جزء من عالم الظلمة ركب والدي السيارة و قاطع صوته جمودي
: اربطي حزامك حبيبتي .. هل تشعرين بألم ؟!.
أخذت أحاول ربط الحزام بأيدي مرتجفة و لم أقدر .. ساعدني أبي وهو يهمس بحنان : اهدئي فقط كلآري...
وانطلقنا للمنزل .. بينما عيناي ثابتتان على الطريق , كنت أفكر , مالذي يجب علي فعله ؟!. وكيف ستمر هذه الليلة , يجب أن أحمي والدي و جيني بأي ثمن... يجب أن أخبرهما بذلك الشيء...
ساعدني أبي للوصول لغرفتي , ثم قال بأنه سيأخذ جيني كي تنام في الأعلى ...
ما أن أغلق الباب حتى التفت حولي , في غرفتي المعتمة لم أجد شيئا .. همست بتردد : ليونـ.. ليونارد ؟!.
_ هي !, أنا هنا .
التفت الى طرف السرير كان يجلس عليه و ينظر إلي بهدوء , ابتلعت لعابي بينما هو يقول : مالذي رأيتيه ؟!.
_ ذلك الشيء عاد مجدداً... أنه لن يتركنا و شأننا .. أنا أرى هذا بعينيه !. عينيه الحمراوين ...
_ تماسكِ , نعرف بأنه سيعود .. نحن مستعدين له.. دانييل يراقب والدك و اختك بدقة شديدة .. بينما أنا معك هنا , لا داعي للخوف ..
تنفست بشكل مرتجف عميق , ثم قلت بتردد : لقد .. ذكرت لي مرة بأنه.. ماكر , ربما قد يفعل آي شيء.
_ لكننا اذكى منه , كما أنك أنتِ يا كلآرا يمكنك اخافته أو قتله ..
نظرت إليه : عفواً , لكنه هو المرعب هنا..
سألني فجأة : هل رن الجرس ؟!.
فكرت قليلا ثم قلت بتردد : آه , في الواقع لا .. لم اسمعه هذه المرة ...
ضاق جبينه و قال : هذا غريب , أأنت واثقة ؟!, اخرجيه دعيني أرى ...
اومأت ثم فتشت بجيبي عنه , ضاق جبيني , اين وضعته ؟!.. بحثت حولي جيداً... ثم بجيوب سترتي التي وضعتها جانبا...
_ ماذا ؟!. ألم تجديه ؟!.
قلت بقلق : آووه , لا أدري .. لكني واثقة بأنه كان في جيبي ..آه أين يمكن أن يكون ..!
همس ليونارد : هذا ليس جيدا .. ابحثي عنه غدا والدك قادم الان...
و نهض ليونارد ليختفي من النافذة المفتوحة , بينما طرق باب غرفتي و أطل أبي وهو يقول :
_ هل أنت مستعدة للنوم عزيزتي , جلبت لك دواءا مسكناً...
قلت _ أني بخير أبي , شكرا لك..
قبلني على رأسي و غادر , ليونارد لم يعد .. وضعت رأسي على الوسادة و عندما اغمضت عيني سمعت تكة خفيفة خلفي , هذا ليون مؤكد .. فقلت بهدوء دون أن افتح عيني :
_ سأنام الان ...!
_ وهل سألتك شيئا ؟!.
هذا الصوت البارد ال.....
فتحت عيني بسرعة و نهضت جالسة لأجده يتمشى ببطء شديد حوله بغرفتي متفحصاً كل زاوية ..
شعرت بتدفق الكراهية بعروقي , هذا الولد الغير مهذب اطلاقاً....!!
قلت بتماسك وهدوء : مالذي تفعله ؟!.
_ لا شأن لك . عودي للنوم...
زممت شفتي , و يملك الكثير من الأجوبة البغيضة الجارحة .. آه ألا يلاحظ نفسه كم هو عديم الاحساس !
توقف بعيدا , ورفعت بصري لأنظر إلى عينيه , كان يحدق بي أيضاً.. بعيون غريبة ذهبية لكن منطفئة و هادئة ... يبدو مزاجه غريباً... ب
ارداً كالعادة المملة لكن بشيء آخر أيضاً.. يبدو واثقاً هادئاً...
