الجميع هنا يرى
الجميع يظن أنني مجنونة ، جلست مع ذلك الطبيب الأبله الذى ما أنفك يرمقني بغرابة كما لو كنت فضائية ،يقوم بعدل نظارته الطبية بين الفينة والأخرى ، تحدثنا قليلًا ، قرر بعدها أني مصابة بالفصام ومعه بعض الهلاوس ويجب أن يتم حجزي بالمشفي ، بالطبع عارضت !
لكن .. بطريقةٍ ما أقنعني أن هذا ما احتاجه فى الوقت الحالى لتستمر حياتي .. بطبيعية أكثر .. لا يرى الجميع الملائكة والشياطين !!
رُبما أنا مجنونة بالفعل ، هذا ما غمغمتُ به لنفسي وأنا أوقع على أوراق دخولي ، نظرًا لأني فوق الثامنة عشر فأنا حُرة نفسي، مع ذلك كان أبويّ معي ، يُقلقهم تحدثي الدائم لملاكي الحارس .. الذى لا يراه أحد !
عندما كنت صغيرة ظنوه صديقًا خياليًا فَتُركتُ وشأني كطفلة لطيفة ذات خيالٍ خصب ! لكنني لم أتغير بعدها ، لقد ولدت ولديّ القدرة على أن أرى !
كنت أصرخ ليلًا من البعبع فى الخزانة وتحت السرير ، كان هذا طبيعيًا لطفلة لكن الصراخ فجأة عند زيارة ضيفٍ ما بحجة إن معه شيطان ، كمراهقة .. لم يكن هذا عاديًا !
أنا لا أريد توديع ملاكي ! لكن .. أريد أن أشعر كما لو كنت طبيعية لمرة واحدةً فى عمرى !! أن أحظي بالأصدقاء ، ألّا أكون الفتاة الغريبة بالصف !
لهذا سأتعالج !! *،
ما خطب تلك الممرضة ؟ ألن تخرج وتتركني أبدل ملابسي وحدي ؟!
شوشني الأمر لثوانٍ حتى فهمت إنها إما تبحث عن جروحٍ فى جسمي أو تتأكد من أن وزني ليس تحت الطبيعي ، إنها وظيفتها ، لا ألومها ، لست متضايقة من اختراقها لخصوصيتي إطلاقًا ! ، ...ربما قليلًا ...
أخبرتني عن مواعيد الدواء وعن رقم غرفتي ، 703 ، سيشاركني الغرفة اثنتان ، رأيتُ صالون به تلفزيون متجمع به البعض اثناء بحثي عن غرفتي ، على الأقل لن أموت مللًا هنا ، وجدتها !
كيف أصطدمت بتلك الفتاة ؟ لا فكرة لديّ ! أقسم بأنني لم أرها ، لم تنتظر مني اعتذارًا ، سارت إلى سريرها متجاهلة إياي تمامًا ، لديها شعرٌ بني طويل انسدل على جبهتها وغطاها ، عيناها خضراوان لكن فاتحتان كما لو كان عليهما ماءٍ ما ؟ يا إلهى أهىّ عمياء ؟! كان حول عينيها كحلٌ أسود شديد وبشرتها قمحية ، بطريقةٍ ما بدت لى كغجرية!
استدرت للفتاة الأخرى فى الغرفة ، كانت عادية الشكل ، شعر أسود مثلي لكن عيناها عسليتان بينما عينايّ سوداء كالفحم، حاولت سؤالها بلغة الإشارة مُراعية إن كانت زميلتنا الأخرى عمياء فضحكت !
ردت الغجرية : أنا أرى أفضل منكِ !
نظرت لملاكي ثم للأرض لأغمغم لنفسي : لا أظن هذا !
جاء صوت الفتاة الأخرى : جميعنا هنا لأننا نرى ! لماذا أنتِ هنا ؟!
نظرت إليها قبل أن أجيب : لدىّ فصام !
بدأت الاثنتان فى الضحك حتى نطقت الغجرية : لا وجود لهكذا أمراض إلا فى قواميس الجُهلاء ، نحن فقط نمتلك قدرات خاصة لا يفهمها أحد !
مدت يدها : أنا سارة ، أرى المستقبل !
نطقت عسلية العينان : روز ، أرى أشباح الموتى !
ارتفع حاجبايّ دهشةً دون سيطرة مني : هذا المكان غريب !
تابعت مجارية : جولي ، أرى الملائكة والشياطين ! *،
مر يومان بطريقة عادية حتى رأيت سارة تحدق فى وجهى بغرابة أحد الأيام ، كانت نظراتها مخيفة ، سألتها : ما الأمر ؟!
كانت تتحرك متراجعة على سريرها حتى ارتطم ظهرها بالحائط ، نطقت بصوتٍ خفيض : أنتِ ستحضرين العتمة !
اقتربت منها عنوةً حتى جلست إلى جوارها لأسحب رأسها بحضني ، بدأت بالبكاء وأحمر وجهها : تلك أغرب رؤية رأيتها ، أنا خائفة جدًا ، العالم سينتهى !!
سألتها : ما الذى رأيتيه تحديدًا ؟!
أجابت : لا استطيع وصفه لكن يمكنني أن أريكِ !
وضعت كفها الأيمن على رأسي : هل ترين ؟!
أجبت : هذه أنا ، حولى الكثير من الملائكة !
-انظرى أمامك !
-من هذا ؟!
-لا أعلم !!
-حوله الكثير من الشياطين !!
-جولي أنتِ وحدك تستطيعين الوقوف بوجهه!
ازاحت يدها ثم قالت : لكنك ستقعين فى حبه بدلًا من أن تقتليه وسينتهى العالم !!
نظرت إليها غير مصدقة : نامي .. سارة .. *،
لم نتحدث بعدها طوال فترة مكوثي بالمشفى ، خرجت وأنا لم أعلم فيمَ دخلت ، مازلت أرى كل شيء !
كنت أسير شاردة حتى إنني لم ألحظ سيارة على وشكِ أن تدهسني ! ، تجمد جسدي ، لم استطع الحركة ! ، لم أشعر إلا بذراعٍ يُحيطُ بخصري ويجذبني لِحُضنٍ ما ، كان شابًا أبيض البشرة ، عيناه سوداوان واسعتان بالغتا الجمال ، شيئًا ما بقلبي تحرك فى تلك الثانية ، أدركتُ أنني فُتِنتُ بِهِ !
سألني بقلق : هل أنتِ بخير ؟!
لكنني أدركت أيضًا شيئًا أخر ، هو نفس الشاب من رؤية سارة !!
-تبًا !!
|
__________________
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم 🌠
لا إله إلا الله محمد رسول الله 🌠
الله أكبر 🌠 |