-4-
" ماذا ستفعلون اذا خسرتُم أعز الناس في حياتكم ؟؟ "
* ناتاليا *
ناديتُ أخي و اصطحبنا لبيت ياجيما ، كانت ياجي في حالةٍ من الصدمة غير مُصدقةٍ لخسارتها !!
بعض الأقارب كانوا يجلسون هُنا و هُنالكَ كلٌ في حُزنه ، البعض كان قلقاً على هذه العائلة التي سَبَقَ و فقدت الأب و الآن تَبعتهُ الأم !!
بقينا أنا و أخي بجانب ياجيما و كان لحضور هيروشي تأثيراً ايجابياً فقد أبقى ياجيما هادئة طوال الوقت ،
أمّا جوان كان مُختفياً طوال النهار !!
الأجواء الكئيبةُ كانت تسكُنُ البيتَ بشكلٍ فضيع حتى الطالبات في الطابق الثاني كُنَّ هادئات للغاية !!
عاد جوان في المساء و ما أن وطأ الصالةَ حتّى قال توشيري-يوتاشي ، العمُ الأكبر لياجيما : " ياجيما ! من اليوم ستأتين للعيش مع عائلتي في العاصمة !!! "
شكل ذلك صدمةً حقيقية للحاضرينَ جميعاً ، خاصةً جوان !! لكن ما صدمنا أكثر قوله :
" و جوان سيبقى هنا للعيش في بيت أخي الصغير !! لقد سبق أن اتفقنا على ذلك أنا و أخواي و لأنني ليس لدي سوى ولدٍ واحد فيُسعدُني أن تُصبحي ابنتي !! "
نظرت ياجيما إليه بعدم تصديق ، تباً أهؤلاء جادون للحديث بموضوعٍ كهذا و لم تمضي غير ليلةٍ واحدة على فُقدان السيدة ؟؟
تقدم جوان و كانت ملامحهُ تشتاطُ غضباً لما سمعهُ ، نهض هيروشي ليتدخل فقد أدرك أن جوان ليس بخير !!
أمسك كتفهُ مُهدأ ، لكن جوان استشاط غضباً : " لا داعي لعطفكم لأنني لن أرضى الإبتعاد عن بيتي و سأبقي فيه مع أختي !!
سبق و كنا بخير لذا سنكون بخير !!!! نحن بخير مادمنا معاً لذا لا تُزعجوا أنفسكم بعروضكم المغرية !! "
نظر لياجيما : " ثم إن ياجي ليست طفلة لتتبناها فقد أصبحت في الثامنة عشر بالفعل !! و أنا سأكون بخير معها !! "
قال العم بتفهم : " ياجيما !! أنا أريدك أن تُتابعي دراستكِ
لذا اريد أن آخذك معي لطوكيو حيث ستحصلين على فرصة للدخول في جامعة كبيرة و مرموقة تحت إشرافي !!
أخبريني ألا تريدين متابعة دراستك بغير التفكير بنفقات المعيشة و الدراسة ؟؟ "
إيه !! لما أشعر أن هذا الحديث ثقيل جداً !! إنهم جادون و يتحدثون وكأنَّ شيئاً لم يحدُث !!
كانت حدقتا جوان على أوسعهما !! أتساءل إذا كان خائفاً من أن يفترق عن شقيقته الوحيدة !!
مع أني واثقة أن هذا لن يحدث ، فياجي لن تتركهُ بهذه السهولة ، بشكل خاص أستطيع ترجمة تصرفاتها بشكل صحيح دائماً !!
هي لم تكن تقبل أن يتغيب عن المدرسة أبداً لذا كانت تتغيب عن الحصص كثيراً حتى أن الأساتذة أصبحوا يتوعدونها بالطرد في آخر فترة !!
أغلق الحديث بكلمات ياجيما وسط دموعها و شهقاتها المدويه : " أخرجوا جميعكم !!
لا أريد رؤية أحدكُم هُنا !! أنتم تُهينون ذكرى أمي بحديثكم عن أمور غير مهمة البته !!
