المحتويات : 1 من هو أبو القاسم الشابي ؟
2 مؤلفات أبو القاسم الشابي
3 المعاني الوطنية في شعر أبو القاسم الشابي
4 أبو القاسم الشابي شاعر الوجدان والألم
5 أبو القاسم الشابي شاعر الإنسانية
6 وفاة أبو القاسم الشابي من هو أبو القاسم الشابي ؟
هو أبو القاسم بن محمد بن أبي القاسم الشابي ، ولد سنة 1909 في منطقة الجريد على مقربة من بلدة توزر التونسية . تلقى علومه الأولى على يد والده الذي اشتغل بدار القضاء ، ويقول أبو القاسم عن والده : ‘ إنه أفهمني معاني الرحمة والحنان ، وعلمني أن الحق خير ما في هذا العالم ، وأقدس ما في هذا الوجود ‘ .
في سنة 1920 التحق الشابي بجامعة الزيتونة أين نهل من شتى العلوم وأصنافها ، وقد كان شغوفا بالمطالعة والغوص في أعماق الكتب ، كما نهل من أدب النهضة الشيء الكبير ، وعلى غرار الشاعر جبران خليل جبران ، تأثر بأدب الرومنطيقية الفرنسية ، فقد شدته كتب الغرب الأدبية التي ترجمت إلى العربية .
في عام 1928 تزوج أبو القاسم تلبية لرغبة والده ، ورزق طفلين ، ليفجع بعدها بعام بوفاة والده ، الشيء الذي قلب حياته رأسا على عقب ، وبدت له ظلال التشاؤم واليأس تحيط بحياته ، إذ كان والده يوفر عليه كل ضروريات العيش ، وبما أنه الأكبر بين إخوته ، فقد تولى أبو القاسم رعايتهم ، متحملا أعباء المسؤولية بنفسه . هذه الصدمة خلفت ألما عميقا في نفس الشاعر ، وانعكس ذلك في قوله : يا موت قد مزقت صدري * وقصمت ظهري
وفجعتني فيمن أحب * ومن إليه أبث سري
وأعدّه غابي ومحرابي * وأغنيتي وفجري
ورزأتني في عمدتي * ومشورتي في كل أمري
ويبدو أن تأثير وفاة والده قد فاق التصور ، إذ أصيب في العام نفسه بداء تضخم القلب ، ولم يكن قد تجاوز الثانية والعشرين من عمره ، واشتدت عليه الآلام حين لم يأخذ بنصائح الأطباء له بالإخلاد إلى الراحة ، وأصرّ على مواصلة عمله وفي نفسه ثورة على الحياة . مؤلفات أبو القاسم الشابي :
بالرغم من أن الشابي مات وهو في ريعان شبابه إلا أنه خلّف عددا كبيرا من الآثار الأدبية ، والتي تنمّ عن عبقرية فذة تفوق فيها الشاعر وبقوة على أقرانه من الأدباء والشعراء ، ويمكن تقسيم قصائد و مؤلفات الشابي إلى : 1 – آثار مطبوعة :
– أغاني الحياة : وهو ديوان مهم اعتنى الشاعر بترتيب قصائده وتنقيحها .
– الخيال الشعري عند العرب : محاضرة ألقاها الشابي في القاعة الخلدونية بدعوة من النادي الأدبي لجمعية قدماء متخرجي مدرسة الصادقية .
– يوميات الشابي : وهي مذكرات نشرت في الدوريات والمجلات قبل موته وبعده . 2 – آثار مخطوطة :
– جميل بثينة ( قصة ) .
– صفحات دامية ( قصة ) .
– المقبرة ( رواية ) .
– السكّير ( مسرحية ) .
– مجموعة من الرسائل .
– مذكرات الشابي . المعاني الوطنية في شعر أبو القاسم الشابي :
لقد حمل الشابي في قلبه حب الوطن ومحاربة التخلف والجهل ، إذ أدرك جليا مدى خطورة الأفكار والسيطرة الاستعمارية على العقول وحشوها بكل ما يبقيها فقيرة جاهلة وجائعة ، فثار رغم آلامه ومرضه يزرع الحماس في قلوب المواطنين ، ويوقظ الضمائر المسلوبة الإرادة ، ويدعو بنهضة وثورة على الجهل والذل والظلم ، وقد عانى كثيرا أمام صدود غالبية الناس واستنكارهم لأفكاره ، يقول الشابي : أيها الشعب ، ليتني كنت حطابا * فأهوي على الجذوع بفأسي
ليتني كنت كالسيول إذا سالت * تهدّ القبور رمسا برمس
ليت لي قوة العواصف يا شعبي * فألقي إليك ثورة نفسي
ليت لي قوة الأعاصير لكن * أنت حي يقضي الحياة برمس !
وفي قصيدة ‘ تونس الجميلة ‘ يصور حياة التعسف والاضطهاد التي يعانيها مجتمعه ، فيقول : لَسْتُ أبْكي لِعَسْفِ لَيْلٍ طَويلٍ * أَوْ لِربعٍ غَدَا العَفَاءُ مَرَاحهْ
إنَّما عَبْرَتِي لِخَطْبٍ ثَقِيلٍ * قد عَرانا ، ولم نجد من أزاحهُ
كلّما قامَ في البلادِ خطيب * مُوقِظٌ شَعْبَهُ يُرِيدُ صَلاَحَهْ
ألبسوا روحَهُ قميصَ اضطهادٍ * فاتكٍ شائكٍ يردُّ جِماحَهْ
ضَيَّعَ الدَّهْرُ مَجْدَ شَعْبِي وَلكِنْ * سَتَرُدُّ الحَيَاة ُ يَوماً وِشَاحَهْ أبو القاسم الشابي شاعر الوجدان والألم :
من بين ثنايات حياة آملة يشوبها ألم يائس عاش الشابي حياة غلب عليها طابع التبرم والسخط والتشاؤم ، وإذا نظرنا إلى خط سير حياته والأحداث التي طالتها فستتضح لنا البوثقة التي جُمع فيها الخليط المكون لشخصية الشاعر ، فمن فقدان الوالد إلى هموم الوطن انتهاء بمرضه العضال والذي جعله ينشد الموت في كل لحظة وحين :
قد كنت في زمن الطفولة والسذاجة والطهور
أحيا كما تحيا البلابل والجداول والزهور
واليوم أحيا مرهق الأعصاب ، مشبوب الشعور
هذا مصيري يا بني أمي ، فما أشقى المصير !
