عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 05-05-2017, 04:41 PM
 
البارت الثامن بعنوان الحب المفقود

نائمة بهدوء في أحضان سريرها الدافئ ، وتلك الأحلام اللطيفة التي تجسد لها الماضي المفقود ،وتتركها لتعيش الدور مرة أخرى ،تداعب ذهنها الرقيق، صوت طرقات قوية وصراخ عال أيقظاها من غفوتها ، ويبدو أنهما أخافا أحلامها البريئة التي سارعت للتلاشي لتهرب إلى ذهن آمن بعيدا عن هذه الفوضى وهذا الضجيج .
تقلبت بانزعاج ظاهر انعكس على ملامحها الرقيقة ،استمر الطرق يعلو ويعلو ،حتى وصل إلى درجة لم تستطع معها متابعة النوم ، أبعدت الغطاء الرقيق عن جسدها ،أبعدت قدميها عن السرير ، وضعتهما على الأرضية الخشبية التي أدفأتها أشعة الشمس ،تلك التي دخلت غرفتها دون استئذان وألقت بخيوطها الذهبية على كل ما أمكنها لوصول إليه ، ارتدت حذئها الخفيف ، فتحت باب غرفتها وأغلقته خلفها وهي تتثاءب وتطلق سيلا من الشتائم على الطارق ،الذي لم يكف حتى الآن عن طرق الباب ،حتى أنها صارت تشك بأن الباب لا زال صامدا، وصلت إلى الباب ،وفتحته بقوة كبيرة وهي تصرخ بانزعاج:
_ما هذا الازعاج؟؟؟ إنها السادسة صباحا أيها.................
أسكتها الواقف ،بأن وضع يده على فمها ، حدقت باليد السمراء الموضوعة على فمها ،وأخذت نظراتها تصعد رويدا رويدا ، حتى وصلت وجهه ،وأصابها اكتئاب ،إنه أندريس ،مالذي يريده ؟؟
قال بهدوء محذرا:
_ لست في مزاج لسماع إهاناتك!!
أزاحت يده بهدوء ،فقالت متذمرة:
_يا إلهي ،لماذا يبعثون بك أنت؟؟ لماذا لا يبعثون نيكول ، صوفيا أو ساندرا ؟؟؟
رفع حاجبه باستفسار ساخر :
_أفهم من هذا أن وجهي لا يعجبك ؟!!
أخذت تدلك جبينها بتعب ،وهي تردد:
_رجاء !! هذا ليس وقت مزاحك ،أنا متعبة وأريد أن أنام ،فما الذي تريده؟؟
اتكأ إلى الباب وقال بكسل:
_عندما كنت قادما إلى هنا كنت أريد شيئا واحدا ،لكن بعدما فتحت لي الباب ،أصبحت أريد.....
ورفع ثلاث أصابع دلالة على أنه يريد منها ثلاث أشياء ،قالت بأسى :
_حسنا ،ما الذي تريده؟؟
رفع سبابته وهو يقول بجدية ، أضفت طابعا مميزا على وجهه الرجولي ،ذي التقاطيع الحادة:
_الشيء الأساسي الذي جئت من أجله ،وهو أن أخبرك أن وقت القيلولة ،والحلم بفارس أحلامك ،
الذي سيصطحبك على فرسه البيضاء ويطير بك خارجا إلى هاواي ...............قد انتهت !! وأن عليك أن تنهضي وتذهبي لمساعدة بقية الطاقم لأن المهرجان الداخلي سيبدأ بعد عدة أيام .
انتهزت فرصة صمته ،وقالت وهي تجاهد لضبط أعصابها:
_هل لك أن تكمل ،وباختصــــــــــــــــــــار ..........رجاء؟؟!
هز رأسه إيجابا ، ثم قال بلهجة تحمل الكثير من المعاني التي لم تفهما دايزي :
_هل كنت تنتظرين أحدا البارحة ؟؟
هزت رأسها بلا وهي مقطبة غير واثقة من أنها أجابت بطريقة صحيحة،فتابع :
_السؤال الأخير : هل تستقبلين الزوار عادة بهذه الملابس؟؟
قالها وهو يحدق بها من أعلى رأسها وحتى أخمص قدميها ، استغربت من نظراته واستغربت أكثر من سؤاله ،
نظرت إلى نفسها .........وسرعان ما غزا الاحمرار وجهها ، أسرعت إلى الداخل وصفقت الباب خلفها بقوة ،
واجتازت الدرج صاعدة إلى غرفتها و وجهها يكاد ينفجر من شدة الخجل .
وصلت غرفتها الواسعة ذات الجدران السكرية اللطيفة ،اتجهت إلى خزانتها الصغيرة ،أخرجت بنطالا واسعا من الجينز الأزرق ،وقميصا عاديا أبيض اللون ،لا رسومات عليه ،واتجهت إلى الحمام ،فتحت الصنبور ، وسرعان ما امتلأ الحمام بالبخار ، وقد غزا الضباب جميع المرايا لدرجة أن الشخص لا يستطيع رؤية صورته فيها ، خلعت ثوب نومها الأزرق الرقيق ،المصنوع من الستان ، رفعته أمامها وحدقت به ،إنه فاضح جدا ،قصير جدا ورقيق جدا ،قذفته على الأرض ووقفت في حوض الاستحمام ،والماء ينهمر على رأسها ، وهي تهزه بقوة علها تمحو ذلك المشهد من رأسها ،ولكن أفكارها أبت أن تطيعها هذه المرة إذ بقيت صورته وهو يسألها بسخرية ، إن كانت تنتظر أحدا ،وإن كانت تستقبل الضيوف بهذه الملابس تلمع في رأسها ، عادت تهز رأسها بقوة ،وصرخت بحقد :
_سأريـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــك!!


