الزهرة الثالثة بعد المائة : النهاية
شدد راين قبضتهُ على سيفهِ و اتخذَ وضعيةَ الهجوم قائلاً : ها أنا ذا ...
ابتسمت إيلينا بلطف و ذرفت عيناها بضع دمعة فقالت : أجل !
ازدردَ راين ريقه بقوة مندفعًا نحوها بأقصى سرعة و كلّ قوته رغمَ معرفتهِ بأنَ هذهِ التعويذة ستكلفهُ ثمنًا غاليًا دونَ أدنى شكٍ... بينما هي وقفت مكانها دون أيّ مقاومة... شطرَ راين أختهُ من كتفها الأيسر حتى رجلها اليمنى بينما احتضنتهُ الأخرى بهدوء ، و هذا الهدوء الذي دامَ ثلاث ثوانٍ ... تبعهُ خرابٌ عظيم ... موجةٌ من الرياح العاتية محملة بالمانا الكثيفة هبّت بشكلٍ حلقي و قد تمركزها راين ... ما حولَ القرية بمسافة ثلاثة أميال أمست أرضًا متيبسة و مسطحة و كأنما لم تكن هناكَ جبال أو غابات
عادَ الهدوء مهيمنًا على المكانِ وبدأت إيلينا بالتلاشي شيئًا فشيئًا فهمسَ راين : وداعًا أختي ...
تحولت إيلينا إلى رمادٍ منثورٍ بينما بدأت تعابيرُ راين ترتخي و قبلَ أن يدركَ، تحولَ ما حولهُ إلى ظلامٍ دامس.
- بعد ستة أسابيع -
صوتُ زقزقة العصافير يتخللُ مسامعه و الظلامُ يحيطُ به من كلّ جانب ، فتحَ عينيه ببطءٍ و وهنٍ شديدين لتستقبلهُ أشعةُ الشمسِ الساطعة ، غطى عينيه البنفسجيتين بساعدهِ هامسًا باستياء : ساطع ! ...
نهضَ من سريره و التفتَ يمينه ليلمحها على كرسي قربه و بيدها كتاب ما ... شعرها الأسودُ الطويل و وجهها شاحبُ البياض ، كانت تتكأ على مسندِ الكرسي و تحني رأسها إلى الجانب تغطّ في نومٍ عميق ...
ابتسمَ فورَ رؤيتهِ لها و نهضَ يغطيها غير أنها استيقظت ما إن كاد يضعُ الغطاءَ عليها
همست بصوتٍ ناعس : راين ...
فجأةً اختفى كلّ النعاس الذي كانت تشعرُ بهِ فقالت تحتضنه هاتفةً: راين !!
هرعَ البقية إلى الداخل ليصدموا براين الذي أفاقَ أخيرًا و بياتريس التي تعانقه ، حمحم ماركوس قاصدًا جذبَ انتباههما و بالفعل نجح ، اكتست الحمرة وجهيهما و ابتعدا عن بعضهما بلمحِ البصر لتقولَ روبي : لا أصدقُ أنّ أول شيء تقومُ به عند استيقاظكَ من غيبوبة هو هذا ...
نفى راين بسرعة : لالالالا ! هي من قامَ بالهجوم فجأة !!
غيّر ماركوس الموضوع قائلًا : إذًا ؟ كيف حالُ جسدك ؟... لقد استعملتَ تعويذةً مدمرة ... ليس و كأنّها مجانًا صحيح ؟
ابتسمَ راين و أخذَ يحدقُ بكفّ يده : أنا بخير ... الأمرُ فقط ...
ازدردوا ريقهم ليكمل : عمري أصبحَ يتقدمُ كالبشر ... و ما أستطيع استخدامَه ليسَ سوى سحر رياحٍ بسيط من الآن فصاعدًا ...
ظهرَ الحزنُ جليًا على وجوههم ليهمس ماركوس : فهمت ...سألَ راين : كم من الوقت مرّ على نومي ؟ ...
فأجاب هايدن : ستة أسابيع ...
انتفضَ راين واقفًا فسأل : إلينا ! ماذا عن أختي ؟!
هايدن : يا رجل اهدأ حسنا ؟! في الواقع ...
- عندَ بحيرةِ الخلود -
وقفَ الجميع عدا لوكا روزماري و لوكي أمامَ ثلاثةِ قبور زينت بالأزهار بشتى أنواعها فسألَ راين متعجبًا : ما هذا ؟
أجابته بياتريس : على اليمين والدتك ... و في المنتصف أختك ...
قاطعها راين بهدوء : و على اليسار أنا ...
