الزهرة الثالثة والثلاثون : شَجَرَةٌ مِنَ الألماسِ.
اعترت نبراتهم الدهشة و الاستنكار ليقولوا متتابعين
بياتريس : لـ لوكي ؟
جوليا : لوكي ذلكَ اللوكي ؟!
روبي : السنجاب الناطق لوكي ؟!
ماركوس : القزم العائم لوكي !!
هاري : الصغير اللطيف ذو الفراء الناعم لوكي ؟!
وضعَ راين كفه مابين جبينه وغرته ثم همس : أظن أنني صدمت رأسي...
فأحاطت به هالةٌ من الظلام و ردّ لوكي ببرود من فوره : سأحولكَ إلى سمكٍ معلب، ماركوس...
ثم عاد إلى نبرةِ صوته المرحة المعتادة و تحولت الهالة الداكنة إلى أخرى مزهرة ليردف : هذا صحيح !، إنه أنا !، و كذلكَ راي تشي.. أنتَ لم تصدم رأسكَ على الإطلاق !
أجاب راين من فوره و العجلة تهيمن على كلامه : لا لا لا لا لا... لا يوجدُ تفسير للأمر سوى ذلك !
فقالت بياتريس موافقة : هذا صحيح !، لا يمكنكَ أن تتحول إلى بشر بين ليلةٍ و ضحاها !
التمعت نجمةٌ أخرى قرب عين لوكي المغمضة و ابتسامةُ الثقة عادت ليقول بهدوء هيمن عليه الغرور : دعوني أشرح لكم !
- قبل بضعة أيام من الآن -
في أحدِ أطراف القرية قبل اجتماعِ من فيها لتوديع راين، بياتريس ومن معهما، وقفَ زعيمُ القرية وعام لوكي في الهواء أمامه فقال الاول : لوكي كُن.. هُناكَ هديةٌ خاصة لك من الساحرة العظيمة التي زارت قريتنا قبل بضع قرون..
ليردف لوكي بمرح : همم ؟، لي أنا ؟، ما هي ؟
العجوز : عدني أولًا أنكَ ستحمي بياتريس تشان مهما كلفكَ الأمر !
حملت نبرة الآخر الجدية ليردّ بثقة : لستُ بحاجة لهدية كي أحميها.. حمايتها هي سبب وجودي هنا من الأساس
ابتسامةٌ عريضة ظهرت على شفتي الجد فضحك قائلًا : هوه هوه هوه، هكذا هو الأمر إذًا... إن كان الامر كذلك... فأنا أعتمدُ عليكَ..
رمى زجاجة صغيرة مُلِئت بإكسير ذو لون زهري فاتح مُشع قليلًا و أكمل : هاك !
ليلتقطه لوكي بعد أن كاد يسقط من بين يديه بضع مرة فأردف العجوز : حَسب ما قالت الساحرة العظيمة قبل دهر من الزمن... فهذه التعويذة كفيلة بتحويل مظهركَ الخارجي إلى مظهر بشري.. و بالطبع يمكنك العودة إلى شكلكَ الأصلي كلما وددتَ ذلك.. استخدمها من أجل مساعدة بياتريس تشان، فالذراع البشرية ستكون خير معين من ذراع صغير كهذا.
- قبل عدة قرون -
تقفُ امرأة ترتدي معطفًا أسود مال إلى البنفسجي غطى معظم وجهها إلا شفتاها المطليتان بلونٍ زهري، المبتسمتان بلطف، فأعطت ذلكَ الاكسير الزهري لأفرادِ القرية مشيرةً نحوه بسبابتها قائلة
الساحرة : هذه تعويذة كفيلة بتحويل أي وحشٍ سحري إلى هيأة بشرية.. بعد عدة قرون، من المفترض أن يرافق الأبطال الستة وحش سحري أشبه بالسناجب.. رجاء أعطوا هذه التعويذة إليه.
- عودة إلى حيث لوكي و العجوز من القرية -
بان على نبرة لوكي الاندفاع فقال : مهلًا !، لِمَ تطلب مني حماية بيارين هكذا فجـ-
قاطعه العجوز و بنبرةِ مرح قال : و الآن.. علينا العودة إلى الجميع فقد أخذنا وقتا طويلًا في الوقوف هنا هوه هوه هوه..
- عودة إلى الحاضر -
قال لوكي مع ابتسامة تزين وجهه : و هذا ما حدث ~
لمعت عدة نجوم حولها وأخرى داخل عينيها فقالت بينما تشبك ذراعيها إلى صدرها : هوووه !، هذا مدهش !
فابتسمت بياتريس بسعادة لتقول : أليس هذا رائعًا ؟، لوكي.. لطالما كُنت تقول أنكَ تود لو كان بإمكانكَ التحول إلى هيأةِ البشر !
وضع المعني يده خلف راسه وبدأ يمسد عليه قائلًا : يااااه، لم اكن أعلم أنّ هذا اليوم سيأتي حقًا
ابتسمت روبي بدفء فقالت بصوتٍ رقيق : أليس هذا جيدًا لكَ ؟ لوكي...
