عرض مشاركة واحدة
  #136  
قديم 07-09-2017, 01:10 PM
 


الزهرة الرابعة و الأربعون : سرٌ، نَدَمٌ وَ نُبوءةٌ.
مضت التسع ساعات الراحة التي وعدتهم بِها كاترينا بالفعل و بدأوا بالاستعدادِ من أجلِ المغادرة، الجو كانَ ثقيلًا مشحونًا و متوترًا جدًا و إلى أبعد الحدود، و كيفَ لا وما سمعوهُ قبلَ قليلٍ قطعًا لم يكُن مزحة، أما راين فقد كانَ يتصرفُ بطبيعيةٍ تامةٍ بينما يوجهونَ لهُ نظراتٍ مسترقة بينَ حينٍ و آخر، وقفَ الجميعُ أمامَ البابِ استعدادًا للخروجِ فأغمضَ راين عينيه زافرًا
قال : إذًا ؟
أجفلَ الجميع ليشتتوا نظراتهم بين بعضهم أو حول المكان بقلق و ارتباك فوجهَ راين نظرةً مخيفة إلى ميرا
هَتَفت : أُقسمُ لكَ أنني لم أنطق بكلمة !
زفرَ راين مجددًا و أخذَ يربت على رأسها بسبابتهِ قائلًا بندم : آسف حسنًا ؟، أنا فقط متوترٌ قليلًا...
تقدمَ منهُ هاري بقلق قائلًا : عليكَ أن تقدمَ تفسيرًا !، لقد كُنتَ تتعرق و تتمتم و حتى تبكي !، أيحدثُ هذا كل ليلة ؟، ثُم ما الذي فعلتهُ في الماضي لتتأسف كُل ذلكَ الأسف بل و تتخذُ الموتَ أمنية ؟
قالَ ماركوس مرتبكًا و لأولِ مرة منذ وقتٍ طويل تختفي ابتسامته المرحة المعتادة : مـ مهلًا هاري.. لا تضغط عليهِ كثيرًا حسنًا ؟
نظرَ هاري إلى ماركوس قائلًا : بل يجبُ عليّ ذلكّ !، ماركوس أعرفُ أنكَ لطيف لكن تصرفكَ سيؤدي إلى نتائج عكسية !، عليهِ فقط أن يبوح لنا بكل شيء بدل كبته داخله هكذا !، نحنُ يمكننا التخفيفُ عنه بهذه الطريقة !
ماركوس : لكن !
عضّ راين على شفتهِ ليقولَ بصوتٍ خافت : انسوا ما رأيتموه و سمعتموه اليوم فقط.. رجاء...
وضعَ لوكي يدهُ على كتفِ راين قائلًا : راي تشي، لقد عشتُ لوقتٍ طويل و أنت تفهمُ ما أعنيه !، أخبرني، ربما أستطيع تفهم شعوركَ...
ابتسم راين ساخرًا و أبعدَ يدَ لوكي بهدوء قائلًا : ليسَ عليكَ ذلك !، أنتَ لا تود تجربة شعورٍ فضيع كهذا...
همست بياتريس تشبكُ ذراعيها إلى صدرها بقلق : راين...
التفتَ نحوها يُحدقُ بعينيها المرتجفتين بدهشة ليقولَ محدثًا ذاته : ليسَ أنتِ أيضًا... فقط أوقفي نظرات الشفقة تلك..
حاولت أن تهتفَ لكنها في النهاية قالت بصوتٍ خافت : أنا سأنتظرك !
اتسعت حدقتا عيناه لتهتفَ مردفة : لقد قلتَ سابقًا أنكَ ستخبرني في يومٍ ما !، و أنا أصدقك !، سانتظرك !، لذا احرص على اخباري حسنًا ؟، راين !
حَدثت نفسها قائلة : ما اريدهُ الان ليسَ الوصول إلى قرية الزهور لابصار ضوء الشمس، بل لفهمهِ أكثر !، لاعرفَ اي نوعٍ من الاهدافِ يدفعهُ ليكونَ مستميتًا للوصولِ إليها، لاكسبَ الحق في الوقوفِ بقربهِ واردَ لهُ شيئًا من جميلهِ في الوقوفِ معي على الرغم اننا كُنا غرباء تمامًا حتى قبلَ بعضة اشهر فقط
نظر إليها بدهشةٍ لوهلة ووفاهُ مفتوحٌ ليبدأ بالضحك بعدها حتى أمسكَ معدتهُ لشدتهِ تحتَ أنظار الجميع المذهولة ليبتسمَ في النهاية قائلًا
راين : أنتِ فعلًا مجردُ حمقاءٍ ألستِ ؟
تعجبت المعنية لتهتف باستنكار : ما- !، لماذا !!
أومأ نافيًا ثم قال : لا، لا شيء..
التف نحوَ البابِ معطيًا اياها ظهره و قالَ بينما يسحب المقبض : سأفعل... أعدكِ أنني سأفعل...
