عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 05-02-2017, 01:07 AM
 
البارت الرابع بعنوان (قادمه يا صديقتي )

حدقت باشراق تنظر الى المحيط الواسع الممتد امامها ،حولت نظرها الى اليمين لترى بعض الاكواخ المسقوفة بالقش ومن ثم التفت الى الشمال تلقي نظراتها على الوجوه البريئة التي أخذت تطالعها باستفهام .
عندما جاء أندريس صباحا لاصطحابها اعتذر منها على ما فعله معلنا أنه آسف ان كان قد أخطأ في حقها لكن مزاجها كان جيدا فلم تشأ أن تجادله وانما قالت له بفرح:
_لا بأس
نظر اليها نظرة تنم عن الغباء ،فانطلقت بالضحك وهي تقول:
_هذا الوجه لا يليق بك ،لا تمثل دور الغبي
فما كان منه الا أن ابتسم وقال:
_فليكن الله في عوني
_وفي عوني أنا أيضا
قالت هذا وصوت ضحكاتها لا زال يتردد في الانحاء
_حسنا حسنا أنا أعترف بانني لست فتاة طبيعية وان كان هذا مشفى للمجانين
قالت هذا وهي ترى علامات الاستغراب جلية على وجهه
فقاطعها بسخريته المعتادة:
_فهذا هو المكان المخصص لك
_حسنا لن أجادلك فانا في مزاج جيد اليوم
تشدقت بهذا ثم أخذت تسير أمامه كطفلة صغيرة نالت علامة كاملة في امتحانها وقد كافأها والدها بهدية صغيرة، لكن حتى طفولة دايزي كانت أبعد ما يكون عن هذا بعد موت والدتها .

سار أندريس أمامها ومن ثم توقف أمام الاطفال الصغار الذين رحبوا به بحرارة حيث تهافتوا عليه كل يريد منه أن يحمله ،رفع أندريس بين يديه طفلة صغيرة تقارب الثامنة بالغة الجمال ذات شعر أسود حالك كلون شعره والغريب أنها تمتلك لون العينين ذاته ،راحت الطفلة تتأمل دايزي بتلك النظرات المتفحصة ،نفس النظرات التي واجهها بها أندريس فور وصولها لهذا المكان ،أيعقل أن تكون هذه الطفلة شقيقته أو ربما ابنته ،واقشعر جسدها لهذا التفكير فأندريس واحد يكفي حياتها وأشباهه بالتاكيد لن يكونوا أفضل منه .


دخان .... الوان غريبة ....... باقة ورود حمراء ظهرت من العدم........ ومن ثم شاب أشقر الشعر خرج من خلف الدخان ما أرعب دايزي وجعلها تصرخ بأعلى صوتها ، وتهرب لتختبئ خلف أندريس الذي بدت السخرية جلية على وجهه .
_قلت لك أنك ستخيفها،ألم أفعل؟؟
ارتفع هذا الصوت من مكان ما في الانحاء لكن دايزي لم تعرفه وانما استمرت تراقب بحذر وهي لا تزال مختبئة خلف أندريس
_آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآسف ،ما أدراني أنها ستكون مثلك تهتم بالموضة وأحدث صرعاتها ،كنت أظنها جاءت لتسعدنا لا لتزعجنا بصراخها
خرجت هذه الكلمات من الفم الشاب ذي الشعر الاشقر الذي كان ينفض شعره مما علق به من ذلك الدخان ،نظر نحو دايزي بسخرية ما جعلها تعتقد أن سكان هذه المنطقة مشهورون بالتهكم والسخرية والاستفزاز ، ثم أعاد نظره الى الفتاة التي صرخت عليه منذ قليل وتابع:
_صوتها عال ، عندما نذهب لمسابقة الشخص الاكثر ازعاجا ذكريني أن نأخذها معنا فلربما تعبت من الصراخ ووضعناها بدلا عنك

افلتت دايزي ذراع أندريس واعتلى الغضب قسمات وجهها وهي تسير باتجاه الشاب الذي بانت امارات الخوف على وجهه ،رفعت كميها الى المرفقين وأبعدت خصلات شعرها الى الخلف وأخذت تجهز قبضتيها استعدادا للهجوم .
وقف الشاب المسكين ينظر لها بخوف شديد وهو يبتلع ريقه ينتظر مصيره المحتوم وهو تلقي ضربة قاضية كتلك التي اعتاد تلقيها من شقيقته ،وقفت دايزي أمامه ورفعت رأسها لتقابل عينيه ،لاحظ شرارات النار المتطايرة من عينيها فتراجع قليلا الى الخلف غير أن دايزي لم تفعل شيئا سوى أن سحبت نفسا عميقا جدا جدا جدا ومن ثم صرخت بأعلى ما يمكنها ،وبعد أن انتهت قالت للشاب الذي وضع اصبعيه في أذنيه وهي تسير مبتعدة عنه:
_هذا ما يسمى صراخا وليس ذاك

