الزهرة الثالثة والستون : تَسَمُم.
همست بياتريس بصدمة : ...لينا.
ردت لينا بودٍ تتصنعُ الصدمة : يا إلهي بياتريس !، أمازلتِ تذكرينَ تلكَ المرأة ؟، يا لكِ من مسكينة.
نظرَ راين إلى بياتريس التي هتفت مندفعة : مستحيل !.. لكن لينا ماتت قبلَ خمسةِ أعوامٍ بالفعل... هيَ قامت بحمايتي.. كما أنّ لونَ الشعرِ العينين مختلف كذلك.. لَم أعد أفهمُ شيئًا.
ابتسمت إيلينا فجأة ثُمَ رَمت برأسِ راين نحوَ الأرضِ ليرتطمَ بها بقوةٍ شديدةٍ مما سببَ للأخيرِ صداعًا حادًا و طنينًا اجتاحَ أذنيهِ بقوة، هوَ بالكادِ اتكأ على كوعهِ ينظرُ إلى بياتريس بقلةِ حيلةٍ فتتجهُ هيَ نحوَ بياتريس دونَ أن تنطقَ بأيِّ كلمةٍ، عانقتها بشدةٍ بينما تقفُ الأخيرةُ متصنمةً تمامًا.
سألت إيلينا : هيي بياتريس... أتذكرينَ ماذا كانَ لونُ عيني لينا ؟.
لَم تقوى بياتريس على الإجابةِ فوجهت إيلينا سؤالها نحوَ لوكي قائلة : أتذكر ؟، لوكي.
أجفلَ لوكي ليزدردَ ريقهُ فأجابَ بتردد : بـ بنفسجي...
و فورَ ما أجابَ هوَ أدركَ ما كانَ مقصدها من سؤالهِ فربتت هيَ على شعرِ بياتريس بهدوءٍ شديدٍ قائلة
إيلينا : لقد استعملتُ تعويذةً لاستعادةِ لونِ عيني الأصليِ لمدة.. فالعينانِ الحمراوتانِ مخيفتانِ بعدَ كُلِّ شيء... صحيح ؟، بياتريس..
بياتريس : مـ ماذا ؟.
عانقتها إيلينا أكثر لتدمعَ عينا بياتريس فترفعُ يديها بمحاولةٍ منها مبادلة الأولى بالعناقِ غيرَ أنّ إيلينا وضحت : أعني.. إنهُ لونُ عيني الشخص الذي سلبكِ حياتكِ السابقة.. سيكونُ سيئًا لو استعدتِ ذكرياتكِ كمفتاح ألا تظنين ؟.
كزّ راين على أسنانهِ قائلًا : بما تتفوهونَ بحقِ الجحيم !، آننا ماتت !، لقد تمَ سحقُ أعضائها الداخلية !، و هيَ استخدمت ما تبقى من حياتها لتمنعَ أحدًا من الولوجِ إلى القريةِ مرةً أخرى !.
نظرت بياتريس إلى راين الجاثي خلفَ لينا و أمامها لتهمسَ متسائلة : لينا ؟..
إيلينا : كانَ منَ الضروريِ أن أقدمَ على تربيتكِ بنفسي.. لِأضمنَ أنكِ لن تفتحي بابَ القريةِ لغيري.. لكنَ الأمورَ لم تسري كما يجب.. الوداع بياتريس.. لا حاجةَ لي بكِ بعدَ الآن.
ما لبثت أن أنهت حديثها حتى طعنت خاصرةَ بياتريس منَ الخلفِ ففتحت الأخيرة عينيها على أوسعيهما بينما جفت دموعها تلقائيًا لتهمسَ بينما تتهاوى إلى الأرض : ليـ.. نا ؟.
إيلينا : إنها إيلينا، بياتريس.. لا، آننا.. سواءَ لينا أو بياتريس.. كلتاهما لم يكن لهما وجودٌ منَ الأساسِ.
سقطت بياتريس أرضًا و الدماءُ تسيلُ مِن جسدها بغزارةٍ بينما ابتعدت لينا مفسحةً المجالَ لرفاقِ الأولى بالتجمعِ حولَها، رفعها راين عن الأرضِ هاتفًا : بياتريس !!.
إيلينا : أتعلم راين ؟... الحيواناتُ البحرية هُنا تُعرفُ بسمها القاتل ما إن يلامسُ جسدَ الضحية فما بالكَ إن دخلَ جسدَ إنسان ؟.
اتسعت حدقتا عيني ماركوس ليسألَ مستنكرًا : أنتِ حقنتيها سمًا ؟.
إيلينا : صائب.. ذكيٌ كعادتكَ أليكس، و الآن، أليست حياةُ هذهِ المسكينة أهمَ مِن كُلِّ الأسئلة ؟
استعدت ميرا لشنِ هُجومها غيرَ أنَّ راين أوقفها هاتفًا : توقفي ميرا !، هيَ ليست خصمًا يمكنكِ التعاملُ معهُ !.