ادرك بأنه يلاحظ نظرتي , وأنا لن اشيح بها كطفلة خجلة , بل أعطيته نظرة أشد برودا منه , استعرتها من جليد القطب الجنوبي !.
رفعت حاجبي ببرود ثم اعطيته ظهري و تغطيت جيداً لأنام متجاهلة هذا المخلوق الغريب في غرفتي...
ألا يفترض به أن يراقب والدي و جيني ... ربما ليونارد أسرع باخباره عن الجرس المفقود فأتى ينظر حوله .. لا يهمني الان أي شيء... غدا سأفكر بالأمر...
_ كلآرا .. كلآرا افيقي سنتأخر عن المدرسة ! , آوه هيا حبيبتي !.
فتحت عيني بصعوبة , أشعر بأن جسدي كله يرتجف .. قلت بتعب : لكن... أريد أن أنام قليلاً...
_ ما بك ؟!. آه..
و شعرت بيد أبي بارد كالجليد على جبيني الساخن ..
تأوه والدي : يا ألهي كلارا .. أنتِ محمومة !.
فتحت عيني بقوة , ماذا ؟!.. حمى !... لا لا يمكن أن أمرض الان...
قلت وأنا أشعر بالدوار : أبي مهلا .. اعطني بعض الوقت لاستعد...
_ كلا , ابقي بفراشك...
قلت بإصرار : أبي سأتناول بعض الادوية و سأكون بخير.
وفي النهاية انتصرت انا بالنقاش و بعد دقائق كنت بالمدرسة أقف على عكازيّ , بعدما ذهب والدي بثانية شاهدت الفتاتين سيلا و لونا يلوحان لي .. و لكن فجأة تجمدتا و حدقتا بشي ما خلفي...
طرفت بعيني و التفت أنظر إلى ليونارد الواقف بلا أي صوت خلفي .. قال بهمس وهو ينظر بعيدا و كأنه لا يكلمني :
_ هل شعرت بشيء هذه الليلة ؟.
_ لا.
_ أتحتاجين لمساعدة ؟!.
_ أني بخير.
_ جيد سأراقبك من هناك.
و التفت ثم غادر بخطوات خافتة , مشيت خطوتين بحذر , ثم جاءت لونا و سيلا ترافقانني و عبرن عن سعادتهن لأني أصبحت استخدم العكاز بدل الكرسيي ..
همست لونا بسعادة : أنتِ تتحسنين كلارا بشكل جيد ..
وقالت سيلا بتفاؤل : لن يمر وقت طويل حتى تسيرين مجددا برشاقة , أنا واثقة !.
ابتسمت بشحوب ولم أقل شيئا , بأن تخيلات الفتيات هذه لن تحدث ..شعرت بالغصة لكني تماسكت وهدئت ..
دخلنا الصف بهدوء و جلست بكرسيي المنفرد و أمامي لونا و سيلا ملتفتتان نحوي يتلكمان عن المادة التي سنأخذها الان , مادة العلوم الكيميائية ..
دخل أحدهم بهدوء لكن الصف هدئ قليلا ليحدقون بـ ليونارد المرتدي الاسود وكأنه قائد دراجة نارية .. جلس خلفي مباشرة بحركة رشيقة ..
وبقي كل شيء هادئا صامتا طوال اليوم .. ليونارد مؤدب و بارد بنفس الوقت , و هذا يعجبني أنه لا يحاول الاختلاف معي.
شعرت الفتيات بالاحباط لقلة معلوماتي عنه .. لكن لم يلححن كثيراً , بل علقن على مظهره الخارجي الرائع , ولم أقل أنا لهن بأنه يمتلك صديقه .. فهذا سيجلب المزيد من الاحباط لهن و الاسئلة المزعجة ~~".
مر يومان بشكل طبيعي وهادئ , لم أرى المدعو دانييل قط , لكن كما ذكر ليونارد هو موجود .. كما أن والدي لم يذكره .. و جيني تبدو مرحة و مشعة كالعادة ..
