12-20-2017, 12:03 AM
|
|
نسبها و نشأتها : سودة بنت زمعة بن قيس من بني عبد شمس القرشية العامرية.
أمها: الشموس بنت قيس بن عمرو من بني النجار من أهل المدينة.
نشأت بمكة و ترعرعت فيها حتى بلغت مبلغ الصبا و الفتوة، فتقدم لخطبتها و الزواج منها : السكران بن عمرو فقبل به أبوها و زوجها منه.
ذكر لها نسبها ابن حجر في” الاصابة”(8/117)، و ابن سعد في “الطبقات الكبرى” برقم(52). اسلامهما و الهجرة للحبشة : حين أشرقت شمس الدعوة المحمدية و الرسالة الإسلامية على مكة، استضاء بها قلب الزوجين فأعلنا إسلامهما و إيمانهما و انضويا تحت اللواء الشريف
و عندما ضاق المؤمنون القلائل ذرعا بأذى قريش و تعرضها الدائم لهم بالإكراه و التعذيب و الضغط، أذن النبي صلى الله عليه و سلم لمن أراد منهم في الهجرة إلى الحبشة، فإن فيها ملك لا يظلم عنده أحد، حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.
فهاجرت سودة مع زوجها السكران، و هناك أقاموا مدة من الزمن بعيدا عن الأهل و الوطن، في شوق دائم إلى الأخبار و الأنباء، و على الخصوص أنباء رسول الله صلى الله عليه و سلم و تطور الأحداث و تقلب الأيام ( ذكره بلفظ قريب ابن هشام في ” السيرة النبوية ” (1/352) )
و بإسلام عمر بن الخطاب و حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنهما كانت سودة ممن شجعهم ذلك بالعودة إلى مكة في حين آثر الآخرون البقاء بالحبشة الأرملة : بوصول الزوجين إلى مكة فوجئا بأن قريشا ما تزال على موقفها من العداء الشديد للإسلام و المسلمين، بل زادت في حدة الصراع،و لم ترعو عن غيها و كفرها و عنادها و لازم السكران بن عمرو الفراش بسبب العلة و الضعف المتناهي، و قامت سودة على تمريضه و مداواته و مساعدته، و لكن لم تمض أيام على وصوله حتى اشتد به المرض، و منعه من الكلام و الحركة، و لم يلبث أن فارق الحياة، و ترملت سودة رضي الله عنها و أمضت أيامها الباقية في مكة حزينة آسفة، صابرة على قضاء الله و قدره، معتصمة بإيمانها، متمسكة بإسلامها، تستمد من الباري عز و جل العون و الرحمة . زواجها بالنبي صلى الله عليه و سلم :
بعد أن لحقت خديجة بنت خويلد رضي الله عنها بالرفيق الأعلى، و اختارها إلى جواره، جاءت يوما خولة بنت حكيم زوجة عثمان بن مظعون قائلة: يا رسول الله ألا تتزوج ؟ ، فقال : و من ؟ ، فقالت : إن شئت بكرا و إن شئت ثيبا .
قال : فمن البكر ؟ ، قالت : بنت أحب الناس إليك عائشة بنت أبي بكر
قال : و من الثيب ؟ ، قالت : سودة بنت زمعة آمنت بك و اتبعتك، و هاجرت إلى الحبشة مع زوجها الذي مات عنها و تركها وحيدة …
فقال لها بعد تفكر و تأمل و ترو .. : اذهبي فاذكريني عندها
ثم أرسل في طلب سودة بأمر زواجه بها، فسرت بذلك و قالت جَذِلَة .أمري إليك يا رسول الله مري رجلا من قومك يزوجك … ثم بنى بها
رواه الترمذي برقم (3880) و غيره بإسناد صحيح
و في رواية عن ابن سعد :
” ……. مري رجلا من قومك يزوجك ؟ ” . فأمرت حاطب بن عمرو، فزوجها، فكانت أول امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه و سلم بعد خديجة رضي الله عنها، و كان ذلك في شهر رمضان سنة عشر من النبوة، و دخل بها في مكة و بهذا الزواج المبارك عليها. أضحت سودة بنت زمعة أما للمؤمنين بعد خديجة رضي الله عنهما . ” الطبقات الكبرى ” (53) يومها لــ عائشة : قامت سودة رضي الله عنها على شؤون بيت رسول الله صلى الله عليه و سلم قياما حسنا طيبا، و أدت ما عليها من واجب تجاه النبي العظيم و هي تحاول جهدها أن تحظى برضاه و عطفه و حبه.
