الزهرة الثانية بعدَ المائة : تتمة الحكاية 2.
مرّ غصنٌ كبيرٌ قربَها لتُجرحَ خاصرتها فأجابَ الصبي : أصبتِ ~
احتدت ملامحُ آنا غضبًا ليسَ لإيذائهِ لها بل لاقتحامِ القرية التي تحميها، أمسكت خاصرتها اليمنى بيسراها و رمقت الصبيَ بحدة، كانَ يملكُ شعرًا أخضرًا عشبيًا صففهُ إلى الخلفِ بعنايةٍ و عينانِ عسليتانِ ضيقتانِ اكتسبتا منَ الظلمةِ شيئًا، ارتدى ملابسًا خضراءَ كأوراقِ الشجر
تراجعَ إلى الخلفِ معَ ابتسامةٍ ساخرةِ فقال : واو هذا مخيف !، أنا أرتعدُ خوفًا !.
فرضت آنا يمينها في الهواءِ لتظهرَ حولها عشرات الرماحِ الضوئيةِ مِما أثارَ دهشةَ أخضرِ الشعرِ و زرقاءهُ، كانت تملكُ شعرًا طويلًا انتصفَ ظهرها و عينانِ نيليتانِ واسعتانِ بدا على ملامحها النضجُ على الرغمِ مِن كونِ مظهرها لا يوحي بأنها أكبرُ منَ السادسة عشرةَ
قالت الاخيرةُ بتعجب : جنيةُ ضوء ؟، لا هذا محال !، هيَ تمتلكُ شعرًا أسودَ على خلافِ جنياتِ الضوءِ ذهبياتِ الشعر.. إذًا ماهي ؟.
هتفَ أشقرُ الشعرِ ساخرًا : شيءٌ كهذا غيرُ مهمٍ أبدًا !، فلنسرع و نرسلها إلى العالمِ الآخرِ و حسب !.
زفرت الفتاةُ فقالت : أنتَ لن تتغيرَ أبدًا يا ملكَ الطبيعة !، مهما مرت العقودُ فأنتَ تزدادُ وحشيةً فقط !... أوليسَ منَ المفترضِ بجنياتِ الطبيعة أن يكونون مسالمات ؟.
أشارَ ملكُ الطبيعةِ بيدهِ بضعَ إشارة لتنبثقَ أسواطٌ نباتيةٌ منَ الأرضِ نحوَ آنا فقال : أيًا يكن !، العالمُ بأسرهِ تغيرَ فما الضيرُ من تغيرنا نحنُ كذلكَ يا ملكةَ السماء ؟.
ابتسمت زرقاءُ الشعرِ فقالت : بدأتَ تعجبني !.
نظرت ملكةُ السماءِ نحوَ آنا بتعالٍ لتقول : سحرُ السماء : اريبا
*اعلى.
ارتفعت آنا عَن الأرضِ رويدًا و بدأت تطفو نحوَ السماءِ فهتفت : هِيّا !.
أشارت ملكةُ السماءِ بإصبعها يمينًا لترتطمَ آنا بالشجرة التي استقرّ قبرُ راين تحتها فتسقطُ على الأرضِ قريبًا منهُ
سخرَ ملكُ الطبيعةِ قائلًا : واو يا لهُ مِن قبرٍ مبهرج !، أتسائلُ إن كانَ القابعُ بداخلهِ فتاةً جميلة !، سيكونُ مِنَ المؤسفِ أنها ماتت ~
رفعت آنا رأسها نحوهما لتدركَ فجأة : أنتما !، أنتما لا تمتلكان جناحان !.
احتدت ملامحُ المعنيانِ غضبًا ليهتفَ ملكُ الطبيعةِ قائلًا : ماذا قلتِ !!.
بينما تبعتهُ ملكةُ السماءِ تقولُ بسخطٍ و هدوء : بالتفكيرِ بالأمر أنتِ تمتلكينَ جناحانِ جميلانِ فعلًا... أيمكنُ أن تكوني ملكةَ الضوء الجديدة ؟، تعرفين، بما أنّ ميرويم تشان قد ماتت منذُ فترةٍ وجيزة... لكن إن كُنتِ كذلكَ فسأكونُ مصدومةً فعلًا !، أعني أنّ شعركِ أسود !.
أشارَ ملكُ الطبيعة بسبابتهِ نحوَ قبرِ راين قائلًا : هيي، هذا ليسَ مهمًا حقًا أهو ؟، الأهمُ من ذلكَ إني اودُ نبشَ هذا القبرِ سريعًا لأرى إن كانَ من في داخلهِ فتاة جميلةً أم لا !.
فتحت آنا عينيها على أوسعيهما ما إن سمعت كلماتِ ملكِ الطبيعةِ لتتحاملَ على نفسها و تنهضَ بصعوبةٍ قائلة : ملكةُ الضوءِ تقول ؟، لا أعرفُ شيئًا عن هذا !، لكن.. إن تجرأتَ و فكرتَ بلمسِ قبرِ راين ساما.. أقسم أني سأحولكَ إلى أشلاء !!.
ضحكَ ملكُ الطبيعةِ ساخرًا : أنتِ ؟، تفعلينَ ماذا ؟، لا تمزحي معي أيتها الطفلة الصغيرة !، شخصٌ مثلكِ سأمسحهُ عن وجهِ الأرضِ في لحظة !.
