عنوان الفصل : الزهرة التي لا تذبل
.
بعد أن هرب هوساميوس و رفاقه من قطاع الطرق و وصلوا إلى قرية الرجل الواحد ، و قال هوساميوس أنه سيأخذ منها شيئاً إلی هازار ، فما هو هذا الشيء ؟؟؟ و هل سيجدونه بسهولة ؟؟ و ما الذي ينتظرهم ؟
وصل هوساميوس و البقية إلی أطلال تلك القرية ، و يشاهدون أبنيتها و أشجارها و الحياة تدب فيها و الشمس تشرق من خلفهم فتزيد الجمال جمالا ، يبتسم هوساميوس و يقول : أخيراً عدت إلی هذه القرية الرائعة ....... سنأخذ ما طلبه هازار ثم نذهب إليه
يقول بيريون : نحن نضيع الوقت بسببك ..... نحن كدنا ننسى الأسئلة التي يجب أن نجيبها ، نحن متنافسون و لا نسعى إلی هدف واحد و الفائز لن يكون إلا واحد و هازار هذا قد يجيبك علی الأسئلة و لا يجيبنا ، أنا لن أتبعك حتى تعطيني ما يضمن أنك لن تغدر بنا
يقول هوساميوس و هو يضحك : يضحكون من قال لك أن هازار سيخبرنا بالإجابة ؟؟؟!!
_ كاسيوس : و لماذا ستذهب إليه إذا ؟؟!! ...... أتقصد أنه لا يعرف الإجابة ؟؟
_ هوساميوس : هو سيخبرنا كيف نتوصل إلی الإجابة و لن يخبرنا رغم أنني متأكد أنه يعرف الإجابة
_ آزابلانكا : و لكن لماذا أنت متأكد أنه يعرف ؟؟؟
_ هوساميوس : لأن هازار كان في شبابه منافساً و رفيقا لشالوسيوس ........ و ربما لا تصدقون ما سأقوله لكن الحقيقة أن هازار هزم شالوسيوس عندما عقد إمتحان الفلاسفة قبل عشرين سنة مضت
تظهر الدهشة علی وجوه الجميع و يقول بيريون بإهتمام شديد : هل أنت صادق في ما تقوله ؟؟؟
_هوساميوس : هذا ما أخبرني به هازار و هو لم يكذب علي إطلاقاً و لن يكذب أبداً ، و لكن لماذا أنت مهتم للأمر يا بيريون ؟؟
_ بيريون : لا شيء ..... لا تهتم ، دعونا نكمل طريقنا و حسب
يواصلون طريقهم حتى يصلون إلی المدينة و يدخلونها و عندما يدخلون يكون الصباح في بدايته و مع ذلك تجد الحياة قد دبت فيها و الجميع قد باشر في عمله فيقول هوساميوس بدهشة : ما هذا ؟!!!!! ...... لا أصدق ما أرى ، لم أتوقع أن نجد كل هؤلاء الناس فيها ، لقد خلت من البشر في ما مضى
يقول كاسيوس بصوت متعب و ضعيف : هوساميوس ...... يجب أن ننام قليلاً ، أنا بالكاد أستطيع الوقوف على قدمي
_آزابلانكا : هذا صحيح ....... فنحن لم ننم ليلة البارحة حتى نهر من قطاع الطرق ، يجب أن ننام كي نستعيد قوانا
_ هوساميوس : حسناً ..... سننام بعد أن نصل إلی بيت هازار
_بيريون : و أين يقع بيت هازار ؟؟؟؟
_هوساميوس : لقد تغيرت هذه القرية و صارت مدينة الآن و لا أذكر مكان بيت هازار ، سوف نسأل أحدهم و نعرف مكانه
أوقف هوساميوس أحد الماره و قال له : المعذرة ...... هل يمكنك إخبارنا أين يوجد بيت هازار
قال ذلك الرجل باستغراب : بيت هازار ؟؟؟؟!!!! ...... لعلك تقصد بيت الذباب الذي كان في منتصف المدينة ، لقد تم هدمه منذ سنتين و من المفترض أن يبنی مكانه طاحونة لأنه يقع في أعلى مكان في المدينة
يقول هوساميوس و هو مرتبك : و كيف نصل إلی هناك ؟؟
يقول الرجل : إستمر بالسير في هذا الطريق حتى نهايته و ستصلون إلی هناك
ما أن سمع هوساميوس كلام الرجل حتى بدأ بالركض نحو المكان المقصود .، فتبعه الجميع مسرعين حتى أدركوه و وجدوه ينظر و علی وجهه الصدمة و خيبة الأمل و هو ينظر إلی طاحونة غير مكتملة البناء و يقول : يا للأسف ، لقد طحنوا أزهارك يا هازار
ينظر الجميع إلى هوساميوس و هو يذرف الدموع من عينيه ، فقال كاسيوس : ماذا طلب منك هازار أن تحضر له ؟؟؟
يقول هوساميوس بحزن : لقد طلب مني أن أحضر له أخبار الزهرة التي لا تذبل
