلم ابدا من اين تحصل عليها، لذلك قررت ان تقصد ساحرا عجوزا يعيش في اعلى تل
خارج القرية
و قالت له: " انا اتمنى الحصول على طفل، الا يمكنك أن تدلني من أين يمكنني الحصول عليه؟
اجاب الساحر: "بالطبع سأجد حلا، هاك هذه حبة شعير، انها ليست من النوع الذي ينمو في حقل الفلاح و لا تاكل منه الدجاجات
ازرعيها في (اصيص) صغير و سترين ما ستحصلين عليه .
وبوجه مخيف وصوت محذر قال الساحر للعجوز
انتبهي جيدا للطفل، فلكي يعيش حياة سعيدة عليه ان يكون طفلا جيدا، وفي حال ارتكابه للخطايا سيتم معاقبتها و ذلك بادخالها الى عالم الخطايا السبع
اندهشت العجوز من كلام الساحر وقالت انها ستعمل على الا ترتكب انجليسا الخطايا
شكرت العجوز الساحرة ودفعت ما يكون مقابل الخدمة نقدا، توجهت الى منزلها، زرعت البذرة ونمت زهرة جميلة بدت كالتيوليب لكن الاوراق كانت مطبقة
على بعضها كما لو كانت ما تزال برعما، ابتسمت العجوز وقالت بسعادة: "انها زهرة جميلة!..."
اقتربت منها وقبلتها، اثر ذلك بدأت الزهرة باصدار صوت جرس رنان و بدات تتفتح لتخرج من ثناياها فتاة صغيرة تجلس على كرسي صغير، لم يكن طول
الفتاة تتعدى الانش لذا سميت انجليسا
حصلت انجليسا على قشرة جوز زينت بنقوش كمهد لها فيها زهرة بنفسج كفراش و ورقة وردة جورية كلحاف تلتحف به ليلا.
‘‘‘
مرج اخضر واسع تحيطه الازهار من كل صوب و حدب، في بقعة منه تمشي انجليسنا سعيدة تلقي التحية على هذا وترد على ذاك و ابتسامة جميلة ارتسمت
على ثغرها، كانت في قمة السعادة، و هي تمشي رأت سكويك طائر ازرق اللون لطيف يحب التحدث كثيرا مدلل يحصل على كل ما يريد ، ركضت نحوه فهما
صديقان، تبادلا التحية و بعدها عرضت عليه انجليسا فكرة الذهاب بجولة في المرج، وافق اسكويك من فوره و بعد انتهاء جولتهما جلسا تحت شجرة
(وارفة) الظل يتجاذبان اطراف الحديث
انجليسا "هاا لقد كانت جولة ممتعة حقا صديقي"
ليجيب الطائر الازرق "نعم معك حق اتمنى ان نعيدها قريبا"
و بعدها بدأ سكويك يحكي عن حياته و كم ان والديه لا يرفضان له طلبا وان والده قد احضر له...