لكن قلبي يخفق بدم مليء بالقلق , و اشعر بالخوف كلما غربت الشمس .. الخوف والترقب يمتصان شجاعتي ببطء و استمرار ...
آوووه ماذا أفعل ؟!. مالذي يجب أن أفعله أن حدث أمر ما مريع ؟!.
_ لماذا تزفرين بهذا الشكل ؟!.
طرفت بعيوني وحدقت بعيون أبي الزرقاء . قلت بسرعة : آآه لا شيء . فقط أفكر بالدراسة..!
وليتني لم أذكر الدروس , فقد شحب والدي و توتر , قال بهدوء : حسنا .. كلي طعامك الان كي نخلد للنوم.
عدت لغرفتي بعكازيّ بحركات رشيقة قدر استطاعتي , اغلقت الباب خلفي بهدوء , مع أنني بحثت عن الجرس كثيرا لكني لم اجده آووه أين يمكن أن يكون هذا أيضا ؟!.
اشعر بالتوتر كثيرا بدونه الان .. وكأنني مجردة من سلاحي...!
بقيت في فراشي ساعات لم أنم , وكذلك لم أرى ليونارد حولي , الجو كان ساكن جدا .. بشكل يرفع ضربات قلبي ..
تذكرت حلمي ذلك اليوم ...
لست واثقة , لكن هناك أسرار ..
صعدت الدرج بكل بطء و هدوء و حرص وحذر ألا اصدر أي صوت .. يساعدني السور الخشبي و عكاز وحيد تحت ابطي ..
وصلت للطابق الثاني اخيراً , انحرفت يساراً حيث الممر المظلم .. و خفق قلبي خوفاً...
هناك فقط غرفتين ربما , وغرفة الرسم .. وتلك النافذة التي تطل على الخارج ... مشيت ببطء رغما عني ..
و احسست بشيء خفي ينتظرني ... كنت اشعر وكأنني اعيش ذلك الحلم مجدداً... ولكن بدون جيني ...
رأيت الممر المظلم .. و الباب .. لكنه مغلق ... اتجهت نحوه ... و فتحته بهدوء ...
و حقا لقد انزلق معي بسلاسة ...!! ألم يذكر أبي أن الغرفة مقفلة و المفتاح ضائع ؟!.
توقفت عن التنفس لثوان و أنا أحدق بغرفة باهتة بها الكثير من اللوحات القماشية التي بلا معالم و حامل للوح و طاولات واسعة لولا ضوء القمر في الخارج لما رأيت هذه الاشياء ..
اقتربت من احد الالواح وانا متعجبة , هل كان جدي بالتبني يحب الرسم ؟!.. لم كل هذه اللالواح اذن ؟!.
لكن اللوحة كانت مغطاة بكيس ابيض خفيف متكدس عليه الغبار ..!
شعرت بالتردد ولم ألمس شيئا ... في هذه الغرفة رائحة غريبة . رأيت مكتب في الركن المظلم .. فقط مظلم واسود و صغير ..
مشيت قليلا لأعود لكني وطئت على شيء ما كالعصا على الارض , انحنيت قليلا و امسكت به ثم رفعته أمام ناظري ..
يبدو كأنبوب ما ..؟!.
_ آآآخخ !!!
السوار بيدي لقد لسعني !!
حدقت به مرعوبة !. كان يلمع بتوهج خفيف غريب .. السلسلة الناعمة برسغي لسعتني كأنه سخنت جدا فجاة ثم بردت ...
تلفتُ حولي بقلق هل هناك شيء ما ؟!.
سمعت صراخ جيني فجأة , فقفزت في مكاني و هرعت أركض قافزة على قدمي السليمة ...
ناديت برعب : جيـــني !!
هبط ظلام مخيف شديد في المنزل وبالكاد وصلت لمصدر الضجيج و الصراخ ... فغرت فمي مصعوقة ...
كان باب الغرفة مخلوعا و ساقطاً و هناك من يتعارك في الغرفة ...!!
