عرض مشاركة واحدة
  #86  
قديم 06-15-2017, 10:15 PM
 
الفصل الثامن 8

عنوان الفصل : الزهرة التي لا تذبل

.
بعد أن هرب هوساميوس و رفاقه من قطاع الطرق و وصلوا إلى قرية الرجل الواحد ، و قال هوساميوس أنه سيأخذ منها شيئاً إلی هازار ، فما هو هذا الشيء ؟؟؟ و هل سيجدونه بسهولة ؟؟ و ما الذي ينتظرهم ؟




وصل هوساميوس و البقية إلی أطلال تلك القرية ، و يشاهدون أبنيتها و أشجارها و الحياة تدب فيها و الشمس تشرق من خلفهم فتزيد الجمال جمالا ، يبتسم هوساميوس و يقول : أخيراً عدت إلی هذه القرية الرائعة ....... سنأخذ ما طلبه هازار ثم نذهب إليه



يقول بيريون : نحن نضيع الوقت بسببك ..... نحن كدنا ننسى الأسئلة التي يجب أن نجيبها ، نحن متنافسون و لا نسعى إلی هدف واحد و الفائز لن يكون إلا واحد و هازار هذا قد يجيبك علی الأسئلة و لا يجيبنا ، أنا لن أتبعك حتى تعطيني ما يضمن أنك لن تغدر بنا


يقول هوساميوس و هو يضحك : يضحكون من قال لك أن هازار سيخبرنا بالإجابة ؟؟؟!!


_ كاسيوس : و لماذا ستذهب إليه إذا ؟؟!! ...... أتقصد أنه لا يعرف الإجابة ؟؟


_ هوساميوس : هو سيخبرنا كيف نتوصل إلی الإجابة و لن يخبرنا رغم أنني متأكد أنه يعرف الإجابة


_ آزابلانكا : و لكن لماذا أنت متأكد أنه يعرف ؟؟؟

_ هوساميوس : لأن هازار كان في شبابه منافساً و رفيقا لشالوسيوس ........ و ربما لا تصدقون ما سأقوله لكن الحقيقة أن هازار هزم شالوسيوس عندما عقد إمتحان الفلاسفة قبل عشرين سنة مضت


تظهر الدهشة علی وجوه الجميع و يقول بيريون بإهتمام شديد : هل أنت صادق في ما تقوله ؟؟؟


_هوساميوس : هذا ما أخبرني به هازار و هو لم يكذب علي إطلاقاً و لن يكذب أبداً ، و لكن لماذا أنت مهتم للأمر يا بيريون ؟؟



_ بيريون : لا شيء ..... لا تهتم ، دعونا نكمل طريقنا و حسب


يواصلون طريقهم حتى يصلون إلی المدينة و يدخلونها و عندما يدخلون يكون الصباح في بدايته و مع ذلك تجد الحياة قد دبت فيها و الجميع قد باشر في عمله فيقول هوساميوس بدهشة : ما هذا ؟!!!!! ...... لا أصدق ما أرى ، لم أتوقع أن نجد كل هؤلاء الناس فيها ، لقد خلت من البشر في ما مضى
يقول كاسيوس بصوت متعب و ضعيف : هوساميوس ...... يجب أن ننام قليلاً ، أنا بالكاد أستطيع الوقوف على قدمي


_آزابلانكا : هذا صحيح ....... فنحن لم ننم ليلة البارحة حتى نهر من قطاع الطرق ، يجب أن ننام كي نستعيد قوانا


_ هوساميوس : حسناً ..... سننام بعد أن نصل إلی بيت هازار


_بيريون : و أين يقع بيت هازار ؟؟؟؟


_هوساميوس : لقد تغيرت هذه القرية و صارت مدينة الآن و لا أذكر مكان بيت هازار ، سوف نسأل أحدهم و نعرف مكانه


أوقف هوساميوس أحد الماره و قال له : المعذرة ...... هل يمكنك إخبارنا أين يوجد بيت هازار


قال ذلك الرجل باستغراب : بيت هازار ؟؟؟؟!!!! ...... لعلك تقصد بيت الذباب الذي كان في منتصف المدينة ، لقد تم هدمه منذ سنتين و من المفترض أن يبنی مكانه طاحونة لأنه يقع في أعلى مكان في المدينة


يقول هوساميوس و هو مرتبك : و كيف نصل إلی هناك ؟؟


يقول الرجل : إستمر بالسير في هذا الطريق حتى نهايته و ستصلون إلی هناك


ما أن سمع هوساميوس كلام الرجل حتى بدأ بالركض نحو المكان المقصود .، فتبعه الجميع مسرعين حتى أدركوه و وجدوه ينظر و علی وجهه الصدمة و خيبة الأمل و هو ينظر إلی طاحونة غير مكتملة البناء و يقول : يا للأسف ، لقد طحنوا أزهارك يا هازار


ينظر الجميع إلى هوساميوس و هو يذرف الدموع من عينيه ، فقال كاسيوس : ماذا طلب منك هازار أن تحضر له ؟؟؟


