12-20-2017, 12:20 AM
|
|
4-حفصة بنت عمر بن الخطاب نسبها و مولدها : هي : حفصة بنت عمر بن الخطاب بن نفيل المخزومية القرشية، و أمها : زينب بنت مظعون، أخت عثمان بن مظعون رضي الله عنهما أصيلة الحسب و النسب، في الذروة من قريش مكانة. ولدت – كما تذكر الروايات التاريخية- قبل بعثة النبي صلى الله عليه و سلم بخمس سنوات، و يؤرخون لمولدها ببناء قريش الكعبة بعد أن جرفها السيل (1) و على هذا فيكون مولدها في نفس تاريخ مولد فاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليه و سلم (1) ذكره ابن سعد في ” الطبقات الكبرى “(8/81) و الإمام الذهبي في ” سير أعلام النبلاء ” (2/227) زواجها : خطبها من أبيها خنيس بن حذافة السهمي الشاب المسلم المؤمن، فرحب به عمر و أكرم مثواه و عاشت معه حفصة زوجة، تعرف حقوق و واجب الزوجية، تقدر المسؤولية و تضطلع بأعباء بيت الزوجية و واجباته، و ترعى أموره بحكمة المرأة الناضجة العاقلة (1) و على إثر غزوة بدر التي انتصر فيها المسلمون على المشركين ، تأيمت حفصة بعد وفاة زوجها خنيس بن حذافة السهمي ، فتحزن لفراق زوجها صابرة محتسبة فقيدها الغالي بين يدي الله تعالى و رحمته، و أسلمت أمرها للباري عز و جل، يقدر من أمر مستقبل أيامها و يفعل ما يشاء (1)ذكره بنحوه ابن الأثير في ” أسد الغابة ” (2/124) زواجها من الرسول صلى الله عليه و سلم : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أتيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة، فقال : سأنظر في أمري، فمكثت ليالي ثم لقيني فقال: قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا، فلقيت أبا بكر فقلت: إن شئت زوجتك حفصة، فصمت أبو بكر فلم يرجع إلي شيئا، فكنت عليه أوجد مني على عثمان ، فمكثت ليالي ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه و سلم فأنكحتها إياه، فلقيني أبو بكر فقال : لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك شيئا ؟، فقلت : نعم . قال أبو بكر : إنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت إلا أني قد كنت علمت أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد ذكرها، فما كنت لأفشي سر رسول الله ، و لو تركها رسول الله قبلتها (1) و لما تزوج رسول الله صلى الله عليه و سلم حفصة بنت عمر رضي الله عنهما، فكان خيرا من عثمان، تزوج عثمان من أم كلثوم بنت رسول الله فكانت خيرا من حفصة ” تتزوج حفصة من هو خير من عثمان و يتزوج عثمان من هي خير من حفصة “ و كان زواجها بالنبي صلى الله عليه وسلم في السنة الثالثة للهجرة (1) رواه البخاري (9/152-153) الزوجة في الجنة : و ثبت أن النبي صلى الله عليه و سلم طلق حفصة تطليقة، ثم راجعها بأمر جبريل عليه السلام له بذلك، و قال : ” إنها صوامة، قوامة، و هي زوجتك في الجنة ” رواه ابو داود(2283) و ابن ماجة (2016) أقامت حفصة رضي الله عنها في بيت النبوة فأدت قسطه و حقه من الإخلاص و الوفاء، و السمع و الطاعة و التقوى و العبادة لكنها كانت بحكم تركيبها الأنثوي تتأثر بعوامل الغيرة، فلم يخل صدرها و قلبها من ضغط هذا العامل في بعض الأحيان كما أنها تزعمت هي و عائشة رضي الله عنهما حزب المطالبة بزيادة النفقة، من رسول الله صلى الله عليه و سلم مما أدى إلى غضب رسول الله و مقاطعته قد خاب من فعل ذلك منكن و خسر كلمات أب لابنته غيرة على رسول الله صلى الله عليه و سلم جاء سياق هذه الكلمات في الرواية الآتية : عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : ” كنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤوهم، فطفق نساؤونا يتعلمن من نسائهم، فغضبت على امرأتي يوما، فإذا هي تراجعني فأنكرت أن تراجعني، فقالت : ما تنكر من ذلك ؟ فوالله إن أزواج النبي صلى الله عليه و سلم ليراجعنه، و تهجره إحداهن اليوم إلى الليل ! قال : فانطلقت فدخلت على حفصة فقلت : أتراجعين رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قالت : نعم، قلت : و تهجره أحداكن اليوم إلى الليل ؟ قالت : نعم، قلت : قد خاب من فعل ذلك منكن و خسر، أفتأمن إحداكن أن يغضب الله لغضب رسوله فإذا هي قد هلكت ؟ لا تراجعي رسول الله صلى الله عليه و سلم و تسأليه شيئا، و سليني ما بدا لك، و لا يغرنك إن كانت جارتك أوسم و أحب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم منك يريد عائشة ” رضي الله عنهم أجمعين و هكذا كان عمر رضي الله عنه نعم الأب الناصح لابنته (1) (1) نساء مبشرات بالجنة ( 2/226) و ما بعدها للأستاذ أحمد خليل جمعة إكرام الرسول صلى الله عليه و سلم لها : وعلى عادة رسول الله صلى الله عليه و سلم في الإسهام بين أزواجه حين يخرج لغزوة أو قتال، كانت حفصة ذات مرة من أصحاب السهام، فخرجت معه صلى الله عليه و سلم، تقوم في خيمتها و خبائها ثم إذا أسفرت المعركة عن وجهها و انجلى غبارها، شمرت رضي الله عنها عن ساعديها و خاضت بين الجرحى، تسقي العطاش و تداوي المكلومين، و تخفف من ألم المصابين، و تضمد جراح المعذبين و في تلك الغزوة نفلها رسول الله صلى الله عليه و سلم كما تقول بعض روايات التاريخ ثمانين وسقا قمحا، و هذا إكرام زائد من النبي الكريم، و اعتراف منه بفضل و جهد السيدة المصون حفصة أم المؤمنين الشموخ عند المصائب : كانت حفصة رضي الله عنها أديبة كاتبة ذات فصاحة و بيان و بلاغة، قالت في مرض أبيها عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، بعد أن طعن بخنجر مسموم و هو يؤدي الصلاة فتقدمت من أبيها ، و نظرت إليه و قالت بلسان اليقين و منطق الحق المبين : ” يا أبتاه ما يحزنك وفادتك على رب رحيم و لا تبعة لأحد عندك، و معي لك بشارة لا أذيع السر مرتين، و نِعْمَ الشفيع لك العدل ، لم تخف على الله عز و جل خشَنَةُ عيشتك، و عفاف نهمتك، و أخذك بأكظام المشركين و المفسدين ” نساءمبشراتبالجنةلأحمدخليلجمعة ثم أنشدت : أكظم الغلة المخالطة القلــــــ === ب و أعزي و في القرآن عزائي لم تكن بغتة وفاتك وجــــــــدا === إن ميعاد من ترى للفنــــــــــــاء و لئن كانت حفصة لم تقل من الشعر إلا أقله، فإنها و لا شك تدل في نظمها و نثرها على علو الكعب و فصاحة و بلاغة و بيانا بعد استشهاد عمر رضي الله عنه خطبت حفصة فقالت : الحمد لله الذي لا نظير له، و الفرد الذي لا شريك له أما بعد، فكل العجب من قوم زين الشيطان أعمالهم و ارعوى إلى صنيعهم، و رب في الفتنة لهم، و نصب حبائله لختلهم حتى هم عدو الله بإحياء البدعة و نبش الفتنة، و تجديد الجور بعد دروسه، و إظهاره بعد دثوره، و إراقة الدماء، و إباحة الحمى، و انتهاك محارم الله عز و جل بعد تحصينها، فأضرى و هاج و توغر وثار غضبا لله و نصرة لدين الله ، فأخسأ الشيطان و وقم كبده و كفف إرادته … و مما قالته أيضا في أبيها : لم يزل سراجه زاهرا و ضوؤه لامعا و نوره ساطعا له من الأفعال الغرر، و من الآراء المصاص، و من التقدم في طاعة الله اللباب إلى أن قبضه الله إليه، قاليا لما خرج منه، شانيا لما ترك من أمره، شيقا لما كان فيه و قالت أيضا : نودي فأطاع، و احتذى بأخيه الصديق فأخرجها أي الخلافة من نسه، و صيرها شورى بين إخوته فبأي أفعاله تتعلقوه، و بأي مذاهبه تتمسكون، أبطرائقة القويمة في حياته، أم بعدله فيكم عند وفاته ألهمنا الله و إياكم طاعته وفاتها : و في العام الخامس و الأربعين للهجرة وافاها الأجل المحتوم، إثر إرهاق و مرض، و لبت نداء ربها و أسلمت الروح، وكانت جنازتها مشهودة، حملت على سرير في نعش، إلى المسجد، و كبار الصحابة يتبعونها بصمت و إجلال و وقار، و صلى عليها مروان بن الحكم أمير المدينة في ذلك الحين. و كذلك كان يتقدم الصفوف كالعادة الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه و روي أن مروان حمل بين عمودي سريرها من عند دار بني حزم إلى دار المغيرة بن شعبة، ثم حمله أبو هريرة من دار المغيرة إلى قبرها و دفنت في البقيع، وجلس مروان ينتظر حتى فرغ من دفنها رضي الله عنها و نزل في قبرها عبد الله و عاصم ولدا عمر و كانت وفاتها في شهر شعبان من تلك السنة، رضي الله عنه و بارك مثواها، و أكرم منزلتها، و ألحقنا بها في الصالحين من عباده (1) (1) أورده ابن سعد في ” الطبقات الكبرى ” (8/85) و ذكره الحافظ ابن حجر في ” الاصابة” (8/52) ترجمة (294) يتبع |
__________________
شكرا لكِ يُونا . على الطقم الأكثر من رائع |