عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 05-02-2017, 12:59 AM
 
(عطله ممتعه)
مع غياب ذلك القرص المضيء خلف الافق وقفت تلك الفتاة بوجهها الشاحب وجسدها المتعب تراقب ما انجزت يداها خلال هذا اليوم.
انها هنا منذ يومين تقريبا ، لقد التقت السيد هاري وكان عكس ما تخيلته تماما فقد تخيلت سيدا صلبا يلائم تلك الادغال لكن ما وجدته هو عجوز كبير في السن غزا الشيب رأسه وقد كان لطيفا جدا معها وعرفها الى وظيفتها كما قام بتاكيد اسوا كوابيسها وهو ان ذلك المتوحش - كما سمته- سيكون المسؤول عنها خلال فترة وجودها هنا، والسبب كما يقول انه يجيد لغتها فاذا ما صعب عليها قول الكلام بلهجتهم المحلية فما عليها سوى اخبار المتوحش الذي سيقوم بترجمة ما تقوله ،كما تعرفت الى صوفيا الفتاة الصهباء ذات الوجه المستدير الجميل والعينان والسوداوان الواسعتان والبشرة البرونزية التي تحسد عليها، لقد كانت فتاة لطيفة واسدت اليها بعض النصائح التي تتعلق بجو المنطقة وبالملابس التي يستحسن ان ترتديها كما قدمت لها سريرا تنام عليه في ليلتها الاولى اذ كان عليها لتثبت نجاحها وقدرتها على تحمل المسؤولية ان تقوم بترتيب احدى المباني التي راتها منتشرة على طول الطريق لتقوم بسكنها ، لقد قال لها اندريس يومها:

_ سيكون عليك ان تعملي لتعيشي ،فانت الان لست في لندن ونقود والدك لن تفيدك ،سيكون عليك ان تنظفي هذا البيت وتعيدي ترتيب اثاثه ولكن اياك ثم اياك ان ترفعي شيئا ثقيلا ،فهمت؟؟

ردت عليه بسخرية:
_ لم ؟ هل انت مهتم بي ؟
_لا ،وانما اخاف ان تقوديني الى المحكمة بحجة كسر احد اظافرك!
كانت تلك الاجابة الساخرة كافية لتثير سخط دايزي وتقوم بحمل أول ما يقع عينها عليه وترميه بها .


_أفيقي ،أيتها الاميرة الحالمة فلن ياتي اميرك لينقذك
افاقت على ذلك الصوت انه صوت المتوحش ،تظاهرت بانها لم تهتم في حين انها كانت تنحني لالتقاط دلو الماء الذي حملته واستدارت به بسرعة وافرغت محتوياته على راس اندريس الذي ابتل بالكامل بتلك المياه القذرة ذات اللون البني .
نظر ناحيتها وعيناه تقدحان شررا ،ظنت لفترة انه سيهجم عليها كنمر ينقض على فريسته بسبب ما فعلته ،فهي لم تتوقف عن ازعاجه مذ وصلت كما انه لم يتوقف عن ازعاجها والسخرية منها ، لكن جل ما فعله هو ان استدار على عقبيه وغادر بدون اي كلمة ،الا ان صوت صفق الباب خلفه كان كافيا لجعلها تقدر كم غضبه ،لكنها لم تابه لذلك وانما انفجرت ضاحكة ما ادى لاندفاع الدم الى وجنتيها اللتان صبغتا على الفور باللون الوردي اللطيف.




تبا لتلك الفتاة هل عليه ان يعاني منها بقية عطلته ،لقد اتى الى هنا على امل الاسترخاء لا لمطاردة تلك المدللة وتعليمها كيف تعتمد على نفسها ،لقد قال له السيد هاري قبل مجيئها :
_ انها فتاة لطيفة ومهذبة واظنك ستحب رفقتها

_لم اعد اعتقد ذلك
صرح بهذه العبارة بعد ان انتهى من اخذ حمامه الذي اضطرته الانسة المدللة الى اخذه بعدما سكبت المياه التي نظفت بها الارض على راسه .

تلك الفتاة! لم يمض على وجودها هنا سوى يومين وقد اشاعت الفوضى في حياته المنظمة،في اول يوم لها قللت من شانه ،والبارحة وصفته بالمتوحش لانه طلب منها ان تقوم باعمال التنظيف وحدها ودون مساعدة ،واليوم ها هي تسكب تلك القذارة على راسه، الا تعرف مع من تتعامل؟

اوه، بالتاكيد لا تعلم ! كيف لها ان تعلم انه وريث عائلة سوفاكيس ،اكثر عائلات اليونان شهرة بصناعة اليخوت الفخمة والتجارة بها ؟

نظر الى المرآة وهو يجفف شعره وابتسم بخبث وهو يفكر فيما ستكون عليه ردة فعلها ان اكتشفت انه ينسب لاشهر عائلات انجلترا.
هز راسه باسى وهو يفكر بان عودته الى لندن شبه مستحيلة فعائلته الحقيقية لا تعترف به ،ولذلك فقد اضطر الى حمل لقب اسرة امه التي ربته واعتنت به وعلمته صنعتها منذ نعومة اظافره ،ليكون خليفة لها ويحمل اعباءها.

