12-19-2017, 11:54 PM
|
|
1- خديجة بنت خويلد نسبها و نشأتها :
خديجة بنت خويلد بن نوفل ، زعيم بني أسد بن عبد العزى ، أمها فاطمة القرشية أجمل سيدات مكة وأكثرهن صباحة وجه ، و روعة
فورثت خديجة من أمها الجمال الرائع و الحسن الفتان ، و ورثت عن أبيها الحزم و الذكاء و عن عمها ورقة بن نوفل العلم و الحكمة
نشأت خديجة في بيت طاهر كريم مترف، مناقبها:
عرفت قبل إسلامها بسيدة قريش و ب الطاهرة سيدة نساء العالمين زوجة الرسول صلى الله عليه و سلم الأولى و أم أولاده و بناته أول من آمن به و صدقه قبل كل أحد لم يتزوج عليها الرسول صلى الله عليه و سلم قط
ممن كمل من النساء، كانت عاقلة جليلة دينة، مصونة كريمة من أهل الجنة،
كان النبي صلى الله عليه و سلم يثني عليها و يفضلها على سائر أمهات المؤمنين الطاهرة الثرية بأخلاقها و جمالها و شرفها أكثر من ثرائها المادي فضائلها :
1/ عن علي بن أبي طالب قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ” خير نسائها خديجة بنت خويلد ، و خير نسائها مريم بنت عمران ” رواه البخاري و مسلم
2/ و عن أنس في صحيح الترمذي و النسائي أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ” حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران ، و خديجة بنت خويلد ، و فاطمة بنت محمد ، و آسية امرأة فرعون “ صحيح سنن الترمذي (3053)
3/ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أتى جبريل الرسول صلى الله عليه و سلم فقال : ” هذه خديجة أتتك معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب ، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها و مني و بشرها ببيت في الجنة من قصب ، لا صخب فيه و لا نصب ” رواه مسلم و البخاري
4/ نزل جبريل على رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال له : ” أقرئ خديجة السلام من ربها ” فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ” يا خديجة هذا جبريل يقرئك السلام من ربك ” ، فقالت : ” لله السلام و منه السلام و على جبريل السلام ” .
قال ابن عبد البر : روى من وجوه: أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ” يا خديجة، جبريل يقرئك السلام” و في بعضها : يا محمد، أقرأ على خديجة من ربها السلام . زواجها :
تزوجت خديجة بنت خويلد أولا من أبي هالة بن زرارة التميمي فتى قومه بني تميم و أكثرهم مالا و أوسعهم ثراء، فعاشت معه تقدره و يقدرها و ولدت له بنتين هما : هالة و هند و لكن القدر عجل بوفاة الأب قبل أن تشب الطفلتان عن الطوق، و خلف لأسرته ثروة طائلة، و تجارة رائجة رابحة و تزوجت بعده عتيق بن عائذ فتى بني مخزوم فتخطفه يد المنون دون أن يترك ولدا فترك لها مالا وفيرا، تجارتها : بعد أن ترملت خديجة بنت خويلد للمرة الثانية فقد ترك لها عتيق بن عائذ زوجها الثاني مالا وفيرا، و ثروة عريضة، و تجارة واسعة، فقامت على إدارتها و توجيهها بما أوتيت من خبرة ومعرفة و ذكاء و عملت خديجة في ميدان التجارة و استطاعت أن تستثمر ثروتها و تمضي في دروب الحياة و تشقها بمنتهى الحكمة و الفطنة، و كان كلما تقدم إليها خاطب ردته بأدب و لياقة عازفة عن الزواج بعد تجربتين مريرتين. زواجها من النبي صلى الله عليه و سلم :
كانت خديجة بنت خويلد مرغوبة من سادات و رؤساء مكة فتأبى عروضهم للزواج، و ما رأته من محمد صلى الله عليه و سلم و هو يتاجر بتجارتها لما سألت عنه غلامها ميسرة و ما سمعت عنه من أمانة و صدق الحديث، و نزول البركات على تجارتها بعد صفقة تجارية رابحة ربحا عظيما فهي بركات النبي صلى الله عليه و سلم تحل معه أينما حل و ارتحل، فوجدت ما تنشده في الأمين فترسل صديقتها ” نفيسة بنت منبه ” إلى النبي صلى الله عليه و سلم لتعرض عليه أن يتزوج بخديجة فتسأله :
قائلة: يا محمد ما يمنعك أن تزوج ؟ ، فقال:” ما بيدي ما أتزوج به “، قالت: ” فإن كفيت و دعيت إلى الجمال و المال و الشرف و الكفاءة ألا تجيب ؟، قال:” فمن هي ؟ ” ، قالت: ” خديجة ..”، قال: ” خديجة بنت خويلد ؟ ” ، قالت : ” نعم ” فقال في ابتهاج : ” و كيف لي بذلك ؟ ” ، قالت: ” علي ” ، قال : ” فأنا أفعل “، فقال : ” وأنا قد رضيت “ (1)
فرجعت نفيسة إلى الطاهرة خديجة لتزف إليها خبر موافقة محمد بالزواج بها ،
و يحضر رسول الله صلى الله عليه و سلم في آل عبد المطلب إلى عمها عمرو بن أسد للزواج من خديجة بنت خويلد فيقوم أبو طالب خطيبا، و ألقى خطبة تكتب بماء من ذهب فقال : ” الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم و زرع إسماعيل و ضئضئ معد وعُنصرمُضَر و جعلنا حضينة بيته، و سواس مريه، و جعل لنا بيتا محجوجا، و حرما آمنا، وجعلنا الحكام على الناس، ثم إن ابن أخي هذا محمد بن عبد الله لا يوزن برجل إلا رجح به شرفا و نبلا و فضلا و عقلا، و إن كان في المال قل فإن المال ظل زائل و أمر حائل، و محمد من قد عرفتم قرابته، و قد خطب خديجة بنت خويلد و بذل ما عاجله خمسمائة درهم، و هو و الله بعد هذا له نبأ عظيم … و خطر جليل جسيم ..