[img]http://img104.***********/2010/07/18/988361145.gif[/img]

نعود إلى أندريس الذي ،وقف يحدق بالباب بجمود:مالذي دفعه لقول هذا ؟؟ ألأنه يحب ازعاجها واستفزازها؟
أم لأنه يهتم حقا ،ولأن الإجابة تهمه؟؟
كان سيغوص في بحر لا بل محيط من الأسئلة المعقدة والمحيرة، ولكن صوت أزيز الباب وهو يفتح أيقظه من الغرق في ذلك المحيط المتلاطم الأمواج ، حدق بالباب وهو يفتح ،وكان يتمنى أن تطل عليه دايزي بوجهها المتورد مجددا ،ولكن خاب أمله إذ جاءته تحية رقيقة ولكن غير تلك التي تمناها ، حدقت ميديا بأندريس بعبوس، وسألته:
_هل تشاجرتما مجددا؟؟
أجاب وكأن الأمر لا يعنيه:
_لقد سألتها فقط إن كانت بانتظار أحد الليلة الماضية.
أفسحت له المجال ليدخل وهي تضع يدها على فمها لتمنع قهقهتا من ملئ أرجاء المخيم ،قادته إلى غرفة الجلوس، ودعته ليجلس على إحدى الأرائك ذات اللون السكري ،جلس بهدوء وهو يقول:
_لم يقل لها أحد أن تفتح الباب وهي ترتدي تلك الملابس !!
نظر إلى ميديا التي اتجهت إلى المطبخ المفتوح على الغرفة التي جلس فيها ،وأخذت تعد له كوبا من القهوة الصباحية ،ثم تابع وهو يشملها بنظرة:
_أنت وهي من نفس البلاد وتمتلكان نفس الثقافة ،ومع ذلك أنت لا ترتدين مثل ملابسها.
قال ذلك مشيرا إلى ملابس نومها ، والتي هي بنطال طويل باللون الرمادي ،وقميص أبيض ،رسمت عليه العديد من الرسومات بالرمادي ، والزهري ،والأحمر .
ضحكت بلطف وهي تسأله :
_كيف تحب القهوة ؟؟
أجاب باسترخاء:
_بدون سكر ، وملعقة صغيرة من الحليب .
وضعت القليل من الحليب في كوبه ،حركته قليلا ،ثم ناولته إياه وهي تقول:
_تفضل قهوتك .
شكرها ،في حين جلست قبالته وسألته بهدوء:
_حسنا أندي مالذي تريده ؟؟ أنا أعلم أن دايزي لم تسمح لك بقول كل ما تريده !!
ابتسم مؤيدا ،ثم شرع يقول:
_اسمعي ، أنت تعلمين ..................نحن في مقاطعة نيو ساوث ويلز ،ونحن على مقربة كبيرة من سيدني ،أكبر مدن أستراليا وأقدمها ، لقد اعتاد السيد هاري وزوجته الراحلة هيلين على إقامة مهرجانين ،واحد داخلي ،للأطفال فقط ،يلعبون فيه ويستمتعون ،والآخر يكون عاما مفتوحا ، وقد لاقى هذا المهرجان تشجيعا كبيرا حتى أصبح كعادة سواء للأطفال ، سكان البلاد أو حتى السياح الذين يزورون سيدني ومن ثم ينزلون هنا حيث يستضيفهم السيد هاري، ونظرا لأن المخيم يطل على المحيط الهندي ، فإن الرياضات البحرية يتم ممارستها وبكثرة.