لمحت والدي يتمسك بـ جيني في الزاوية و أمامه دانييل يصد عنه اشياء ما كالظلال الطويلة بسلسلة فضية ضخمة يمسك بها ...
لكني رأيت الظل ذو العيون يقف في الزاوية الاخرى يحدق بشر كبير و كأنه بدا أضخم حجما و كأن االغرفة بدت في عالم آخر ..
كل شيء متموج و مظلم , شعرت بالضيق في التنفس و ألم رهيب في قدمي و السلسلة تلسعني بينما العصا تلمع في يدي ..
وكأننا في قاع المحيط المظلم المطبق ..
_ كلاراااا ... " سمعت صوت أبي !!.
صرخ أحد آخر خلفي وهو يجرني : كلارا...
انتهبت لـ ليونارد الذي اسقطني ارضاً معه و شيئا ما مر من فوق رؤوسنا كالصاروخ !!.
_ اخرجها من هنا , وانا سأخذهم !!.
التفت دانييل نحو والدي و جيني ولم أرى ما فعل , لكنهم اختفوا بسرعة !!!
حاولت الصراخ لكن لم أقدر , أنما كان ليونارد فقط يحاول صد هذه الاشياء التي تحوم حولنا كأذرع الاخطبوط ... كان يقاتل جاهداً...
فجأة ضربني شيء كالسوط بيدي ... فأتوهت وانا انحنى بألم .. حدقت برعب بالجرح و الدم الذي اخذ يسيل بسرعة... رأيت السوار قد طار بعيداً منقطعاً نصفين !!.
و عيون ذلك الوحش منتصراً... سحقاً...
صرخت : لنهرب من هنا ..!!
رد بصعوبة وسط قتاله : لا نستطيع !, لقد أوقعنا هذا الوحش هنا...! تماسكِ...
جرني بقوة إليه حتى اصطدمت بصدره بينما كادت أحد الاذرع أن تمسك بي... شهقت وأنا أرى ذلك الظل ذو العيون يرسل أحد اذرعه الطويلة الى ليونارد , لا أدري كيف لكني ضربته بالعامود الفضي الذي معي... فصدرت منه صرخه مدوية و تراجع بسرعة ...
_ ما هذا الـ..... ؟!
حدق بي ليونارد قليلا ثم أخذ يجرني هنا و هناك وسط الظلام و الوحوش يصد هذا و نهرب من ذاك ولا أدري كم من الوقت و نحن نصارع هنا ... لقد بدأت اشعر بالدوار الشديد و التعب , لا أدري لا أقدر على التنفس جيدا ابداً... هناك شيء ما يقبض على عنقي و يمنعني من الاستنشاق !.
_ ليوووون !! .
حقا الصوت يأتي من الاعلى ...! حدقت عاليا و لكن ليونارد مشغول جدا بالقتال ... رأيت ظل شخص ما عرفته ..
صرخ دانييل مجدداً : تماسكا بهذه !!.
كيف أصبحنا نحن في الاسفل ...؟!
و انزل سلسلة طويلة ... تمسك بها ليونارد ثم جذبني و جعلني أصعد عليها ... تألمت بشدة في قدميّ و صرخت :
_ آآه لالا ..لا اقدر .. الصعود ..لا ...
_ كلاراااا تماسكِ ...
حثني باصرار ... لكن حقا لا اقدر تهاوت كلا ساقي و سقطت على الارض... لكني عرفت السبب الان...
كان الوحش ذو العيون الحمراء يسحبني من بعيد من الاسفل حتى لا يراه ليون ... صرخت بقوة : آآآه !!
انتبه ليونارد له ليمسك بي هو من ذراعي بقوة بينما الوحش يسحبني بأقوى ما لديه من قدمي ...!!
وكان من قوته يجرنا معا انا و ليون ...حاولت ضرب هذين الشيئين الذين يمسكان بقدمي لكنهما لا يتأثران ...
تمسكت بقوة بـ ليونارد خائفة ... ذلك الشيء سيسحبني معه...
شجعني ليون هاتفا : لن اتركك تماسكِ... كلارا ...
