12-24-2017, 07:00 AM
|
|
لَيْلًا كَانَ يَتَسَلَّقُ جِدارُ وَحْدَتِهَا وَبِيَدِهِ وِشَاحٌ مَنْ سَدِيمٍ، يفْرِدِهُ عَلَى جَسَد الْقَمَرِ الْمُخْتَمِرِ مُراوداً إِيَّاهُ عَلَى صَحْوِهِ... طَيّ أجْنِحَتِهِ وَالسُّقُوطِ مِنْ أَعَلَى قِمَمِ الْأَرَقِ لِهُوَّةِ النَّوْمِ. ذَلِكَ الْقَمَرُ الضَّوْضَائِيَّ الَّذِي لَطَالَمَا أَرْهَقَ مَسِيرَة احلامها وَرَتابَةَ اهدَابِهَا الْمُتَسَاقِطَة بَيْنَ الْحَبْرِ وَالْوَرِقَة فِي سُرْيَالِيَّتِهِ الرَّمَادِيَّةِ الْحَمْقَاء.
كَطَائِرِ نَوْرَسِيٍّ كَانَ يَتَأَرْجَحُ عَلَى سَتَائِرِهَا لِيَسْتَقِرّ عَلَى حَافَّةِ سَرِيرِهَا يُشَاطِرُهَا الْبَرَد وَالْأَغْطِيَة وَمُدُنَ الثَّلْجِ الْمَالِحِ، كَكُرَةٍ كرِيسْتالِيَّة لِكَاهِنَةٍ غَابِرَة مِنْ نُورٍ يُضِيء سَمَاءَ عزلتِهَا وَوُجُودِهَا الْمَشْقُوق... الْمُتَصَدِّعِ بَيْنَ الْوَهْمِ وَالْجُنُون.
وَكَعَنْقَاءِ دِيسَمبر كَانَتْ تُبْعَثُ مِنْ رَمَادِهَا، تُسَرِّحُ وَحْشَتهَا الْمُجَعَّدَة وَتَفْرُدُ أَشرعةُ الْحُبّ الْمُزَيِّنَةِ بِمَسَاحِيقِ الرِّضَا وَأُغْنِيَّةِ الذُّهُول. تَرْقُصُ بِخِفَّةٍ بَيْنَ مَشَاعِرِ الْكِبْرِيَاء وَالْكَبَتِ الْمَطْمُوسَةِ بَيْنَ جَحَافِل الْحَيْرَةِ وَالْغَرُورِ، فِي عُنْجُهِيَّة أُنْثَى مُتَمَرِّدَة تَأْبَى الْاِنْصِهَار بَيْنَ أَكْمَامِ هَزِيمَتِهَا أَوْ أَنْ تُرْمَى إِطَارًا فَارِغًا عَلَى حَائِط الزَّمَنِ الْجَافِّ.
وَفِي اِرْتِبَاكِ الْفَرِحَةِ الْعَارِمَةِ الْمَخْلُوطَةِ بِدَهِشَةِ الْحُبّ وَلهفةِ الشَّوْقِ الْحارِق، كَانَتْ تُقَابِلُ حُضورَهُ السَّخِيّ وَهِي تَرْتَدِي اِبْتِسَامَة طِفْلَةٍ مُجْفِلَةٍ أَمَامَ حَضَاَرةِ الْأَلْعَابِ النَّارِيَّةِ.
مُهْتَزَّةٌ... مُرْتَعِشَةٌ كَأَنّهَا زَوْبَعَةٌ مَوْقُوتَة عَلَى وَشْكِ الْاِنْفِجَارِ، لَكِنهَا مَا تَلَبُّثٌ أَنْ تَتَدَارَكَ زَلَازِلَهَا... تُخْمِدُ بَرَاكِينَهَا وَتُسَمِّرُ قَصَبَتْهَا الْهَوَائِيَّة فِي أَنَاقَتِهَا الْمَعْهُودَةِ، وَبِصَوْتٍ مُكَهْرِبٍ... شَائِك تُرسِّل مَوْجَاتِهَا الْمُضْطَرِبَةِ لِتَسْتَقِرُّ بِمَحَطَّاتِ أُذْنَيْهِ، فَيُبَادِلُهَا بِاِبْتِسَامَةٍ هِلَاَلِيَّةٍ مُدْرَجَة بِصَمَتِهِ الصَّاخِبِ وَضَجِيجِ أَنْفَاسِهِ وَلُهَاثِهِ الَّذِي يَعْدُو بَيْنَ جُدْرَانِ غُرْفَتِهَا كَقِطَطِ الْأحْلَاَمِ الْوَرْدِيَّةِ، الَّتِي تَزُورُهَا فَقَطْ عِنْدَ حُضورِهِ وَتَنْدَسُّ بَيْنَ رَأْسِهَا وَالْوسَادَة فِي مُوَاءٍ مُحَبَّب يَنْقَضُّ عَلَى الْقلبِ لِيُلَامِسَ شغَافه.
__________________
شكرا لكِ يُونا . على الطقم الأكثر من رائع |