11-23-2017, 11:49 PM
|
|
[COLOR="Mintcream"][/COLOR] السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كيف الحال؟ أتمنى أن يجدك ردي هذا وأنتِ بخير وعافية.
غاليتي ياجيما كعادتك متآلقة في كل شيء
حتى في إنتقائك لهذه القصة القصيرة.
وهي من الفلكلور العالمي ، تأتي أجيال وتدهب أجيال
وتبقى مثل هذه القصص كالجبل السامق لايزحزحه أي شيء
"قصة الدرويش والدب" عنوان مثير وخصب يدخلنا في دوامة التفكير
ويشعل مخيلتنا. درويش ودب؟ ماعلاقتهما؟ أهما أصدقاء أم أعداء؟.
أيعقل أن يأكل الدب والدرويش أم العكس صحيح؟.
هنا جيوش الأفكار والتساؤلات تخلع باب التروي فنفتح لها
ونرضخ لهذا الفضول الجامح وننقض على قصتك نقلب فيها
عن أجوبة تروي عطش عقولنا.
البداية رائعة وطريقة السرد الموضوعية القديمة
الخالية من الأزمنة المعينة.. "يحكى أن راعياً كان يحرس قطيعه"
لا يوجد زمن معين ولا إسم للراعي
هو يمكن أن يكون أي راعي.
وأضن أن هذه هي صيغة السرد بقصص الفلكور
هكذا ستضل صالحة لكل زمان ومكان.
أبطال القصة هما الدب والدرويش والأشخاص الثانوية الراعي وأخت الدب.
ما أدهشني أول شيء هو قطع الجبن. يوجد هنا دب شرس . لا يتركني هادئًا قط . في كل يوم , يخطف مني خمسة أو ستة خراف . ألا توجد وسيلة ضده ؟ فأجاب الدرويش:
-سأقتله في نفس المكان . ولن أطلب منك شيئًا سوى ثلاث قطع من الجبن الأبيض .
مهلا إنه دب وليس فأراً قد نستميله أو نصيده بقطع جبن.
هكذا كنت أفكر بحيرة كيف سيستعمل قطع الجبن
في هزم الدب وجاءت الإجابة هنا. أسرع الراعي فأعطاه الجبن الذي طلبه . وجاء الدب كعادته ليخطف الخراف . وعندما وصل تقدم إليه الدرويش وبدأت بينهما مناقشة , لمعرفة من منهما أقوى من الآخر ، وبالطبع ظن الدب أنه هو الأقوى . لكن الدرويش قال له:
- إنني سأسحقك مثل هذا الحجر .
وفي نفس اللحظة , أخرج من جرابه قطعة الجبن الأبيض , ثم القطعة الثانية , وبدت القطع كما لو أنها دقيق مطحون . وزادت دهشة الدب فتخير هو أيضًا حجرًا أبيض من فوق الأرض , لكنه لم يقدر أن يفعل به مثلما فعل الدرويش .
عندئذ نشأت بينهما صداقة مشتركة ،وانصرفا معًا .
ماهذه الحيل الجهنمية والعميقة؟. كيف له أن يأتي بمثل هذه الحيلة
التي يجعل بها الدب يخضع له ويطلب صداقته.
ذلك الدب المفترس المختال بقوته.
كيف أن الدرويش لم يتزحزح من مكانه عند رؤية الدب
هذا الشيء يتطلب جرأة وشجاعة ليس فقط الحيل ودروب المكر. لكن الدرويش قال له:
- اذهب أنت لاصطياد الثور . لأنني لم أهتم باصطياد مثل تلك الفريسة الصغيرة ! إن ما يليق بي إنما هو اصطياد أسد !
فأجاب الدرويش:
- أنا لست الرجل الذي يأخذ قطعتين صغيرتين من الغابة لكنك أنت الذي يفعل ذلك .
فأجابه الدرويش:
- كنت أفكر في طريقة لإحضار النبع من الصخرة التي يخرج منها ! ومع الأسف لم أستطع إحضاره كما ينبغي . وقد وجدت أن رجوعي وحدي بوعاء يُخجلني . أما أنت , فيمكنك حمله .
على طول الحوار الذي دار بين الدب والدرويش كنت أنتظر أن يمسكه الدب
ويكتشف حيله. لكنه كان يفاجئني كل مرة بحيلة جديدة.. بفكرة جديدة
تثير فضولي وبكل مرة كان يصيبني اليأس وأنتظر موت الدرويش.