ثمّ أردف : شعورٌ غريبٌ هوَ أن تقف أمامَ قبركَ الخاص...
التفتَ إليهم و قال مجددًا : إذًا ماذا حلّ بالشيطانان اللذان أتيا معها ؟ أين روزماري و لوكا ؟ حتى أني لا أرى لوكي ...
ماركوس : سيلفر قد قطفَ زهرته بنفسه و زاك مات كما هو ... لوكا ما يزالُ مشوشًا و ماري تعتني به أما والدك...
أخفضَ ماركوس رأسهُ ليتمتمَ راين : ذلك الأحمق... كان عليه أن يعيش من أجلِ ماري و لوكا...
سألَ مردفًا : إذًا ماذا عن لوكي ؟
جوليا : بشأن ذلكَ... في الفترة التي كُنتَ و بياتريس نائمانِ فيها قالَ أنهُ سيذهبُ في رحلة، لا زالَ قلقًا لكونهِ لَم يخبرنا عَن آنا في وقتٍ مبكر.
راين : هكذا إذًا...
أجفلَ فجأة كأنما تذكرَ شيئًا فهتفَ : سارا !
التفتَ حوله بضع مرة و انطلقَ نحو الغابة يبحثُ عنهما بيأس حتى استوقفه صوتها قائلةً : جئتَ أخيرًا إذًا ... ران تشان ...
فتحَ عيناه على أوسعهما و التفتَ نحوها هامسًا : سا ... را ...
هتفَ إدغار باستياء : اوي أيها القزم ! أنا هنا كذلك !
لم ينطق راين حرفً واحد إثرَ الصدمة فقالت سارا : مهلًا إتشان ! ران تشان أطول منك كثيرًا الآن !
بينما عارضَ إدغار : إلى جانبِ مَن أنتِ !
التفتَ نحو راين مشيرًا بسبابته نحوه و قال باستياء : أنت ! لا تجرؤ أن تصبح مغرورًا فقط لأنكَ زدت بضع سانتيمترات أتفهم !
استمرَ راين بالصمت ثمّ جثا على كلتا ركبتيه معانقًا إياهما فهمس : أنتما هنا حقًا ...
همست سارا : ران تشان ...
فهتفَ إدغار : لا تلمس أختي أيها النذلُ الوقح !!
تعالت أصوات شهقات سارا التي لم تتوقف دموعها هاتفةً : ران تشان ! ران تشان ران تشان !
شدد راين من عناقه قائلًا : آسف ! أنا آسفٌ فعلًا سارا !!
سارا : يجبُ أن تكون كذلك ! لِمَ لَم تأتي في وقتٍ أبكر ! لقد اشتقنا إليكَ حقًا !
فتحَ راين عينيه على أوسعهما و تركَ الاخوان هامسًا : ألستِ غاضبةً مني ؟
إدغار : و لِمَ يجب أن تكون ؟
راين : لأني كنتُ السبب في كلّ ما حصل ... و موتكما كذلك ...
نظرت سارا إلى إدغار و العكس ليسخر إدغار قائلًا : ماذا ... لقد كان هذا ما يشغلُ بالك طوال الوقت ؟
ابتسمت سارا رغمَ الدموع العالقة في عينيها لتقول : هذا لأنّ ران تشان طيبُ القلبِ !
إدغار : أراهنُ أنكَ كنتَ تحلم بكوابيس نخبركَ فيها أن تموت ~
راين : إيه ؟
جفلت سارا و قالت بطفولية : ما هذا مخيف ! أنا لن أفعلَ شيئًا قاسٍ كهذا أبدًا !
هطلت من عيني راين المتسعتين بضع دمعة ليقول إدغار ببلاهة : ماذا ؟ مستحيل حقا ؟! ا... اوي ! مهلًا توقف عن البكاء !
راين : آه ...
مسحَ راين عينيه سريعًا و هتف : لم أكن كذلك !!
سارا : نحن سعيدان كونكَ بخير حقًا ، ران تشان ! لا تلم نفسك حسنا ؟
أشارَ إدغار بإبهامه إلى سارا قائلًا : كما تقولُ هي !
راين : لكن--
قاطعهُ إدغار ساخرًا : أرجوك توقف عن افتعالِ الدراما هذا مقرف
و أخيرًا اشتعلَ غضبُ راين ليبتسمَ مستفزًا : ماذا قلت سيد إدغار !
تجاهلهُ إدغار محدثًا سارا : انظري لقد عادَ لطبيعتهِ !
هتفَ راين منزعجًا : لا تتجاهلني !
أومأت سارا بالإيجابِ : أجل !، هذا عظيم !.
