عرض مشاركة واحدة
  #134  
قديم 07-08-2017, 06:46 PM
 


الزهرة الثانية و الأربعون : جوليا.
" جوليا : في قريتي... كانوا دومًا ينادونني بالمشعوذة ؛ كانت مجرد قرية صغيرة في أقصى الغرب، هادئة و مسالمة، لم يكن سكانها يفقهون شيئًا عن الخيمياء و الخيميائيين، لأني كُنت أستعملُ أساليبًا مغايرة للسحر و لم أكن ساحرة، كانوا ينعتونني بالمشعوذة فقط، دومًا ما خافوني، خشوا الاقتراب مني و لعنوني، أما أنا فقد عشتُ معَ أخي الأصغر وحدنا، في كوخٍ صغير من الخشب على أطراف القرية، لم تكن لدينا أمٌ تعتني بنا أو أبٌ يصرفُ علينا... أنا و هو فقط، أخي كانَ مريضًا جدًا على الدوام، فهو على عكسي يمتلكُ جسدًا ضعيفًا و لا يجيد أي نوعٍ من السحر أو الخيمياء، و في السنواتِ الأخيرة سائت صحتهُ أكثر ليمسي غير قادرٍ على الوقوف، أما أنا فقد أخذتُ مسؤولية رعايتهُ و تأمين حاجاته على عاتقي كوني الأكبر سنًا و الأكثر صحة ؛ أنا، كان لدي سرٌ صغير، هوَ لم يكن سرًا، لكن لم يصدقني أي أحد عندما أخبرته أياه لذا توقفت عن الحديث بشأنه فقط... في الوقتِ الذي أغفو به، أجد نفسي في قاعةٍ كبيرة تمتد من الأفق و حتى الأفق، أرضيتها حمراء لامعة تعكسُ ما فوقها بمثالية تامة ؛ سقفها أسود لا يقلُ لمعانًا عن الأرضية، و أعمدة مصطفة من الذهب لا يقل جمالًا عن سابقيه... و في المنتصفِ تنتظرني بوابةٌ سوداءٌ إطارها من الذهبِ نُقشَ على زواياها بالياقوت الأحمر كما مقبضيها شبهُ الشفافين، لم يكن هُناكَ أي جدران خلفهُ أو أمامهُ، فقط أنا و هو.. كنتُ ولسببٍ ما لا أترددُ أبدا في فتحهِ فورًا.. أفتحهُ لأدخلَ غرفةً أرضيتها سوداء و سقفها أحمر بجدرانٍ بيضاء لؤلؤية، زُينت الأرضية اللامعة بسجادةٍ حمراء حريرية اعتلتها طاولة زجاجية ذات أرجل من الذهب، و على مقربة منها كرسي أسود متصل بالأرضية كما لو كان جذع شجرة بيدين ذهبيتين و مقعد حريري أحمر حُشيَ بالإسفنج، أمامَ ذلكَ الكرسي فجوة دائرية بإطار ذهبي تربعت على الأرض تعوم فوقها بلورة عملاقة شفافة اللون... في تلكَ الغرفة... و تحديدًا فوقَ ذلكَ الكرسي الشبيه بالعرش... تجلسُ سيدة شقراء فاتنة الجمال لها نفسُ لونِ عيني الأزرق تنظر إلي بإبتسامة تعلو شفتيها التي كانت السفلية منها قد طليت باللون الأحمر، ترتدي عقدًا رفيعًا من الذهب و أقراطًا ذهبية تتدلى منها سلسلة نهايتها ورقة برسيم ذات أربعة أوراق ياقوتية حمراء تمامًا كتلك الخصلة التي زينت منتصفَ شعرها، كانت ترتدي فستانًا أحمرًا شبهَ منفوش من الحرير ملفوف حولَ جسدها كاليوكاتا الياباني مفتوح ابتداءً من وركها و حتى النهاية و تحتهُ فستان آخر من الستن ذو اللون اللؤلؤي، حزام حريري رفيع ذو لون ذهبي لُفّ على خصرها عُلقت عليهِ ربطة زهرة كبيرة عندَ جانبه الأيسر تدلت شرائطها حتى أطراف الفستان، كانت تجلسُ بإنتصابٍ على كرسيها ذاكَ و تضعُ كفيها فوقَ بعضهما على فخذيها، كانت فقط تبدو نبيلة بحق...
