عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 11-24-2017, 01:41 AM
 
[COLOR="Mintcream"][/COLOR]


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

كيف الحال؟ أتمنى أن تكوني بخير

أنا من عشاق الطرائف والنوادر

لذا أنا جد شاكره لمجهودك في البحث

عن هكذا قصص طريفة ومسلية

تجعلنا نغرق بالسعادة والمرح كأننا عدنا أطفالاً من جديد.

أنا كنت أجهله أشعب هذا. قرأت الكثير من قصص النوادر

لكن أشعب لم يكن من أبطالها لا أعلم لماذا؟.

ربما اهتمو بقصص جحا وأبونواس والجاحظ أكثر.

أشعب أبو الطماعين أول الأمر استغربت أن يلقب أحد بإسم

مثل هذا لكن بعد أن قرأت القصة صار الأمر واضحا.

أشعب ليس فقط أبو الطماعين هو ملكهم إن لم يكن إمبراطورا عليهم.



دخل أشعب على أمير المؤمنين أبي جعفر المنصور فوجد أمير المؤمنين يأكل من طبق من اللوز والفستق
فألقى أبو جعفر المنصور إلى أشعب بواحدة من اللوز.

فقال أشعب : يا أمير المؤمنين (ثاني اثنين إذ هما في الغار) فألقى إليه أبو جعفر اللوزة الثانية
فقال أشعب : (فعززناهما بثالث) فألقى إليه ألثالثه
فقال أشعب : (فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك) فألقى إليه الرابعة
فقال أشعب : (ويقولون خمسة سادسهم كلبهم) فألقى إليه الخامسة والسادسة
فقال أشعب : (ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) فألقى إليه السابعة والثامنة
فقال أشعب : (وكان في المدينة تسعة رهط) فألقى إليه التاسعة
فقال أشعب : (فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة) فألقى إليه العاشرة
فقال أشعب : (إني وجدت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين)
فألقى إليه الحادية عشر
فقال أشعب : والله يا أمير المؤمنين إن لم تعطني الطبق كله لأقولن لك:
(وأرسلناه إلى مائه ألف أو يزيدون)
فأعطاه الطبق كله]




ما أذهلني هنا كمية الطمع لم يكتفي بوحدة ولا عشرة

هو من بدأ الأمر ريقه يسيل على الطبق كله.

ما كل هذا الجشع؟ أيعقل أن يكون مثل هذا الأشعب

مخلوقا واقعيا يعيش بيننا؟.

إن كان كذلك فالصبر ومواساتي لأهله وعشيرته.

أيضا صبر الخليفة عليه أحسسته غريبا قليلا

لأنه تمادى كثيرا. ربما كان يعجب الخليفة هذا الأمر

وكان يحسه كالمهرج الذي يبث بأوصاله المرح ويجعله يتخبط من الضحك.

وسيلة تسلية بالعصر القديم.

ضرب من الفكاهة والحيل الساخرة التي ينسج خيوطها

صاحبنا أشعب. أو ليست حيلا بالكامل ربما هي تشبه الظرافة وخفة الدم أكثر

لأن الخليفة يعلم عن طمع أشعب ويعلم غايته لكنه يماطله

فقط من أجل المتعة وربما تمضية الوقت.



وبينما هو على هذه الحال سمع جلبة تأتي من خلفه فالتفت فرأى عشرة رجال مجتمعين فقال في نفسه:

- أخيرًا ضحك الحظ لك يا أشعب جاءك الفرج.

ولم يلبث أشعب أن قام مسرعًا وتسلل حتى اندس وسط هؤلاء وهو يقول في نفسه:

- أقسم أن هؤلاء ما اجتمعوا إلا لوليمة أو عرس فيه طعام لأحد الأثرياء..

ولم يمض كثير من الوقت حتى جاء رجل يقود هؤلاء الرجال ويمضي بهم في اتجاه زورق قد أعد لهم فقال أشعب لنفسه:

- وليمة ونزهة في وقت واحد؟! أحمدك يا رب..




هو ليس فقط أبو الطماعين هو أبو المتطفلين أيضا

باستطاعته أن يتطفل أو يندس بين أي أحد.

وطمعه يصور له الولائم والنزهات بمخيلته

لدرجة أن يركب قارباً لا يعلم حتى وجهته.

وهذا ضرب من الجنون والغباء ليس من الحكمة في شيء

أعني أنه ليس بحكمة جحا أو الجاحظ.

كل طرائفهم مصاغة على نحو الحيلة والمكر

لا على الصدفة أو الطمع.

بمامعناه أن كل أفعالهم أو أقوالهم مدروسة جيدا

وليست وليدة الصدفة.