أيفهم أيًٌ منكُم أني قد فقدتُ أمي !! ماذا ستفعلونَ اذا خسرتُم أعز الناس في حياتكم ؟؟
لقد فقدتُها ، فقدتُها للمرة الثانية !!! لكن ... لكن هذه المرةَ للأبد !!!!!! "
في هذه الحياة التي نعيشُها !! بات الناس غير آبهينَ لمشاعر الآخرين ، غير مُدركين عن الألم الذي يُزيدونهُ لغيرهم !!
بطريقةٍ ما شعرتُ أني سئلتُ بطريقةٍ غير مُباشرة !! >>> " ماذا ستفعلونَ اذا خسرتُم أعز الناس في الحياتكم ؟؟ " <<<
شعرتُ أن هذه الكلمات وجهت لي كصفعةٍ من ياجيما بطريقة غير مُباشره !! انا لا أريدُ أن يأتي يومٌ كهذا أبداً !!
.
.
.
.
!
أبداً !!
* اكاني *
مر أسبوعان على ذلك اليوم !! كانت صدمةُ ياجيما و جوان كبيرة !!
تغيب جوان لأسبوع و أنا الآن أشعر أنهُ تغير كثيراً !! يبدو شارداً طوال الوقت و باردَ التعابير !!
بطريقة ماء أشعرُ أنه لم يعُد جوان المعهود !! لم يَعُد يُزعجُني و لايهتمُ بأي شيء من حوله !!
طوال الأسبوع السابق و هو يتصرف هكذا ، لم يعُد هذا مريحاً !! ربما لأني أشعر بطريقة ما
أنها مسؤليتي أن أخرجهُ من هذا الجو و أعيده لسابق عهده !! فأنا واثقة أن ناتاليا ستفعل المثل مع ياجيما !!
إذا حدث و عاد لسجيتهِ فأني لن أنزعج منهُ بعد الآن و لن أعاندهُ أو أزعجه !!
أريدُ أن أتوقف عن الأحساس بهذا الألم القابعِ في صدري بأسرع وقت !! جوان ، رؤيتُكَ هكذا تُهشمُ فؤادي !!!
لايزال شبح ملامحِ جوان الثلجية في مراسم عزاء والدتهِ يُثيرُ القُشعَريرة في جسدي !!
كان يجلس هادىءً جداً و لم يبدو عليه الحزن كما في أول يومٍ حين عرفنا بـوفات والدتهُ !!
أتساءل هل حدث شيء بينهُ و بين ياجيما ؟؟ أخشى أن ياجي قررت أن تعيش في بيت عمها و تبتعد عنا !!
اذا حدث فـ جوان سيصبح وحيداً ، سيبتعد عنا و يتغير أكثر !!
دخلتُ المدرسة و كان الجميع يتوافدون و المدخل مُزدحم جداً كان جوان يُقفلُ دراجتهُ و ملامحهُ كلوحِ جليدٍ جاف !!
اليوم لن أدعكَ و شأنكَ أبداً !! *^* اتجهت نحوه ووقفتُ خلفه ، حين استدار اصطدم بي !!
حين رأيتُ ملامحهُ الباردة تجمدت مكاني !! لم أستطع الحراك الى الخلف و لا الأمام !! كان قريباً بشكلٍ غير متوقع !!
حين انتبه للفوضى التي سببها لي بسبب ملامحهِ المخيفة ، قال بنبرة مستفزة وهو يضع يده على رأسي : " ايه !! الن تُصَبِحي علي اليوم يا صغيرة ؟؟ "
انزعجتُ منه لكنَنّي لم أقُل شيءً من شأنه أن يُبعدني عنه !! لأنني سبق و قررتُ أن أصبحَ صديقتهُ حتى لو كان مزعجاً و مُستفزاً !!
من غيظي قلتُ بعبوس : " صباح الخير !! "
صدمهُ ذلك فقال بمرح غير متوقع : " واو !! من كان ليتوقع أن تغدو آكاني-تشان بهذه الظرافة حين تعبس !! "
ضحك ضحكةً خفيفة و أقترب مني بعض الشيء مُتابعاً : " أرجوكي افعلي ذلك مجدداً !! "
مهلاً لما أشعر أنه لا يحتاجُ لمن يُخفف عنه !! إنهُ فقط يبدو سَعيداً !!