أرادت أن تتجاوز أندريس وتكمل طريقها الى الأمام غير أنه أمسك بمرفقها فاستدارت بشكل لا ارادي ووقفت بجانبه ،رفع اصبعه وأشار الى الفتى ذي الشعر الاشقر وقال :
_دايزي أعرفك بنيكول الشاب الذي حدثتك عنه ،هو أيضا سيكون مسؤلا عنك
ثم أشار باصبعه نحو الفتاة التي تراقب المشهد من بعيد وقال:
_وهذه ساندرا انها شقيقة نيكول انها من محبات الموضة أو كما أسميها الفوضى ،وأظنك ستكونين مسرورة بالتسوق معها
شدت يدها من يده واستدارت تنظر اليه بحدة وتقول :
_أتعلم أنت أكثر الناس ازعاجا على هذا الكوكب لقد ابتدأ يومي سعيدا وكنت أريد أن أنهيه هكذا ولكن هذا
وأشارت الى نيكول ،ومن ثم تابعت :
_الا يكفيني أنت وحدك ،جئتني بمهرج ينغص علي عيشي
_هاي هاي هاي ،هذا عيب يا آنسة
قاطعها الشاب ذو الشعر الاشقر والبشرة السمراء وهو يقف بينها وبين أندريس ،نظر اليها وقال بابتسامة :
_أنا آسف لم أكن أقصد أن أزعجك وانما أردت أن أزعج شقيقتي
قال هذا وهو يشير الى الفتاة التي انشغلت باللعب مع الاطفال الصغار ،أعاد نظره اليها وتابع :
_أنا حقا شخص طيب وهذا ليس مديحا بامكانك أن تسألي صوفيا عني وهي ستخبرك
ثم قال وهو يتصنع البكاء:
_أنا لا أشبه هذا المتوحش ،انه بلا قلب هل تصدقين لقد قام بضربي مرارا ومرارا بدون اي سبب؟؟
نظر اليها بعينين بريئتين كأنه يألها أن تصدقه ، فضحكت بمرح وقالت :
_أنت فعلا لا تشبهه فكما يبدو لي أنت شخص مرح
استقام وعلامات السرور بادية على وجهه ومد يده مصافحا :
_أدعى نيكول بروس
وضعت كفها في كفه وأجابت باسمة :
_وأنا أدعى دايزي بريسكوت ،تشرفت بمعرفتك
_أعرفك بشقيقتي عاشقة الموضة
قال هذا وهو يشير الى شقيقته التي اقترب تحييها
_أدعى ساندرا بروس تشرفت بمعرفتك
قالتها ساندرا وابتسامة لطيفة تلوح على شفتيها

نظرت دايزي الى الشقيقين ،انهما لا يشبهان بعضهما فنيكول له عينان واسعتان لوزيتا اللون، أشقر الشعر أسمر البشرة ،رغم أنه تناقض عجيب الا انه اضفى مسحة من السحر على وجهه أما ساندرا فهي ذات شعر كستنائي وعينان لوزيتان وبشرة برونزية لها طلعة بهية كطلعة أخيها .

_أنا حقا أخشى أن تكون حالة السرحان هذه خطيرة
ومن غيره يمكن أن يكون له هذه النبرة الساخرة والتعليقات العقيمة
_أخبرتك أنه في حال اكتشفت أن هذه الحالة خطيرة فلن تدفع شيئا من جيبك
ردت عليه بحدة لم تكن تقصدها ،فقال بهدوء:
_نسيت أن نقود والدك تستطيع أن تشتري لك الكوكب بأسره
_اذا كانت نقود والدي تستطسع أن تشتري العالم فنقود عائلتك تستطيع شراء الكون ،فعائلة سوفاكيس تشتهر بثرائها الفاحش وأنا لست غبية حتى لا ألاحظ أنك تمتلك كبرياءهم العنيدة و حبهم للسيطرة
أجابته بذلك بانفعال ،فكاد أن يثور كيف تجرؤ على أن تنعت عائلته بهذه الاوصاف ؟؟ من هو الذي أخبرها بذلك؟؟ لم يصرح باي من افكاره هذه وانما قال بهدوء مصطنع:
_ما دمت لست غبية ،فكيف لا تدركين أنك مزعجة في كل كلمة تنطقين بها ؟؟
كادت ان تجيبه بكلام لاذع من شأنه أن يوقفه عند حده ولكن ساندرا وقفت بينهما وهي تصرخ :
_كفــــــــــــــــــــى لقد اوجعتما رأسي
نظرت الى أندريس وقالت بهدوء:
_توقف عن هذا فأنت المسؤول هنا ثم يفترض أن تكون قد تجاوزت المراهقة منذ زمن بعيد
ثم التفتت الى دايزي وعلى وجهها ابتسامة حلوة وقالت:
_وأنت أيضا ،آه بالمناسبة كم عمرك؟؟
استرخت دايزي لطريقة ساندرا اللطيفة في الكلام وردت :
_22 سنة
_راااااااائع أنا وأنت من نفس السن سنكون ثنائيا رائعا

