تصدير "أفضل فكرة" أميركية
مشاطرة العالم نظام المتنزهات الطبيعية القومية بقلم جون تيرنز
يغطي المتنزه الطبيعي القومي، "يلوستون" (Yellowstone)، ما يزيد عن 890 ألف هكتار في ولايات آيداهو، ومونتانا، ووايومنغ.
صورة أ.ب.
كان بناء الولايات المتحدة عام 1872 أالمتنزه الطبيعي القومي يلوستون بمثابة إطلاق لمبدأ أخلاقي يتمثل في الحفاظ على الطبيعة. وتدير أميركا اليوم حوالي 34 مليون هكتار من المتنزهات الطبيعية العامة، 6.4 مليون هكتار من محميات الحياة البرية. تلتزم الدولة مساعدة دول أخرى للمشاركة في المحافظة على الطبيعة، وفي الفوائد الاقتصادية لحماية الأراضي والحياة البرية. تشمل الأمثلة مساهمة الولايات المتحدة في شراكة غابات حوض الكونغو الهادفة إلى حماية الأراضي ومحاربة القطع غير القانوني للأشجار في أفريقيا الوسطى الغربية، كما المساهمة في اتفاق إلغاء الديون مقابل حماية الطبيعة الموقّع مع جمهورية باناما، الذي يسمح لهذه الدولة في أميركا الوسطى بتخفيض جزء من دينها إلى الولايات المتحدة مقابل توليد تمويلات لحماية غاباتها الاستوائية الغنية بيولوجياً.
يشغل جون تيرنر منصب مساعد وزير الخارجية للمحيطات والشؤون البيئية والعلمية الدولية. قبل ان يلتحق بوزارة الخارجية، شغل تيرنر منصب رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي الرئيسي لصندوق المحافظة على الطبيعة وهي منظمة قومية لا تبغي الربح تُكرّس اهتمامها لإنشاء شراكات بين القطاعين العام والخاص من أجل حماية الأراضي والموارد المائية.
خلال العام الفائت زار ما يزيد عن 270 مليون شخص المتنزهات الطبيعية القومية في الولايات المتحدة، حيث يلهمهم جمالها وطبيعتها البرية. نظام المتنزهات القومية في بلادنا، الذي وُصف في إحدى المرات على انه "أفضل فكرة" أميركية، يشمل 388 متنزهاً عاماً تغطي مساحتها الإجمالية حوالي 34 مليون هكتار، وهي مساحة تقرب من مساحة المانيا. بالإضافة إلى ذلك، أنشأت الولايات المتحدة 545 محمية قومية للحياة البرية تحمي أكثر من 36.4 هكتار لاستفادة الحياة البرية، ومَواطِن صيد الأسماك، والتنوع البيولوجي. تُدير الحكومة أيضاً حوالي 186 مليون هكتار من الأراضي المحمية تشمل الغابات القومية، ومناطق البراري، والملاذات البحرية.
يعتز الأميركيون بالأراضي العامة البرية لما تقدمه من فرص السلوى، والاستجمام، وإتاحة إعادة التواصل مع الهواء الطلق، والتعلم عن تاريخ البلاد، وإعادة تنشيط طاقاتنا. تؤمن هذه الأراضي المَواطِن الضرورية للحياة البرية، وتُشكّل مورداً ايكولوجياً واقتصادياً حيوياً يتضمن أيضاً قيماً علمية، وثقافية، وجمالية، وروحية هامة. علاوة على ذلك، تخدم الأراضي العامة كمحركات للتنمية الاقتصادية من خلال اجتذاب السياح، وفي بعض الحالات، تأمين مصدر دخل للمدارس، ولأنظمة النقل، ولغيرها من الاحتياجات.
نفتخر من واقع كون بلادنا موطن المتنزه الطبيعي القومي يلوستون وهو أول متنزه قومي عام في العالم. كان إنشاء هذا المتنزه عام 1872 بمثابة إطلاق لمبدأ أخلاقي يتمثل في المحافظة على الطبيعة في الولايات المتحدة، وأدى إلى تأمين حماية المواقع البرية والموارد البرية بهدف المحافظة على قيمها الذاتية، كما من أجل فائدة الأجيال القادمة.