يقول هوساميوس بحزن : لقد طلب مني أن أحضر له أخبار الزهرة التي لا تذبل


تقول آزابلانكا : و ما هي الزهرة التي لا تذبل ؟؟؟؟ ، لم أسمع عن زهرة لا تذبل فهل هي زهرة حقيقية ؟؟؟


يفكر هوساميوس قليلاً و يقول : لقد أخبرني هازار أنه زرع في هذه القرية زهرة لاتذبل و قبل ذهابي من عنده طلب مني أن أجلب أخبارها له


يقول بيريون : و هل أخبرك أنه زرعها في بيته ؟؟؟


_ هوساميوس : لا ...... لكن أين يمكن أنه زرعها ؟؟؟


_كاسيوس: ربما يقصد بالزهرة شيئاً يعطي ثماره دون إنقطاع و لا ينتهي رغم مرور الزمن


يفكر هوساميوس قليلاً ثم يقول : ربما يكون كلامك صحيحاً يا كاسيوس ، لكن يجب أن نفكر بعمق حتة ندرك ما هو مقصد هازار


تقول آزابلانكا : إذاً أخبرنا القليل عن هازار فربما نستوعب طريقة تفكيره


يقول هوساميوس : حسنا ..... سأخبركم بكل ما أعرفه عن هازار .......... إلتقيت به أول مرة قبل سنوات كثيرة عندما كان كلانا وحيداً
~~~~~~~~~~~~~


و جلس هوساميوس و صار يحكي و يتذكر كل ذكری له مع هازار ~~~~


في الماضي .... بعد أن تعلم هوساميوس طريقة هازار للهرب من الأسر قام بتنفيذها و الهرب من جيش ألكسندر ، و بعد أن إبتعد عنهم كثيراً وقف و فكر للحظات ثم إستدار إلی الخلف و عاد نحو جيش ألكسندر و بعد أن رجع و دخل إلی الخيمةالتي يوجد فيها هازار فدخلها و وجده جالساً في الداخل فقال هازار : كنت أنتظرك ...... كنت أعرف أنك ستعود


فقال هوساميوس : أنا أصدقك و لكن ..... كيف عرفت أنني سأعود إليك رغم عزمي علی الهرب ؟؟


_هازار : إذا فشلت ستعود رغماً عنك ..... و إذا نجحت ستعود بملئ إرادتك لأن لديك سؤالاً ستسأله


_هوساميوس : و ما هو سؤالي ؟؟؟؟


_ هازار : لا أعرف ..... الإحتمالات متعددة ، لكنك ستسألني سؤالاً

_ هوساميوس : سؤالي لك هو ...... لماذا تعيش ؟؟؟ من أجل ماذا تعيش ؟؟


_ هازار : هذا آخر سؤال توقعت أن تسألني إياه ، إنه سؤال كبير علی فتی صغير مثلك و مع ذلك سأجيبك ، أنا أعيش لأن الحياة نقيض الموت و أنا ما دمت من الحياة يجب أن أرفض الموت و أعيش الحياة ، أنا أعيش لأتعلم أعيش لأكتشف ما أستطيع إكتشافه ، أعيش لأتأمل عظمة هذا الكون ، أعيش لرسم الإبتسامة علی وجوه الناس ، أعيش لأزرع الخير و المحبة و أساهم بالحياة ، أعيش كي لا أموت ، أعيش لأن الحياة قدري ، أعيش لأن وقت موتي لم يحن بعد، أعيش كي أفعل ما أستطيع فعله ، أعيش كي أكون فيلسوفا



ينظر هوساميوس إلی هازار بحيرة كبيرة و يقول : لم أفهم كلامك ..... و ماذا يعني أن تكون فيلسوفا ؟؟؟؟


_ هازار : هذا سؤال إجابته تضع فيها كل ما قلته و تزيد عليها ، أخبرني أنت لماذا تعيش ؟؟؟


يبتسم هوساميوس و يقول : أنا سأعيش كي أكون فيلسوفا


~~~~~~~~~~~~~~~~~~


و في هذه الأثناء كان هوساميوس يقول لرفاقه : و عندها قلت لهازار أنني أريد أن أعيش كي أكون فيلسوفا ، و بعدها قال لي هازار أنه سيصحبني برفقته حتى نعيش سويا في أحد المدن البعيدة عن الحروب و المعارك و في ذلك اليوم ذهبنا إلی ألكسندر و قلنا له ما نريد فقال لنا .....



يقاطعه كاسيوس و يقول : هذا يكفي يا هوساميوس ..... قصتك طويلة جداً ، يجب أن ننام الآن فنحن لم نذق طعم النوم منذ زمن ، لقد اقترب حلول الظهيرة و نحن لم نعم منذ ليلتين


_ هوساميوس : حسناً ....... سننام هنا في ظل هذه الطاحونة ة عندما نصحو سأكمل الحديث
يضع هوساميوس حقيبته على الأرض ثم يضع رأسه عليها و ينام بسرعة ، فتقول آزابلانكا : لم أتوقع أن يكون ماضي هوساميوس حزيناً إلی هذه الدرجة


يقول بيريون : كيف يمكنه الإبتسامة رغم كل ما حدث معه ؟؟!!!


