عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-06-2017, 12:02 PM
 
ماضي ، حاضري~بديلتي



أيام سالفة...أناديها، فتهجرني دون رحمة ..

لحظات سابقة...ألاحقها فتتجاهلني دون اكتراث...

أبي، أمي...

وهباني الحياة و ودعاها حين سعادتي !

فهل لي السعادة بعدهما..؟!

ذلك وهم ..لا صحة له..

-------
-------



كنت معها دوما ...
كانت معي دائماً...

هيَ أختٌ لا بل صديقة ..

عندما أرغب بالبسمة أجدها جواري و عندما أذرف الدموع أجد دموعها تنزل قبلي ...

تلك هي من تبادلت حياتي معها ..!

تلك هي..

"فينيسيا"


---------
----------


أذكر للآن تلك البداية لتحطيمي

فتاةٌ فقدت والديها أصبحتُ بعد ذلك الحادثِ المريع..

في تلك الساعات التي كنتُ بها أرسم آمال السعادة ، منتظرةً وصولنا للريف

والدي يوجه حدقتيه للأمام و ذراعيه ملتصقتان بالمقود الجلدي ، بينما يحادث أمي ..

لآخر جملٍ و حوار ..!

" آزابلانكا ، من هنا أشم رائحة أوَّلِ لقاءٍ لنا..أتذكرين؟"

أمي..بدى صوتُ أمي...
نغمة الفرح ممزوجةً بالمرح ، و هي تطلق عنان لسانها الساخر من زوجها الموقر الذي بدأ محادثة الماضي بلكنة فارهة: بالطبع ، تقصد عندما سقطت من شجرة التوت الأحمر لشدة ذهولك لجمالي الساحر ..كيف لي أن أنسى أنفك المحمر ، فهو أوَّلُ ما رأيت.

إعتراضٌ تجلَّى في تقطيبة خفيفة على ملامح والدي ، هذا الرجل الذي مازال يحتفظ بسيماءِ شبابه قال لها : كفِّ عن سرد القصة من طرفك فقط عزيزتي ...لقد فاجأتني فقط بصرختك المرعوبة من دجاجة الحظيرة التي خرجت عن السيطرة .

كنتُ أصغي بصمت ...
واضعة ذراعي تحت ذقني ناظرة لما حولي من طبيعة خضراء أبدعها الباري من خلال النافذة المفتوحة التي تقود النسيم لمداعبة قسماتي و شعري الأرجواني الداكن الذي ورثته من والدتي...

لها جمالٌ أخاذ يأسر القلوب ..هذه الطبيعة ...

سلبني التركيز جملة مغتاضة وجهتها أمي لزوجها ..الذي يكون أبي : ماذا ..؟..تقصد أني لم أكن جميلة عندما رأيتني؟!

كنتُ مستغربة...
لمَ هذا الطبع الطفولي يظهر فجأة بينهما ، و مع ذلك...

لوالدي أسلوبه الذي يقلب موازين الأمور..بل المشاعر : عزيزتي ، لم أقصد ذلك... لكنني أراك أصبحتِ أكثر جمالا بعدما امتلكتك .. لذا لا أقيسك بما مضى..

حمرة أمي..خجل أمي، و بهاءً ظهر من محياها جر والدي للإبتسامة...

كانت فخرا بنصره، أم فرحاً لابتهاجها ...لا أعلم...

صمت هو ما حصل ، بها نظراتٍ مكشوفة بينهما ...

لذا وجهت جسدي ليستقر خلفهما بالوسط حتى أتمكن من ملامسة كتفيهما بذراعي التي مددتهما : أتمنى..أنكما لم تنسيا أن ابنتكما جالسة في الخلف عزيزَي.

قالت والدتي: ذكرياتٌ نتصفح ساعاتها، و أنتٍ ستمرين بمثلها يا ابنتي ...عندها ستسردين قصة أول لقاء لك مع زوجك لأطفالك .

تظاهرت بشهقة لأقل بعدها مخفية خجلي الذي اكابره : ليس عدلاً ..لديك ابنة واحدة و تطلبين مني أن انجب اطفالاً عدة..!

ضحكنا ،
نحن الثلاثة...
آخر ضحكة، آخر قهقهة ، آخر بسمة ظاهرة ...