قامت الولايات إفرادياً، مع مجموعات المحافظة على الطبيعة، والمجتمعات الأهلية، وأصحاب الأملاك بتأمين الحماية لمساحات شاسعة من الأراضي المكشوفة، ومستجمعات المياه، ومَواطِن الحياة البرية.
نُشارك دولاً أخرى في تجاربنا المكتسبة من تطوير شبكة من الأراضي المحمية. تُشكّل هذه المشاركة واجباً هاماً. نظراً للتنافس المتزايد للحصول على موارد طبيعية، كما بسبب الندرة المتعاظمة لهذه الموارد، مُضافاً إلى كل ذلك التغيّرات في أنماط استعمال الأراضي، والتنمية الاقتصادية، والاستقرار السياسي، وتغيّرات المناخ التي قد يكون لها تأثيرات هائلة على رفاهية بلادنا.
يتصدّى الناس حول العالم لهذه المشاكل، ويسعون إلى إنشاء حركة للمحافظة على الطبيعة تكون مستدامة ويصل أثرها إلى كل زوايا الكرة الأرضية. هناك الآن ما يزيد عن 102 ألف منطقة محمية في العالم تغطي نسبة تزيد عن 10% من إجمالي سطح الكرة الأرضية. تشمل هذه المناطق أنظمة ايكولوجية ذات شأن من الوجهتين البيئية والاقتصادية، بدءاً من سلاسل الجبال والحيود المرجانية، ويصل مجموع مساحاتها إلى 18.8 مليون كيلومتر مربع، وهي مساحة تساوي ضعف مساحة أوروبا تقريباً. وتستمر هذه المناطق في التمدد.
خلال السنوات الأخيرة نفذّت دول نامية أسلوب تخصيص مساحات من الأراضي لإنشاء متنزهات عامة قومية ومحميات طبيعية. وأظهرت هذه الدول بهذا العمل التزامها المحافظة على الطبيعة فضربت مثلاً على عظمة شجاعتها وإقدامها.
إزالة الاحراج يُشكّل تهديداً لحوض نهر ريو شاغريس في باناما.
صورة أ.ب.
تفتخر أميركا بتقديم يد العون إلى دول أخرى مهتمة بإنشاء شبكات من المناطق المحمية. فعلى سبيل المثال، نقوم بذلك من خلال شراكة غابة حوض الكونغو وهي مبادرة توحد عمل أكثر من 30 حكومة، ومنظمة دولية، وشركة تجارية، ومجموعة بيئية وتهدف إلى إنشاء شبكات قومية من المناطق المحمية عبر غرب وسط إفريقيا، وذلك بغية حماية إحدى اكبر غابتين استوائيتين في العالم لم تعبث بهما يد الإنسان بعد. وفي نفس الوقت، توفّر شراكة الكونغو إلى السكان المحليين فرصة للاستفادة من الغابة من خلال تعزيز حصاد المحاصيل القابلة للاستدامة، وتأمين سبل العيش كالسياحة البيئية.
تُشكل الدول الست في حوض الكونغو، والتي رَهَنت بشجاعة رفاهيتها المستقبلية على فوائد المحافظة على الغابات، القوى الدافعة لهذه الشراكة. ترى هذه الدول مستقبلاً يستند إلى احترام وليس إلى استغلال الطبيعة.
تساهم الولايات المتحدة ب 53 مليون دولار على مدى أربع سنوات لإنشاء برامج تدريب، وبنى تحتية، وأنظمة إدارة، ووسائل فرض تطبيق أنظمة ضرورية لتحقيق هذه الرؤية في إقامة شبكة من المناطق المحمية، وتأمين إدارة مستدامة للغابات. والحصيلة، انه قد يستطيع هذا التعهد تطوير عدد من المتنزهات القومية تصل إلى 27، وتحمي ما يزيد عن 10 ملايين هكتار من الأراضي.
