الزهرة الثالثة والعشرون : أُسطورَةٌ مِنَ الماضي السَحيق
ازدرد الستة ريقهم و ركزوا على ما سيقوله العجوز تاليًا، تحولت ملامحُ العجوز من الجديةِ التامة إلى ودٍ و اطمئنان
العجوز : لكن لا مشكلة بعد الآن.. أعني، لقد ظهر الأبطالُ سريعًا لنجدتنا
فقال السبعةُ بتعجب و من ضمنهم لوكي : هاه ؟
فأردف العجوزُ بعفوية : هذا لأن الاسطورة تقول، أنّ بعد ظهور روحِ الغابة مباشرةً يظهر ستة أبطال من العالمِ الآخر أقوياء و لطفاء لإنقاذنا...
فسأل راين سريعًا : العالم الآخر ؟، أتعني عالمنا ؟، أليس هذا المكان فقط هو الجانب الآخر من عالمنا أم هو عالمٌ منفصل ؟
ثم حدّث ذاته : هذا العجوز به أمرٌ خاطئ.. هذه ليست قرية الزهور، يستحيل أن يعرف عن العوالمِ شيئًا !، إن كان عاديًا على الأقل...
فارتبك العجوز قائلًا : أحقًا ؟، تعرف أني رجل مسن لذا قد يكون كلامي غير منظم أحيانا..
فعاود راين الحديث إلى ذاته : كما توقعت... هناك خطبٌ ما..
ارتخت أجفن السبعة ليجتمعوا معًا متناقشين بهمس فيما بينهم
روبي : ماذا سنفعل الآن ؟...
هاري : لا أظن أن الأسطورة حقيقية... ألم يخلتق الأمر برمته فقط ؟
جوليا : إنه يود إقحامنا في الأمر... و لكنه يعجبني !، أ أقصد.. لا يمكننا تركهم هكذا...
روبي : ألستِ تودين أن تكوني في فلم رعبٍ فقط ؟
فقالت بياتريس بحزن : لكن لا يمكننا تركهم هكذا...
ليقول ماركوس بابتسامته المزهرةِ المعتادة : اهدأوا جميعًا، في مواقف كهذه دعوا القائد يقرر !
يلتفت نحو راين ليكمل : صحيح ؟، أيها الـ - قا - ئد ~
التفت الجميعُ نحو راين الذي يبادلهم النظرات بارتباك
فتمتم راين : أقسم أننا بعد الخروجِ من هذه القرية سأسلخ جلدك و أقدمه للرياحِ كأضحية !!
ثم حمحم بصوتٍ عالٍ بغرض أن يلتفت له أهل القرية
راين : أولًا... أود لو تحكي لنا الأسطورة بالحرفِ الواحد...
حدّث العجوز ذاته : يمكنني أن أعرف من عينيه، هذا الشاب حذرٌ جدًا، و بشكلٍ مزعج... سيكون التعامل معه صعبًا بحق !
ثم رسم ابتسامةً على وجهه ليردف بصوتٍ مسموع : لك ذلك
سادَ الصمتُ ثم اعتلت الجديةُ ملامح العجوز ليروي لهم
العجوز : في قديمِ قديمِ الزمان، مملكةٌ قوية وعريقة بملكٍ عظيم شيّدت على الجانبِ الآخر للعالم... ملكها يملك حكمةً لا متناهية و قوةً جبارة حكم بها مملكته بعدلٍ و إنصاف، لكن التكبر قد عرف طريقه إلى قلبِ و عقلِ الملك، فقام بتمجيد قوته و عظمته حتى ضلّ الطريق، الملك الذي كان عادلًا ذات يوم غَدَا طاغية، عاش شعبه بخوفٍ و تشرد يزداد يومًا بعد يوم، خرجَ تكبر الملك و غروره على السيطرة حتى أمر رجاله إيتائه بالخلود و دسّه بين يديه، أتى يوم ذاق الشعب به ذرعًا فاستأجروا للتخلصِ منه ست سحرة من البشر، وقرروا دحر ملكهم وغروره إلى الأبد... وافق السحرة على مطالبِ الشعب ودمروا تلك المملكة مغرقين إياها بين أمواجِ المحيط جنبًا إلى جنب مع من حكم على عرشها و أتباعه المستميتين في سبيل رضاه، أما شعب المملكة