تقول آزابلانكا : و ما هي الزهرة التي لا تذبل ؟؟؟؟ ، لم أسمع عن زهرة لا تذبل فهل هي زهرة حقيقية ؟؟؟
يفكر هوساميوس قليلاً و يقول : لقد أخبرني هازار أنه زرع في هذه القرية زهرة لاتذبل و قبل ذهابي من عنده طلب مني أن أجلب أخبارها له
يقول بيريون : و هل أخبرك أنه زرعها في بيته ؟؟؟
_ هوساميوس : لا ...... لكن أين يمكن أنه زرعها ؟؟؟
_كاسيوس: ربما يقصد بالزهرة شيئاً يعطي ثماره دون إنقطاع و لا ينتهي رغم مرور الزمن
يفكر هوساميوس قليلاً ثم يقول : ربما يكون كلامك صحيحاً يا كاسيوس ، لكن يجب أن نفكر بعمق حتة ندرك ما هو مقصد هازار
تقول آزابلانكا : إذاً أخبرنا القليل عن هازار فربما نستوعب طريقة تفكيره
يقول هوساميوس : حسنا ..... سأخبركم بكل ما أعرفه عن هازار .......... إلتقيت به أول مرة قبل سنوات كثيرة عندما كان كلانا وحيداً
~~~~~~~~~~~~~
و جلس هوساميوس و صار يحكي و يتذكر كل ذكری له مع هازار ~~~~
في الماضي .... بعد أن تعلم هوساميوس طريقة هازار للهرب من الأسر قام بتنفيذها و الهرب من جيش ألكسندر ، و بعد أن إبتعد عنهم كثيراً وقف و فكر للحظات ثم إستدار إلی الخلف و عاد نحو جيش ألكسندر و بعد أن رجع و دخل إلی الخيمةالتي يوجد فيها هازار فدخلها و وجده جالساً في الداخل فقال هازار : كنت أنتظرك ...... كنت أعرف أنك ستعود
فقال هوساميوس : أنا أصدقك و لكن ..... كيف عرفت أنني سأعود إليك رغم عزمي علی الهرب ؟؟
_هازار : إذا فشلت ستعود رغماً عنك ..... و إذا نجحت ستعود بملئ إرادتك لأن لديك سؤالاً ستسأله
_هوساميوس : و ما هو سؤالي ؟؟؟؟
_ هازار : لا أعرف ..... الإحتمالات متعددة ، لكنك ستسألني سؤالاً
_ هوساميوس : سؤالي لك هو ...... لماذا تعيش ؟؟؟ من أجل ماذا تعيش ؟؟
_ هازار : هذا آخر سؤال توقعت أن تسألني إياه ، إنه سؤال كبير علی فتی صغير مثلك و مع ذلك سأجيبك ، أنا أعيش لأن الحياة نقيض الموت و أنا ما دمت من الحياة يجب أن أرفض الموت و أعيش الحياة ، أنا أعيش لأتعلم أعيش لأكتشف ما أستطيع إكتشافه ، أعيش لأتأمل عظمة هذا الكون ، أعيش لرسم الإبتسامة علی وجوه الناس ، أعيش لأزرع الخير و المحبة و أساهم بالحياة ، أعيش كي لا أموت ، أعيش لأن الحياة قدري ، أعيش لأن وقت موتي لم يحن بعد، أعيش كي أفعل ما أستطيع فعله ، أعيش كي أكون فيلسوفا
ينظر هوساميوس إلی هازار بحيرة كبيرة و يقول : لم أفهم كلامك ..... و ماذا يعني أن تكون فيلسوفا ؟؟؟؟
_ هازار : هذا سؤال إجابته تضع فيها كل ما قلته و تزيد عليها ، أخبرني أنت لماذا تعيش ؟؟؟
يبتسم هوساميوس و يقول : أنا سأعيش كي أكون فيلسوفا
~~~~~~~~~~~~~~~~~~
و في هذه الأثناء كان هوساميوس يقول لرفاقه : و عندها قلت لهازار أنني أريد أن أعيش كي أكون فيلسوفا ، و بعدها قال لي هازار أنه سيصحبني برفقته حتى نعيش سويا في أحد المدن البعيدة عن الحروب و المعارك و في ذلك اليوم ذهبنا إلی ألكسندر و قلنا له ما نريد فقال لنا .....
يقاطعه كاسيوس و يقول : هذا يكفي يا هوساميوس ..... قصتك طويلة جداً ، يجب أن ننام الآن فنحن لم نذق طعم النوم منذ زمن ، لقد اقترب حلول الظهيرة و نحن لم نعم منذ ليلتين
_ هوساميوس : حسناً ....... سننام هنا في ظل هذه الطاحونة ة عندما نصحو سأكمل الحديث
يضع هوساميوس حقيبته على الأرض ثم يضع رأسه عليها و ينام بسرعة ، فتقول آزابلانكا : لم أتوقع أن يكون ماضي هوساميوس حزيناً إلی هذه الدرجة
يقول بيريون : كيف يمكنه الإبتسامة رغم كل ما حدث معه ؟؟!!!