لقد جاء الى هنا لينسى مشاكله قليلا ، لكن يبدو ان هذه الفتاة ستضيف مشكلة جديدة الى مشاكل حياته
تنهد بتعب واستدار الى سريره الفخم وسحب الغطاء المذهب ثم اندس في سريره يفكر في انه ربما استحق ذلك الدلو ،فقد كانت جيدة في ادائها ، اما هو فقد كان لا يفعل شيئا سوى السخرية منها ومراقبتها وهي تكنس وتمسح وتنظف , بالنسبة الى فتاة مدللة فهي جيدة لا بل ممتازة في مثل هذه الاعمال !!!





استيقظت دايزي على ضوء اشعة الشمس التي تسللت الى عينيها الناعستن تنبئها بان وقت الراحة قد انتهى وان عليها ان تعود للعمل الذي فرض عليها،نهضت من سريرها بتثاقل واتجهت الى الحمام غسلت وجهها جيدا ثم جففته من ثم ارتدت قميصا قطنيا قصير الكمين بلون عينيها الفيروزي كما ارتدت بنطالا واسعا باللون الابيض مع انها كانت واثقة تماما من انه لن يبقى بهذا اللون الا انها خاطرت بالمحاولة.
خرجت تشق طريقها متجهة الى المنزل الذي اختارته ليكون بيتها لثلاثة اشهر ،لم تكن منتبهة الى خطواتها فقد كانت سارحة بخيالها تتصور ما سيكون عليه منزلها بعد ان تنتهي من ترتيبه فاصطدمت باندريس الذي كان بحالة تشبه حالتها ،ارتدت الى الخلف وكادت تسقط بينما لم يتاثر هو بذلك الاصطدام نظرت الى اعلى لترى من هو الشخص الذي اصطدمت به ،تطلعت اليه بريبة كانها ليست متاكدة مما تراه واخذت تحك راسها بغباء فنظر لها بسخرية وسالها:
_ ماذا تناولت هذا الصباح ايتها الفارة ؟ انا لم انفذ خطتي بوضع سم الفئران في وجبتك بعد!!
_في الحقيقة انا من عليه ان يسال هذا السؤال!
نظرت اليه بسخرية وهي تجيل بنظرها عليه من اعلى الى اسفل بتدقيق شامل ،ثم تابعت :
_اي شخص اخرق كان ليرى انك ترتدي قميصا ازراره مغلقة بطريقة خاطئة وسيلاحظ ايضا انك ترتدي بنطالك بالمقلوب

نظر الى نفسه بارتاب كانه يشك في ما قالته الا ان ما قالته كان صحيحا مئة بالمئة شتم بصوت مرتفع باليونانية ،فلاحظ احمرار وجهها الذي سرعان ما اشاحت به ،نظر اليها يسالها عن سبب ذلك فاجابته باليونانية :
_ لا يجب عليك قول هذا امام اي كان انها مسبة شنيعة
_وما ادراني بانك تجيدين اليونانية؟
_من الان فصاعدا عليك ان تحذرمن كل ما تقوله سواء كان بالانكليزية ،الاسترالية ،اليونانية ،الفرنسية او حتى الاسبانية
_ وهل حقا تجيدين كل تلك اللغات؟
سالها بتحد
فردت عليه ببرود:
_ صدق او لا تصدق حتى الجميلات يمكنهن ان يكن مثقفات
رد عليها بازدراء :
_ جميلة؟ يا للفتيات ،مغرورات ومتكبرات ومدللات ،صدقيني يا انسة ان كانت كل الفتيات مثلك فهذا يعني ان الجنس البشري سينقرض .
_ ماذا؟
_ لا يوجد رجل على هذه الارض يمكنه ان يتحمل هذا الغرور الذي ينضح منك
ضاقت ذرعا به فصرخت:
_ انت اكثر من رايت حقارة ، حتى انك اسوا من سيلفيا وصدقني عندما اقول ذلك فهذا يعني انك ***
والتفتت عنه وقالت بغضب :
_ المعذرة لقد تاخرت عن عملي ،واذا تاخرت اكثر اخاف بان يبقوني تحت رقابتك مدة اطول
اجابها بصوت اجش:
_صدقيني، ان الساعة التي سيحدث هذا فيها ستكون ساعة موتي
واستدار في الاتجاه الاخر ورحل

تبا لتلك الفتاة الغبية لقد كان يريد ان يعتذر لها ولكن يبدو انها لا تريد ذلك ، وانما تريد الحرب وان كانت هي تريد ذلك ،فهو لها وسيريها كيف تكون الحرب على اصولها ،انها مجرد طفلة وقد وقعت في مشكلة ولن تنجو من هذه المشكلة الا بمعجزة ، و سوف ترى !!!!!


