هناك هيَ، في منتصف اللامكان..كل أحد ولا أحد في معها في الوقت ذاته، ترفع راحة يدها لتقابل عيناها الغسقيتان اللتان لا تحويان أي معنى في فحواهما..تتحرك شفتاها لتنبس ببضع كلمات بصوتٍ أقرب إلى الهمس وكل حرفٍ يظهر في أي ضياعٍ هي أكثر مما يخفي :
-كل تلك التفرعات بكثرتها في هذا الطريق نهايتها واحدة، كأن من قتل تسعاً وتسعين نفساً يشير لي أن اقتربي سأرحمك..
أسيصبح القيدُ طوق النجاة الآن!
-ماذا تفعلين هنا سيا؟
التفتت برأسها ناحية من قطع خلوتها لتريه تلك الحدة في زمردتيها ولتقابل ذاك البرود في كيانه..لم تمر سوى لحظاتٍ حتى أشاحت بنظرها للأمام بعدما اكتفت بالسكوت إجابةً لسؤاله..هذا النوع من الأجوبة حتماً ليس المفضل إليه، مد يده لتستقر على رسغ سيا ويجعلها تلتفت بكامل جسدها ناحيته بحركة سريعة وقد نطق بتهكم واضح :
-ماذا الآن!..أستمارسين كبريائك عليّ؟
حررتْ يدها من قضبته وقد قالت بنبرة خالية من أي معنى:
-كنت أريد البقاء وحدي ولا زلت أريد..
ثم أردفت بابتسامة سخرية:
-أنت يمكنك الذهاب ل فيليب، لقد ادلهم الرجل المسكين وستكون رؤيته لوريث عرش دناءته خير نجيعٍ له..
ابتسم بدوره ليكمل مسرحية السخرية هذه بقوله:
-كلمة أخرى وسأصدق بأنك تهتمين لما أفعله وتقلقين عليّ!
جاءته تلك الحدة فوراً بقولها:
-لم ولن أعود لذاتي السابقة معك آيرس،فلتذهب للجحيم لست اعبأ مثقال ذرة.
ضيق عينيه حينما نطق بتساؤل:
-أمتأكدة من آخر جملة؟
-كان قد انبثق بداخلي طيف أملٍ بعدما فعلته بالأمس لكن حساباتي أخطأت بحقك،ومجدداً..