ايقظها مما هى فيه صرخته الغاضبة :أأنت صماء ...
فأبعدت يديها عن عينيها بعد ان مسحت دموعها وتأهبت لتنطق بتلك الكلمات التى تحمل بين طياتها ماضيها الاليم ...
" لقد سألتني ماذا كنت قبلاً ؟ "
استطاع الجميع رؤية ملامحها التي تحولت من المرحة الماكرة إلى الهادئة الغامضة وقد احتل السكون روحها ؛ أومأ القبطان بهمهمة باردة يحثها على إكمال حديثها ...
" حسناً "
رفعت نظرها بهدوء تكبت انفاسها ودموعها
" اذاً افضل ان ارمي بنفسي من على متن هذه السفينة على ان أتورط بالمزيد ! "
التفتت بسرعة تثني ركبتها اليسرى مستعدة للقفز عن السفينة امام دهشة آر الذي ظن بأنها جاسوسة لهذا تحاول الهرب ؛ فانتفض واقفاً ليسبقه القبطان بالقبض على ذراعها وسحبها بحدة لتسقط على ارضية السفينة بألم ثم أشهر بسيفه امام وجهها
نطق أحد التوأمين " ماذا تفعل ؟ "
اكمل توأمه الاخر " لا يمكنك قتلها "
التمعت الدموع بعينيها ونطقت بقهر " ماذا تريد مني انت أيضاً ؟ "
اجابها ببرود " أريد ان اعرف من انتي ؟ومن اين جئتي ؟ "
ابتسمت ابتسامة باهتة مجاوبةً " ولما تريد ان تعرف ؟ اه اجل لسلامة طاقمك "
اخفضت نظرها بخيبة قائلة " أتعلم من الجيد لي ان تقتلني الان ؛ مهما كنت مجرماً بالقتل ستكون افضل منهم "
امسك اعصابه وارخى سيفه فعليه فهمها لأن المسألة ليست بسيطة كمان بدت له
" تكلمي بماذا تورطتي ؟ "
رفعت جذعها العلوي اكثر لتجلس بهدوء ثم تتنهد بحيرة ، هل تثق به وتخبره ؟ إن علم بالأمر قد يسلمها لهم !
" لقد قاموا بخطفي مع أطفال قريتي ثم احرقوا كل من بها ومافيها "
قاطع آر حديثها بسؤاله " من هم؟ "
نظرت له بحزن وقهر ثم نطقت بارتجاف
" عشيرة المغول "
ارتعش سيف القبطان لذكرها باسمهم ولم يستطع إخفاء تعابيره القلقة من حدوث الخطر
" كان هذا منذ سنتين وكل يوم يقدمون طفلاً قرباناً لذاك الصنم ، كانوا إما يلقون الطفل في النار أو يخرجون أحشائه ويشربون دماءه .. قطرةً .. قطرة"
وقع الكوب من يد التوأم بصدمة لينسكب على الأرض " هل هؤلاء ببشر ؟ "
" لا أجزم ذلك ، في ذلك اليوم كان مبتغاهم ان أصبح مثلهم وارتشف دماء الطفلة الضحية "
حركت رأسها بالنفي وجزمت قبضة يدها بأنين
" لقد قاومت رغم التعذيب ، لم استطع الاحتمال فسكبت كأس الدم على تمثالهم الذي يعتبروه إله لهم ... ولكن ذاك لم يكن إلا سحراً ملعوناً "
كان الجميع في حالة صدمة ولا يستطيعون التفوه بكلمة فقد هرب منه الكلام لما سمعوه
سألها القبطان " هل أصابتكِ اللعنة ؟ "
" صحيح ، لقد انشطر ذاك التمثال إلى نصفين ورأيت آنذاك سفينة اللؤلؤة السوداء وقلب روزايفس
واشياء كثيرة لم اعلم ما هي ، كل ذلك قد اخترق بصيرتي فأصبحت بالنسبة لهم طعاماً بسبب ظنهم بأني امتلكت قوة إلههم "
تقدم منها آر قائلاً بغموض " اذاً انتِ من قمتي بكسر التعويذة لتظهر كل تلك الكنوز التي كنا نجول البحار بحثاً عنها "
تكلم القبطان أخيراً " ولهذا اختبأتِ في سفينتي هروباً منهم "
اخفضت رأسها واجابت بإماءة مؤكدة له صحة كلامه ؛ لقد انتابها الخوف منهم جميعاً بعد معرفة قصتها فجثت على ركبتيها والدموع تسيل على وجنتيها برجاء " أرجوك .. لا تسلمني لهم .. لا تدعهم يمسكون بي "
نظر إليها بعينان جامدتان خاليتان من المعنى والتفت معطياً ظهره لها دون ان ينطق بكلمة ولكن قد وصل المعنى إلى " آر " الذي مد يده نحوها يحثها على النهوض ؛ نظرت إليه ملياً بعيناها الباكيتان وبدت ملامحه لها كأول مرة التقت بها
وكما اخرجا من برميل الماء ؛ هكذا اخرجها من ظلامها وجعلها تنهض فأضاءت اول نجمةٍ حمراء في راحة يدها مما أثار ذهول الجميع
تكلم آر قائلاً بابتسامة " إن أصبحتي فرداً من طاقم السفينة سنتساند جميعاً على التصدي للأخطار يداً في يد "
افرغت فاهها بتعجب واندهاش " انا ؟ "
ادرك اسلوبه الغرور والسخرية في آن واحد " اجل .. على الرغم من انكِ لا تجيدين شيئاً من طبخ وتنظيف .. ولكن "
أكمل القبطان عنه ونظره مثبت نحو البحر
" يمكنكِ ان تكون ملاحة السفينة ، فأنتِ اصبحتِ تمتلكين البصيرة "
هتف البقية بابتسامة " اهلاً بكِ معنا "
لم تستطع إخفاء تعابير الراحة والبهجة على محياها لقد كانت سعيدة بشعورها بأنها لن تكون وحيدة بعد الان ؛ فلقد أصبحت فرداً من كل
" هييه "
نظرت إليه فيتجنب مواجهتها وقد أدار وجهه للناحية الأخرى واخفض رأسه ثم قال بهدوء
" يؤسفني ما حدث معكِ .. لم اتوقع ذاك القدر من الألم "
ابتسمت بخفوت " على الرغم من اني لا استطيع نسيان ما جرى ولكني بخير الان "
التفت معطياً ظهره لها " لا عليكِ .. ذاك لن يتكرر ابداً ، لن أسمح بذلك "
" آر "