" لن أتزوجك ! "
خرج ردّها قاسياً على صاحبه من بين شفتيها من دون شفقة غير عابئاً بالرؤوس المتطفّلة
التي أدارت وجْهتها صوبهم ترقْباً لبداية دراما جديدة .. ركّزت بصرها على القابع أمامها
الذي لم يأبه لجوابها كثيراً بل لم يفارق الأمل قسمات وجهه لحظةً واحدة ، اندفع للأمام
وعدّل عن وضعيته في مقعده الخشبي ثم أخرج يداً مدسوسة في جيبه ليعبر عن أفكاره
بصورة أعمق ، أطلق محاولاتٍ مُضنية أخرى في سبيل إقناعها بالموافقة ،
بين كل محاولةٍ وأخرى لم ينْفّك عن تصويب لمحة سريعة نحوها يتوقع بها ردّات
فعلها لتعّهدها الصمت المُستفز الذي سرعان ما أستنزف صبره بالكامل ،
ليتوقف عن الحديث ويضيّق بعينيه البحرانيتين إحكام الغطاء عليها كطريقةٍ أخرى
للإقناع ، همست في سرها : جيد أتخاطبني بلغة العيون الآن و تستخدم سلاح
بؤبؤيّك اللحوحتين لمُناشدة فؤادي ! .. أدْركت رسالته المُبطّنة فقطّبت جبينها
لإصراره و أعادت ارسال إجابتها بالرفض مرةٍ أخرى بلغته وهي تشاهد التعبيرٍ
الجديد يتشكّل في مٌقلتيه بعنوان التوسل ، أشاحت بوجهها بعيداً عنه مُخيبة توسلاته
الراجية لتفْهّمها ، لوهلة لم يتزحزح عن كرسيه ظل يُخلل أصابعه المُتوترة بين
مُنعطفات شعره الناعم مشية و رجعة وكأنه يحاول اِخفائها .. تلك الأصابع المتوترة
التي عكست حقيقة مشاعره هو .. انتصب واقفاً على قدميه عندما توصل لقرارٍ
فاصل وسار بسرعةٍ إلى كاشير المطعم ، دفع الحساب المطلوب وغادر تاركاً
إياها تعنّف نفسها المُتناقضة بقسوة ، لم يُلقي بنظرةٍ أخيرة إلي ، لم يقل لي وداعاً ،
تركني أواجه عصرة قلبي الجانح وعواطفي المتأججة ومشاعري المُتضاربة لوحدي ،
حربٌ ضروس تفتك دواخلي الآن ولا تعلم ، أعضائي تحتضر! ،
لماذا ظهرت بحياتي ! .. لماذا كنت نوعي المفضّل من الرجال ؟ ..
لماذا جعلتني أقع بحبك ؟ .. لماذا ؟؟
***