عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 10-09-2017, 06:21 PM
X
 




the beginning

في وسط غابة خضراء قريبة من البحر المليء بالطحالب كان منزلنا الصيفي الذي
إحتل الزجاج أغلب جدرانه
حتى الباب كان نصفه العلوي زجاجي، من الأعلى يوجد غرفة على السطح ،
جدرانها عبارة عن سور خشبي طوله متر،متر ونصف
والباقي مكشوف،أثاثها خفيف و جميل كله من الخشب
أما القماش منه لونه بني يميل إلى الخمري
كانت غرفة جلوس جميلة على تلك الإطلالة
فنحن في وسط غابة في أوكيناوا حيث لدينا هذا المنزل

أتيت مع والدي و جدي و أخي الأكبر إلى هنا لنقضي الصيفية كما كل سنة و هذه
المرة التاسعة عشر التي آتي فيها إلى هنا.. مع أن عمري 17 إلا أني في هذه
السنة أتيت وحدي مرتين إلى هنا ،
نحن من سكان طوكيو لكن لا أدري لما أكره المدن أو أني بدأت أكرهها من قريب...
من الأشياء التي تجعلني أحب هذا المكان هو كونه منعزل عن الناس تقريباً،
لم أعد أتأقلم مع الناس كما كنت،
أحب الهدوء و الوحدة، الفضاء،السماء، المظلمة ، الكون.
الجميع جالسون كما العادة و الساعة الثانية عشر في منتصف الليل أنا بينهم
أغطس في هاتفي، أغلقته ونهضت لأقول

-:أنا ذاهبة؛ تودون مني شيئاً
حركت أمي رأسها و أردفت

-: لا تتأخري فالوقت أصلا متأخر

أومأت لها وخرجت حيث كنا نجلس في الصالة,
لا أحد يسألني عن وجهتي فالجميع يعرف أين أذهب في هذا الوقت,
وقفت حيث تعدم الأشجار... بعد الغابة .

المكان هادئ وأي حركة تصدر جلبة مقارنة به،

إستلقيت على العشب الذي أصدر أصوت خفيفة كتكسر الجاف منه،
تحرك أرنب قريب ليهرب بعيدا ويأخذ معه الجلبة التي أصدرها.
كنت بين حقول متنوعة؛ منها الذرة وعباد الشمس و منها مجرد أعشاب لها أزهار صغيرة.


المكان مظلم تماماً؛ حتى القمر غير موجود و هذا ما أفضله فوجود هذا الصغير المتباهي يطغى على النجوم وتخفي بعضها...

لا أحس بالمتعة عندما أشاهد النجوم بوجود القمر..

احبه في الشتاء فقط عندما يتلفح بالغيوم السوداء فهنا النجوم لا تتواجد على أية حال؛ الغيوم تحجبها!

زفرت اصفي ذهني من الافكار و أراقب النجوم
منها يومض بألوان عدة ومنها ثابت على لونه

السماء ممتلئة بالنجوم كما لو أني قمت برش كيس ملح على أرض سوداء...
الفرق هي الحركة والوميض البسيط و الأحجام المتفاوتة
فبعض النجوم كبيرة جداً و أخرى صغيرة
في المدن يستحيل أن نرى مشهد كهذا؛
هنا فقط موجود؛ حيث لا داعي لأن تختبئ نجومي هذه!
انا احفظها غيبا كل واحدة و مكانها أشكل بهم أشكال كما أحب أعشق تلك النجوم الثلاثة التي تصطف فوق بعضها بدقة
ماذا عن الشهب هناك واحد!
سقط يجر وميضه خلفه
هممت أتمنى أمنية ولكن تذكرت؛
أمنيتي أكبر من أن تستطيع نجمة كهذه تحقيقها...

دائماً ما أفكر هل حقاً النجوم الساقطة تحقق الأماني !

أهي أسطورة خيالية!
أم حقيقة تحتاج إتقان!
ومن ذا الذي يكون أقرب للنجوم مني,
الجميع يرى النجوم صغيرة و القمر أكبر بل و يرونه أكبر من الشمس حتى

أما أنا فأراهم أكبر من الإثنين، فالقمر جد صغير في نظري ,
النجوم لا تسقط أمام أيا كان
النجوم لا تسقط إلا أمام من يثق بأنها ليست مجرد أجرام في السماء
من سنة كنت هنا و اخي الاكبر سيجي يراقب معي النجوم
هتفت سبع مرات حينها "شهاب" "هناك" "سقط"
أما هو فلم يرى سوى واحد باهت كان أسرع من أن يصدق!
حينها علمت أن النجوم تحبني،
عندما أحدق بها أشعر أني هناك بينها حيث الهدوء يصرخ بقوة؛
ويعصف في صدري بين عظامي التي أشعر بالهواء يلفحها!
حدقت بشهاب ذو وميض قوي يخترق السماء حابطاً،

نهضت بإندفاعٍ جالسة أقول بلهفة

-: أتمنى أن تعود نجمة

برق بقوة وهو يهبط ليتوقف و يتناسق بين النجوم
تمتمت بسعادة
-: علمت أن الأمنية يجب أن تكون أثناء هبوطه...
سأتمنى أمنية و سوف تتحقق بلا شك
إستلقيت مجدداً أنتظر شهابا يرطب خاطري!
كدت أغفو ولا شيئ حتى الأن...
أو ذلك الوقت
فعندما ذبل جفني سقط المنشود
حدقت به لأهتف تلقائياً
-: اتمنى ان اختفي من الوجود كشهاب يحقق أمنية كل ما يخصني ... فاليختفي
ومض بقوى و إختفى
تمتمت
-: أريد أن أتلاشى مع بصماتي حتى!
لا أريد أثر لها حتى على العشب

سمعت أصوات خلفي لم تكن!
يبدو أن بعض الأمور تغيرت لكوني اختفيت!
أمي وأخي يجلسان خلفي تماماً
هتفت أمي نحو الشهاب الذي سقط يحقق أمنيتي

-:شهاب !

هتف سيجي بضجر

-:لم ولن أره

قهقهت أمي ليشير إلى السماء قائلاً بفخر
-:أحب النجوم ولا أحب تساقطها لذا لا أراها تسقط!
أنظري إلى تلك لقد سميتها سيجي من سنة... وتلك نوي... لا أدري لما نوي
تحديداً ولكني أحب هذا الإسم ومعناه النجود!

شهقت وأنا أتذكر يوم سماهما بإسمنا !
لم أعد أريد الاختفاء ، أود البقاء ... اقتربت منهما و أنا اتلاشى أمي، سيجي،
ناديتهما ولكن لا إجابة!


جثة أمامها ورفعت رأسي إلى السماء كما يفعلان لم أنتبه لأي شهاب ولكن
سيجي فعل وهتف
-: شهاب!
أتمنى أن تحمل أمي بفتاة نسميها نوي
ومضَى الشهاب و إختفى، قهقهت أمي وضربته بخفة هاتفة
-: أصبحت في 22 من عمرك تزوج وسمي إبنتك نوي
اندرجت دموعي تتسابق وشعرت بها باردة سقطت على العشب و ذلك آخر وجود لي ليسقط شهابٌ
ومض بقوى ثم تلاشى
تلك أنا أختفي كالشهاب
الأسوء أنه لا أحد يذكرني لم يبقى لي سوى نجمة مسماة بإسمي.



__________________

-

-
لا تَبُح بما في داخِلكَ لنَفسِكَ فهي لا تَحْفظ الأسْرار.

نُقطَةة إِنتَهىٰ •
رد مع اقتباس