ذهبية : بالونات طائرة ~ السرد والوصف ولا أروع بالونات طائرة حدث ذلك منذ سنواتٍ طويلة، منذ عشرين سنةً تقريبًا، ولكنها ما تزال تذكر تفاصيل ذلك اليوم اللطيف كنسيمٍ باردٍ يُنعشها في وحشة أيامها.
كانت في الخامسة من عمرها، في مدينةٍ ألعابٍ ضخمة يداعبها الهواء الطّلق وتحييها الشمس.
لعبت كثيرًا يومها مع مجموعةٍ من أقاربها الذين اصطحبوها مع غيرها من أطفال العائلة.
أكبر أفراد تلك المجموعةِ كانوا في الخامسة عشرة، والأصغر كانوا في مثل عمرها.
مضى الوقتُ سريعًا ومليئًا بالمرح، مالت الشمس جهة الغرب وازدادت برودة الجو وصار الهواء يسرع حينًا ويتوقف حينًا، فتوقفوا عن اللعب.
اشتروا بالوناتٍ ملونة لكل واحد منهم قبل الخروج من مدينة الألعاب والاتجاه إلى بيوتهم.
بحماسٍ طفوليّ أخذت تركض نحو بوابة الخروج، ويدها الصغيرةُ تمسكُ بخيط بالونها الظريف.
كانت معجبةً بذلك الهواء السحري الذي يجعل البالونات تطير؛
ليس كالهواء الذي تخرجه بصعوبةٍ من فمها حين تنفخ واحدًا في المنزل فيقع على الأرض ببرودٍ كقطٍ بليد!
انقطعت أفكارها حين تعثرت، فاعتدلت جالسةً على الأرض بينما التفّ البقية حولها كي يطمئنوا عليها.
لكنها رفعت رأسها ببراءة متجاهلةً أصواتهم، فوجدت البالون يطير بعيدًا ببطءٍ نحو السماء البرتقالية.
اجتمعت الدموع في عينيها بسرعةٍ مرعبة!
حذرها أحدهم بفظاظةٍ من أن تبكي حتى لا تعكر نهاية رحلتهم، فتساقطت دموعها ؛
علَّق شخصٌ ثانٍ بسخرية أنها سخيفةٌ وتبكي لأتفه الأسباب، فبدأت تشهق في بكائها ؛
أمرها آخرٌ صارخًا بأن تتوقف عن البكاء حالًا، فصاحت بصوتٍ عالٍ والدموع تتسابق في التزحلق على خديها.
اختلطت الأصواتُ متذمرةً منها، ولم يفقه أحدٌ بأن سبب بكائها لم يكن طيران بالونها.
بينما كانت أيديهم تضغط على خيوط بالوناتهم بتملك، صرحوا بأنهم لن يعودو لشراءٍ واحدٍ آخر لها، فالغلطةُ غلطتها حين لم تمسك بخيطها جيدًا.
توقف الجميع عن الكلام فجأةً لما تقدّم أصغرهم إلى أن وقف أمامها تمامًا، ومدَّ يده التي تحمل بالونه نحوها.
توقفت عن البكاء ببطءٍ ودهشة. لم تنظر إلى البالون، بل نظرت إليه، إلى عيني الطفل البريئتين والجادتين، وإلى حركة يده اللطيفة والحازمة.
بدا في تلك اللحظات أكبر من الجميع وأكثر رزانةً وتعقلًا منهم.
مدت يدها لتمسك بالخيط، ولكن الهواء المشاكس عاد للركض في الوقت نفسه خاطفًا معه البالون الثاني الذي كاد أن يكون مِن نصيبها.
تعلقت أنظار البقية على البالون الطائر، ثم إلتفتوا إليها وإلى الطفل الواقف أمامها بتوتر خوفًا من أن تعود للبكاء.
كانت تتأمل البالون بهدوءٍ شديد قبل أن تعود للنظر إلى عيني الطفل الهادئتين، ثم رفعت رأسها لأكبرهم قائلة: "لنعد إلى البيت"
شهق الجميع بصدمة؛ لم يفهمو ما حدث إطلاقًا.
منذ ذلك الوقت وهي تنتظرُ حلمًا ما علّه يتحقق، وكأن قلبها يوشك أن يطير في الهواء!
__________________
لطالما اهتممت بك ،حتى لو لم تلحظ ذلك فانت محفور في قلبي.. إلى الابد !
-
لم اشعر باهتمامك نحوي ولا اريد الشعور به، فقط اغرب عن وجهي!
-
|