_ كاسيوس : يبدو أن هازار مسح الظلمات من قلبه ، أنا متشوق لرؤيته
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
و في مكانٍ ما من هذا العالم , في بيتٍ عتيق مليء بالكتب , و الفوضى الهمجية لها ترتيبٌ خاص يجعل لها رونقاً مقبولاً , بثيابٍ شبه بالية يخرج ذلك العجوز من بيته الصغير و يضع ذراعه أمامه كي يحجب أشعة الشمس و هو يستنشق هواء الصباح النقي و شعره الأبيض المتبقي تتلاعب به الرياح و هو يقترب من كرسي خشبي و يجلس عليه و هو مبتسم
نعم ....... إنه هازار " 73 عاماً "
ينظر إلى السماء و يتذكر ماضيه قبل أكثر من نصف قرن
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
صديقان شابان في معبد الآلهة في منتصف أثينا , يجلسان عند تمثال زيوس و أمامهم شخص كبير في السن يقول لهما : هذا كل شيء لدي , أنتما الآن جاهزان لتكونا فلاسفة , الأمر يرجع إليكما , و الأفضل سوف يكون مكاني يوماً ما , هل من أسئلة ؟؟؟!!
رفع أحدهما يده و قال له : سيدي لولوسيوس أريد أن أسئلك الكثير من الأسئلة
_لولوسيوس : تفضل يا هازار , إسأل ما شئت
فقال هازار : أين يوجد زيوس الآن ؟؟؟
فقال لولوسيوس : إنه في السماء ألم أخبركما بذلك ؟؟!!
فقال هازار : بل لقد أخبرتنا لكن هذا ليس هو سؤالي الجوهري إنها مجموعة أسئلة أعرف معظم إجاباتها لكن كي أصل إلى السؤال الرئيسي
إبتسم لولوسيوس و قال له : تابع أسئلتك إذاً
فسألأ هازار : و هل البقية موجودون معه أم هو وحده ؟؟؟
فقال لولوسيوس : نعم بقية الآلهة موجودون معه هناك
فقال هازار : إذاً سؤالي من هو الأقوى بينهم ؟؟؟؟
نظر إليه الآخر و قال له بغضب : عليك اللعنة يا هازار ..... إننا نعرف أنه زيوس
فقال لولوسيوس : على مهلك يا شالوسيوس , دع هازار يسأل كما يشاء , تابع أسئلتك يا هازار
_هازار : هل يستطيع زيوس أن يتولى أمور السماء و الأرض وحده دون الحاجة للبقية ؟؟؟!!!
هنا سكت لولوسيوس و لم يُجب
حتى كرر هازار السؤال عليه ظاناً منه أن السؤال لم يُسمع
فقال له لولوسيوس : نعم نعم , لقد سمعت و الجواب هو لا , كل هؤلاء يكملون بعضهم البعض و لا يمكن الإستغناء عن أحدهم
فقال هازار : إذاً هؤلاء جميعاً لا وجود لهم
سُعِقَ شالوسيوس و لولوسيوس من كلام هازار و بدأ شالوسيوس بالصراخ على هازار لكن لولوسيوس هدأه و قال لهازار : أوضح كلامك
فقال هازار : لو كانوا كما قلت لما بقوا على حالهم و لتقاتلوا حتى يبقى واحدٌ فقط أو يفنوا جميعاً , فكيف يبقون على هذه الحال و هذا الوفاق و عددهم كبير , و رغم هذا الكون مازال مستقراً بكل موازينه فلا خلاف بين يومٍ و يوم , هذا يعني بكل قطع أن الإله في هذا الكون هو واحد فقط لا ثاني له
عم الصمت قليلاً في المكان و لم يتكلم لولوسيوس فقال هازار : هذا مجرد كلام يا هازار , أثبت لنا ذلك , من أين جائوا هؤلاء إذاً ؟؟؟!!!
فقال له هازار بثقة : هل يمكن أن يكون ثلاثتني في منصب الفيلسوف الأعظم ؟؟؟ , أم سنختلف و نتقاتل ؟؟؟ , هل يمكن أن يكون لنا أكثر من حاكم ؟؟؟!!! , هل هذا ممكن ؟؟!! , بالطبع ستقول لي لا , فما قولك بحاكم هذا الكون كله , هل يمكن أن يكون له أكثر من حاكم ؟؟؟ , هذه الأسماء لا أؤمن بها و لا أقتنع إلا بوجود إله واحد فقط لا غيره
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
هذا ما حدث قبل أكثر من نصف قرن
و الآن هازار جالسٌ يشرب الماء بكأسٍ فخارية
و بعد أن إنتهى من شربه قال : الشكر للإله الواحد
النهاية .
يُتبع .......