03-20-2017, 01:48 PM
|
|
هذا هوَ اليومُ الثَّاني على رحيلكِ ... لم يكْسِرني غِيابُكِ كمَا توقَّعْتِ ... فالمكسُور لا بدَّ أن يتنَاثرَ قِطعا ً وها انا قِطعَة واحِدة !
مررتُ برسائِلكِ منذُ قليلٍ فلم يسقُط مني شَيءٌ باعتبارِِ أنَّ الدموعَ ليست شيئاً يستحقُ أن يُذكرَ في رسالةٍ يفترضُ أن تكونَ مفعمةً بالكبرياء !
أعددتُ لنفسي فنجانَ قهوةٍ واستمتعتُ بِه حتى القَطرةِ الأخِيرةِ ولمَّا انتيهتُ تذكَّرتُ بأني نسِيتُ أن أُضيفَ سُكَّراً وأني شَربتُ القهوةَ على مزاجِك ولكني لم انكسِرْ بَعد !
تذكَّرتُ أنَّكِ كُنتِ تحملينَ دفتري آخِرَ مَرة ... كالمجنونِ بحثتُ عنه ... مرَّرتُ أصابِعي فوقَ آثار أصَابِعك ... مِراراً فعلتُهَا كنتُ أروحُ وأجيءُ إلى أن نقلتُ بصَماتِكِ إلى أنامِلي فهل هذا دَليلٌ على أنِّي انكسرتُ ؟!
لا أنا لمْ أنكَسِر بعد !
كُوبكِ الذي شَهِدَ طقوسَ وداعِنا لم أغسِلهُ بعد لأنَّي أردتُ شَاهداً يقنعُ الناسَ بموتي ! فكَّرت أن أتحامَقَ وأشربَ بِه ... كمَا تعرفينَ أنا أفعلُ كلَّ حماقةٍ أُفكِّر بها وهكذا كَان ! ... كانَ أطيبَ شرابِ وردٍ تناولتُه في حياتي ... تلذذت به ... ولما فرغتُ تذكَّرت بأنَّه لم يكن سِوى كوبَ ماءٍ باركَتْهُ شَفتاكِ ! ولكني لم انكسر بعد !
حَاولتُ أن أكتُبَ لكِ رسالةً فكتبتُ عَشْراً ومزَّقتُها ... كلُّها كانت تبدأُ بجملةٍ واحِدة ... كم اشتقتُ اليكِ !
تمدَّدتُ فوقَ سَريري وبدأتُ أُردِدُ كلَّ كلمةٍ قلتِها لي ! أتذكرينَ ذاتَ مسَاءٍ لمَّا قلتِ : حدِّق في عينيَّ تتخلصُ من تَعبِكَ !؟
كَم كنتُ غَبياً حين صَدقتُكِ وفعلت !
مُتعبٌ أنا هذا المسَاءَ بدونِك فهل تسمحينَ لي بنظرةٍ أخيرة ؟ ... لا علاقَة لهذا الرَّجاء بقصَّةِ انكِساري فأنا ما زِلتُ واقفاً على قدميَّ وقانونُ الانكِسَار يقولُ : الواقِفُ على قدميهِ لم ينكَسِر بعد !
كنتُ أُغمضُ عينَيَّ فأراكِ كما كنتِ هُنا آخر مرَّة ! ... امرأةٌ أنيقَةٌ على شَكل ِقصيدة ... وكنتُ أحفظُ مفرداتِكِ ... كَلمةً كَلمةً أحفظُكِ ... ألفُ باءِ الكحلِ في عينيك ِ أحفظُه ... ياءُ النداءِ من أعماقِ روحي لرمشٍ كلما رفَّ نزفتُ لصَدى رفَّتِه ...
فتحتُ عَينيَّ لأن لعبة ( الغميضَةِ ) هذه لم تسَاعدني بقدرِ ما فضَحتْ جوعي اليكِ ... هل في هذا الجوعِ انكسارٌ ؟! لا انا لم انكَسر بعد !
فَزَعْتُ من طَيفكِ الى دفترِ مِسودَّتي ... ولكنني ككلِ مرَّة أتحَامَقُ وأكتبُ عنكِ ...
أموتُ اشتياقاً
أموتُ احتراقاً
وذَبحاً أموتُ ... وشَنقاً أموت
ولكني لا أقولُ مضى حبُنا وانقضى
حبُنا أبداً لا يموت
بسرعةٍ مَحوتُ ما اقترفت يداي ... لعلّكِ عرفتِ الآن لماذا أكتبُ بقلمِ رَصَاص !
أتذكرين يوم قلتُ لكِ إنَّ كل امرأة قبلكِ غياب؟ يومها ابتسمتِ ابتسامتكِ الشريرة وقلتِ لي وكل امرأة بعدي غِيابٌ ... أكنتِ تعرفينَ وقتَها بأنِي سَأصِل إلى هذا الحدِّ من الجنونِ بكِ ...
كيف لم أقرأ في ابتسامتكِ تلكَ حروفَ نعوَتي ؟!
أتُراني متُّ؟ .. أنا ما زلتُ أتنفسُ ... وقلبي ينبضُ تفَقدتُه منذُ دَقيقة ... كلُّ ما حَدثَ أنَّ أيَامي بعدَكِ صَارت بلونٍ واحدٍ بعدَ غيابِكِ ... سوداءَ ... حتى حزني أسوَدٌ كلونِ عينيكِ !
غَريبٌ أني ما زلتُ أكتُبُ إليكِ وعنكِ ... أيُّ بَريدٍ مَجنونٍ سَيحملُ كلماتِي إليكِ ؟
حَنيني إليكِ اغترابٌ ولُقياكِ منفى !
وقَلبيَ قَصيدَةٌ كَتبتُها ذاتَ حَنينٍ ... رَميتُ الشَّوقَ على أبيَاتِها وَلمْ أُخْفِ نَبضَاتٍ ما زالتْ عَالقةً في الدربِ إلى بيتِكِ ... في طريقٍ تَحفظُ إيقَاعَ خَطواتِي لكثرةِ ما مشيتُ إليكِ !
حتى حِينَ توصِدينَ البابَ كنتُ أسيرُ هُنا ... أقِفُ على عتَبةِ بابِكِ وأتَمنى لو أنًَّه لًمْ يكنْ موصَداً ... كنتُ أتمنى فقط ثم أعودُ كجَيشٍ مَهزومٍ ... على نفسِ الطريقِ التي تعرفُني وتعرفُ حَنيني اليكِ
غداً سآتي إليكِ ... لن أُكلمكِ ... لنْ أنظُرَ في عَينيكِ ... فقط سَأقرأ لكِ كلمات شَوقٍِ لعينيكِ لمْ اكتُبهَا بعد !
ولكنْ أخبرينِي أَلَمْ يصلكِ انكساري بعد ؟
أنا أَلفُ انكسرت !
|