جبروت طاغي:- سلطانات حكمن بلاداً من غرف الحرملك
مبدعة, استمري صُولاي؛ مقدمة :
كانت "السلطانة الأم" خلال الحكم العثماني هي الأكثر حظوة لدى السلطان وحاشيته، فهي مَن أنجبت ولي العهد الذي سيُصبح حاكم البلاد. لذلك شهد "عالم الحرملك" فيضاناً من المؤامرات والدسائس بين النساء للفوز بهذا اللقب الذي يجلب لصاحبته القوة والنفوذ. كان يصل الأمر بـ"الجارية" إلى قتل العديد من الوزراء والأمراء والزوجات وولاة العهد حتى يصبح ابنها سلطان المستقبل. شيئاً فشيئاً استفحل هذا الصراع في الإمبراطورية ليصبح السلطان أحياناً مجرد شخص شكلي بلا كلمة، بينما تُدار الأمور بواسطة السلطانة الأم والوزراء. على أن غموض عالم "الحرملك" دفع بالكثيرين إلى نشر تكهنات وافتراضات غير موثقة، منها مسلسل "حريم السلطان" الذي تناول تلك الحقبة التاريخية. اتهمه الكثيرون بعدم الموضوعية والاعتماد على خيال المؤلف، إلا أن أحداً لم يقدم بالمقابل إثباتاتٍ تدحض ما ورد فيه.
سُميت هذه المرحلة "حُكم النساء" أو "سلطنة الحريم" وامتدت 146 عاماً (1541 – 1687)، وتشمل بضع سلطانات منهن "عائشة حفصة" "خرّم" و"كوسِم" و"نخشديل" "مهرماه" "صفية" "نوربانو". السلطانة عائشة حفصة :
ولدت عائشة حفصة سلطان بعام 1479 في القرم. وهناك رأيان مختلفان حول أصولها، بحسب الرأي الأول فإن حفصة سلطان هي ابنة مانجلي جيراي ملك القرم. وفي الحقيقة إحدى زوجات السلطان سليم الأول ابنة الملك مانجلي جيران، وهي "عائشة خاتون الثاني" والدة السلطانات بايهان ودولت شاه. والرأي الثاني أن السلطان سليمان القانوني وُلِد من زوجة أخرى ذات أصول أوروبية ما يعني أن من غير الممكن أن تكون عائشة حفصة سلطان ابنة ملك القرم.
وعائشة حفصة سلطان هي الزوجة الثانية للسلطان سليم الأول، وتزوج السلطان منها في مدينة طرابزون شمال شرق تركيا بعام 1494. وهي أيضا والدة السلطان سليمان القانوني وخديجة سلطان وفاطمة سلطان وحفصة سلطان. وكانت عائشة حفصة سلطان واحدة من أقوى الشخصيات في الدولة العثمانية، وخاصة خلال فترة حكم ابنها السلطان سليمان القانوني منذ عام 1520 وحتى وفاتها عام 1534. وتعد حفصة سلطان أول سلطانة العثمانية تحمل لقب "والدة سلطان".
ويعتقد أن حفصة سلطان كان لها دور هام في حل الخلافات بين زوجتي السلطان سليمان القانوني "حُرِّم سلطان" و"ماه دوران سلطان". ولكن على الرغم من ذلك يُعرف أن السلطان سليمان نفى زوجته الأولى ماه دوران من مدنية أماسرا إلى مدينة بورصة، وأعدم ابنها الأكبر "شاه زادة مصطفى" خنقا.
ويعتقد أن حفصة سلطان كانت تحب وتحمي زوج ابنتها خديجة سلطان الصدر الأعظم "بارغالي إبراهيم باشا"، والذي أعدم بأمر من السلطان سليمان القانوني بعد سنة من وفاة حفصة سلطان.
وقد وقفت حفصة سلطان كلية في مدينة مانيسا، كما بُنِي بأمر منها مسجد في منطقة "اورلا" (Urla) التابعة لمدينة إزمير على بحر إيجة في عام 1522. ولا زال يذكر اسم عائشة حفصة سلطان على عدد من الخانات الموجودة في منطقة مارماريس، والتي بنيت بعام 1545.