ثم تكلم ورقة بن نوفل فقال : الحمد لله الذي جعلنا كما ذكرْتَ و فضلنا على ما عَدَدْت، فنحن سادة العرب و قادتها، و أنتم أهل ذلك كله، لاتُنْكِرُ العشيرة فضلكم، و لا يرد أحد من الناس فخركم و شرفكم، و قد رغبنا في الاتصال بحبلكم، و شرفكم . فاشهدوا علي معشر قريش بأني قد زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبد الله على الصداق المسمى ”
ثم سكت … فقال أبو طالب: قد أحببت أن يشركك عمها…
فقام عم خديجة عمرو بن أسد فقال : اشهدوا علي معشر قريش أني قد أنكحت محمد بن عبد الله خديجة بنت خويلد فهو و الله الفحل الذي لا يقرع ( يقدع ) أنفه (2)
و تم الزواج و احتفل بالزفاف ، و امرت خديجة مواليها أن يضربن بالدفوف و يغنين .
فقال ابو طالب : الحمد لله الذي أذهب عنا الكرب، و دفع عنا الغموم
(1)ذكرها ابن سعد في ” الطبقات الكبرى”(1/130-131)
(2) نساء مبشرات بالجنة (1/21-22) للأستاذ أحمد خليل جمعة. مواقفها في الدعوة الاسلامية :
1/ موقفها في نزول الوحي أول مرة :
عن عائشة رضي الله عنها قالت : أول ما بدئ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، فكان يخلو بغار حراء يتحنث فيه، و هو التعبد، الليالي ذوات العدد قبل أن يرجع إلى أهله يتزود لذلك، ثم رجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى فجأه الحق و هو في غار حراء، فجاءه الملك فقال : ” إقرأ ” قال : ” ما أنا بقارئ ” ، قال : ” فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني “، فقال :” إقرأ “، قلت : ” ما أنا بقارئ “، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال : ” إقرأ “، قلت ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني، فقال : ” إقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق ” العلق ” 1-2 إلى آخر السورة.
فعاد الرسول صلى الله عليه و سلم فزعا خائفا ترجف بوادره حتى دخل على خديجة بنت خويلد قائلا ” زملوني زملوني ” فزملوه حتى ذهب عنه الروع ثم قال لخديجة ” أي خديجة مالي ؟ ” و أخبرها الخبر ثم قال: ” لقد خشيت على نفسي “. قالت له :” كلا، أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، و تصدق الحديث، و تحمل الكل، و تكسب المعدوم، و تقري الضيف، و تعين على نوائب الحق ” . فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل، و هو ابن عم خديجة، و كان امرءا تنصر في الجاهلية، و كان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، و كان شيخا كبيرا قد عمي، فقالت له خديجة : أي ابن عم : اسمع من ابن أخيك ! فقال له ورقة: يا ابن أخي ما ترى ؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه و سلم خبر ما رأى، فقال: ” هذا الناموس الذي نزل الله على موسى، يا ليتني فيها جذعا، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك ” فقال رسول الله: ” أو مخرجي هم ؟ ” . قال : ” نعم ! لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي و إن يدركني يومك حيا أنصرك نصرا مؤزرا، ثم لم يلبث ورقة أن توفي و فتر الوحي ”.