كانت انجليسا تسعد بسماع ذلك و لكن بمرور الوقت و استمرار سكويك في الحكي صار يتولد في نفس انجليسا شعور غير جميل ،اصبحت غير راغبة في
الاستماع للمزيد، انتفضت من مكانها بسرعة و قد بدت منزعجة، قال لها اسكويك: "مهلا الى اين؟ انا لم اخبرك بعد عن لعب..." و قبل ان يكمل بترت
جملته انجليسا بقولها: "انت تحصل على كل ما تريد ، احسدك" وقد قالته بصوت دل على عدم رضاها . بعد قولها كلمتها " احسدك" من الفراغ ظهرت
بوابة غريبة تتوهج باللون الاحمر امتدت منها يدان عملاقتان و سحبتاها من الخلف الى داخل البوابة، وهي تصرخ ملء حنجرتها و لكن دون جدوى ، صرح
اسكويك وحاول الامساك بها و استعادتها لكن البوابة اغلقت
في عالم اخر بدا غريبا مخيفا، مرج جاف لا اثر للحياة فيه، ازهار جافة، الاعشاب متعفنة، كانت في منتصف المكان مغمى عليها ، فتحت عينيها بتثاقل لتقع
نظرها على المنظر البشع، نهضت فزعة وبدات تلتفت بخوف تكلم نفسها "ما هذا المكان ؟؟"
سارت و القشعريرة تسري بجسدها سارت حتى وصلت الى مكان بدا كالقصر، دخلت بخطوات متسارعة الى الداخل لعلها تجد جوابا عن سبب وجودها هنا ،
سارت غير متداركة عن ما قد تواجه داخل القصر
عبرت الممر الطويل الى ان وصلت الى صالة كبيرة تجلس بوسطها فتاة جميلة ترتدي ملابس اميرات و لكنها كانت حزينة جدا، تقدمت انجليسا لتسألها عن
سبب حزنها ثم اخبرتها انجليسا انها سحبت الى هنا عبر بوابة و تريد العودة .. ما ان اكملت كلامها حتى قالت الاميرة وبصوت خشن وبدأت تتحول الى
شكل قبيح، وحش لونه احمر "اذا انت انجليسا التي لا يجب ان ترتكب الخطايا وها انت هنا بسبب خطيئة وبيدو انك ارتكبت خطيئة الحسد لذا انت في هذه
المقاطعة من عالم الخطايا
انجليسا اصابها الرعب مما رأت و بدأت تتراجع في خوف وقدماها ترتجفان، اصطدمت بشئ من الخلف لتلتفت بذعر لتقع عينيها على فتاة هي نفس شكلها و
لكن تبدو اكتر شحوبا و علامات الانهاك بادية على وجهها وتبدو اقبح منها لتنطق تلك الشاحبة "مرحبا بك في عالمك ، هذا هو مسكنك بعد ان اصبحت
حاسدة وانا شكلك بعد ان ينتهي منك الحسد، فانت تعلمين ان الحسد يقتل صاحبه و بعدها تتلاشين ان لم تتوبي و لاتعودي اليها "
شعرت انجليسا بخوف اكبر و بدات تبكي بكاء مريرا وهي تقول "لن احسد احدا مرة اخرى، سأقبل بما عندي و لن اكره الاخرين لانهم يملكون ما لا املك
هذا كله بسبب انى غرت من اسكويك ولم اشعر بالرضا لان والداه يدللانه و انا لا
انا اسفة لن اعود للخطيئة مرة اخرى "
عندها تكلم مشطخ الوحش الذي يعاقب الخطاؤون: "جيد انك قد تبتي و لذلك سأسامحك هذه المرة بشرط الا تعودي مرة اخرى للخطيئة"
اختفى واختفى معه اثار المكان البشع ليرجع مرة اخرى كل شئ جميلا و في لمح البصر وجدت نفسها حيث تم سحبها مسبقا، ووجدت اسكويك واقفا بقلق،
عندما رآها ركض ناحيتها عانقها و قال " هل انت بخير لقد خفت عليك جدا "
انجليسا ردت قائلة "انا اسفة يا اسكويك لقد شعرت بالغيرة منك و الحسد كاد ان يتغلغل الى داخلي، اانا حقا اسفة و انا نادمة على ذلك "
اسكويك لا عليك ابدا لكن لا تعيديها، على الشخص الا يحسد الاخرين على ما يملكون من مزايا "
وعدته انجليسا الا تعود لمثلها وذهبا ليلعبا مجددا في التل..."
انتهت الام من الحكاية
لتقل كيارا
اذن يا امي كان علي الا أؤذي اخي اليوم ، لقد حسدته لانك تهتمين به اكثر مني لكنه صغير و بحاجة لاهتمامك وانا ايضا سافعل ذلك
مسحت الأم علي رأس بنتها و طبعت قبلة على خدها، غطتها بلحافها خرجت من الغرفة لتغط كيارا في نوم عميق بعد ذلك .