صمت قليلا ، يستمع لصوت خطوات غاضبة ،رفع رأسه وحدق بالسقف ، فهزت ميديا يدها مشيرة له ألا يهتم ، وحثته على المتابعة ، استجاب لها وتابع:
_ونظرا لهذا سيكون عليك أنت ودايزي بالإضافة لسان وصوفيا ،القيام بجولة تسوق كبيرة ، لشراء بعض الملابس الملونة ،تلك التي يتهافت السياح عليها .
_أهناك أمر آخر؟؟
سألته ميدي ، فهز رأسه ونهض وعيناه معلقتان بالسلم ،نظرت ميديا لحيث ينظر ،وابتسمت لدايزي التي كانت تقف هناك ، قال أندريس بصوت عال:
_ أخبري دايزي بالأمر حسنا؟!!
أشاحت دايزي رأسها بقوة ، فابتسم وقد كشفت تلك الابتسامة عن صف مرتب من الأسنان ناصعة البياض ، استأذن بهدوء من ميديا ،ثم اتجه إلى الباب ،وخرج.

نزلت دايزي الدرجات الخشبية ،ونظرة الشرود بادية في عينيها اللتين خبا ضوؤهما قليلا ، اقتربت بهدوء وجلست في نفس المكان الذي جلس به أندريس ، تقدمت منها ميديا وجلست بجانبها ،وقالت بحنية:
_دايزي ، هل هناك ما تريدين قوله؟؟
عدلت دايزي شريطة شعرها ،وأزاحت تلك الخصلات التي سقطت على جبهتها البيضاء ،ثم قالت وهي ترتجف:
_ لا أعلم !! ذلك المخلوق يشعرني بشيء غريب، شيء غير مألوف ،عندما أراه أشعر بطاقة غريبة تتفجر في داخلي ،ولكنني للأسف...........لا أعلم ما هي؟؟!!
قالت تجملتها الأخيرة بخيبة كبيرة ، لكن ميديا كانت تشعر بأن لدى دايزي كلاما كثيرا ،فسارعت تسألها:
_ كيف هي هذه الطاقة؟؟ أقصد هذه الطاقة لم تدفعك ؟؟
صمتت قليلا تنتقي كلماتها ،ثم تابعت تدعي الاستغراب:
_أتدعوك لكرهه ، للضحك عليه ، للاقتراب منه ؟؟ إلى ما بالضبط؟؟
أبعدت دايزي خصلات شعرها المبللة عن عينيها ،بأصابعها الرقيقة المرتجفة ، وقالت بقوة:
_ إنها تدعوني ،للإمساك بعنقه ...........
رفعت يديها وشبكتهما ببعضهما البعض وراحت تهزهما إيابا وذهابا ،وهي تقول بشر :
_ وهزه هكذا حتى ينقطع الأكسجين عن رئتيه ، وتتخلى روحه عنه ، وكذلك تدعوني للصراخ في وجهه كلما رأيته ،و.......................
لم تكمل كلامها إذ أوقفتها ميدي والخيبة جلية على وجهها ، وهي تقول بأسى:
_ لم أكن أظنك بهذا الغباء ديدي !!
تلعثمت دايزي ،و بدا أنها أضاعت الكلمات ،وقد احمر وجهها ، سألت بحذر متجنبة قول شيء يوصلها لمناطق وعرة :
_عن ماذا تتحدثين ميديا ؟؟ هل أنت واثقة من أننا نتحدث في الموضوع نفسه ؟؟
ميدي بهدوء بدا غريبا لدايزي :
_ أجل .
تابعت دايزي بحذر:
_إذا ، لم تقولين بأنني غبية؟؟
وضعت ميديا فنجانا كبيرا من القهوة أمام دايزي ،ثم اتجهت إلى السلم وراحت تصعد درجاته وهي تقول :
_لأنك غبية !!
تطلعت دايزي إلى الوائر البنية التي تكونت داخل فنجان القهوة ، رفعت الكوب عن الطاولة ، وحركته بهدوء ،
ثم شربته دفعة واحدة ، واتجهت لتغسله وهي تفكر في تلك الأسئلة الغريبة التي طرحتها ميدي .
[img]http://img104.***********/2010/07/18/988361145.gif[/img]