توفيت حفصة سلطان في فترة حكم ابنها السلطان سليمان القانوني بعام 1534، ودفنت بجانب ضريح زوجها السلطان سليم الأول في حديقة مسجد "السلطان سليم" بإسطنبول.
*~ السلطانة خرم :
خطف التتار الجارية الأوكرانية "روكسلينا" في إحدى معاركهم على شبه جزيرة القرم، ثم بيعَت للقصر السلطاني لتبدأ رحلتها في عالم الجواري. ما لبثت أن أصبحت بسبب حسنها البالغ محظية السلطان سليمان القانوني الذي أطلق عليها اسم "خُرَّمْ" ومعناه: صاحبة الضحكة المثيرة، وقد عُرِّب الاسم في ما بعد إلى العربية فأصبح: هيام.
لم يكن إنجاب "خرّم" لابنها "سليم" وحده ما رفع من شأنها في القصر، بل كان لفتنتها وألاعيبها الجنسية الدور الأهم في جعل السلطان يرضخ لجميع مطالبها. حين أصبحت زوجةً شرعية له دفعته إلى التخلي عن جواريه إرضاء لغيرتها، ثم اشتبكت مع زوجته السابقة مهد فران، وقامت بالكيد لها ونفيها.
تُعد شخصية "خرّم" من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في التاريخ، فهي إلى جانب الحب والشغف الذي منحته للسطان كان لديها من الدهاء ما يكفي لتصفية كل من وقف في طريق تولي "سليم" ولاية العهد. فقد كانت وراء إعدام "مصطفى" ولي العهد الشرعي وابن "مهد فران"، وإعدام "ابراهيم باشا" معاون السلطان، والذي كان السبب في مجيئها إلى القصر، إذ إنه هو من اشتراها جارية وقدم بها إلى القصر. كل تلك المكائد وقعت بأمر من "خرّم" ونفّذها السلطان الذي أصبح كالدمية في يديها، لكنها لم تشهد تلك اللحظة التي يُنصَّب فيها ابنها "سليم" سلطاناً بسبب وفاتها المفاجئة.
*~ السلطانة مهرماه :
السلطانة مهرماه (1522م - 25 يناير 1578م) ابنة السلطان سليمان القانوني والسلطانة خُرَّم سلطان ولها اخوة محمد وسليم وبايزيد وجهانكير بالإضافة إلى مصطفى وهو أخ نصف شقيق وهي ثانية بين اخوانها الاربع . تزوجت في سن 17 عاما من رستم باشا و الذي عينه السلطان صدرا اعظم بعد وفاة سليمان باشا الخادم وذلك عام 1544 وقيل أنها لم تكن سعيدة في هذا الزواج لذا قضت جل وقتها في مرافقة أبيها في تنقلاته في الدولة وكذلك في حروبه.
لم تكن مهرماه سلطانة فقط بل كانت السلطانة الام في عهد شقيقها الأصغر السلطان سليم الثاني. كان لها العديد من النشاطات والأعمال الخيرية نتيجة ثروتها العظيمة التى جعلتها أغنى سيدات الدولة العثمانية خصوصاً بعد وفاة زوجها وميراثها منه , فأسست مهرماه مجمعات اسطنبول والمسجد في المنطقة التي تحمل اسمها. توفي أخوها الأكبر محمد في 1543 , إخوتها الأصغر منها سنا: سليم الثاني وهو الذي تولى الحكم بعد أبيه سليمان وبايزيد وجيهانكير وهو الطفل الأحدب وكانت الأميرة المحببة لوالدها لأنها كانت الفتاة الوحيدة من بين الأولاد وتتمتع بجمال وتلقب بالفتاة "ذات الشعر الذهبي" لأن شعرها كان قريبا للون الذهبي.
ابنتها عائشة هوماشاه تزوجت من الوزير سميز علي باشا الذي صار صدراً أعظماً بعد وفاة زوجها رستم باشا 1561 م. عاشت خلال فترة توليها منصب السلطانة الأم صراعاً مع زوجة أخيها السلطان نوربانو للسيطرة على الحرملك وعلى توجيه السلطان سليم .