ميرا : لكن --
راين : رجاءً ميرا.. توقفي.
إيلينا : آستا لويغو.. راين.
*إلى اللقاء.
و كالمرةِ السابقةِ تحولت إلى دخانٍ أسودَ كثيفٍ ثُمَّ تشتتَ في العدمِ لتختفي.
ضربَ راين الأرضَ بقبضتهِ بقوةٍ ليهتفَ غاضبًا : تبًا لهذا !!.
همسَ ماركوس بينما ينظرُ إلى الأرضِ : آسف.. كُلُّ ما حدثَ بسببي...
قطبَ راين حاجبيهِ زافرًا بغضبٍ ليقول : أنتَ لستَ سببَ أيِّ شيءٍ سوى كونيَ حيًا الآن.. لذا اخرس و ساعدني في إيقافِ النزيف !.
التفتَ ماركوس نحوَ لوكي و همّ يقولُ شيئًا لولا كون الأخيرِ قاطعهُ قائلًا
لوكي : ثلاثتنا نتحملُ المسؤولية.. أنا لَم أشكَ بلينا طوالَ عشرِ سنواتٍ الماضية.. هيَ تلاحقُ راين.. و أنتَ صمتَ دونَ قولِ أيِ كلمة.. لذا جميعنا ملامون.
ماركوس : أنا فعلًا آسف...
راين : على أيّ حالٍ نحنُ بحاجةٍ لإحضارِ ترياق !، إن كُنتَ آسفًا حقًا أخبرني كيفَ وصلتَ إلى هذا العالم !.
تفاجأ ماركوس ليهتفَ سائلًا بقلق : مستحيل !، أتنوي العودةَ إلى هُناكَ حقًا سول !
ابتسمَ راين بهدوءٍ ليقولَ : سول.. هاه...
أشاحَ ماركوس بوجههِ إلى الجهةِ الأخرى ليردفَ راين : لم أتخيل يومًا أن تتمَ مناداتي بهذا اللقب مجددًا.. شكرًا لكَ ليكس.. هذا يشعرني بالسعادةِ نوعًا ما...
*للتذكير سول = شمس.
لمعت عينا ماركوس الذي شهقَ بخفةٍ فأردفَ راين : لا يمكنُ لأحدٍ مساعدتنا الآن سوى والدتي.. أنتَ تفهمُ هذا صحيح ؟... أعدكَ عندما أعود سنتحدثُ بالقدرِ الذي نشاء.. لكن علينا إنقاذُ بياتريس أولًا.
فتحَ ماركوس حقيبتهُ مترددًا ليقدمَ لراين زجاجةً شفافةً حوت مادةً زرقاءَ غامقة اللون فأخذها راين قائلًا : شكرًا لكَ ليكس.
عضَّ ماركوس على شفتيهِ ليهمسَ بتردد : توخَ الحذر.
أومأ لهُ راين بالإيجابِ ليسألَ لوكي : ما الذي تنوي فعلهُ راي تشي ؟.
فأجابَ المعني : سأعودُ إلى عالمي.. والدتي صيدلية ماهرة، معَ عينةٍ واحدةٍ من دمِ بياتريس تستطيعُ إيجادَ الترياقِ لها.
لوكي : أوليسّ ذلكَ المكان يشعركَ بالسوء ؟
راين : أتقولُ لي أن أتركَ بياتريس هكذا لسببٍ تافهٍ كهذا ؟.
لوكي : أوالدتكَ جديرةٌ بالثقة ؟.
راين : بدونِ أدنى شك، هيَ من ساعدني لتركِ عالميَ سابقًا من الأساس.
ابتسمَ لوكي قائلًا : شكرًا لكَ راي تشي.. لَن أنسى صنيعكَ ما حييت !.
ابتعدَ راين بضعَ خطوةٍ قائلًا : لا لستَ كذلك !، أنا اقومُُ بهذا من تلقاء نفسي !.
حلقت ميرا لتجلسَ على كتفِ راين فسألَ الأخيرُ موجهًا كلامهُ نحوَ ماركوس : إذًا ؟، كيفَ تعمل ؟.
ماركوس : اسكبها على الأرضِ و اخطو داخلها ثمَ ستجدُ نفسكَ أمامَ شجرةِ الدم.
فسكبها راين تحتَ قدميهِ لتشكلَ بركةً دائريةً تحيطُ بهِ كطبقةٍ رقيقةٍ منَ الزجاجِ الملونِ ليبدأ بالغرقِ داخلها و ميرا، سُكبت آخرُ قطرةٍ من السائلِ على الأرضِ و معها إختفى كُلٌّ من راين و ميرا لتتحطم البقعةُ الزجاجيةُ فتتلاشى شظاياها.