نظرت في عينيه الزرقاء لثانية ولكن شاهدت شيئا مرعبا خلفه , ذراع سوداء طويلة تطعن في ظهره و تجره إليها ...
صرخت : ليووووون ... ليوووون انتبه ... اتركني ... اتركنييي...!
_ ليونااااارد ...
صرخ دانييل و كان صوته اقرب... لكن ليون رفض أن يتركني بينما الوحش يسحبنا أكثر و بقوة أكبر...
حدقت بين قدمي و رأيت حفرة مهولة أمامي يجرنا الوحش إليها ... فغرت فاهي رعبا... ثم اخذت التوى خوفا واستماته...
لكني رأيت ليونارد يتألم بشدة وهو يجرني بلا أمل و الوحش يضربه من الخلف...!
في جزء من الثانية ... ادركت أنه حقاً ... لا يمكن أن يكون هناك أمل ..!
أفلت يديه بقوة و تركته ... فصرخ هو مرعوبا لأول مرة : كلاراااا .....!
وما أن تركته حقا أدركت مدى قوة هذا الفتى , كان الوحش قادر على جذبي خلال ثانية للحفرة لكن ليونارد كان يقاومه بقوة ...
شعرت بنفسي اطيرا عاليا من قوة جذب الوحش لي ... بينما حاول ليونارد الامساك بي مجدداً... لكنه لم يقدر...
دانييل أتى خلفه يحميه ...
أما أنا فسقطت في الحفرة المظلمة جداً... تسحبني امور لا أعرفها ...
رأيت شيئا بعد أن اطبقت الحفرة فوقي ... هجم شيء ما على الظل خلفي و أخذت اسمع في الظلمة اصواتا كالتمزق و التقطع . و هسيس مخيف ثم اشياء تتصادم ...
كنت كالعمياء أخذت اتلمس حولي .. لكن شيئا ما قبض على ذراعي و رفعني عاليا شعرت بذراعي تتمزقان من السكاكين !!.
ثم واجهت العيون الحمراء الحاقدة .. !
قلت و قلبي يكاد يخرج من حلقي : تبا لك !!.
فضاقت عيناه شررا ... ثم ألقى بي عالياً... صرخت بقوة و أنا أحاول أن أضم نفسي حتى إذا وصلت الارض لا أتألم .. لكن شيء ما امسكني و احاطني وكأنه ضباب ما ...
عرفت الهسيس ... انه ذلك الظل الغريب الذي يدافع عني .. و كأنه يلفني بجسده طار بسرعة رهيبة هارباً و رأيت عيون ذلك الوحش تطاردنا بغضب ..
شعرت بأني لا اتنفس فأخذت اشهق جاهدت لكني تألمت اكثر ... اخذت اتخبط حولي لكن الظل بقي ممسكا بي و طائرا بسرعة ...
هي بدأت اتخيل اشياءا أم أنني أرى كالجبال و الصخور السوداء حولنا ؟!... بينما هناك الكثير من الشقوق السوداء في الاسفل و الكثير من الاشياء المظلمة تتحرك هناك و هناك تتقاتل و تأكل بعضها البعض !.
شيئ ما طائرا اصطدم بنا واخذ يتقاتل مع ظلي الذي يحملني !!.
صرخت برعب عندما وصل إلينا ذو العيون .. وكأن ذلك الوحش الذي يقاتلنا ارتعب و هرب , ضرب الظل الشرير ظلي بقوة فمزقه نصفين و اسقطه بينما قبض علي أنا بذراعه التي كالسكين !!
صرخت حزنا على الظل الذي هوى الى الاسفل ...
ثم صرخت مجددا بغضب : ايها اللعين المتوحش ال....
قلبني رأسا على عقب و هو يهمس بصوت كفحيح الافعى : سآخذ البوابة لي !.
توسعت عيناي رعبا .. سيقطع قدمي !!! و سيسقطني أيضا لتلك هوة الوحوش....!
_ آآه ه !!
حاولت الركل و الضرب و أي شيء... لكن شيئا لم ينفع !!. شعرت بذراعه تؤلم قدمي بقوة ...