*~ السلطانة نوربانو :
نوربانو سلطان هي زوجة السلطان سليم الثاني ووالدة السلطان مراد الثالث , وهي بالأصل ابنة عائلة نبيلة من نبلاء البندقية (آل بافو) قبل أن تخطف عبر القراصنة وتباع كجارية لقصر الباب العالي حيث أصبحت مفضلة الشاهزاده (وتعني الأمير) حين ذاك سليم . وأنجبت له أول ابنائه مراد ومن ثم أسلمت وحملت اسم نوربانو .أصبحت السلطانة الأم في عهد ابنها وهكذا لقبت ب(دولتلو عصمتلو عفيفة نوربانو سلطان) أي السلطانة العفيفة ذات العصمة نوربانو صاحبة الدولة.
تعد السلطانة نوربانو نموذجاً لا ينسى من نماذج سلطنة الحريم , والتي تعني بالأصل تحكم سلطانات وجواري قصر الحرملك في الدولة وتوجيههم للسلاطين وكذلك الوزراء والباشوات فيما يريدون ودون التقيد بمصلحة الدولة وهو ما أدي لخلل خطير في الدولة العثمانية وأدى لزيادة نفوذ الحرملك والجنود الإنكشارية . بعد وفاة السلطان سليمان القانوني عام 1566 م تقلد زوجها السلطان سليم السلطنة , ولما كان السلطان سليم ضعيفاً لا يتصف بالحزم ولا القدرة على الحكم مثل أبيه فقد أصبح سهل التوجيه ودار الصراع الأولي بين شقيقته السلطانة مهرماه والتي لقبت شرفياً بالسلطانة الأم وبين نوربانو . وجود الصدر الأعظم القوي حينذاك صقوللو محمد باشا قد أنقذ الدولة من كارثة الانهيار لوجود سلطان ضعيف توجهه اخته وزوجته . وبعد وفاة السلطان سليم 1574 م تقلد ابنها مراد السلطنة , حيث أصبحت رسمياً تلقب بالسلطانة الأم وبذلك فهي أول من حملت اللقب فعلياً منذ السلطانة عائشة حفصة سلطان والدة سليمان القانوني المتوفية 1534 م , أي أنها أول سلطانة أم فعلية منذ 40 عاماً . ومع تواري نفوذ السلطانة مهرماه إلى الظل ومن ثَم وفاتها عام 1578 م فقد انتقل الصراع بين نوربانو وبينها إلى الصراع مع صفية , زوجة ابنها مراد والتي أصبحت سلطانة بعد أن ولدت له ولي عهده محمد .
ولما كان السلطان مراد ضعيف الشخصية أيضاً لا يكاد يخرج من القصر وكان شديد التعلق بزوجته وكذلك أمه فإنه أصبح أًلعوبة في أيديهما , واستطاعت جان فداء كالفا (كبيرة موظفين الحرملك) أن تساهم في هذا الصراع أيضاً بأن كانت تحت سيطرة نوربانو مما مكنها من أن تتحكم في علاقاته بجواريه . وزاد أمر الدولة سوءاً بمقتل الصدر الأعظم الكفء صقوللو محمد باشا بتحريض من السلطانة صفية على الأرجح , وتولى مكانه وزراء ليس لهم ما كان له من قوة وحنكة وقدرة على ضبط الأمور والوقوف بوجه سلطة الحريم وأمام استفحال نفوذ الانكشارية . واستمر صراعها مع صفية حاضراً حتى وفاتها عام 1583 مم.