بدت جميلة ، بشعرها المتشابك ،وعينيها الناعستين ، وصوتها المنزعج، وذلك الثوب !! حتى وإن كان وجهها خال من ذلك الجمال المصطنع المسمى بزينة الوجه، فهو جميل ،حتى وعينيها خاليتين من الكحل ، فإنهما تستمران باللمعان بذلك البريق الفيروزي الجميل ، النظر إليهما يجعلك تشعر أنك تغرق في مياه المحيط الهندي الصافية ، وعندما تغضب......... يتحول ذلك الهدوء في عينيها إلى أمواج متلاطمة ،متكعرة اللون ، تضرب الشطآن بقوة وعتو . مزاجها ........خليط من الأمزجة ، تارة سعيدة ، وتارة أخرى غاضبة ، تارة ساخرة ، وتارة أخرى ساخطة ، لا أعلم ما يفرحها ولا أعلم ما يزعجها ،بل لا أكاد أعلم عنها شيئا سوى ما قالته لي في ذلك المكتب القديم ،عندما جرحت يدها ......................... ولكنني أقطع وعدا على نفسي ،بأنني سأعلم كل شيء عنها ،وسأكون أقرب الناس لها ، سواء كان برضاها أو بممانعتها ، فأنا أعلم أنها ليست غبية ولكن يلزمها بعض الوقت لتتنبه للوضع ...................

[img]http://img104.***********/2010/07/18/988361145.gif[/img]

_تفضلن أيتها الأميرات ،سنذهب في رحلة تسوق كبيرة ،على حساب أندريس ،صاحب المليارات الثلاثة !!
كان هذا نيكول ،قال هذا بمرحه الاعتيادي وهو يقود الفتيات الأربع ،إلى خارج حدود المخيم ، كان يمسك بيد سان ودايزي ، في حين تعلقت ميدي بيد دايزي ،وصوفيا بيد سان ، رفعت دايزي عينيها وسألت نيكول بشك ،
كأنما لم تصدق كلامه :
_صاحب المليارات الثلاثة ؟؟ هل هذ صحيح ؟؟
أجاب نيكول بهدوء مبديا عدم اهتماه بالرقم :
_هناك بالتأكيد بعض الملايين بالإضافة لهذا المبلغ ،ولكن أظن أن المليون غير جدير بالذكر في حضرة السيد المليار .
ضحكت دايزي برقة ، وسألته
يكول بعدم اكتراث ، وهو يقودهم خلال تلك الطريق المعبدة ، التي حفت بأشجار النخيل والموز وألقت بظلها على الممر ، حامية بذلك السائرين في ظلها من خطر الإصابة بحروق الشمس وضرباتها :
_لدي 2 مليون وأظنهما كافيان .
صرخت دايزي بدهشة:
_ مليونان !!!
نيكول بهدوء:
_أجل ! هل هناك شيء ما؟؟
تدخلت صوفيا بحماسها المعتاد وسألت :
_كيف حصلت عليهما نيكول؟؟
توقف نيكول قليلا ونظر إلى إحدى الأشجار المثمرة ،حدق فيها فترة ثم قال :
_ أتعرفون الشركة العالمية لتصنيع الإلكترونيات ؟؟
ميدي بخفوت ،وقد بدت لهجتها حذرة:
_تلك الشركة الأمريكية التي حازت على المركز الأول عالميا؟؟
ابتسم نيكول بحب لدى سماع صوتها وسرح يتأمل ملامح وجهها المرتبك ، وأخذ يتذكر كلمات أندريس (( حب من أول نظرة )) من كان ليصدق هذا ؟؟
لاحظت ساندرا شروده ، ولاحظت ارتباك ميدي التي أوشكت على البكاء من فرط الإحراج ، فضربت شقيقها في خاصرته بمرفقها ، تأوه بصوت عال ،وقال متألما :
_ هذا مؤلم !! ما الذي فعلته؟؟؟
حولت نظرها إلى ميدي ذات الوجه المحمر والعينين الدامعتين ،وقالت بهمس:
_ الفتاة حساسة ورقيقة ، فلا تحدق بها هكذا مرة أخرى ،سمعت؟؟؟
تمتم بهدوء مشيحا بنظره عن ميديا:
_حسنا ، حسنا .............أتمنى أن أراك خجلة يوما ما؟؟
داست على قدمه بقوة ،فصرخ وامتقع وجهه ، وأغمض عينيه من شدة الألم :
_ســـــــــــــــــــــــــــــــــــــاندرا ............سأقضي على حياتك البائسة القصيرة .
أمسكت سان بيد ميدي ،وقالت بلا اكتراث :
_أنت تردد هذا مذ كنا في الحادية عشر من عمرنا ،ولم تنفذ هذا التهديد حتى الآن .
نهض ، وأمسك يد ميديا الأخرى وجذبها بقوة ، وهو يردد:
_اتركيها ، أيتها البلهاء.
عاودت سان جذبها وهي تقول:
_أنت الأبله !! وميدي ستذهب معي .
عاود جذبها وهو يقول:
_لا .
فجذبتها مجددا وقالت تستفزه:
_بلى !