رفعت نفسي قدر المستطاع ثم بكل ذرة قوة املكها ضربته في عينيه اللتان تثيران غضبي !!!
صرخ غاضبا متألما حقاً ... افلت منه و سقطتُ من هذا المكان العالي الذي لا ادري ما يكون ....
صرخت بألم و أنا أقع على أرض صخرية باردة كالجليد ... ثم تدحرجت رغما عني حتى سقطت من الحافة , لكن بصعوبة تمسكت بها بيدي فقط ...
كان كل شيء يؤلمني و لن استمر متمسكة سوى ثانية !!...
اما يدي المجروحة تلك فلا اشعر بها لقد تجمدت و تخدرت ... و بسرعة افلتت يداي حافة النجاة !!
و ها أنا أسقط و مجدداً.... ~
لكن سمعت صوتا ينادي ... ثم رأيت شخصا ظلا بشريا يقفز خلفي...!!
كنت اسقط بسرعة رهيبة , ولا ادري كيف سقط هذا الجسد و بسرعة و صل الي ... رأيت وجهه .. كان دانييل يحاول امساكي..
آوووه يا ألهي , أنها النجاة !!.
لا اقدر على فعل أي شيء لاجعله يمسك بي... هو وصل إلي بسرعة امسك بكتفي ثم احاطني بجسده بقوة ,, و في نفس اللحظة التي ارتطما بها بأرض صخرية قوية...!!!
شعرت بقوة الارتطام تحطم الحديد !!!. لكن جسد دانييل حماني بقوة ...
ونهض واقفا بسرعة وهو يجذبني معه بينما اشعر أنا بأنني سأموت , كنت اختنق و لا استطيع تحريك جسدي... وكلما تعمقنا كلما اسرع الموت إلي...
رأيت سلسلة بعنقه ... قربني منه كثيراً ثم رفع السلسلة هذه و وضعها حول عنقي أيضاً...!!
فجأة دخل الهواء المنعش بقوة الى رئتي ... فشهقت مستيقظة تماماً , آآآآه وكأن الحياة سرت بجسدي مجدداً...
تراجع الفتى قليلا وهو يحركني معه بحذر ...
_ حركة واحدة اخرى و سنسقط معاً.. هل أنتِ بخير ؟!.
كنا نقف عند حافة اخرى ... ماهذه الهوة التي لا قاع لها ؟!.
قلت بصعوبة من التعب و رأسي فوق كتفه : لا , أنا أشعر بالألم !.
زفر فقط و صمت !, لم أرى وجهه لأن رأسي بجانب رأسه تماماً... انحنى فجأة فاعترضت لأن جسده قريب جداً..
_ مممماذا تفعل ؟!! ××
_ سأحملك فقط .. لقد ابتعدنا كثيرا عن السطح !.
حملني بين ذراعيه و شعرت بالراحة اكثر .. لأنني لا أقدر على حمل جسدي أبداً... لقد استنزفت طاقتي ~~" .
_ سنتسلق اتفقنا , أنتِ فقط تماسكِ جيداً .
قلت بتردد و تعب : ممـ... أعني .. أين .. نحن ؟!.
حرك رأسه مبتعدا قليلا عن رأسي و نظر في عيني , رأيت لون عينيه الذهبيتان كلياً... قال بهدوء : مالذي ترينه ؟!.
قلت بتلعثم بسبب هدوئه الغريب و عينيه : لا .. شيء... سوى ... ظلام !.
_ إذن نحن بعالم الظلام , لكن تحديدا بالجزء اللطيف منه ..!
شهقت وأنا اقول بألم : لا يمكنني ان اتذكر كلمة لطيف هذه !!. خصوصا بوضع كهذا...
_ اهدئي , اتفقنا !.
كدت ابكي وأنا أقول : والدي و جيـنـ...
_ أنهما بأمان ... لكـ....
_ ليونارد... لقـ...
_ أنه بخير أيضاً... كلارا انتبهي لنفسك الان. سأخرجك من هنا.