سعيداً جداً لدرجة أنه عاد يتصرفُ معي كما كان سابقاً و البسمةُ تُهلهلُ بين ثغره !! : " هي أنتي !! مالذي تُفكرينَ به ؟؟ "
نظرتُ له ؛ " تبدين ظريفةً جداً اليوم !! هل يُعقل أن آكاني-تشان تُفكرُ بي ؟؟!! "
ايه !!!!! ماذا يقولُ بحق السماء !! أنا مُهتمة به !!!!! أقصد أفكر به !! لحظة هذا صحيح !!
أنا أفكرُ به منذ يوم المهرجان كثيراً !!!! لكن ... ليس الأمر كما يظن !!
فتحتُ فمي لأقول لهُ الأمر ليس كذلك ، لكنه وضع اصبعهُ قريباً من فمي قائلاً بانزعاج : " لا تُفسدي الأمر !!!! لقد بدأتي تَهتَمينَ بي و هذا يُفسد مُتعتي آكاني-تشان !!!
أريد أن تبقي كالسابق ، لأنكي الوحيدةُ التي تفهمُني بشكلٍ صحيح !! و أنا لا أريدُ منك أكثر من ذلك !! "
أفهمهُ !! أنا أفهمهُ بشكلٍ صحيح !!! ماذا يقصد ؟؟ : " أنا لا أهتَـ... "
وضع يده كاملةً على فمي ليقول بابتسامة ساحرة : " الصغيراتُ المُزعجات اللواتي يُلفقنَ الأكاذيب ، لا يستحقنَ هدية ميلادهن !! "
قال كلمتهُ الأخيرة وقد أخرج عُلبةً صغيرة من حقيبتهِ ووضعها أمامي !!!!
* ياجيما *
ذلك الطفل يكبرُ يوماً بعد يوم !!!! آه صحيح لقد مر وقتٌ طويل على قدومي للمدرسة !!
أمسكتُ بـ ناتاليا سائلة بشيء من الأستغراب : " نونو !! مُنذ مَتى و أخوانا بهذا النوع من القُرب ؟؟ كُنتُ أعتقد أنهُم نار و بارود !! "
ابتسمت بخفه قائلة بمرح : " إنهمُا يتشابهان كثيراً و بغيرِ قصد يُزعجان بعضهُما !!
لقد التقى كُلٌ منهُما بانعكاسِ شخصيتهِ لذا اشتَعَلت شرارةٌ من الغيظ بينهُما و هُما الآن غير مُدركان بما يشعرانِ به اتجاه بعضهُما حتى !! "
ايه هذا الجو حقاً ثقيل علي !! أشعرُ أني كمن كان في غيبوبة و استيقظ ليُدرك أنه قد فوت نصف عمرهُ نائماً !!
نَظَرَت لي ناتالي مُبتسمة : " ماذا الآن ؟؟ لا تقولي أنك وجدتِ شابًا لطيفاً و أنتما تتواعدان الآن !!! لأنني سأصابُ بصدمةٍ حقيقيةٍ حينها !! "
ضحكت ناتالي بصوتٍ مُنخفض ثُم أمسكت نفسها قائلة بين ضحكاتها المُتقطعة : " ليس بالضبط !! لكنني أستطيعُ أن أدركَ أنكِ و جوان حظيتُما بحديثٍ مُريحٍ ليلة أمس !! أليس كذلك ؟؟ "
تفاجئتُ قليلا ثُم سألتها مُبتسمة : " كيف عرفتي ؟؟ "
أجابتني مُبتسمة و هي تعقدُ يَدَيها للخلفِ و تنظرُ نَحو أخي : " لأنهُ كان يتصرفُ كلوحِ خشب ، طوال الأسبوع السابق
حتى أنهُ لم يكُن يُصبحُ أحداً في الصباح !! و أنا كنتُ مِنهُم !! لكنهُ اليومَ يبدو مُشرقاً !!