*~ السلطانة صفية :
ولدت الملكه صوفيا بيلوجى بافو عام 1550 في البندقية وهي كانت الابنة الوحيدة ل عائلة غنية (والدها كان كوفو يوناردو بافو حاكم البندقية ) وطبقا لذلك فانها قد تلقت تعليما جيدا للغاية، ومرت بأسمى مراحل التعليم. وقد خطفها القراصنة العثمانيين اثناء قيامها بالسياحة بالجمل في البحر الأبيض المتوسط عندما كانت في عمر الخامسة عشر. وبعدها وجدت نفسها تباع في سوق الرقيق في اسطنبول وقد اقامت صوفيا بالحرملك وتغير فيها اسمها من الملكه صوفيا إلى اسم اشد رقة وصفاء وجمال ألا وهى السلطانه صفية. وذهبت إلى الامير مراد الثالث بشعرها الأشقر ، وعيونها الكبيرة ، طولها ،بشرتها البيضاء كل هذا جعله يعشقها من أول نظرة.
عندما تولى مراد الثالث الحكم أراد ان يجعلها سيدة النساء. وأصبحت صفية لها مكان بارز ومهم وذلك بسبب ذكائها بجانب جمالها البراق. وهذا النفوذ أزعج السلطانة نوربانو والدة ولى العهد الجديد وأرادت أن تخلصه منها.
وهذه المنافسة كانت بين مهرماه سلطان، أسمهان سلطان، وجيفرهان سلطان. وكانت كل يوم تقدم جارية إلى السلطان مراد وأراد أعداء صفية سلطان بتشويه سمعتها .ولكن مراد الثالث نظر إلى أعداء النجاح وحبه لصفية سلطان، واعتبارا من 1585 لم يوجد أى أعداء لها ولكن تواجد العديد من المنافسين الاناث. وهؤلاء هاسكى سلطان، شوهبان هاسكى سلطان، نزبيرفير هاكسى سلطان، شمس روهسار هاسكى سلطان، فخرية هاسكى سلطان وغيرهم الكثير كانوا من منافسيها. وقد واجه كل المشكلات والعوائق لكى ينجح في منصبه ويحقق النصر.
وبعد وفاة سليم الثاني في 1574 تولى محمد باشا السلطة واصبح صدر اعظم الدولة العثمانية .ولكن لم يعد القوة القديمة موجودة مرة اخرى وذلك بسبب حدوث الكثير من المشاكل والخصومات مع أعدائه وخصومه.وقد وقعوا العديد من الاتفاقيات السياسية وحققوا من خلالها النجاح.
انقذ المغرب من هجمات البرتغال ، وعبر عن الاثار السلبية والمشاكل فيما يخص النمسا. ولكن بدأت الضغوط تزيد تدريجيا. وقد اعدم ابن عمه بودين بايليربى وذلك بسبب الماء الخاصة بمصطفى باشا. وقد اعتقلت السلطانه صفية زوجة مراد الثالث محمد باشا في 11 أكتوبر 1579 متنكرة في زى الدراويش وبعد ذلك قتله أحد الانكشاريين بطعنة في قلبه.
أما الشخص الذى قتل الباشا فقد عمل على تفكك الدولة من جميع الاطراف ولكن على الرغم من الصراعات لم يتم انقاذع وفقد حياته في فترة وجيزة جدا. وبعد ذلك دفن في أيوب.
وبعد وفاة محمد باشا لعبت السلطانة صفية دورا هاما للغاية في إدارة شؤون الدولة في عام 1579.
عندما جاء الامير محمود ووالدته إلى القصر هددوا مستقبل السلطانة صفية في السلطة ،ولهذا السبب قررت انها لابد ان تقضى عليه وعلى والدته ، ووصلت إلى هدفها هذا ،حيث أنهم وجدوا في يوم من الأيام الأمير محمود ميت مخنوقا، ولكن والدته أودعت في السجن. وهكذا حافظت السلطانة صفية على منصبها بالقضاء على من يقف أمامها.
بعد وفاة ابنها محمد الثالث ابن السلطان مراد الثالث فهذا يمنع والدته ان تتقلد منصب السلطانة الأم في القصر. وبعد وفاة ابنها محمد الثالث انتهت فترة سلطنته وانتقلت إلى سلطان اخر.
