عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 01-31-2018, 04:34 PM
 





من قصائده
القصيدة 1
قصيدة على قدر أهل العزم

عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ
وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ

وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها
وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ

يُكَلِّفُ سَيفُ الدَولَةِ الجَيشَ هَمَّهُ
وَقَد عَجَزَت عَنهُ الجُيوشُ الخَضارِمُ

وَيَطلِبُ عِندَ الناسِ ما عِندَ نَفسِهِ
وَذَلِكَ ما لا تَدَّعيهِ الضَراغِمُ

يُفَدّي أَتَمُّ الطَيرِ عُمرًا سِلاحَهُ
نُسورُ المَلا أَحداثُها وَالقَشاعِمُ

وَما ضَرَّها خَلقٌ بِغَيرِ مَخالِبٍ
وَقَد خُلِقَت أَسيافُهُ وَالقَوائِمُ

هَلِ الحَدَثُ الحَمراءُ تَعرِفُ لَونَها
وَتَعلَمُ أَيُّ الساقِيَينِ الغَمائِمُ

سَقَتها الغَمامُ الغُرُّ قَبلَ نُزولِهِ
فَلَمّا دَنا مِنها سَقَتها الجَماجِمُ

بَناها فَأَعلى وَالقَنا تَقرَعُ القَنا
وَمَوجُ المَنايا حَولَها مُتَلاطِمُ

وَكانَ بِها مِثلُ الجُنونِ فَأَصبَحَتْ
وَمِن جُثَثِ القَتلى عَلَيها تَمائِمُ

طَريدَةُ دَهرٍ ساقَها فَرَدَدتَها
عَلى الدينِ بِالخَطِّيِّ وَالدَهرُ راغِمُ

تُفيتُ اللَيالي كُلَّ شَيءٍ أَخَذتَهُ
وَهُنَّ لِما يَأخُذنَ مِنكَ غَوارِمُ

إِذا كانَ ما تَنويهِ فِعلاً مُضارِعًا
مَضى قَبلَ أَن تُلقى عَلَيهِ الجَوازِمُ

وَكَيفَ تُرَجّي الرومُ وَالروسُ هَدمَها
وَذا الطَعنُ آساسٌ لَها وَدَعائِمُ

وَقَد حاكَموها وَالمَنايا حَواكِمٌ
فَما ماتَ مَظلومٌ وَلا عاشَ ظالِمُ

أَتوكَ يَجُرّونَ الحَديدَ كَأَنَّهُمْ
سَرَوا بِجِيادٍ ما لَهُنَّ قَوائِمُ

إِذا بَرَقوا لَم تُعرَفِ البيضُ مِنهُمُ
ثِيابُهُمُ مِن مِثلِها وَالعَمائِمُ

خَميسٌ بِشَرقِ الأَرضِ وَالغَربِ زَحفُهُ
وَفي أُذُنِ الجَوزاءِ مِنهُ زَمازِمُ
تَجَمَّعَ فيهِ كُلُّ لِسنٍ وَأُمَّةٍ

فَما تُفهِمُ الحُدّاثَ إِلا التَراجِمُ
فَلِلهِ وَقتٌ ذَوَّبَ الغِشَّ نارُهُ

فَلَم يَبقَ إِلّا صارِمٌ أَو ضُبارِمُ
تَقَطَّعَ ما لا يَقطَعُ الدِرعَ وَالقَنا

وَفَرَّ مِنَ الأَبطالِ مَن لا يُصادِمُ
وَقَفتَ وَما في المَوتِ شَكٌّ لِواقِفٍ

كَأَنَّكَ في جَفنِ الرَدى وَهوَ نائِمُ
تَمُرُّ بِكَ الأَبطالُ كَلمى هَزيمَةً
وَوَجهُكَ وَضّاحٌ وَثَغرُكَ باسِمُ

تَجاوَزتَ مِقدارَ الشَجاعَةِ وَالنُهى
إِلى قَولِ قَومٍ أَنتَ بِالغَيبِ عالِمُ

ضَمَمتَ جَناحَيهِمْ عَلى القَلبِ ضَمَّةً
تَموتُ الخَوافي تَحتَها وَالقَوادِمُ

بِضَربٍ أَتى الهاماتِ وَالنَصرُ غائِبُ
وَصارَ إِلى اللَبّاتِ وَالنَصرُ قادِمُ

حَقَرتَ الرُدَينِيّاتِ حَتّى طَرَحتَها
وَحَتّى كَأَنَّ السَيفَ لِلرُمحِ شاتِمُ

وَمَن طَلَبَ الفَتحَ الجَليلَ فَإِنَّما
مَفاتيحُهُ البيضُ الخِفافُ الصَوارِمُ

نَثَرتَهُمُ فَوقَ الأُحَيدِبِ نَثْرَةً
كَما نُثِرَت فَوقَ العَروسِ الدَراهِمُ

تَدوسُ بِكَ الخَيلُ الوُكورَ عَلى الذُرى
وَقَد كَثُرَتْ حَولَ الوُكورِ المَطاعِمُ

تَظُنُّ فِراخُ الفُتخِ أَنَّكَ زُرتَها
بِأُمّاتِها وَهيَ العِتاقُ الصَلادِمُ

إِذا زَلِقت مَشَّيتَها بِبِطونِها
كَما تَتَمَشّى في الصَعيدِ الأَراقِمُ

أَفي كُلِّ يَومٍ ذا الدُمُستُقُ مُقدِمٌ
قَفاهُ عَلى الإِقدامِ لِلوَجهِ لائِمُ

أَيُنكِرُ ريحَ اللَيثَ حَتّى يَذوقَهُ
وَقَد عَرَفَتْ ريحَ اللُيوثِ البَهائِمُ

وَقَد فَجَعَتهُ بِاِبنِهِ وَاِبنِ صِهرِهِ
وَبِالصِهرِ حَمْلاتُ الأَميرِ الغَواشِمُ