_لا
_بلى
_لا
_بلى
_لا
_بلى

وهكذا استمر الشجار بين الشقيقين ،في حين وقفت دايزي وصوفيا جانبا ، تحت أحد الأشجار ، تمتمت دايزي بهدوء:
_ وأخيرا ، قام نيكول بشيء ما، ولكنني أخاف أن يخلع كتف صديقتي هو وشقيقته الغبية ، وهما يتجاذبانها هكذا.
ردت صوفيا بحماس متقد:
_ياااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااه ،رااااااااااااااااااااااااائع ، نيكول وميديا ثنائي رااااااااااائع .
هزت دايزي رأسها مؤيدة .

نيكول بغضب والعرق يقطر من جبينه الأسمر :
_قلت لك اتركيها !!
سان ،وهي تجذب ميدي مجددا :
_وإن قلت لك أنني لن أفعل ؟؟
نيكول وبريق غريب يلتمع في عينيه :
_سأقوم بذلك.
وقام بجذب ميدي بقوة ،ما أدى إلى تعرثهما ، فوقع على الأرض وميديا فوقه .
انتبهت دايزي للأمر فهرولت مسرعة إلى ميديا ،وصاحت بقلق:
_أنت بخير؟؟
رفعت ميدي نفسها عن نيكول ، وجهها يشتعل و عيناها الدامعتان تنذران بسقوط دموعها ، لسوء حظها
انزلقت يدها من جديد ،فوقعت على نيكول مرة أخرى ، لم تعد قادرة على احتمال الأمر ، فبكت ........
وانسابت تلك الدموع على خديها ، أرادت إخفاء تلك الدموع عن دايزي، التي بدا القلق جليا على وجهها ، فقامت بدفن وجهها في صدر نيكول بتلقائية .

نيكول الذي لم يكن يعلم شيئا سوى أن الفتاة التي اخترقت الحواجز التي بناها حول ذاك الشيء الذي ينبض في داخل جسده،المسمى بالقلب ، قلبه الذي أحيط بطبقات عدة من الجليد الصلب ،بعد أن ذاق مرارة الخيانة ، قد وقعت عليه ، ليس مرة واحدة ؟؟............بل مرتين ..................وهي الآن تبكي ،بل وتدفن رأسها في صدره ، نهض بهدوء عن الأرض وميديا التي لم تتوقف عن البكاء بين ذراعيه ، أبعدها عن صدره ورفع وجهها بهدوء ، أزاح خصلات شعرها المجعدة عن عينيها البنيتين ، جفف دموعها بأطراف أنامله ،وهو يردد:
_حتى هذه الدموع الرقيقة ،ليست أهلا لتنساب على خديك الناعمين ، لأنها وبكل بساطة ستجرحهما .

نظرت إليه بدهشة خالطها ارتباك عكسته عينيها ،فابتسم تلك الابتسامة التي تجعل قلبها يخفق ،وتشعرها بأن عددا من الفراشات الملونة تدور في معدتها مسببة لها بعض الانقباضات ، حدق بوجهها المتورد المستغرب ،ثم عاد وأحاط كتفيها بذراعيه وجذبها لحضنه ، بينما اكتفت هي بإحاطة خصره بذراعيها ، بقيا على تلك الحالة مدة من الزمن ويبدو أنهما لم يرغبا بالانفصال ، لكن دايزي قاطعت عناقهما ،بقولها:
_احم احم ، روميو ،هلا أبعدت جولييت عنك ؟؟ إذا كنتما تذكران ،فنحن ذاهبان للتسوق وليس إلى قاعة الزفاف؟!