سيطرت على الحكم في عهد ابنها السلطان محمد الثالث حيث كان يطيع امه كثيراً وسيطرت على الوزراء والفرسان حيث كانت تعزل الوزراء والاغوات والسلطان يطيعها وتركها تدير الكثير من أمور السلطنة لكن هذا لم يستمر عندما توفي ابنها السلطان محمد الثالث ونصب ابنه السلطان أحمد الاول كان من غير المناسب إن تبقى في منصب السلطانة الام في ظل وجود والدته خاندان سلطان فعزلت وتولت هاندان امور الحرملك لكن لم تكن سلطانة قوية مثل صفية فبقي نفوذها في الحرملك فقط ولم يخرج إلى امور الدولة لكن السلطانة صفية لا زالت تحافظ على بعض من نفوذها في أول عهد حفيدها السطان احمد الاول ولكن ذلك لم يستمر ، فقد ظهرت السلطانة كوسم زوجة السلطان أحمد خان، و قد كانت قوية و ذكية أيضا بحيث تمكنت من تقليص نفوذ السلطانة صفية إلى حد الزوال.
ووفاتها المنية في 10 نوفمبر 1619.ودفنت في مقبرة مراد الثالث في مسجد ايا صوفيا بأسطنبول.
*~ السلطانة كوسيم :
السلطانة كوسيم عُرفت ايضاً السلطانة ماهبكر وكانت المفضّلة لدى السلطان أحمد الأول ولاحقاً زوجته.
حصلت على السلطة وكان لها تأثير كبير على سياسة الإمبراطورية العثمانية، وذلك من خلال زوجها أوّلاً ثم عبر أولادها مراد الرابع وإبراهيم وحفيدها القاصر محمد الرابع.
أصبحت "السلطانة الأم" حين حكم أولادها مراد وإبراهيم كسلاطين، و حكمت رسميّاً لمرّتين خلال حياتها.
كوسيم كانت من أصول يونانيّة وإبنة كاهن جزيرة تينوس. إسمها الحقيقي كان أناستازيا وقد تمّ شراؤها كعبدةٍ في بوزنة العثمانية، فأُرسلت الى إسطنبول في عمر الـ15 عاماً، وتحديداً الى حرملك السلطان أحمد الأول بعد إيقاف دراستها في العاصمة.
ومع تحوّلها الى الإسلام، أُطلق عليها اسم ماهبكر ثمّ سمّاها السلطان بـ"كوسيم".
نُقلت الى القصر القديم بعد وفاة السلطان احمد عام 1617 ولكن عادت الى إسطنبول كـ"السلطانة الأم" مع تعيين إبنها مراد الرابع على العرش عام 1623.
في تلك الفترة، كان مراد لا يزال قاصراً، ما جعلها الحاكم الرسمي للدولة، تحضر إجتماعات الديوان من وراء الستارة، وإستمرّت بالمشاركة حتى بعد تنازلها عن الحكم.
أمّا حين وصل ابنها ابراهيم الى سدّة الحكم عام 1640، تبيّن أنّه مختل عقليّاً وبالتالي لا يمكن أن يدير أمور الدولة، فتولّت المهمة كوسيم من جديد ما بين 1648 651.
أمّا عدوّة كوسيم الحقيقية، فكانت والدة السلطان محمد التي قبل أنّها هي ما أمرت بإغتيال الأولى حين سمعت بمخطّط لإزاحة ابنها وإختيار حفيد آخر للحكم من أمٍّ أكثر طاعة وولاء.
وقد رجّح الكثيرون أن تكون كوسيم قد قُتلت شنقاً بستارةٍ أو حتى بشعرها على يد مسؤول الحرملك!
بعد وفاتها، نُقل جثمانها من قصر توبكابي الى القصر القديم حيث دُفنت الى جانب زوجها السلطان أحمد.
السلطانة كوسيم كانت معروفة بأعمالها الخيريّة الكثيرة وبتحريرها للكثير من عبيدها بعد 3 سنوات من الخدمة.