لأنه ومع طول تفكيري لا أجد لا إجابة ولا حل لكن الدرويش
كان يجد حلا دائما ومع تخطيط وسابق معرفة كأنه يرسم لوحة
يعرف ملامحها مسبقا فكل ماعليه فعله هو حمل الريشة والرسم.
أغبط الدرويش على مخيلته الخصبة وحكمته لابد أن رأى كثيرا
وجال كثيرا ليطور هكذا مفهوم للحياة. ضغط الدب على الدرويش بقوة جعلت عيني الدرويش تكادان تخرجان من رأسه . . وعندما شاهد الدب وجهه المنتفخ , وعينيه البارزتين ,اللتين جحظتا بشدة , سأله:
- لماذا أصبحت هكذا ؟
فأجاب الدرويش:
- لأنني لا أعرف بالضبط أين أقذف بك . . من هنا فأمزقك قطعًا , أم من هنا , وهذا أسوأ . .
فقال الدب:
- اسمح لي أن أطلب عفوك . . وتركه .
بأول هذه الفقرة عندما ضغط الدب على الدرويش حتى جحظت عيناه
قلت وقتها أنت ميت لا محال ياصديقي الدرويش.
لقد جاءت نهايتك لما لم تهرب وضللت تحاول مع كل هذه المخاطر
لما لم تهرب؟! ولكن المقطع الذي جاء بعده أثلج قلبي وفرحت أنه نجا. وحوالي منتصف الليل , نهض الدب , وتناول فأسه , ثم أهوى به على جسد الدرويش ثلاث أو أربع مرات . وبعد أن أعتقد أنه انهرس تمامًا , عاد إلى مكانه , ونام .
قبل طلوع الصباح , نهض الدب , وذهب إلى الغابة .
وعند عودته ماذا رأي ؟ الدرويش ! وما أن رآه حتى راح يفرك عينيه , غير مصدق نفسه . ومع ذلك سأله:
- كيف أمضى ليلته ؟
فأجابه الدرويش:
- حسنًا جدًّا . . ما عدا لسعات برغوثين أو ثلاثة قرب منتصف الليل !
صدم الدب من الدهشة , حيث أن ضربات فأسه القوية لم تبدُ للدرويش إلا كلسعات البرغوث !
طريقة جواب الدرويش ووطريقة تجاوبه مع الموقف عجيبة وغريبة
لسعات براغيث! شيء مضحك فعلا. كيف خطر بباله هكذا جواب
ليبث الرعب في قلب الدب. أضن أنه أراد وقتها أن يسلم من شر الدب
فخطط عن سابق إصرار وترصد طريقة لقتل الدب.
أيضا أخت الدب. وصفوها بالطيبة . لا أعلم مهما كانت طيبتنا
لا نستطيع أن نفرط بأحد يقربنا أو نحبه. سننصحه، لكن أن نضعه بموقف خطر
لا أظننا سنفعل ذلك. وفي حالة من عدم التماسك , اعترف الدب له بكل شيء , وتوسل إليه لكي يخبره كيف يصبح قويًّا مثله ؟
أجاب الدرويش:
- لا شيء أسهل من ذلك . وما عليك إلا أن تبحث لي عن قربة لبن .
ذهب الدب , وعاد بقربة لبن . فأشعل الدرويش النار , ووضع القدر عليها بعد أن ملأها باللبن .وعندما بدأت تغلي , قال الدرويش للدب:
- ضع رأسك هنا . . حتى تُصبح قويًا !
وضع الدب رأسه لأول مرة , فاحترق . ثم وضعها لثاني مرة . وفي ثالث مرة , دفعها الدرويش بقوة . .
وهكذا تركه يطبخ على نار مكمورة !
هذه نهاية معقولة لدبنا الشرير هذا
لم يكن ليسلم أحد من شره لولا أن الدرويش قتله
بحيلة اللبن المغلي. وبسبب طمع الدب وجشعه بقوة تفوق قوته
مع أنه حرق المرة الأولى والثانية لم يكثرت وأصر على المحاولة
وهنا تم القضاء عليه بسهولة لم تتطلب من الدرويش قوة ولا شيء.
قوة الدهاء هي التي فازت في هذا النزاع، تفوقت على قوة البدن.
ربما كنت أتمنى أن يغير الدرويش من حال الدب ويصبح طيبا
ربما أردت نهاية سعيدة لا تتضمن قتلا ولا خسارة لجميع الأطراف.
لكن ليس كل يتمناه المرء بمدركه.
دمتِ بخير غاليتي
__________________
شكرا لكِ يُونا . على الطقم الأكثر من رائع |