أبعد نيكول ميديا عنه مكرها ، ونفض الغبار عن ملابسه ،ثم حول نظره إلى سان التي يبدو أنها استمتعت بالعرض:
_ هل أنت راضية الآن ؟؟
سان برضا وهي تصفق :
_ من الجيد أنك تحركت قليلا ،كانت الفتاة ستضيع من بين يديك ،أيها الشقيق !
دايزي بتكشيرة :
_إنها هنا ، وهي على وشك البكاء مجددا .
هتف نيكول غاضبا:
_ساندرا ،توقفي عن مزاحك الثقيل !!
تجاهلت ساندرا شقيقها واتجهت إلى ميديا ، أحاطت كتفي الفتاة بذراعيها ،وقالت تنصحها:
_شقيقي ليس لطيفا دائما ،وأنت فتاة رقيقة جدا على ما يبدو ،فأنا أنصحك بأن تجدي شخصا آخر يكون .......
لم تكمل كلامها إذ أن نيكول صرخ برعب:
_آاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااه ،سيقتلني أندريس هيا بنا .
وأمسك بيد شقيقته ،و يد يميديا ،وصرخ بدايزي وصوفيا ، طالبا منهما أن تلحقا به وبسرعة.

في آخر الطريق المظللة ،وقف أندريس بكامل أناقته ، متكئا إلى سيارته اللاندروفر السوداء الفخمة ، وهو ينظر إلى ساعته والانزعاج باد على تقاطيع وجهه الوسيمة ، أبعد نظارته الثمينة عن عينيه الزرقاوين اللتين التمعتا
حالما شاهد ذلك الفريق القادم بسرعة . ثبت نظارته على رأسه ، وشبك يديه على صدره ينظر إلى الفتيات المتعبات اللاتي تهالكن واحدة تلو الأخرى ما إن وصلن ، سأل أندريس بهدوء متجنبا النظر إلى دايزي :
_لماذا تأخرتم؟؟
أجاب نيكول بهدوء ،وهو يربت على كتف أندريس :
_حصل حادث غير متوقع.
أجاب أندريس وهو يبتسم بسخرية:
_أنا متشوق لمعرفة كنة هذا الحادث.
تغير لون وجه نيكول ،وهذا ما لم يخف على أندريس الذي أشار على ميديا ،ثم على نيكول ،ثم هز رأسه بهدوء :
_ حسنا من تحرك في البداية ؟
تقدمت ساندرا ،وهي تقول بفخر متجاوزة ،نيكول لتقف بجانب أندريس:
_أنا ،لقد أفلتت ميديا لتقع على نيكول .
تابعت بعد تنهيدة حالمة خرجت من بين شفتيها القرمزيتين :
_لقد كان مشهدا رااااااااااااائعا ، ليتك رأيت نيكول عندما عانقها ،كان الجو حارا وخانقا بالنسبة لي ، وأنا أتساءل الآن ،كيف كان شعور ميديا المسكينة؟؟؟
_بالتأكيد كانت محرجة ،خصوصا أن الأمر حصل على مرأى من نظركم جميعا .
ذلك التعاطف الذي بدا في صوته أدهش الجميع بالأخص دايزي ،التي بدأت تضحك بهستيرية .
_هل هناك شيء مضحك،آنسة بريسكوت؟؟
سأل أنديس مستفسرا ، فأجابته وبقايا ضحكتها تتردد في أذنيه :
_ذلك الوجه العطوف لا يليق بك سيد سوفاكيس ، فنصيحة مني لك لا ترتدي قناعا لا يلائم مقاس وجهك .
رد لها لاصاع صاعين ،عندما قال:
_وأنت كذلك دايزي لا ترتدي فستانا لا يلائمك لأنك ستبدين بدينة فيه ، وقبيحة أيضا .
صرخت به بغضب وحرقة:
_كيف تجرأ؟؟
لم يعرها انتباها وإنما التفت إلى سيارته الفخمة وقال آمرا:
_إلى السيارة جميعا.
بدا أندريس حازما جدا في قراره فلم يرد أحد أن يجادله بل سارع الجميع بالذهاب إلى السيارة ، وعندما وصلوها
أمسك نيكول يد ميديا وقال بمرح :
_نحن سنجلس في الخلف وحدنا .
وجذب ميديا لتجلس بجانبه ، في حين ركبت الفتيات الثلاث أمام نيكول ، وتركوا أندريس وحيدا ،ويبدو أن الوضع لم يعجبه إذ قال متذمرا :
_أنا لست سائق العائلة ،هلا تكرم أحكم وجلس بجانبي ؟؟
لم يكن هناك أي أمل يرجى من نيكول وميديا ، كما رفضت كل من صوفيا وساندرا الجلوس بجانبه رفضا قاطعا، بحجة مزاجه المتعكر ، فما كان من دايزي إلا أن نزلت ، واتجهت لتجلس بجانبه ، وهي تجاهد لإبعاد نظرها عنه، كان رائعا في بدلته السوداء ،وقميصه الأبيض الذي يناقض سمار بشرته ، وشعره الغزيز كان يتطاير بفعل نسمات الهواء التي تضربه ، كان يبدو أن خصلات شعره توجه دعوة صريحة لدايزي ،حتى تغلغل أصابعها الرقيقة فيها وتبعدها عن جبينه الأسمر الذي علته تقطيبة ، كان يمثل رمزا للرجولة الكاملة ، ورائحة عطره القوي تملأ السيارة وتشعر دايزي بدوخة خفيفة.