اتصلَ بي البارحة قائلاً بأنهُ يُريدُ الأعتذارَ مِن أختي لكثيرٍ من الأسباب "
إيه أخي يُفكرُ بالإعتذار جدياً !! أنا طلبتُ منهُ ذلك ليَشعُرَ بالذَنبِ فلا يُعاودُ الكرة و يَجرحٙ أحداً بفظاظته !!
لكن أن يُطبق كلامي فهذا غيرُ أعتياديٍ بالمرة !! لمَ أشعر أني في عالمٍ لا أفهمهُ البتة ؟؟
نَظرتُ لناتالي : " ماذا أهُنالكَ شيءٌ آخر ؟؟ لما هذه النظراتُ اللطيفة ناكاموري-تشان ؟؟ "
ضحكت بخِفَة : " لَقد أخبرتهُ أنَّ اليومَ عيدُ ميلادِ آكاني و أنهُ عليهِ استغلالُ ذلك !! لكن .. "
ايه !! لكن ماذا ؟؟ : " ماذا تقصدينَ بـ لكن ؟؟ "
أمسَكَتْ ضحكَتَها قائله بشقاوة : " اليومُ ليسَ عيدُ ميلادها !!!!! "
ماذاااااااااا !!!!!
و بعد ذلكَ اليوم و بسببِ مُزحةِ ناتاليا البريئة ، انتشَرَت إشاعةٌ عن أخي و آكاني في المدرسةِ بأنهُما يتواعدان !!!
فقد رأى نصفُ الطلاب ما حدثَ حينَ كانا يتكلمانِ و كلٌ غَنّىْ على ليلاه !!!
حين أنظر لهُما من بعيد و هُما يَمشيانِ بجانبِ بَعضَهُما الى كُلِ مَكان و طوالَ الوقتِ معاً ،
أراهُما بتلك الطريقة !! أنهُما فقط يبدوانِ لي ، سُعَدْاء .
.
.
.
!
في نهايةِ الأمر قَررّتُ أن أعودَ لخلفِ مِنضدةِ الدراسةِ بينَ همساتِ الطُلاب !! أنا حقاً اشتقتُ لأمي !!
ليسَ فقط الآن !! أنا مُشتاقةٌ لها منذُ سَنَتَين !! مُنذ لَعَبَ القدّرُ لُعبتهُ الغريبَةٙ في حياتنا !!
لكنني الآن بطريقةٍ ما أشعرُ بأنها أقربُ مِني و برفقَتي طوال الوقت !!
إلى أن يأتيَ يومُ غَدٍ ، سأعيشُ يوميَ بكُلِ لحظاته معَ أخي و أعزائي و زُملائي !!
لأنني لا أريدُ العيشَ في الغد و أنا أقولُ بـ أن القدَّرَ ، غَدَرَني و أبعَدَني عن من أحب !! _ : " ياااااجيماااااا خَلصيني.!!!! " أيه !!! ماذا بها الآن ؟؟؟ لمَ تتصرفُ ناتاليا بهذهِ الطريقة ؟؟!! _ : " ماذا بكِ اليومَ ناتاليا ؟؟ " _ : " أنظُري خَلفي !! "
قالت ذلكَ و قد بدت مُضطَرِبه !! نظرتُ كما طَلَبَت مني فـ .... !! ماذا مَعَ هذهِ المجمُوعةِ الغريبة ؟؟!!
مُنذ ذلك اليوم ، تَشَكَلَتْ فرقةُ مُعجبي ناتاليا و قَد كانوا يَلحقونَ بها لكُلُ مَكان !!
أصبَحَت فَجأةً الفتاةٙ الأكثرَ شَعبيةً أكثرَ من السابِق !! حتى طلابُ السنةِ الأولى يَلتَفونَ حولها أين ما ذَهَبَتْ !!
بأختِصار أصبَحَت ناتاليا مُحاطةً بالأولاد و البنات طوالَ الوقت !! نهضتُ مِن مقعدي قائلة : " لقد حان وقتُ تَدخُلٍ شَخصي !! *^* "
" يتبع " |
التعديل الأخير تم بواسطة فاطِمةة الزَهرَاء ; 08-06-2018 الساعة 07:34 PM |