بعدها
ظهرت تلك الشاحنة ..

لم أعرف إلا نور المصباح الأمامي الذي غشى نواظرنا ...

جملة أمي المخاطبة للسائق الذي حاول الابتعاد : ليفاند، انتبه.

بعدها ، ساد الظلام ...!!!

------------
------------


فتحت عيناي ، وجهت بؤبؤتاي السوداوان نحو مجاورتي ...

لم تكن أمي، لم يكن أبي ...

و لم يكن شخصٌ مجهول !

صديقتي ..كانت ..

بأعينٍ حمراء متورمة ..

نطقتُ اسمها بهدوء.. لتفزع هي آتيةً قرب رأسي : كالين..

احتظنتي بدفء ، بل بقوة لأنطق أنا: مؤلم!
ابتعدت من فورها...

جلست تنظر لي بحنانٍ فاق عادتها ...

لأسئلها أنا بخوف: والدَي ، أين هما؟!

لقد ..بكت..

بكائها ، إجابتي ...

عضضتُ شفتي ،حتى تلامست بسائل قانٍ خرج ..

أظنه يسمى الدم !
كنت بهذا أقاوم شهقاتي ..

لكنها خرجت...ثم خرجت ، حتى اضطر الطبيب لإسكاتي بإبرةٍ مهدئة...

و هل لمصابي هدوء ؟!

-------------
-------------

أنا الآن ...في منزل فينيسيا

عائلتها ، عائلتي ...

ابتسامتها ، فرحتي..
فأنا لا قدرة لي على الإبتهاج !


لكنها أنسي ،أنيستي ...

لقد تكفَّلت عائلة فينيسيا بنقلي لهم كليًّاً ..
و لا مشكلة كبيرة و أنا قد تعديت الثامنة عشرة منذ عام ..

و لم أتصوَّر أن أكون بهذا بديلتها...

مضت الأيام حتى عدت أستطيع تصنع المرح و أفتعل الفوضى في المنزل العائلي الجديد...

آثار الرضوض اختفت و كسر يدي قد شفي ...

و انطوت صفحات الماضي مع ختم اليتم الذي ما زال يختم كل يوم ...

أنا و هي ...

صعدنا بشقاءٍ على سطح المنزل ، تلك عادة الطفولة التي لا نستطيع تجاهلها...

هذا السقف و سقف مشابه كان لي ...
كان محطتنا السرية غالباً...

كانت تضع رأسها على كتفي ، مسدلة جفنيها برخاء يكتم على حدقتيها العسليتان

قالت لي : اتعرفين ؟.. أشعر أنكِ أنا كالين.

قلتُ أنا و كفي تمرِّر نفسها على خصلاتها الناعمة الشقراء: لستُ بروعتك ، أنت صديقةٌ رائعة .

اعتدلت فينيسيا بجلستها تنتظرني بمفاهيم دون كلمات ..

ثم نهضت تحوم حولي ، تدور و تدور : أنا لستُ ملاكا كالين ، لكنني أفضل من قد تواجهينهم في حياتك ، بل لن تجدي أفضل مني.

أبديت نوعا من الإستهزاء رافعةً كتفي : يا التواضع .

كانت لحظاتٌ عادية لولا ما حصل...

عندما وقفت على الحافة ، و فجأة ظهر صوت صراخ أخيها الصغير الذي أتانا لينادينا للغداء ...

عندها ، اختل التوازن من جسدِ صديقتي ...

لأصرخ أنا دون وعي...

ذهبت لدى موقفها أتفحصُ ما حصل ...

تلك العينان الشابحتان نحوي، و ذلك الثوب القطني المطرز مملوء بالدماء ..

شعرها الاشقر يسيل من ثناياه ذلك الدم ...
شفتيها مفتوحتان قليلاً..

و روحها مغادرة...!!!

منذ ذلك الحين ، أنا بديلتها ...

مكانها، أسرتها ...كلها أصبحت لي ..و مجاورة والدي أنا
..كمنت حقيقة لها هي..!

بينما سِيد بات يداوى إثر صدمته...

أنَّهُ قاتل أخته...

قاتلٌ قتلَ دون وعي..

--------------
------------


أتمنى أن تنال الحكاية إعجابكم
__________________
رد مع اقتباس