أمسك نيكول بيد ميديا ،لكنه لم يكلمها وإنما كان سارحا بالمناظر التي يراها بشكل دائم ، أما ميديا وعلى الرغم من ارتباكها لجلوسها مع نيكول ،إلا أنها كانت مستمتعة للغاية بتلك المناظر الفريدة التي تراها ، أشجار النخيل منتشرة على طول الطريق ، وغطاء ملون بديع الألوان افترش الأرض على الجانبين ، وقنوات مياه عذبة
يلعب بها الأطفال ،كل شيء بدا هادئا ،لطيفا، و بريئا ،هكذا فكرت دايزي التي فتحت النافذة وتركت خصلات شعرها الذهبية لتتطاير من حولها ........لكن كل تلك السكينة وكل ذلك الهدوء اختفيا ،بمجرد دخولهم حدود سدني، بدا المشهد مؤلوفا لدايزي ، العديد العديد من السياح ، ناطحات سحاب زجاجية فائقة الارتفاع والجمال ،العديد من المراكز التجارية ،والمطاعم والفنادق ،وأكثر ما أعجب دايزي كان فندقا مبنيا على الطراز الفكتوري ، حيث كان عبارة عن قلعة كبيرة ذات بروج و قلاع وحصون ، كان متوجا بالقرميد ،وبعض المداخن الحجرية ،وقد أبت دايزي إلا وأن تدخل وتستطلع الفندق من الداخل ،وقد بهرت بما رأت ،لقد رأت العديد من العاملات يرتدين ملابس تشبه تلك التي كان الناس يرتدونها في عهد الملكة فكتوريا ، فساتين طويلة باللون الأخضر الزيتوني ،تعلوها قطع من القماش الأبيض ، وبعض الدانتيل يزين ياقة الفستان ، كما ويرتدين قبعات قماشية خضراء .
ذهلت دايزي بكل هذه المعالم ، دار الأوبرا المشهورة كانت رائعة بحق ، وكذلك الحديقة المركزية ، وهي مساحة واسعة من المروج الخضراء ،والأزهار الملونة ،وبعض النوافير اللطيفة ، كان مكانا هادئا ومناسبا جدا للراحة بعد رحلة تسوق شاقة ،خاصة بالنسبة لأندريس الذي دفع ثمن كل المشتريات .
عن عمد:
_ حسنا نيكول ، يبدو أن أحدهم يغار