فقد أُرسلَ إلى هذا الجانب من العالم ليبدأ حياةً جديدة تحت شرطٍ واحد، وهو التعلم من أخطاء ملكهم و عدم الوقوع فيها... و بعد ثمانية أجيال من تأسيسِ القرية... جاءت إحدى هؤلاء السحرة متنكرةً بزي عجوزٍ تائهة في الغابة وقد قصدت القرية بغية الطعامِ والماء، وبالفعل أواها أهل القرية وأبدعوا بحسنِ ضيافتها، فلم يقتصر الأمر على الطعامِ والماء، بل الحفلات والمأوى والخدمة التامة لها !، وحينها عرفوا أنها تحمل ماءً يمنحُ الخلود لمرتشفه كاملًا !، غدروها بسحرِ الحياة و النبات الخاص بهم مبتغين تحويلها إلى شجرة تيبست حتى النخاع، لكن الساحرة العظيمة لم تقع في المكيدة فهي كانت تنتظر منهم أن يقوموا بخطوتهم !، ثم قالت الآتي " قطعتم عهدًا ليس عليّ فقط إنما على أنفسكم !، أن لا تسيروا على دربِ الطاغية الذي فرض حكمه عليكم، لكن ها أنتم تبتغون ما دمر مملكتكم و قادها إلى الهلاك، فلتلعنكم لعنتي يا قوم ملككم، و سيأتي يومٌ حين تمسون أشجارًا عفا عنها الزمن !"
سكت العجوزُ قليلًا ليردف : لكن تقول الأسطورة أنه في الوقتِ المناسب، سيظهر ستة سحرة من الجانبِ الآخر من العالم لإنقاذنا من هذه اللعنة !
فتنهدّ راين قائلًا : إذًا فأنتم من جلبها لأنفسكم...
صمت العجوز موافقًا لكلامِ راين فأردف : مع ذلك كان هذا من فعلِ أسلافكم !، و لا ذنب لمن يقع ضحية أعمالهم التي عفا عنها الزمن !، و لمَ لا ؟ سأقوم بمساعدتكم !،
التفت الستة إلى راين محدقين به بدهشة ليردف مرةً أخرى : و هذا قراري وحدي.. إن لم يكن بودكم المساعدة فغادروا بدوني..
لكن لم ينهض أحد أو يتحرك لبضعِ ثانية فسال راين : أهذا قراركم الأخير ؟، لستم ملزمين بإتباع قراراتي..
بياتريس : لا يمكنني تركهم...
بينما بررت روبي بنبرةٍ مرتجفة و صوتٍ عالٍ : لـ ليس و كأنني هنا من أجلك !، لا يمكنني ترك بيا تشان وحدها فقط !
جوليا : يستحيل أن اترك فرصةً كهذه لتفر من بين يدي !
هاري : لقد أنقذت حياتي !، و قررت أن أتبعك حتى النهاية !
لوكي : أود القول أني هنا من أجلك لكن أنا هنا من أجل بيارين
ماركوس : لا أود المبيت في أطرافِ القرية وحدي ~~
ذهل العجوز لموقفهم فحدّث ذاته : هوووه، يا لها من شجاعةٍ فريدة التي يملكون... أتساءل إلى أي مدى ستصمدون يا ترى... و الآن، نضغط الوتر الحساس
العجوز : لقد أدلى الجميع بدوافعهم فماذا عنكَ ؟، أيها القائد الشاب...
فمس راين بنبرةٍ باردة كما الحال من نظراتِ عينيه : لا تسئ فهمي.. أنا هنا لأنني لا أود أن أشعر بالندمِ فقط...
الجوز : هوووه، أحدث أمر ما في الماضي ؟، دافعٌ يقول أنّ لك تجربة سيئةً بالفعل...
تحولت نظرات راين إلى الجدية ليحدث نفسه منزعجًا : هذا العجوز فطن !، إنه مزعجٌ للغاية !، عليّ توخي الحذر و إلا اكتشفَ خيطًا يدله إلى الأمر...
نهض العجوز من كرسيه ليستند على عصاه : و الآن، لا بد و أنكم متعبون أيها الأبطال !، ما رأيكم بأخذ قسطٍ من الراحة ؟، سيكون غدكم حافلًا بعد كل شيء !