راين : و على أيّ حال أنا كُنتُ أطولَ مِنكَ منذُ البداية !.
هتفَ بهِ ادغار منزعجًا : اذهب و أصلح هذا الرأس المتعفن الذي يملي عليكَ الأكاذيب !، أنا من كانَ الأطول !.
بدأت سارا بتهدأتهما قائلة : حسنًا حسنًا توقفا أنتما الاثنان !.
إدغار : لا بجدية راين ... سعيدان أنكَ على قيدِ الحياة و لم تنسَ أمرنا ... الآن يمكننا الرحيل بسلام !
راين : إيه !
سارا : هذا لأننا كنا متشبثين بهذا العالم لنراكَ مجددًا فقط !
إدغار : و الآن بعدَ أن حققنا رغبتنا ...
بدأ الاخوان بالاختفاء فقالت سارا : سنذهب حيث الجميع !
مدّ راين يده نحوهما قائلًا : مهلًا !! سارا ! إدغار !! اوي !
اختفى الاثنانِ لتقولَ سارا : وداعًا ران تشان..
إدغار : نلتقي في العالمِ الآخر .
بقيَ راين يحدقُ في مكانِ وقوفهما بهدوءِ ليخفضَ ذراعهُ الممدودةَ ببطء فجلست بياتريس قريبًا منهُ قائلة : لقد رحلا هاه..
أومأ لها راين بهدوءٍ قائلًا : أجل .. لقد رحلا...
عمّ الصمتُ للحظةٍ لينظرَ راين نحوها قائلًا : بالتفكيرِ بالأمر عيناكِ تحولتا للونِ الأخضر .. أأنتِ بخيرٍ فعلًا ؟.
أومأت بياتريس قائلة : أجل أنا بخير...
سألَ راين بشكٍ قائلًا : حقًا ؟.
أومأت بياتريس مجددًا لتقولَ بحماس : أجل !، لقد استعدتُ ذكرياتي السابقة كما أني لَم أخسر ذكرياتي الحالية و الأهمُ مِن ذلكَ أنني أبصرُ نهارًا بشكلٍ طبيعي !.
ارتبكَ راين قائلًا : هـ هذا جيدٌ لكِ..
أومأت إيجابًا دونَ قولِ أيةِ كلمةٍ فأردف : حسنًا.. امم.. آسفٌ على ذلكَ الوقت.. لقد تركتكما خلفي...
أومأت بياتريس إيجابًا فقالت بدورها : لقد جعلتنا نشعرُ بالوحدة..
سكتَ لتردف : لكن لقائيَ بلوكي، روبي، جوليا، ماركوس، هاري، هايدن، و سيلاه.. كُلهُ بفضلكَ كذلكَ..
ابتسمت لتهتفَ بسعادة : شكرًا لكَ راين !.
فتحَ عيناهُ على أوسعهما لتبرقا سعادةً فابتسمَ لها بلطفٍ بدورهِ قائلًا : على الرحبِ والسعة !.
" بياتريس : و هكذا ... إلتقى راين بسارا و إدغار مجددًا و حلّ سوء التفاهم ، ماري و لوكا عادا إلى عالميهما قائلانِ أنهما سيأخذانِ على عاتقيهما إرشادَ بني جنسيهما إلى الطريقِ الصحيح مجددًا، هايدن سان و سيلاه تشان تزوجا فورَ عودةِ هايدن إلى القرية و بعدَ فترةٍ أعلنَ روبي و ماركوس خطبتهما كذلكَ، هاري و جوليا كانا دومًا على وفاق، حتى أنهما عاشا معًا و كاترينا في الشجرةِ العظيمة، أما أنا و راين، فقد بقينا في القرية التي لطالما أحببناها.. فلوريس بيوبلو، لَم يمضِ الكثيرُ منَ الوقتِ على كُلِّ تلكَ الاحداث حينَ عادَ لوكي أخيرًا ، و لحسنِ الحظ هوَ لَم يتغير البتة !، هكذا انتهت الحكاية التي بدأت بطمعِ شابة لا ترى بنورِ الشمس ... و تذكر إن كنتَ قد قطفتَ زهرة ... أو أفرغتَ سلاحًا في رأسِ أحدهم ... ستكونُ الحياة التي سلبتها بالقيمةِ ذاتها بلا شك..."
في مكانٍ ما حيثُ يجتمعُ الجميعُ لقضاءِ نزهةٍ تحتَ إحدى الأشجارِ الكبيرة قالت جوليا مفكرة : بالتفكير في الأمر .. لَم أعرف ما الذي همسَ بهِ ماركوس لروبي في ذلكَ الوقت...