جلسواإلى إحدى الطاولات في الحديقة المركزية ، وأخذوا يتناولون الغداء الذي اشتراه أندريس ، سألت دايزي مستفسرة :
_نيكول ، أرى أن سكان سدني يتكلمون الإنكليزية ،فلم يا ترى؟؟
ابتلع نيكول اللقمة ،ثم أجاب بدراية:
_على الرغم من أن أستراليا ،قارة و دولة ،فهي لا تمتلك لغة رسمية ، قد تستغربين ،ولكن هذا صحيح ،
فاللغة الأسترالية ليست اللغة الرسمية ،بل يمكن القول أن الإنجليزية هي الرسمية وذلك أن كل المعاملات ، تجري بالإنجليزية.
هزت دايزي رأسها دلالة على الفهم ، ثم رفعت الملعقة إلى فمها لكنها استذكرت أمرا ما، كان نيكون يتمنى ألا يتذكره أحد ،لكن لسوء حظه أن دايزي لا تترك أحدا يفلت من بين يديها :
_صحيح نيكول أنت لم تخبرنا ،كيف نلت المليونين؟؟
علق أندريس بسخرية :
_أخبرها وإلا أخاف أن يقل وزنها من شدة الفضول .
رمته دايزي بنظرة حارقة كانت كفيلة بإسكاته ولو لفترة قصيرة من الوقت ، في حين شبك نيكول يديه بهدوء على الطاولة وقال بإيجاز كأنما يكره تذكر تلك الحادثة :
_ هل تذكرون الأزمة التي مرت بها الشركة؟؟
هز الجميع رأسهم إيجابا ،فأردف :
_لقد كنت من حلها لهم ، وهذا هو كل ما أستطيع قوله ،وفقط...................
دايزي والتي كان الفضول يتآكلها ، قالت محاولة اجتذاب الحديث منه:
_هيا نيكول ،لا تكن لئيما !!
تقلصت عينا نيكول ،والتمعتا ببريق من الجدية حينما قال:
_لم لا تتناولون طعامكم ؟؟
عادت الابتسامة المشاكسة لتشق طريقها لفيه وهو يتابع:
_إن لم يعجبكم الطعام ،فلا مانع لدي من التهامه !!
_حقا؟؟
رد باستهزاء على شقيقته:
_أنا جاد سان.
قالت سان بمكر، وقد راودتها فكرة :
_حسنا إذن .
جذبت صحن ميديا وملعقتها وناولتهما لشقيقها ،وقالت له بدهاء :
_تفضل إذن.
لكن نيكول لم يعر الأمر أهمية بل تناول الملعقة ،وأخذ يأكل من الصحن حتى أفرغ محتوياته ، ثم أراح نفسه إلى ظهر الكرسي وهو يقول براحة:
_ لقد شبعت .
سان ........ تدمرت نفسيتها ، دايزي ............. انصدمت، أندريس .........لم يعر الأمر أهمية ، صوفيا ..............اتقد حماسها ، أما ميديا المسكينة ،فحالتها لا توصف .
وضعت دايزي يدها على كتف ميديا وقالت تخفف عنها :
_ هذا لا شيء عزيزتي .
قالت ميديا بخجل ، وهي تبعد عينيها عن نيكول :
_صحة وعافية .
لم تستوعب دايزي الأمر في البداية ،لكن بعدما فهمت مقصد ميديا تنهدت بغباء ، ثم نهضت وقالت بهدوء :
_هيا بنا لم يعد لي رغبة بالأكل .
لكزتها صوفيا ،وهي تقول بحذر :
_دايزي .
لم تعرها دايزي اهتماما وإنما تابعت بحماس :
_أريد أن أزور جسر هاربور ،و مبنى الملكة فكتوريا .
عاودت صوفيا لكزها وهي تقول :
_دايزي .
ومرة أخرى تجاهلتها دايزي وتابعت ،غير مدركة لما يجري من حولها :
_ثم أريد أن أتناول بعض المثلجات أثناء عودتنا .
وللمرة الثالثة لكزتها صوفيا ،وهي تردد بخوف:
_امم ،دايزي ..................
صرخت دايزي بها مقطبة:
_ماذااااااااااااااااا؟؟
أشارت صوفيا بيدها لأندريس الذي تناول صحن دايزي ،وأكله بالكامل ، اتسعت عينا دايزي ،وأصيبت بصدمة ، ثم رويدا رويدا بدأ دمها يغلي ، وثارت ثائرتها ،وأفرغت غضبها بصرخة:
_مقززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززز ز.
أندريس وكأن الأمر لا يعنيه :
_أنا من دفع ثمنه ولن أدعه يذهب هدرا ،كما أنك صرحت بأنك لا تريدينه .
هتفت دايزي بيأس:
_أنتما مقززان .
قالتها وهي تشير إلى نيكول وأندريس اللذين حدقا بها ببلاهة ،جعلتها تترك المجموعة وتسير غاضبة في أرجاء الحديقة وهي تطلق سيلا من الشتائم ، وبعد فترة من الزمن انتبهت دايزي إلى أنها ابتعدت عن الفريق ........لا بل ضاعت!!!


__________________
]ما أجمل أن تبقى القلوب على العهد و الوعد
حتى و إن ... طالت المسافات
و إن غابوا الأحبه ... فلهم فى الخيال لقاء?? !؟
رد مع اقتباس