كان سلطان الإمبراطورية العثمانية "ابراهيم" مصاباً بالانفصام حين تسلّم مقاليد الحكم وهو في
الخامسة والعشرين من عمره (عام 1640م) بسبب ما عايشه من جرائم قتل إخوته في الحرب الدموية على الحكم، في حين كانت أمُّه "كوسِم" هي الحاكمة الفعلية. لما اختلف مع سياساتها ورغب في الاستقلال عنها عزلته ثم قتلته وولَّت حفيدها محمد خان الرابع وهو ابن ست سنوات مكانه، لتستمرّ في الحكم الفعلي، ثمّ تعيد تجربتها مع ابنها "مراد الرابع" الذي كان قد نُصِّب سلطاناً قبل ابراهيم وهو في الحادية عشرة، فحكمت بالنيابة عنه ريثما يكبر، على الرغم من استمراره في استشارتها الدائمة حتى وفاته بعد 17 عاماً. لا نعرف الكثيرَ عن هذه السلطانة، إلا أنها حكمت بضع مرات وفي فترات متقطعة، فقد كانت شغوفة بالسلطة والسياسة وشديدة القسوة.
*~ السلطانة نخشديل :
تروي إمبراطورة فرنسا في القرن التاسع عشر "جوزفين لاباجيري" Josephine de La Pagerieأنها ذهبت في صغرها برفقة ابنة عمها إلى أحد قرَّاء الكف، فتنبأ لها بأنها ستحكم الغرب، أما ابنة عمها "إيمي دي ريفيري" Aimée de Rivéry فسوف تحكم الشرق. في العام 1784، حين كانت "إيمي" عائدة من مدرسة الراهبات في مدينة "نانت" Nantes الفرنسية، اختطفها القراصنة ثم باعوها لحاكم الجزائر الذي أراد من خلالها أن يعزز مكانته في السلطنة فأهداها إلى السلطان "عبد الحميد الأول"، لكونها فتاة عشرينية آسرة الجمال.
فُتن السلطان المُسن بالفتاة الفرنسية الشقراء وأطلق عليها اسم "نخشديل" ويعني "المطرزة القلب". حين أنجبت له صبياً تزوّجها، مما أدخلها في الصراع الدائر بين نساء القصر خصوصاً أنه كان يفضلها عليهن. وصل بهن الأمر إلى خنق رضيعها في فراشه، فقدَّم السلطان طفله "محمود" إليها لتربِّيه، إذ إن أم محمود كانت قد قُتلت في إحدى مؤامرات "الحرملك".
بعد وفاة السلطان عبد الحميد تولى أخوه "سليم" شؤون الحكم، فقامت "نخشديل" بإغوائه ونجحت في ذلك، وكان لها هدف آخر غير زيادة نفوذها، هو تعزيز الوجود الفرنسي في السلطنة. أقنعته بتعيين سفيرٍ في باريس وإصدار صحيفة بالفرنسية بالإضافة إلى مجموعة إصلاحات سياسية وعسكرية ذات طابع ليبرالي فرانكوفوني، لكن هذه الإصلاحات أودت بحياة "سليم" على أيدي المتزمتين. بعد سلسلة من المكائد وصل "محمود" إلى الحكم، لكن الحقيقة أن "نخشديل" هي التي وصلت إليه، وقد أدخلت كثيراً من فنون العمارة والزخرفة وأساليب الحياة الفرنسية إلى السلطنة.
*~ خاتمة :
في الغرف المغلقة والسرية، حيث الحرملك، القسم المخصص لنساء السلطان، كثيراً ما حُددت مصائر آلاف البشر وقُرِّرت حروب وأبرمت اتفاقيات خطيرة. السلطانة التي حصلت على هذا اللقب، لكونها فقط زوجة السلطان أو أمّه، أمسكت بخيوط اللعبة السياسية من خلال شبكة علاقات مع الأمراء والجواسيس. هي تملك القدرة على ترويض السلطان ودفعه إلى أن يذعن لرغباتها، فكان يلجأ إليها الوزراء والضباط إذا لم يتصرف السلطان على النحو الذي يريدون. |
__________________
شكرا لكِ يُونا . على الطقم الأكثر من رائع
التعديل الأخير تم بواسطة Soleil~ ; 12-14-2017 الساعة 04:46 PM |