كما حال بطلنا أشعب كل شيء عنده

يأتي صدفة ولحسن حظه تكون النتيجة إيجابية دائما.

عامل الحظ وربما الإعتباطية هو قارب نجاته كل مرة.



أيها الحراس اضربوا عُنق هذا الطفيلي حتى يكون عبرة لكل طفيلي وليعلم كل إنسان أن من تدخل فيما لا يعنيه طارت رقبته ولم يبق جزء سليم فيه!

رأى أشعب الجدية على وجه الخليفة فصاح من شدة الخوف قائلاً:

- أيها الخليفة أعزك الله لي طلب وحيد قبل أن تنفذ في حكم الموت والاعدام!

قال الخليفة: ما هو؟

فأجاب أشعب وهو ينتحب:

- إذا كنت فعلاً قد قررت قتلي فاضرب بطني بالسيف وليس عنقي!

اندهش الخليفة وقال:


- ولماذا يا رجل نضرب بطنك بالذات بالسيف؟

فأجاب أشعب:

- لأن بطني هو الذي ورطني هذه الورطة ولذلك وجب الانتقام منه!

وما أن أتم أشعب كلامه حتى انفجر الخليفة بالضحك و أيقن أن هذا الرجل خفيف الظل ليس من دعاة الفتنة فأمر السياف أن يتركه وقال مخاطباً أشعب :

- كاد طمعك يُوصلك إلى حتفك لولا لطف الله وكرمه بك ثم أقبل الخليفة على أشعب بوجهٍ طلقٍ بعد أن تأكد من براءته وربت على كتفه قائلاً




خفة دمه وحسن حظه هو ماينجيه دائما كما قلت سابقا

وطرافته في الإجابة ان يضرب بطنه لأنه السبب

شيء مضحك ومسلي لدرجة أن يسامحه الخليفة

ويعفو عنه لأنه أضحكه في موقف قاتم ودموي

موقف الإعدام.

خفة الظل ربما تصنع طريقا حتى بالبحر لبطلنا أشعب.




هل لك في (( ثريدة )) مغمورة بالزبد مشققة باللحم يا أشعب

فرد أشعب قائلاً :

- و أُضرب كم ؟
فكتم أمير المؤمنين ضحكة وقال :
- بل تأكلها من غير ضرب.

فنظر أشعب إلى الخليفة في ارتياب ثم قال :

- أخبروني- بالله عليكم كم الضرب حتى أتقدم على بصيرة ؟ ضحك الخليفة و أحس بالسعادة تغمره وراح يتبادل مع أشعب الحديث وكان لأحاديث أشعب ونوادره أكبر الأثر في التسرية عن نفسه ثم سأل الخليفة أشعب :



إجابة تنم عن الغباء والبراءة والبديهة

في موقف محتدم بالقتل ربط الأكل بالضرب.

ضناً منه أنها قوانين اللعبة، لعبة الخليفة.

لكن أيضا هذا الخليفة كان طويل البال ومتسامحا

كيف لأشعب أن يشكك بقول الخليفة.

لم يعتبره إستهزاءاً أو تطاولاً. إعتبره الخليفة شيئاً غير إعتيادياً

طرفة من طرائف العصر. وقص أشعب معظم طرائفه وكافئه الخليفة وعاد لبلده.



قص أشعب ما حدث على زوجته فحمدت الله على نجاته وعاتبتهُ على فضوله وتطفلهِ الذي كان سيودي بحياته لكنه أكد لها أنها كانت تجربة قاسية تعلم منها ألا يتدخل فيما لا يعنيه ولما انتهى أشعب من كلامه رأى جماعة كبيرة من الناس تقف في صفوف ويلبسون أزياء موحدة فجرى مسرعا نحوهم وهو يقول :

- والله ما خرج هؤلاء إلا لحفل أحدِ أبناء السلطان ! هرولت الزوجة خلف أشعب الذي كان قد اختفى عن الأنظار وتسلل بين الصفوف فقالت وهي تضرب كفاً بكف :

- حقاً إن الطمع آفة كبيرة لكن أكبر آفات الإنسان النسيان




لم يمر الكثير على الحادثة ومع ذلك فقط عندما رأى أناساً مجتمعين

إشتغلت عنده حاسة الطمع ولحقهم وبسرعة.

لم يتعلم من أخطائه أو ربما لن يتعلم أبدا طمعه وجشعه هو السبب.

وهذا حال الكثيرين للأسف. فلنتعلم نحن من أخطائه ونعلم أن الطمع قل ما جمع

ونعلم أن القناعة كنز لايفنى وأن الرضى بما قسم الله لنا يجعلنا ملوكاً

ولو في كوخ صغير.


دمتِ بخير

__________________


شكرا لكِ يُونا . على الطقم الأكثر من رائع
رد مع اقتباس