تبا له انه لا يكترث لشيء سوى لغروره وكبريائه يظن الناس لعبة بين يديه لقد قامت هذه العداوة بينهما ولم يمض على وجودها هنا سوى ثلاثة ايام ،يا الله كيف ستمضي الثلاثة اشهر الباقية برفقته لا بد ان احدهما سيقتل الاخر ،او انهما سيفجران المخيم بمن فيه .
رفعت شعرها الطويل الى الاعلى بشريطة ملونة ورفعت بنطالها وسكبت دلو الماء على الارض وشرعت تنظف الطابق السفلي الذي لم تنهه البارحة ، منزلها مكون من طابقين الاول فيه المطبخ وحمام وغرفة الجلوس ولكن بدون تلفاز طبعا!!
والطابق العلوي يحتوي على غرفتي نوم وحمام وغرفة بابها مغلق لم تستطع فتحه ولم تجد له مفتاحا، ارادت ان تسال اندريس عنه لكن بعدما حدث قبل قليل فانها تشك بان يرغب بمحادثتها ،على اي حال فانها ايضا لا ترغب بمحادثته.
انتهت من مسح الارضية التي – وبعد جهد جهيد – برز لونها السكري ذي المشحات المذهبة وتساءلت في سرها ان كان المخيم في ما مضى مركزا لاستجمام الرؤساء والقادة والملوك ،فكل ما في هذا المنزل الصغير يدل على ذلك بدأ بالبلاط المذهب فالجدران ذات النقوش الجميلة فالمصابيح المزينة بالكريستال وانتهاء بالحمام الفخم المجهز بكل ما يلزم الانسان للاسترخاء والراحة .
نظرت الى المطبخ بحالته المزرية وهي تتمنى ان لا تنهار قواها وهي تقوم بكل تلك الاعمال ، نظرت الى البرميل –الذي تكرم عليها اندريس به وعبأه بالماء حتى توفر الوقت بدلا من الذهاب الى الجدول – فرات ان ما كان فيه من ماء قد نفد ،فتنهدت بتعب وحملت دلوين فارغين واحضرت عصا وجدتها قريبة منها ،انها لن تستطيع طلب مساعدة ذلك المتوحش فكبرياؤها لا تسمح لها بذلك .

عبات الدلوين بالماء واسندتهما الى العصا ومن ثم حملت العصا على كتفيها وسارت تترنح تحت وطأة ثقل الدلوين ،كانت تسير بصعوبة ولم تكن منتبهة الى ذلك الحجر الصغير والذي بسببه زلت قدمها وكادت تسقط على الارض ،الا ان ذراعين قويتين احاطتا بها و رفعتاها من قبل ان تصل الى الارض، غير ان الدلوين وقعا وبللاها ومن رفعها .
كانت في حالة صدمة وعندما فتحت عينيها ورفعت راسها لتشكر منقذها قابلتها عينان زرقاوان قلقتان ، هذا القلق !! في الحقيقة لقد ظنت بانه لا يشعر ابدا ،ولكنها كانت مخطئة!!
لقد كان بامكانه تركها تقع ولكنه لم يفعل ، اما الحقيقة المرة فهي انها اصبحت الآن تدين له باعتذار وشكر.

ابتعدت عنه ورفعت راسها لتقابل عيناه وهمست بخجل :
_ شكرا
بدا لاول وهلة دهشا لكنه سرعان ما ابتسم بسخرية واجاب:
_العفو

واستدار راحلا ،غير انها قالت من خلفه :
_انا آسفة

توقف، وادار راسه وسالها:
_على ماذا؟؟
_على دلو الماء !!
_اوووه ،ذاك اممممم اسمعي انا ايضا آسف فقد كنت جيدة خلال هذه الايام ،لكن لا تحاولي فعل ما قمت به مرة اخرى ،سمعت؟؟
ردت بخجل واستحياء:
_آسفة، لن اعيدها ثانية !!
_مع انني اشك في هذا الا انه لا باس بذلك

وتابع سيره الى الامام ،لكنه تذكر شيئا ما ،فاستدار مرة اخرى وقال:
_بالمناسبة ،شكرا لك!!!

نظرت له بدهشة وقالت:
_علام ؟؟؟؟؟
_على ثاني حمام لي هذا اليوم

ومشى مبتعدا وهو متاكد من ان هذه العطلة ستكون حقا ممتعة ،وانها لن تخلو من شجاراتهما بالتاكيد
__________________
]ما أجمل أن تبقى القلوب على العهد و الوعد
حتى و إن ... طالت المسافات
و إن غابوا الأحبه ... فلهم فى الخيال لقاء?? !؟
رد مع اقتباس