و لسببٍ ما كانت أعتقد أنها امي.. كانت تدعني أجلسُ على فخذيها و هي تداعبُ خصلات شعري بهدوء، كنا نلعب، نتحدثُ نضحكُ كثيرًا...هيَ من علمني كُلَ أساسيات الحياة، القراءة، الكتابة، الحياكة، الطهي، صيد السمك، و حتى الخيمياء، هيَ من علمتني حتى أتقنتُ سحري، أو الخيمياء الخاصة بي.. دونَ أن ننسى أنها من كانَ لها الفضلُ في بقائي على قيد الحياة... لكن عندما أفتحُ عيناي.. تتلاشى ذكرياتي خلال دقائق و أمسي غير مدركةً لشيءٍ سوى أن أمي هيَ من علمتني ذلك... أنسى كل شيء بما فيهم شكلها و صوتها، و بعد مرور فترةٍ معينة أصبحتُ أنهض من سريري إلى الورقة والقلم أدونُ ما أتذكرهُ عنها و ما قمنا بهِ معًا بغض النظر عن الأمور التي تعلمتها منها... مهما كُنتُ أكادُ أموتُ جوعًا أو بردًا، كُنتُ دومًا أستيقظُ صباح اليوم التالي مفعمةً بالحيويةِ و النشاط، وإن سألني أحدٌ عن السبب، كانت إجابتي دومًا ( تناولت الطعام مع أمي )، ( تدفأت أمام المدفأة في حجر أمي )، ربما يكونُ هذا أكثرَ ما أفزعهم مني، أني بقيتُ على قيدِ الحياة لسببٍ ما دونَ طعامٍ أو ماء... لكنني فعلتُ ذلكَ حقًا، أكلتُ معها، تدفأت معها، لماذا يا ترى.. أشعرُ أنّ هذا المكان يبعثُ على الحنين... أودُ رؤيتها حقًا، أمي من الحلم... هذا ما يصرخُ بهِ قلبي حاليًا "
صوتٌ انثوي غمرَ المكانَ من العدم قائلًا : من المذهلِ أنكِ وصلتِ إلى هذا البعد.. جوليا... مع أنَ أسودَ الشعر كان له دورٌ كبيرٌ في عبوركِ للإختبارِ السابق...
وفورًا اكتست الصدمة ملامحَ وجهِ جوليا و ارتسمت الحيرة على محياها
قالت محدثةً نفسها : هذا الصوت.. أشعرُ إنني سمعتهُ في كانٍ ما قبلًا...
هَتفت جوليا تُحدثُ صاحبة الصوت : مَن انتِ !، لِما قَلبي ينقيضُ هكذا عندما اسمعُ صوتكِ !
فاجابتها بهدوء : لابأس لابأس، ستدركين كُلَ شيءٍ قريبًا...
سكتت ثُمَ أردفت بجدية : وَجدتم مفتاح الباب الياقوتي، تسلقتم الدرج الزجاجي، أسعدتم فيو، وفتحتم باب السنبلة الذهبية، مبروك، لم يتبقى امامكم سوى تحدٍ اوحدٍ فقط...
سكتت ثُمَ اردفت مجددًا بصوتٍ تخلله بعض الحزم : بالمناسبة ميرا، لم اعهدكِ تتسكعينَ في الارجاء هكذا.. وبرفقةٍ ذلكَ الشيء..
اجفلت ميرا واخذت تعتذرُ مرارًا وتكرارًا بينما حدثَ راين ذاتهُ بتكلف : هذه المرأة... أنعتتني بذلكَ الشيء توًا ام انني اصبحتُ أُهلوس ؟
إتسعت عيناه فجأة ليردفَ محدثًا ذاتهُ : مستحيل ان تكونَ على دراية بهويتي !، تبًا عندما احتاجكِ لاتكونينَ هُنا !، فيينتو ساما...
داخلَ الغرفة التي تجلسُ فيها صاحبة الصوت فَرقعت اصابعها ليظهرَ بابٌ من اغصان الشجر واوراقها قربهم
قالت : لابدَ وإنكم متعبون... فلتستريحوا في تلكَ الغرفة... لديكم تسعُ ساعاتٍ لترتاحوها...
دخلوا إلى الغرفة برفقة ميرا وقد كانت من الخشب بالكامل لاتحتوي سوى سبع اسرة لك هذا لم يعني إنها لم تكن فخمة فقد كانت الاسرة افخم ماقد ينام عليهِ إنسان، بقيَ السبعة يحدقونَ بما حولهم بذهول بينما إرتمى راين على احدها ليرتدَ جسدهُ بضع مرة بينما يزفرُ براحة
قال بصوت شبه هامس : فقط كم من الوقت ولم أستلقِ على سريرٍ مريح كهذا قد مر ؟...
فقالت روبي : أنا لم أفعل في حياتي
إبتسمت بياتريس لتقول : وانا كذلك...
سألَ هاري : أيمكن ان تكونَ من أسرة ثرية أيها القائد ؟، سيد صغير مدلل ؟
ردَ راين بإنزعاجٍ واضح : فقط اخرس ودعني ارتاح !، اخر مرة إستلقيت فيها على سرير كهذا كانت عندما كُنتُ في السابعة !
تعجبَ البقية لينظروا لبعضهم البعض فسال راين : على اي حال، من كانت تلكَ المرأة بحق ؟، ميرا...
إرتبكت ميرا وإكتست وجهها حمرة طفيفة لتقول ، هاهوَ يفعلها مجددًأ !، ينادي بإسمي بكل عفوية !، راين ساما انتَ تؤذي قلبي !
حاولت السيطرة على نفسها فأجابته : تلكَ كانت كاترينا ساما..
هَمهَمَ راين متفهمًا بنبرةٍ مرهقة ثم قالَ بصوتٍ خافت اخذَ يخبو تدريجيًا : هكذا إذًا... لدينا يومٌ حافلٌ غدا...
ثُمَ غطَ في النومِ من فورهِ دونَ ان يشعرَ احد

رد مع اقتباس