فُتحَ الباب على مصراعيه ليستقبلهُم صوتها قائلًا : لقد استغرقَ منكم وقتًا للخروج، لقد ظننتُ أنكم متم !
ابتسمَ راين قائلًا بنبرةٍ مستفزة : حتى معَ أنكِ تُراقبيننا ؟
قهقهت كاترينا بخفة لتقول : معكَ حَق !، لَقد نسيتُ الأمرَ تمامًا !، هلّا دخلنا في المهمِ إذًا ؟، طلبيَ سهلٌ جدًا، سأفتحُ بابًا متصلًا بجزيرةِ التنين، نيفي لافا، وزكلُ ما عليكم فعلهُ هوَ احضارُ أحدِ حراشف التنين الزرقاء إلي، هذا كُلّ شيء
ازدردَ راين و.لوكي ريقيهما هامسين : تـ تنين...
اعترضت روبي سائلة : مهلًا !، كيفَ لنا طلبُ شيئٍ مِن تنين ؟
ردت كاترينا بنبرة عابثة : لستُ أدري !، إنها مهمتكم لا مهمتي.
ظهرَ أمامهم فجأة بوابةٌ من التوباز السماوي أحاطَ بها اطارٌ من الفضة كمقابضها و نقشَ عليها تنين ملتفٌ حولَ نفسهِ بينَ الحفر والندبِ
قالت كاترينا بجدية : ما إن تعبروا هذا الباب ستعودُ قواكم السحرية للعملِ مجددًا دونَ مشاكِل... حظًا موفقًا إذًا.
مدّ لوكي يدهُ نحوَ مقبض البوابةِ ليسحبهُ نحوه بهدوءٍ فوجدوا نفسهم فجأة على حافةِ الجزيرة العائمة التي رأوها قبلَ دخولهم الشجرة ووالرياحُ تعصفُ بِهم بشدة، كانت الأرض بيضاءَ إسفنجية غطى الثلجُ كُلَ إنشٍ منها و الأشجار زرقاء كرستالية متجمدة تمامًا، يسارهم نهرٌ أزرقُ متوهج يتصاعدُ منهُ بخارًا إذ مر من خلالهِ شيئٌ أصبحَ أنصافًا عدة، ووبالنسبة لبياتريس ففجأة شعرت بصاعقة تمر داخل رأسها لتضغط عليهِ بقوةٍ بينَ يديها تضغطُ على أسنانها و تجثو على ركبتيها تحاولُ كبتَ أنينها من الألم
سألَ لوكي قلقًا : ما الأمر بيارين ؟
التفتَ إليها البقية بصمت و القلق يفيض من عينيهم دون أن يتلقوا أي إجابة و فقط سيطرَ الفزعُ على محياها كمن أبصرَ شبحًا على حينِ غرة، أما هيَ فقد كانت تنبثقُ إلى رأسها صورًا عدةً و ما كانت سوى روبي التي تبكي بحرقة بينما تعانقُ جسدَ أحدهم، هاري الذي يرفعُ رأسهُ إلى الأعلى و الدموع تسيلُ من عينيه، جوليا تستلقي على الأرض ووالدماء تفيض خارج جسدها، لوكي يحتدم في قتالٍ معَ شابٍ ذو شعرٍ رمادي، ماركوس بالكادِ يقفُ على قدميهِ و الدماء تسيلُ من فمهِ و رأسه و أخيرًا راين يحترقُ بنيرانٍ بيضاء حينها فقط ازداد إرتجافها ووفزعها لتتشبثَ بقميص لوكي فقد رأت نفسها تأخذُ بيدِ غريبٍ أبيضَ الشعر أحمرَ العينين
هتفت بياتريس بفزع : لاويجب علينا الذهاب !، أمور فظيعة ستحدث !!
لوكي : إهدأي بيارين !، إهدأي و أخبرينا ما الأمر حسنًا ؟
أومأت بياتريس ببطء بينما لم تكُفَ عن الارتجاف
قالت بفزع : لا أعلم.. فجأة، أخذت بعض الصور تتدفقُ إلى عقلي، الجميعُ كانَ مُصابًا... روبي تشان و هاري سان كانا يبكيان، جوليا و ماركوس سان على شفير الموت، لوكي يُقاتلُ شابًا رماديَ الشعر، من ثم... راين...
دمعت عيناها لتكمل : يحترقُ بنارٍ بيضاء...
سادَ الصمتُ المكان لا أحدَ يعرفُ ماذا يقول أو من أينَ يبدأ ليضعَ راين يدهُ فوقَ أذنهِ بعد أن اخترقها أزيزٌ عالٍ فالتفت ت إليهِ بياتريس فزعة ليهتفَ هوَ
راين : مهلـ !، لا تصرخي في رأسي هكذا فجأة !
و من فورهِ لاحظَ نظرات البقية القلقة لهُ فاستعادَ هدوءه قائلًا : بياتريس، الرياح تودّ الحديثَ معكِ...

رد مع اقتباس