أجفلَ الاثنانِ ليفضلا الصمتَ على الكلام فقالت روبي بارتباك : عـ عَن أي وقتٍ تتحدثينَ جوليا تشان...
أجابت جوليا ببراءة : ذلكَ الوقت ذلكَ الوقت !، عندَ معركتنا ضدَ سيلفر !.
ابتسمت روزماري بشرٍ لتقولَ ساخرة : ماذا ~ ، أشمُ رائحةً مريبةً حولَ الأمر ~
اقتربت روزماري مِن ماركوس الذي أجفلَ بإرتباكٍ مجددًا لتقول : مستحيل سيد ليكس.. أنتَ لَم تعترف أو شيءٍ مِن هذا القبيل ها~ه..
بصقت روبي الشاي الذي كانت ترتشفهُ فجأة لتهتفَ جوليا و بياتريس سويا : أيـ~~ـــه ~~
جوليا : مستحيل !، بجدية !!.
هتفت بياتريس بسعادةٍ بينما تتشبثُ بكفي روبي : أليسَ هذا رائعًا روبي تشان !!.
روبي : إ إنهُ ليسَ كذلكَ !.
قالَ راين ساخرًا : لستَ سيئًا سيد ليكس.
هتفَ بهِ ماركوس بخجل : اخرس !، لا أودُ سماعَ هذا مِن صاحبِ إعترافٍ مبهرجٍ مثلكَ !!.
ابتسمَ راين بسخريةٍ مجيبًا : آسفٌ لتخييبِ ظنكَ لكني فعلًا لا أبالي بما تعتقد ~
قالَ هاري بهدوءٍ بينما يحتسي شايه : لَم أكن أعلمُ أنّ ماركوس من ذلكَ النوع من الأشخاص ..
هتفَ ماركوس من فوره : أي نوع !، مهلًا هاري ماذا تقصد !، اوي !!.
ظهرت ميرا مِن أسفلِ ورقةِ شجرٍ بينما تتثائبُ قائلة : يا لكم من مجموعةٍ مزعجة ألا يمكنكم أن تكونوا أكثرَ هدو--
تحولت ملامحها الناعسة إلى ابتسامةِ مكرٍ فور ما لمحت هايدن النائمَ فوقَ فخذي سيلاه بينما الأخيرةُ تعبثُ بشعرهِ بهدوءٍ فقالت : آريـ~ـه ~ ، يبدو أنّ عصفورا الحبِ في عالمٍ آخر ~
مِن جهةٍ أخرى نهضت روزماري لتباغتَ لوكا الواقفَ على ضفةِ النهرِ يتأملُ انعكاسهُ بسلامٍ فتدفعهُ ليسقطَ في الماء
هتفَ لوكا بانزعاج : مهلًا ماري !!، هذا ليسَ عدلًا !.
ضحكت روزماري بصخبٍ هاتفة : هاهاها !، تستحقُ ذلكَ !!
وفورَ إنتهائها مِن جملتها سحبها لوكا لتسقطَ داخلَ الماءِ معهُ، مِن جهةٍ أخرى استلقت كاترينا و إيفا على كراسٍ سريرية كتلكَ التي على الشواطئ لتنعما بالهدوءِ بينما تشربانِ عصيرَ البرتقال
قالت كاترينا بهدوءٍ غلفتهُ السخرية و التعالي : يا إلهي أولادكِ مزعجونَ إيفا !، ما هم أطفال ؟.
ردت إيفا بهدوءٍ تخفي خلفهُ انزعاجها : و لِمَ لا ؟، دعيهم كما هُم بريئونَ و صاخبون.
ابتسمت كاترينا لتردّ ساخرة : بريئون ؟، هؤلاء ؟، إنها ليست دعابةً مضحكة !.
إيفا : حسنًا على الأقلِ ابني لَم يجلب حبيبتهُ إلى المنزلِ فجأة..
كاترينا : ما قصدكِ الآنَ فقط ؟.
هُنا أقبلَ لوكي ممسكًا بكاميرا رقمية فهتف : جميعًا !، تعالو إلى هُنا !، سنلتقطُ صورةً جماعية !.
اجتمعَ الجميعُ بصخبٍ هذا يحاولُ أخذَ مكانَ ذاك و آخرٌ يزعجُ مَن بجانبهِ فثبتَ لوكي الكاميرا على قاعدةٍ طويلةٍ فبدأ بالعدِّ العكسي مِن عشرة و حتى الصفر بينما يهرولُ محاولًا أخذَ مكان بينَ الجميعِ قبلَ أن تقومَ الكاميرا بعملها و قد نجحَ فعلًا لتضمَ الصورةَ جميعهم.
Fine