_أيتها الخائنتان كيف تتركانني وحدي ولا تخبراني بالذي تفعلانه؟
التفتت ساندرا الى مصدر الصوت وابتهجت لرؤية صوفيا التي وقفت تستمع لحديثهما .
ألقت صوفيا ابتسامة مرحة الى دايزي ،وقالت :
_اذا كنتما تقبلان انضمامي اليكما فسنصبح ثلاثيا رائعا ،ما رأيكن؟؟
_رااااااااااااااااااااااائع
هتفت الفتاتان بفرح معا،فقال نيكول بخيبة وخوف :
_يا الهي ثلاث متوحشات على بريئين اثنين هذا ليس عدلا
_كن رجلا
قال أندريس ذلك وعيناه تلتمعان بالتسلية :
_ستكون عطلة رائعة بكل ما للكلمة من معنى
_اذا كنت تقصد أننا سنموت فأنت على حق
أحاط أندريس عنق نيكول بذراعه ،وهتف بمرح جعل عينيه تلمعان بسحر مؤثر:
_لا، أقصد أنها ستكون ممتعة لأنني وجدت شخصا غيرك أعذبه وأصب عليه جام غضبي
_مسكينة دايزي ،انها لا تستحق ذلك
نظرت دايزي الى أندريس ونيكول كأنها شعرت بما يقولانه فلاحظت وجه الاخير وعلامات الشك بادية على وجهه بينما الاول التفت اليها كأنما أدرك تنصتها اليهما وابتسم ابتسامة غريبة جعلت عمودها الفقري يرتعش بصورة لا ارادية .




في مطار انجلترا وقفت تلك الفتاة ذات الشعر البني المموج تنتظر موعد رحلتها ،كانت تنظر يمنة ويسرة علها تجده لقد وعدها بأنه سيذهب معها وبأنه سيستمع لدايزي ، لم تلمح له أثرا حاولت الاتصال به على هاتفه النقال ولكنها وجدته مغلقا ،قررت أن تستفيد من الوقت الباقي لها قبل وصول موعد رحلتها بالقراءة فاتجهت الى متجر المطار واشترت صحيفة تتسلى بها ،تمتاز (ميديا) صدبقة دايزي بأنها فتاة هادئة وعقلانية بعكس دايزي التي يمكن وصفها بأنها متهورة نوعا ما ،لطالما قامت ميديا بمساعدة دايزي والعكس صحيح ،انها الصديقة الوحيدة لدايزي والتي تأتمنها على أسرارها ،طموحاتها وحتى نظرتها لحياتها فدايزي تعتبر حياة البذخ التي تعيشها حياة مملة حيث كل شيء متوافر ، صحيح أن والد دايزي وأجدادها تعبوا في بناء هذه الشركات ولكنها تريد أن تعمل فيها الأمر الذي يرفضه والدها فهي بنظره يجب أن تكون سيدة راقية من سيدات المجتمع المخملي الذي دخلته أسرتها منذ القرون الوسطى حيث تم تصنيفهم كأصدقاء شرف للعائلة المالكة .
لفت نظر ميديا خبر منشور في الصحيفة عنوانه { الرئيس الشاب لشركات النقل البحري السيد سوفاكيس سيلقتي ولأول مرة جلالة الملك ،لتباحث بعض الأمور التي عدت سرية وذلك خلال الشهر الجاري } ،تحدث المقال عن العلاقات القائمة بين هذه العائلة وسلالة الملوك الذين تعاقبوا على حكم انجلترا وقد اختتم بالقول { ان أحدا لا يعلم ما هية الزيارة ولا سببها}

__________________
]ما أجمل أن تبقى القلوب على العهد و الوعد
حتى و إن ... طالت المسافات
و إن غابوا الأحبه ... فلهم فى الخيال لقاء?? !؟
رد مع اقتباس