عن عائشة رضي الله عنها تقول :
كانت سودة بنت زمعة قد أسنت، و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يستكثر منها، و قد علمت مكاني من رسول الله صلى الله عليه و سلم و أنه يستكثر مني، فخافت أن يفارقها، و ضنَّت بمكانها عنده فقالت :
يا رسول الله، يومي الذي يصيبني لعائشة، و أنت منه في حل، فقبله النبي صلى الله عليه و سلم و في ذلك نزل قول الله تعالى: ” و إن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا ” النساء 128.
و يروى أن رسول الله صلى الله عليه و سلم بعث إلى سودة بطلاقها، فلما أتاها الخبر حزنت و بكت و تألمت، ثم جلست في طريقه إلى بيت عائشة، فلما رأته صلى الله عليه و سلم قادما قالت :
يا رسول الله … أنشدك بالذي أنزل عليك كتابه، و اصطفاك على خلقه لم طلقتني، ألموجدة وجدتها في ؟ ،
فقال صلى الله عليه و سلم : لا .. فقالت : فإني أنشدك بمثل الأولى أما راجعتني و قد كبرت و لا حاجة لي في الرجال، و لكني أحب أن أبعث في نسائك يوم القيامة.
فراجعها النبي صلى الله عليه و سلم ، و من أجدر و أحق من رسول الله صلى الله عليه و سلم في العطف و المحبة للمسلمين و للمؤمنين ؟ ! ألم يقل في الكتاب الكريم : ” لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم * فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت و هو رب العرش العظيم ” التوبة( 128 -129)
ذكرها بنحوه البخاري ( 2593) و مسلم (4163) ،و أبو داود (2135)
عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيت امرأة أحب إلي أن أكون في مسلاخها من سودة، من امرأة، فيها حدة، فلما كبرت جعلت يومها من النبي صلى الله عليه و سلم لعائشة ” رواه مسلم المتصدقة الكريمة : عن عائشة رضي الله عنها : ” أن بعض أزواج النبي صلى الله عليه و سلم قلن : يا رسول الله : أينا أسرع لحوقا بك ؟
قال : ” أطولكن يدا ” فأخذن قصبة يذرعنها فكانت سودة أطولهن يدا ، فعلمنا بعد : أنما كان طول يده : الصدقة ، و كانت تحب الصدقة ، و كانت أسرعنا لحوقا به “ أخرجه الشيخان و النسائي
لقد قسم لها رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم خيبر من الفيء كما قسم لكل أزواجه، فنالت من التمر ثمانين وسقا، و من القمح عشرين، و لكنها رضي الله عنها لم تدخر ذلك ، و لم تختزنه، و لم تجعله في بيتها، بل فرقته قبل وصوله
و أيضا …
روى محمد بن عمر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أرسل إلى سودة زمن خلافته، كما كان يفعل مع باقي أمهات المؤمنين، غرارة من دراهم فقالت : ما هذه ؟ ، قالوا : دراهم من أمير المؤمنين ، قالت : في الغرارة مثل التمر
ثم نادت على جارية لها، و طلبت إليها أن توزع ما في الغرارة على المحتاجين و المساكين، و دعت ربها سبحانه و تعالى أن يثبتها على القناعة و الإكتفاء وفاتها : هناك اختلاف في تاريخ وفاتها رضي الله عنها، فمن المؤرخين من يقول كانت أول نساء النبي صلى الله عليه و سلم لحاقا به كما قدمنا حسب رواية عائشة رضي الله عنها.
و منهم من يقول، إن أول اللاحقات به هي زينب بنت جحش ابنة عمته، و أن سودة توفاها الله بعدها و قد كان ذلك في العام الرابع و الخمسين من الهجرة في زمن خلافة معاوية بن أبي سفيان، و الله أعلم رضي الله عن أم المؤمنين سودة بنت زمعة المسلمة المهاجرة، و المؤمنة الصادقة المتصدقة، و الوفية المحبة (1)
توفيت في زمن عمر بن الخطاب و قد سجد ابن عباس لوفاتها فقيل له في ذلك ، فقال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إذا رأيتم آية فاسجدوا ”
و أي آية أعظم من ذهاب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم (2)
(1) ذكر لها وفاتها ابن سعد في الطبقات الكبرى ” (57) ، و ابن حجر في ” الاصابة”(331) ، و الإمام الذهبي في ” سير أعلام النبلاء ” (2/267)
(2) ( طبقات ابن سعد . الاصابة لابن حجر أسد الغابة لابن الأثير )
روت سودة رضي الله عنها عن رسول الله خمسة أحاديث
أخرج لها في الصحيحين حديث واحد و في رواية أن البخاري روى لها حديثين. يتبع |
__________________
شكرا لكِ يُونا . على الطقم الأكثر من رائع |