الزهرة الخامسة و الأربعون : العَرافة.
سألت بياتريس بتعجب : مـ معي ؟
مد لها يده و أومأ بالإيجاب لتأخذَ بها دون تردد فنظرَ راين إلى البقية قائلًا : لوكي و ميرا وحشان سحريان لذا لا أستطيعُ نقلَ صوت الرياح لكما، كما أن نقلهُ لخمسة أشخاص أمر صعب ووسيتسببُ في جعليَ عديمَ الفائدةِ لبقية اليوم لذا...
أومأ لهُ الجميعُ بجدية لتقولَ روبي : احرصا على إخبارنا بما تقولهُ لاحقًا..
أومأ كل من بياتريس و راين إيجابًا ليغمضا عينيهما معًا وويبدأ الاولُ بتمتمه بعض الكلمات فتوهجِ بالأزرق السماوي لينتقلُ ضوءه إلى الأخيرة فيفصلُ وعيهما عن العالم الخارجيِ جزئيًا
قالَ راين : يُفترضُ بكما سماعُ بعضكما الآن، بياتريس، فيينتو ساما..
قالتَ الرياح بنبرة متململة : أعرفُ ذلكَ أيها الطفل.. إذًا، لندخل في المهم على الفور...
هتفت : بياتريس !
أجفلت المعنية لهتهفَ بدورها : أ أجل !
سألت : أمتأكدة أن هذا هو كُل ما رأيتهِ ؟
لمع داخل ذاكرة بياتريس المشهد حيثُ تشبثت بيد الغريب أبيض الشعر فقالت بتردد : أ أجل...
تنهدت الرياح قائلة : و أنا التي اعتقدتُ أنني أفكرُ بشكلٍ مفرط..من كانَ ليتصورَ أنني سألتقي بكِ مرة اخرى..
سألت بياتريس باستغراب : عفوًا ؟
فردت الرياح : لا، لا شيء.. على كُلِ حال.. ما رأيته لم يكن الماضي بكل تأكيد.. لذا هوَ و من دون أدنى شكٍ المستقبل..
ازدردت بياتريس ريقها لتقول : ا.. المستقـ.. ـبل ؟
الرياح : أخبرتكما ألم أفعل ؟، إن تمكنتِ من الموازنة بينَ سحريكِ المتناقضين ستتمكنينَ مِن الدمج بينهما أو حتى رؤية المستقبل.. و لنكونَ أكثرَ دقة فأنتِ عرافة.. يُمكِنُكِ رؤية الماضي و المستقبل على حد سواء، و سبب استيقاظ قُدرتُكِ كمشعوذة هوَ على الأغلب ايجادكِ لهدفٍ داخلَ الشجرة العظيمة..
بياتريس : هدف.. هاه
الرياح : لا بدَ أنكِ تمنيتِ شيئًا بشدة أكثرَ من رؤية ضوء الشمس هناكَ ألم تفعلي ؟
ردت بياتريس بعفوية تامة : اه، هذا كانَ أنني أردتُ البقاء إلى الأبد مع را--
أردف ت بتوتر : أ.. أ.. أ أ، الجميع !، أجل أجل !، الجميع !!
قالت الرياح بنبرة مستفزة : هوه هوه، إنها تقولُ أنها تُريدُ البقاءَ قربكَ إلى الأبد راين !، ربما لستَ مجردَ طفلٍ أحمق في النهاية ~
هَتفَ بها راين بتوتر بينما بقيت بياتريس صامتة : توقفِ عن ذلك أيتها الرياحُ ذات التفكير القذر !، أهذا كُلُ ما يشغلُ بالكِ ؟!!
قهقهت الرياح قائلة : أجل أجل ~
ثم عاودت الضحك مجددًا بشكلٍ صاخب لتقولَ بياتريس بارتباكٍ ووخجل : أنتِ حقًا مخطئة !، أ.. أنا فقط.. الجميع لطفاء لذا أودّ البقاء برفقتهم دومًا !، ا ا الأمرُ ليسَ ووكأنني أ.. أ..
سألت الرياح على حينِ غرة : تحبينه ؟
انفجرت بياتريس تمامًا لتهمسَ بارتباك : كُنتُ سأقول ليسَ وكأنني أعتبرهُ استثناء..