تلفت حوله في الظلمة لا أدري هل يرى شيئا أم لا مثلي...
قال بهمس مفاجئ : سنسير قليلا من هنا .. تلك الاشياء تشم رائحة البشر ..
لمست السلسلة الفضية حول عنقنا و سألت بينما هو يسير ببطء بي : ما هذه ؟!.
صمت ولم يجبني , فلم أقل أنا أي شيء... وصلنا عند حافة آخرى فقام هو بالتسلق ببساطة و تركني أنا اتمسك بعنقه بذراعي و لا يبدو عليه أبداً التعب أو الانزعاج مني ...
لأنه يستلق وأنا إلى جانب الصخور الباردة التي مزقت قميصي شيئا بسيطا فشعرت ببرودتها الشديد تلسع جسدي باستمرار ...
شهقت فجأة وأنا أشعر وكأن طعنه في ظهري... فتوقف دانييل و هو يدعم ظهري بأحد ذراعيه ,
سألني : هل جرحتِ ؟!.
_ لا أدري ...
اجبت بعنف و ألم , ثم أكملت بصعوبة لقرب وجهه مني : لقد ... اشعر بالتخدر في جسدي كله ..ظهري يؤلمني و ساقي و ذراعي وكل....
_ حسنا... حسنا فهمتِ , لا تصرخي من فضلك .. فبالكاد نحن مخفياً عن انظارهم .. تعالي سأضعك على ظهري..
فكرت ببرود , أجيء إلى أين أنا أصلا قربك ... كان من الصعوبة الابتعاد عنه و السلسلة تجمعنا و تحمينا ... اخيراً تمسكت بظهره القوي ..
و بدأ هو التسلق الى الاعلى الذي يبدو بلا نهاية ...
قلت بقلق : الحافة بعيدة !.
_ سنصل لحد معين ثم سنخرج عندها من هذا المكان كله..!
مرت وقت طويل لا ادري كم و شعرت بالنعاس لكني قاومت .. و قاومت... ~~" و قاومت... ~
لكن فجأة وصلنا لحافة ما... قلت بتعب : هل وصلنا ؟!.
_ لا .. لكن يجب ان ترتاحي...
_ أنا.. أنا أنا .أنا... بببـ ببخ..بخير..!!
_ أنتِ ترتجفين ! , آووه وهذه الملابس الممزقة لا يمكن ان تحميك ! قد تكون القلادة تحمينا و تخفينا لكن لا تدفئنا...
و فجأة حركني حتى صرت بين ذراعيه ..
نظر الى الاعلى مفكراً همس : لا ارعف كيف سأنزل معطفي لاغطيك ؟!.
قلت بهدوء و أنا أغمض عيني اريحهما : لا يهم .. لأني سأرتاح قليلا فقط...
لا أدري من أين أتته الرقة أو الاهتمام !! , كان يتحدث معي بهدوء و يتعاطف معي أيضاً..!!
ان كان هذا المكان يجعله شخص افضل فياليته يبقى هنا دائما خخخ !.... آخ دوار... ~~"
جلس على الأرض و أنا طبعا معه في كل حركة .. قلت مرتعبة : مهلا مهلا ... لالالا أنت لا تظن ! أنا لن أجلس هنا !.
قال بهدوء : لو كانت القلادة تسمح بمساحة أبعد لكني لن اتركك تجلسين على الارض ستتجمدين , هيا اجلسي على ساقي لن أمدهما لفترة طويلة لأجلك...
بصعوبة و رغما عني جلست فاحطاني بذراعيه لأدفئ...
همست بتردد : شكرا لك...
_ نامي قليلا الان ...
سألته و عيناي تطبقان ببطء : هل يمكن أن يكون هذا كابوساً ؟!.
لا أدري كيف نمت في وضع كهذا ... لكني أشعر بأني غبت عن الوعي فترة طويلة ..
__________________ مهما زاد عنائي
لا يمكن أن أنساك
حتى إن تنساني
باقية لي ذكراك
لأن الروح داخلي
لا زالتْ تهواك نبع الأنوار ايناس نسمات عطر |