آميو .
صباح الخريف هذا مختلف , لا اعلم كيف , عبق الارض الرطبة يثير تأزم حالة الربو لم يمعني ذلك ابداً من الخروج من غرفتي لتناول الافطار مع والداي كأي صباح من حياتي , تبادل الكلام معهما قبلة الصباح المشحونة بالطاقة لنهاية اليوم, توبيخي لأتوقف عن الحديت
في منتصف وقت الافطار تجهيز امي لحقيبتي المدرسية لأول يوم في المدرسة حمل والدي لي من كرسي الطعام ليضعني .... على كرسيي المتحرك , اجل انا اعاني من الشلل بسبب حادث لكن ذلك لا يمنع ان ابتسم فلدي كل م اتمنى ,
يكفي انني منغمسة في حب عائلتي وسكان القرية حتى منزلي اشعر انه يضمني من تقلبات الجو في الخارج ويمنع ان تسوء حالتي الصحية , كل تلك الاشياء ستضل عالقة بين الذكريات لا استطيع نسيانها ولا استطيع عيشها , ذلك اليوم حفر عميقاً في ذاكرتي اوصلني ابي الى مدرستي الخاصة كما تعلمون لم اكن استطيع ارتياد مدرسة عامة بسبب حالتي تلك
وكأي طالب عانيت رهاباً سرعان ما تعودت الوضع فالجميع هناك كحالتي او من مشابهاتها بعد نصف ساعة من جلوسي في الفصل وتوديع ابي
جاءت صاحبة القوام الممشوق , ونبرتها الحادة عيناها غائرتين , كعبها له وقع يؤذي طبلة اُذُني , اخذت اتراعد ▼ ▽ لكن تبدى الخوف منها اسمها كأسمي صوتُها رقيق , ترحيبها هادئ , اخذت تسرد لنا حكاية كتعارف في اول يوم , كنت مسترسلة معها اتابع مجريات م تحكيه, قاطعت حديثها الطرقات على الباب
ابتسمت حينها انها تشبه طرقات امي على باب غرفتي حسناً في الحقيقة لم اخطئ كانت امي قد اتت ببخاخ الربو
فقد نسيته في المنزل , القت التحية وسلمتني اياه وذهبت حينها احسست بألم في صدري , لا اعلم السبب لكنه استمر طويلاً
لا اذكر تكملة حكاية معلمتي , ربما بسبب الرطوبة وحالتي الصحية , اخذت استخدم بخاخي مما اثار تساؤلات معلمتي هل انا بخير؟ في الواقع اجبتها بأنني ساتحسن لكن الوضع كان مختلفاً داخلياً , تمالكت نفسي حتى نهاية الدوام
سرت بكرسيي المتحرك الى المخرج لانتظر والدي كنت ارى الاطفال معي سعداء في اول يوم لهم , يخبرون ابائهم عن اول يوم , وانا ايضاً عندما ياتي والدي ساخبره ولو ان الجزء الممتع كان قليل الا انه يكفي ,
انتظرت وانتظرت حتى انني اراهن بأني سمعت كل احاديث الطلاب معي , تلك الانقباضة في صدري بدأت تسيطر علي لدرجة الاختناق , الرواق اصبح فارغاً كبتُ دموعي لماذا تأخر والدي .. لما هذا الالم الان ...