كما تُعتبر شراكة غابة حوض الكونغو آلية قوية لكبح عمليات صيد الحيوانات البرية من أجل لحومها، وتعزيز مكافحة القطع غير المشروع للأشجار. يدمر القطع غير المشروع للأشجار الأنظمة الايكولوجية ويهدد المناطق المحمية عبر العالم. واستناداً إلى تقديرات البنك الدولي، تتكلف الحكومات ما بين 10
5 مليون دولار سنوياً من مداخيلها نتيجة لذلك.
ولهذا السبب أطلق الرئيس بوش مبادرة ضد القطع اللامشروع للأشجار لمساعدة الدول النامية في تخفيض حدة التهديدات للمناطق المحمية. من خلال هذه المبادرة، تعمل الولايات المتحدة مع حكومات ومنظمات غير حكومية أخرى لتحسين التطبيق الإلزامي لقانون الغابات في أفريقيا، وحماية مَواطِن الاوانغوتان في إندونيسيا، ورصد الغابات في البرازيل بواسطة الاستشعار من بُعد، إضافةً إلى أعمال أخرى عديدة.
كما تشجع الولايات المتحدة إنشاء مناطق محمية في الخارج من خلال اتفاقيات إلغاء الديون مقابل حماية الطبيعة. تسمح هذه الاتفاقيات المبتكرة للدول النامية المؤهلة بتخفيض دينها إلى الولايات المتحدة، وفي نفس الوقت تولد لها تمويلات لحماية غاباتها الاستوائية. عقدت الولايات المتحدة منذ عام 2000، تسع اتفاقيات سوف تولد 95 مليون دولار للمحافظة على غابات في ثماني دول على امتداد العقدين القادمين. ساهمت ثلاث منظمات غير حكومية قائمة في الولايات المتحدة بمبلغ 7.5 مليون دولار، إضافةً إلى تمويل تخفيف الديون الذي اقره الكونغرس لجعل هذه الاتفاقيات ممكنة التنفيذ
1
وقعت الولايات المتحدة مؤخراً اتفاقية مع جمهورية باناما، بمساهمة قدرها 1.3 مليون دولار قدمتها منظمة المحافظة على الطبيعة، وهي منظمة غير حكومية دولية، بحيث تولّد على مدى السنوات الاثنتي عشرة القادمة مبلغ 10 ملايين دولار للحماية والمحافظة على المتنزه الطبيعي القومي في شاغريس، الذي تبلغ مساحته 129 ألف هكتار. يؤمن هذا المتنزه 50 بالمئة من المياه الضرورية لتشغيل قناة باناما، كما يزود مياه الشرب لاكبر مدينتين في البلاد، ويخدم كموطن لأنواع حيوانات معرضة لخطر الانقراض مثل الجاغوار والقرود المولولة، والنسر الخطاف.
سوف تؤمن اتفاقية أخرى عقدت مع باناما المحافظة على الغابات الغنية بيولوجياً بصورة استثنائية في متنزه داريان الطبيعي القومي، الذي يحتوي على جسر بيولوجي فريد للالتقاء بين أميركا الشمالية وأميركا الجنوبية ويؤمن الملاذ الآمن لمجموعة متنوعة من النباتات والحيوانات.
في كلا الحالتين سوف تدعم التمويلات الناتجة عن تنفيذ هاتين الاتفاقيتين نشاطات مُحدّدة للمحافظة على الطبيعة في المتنزهات القومية، وتنشئ صندوقاً للمنح الدائمة بغية تزويد التمويل المستدام للمتنزهات الطبيعية.
يفتخر الأميركيون بمشاطرة إرثنا في المحافظة على الأراضي مع دول تسعى لإنشاء مناطق محمية. من خلال مساعدة المواطنين حول العالم في إدارة مواردهم الطبيعية على أساس مستدام، نُعزز وجود عالم يحدوه الأمل للملايين من إخواننا البشر، كما نحافظ على المناطق البرية العظيمة كي تتمتع بها الأجيال القادمة.
عيون روما
Sorry, you need a JavaScript capable browser to get the best from this page