- عودة إلى الواقع -
اكتست الحمرة وجهيهما تمامًا ليبتعدا عن بعضهما سريعًا فأمست بياتريس تمسكُ برأسها بكلتا يديها و تدورُ حولَ نفسها بينما تهمسُ مرارًا و تكرارًا : إنهُ ليسَ كذلكَ !، إنهُ ليسَ كذلكَ !، إنهُ ليسَ كذلكَ !، إنهُ ليسَ كذلكَ !، إنهُ ليسَ كذلكَ !، إنهُ ليسَ كذلكَ
أخذت تكررها مرارًا وتكرارًا حتى جلست القرفصاء و هي لا تزال تقومُ بذلكَ بينما اكتفى راين بالعضِ على شفتيهِ محاولًا منعَ نفسهِ من الابتسام بينما يضعُ يدهُ أمامَ شفتيهِ دونَ قولِ أي كلمة بينما يحدقُ بهم البقية بتعجبٍ شديد
قالت روبي بترددٍ واضح ونبرتها تخبو تدريجيًا : إ إذًا ؟، ما الذ~ي..
تجاهلها راين تمامًا ملتفتًا إلى بياتريس ليهتفَ بها : فقط ما الذي كُنتِ تفكرينَ بهِ بحقّ الجحيم !!!
أمسكَ برأسهِ ليقولَ بشيء من الهدوء و الانفعال رأسي على وشكِ أن ينفجر..
دمعت عينا بياتريس لتلتفتَ نحوهُ قائلة : و ما ذنبي إن كانت سيدتُك تقول أمورًا كهذه !
تنهدّ راين بقلة حيلة ليقول : هذا يكفي.. أعلمُ ما الذي تحاولين قوله.. فقط انسي ما حدث..
فأكملت روبي جملتها أخيرا : حدث ؟...
التفتَ نحوها الاثنان بوجوهٍ شاحبةوفتخطاها راين بخطواتٍ متثاقلة متوجهًا للجلوسٍ تحتَ شجرة
همس: آسف.. فقط دعوني أرتح قليلًا...
أسندَ يدهُ إلى الأرضِ المغطاةِ بالثلجِ و أسندَ ظهرهُ إلى الشجرة لينهضَ من فوره هاتفًا : بارد !!!
حاولَ النظرَ إلى ظهرهِ إذ بمعطفهِ قد تجمدَ بالفعلِ حيثُ اتكأ
تمتمَ راين متذمرًا : هذا المكانُ ليسَ بعاديٍ بدوره أهو ؟
فتذمرَ لوكي : أجل، فهو من صُنعِ تنينٍ بعدَ كُلِ شيء، إذًا ؟، ما الذي قالتهُ الرياح ؟
ارتبكَ راين وقد احمرّ وجههُ قليلًا ليقول : على ما يبدو فهي نبوءة..
ازدردَ كُلٌ من روبي و ماركوس ريقهما لتقولَ جوليا بتردد : نـ نبوءة؟
أومأت بياتريس : أجل.. مع أن ما رأيتهُ كانَ مجرد صورٍ لا غير...
هاري : مهلًا مهلًا !، دعيني أستوعب، إذًا ما رأيتهِ هوَ المستقبل ؟
أومأت بياتريس لتقول : و هو تحديدًا ما سيحدثُ اليوم...
لوكي : لكن أليسَ غريبًا كونكِ رأيتِ ما حدثَ لنا جميعا وولم تري نفسكِ ؟
همست بياتريس : لقد رأيتُ نفسي كذلكَ..
نظرَ إليها الجميع بتركيز لتنظرَ إلى راين بدورها قائلة : رجلٌ بشعرٍ أبيضَ ووعينان حمراوتان مدّ يدهُ إليّ وكُنتُ على وشكِ الأخذِ بها.. لقد كانَ يُشبهكَ راين..
اتسعت حدقتا عيني راين و بدأ بالاضطراب ليهتفَ بها : بياتريس!، أعدك !، سأحمي الجميع !، سأحميكِ !، سأحمي نفسي !، لكن فقط مهما حدثَ لا تأخذي بيدهِ أرجوكِ !
طرفت بياتريس بعينيها بضع مرة لتسأل : ماذا ؟
أمسكَ بمعصميها و جثا على ركبتيهِ مطأطئًا رأسهُ إلى الأرضِ لتحجبَ غرته عيناه البنفسجيتان فهمسَ : ذلكَ هوَ الشخصُ الوحيد.. الذي لا يجبُ على أحدٍ مِنكم التورط معهُ.. رجاء...
بدأ بالارتجافِ فجأة و أخذَ يشدّ قبضتهُ على معصميها لتسأل : ر.. راين ؟
راين : أرجوكم.. سافعلُ أيّ شيء.. لا تتركوني كما فعلَ البقية...