والرومانسية في شعر الشابي وليدة ثورة وألم وأحزان ، مما ولد له شعورا بالتمرد وكسر القيود ، فهو إن كان يتفق مع شاعر التفاؤل إيليا أبو ماضي في نظرته إلى الحياة أنها زائلة وفانية ، إلا أنه يقف في مواجهة حقيقة الموت الحتمية بصمود وشجاعة ، وهو هنا يتأرجح بين إيمان راسخ تولد إثر تربيته الدينية الكبيرة ، وشك متذبذب فرضته تيارات العقلانية والفلسفة الأدبية الغربية ، ويقول في ذلك الأديب المؤرخ حنا الفاخوري : ‘ نظر الشابي إلى الوجود نظرة تشاؤم ، واصطرعت في نفسه نظريتان ، نظرية الإيمان ، ونظرية الشك . وذلك أنه نشأ في بيت عامر بالتدين فامتلأت روحه ، وامتلأ قلبه وكيانه بعبق الروح وبنعمة الإيمان ، وتناهت إليه تيارات العقلانية التي عصفت بفرنسا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ، والتي زعزعت إيمان الكثيرين ، ثم تراكمت في حياته النكبات والآلام التي قدمت له سوانح للتساؤل في موضوع الماورائيات ، وكاد يضطرب إيمانه أحيانا ، ولكنه تغلب على الشك بما في أعماقه من عقيدة راسخة ‘ . خبّروني هل للورى من إله راحم – مثل زعمهم – أواه !
إنني لم أجده في هاته الدنيا فهل خلف أفقها من إله ؟ لكن سرعان ما يتدارك الشاعر شكه بيقين راسخ فيقول :
ما الذي قد أتيت ، ياقلبي الباكي ، وماذا قد قلته ، ياشفاهي ؟
يا إلهي ، قد أنطق الهم قلبي بالذي كان ، فاغتفر ، يا إلهي ! أبو القاسم الشابي شاعر الإنسانية :
بالرغم من كل آلام الشابي وتمرده وسخطه ، إلا أن قلبه كان يحمل بذرة مليئة بالخير والحب والأمل ، إذ كان يحلم بعالم يسوده السلام ، ولا يعيش فيه الإنسان شقاء وحروبا . فما المجد في أن تسكر الأرض بالدّما * وتركب في هيجائها فرسا نهدا
ولكنه في أن تصد بهمة * عن العالم المرزوء ، فيض الأسى
وينظر لأحوال الناس وما يعانونه من مآسي ويدعو لمشاركتهم آلامهم : يا رفيقي ! أما تفكرت في الناس ، وما يحملون من آلام ؟
كم بقلب الظلام من أنة * تهفوا بغصات صبية أيتام
فإذا سرّني من الفجر نور * ساءني ما يُسرّ قلب الظلام
وينادي طائر الشعر أن يخفف عن أصحاب القلوب الكئيبة أحزانهم وآلامهم : يا طائر الشعر ! روّح على الحياة الكئيبة
وامسح بريشك دمع القلوب فهي غريبة
وعزها عن أساها فقد دهتها المصيبة وفاة أبو القاسم الشابي :
هذا هو شاعر الحياة المحارب ، فنظرته الثورية التشاؤمية النابعة من رحم المعاناة ، ما هي إلا تشبت بالحياة وتمسك بالصبر على المصاعب والمصائب ، وما ديوانه الخالد ‘ أغاني الحياة ‘ إلا دليلا على تعلق الشاعر بالأمل والحياة ، إذ أن كلمة الحياة تفوقت وبقوة على كلمة الموت في ديوانه .
تفاقم المرض على الشاعر في آخر أيامه ، فهزل جسده ، وهو الفتى الشاب الذي كان مولعا بممارسة الرياضة والتنزه بين جنبات الطبيعة ، يقول الشابي : ‘ ها هنا صبية يلعبون بين الحقول ، وهناك طائفة من الشباب الزيتوني والمدرسي يرتاضون في الهواء الطلق والسهل الجميل ، ومن لي بأن أكون مثلهم ؟ ولكن أنى لي ذلك والطبيب يحذر عليّ ذلك ؛ لأن بقلبي ضعفا . آه يا قلبي ! أنت مبعث آلامي ، ومستودع أحزاني ، وأنت ظلمة الأسى التي تطغى على حياتي المعنوية والخارجية ‘ .
وأسلم الشاعر الروح لبارئها في الثالث من أكتوبر سنة 1934 ، بمستشفى الطليان ، ونقل جثمانه إلى مسقط رأسه توزر أين ووري الثرى . رحل الشاعر الشاب مخلفا كلمات خالدة تفوح حرية وثورة وصمودا أمام مصاعب الحياة . |
n
__________________
شكرا لكِ يُونا . على الطقم الأكثر من رائع
التعديل الأخير تم بواسطة Florisa ; 11-23-2017 الساعة 09:51 AM |