رواه مسلم و البخاري
2/موقفها في الجهر بالدعوة :
كانت خديجة رضي الله عنها قد هيأت للرسول صلى الله عليه وسلم بيتا هانئا، و وفرت له كل السبل و الشروط للتفرغ للدعوة الإسلامية فكانت أول من آمن به و حملت معه اللواء من اللحظة الأولى، و واسته بالنفس و المال و الأهل مجاهدة مكابدة معه لدرجة فقد ثروتها و معادة قومها فتقف مع زوجها كزوجة مثالية مفرجة عن صدره صلى الله عليه و سلم و مذهبة عنه الحزن و مثلجة قلبه و مهونة عليه ما يلاقيه من قومه من تعذيب معنوي و جسدي، فكانت له نعم العون و السند و الدعم فيكون النجاح حليفها من جراء صبرها في الخطوات الأولى لسير الرسالة النبوية.
يقول صلى الله عليه و سلم : ” آمنت بي إذ كفر الناس ، و صدقتني و كذبني الناس ، و واستني بمالها إذ حرمني الناس ” (الاستيعاب لابن عبد البر )
و فيما رواه الإمام أحمد في مسنده 6/118 : يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم : ” آمنت بي حين كفر بي الناس، و صدقتني حين كذبني الناس، و اشركتني في مالها حين حرمني الناس، و رزقني الله ولدها، و حرم ولد غيرها “ البرة الوصولة : عاشت السيدة خديجة في كنف رسول الله صلى الله عليه و سلم ربع قرن من الزمن، قلقة، تؤازره في أحرج أوقاته، و تعينه على إبلاغ رسالته، و تشاركه في مغارم الجهاد، فكانت في حياتها معه أوفى و ابر زوجة، كانت تشاركه مباهجه و مسراته، و تتطلع إلى رضاه و سعادته، و تبر من يحبهم … و قد ظهر من كرمها ” لما أصابت الناس سنة جدب بعد زواجها من رسول الله صلى الله عليه و سلم، جاءت السيدة حليمة السعدية، مرضعته صلى الله عليه و سلم زائرة، فعادت من عنده و معها من مال خديجة بعير، يحمل الماء و أربعون رأسا من الغنم ” نساء مبشرات بالجنة (1/32) بتصرف وفاتها : تخرج السيدة خديجة من الحصار الظالم، في شعب أبي طالب فلم تلبث إلإ قليلا حتى لبت نداء ربها ….
و صعدت روحها الطاهرة إلى السماء راضية مرضية، قبل الهجرة بثلاث سنين، و دفنت بالحجون.
و لو كان النساء كمن فقدنا ***- لفضلت النساء على الرجال وفائه صلى الله عليه و سلم لذكراها :
تأثر رسول الله صلى الله عليه و سلم أثرا بليغا لوفاة زوجته خديجة التي آمنت به إذ كفر الناس، و صدقته و كذبه الناس، و واسته بمالها فكان صلى الله عليه و سلم يكرم من أكرمها و يحب من أحبها.
في يوم من الأيام جاءت عجوز من صويحبات خديجة إلى النبي صلى الله عليه و سلم بعد موتها، فأحسن النبي صلى الله عليه و سلم لقاءها، و أكرم مثواها و بسط لها رداءه فأجلسها عليه، و صار يسأل عن أحوالها و ما صارت إليه، فقالت عائشة لما خرجت :
تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال فقال : ” إنها كانت تأتينا أيام زمان خديجة ، و إن حسن العهد من الإيمان ” (رواه الحاكم ، و البيهقي في الشعب )
و عن عائشة أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا ذبح الشاه ، قال : ” أرسلوها إلى أصدقاء خديجة ” فذكرت له يوما فقال : ” إني لأحب حبيبها “ رواه مسلم خير نساء العالمين : قال الرسول صلى الله عليه و سلم : ” خير نساء العالمين أربع : مريم و آسية و خديجة و فاطمة “
رواه الإمام أحمد (1/2668) ، و النسائي في ” الكبرى ” (5/8364)، و الحاكم (3/4852) و ابن حبان (7010)
خديجة بنت خويلد، أم المؤمنين الزوجة الوفية المطيعة التي أحسنت عشرة زوجها، و أعانته على خلوته قبل البعثة و ثبتته و صدقته، و سبقت الناس إلى الإيمان برسالته، و واسته و واست المسلمين بنفسها و مالها و آلها فجزاها الله عن دينه و نبيه خير الجزاء، و لقاها نضرة و نعيما في قصرها الذي بشرها به النبي صلى الله عليه و سلم في حياتها.
فما بالنا بعد هذا كله نبحث عن القدوة هنا و هناك و أمامنا خير نساء العالمين !!! يتبع |
__________________
شكرا لكِ يُونا . على الطقم الأكثر من رائع |