أغصانٌ انبثقت من الأشجارِ حولها و الأرضُ تحتها تحولت إلى وحلٍ آخذةً تسحبها إلى الأسفل فهتفت آنا : سومبرا مانا : إيل كوبو ايديال !.
*مانا الظل **المكعب المثالي
مكعبٌ منَ الظلِ أحاطَ بآنا ليحميها من الهجماتِ فهتفت ملكةُ السماءِ باستنكار : تلكَ الطفلةُ هجينةٌ بين جنياتِ الضوءِ و الظلام ؟!!
احتدت ملامحُ ملكِ الطبيعة ليكشرَ قائلًا بسخط : تبًا لكما ميرويم، اوسكورداد !، تجرؤانِ على القيامِ بأمرٍ كهذا !!.
أخذت آنا وضعيةَ الدفاعِ بعدَ أن ألغت تعويذة الظلِ خاصتها لتحدثَ ذاتها قائلة : عمّ يتحدثُ هذا الشخص ؟.
ازدردت ريقها لتقولَ بتردد : أنتما.. ما خطبُ هذه القوةِ السحريةِ على أيةِ حال ؟، من أين حصلتما عليها !.
ابتسمت ملكةُ السماءِ قائلة : بما أنكِ على وشكِ الموتِ سأخبرك ، إن ضحيتِ بجناحيكِ و تمنيتِ أمنية، هي ستتحققُ لا محالة ، باستثناءِ تمنيكِ عمرًا مديدًا أو موتًا عجيلًا بكُلّ تأكيد.
آنا : لقد فهمت، شكرًا لكما.. هكذا سأكونُ قادرةً على مساعدةِ سيدتي !.
" آنا : بعدَ تلكَ اللحظة، استخدمَ هذانِ الاثنانِ قوتهما الكاملةَ ضدي، لَم أستطع أبدًا الصمودَ أمامهما، و ما إن اقتربَ ملكُ الطبيعةِ من قبرِ راين ساما حتى هاجمتهُ الغابةُ مِن كلّ ركنٍ و زاوية، لقد أغضبَ جان ساما دون أدنى شك... أما ملكةُ السماء ففي اللحظة التي كادت تجهزُ بها عليّ أصابها سهمٌ سحريٌ في منتصفِ قلبها و من أطلقهُ كانَ أحد البشر الذينَ ولجوا إلى القريةِ معَ الجنيانِ، هُم كانوا بشرًا بعيون خضراءَ كالزمرد لطفاءَ لدرجةِ أنهم خاطروا بحياتهم لأجلِ إنقاذِ غريبةٍ مثلي... فيما بعد جاءت إيلينا ساما و أمست تعتذرُ مني مرارًا و تكرارًا لعدمِ مقدرتها على القتالِ إلى جانبي و استضافت هؤلاء البشر في القريةِ حتى صباح اليوم التالي.. في ذلكَ الصباح.. حدثَ ما جعلَ مِن سيدتي اللطيفة تصبحُ ملكةَ الشر."
على ورقةِ الصفصافِ العملاقةِ التي توسطت البحيرة السرمدية، جلست آنا مقابلةً لإيلينا فقالت
آنا : إيلينا ساما.. لديّ إقتراح.. طريقةٌ قد تكونُ المفتاحَ للقائكِ براين ساما مجددًا.. و ربما موتكِ أيضًا ..
سكتت إيلينا بانتظارِ آنا لتكملَ حديثها
أردفت : إن ضحيتُ بجناحايَ هذان.. و ذكرياتي حتى الآن .. ستتمكنُ إيلينا ساما مِن رؤيةِ مساراتٍ لا متناهيةٍ منَ المستقبل.. بِما أنّ راين ساما قَد أمسى ندمًا بالفعل.. فهو و بكُلّ تأكيدٍ لم يختفي بعد.. لذا ربما في المستقبل البعيد.. قد يعودُ مجددًا !.
إيلينا : ماذا عنكِ آنا ؟، أمتأكدةٌ أنكِ ستكونينَ بخير ؟.
ابتسمت آنا بلطف : لا بأسَ عليّ إيلينا ساما !، سأكونُ بخير !!، فهذا يعني أنني سألتقي براين ساما مجددًا أنا الأخرى !، و الآن أنا سأبدأ.. أغمضي عينيكِ رجاء !.
" إيلينا : غمرنا نحنُ الاثنتانِ نورٌ ذهبيٌ دافئ، و أغمضتُ عينيّ لتتدفقَ صورٌ لا متناهيةٌ داخلَ رأسي.. هُناكَ رأيتُ مستقبلًا.. حيثُ سأحرقُ قريةَ الزهورِ بيديّ ، و أؤذي شقيقي الذي اتخذَ مِن نجلِ زعيمِ الشياطينِ وعاءً لهُ، حيثُ آنا التي فقدت كلّ ذكرياتها عنا قد كافحت في سبيلِ إنقاذِ ما تبقى مِن قريةِ الزهور، هي ضحت بجناحيها من أجلِ أن تريني هذا، و في هذا المستقبل هي ضحت بحياتها مِن أجلِ إعادةِ صُنعِ الحاجزِ الذي يمنعُ أحدًا من دخولِ القرية، و في هذا المستقبل أنا حاولتُ سلبها حياتها قبلَ أن تتمهُ بالكاملِ مما جعلهُ غيرَ مستقرٍ تمامًا.. ثُمّ آنا ولدت من جديدٍ كما راين تمامًا.. داخلَ حاويةٍ سُميت بياتريس.. الطفلة التي لا تبصرُ نهارًا"