ساد الصمت و حدّق الجميع بها لبضع ثانية و الذهول قد بان على ملامحهم فارتبكت بدورها و اختفت ابتسامتها لتقول : مـ ماذا ؟
فردّ هاري : لا.. الأمر فقط أنكِ عُدتِ تبتسمين كسابق عهدكِ أخيرًا.. روبي..
و كذلك قال ماركوس مع ابتسامته المشرقة المعتادة : هذا صحيح.. و كما اعتقدت، لا شيء يناسبكِ أكثر من ابتسامةٍ لطيفة كتلك ~
اكتست الحمرة وجه روبي بالكامل لتلتفتَ إلى الجانبِ الآخر دون قول أي كلمة ، و دون أي أحداثٍ تذكر غير العبث و المرح اقترب الغسق من نهايته و كذلك اليوم و حان وقتُ الانطلاق نحو الشجرةِ العظيمة
كان راين يجلس القرفصاء و يعبث ببعضِ الحقائب فنادى : لوكي، هَل لكَ حمل هذه ؟
انحنى لهُ لوكي باحترام و مع ابتسامة على شفتيه و نبرةٍ مازحة مرحة قال : أمرُ سموكَ
فقهقه الآخر بخفة مجيبًا : و أي أمير سيتواجدُ هنا ؟
توجه لوكي نحو الحقائب و هو يقول : من يعلم ؟، أميرٌ جشع يبحث عن الخلودِ مثلًا ؟
راين : أجل، و يأتي بنفسه بدل إرسال فارسٍ قوي أو ساحرٍ عظيم لا ؟
لوكي : معكَ حق ~
حملَ لوكي بعض الحقائب و كذلك راين ثم نهض قائلًا : فلنذهب، إنهم في انتظارنا..
استمر السبعة في السير بخطٍ مستقيم لعدةِ ساعات حتى لمحوا حافة منحدر دلّ على نهايةِ السلسلة الجبلية غير أنّ الأشجار لا زالت تحجب أغلب المنظر أمامهم، خرجوا من الغابة ليقفوا مدهوشين عند الحافة و عيونهم تبرق لما يرونه أمامهم، لقد كانت شجرة بجذعٍ أبيض شبه شفاف كما الألماس، عريض اكتسح مساحة كانت لتكفي أكثر من قلعة، كان إرتفاعه شاهقًا فعلى الرغم من وقوفهم على قمةِ جبل إلا أن قمتها ما تزال بعيدة فلا تستطيع العين رؤيتها، أما أوراقها فما كانت سوى سحب تدرجت بين زهري و أزرق سماوي زاهٍ، و رغم تلك الغيمات الكثيفة فلمعان الأغصان لم يخبو و لو قليلًا، دون أن ننسى الوهج الخافت بألوانِ قوس المطر الذي أحاط بكامل الشجرة
التمعت عيناها الزرقاوتان لتهمس بخفوت : هذه هي الشجرة العظيمة...
لتهمس روبي بنفس نبرتها : مذهلة...
وقف راين قرب بياتريس ينظر نحو الشجرة فقال بهدوء : جميلة لا ؟
التفتت بياتريس نحوه فسالت بلهفة : أسمعتَ عنها قبلًا ؟، ألهذا طلبتَ منا أن نواصل ليلًا ؟
أغمض راين عينيه و هزّ رأسه نافيًا ببطء ثم توقف و فتحهما قائلًا : لا.. إنها المرة الأولى لي كذلك.. أن أرى أو أسمع عن شيء بهذا الجمال والبريق، كل ما في الأمر هو أنه لن يكون عدلًا لو رأيناها جميعًا عداكِ صحيح ؟
ابتسمت بياتريس ابتسامةً كبيرة دافئة رقيقة و قالت بصوتٍ ناعم : شكرًا لك.. راين.
اتسعت عيناه و بقي يحدق بها بذهول شاردًا حتى انتشلته من شروده بقولها : لِمَ تبتسم ؟، راين...
أجفل و اكتست وجهه حمرة طفيفة فأشاح بوجهه إلى الجانب الآخر مغطيًا فمه بظهر كفه
فأجاب مرتبكًا : لا.. لا شيء...
قالت و هي تلمس وجهها تارة و شعرها تارةً أخرى : أمتأكد ؟، أهناك شيء على وجهي ؟، ربما شعري ؟
راين : لا.. الأمر فقط بسبب كونكِ ناديتني راين فقط توًا..
ثم أردف محدثًا ذاته : ما خطبي حقًا ؟!، إنها مجرد ابتسامة تبًا !
انتفضت ثم قالت بطفولية : اه آسفة !، لا بد أن الأمر أزعجك !
نظر إليها نظرات مرتبكة بطرف عين دون أن يلتفت إليها : لا بأس.. يمكنكِ الاستمرار بمناداتي هكذا.. أ أعني أنني لا أمانع.. إن أردتِ..
قهقهت بياتريس بخفة و هدوء لتقول : لقد فهمت، راين !
" بياتريس : و هكذا.. اتجهنا نحو الشجرةِ العظيمة، نحو مغامرةٍ جديدة "