_ كاسيوس : يبدو أن هازار مسح الظلمات من قلبه ، أنا متشوق لرؤيته


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


و في مكانٍ ما من هذا العالم , في بيتٍ عتيق مليء بالكتب , و الفوضى الهمجية لها ترتيبٌ خاص يجعل لها رونقاً مقبولاً , بثيابٍ شبه بالية يخرج ذلك العجوز من بيته الصغير و يضع ذراعه أمامه كي يحجب أشعة الشمس و هو يستنشق هواء الصباح النقي و شعره الأبيض المتبقي تتلاعب به الرياح و هو يقترب من كرسي خشبي و يجلس عليه و هو مبتسم


نعم ....... إنه هازار " 73 عاماً "

ينظر إلى السماء و يتذكر ماضيه قبل أكثر من نصف قرن


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


صديقان شابان في معبد الآلهة في منتصف أثينا , يجلسان عند تمثال زيوس و أمامهم شخص كبير في السن يقول لهما : هذا كل شيء لدي , أنتما الآن جاهزان لتكونا فلاسفة , الأمر يرجع إليكما , و الأفضل سوف يكون مكاني يوماً ما , هل من أسئلة ؟؟؟!!

رفع أحدهما يده و قال له : سيدي لولوسيوس أريد أن أسئلك الكثير من الأسئلة

_لولوسيوس : تفضل يا هازار , إسأل ما شئت

فقال هازار : أين يوجد زيوس الآن ؟؟؟

فقال لولوسيوس : إنه في السماء ألم أخبركما بذلك ؟؟!!

فقال هازار : بل لقد أخبرتنا لكن هذا ليس هو سؤالي الجوهري إنها مجموعة أسئلة أعرف معظم إجاباتها لكن كي أصل إلى السؤال الرئيسي

إبتسم لولوسيوس و قال له : تابع أسئلتك إذاً

فسألأ هازار : و هل البقية موجودون معه أم هو وحده ؟؟؟

فقال لولوسيوس : نعم بقية الآلهة موجودون معه هناك

فقال هازار : إذاً سؤالي من هو الأقوى بينهم ؟؟؟؟

نظر إليه الآخر و قال له بغضب : عليك اللعنة يا هازار ..... إننا نعرف أنه زيوس

فقال لولوسيوس : على مهلك يا شالوسيوس , دع هازار يسأل كما يشاء , تابع أسئلتك يا هازار

_هازار : هل يستطيع زيوس أن يتولى أمور السماء و الأرض وحده دون الحاجة للبقية ؟؟؟!!!

هنا سكت لولوسيوس و لم يُجب

حتى كرر هازار السؤال عليه ظاناً منه أن السؤال لم يُسمع

فقال له لولوسيوس : نعم نعم , لقد سمعت و الجواب هو لا , كل هؤلاء يكملون بعضهم البعض و لا يمكن الإستغناء عن أحدهم


فقال هازار : إذاً هؤلاء جميعاً لا وجود لهم


سُعِقَ شالوسيوس و لولوسيوس من كلام هازار و بدأ شالوسيوس بالصراخ على هازار لكن لولوسيوس هدأه و قال لهازار : أوضح كلامك

فقال هازار : لو كانوا كما قلت لما بقوا على حالهم و لتقاتلوا حتى يبقى واحدٌ فقط أو يفنوا جميعاً , فكيف يبقون على هذه الحال و هذا الوفاق و عددهم كبير , و رغم هذا الكون مازال مستقراً بكل موازينه فلا خلاف بين يومٍ و يوم , هذا يعني بكل قطع أن الإله في هذا الكون هو واحد فقط لا ثاني له


عم الصمت قليلاً في المكان و لم يتكلم لولوسيوس فقال هازار : هذا مجرد كلام يا هازار , أثبت لنا ذلك , من أين جائوا هؤلاء إذاً ؟؟؟!!!

فقال له هازار بثقة : هل يمكن أن يكون ثلاثتني في منصب الفيلسوف الأعظم ؟؟؟ , أم سنختلف و نتقاتل ؟؟؟ , هل يمكن أن يكون لنا أكثر من حاكم ؟؟؟!!! , هل هذا ممكن ؟؟!! , بالطبع ستقول لي لا , فما قولك بحاكم هذا الكون كله , هل يمكن أن يكون له أكثر من حاكم ؟؟؟ , هذه الأسماء لا أؤمن بها و لا أقتنع إلا بوجود إله واحد فقط لا غيره

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

هذا ما حدث قبل أكثر من نصف قرن

و الآن هازار جالسٌ يشرب الماء بكأسٍ فخارية


و بعد أن إنتهى من شربه قال : الشكر للإله الواحد



النهاية .


يُتبع .......

__________________




رد مع اقتباس