اريد العودة الى المنزل ... صوت كعب معلمتي بدأ يقترب , هي ايضاً ستذهب ؟
وماذا افعل انا هنا ما ان اقتربت حتى رمقتني بنظرتها المستغربة - لماذا لازلتِ هنا؟ - لا اعلم لم يأتي والدي , انا خائفة . - هل تدلين منزلكم ؟ - اجل . - حسناً يبدو ان والداك غير معتادين على ذهابك للمدرسة
يبدو انهما نسيا انك طالبة الان ويعتقدان انك ما زلتِ في المنزل سأأخذك انا لمنزلك . هززت رأسي موافقة , رغم انني لم اقتنع بهذا الكلام , لكن لا حل اخر . ▼ ▽ كلما اقتربنا كان قلبي يريد الخروج من قفصي الصدري
نوبات السعال لم تفارقني , امسك البخاخ بيدي المرتجفتين بقوة استحدمته كثيراُ مما اثار انتباه المارة
معلمتي بدأت تسرع في دفعها لي , لاح لي ضباب من بعيد لا ربما غيمة سوداء , لحظة لما توقفت معلمتي عن دفعي
ما هذه النظرة في عينيها حتى انها ابعدت يديها عن مقبض الكرسي الخاص بالدفع
اعدت النظر ناحية المنزل ليس ضباب وليست غيمة سوداء انه دخان كان اشبه بعباءة يرتديها الموت. ربما معلمتي استطاعت ان ترى شيئاً فهي طويلة
اما انا فمقعدة , لم افقد الامل اخذت ادفع بالعجلتين في ذلك الطريق الجبلي الى ان وصلت الى حد استطيع رؤية منزلي بوضوح كان اللهب يتراقص حوله. سكان القرية يركضون ليحضروا ماءاً من البئر والنهر
لم استطع ان اسأل احد فهم يريدون ان يقللوا من انتشار الحريق في القرية لا اعتقد ان احداً منهم سيجيب طفلة صغيرة , اخذت ادفع وادفع بكرسيي حتى اعترضت طريقي صخرة كبيرة نوعاً ما جعلتني اقع لاعانق بجسدي الصغير الارض , اخذت ازحف لمنزلي كنت اتمنى ان ابي وامي قد خرجوا منه عندها تعثر بي شخص وهو يركض حاملاً دلو ماء
نظر الي بستغراب وصرخ قائلاً : - حمداً لله ما زلتِ حيةً . - اخبرني هل والداي سالمان ؟ ارجوك. - لقد كان انفجراً لانبوبة غاز , لم نستطع تدارك الامر لم يكن باليد من حيلة صغيرتي . انا اشعر حالياً بكل تفاصيل العجز , هل انتمي لهذا العالم ,
حملني ذلك الرجل بعد ان وضع دلو الماء جانياً حواسي تعاني الاحتضار , بَهُتَ كل شيءٍ في عيني , اخُذتُ محمولة لمكان ما , مكثت فيه اسبوعاً عزلتي اصبحت لها قدسيتها
عقلي يتأرجح في الفراغ لم اكلم احداً لوقتٍ طويل ,فقدت كل شيءٍ بأول فراق لي مع والداي
الشعور بالوحدة قاتل , لا مجال للتفكير لا اعلم اين انا حتى , قاطع هذا التفكير دخول معلمتي
بدأت اتشائم منها , انا اعلم لا ذنب لها لكني لا اريد رؤيتها بدأت بمخاطبتي سألت عن حالتي واخبرتني بأن عمتي ستقوم بأحتضاني , لم اعلق على ▼ ▽ شي لم اعد اهتم حقيقةً خرجت من تلك الغرفة برفقة عمتي اكتشفت لاحقاً انها
غرفة في منزل معلمتي لم اشكرها حتى لا ازال لا استطيع الكلام دفعت بي عمتي الى ان وصلنا منزلها الذي يعمه الهدوء
لم يكن لها اطفال هي وزوجها الطيب , لم تقصر في شي اتجاهي عاملتني وكأنني ابنتها شيئاً فشيئاً خرجت من تلك الحالة اصبحت
اتكلم بطبيعية اكثر رغم الشيئ الذي يكبت على صدري احياناً ذات يوم طلبت منها ان اذهب لاشكر معلمتي سمحت لي بالذهاب وحدي فمنزلها ليس بعيداً , استقبلتني برحابة صدر لم اطل المكوث عندها بعض الزهور التي قطفتها من الطريق والعبارات الدالة على شكري كانت كافية خرجت من منزلها ادفع بعجلات كرسيي نحو مكان
اشتقت لرؤيته انه منزلي نظرت اليه مجرد اعمدةٍ سوداء جرت مني بعض الدموع , مسحتها بسرعة لاعود
لعمتي فلم اطلب الاذن للمجيئ الى هنا سرت بكرسيي وانا انظر الى الوادي
توقفت للحظات تأملته بعمق , فكرة رميي نفسي كانت مغرية جداً لا انكر انني رفعت نفسي قليلاً عن الكرسي لكنني غيرت رأيي
فكرت بمعلمتي وعمتي وزوجها الذينَ امثل ابنتهما الان اكملت تعليمي الابتدائي اصبح لي الكثير من الاصدقاء. ▼ ▽ في بعض الايام اشعر انني مللت من الجلوس
اريد ان اجرب شعور السير على قدمي
انها من الاشياء السخيفة التي فكرت بها لكنني لم استسلم كنت اسقط عند محاولتي لمدة عامين
حتى كسرت يدي في احدى المحاولات , لطالما بكيت على وسادتي لعجزي ها انا الان طالبة جامعية
انتقلت للمدينة للدراسة قولي
انني استطيع السير الان شيءٌ قليل
فأنا اُحلق وهذا ما لم احلم به حتى بعد تخرجي انشأت مركز لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة
على تحقيق احلامهم , كما قلت انا احلق
هل تستطيع التحليق مثلي ؟ |