مَضى يَشكُرُ الأَصحابَ في فَوتِهِ الظُبا
بِما شَغَلَتها هامُهُمْ وَالمَعاصِمُ

وَيَفهَمُ صَوتَ المَشرَفِيَّةِ فيهِمُ
عَلى أَنَّ أَصواتَ السُيوفِ أَعاجِمُ

يُسَرُّ بِما أَعطاكَ لا عَن جَهالَةٍ
وَلَكِنَّ مَغنومًا نَجا مِنكَ غانِمُ

وَلَستَ مَليكًا هازِمًا لِنَظيرِهِ
وَلَكِنَّكَ التَوحيدُ لِلشِركِ هازِمُ

تَشَرَّفُ عَدنانٌ بِهِ لا رَبيعَةٌ
وَتَفتَخِرُ الدُنيا بِهِ لا العَواصِمُ

لَكَ الحَمدُ في الدُرِّ الَّذي لِيَ لَفظُهُ
فَإِنَّكَ مُعطيهِ وَإِنِّيَ ناظِمُ

وَإِنّي لَتَعدو بي عَطاياكَ في الوَغى
فَلا أَنا مَذمومٌ وَلا أَنتَ نادِمُ

عَلى كُلِّ طَيّارٍ إِلَيها بِرِجلِهِ
إِذا وَقَعَت في مِسمَعَيهِ الغَماغِمُ

أَلا أَيُّها السَيفُ الَّذي لَيسَ مُغمَدًا
وَلا فيهِ مُرتابٌ وَلا مِنهُ عاصِمُ

هَنيئًا لِضَربِ الهامِ وَالمَجدِ وَالعُلا
وَراجيكَ وَالإِسلامِ أَنَّكَ سالِمُ

وَلِم لا يَقي الرَحمَنُ حَدَّيكَ ما وَقى
وَتَفليقُهُ هامَ العِدا بِكَ دائِمُ
------





القصيدة 2
الخيل و الليل و البيداء تعرفني .. أبو الطيب المتنبي
-----------
واحر قلباه ممن قلبه شبم
ومن بجسمي وحالي عنده سقم

ما لي أكتم حبا قد برى جسدي
وتدعي حب سيف الدولة الأمم

إن كان يجمعنا حب لغرته
فليت أنا بقدر الحب نقتسم

قد زرته و سيوف الهند مغمدة
وقد نظرت إليه و السيوف دم

فكان أحسن خلق الله كلهم
وكان أحسن مافي الأحسن الشيم

فوت العدو الذي يممته ظفر
في طيه أسف في طيه نعم

قد ناب عنك شديد الخوف واصطنعت
لك المهابة مالا تصنع البهم

ألزمت نفسك شيئا ليس يلزمها
أن لا يواريهم بحر و لا علم

أكلما رمت جيشا فانثنى هربا
تصرفت بك في آثاره الهمم

عليك هزمهم في كل معترك
و ما عليك بهم عار إذا انهزموا

أما ترى ظفرا حلوا سوى ظفر
تصافحت فيه بيض الهندو اللمم

يا أعدل الناس إلا في معاملتي
فيك الخصام و أنت الخصم والحكم

أعيذها نظرات منك صادقة
أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم

وما انتفاع اخي الدنيا بناظره
إذا استوت عنده الأنوار و الظلم

سيعلم الجمع ممن ضم مجلسنا
بانني خير من تسعى به قدم

انا الذي نظر العمى إلى ادبي
و أسمعت كلماتي من به صمم

انام ملء جفوني عن شواردها
ويسهر الخلق جراها و يختصم

و جاهل مده في جهله ضحكي
حتى اتته يد فراسة و فم

إذا رايت نيوب الليث بارزة
فلا تظنن ان الليث يبتسم

و مهجة مهجتي من هم صاحبها
أدركته بجواد ظهره حرم

رجلاه في الركض رجل و اليدان يد
وفعله ماتريد الكف والقدم

ومرهف سرت بين الجحفلين به
حتى ضربت و موج الموت يلتطم

الخيل والليل والبيداء تعرفني
والسيف والرمح والقرطاس و القلم

صحبت في الفلوات الوحش منفردا
حتى تعجب مني القور و الأكم

يا من يعز علينا ان نفارقهم
وجداننا كل شيء بعدكم عدم

ما كان أخلقنا منكم بتكرمة
لو ان أمركم من أمرنا أمم

إن كان سركم ما قال حاسدنا
فما لجرح إذا أرضاكم ألم

و بيننا لو رعيتم ذاك معرفة
إن المعارف في اهل النهى ذمم

كم تطلبون لنا عيبا فيعجزكم
و يكره الله ما تأتون والكرم

ما أبعد العيب و النقصان عن شرفي
أنا الثريا و ذان الشيب و الهرم

ليت الغمام الذي عندي صواعقه
يزيلهن إلى من عنده الديم

أرى النوى تقتضينني كل مرحلة
لا تستقل بها الوخادة الرسم

لئن تركن ضميرا عن ميامننا
ليحدثن لمن ودعتهم ندم

إذا ترحلت عن قوم و قد قدروا
أن لا تفارقهم فالراحلون هم

شر البلاد مكان لا صديق به
و شر ما يكسب الإنسان ما يصم

و شر ما قنصته راحتي قنص
شبه البزاة سواء فيه و الرخم

بأي لفظ تقول الشعر زعنفة
تجوز عندك لا عرب ولا عجم

هذا عتابك إلا أنه مقة
قد ضمن الدر إلا أنه كلم
-------



رد مع اقتباس