وقف ثلاثتهم أمام المركز التجاري الفريد من نوعه ، أو ربما يجدر بي القول ، أمام ذاك القصر الذي بني على الطراز الفكتوري الرائع التصميم ، أحيط ذلك القصر بعدد من الشجيرات الصغيرة التي جعلت على شكل واحد ، تقدمت دايزي وصعدت تلك الدرجات القديمة والتي ترك الزمن أثره عليها ، وهي تتلمس بيديها الناعمتين (الدرابزين) الحجري ، تبعها كل من أندريس وكايل وهما ينقلان نظرهما في جميع الزوايا ذات الهندسة الفريدة ، همس كايل بهدوء : _راااائع . التفت إليه أندريس ، وسأله : _لو طلبت منك أن تصمم لي بيتا كهذا في إنكلترا ، هل يمكنك ؟؟؟ ابتسم كايل وهو يجيب : _ هل قررت العودة لبلدك أخيرا ؟؟ نهره أندريس بسرعة : _لا تغير الموضوع !! _ حسنا ، أجل يمكنني ، ولكن ذلك سيكلف الكثير ، كما أنه يحتاج لمساحات شاسعة من الأرض . هز أندريس كتفيه بلامبالاة ، وهي يقول : _لا مشكلة ، ما رأيك بيوركشاير ؟؟ قطب كايل وهو يسأل : _ الريف ؟؟ أتقصد منطقة الريف الإنكليزي ؟؟ أومأ أندريس بنعم ، فتابع كايل : _إنها منطقة رائعة لمثل هذه القصور ، ولكنني لست واثقا من أنني أستطيع فعل ذلك بشكل كامل . تابع أندريس سيره وهو يقول : _لا أتوقع منك أن تصمم لي مثل هذا بالضبط ، بل أريد منك أن تنتقي الأفضل ، سيكون عليك أن تقوم ببعض الأبحاث ، ستزور بعض القصور ، وبعدها ستصمم لي واحدا شبيها بها جميعها ، ما رأيك ؟؟ قال كايل بعتاب : _أنت تعرف رأيي ، وتعلم أنني أحب أن أعطى قطعة من الأرض ، وأن يقال لي ، افعل ما تريد !! مد أندريس يده وهو يسأل : _موافق إذا ؟؟ صافحه كايل وهو يجيب : _أجل . كان القصر ذا تصميم فريد ، فقد كونت اللوحات الجصية سقفا رائع الجمال لذلك القصر الرائع ،كما لونت الجدران بألوان قريبة من الأحمر يخالطها اللون الأبيض في تموجات رائعة تضفي سحرا أزليا على هذا المبنى . تقدمت دايزي ، وهي تنقل نظرها بين المحال المنتشرة على جانبي الطريق الواسع ، المبلط بالسيراميك الأبيض الموشح بخطوط ذهبية ، لفت نظرها محل بواجهة زجاجية ، وباب خشبي مزخرف ، فتحت الباب ودخلت ، كان المحل ضيقا جدا ، وتفوح منه روائح زكية ، ولكنها مركزة وقد جلبت القليل من الدوار لدايزي ، التي سارعت ووضعت يدها على جبينها وأغمضت عينيها ، تقدم منها كايل وسألها بخوف حقيقي : _ديدي ،أنت بخير ؟؟؟ هزت رأسها إيجابا ، ثم سارت باتجاه الأثواب الفكتورية الفريدة ، والثمينة ، لفت انتباهها ثوب أحمر اللون ، ضيق من الأعلى ، ومتسع جدا من الأسفل ، وقد أحيط خصره بقطع قماش سوداء ، كما وأحيطت القبة بالقليل من الدانتيل الأبيض الجميل ، تلمست دايزي كم الفستان بإعجاب ، اقترب منها أندريس وهو يقول : _ارتديه . التفتت إليه وقالت : _أنا أشاهد فقط أندريس لن أشتريه حقا !! رفع حاجبيه باحتجاج وقال يحذرها : _ سوف أشتريه لك ، لربما أقيمت حفلة تنكرية في إنكلترا ، سيكون مفيدا جدا ، وستكونين مميزة ، فماذا قلت؟؟ ترددت قليلا ، لكنها هزت رأسها باسمة وطلبت من صاحبة المحل التي ترتدي فستانا مشابها ، أن تساعدها في ارتدائه . بدت دايزي فاتنة في الفستان ، فقد أظهر جمال قوامها ، كما أظهر نقاء بشرتها البيضاء التي صبغت بحمرة خفيفة ، ما إن رأى أندريس هذا المنظر ، حتى زاد إصراره على شراء هذا الفستان . لقد كانت فاتنة ، مميزة ، رائعة ، لا أعلم كيف أصفها ، بدت كأميرة قادمة من العصور الوسطى ، لا..... أية عصور وسطى هذه التي أتحدث عنها لقد بدت كأميرة من عالم الأحلام من عالم الخيال . [img]http://img105.***********/2010/07/28/301597254.gif[/img] وقف على سطح المبنى الزجاجي ومسدسه في يده ، وهاتفه النقال في يده الأخرى ، كان يتكلم باحترام ، ويبدو من نبرة صوته المنخفضة أن محدثه ذو شأن عال ، هتف في سماعة الهاتف : _ حسنا سيدي ،لا تقلق ، سأقضي عليه . أقفل سماعة الهاتف ، وركز نظره على القصر الفكتوري ، الذي خرج منه ثلاثة أشخاص ، عدل الواقف اللثام على وجهه ، نظر إلى قفازيه ، ثم للمسدس في يده ، وبسرعة انحنى على سطح المبنى وهو يوجه مسدسه نحو الرأس الأسمر ، سالت قطرة عرق على وجهه تظهر مدى توتره، لكنه لم يتراجع ، أولئك الناس الذين يسيرون في طريقهم لم يهموه، كل ما كان يهمه هو قتل السيد سوفاكيس ، صوب بتركيز، ثم ...................... أطلق الرصاصة . [img]http://img105.***********/2010/07/28/301597254.gif[/img] كانت دايزي سعيدة جدا بالفستان ، وكذلك كنت أنا . خرجنا من ذلك القصر العتيق ، وقررنا العودة للمجموعة ، التقطت هاتفي لأكلم نيكول ، رد علي نيكول ، ورحت أحدثه عن موقعنا وأين نلتقي ، فجأة شعرت بأن أحدهم يراقبني ، رفعت رأسي للمبنى المجاور ، فلمحته هناك ........ إنه قناص ولا شك ، أردت أن أتحرك وأبعد دايزي وكايل من هنا ، فلا دخل لهما ، ولكنني شعرت بشيء ساخن ، كان حارا جدا ومؤلم كذلك ..........لا لا أستطيع أشعر بالألم ، صوت دايزي وهي تصرخ أخافني ، نظرت لها ، كانت تنظر إلي وكأنني قادم من كوكب آخر ، تحدق في برعب وتقول بهمس والدموع تسيل على وجنتيها : إنها دماء ............... لا أعلم ما الذي حصل كل ما أعلمه هو أن أندريس صرخ فجأة بألم ، كان ذلك بعد أن سمعنا صوت عيار ناري ، نظرت ناحيته ، فرأيته .....رأيته .......لقد كان ينزف ، وكان هناك دماء ، اختلطت الأصوات علي : _ليطلب أحدكم الاسعاف . _هناك شخص مصاب . _اتصلوا بالشرطة . صوت كايل القلق ، وكذلك صوت أندريس الذي هتف بألم شديد : _دايزي ، أنا بخير . لا أدري ما الذي حصل بعدها ، أحسست أنني أغرق في الظلام ، ثم لا شيء ....... لم أعد أشعر بشيء. يتبع....