الجزء الرابع عشر (( سـر برايـن مونـد والغرفة ! ))
رفعت شعري كله برباط مطاطي , و ألقيت نظرة خاطفة بالمرآة على نفسي ثم أنحنيت لأخذ حقيبتي ..
_ أأنت واثقة بما تفعلين ؟!.
رددت بخفوت و أبحث عن معطفي : أجل , والدي سوف يقلق ان ادعيت المرض و بقيت هنا , ولكن مالجدوى من هذا !.
ظل يحدق بي بعينيه المعدنيتين بصمت , ثم سبقي و خرج من الغرفة , ارتديت حذائي الجلدي الطويل , فبالأمس عند نومي أمطرت السماء و الأرض كلها وحل و برك مياه ..
_ إلى اللقاء أبي...
ودعته , ثم اسرعت لاصعد السيارة , كان دانييل هو من يقود , و جلست تيّرآ معي في الخلف و ليونارد في المقعد الأمامي ..
تحدث دانييل وهو يقود بهدوء : الليلة سنكثف المراقبة , سنذهب لأبعد مدى , كما أنه يجب أن نقضي على ذلك الوغد فوراً وإلا سيتسبب بجذب الكثير من الظلال .. وأنا لا أريد معارك هنا !.
رد عليه ليون : لا يمكننا جذبه و قتله و جزء منه بـ كلآرآ .. يجب أن .. نفعل شيئا قبل تنفيذ الخطة...
رفع دانييل عينيه الفضيتين الى المرآة و حدق بي قليلا , قال بهدوء غريب : بالطبع , يجب أن ننقيك كلآرآ ..
ننقيك ! , تبدو لي فكرة صائبة بمكانها ! , لذا وافقته سريعاً : أجل .. اعتقد هذا ..!
رفع حاجبيه مستغرباً , وأنا كذلك , لأول مرة أوافقه بهذا السرعة !.
لكن تيـّرآ عارضت فجأة بنبرة ضيق : لا , هذا .. مستحيل , أعني بالنسبة لـ كلآرآ هذا قد يؤلم بشكل رهيب , ربما ستموت... ربما سيتألم الوحش و يدرك ما يحدث فيقوم بقتل نفسه ويقتل كلآرا معه !.
وافقها ليونارد : أجل , التنقية شيء صعب جداً , مؤلم جداً وقد يموت الشخص بأسوأ الأحوال !. كما أن ذلك اللعين متشبث بها جداً.
فكرت , مؤلم , ... يموت .. لكن .. إن كان هو الحل الوحيد... فـ...
قال دانييل ببرودة : سوف نقوم بخداعه , بتنقية كلآرآ , كسر الختم , قتل الظلال , و تدمير البوابة .. هذه هي الخطة !. و سوف نقوم بها كما يجب ...!
قال ليونارد بحده : لكن .. كسر الختم هذا جزء جديد ! , لا يمكنك كسر الختم الذي وضعه سيد الظلام !. هذا مستحيل !. وهو لا يصح أساساً , كيف ستكسره وهو بكلآرآ و كيف ستدمر البوابة و هي بـ كلآرآ بالفعل .. يمكنك التفكير بشيء آخر , أنسى هذا !!.
قلت بقلق : حسنا .. هناك الكثير من الأشياء التي تريدون تدميرها بداخلي .. وخطة دانييل تبدو طويلة و...
قاطعني ليونارد ببرود : غير موافق على جزء التنقية و كسر الختم !
قال دانييل بهدوء : سنتناقش بهذا لاحقاً ليون .. و أنتِ كذلك يا كلآرآ , يجب أن تتعلمي بعض الأمور أن كنا سنمضي بهذا الطريق , أنا أريد أن أخلصك من كل تلك الفوضى و نقضي على المتحول تماماً .
قالت تيّرآ بقلق : هناك مخاطر كثيرة , و كلآرآ بشرية تماماً لن تتحمل...
بقي دانييل صامتاً , و قلت أنا بهدوء : لست واثقة من كل المخاطر , لكن .. سأبذل كل جهدي , وستسير الخطة على ما يرام !.
للمرة الثانية رفع دانييل حاجبيه و حدقت بي تيّرآ قليلاً...
مشيا في الممرات و سبقنا ليونارد و تيرآ , همس لي دانييل ونحن عند باب الصف
_ منذ متى و أنتِ ايجابية و متفتحة هكذا ؟!.
ألقيت عليه نظرة سريعة و هززت رأسي , ثم جلسنا .. حسنا , يجب أن ينتهي هذا الأمر المريع , و يجب أن ينتهي بشكل جيد , أي ننتصر نحن على الوحوش ..!
أني أدعو بقلبي , أن ننتصر مهما خسرت .. أي من نفسي وليس عائلتي , أن كان هناك ألم فسأتحمله .. و أن كنت سـ... سأموت , فسأموت .. لكن ... ليعيش أبي و أختي بأمان .. و لينتصر الحراس ..
ربما أنا مجرد مشكلة صعبة واجهتهم , و موتي هو أسهل الطرق .. دانييل وضع خطة .. و يبدو واثقاً جداً بها .. كسر الختم . تنقيتي .. مهما كان ما يقوله فهو يبدو لي صحيحاً جداً , سأبذل جهدي ..
في الخارج وقت الطعام .. جلست و أمامي شطيرة من اللحم و عصير طازج , جلست معي تيرآ و دانييل و ليونارد واقفين قربنا لا أدري ما يهمس ليون لـ دانييل , لكن وجهه مكفهر و متضايق.
بينما بدت الجدية و الهدوء و التماسك على دانييل... و تيّرآ تبدو تائهة بأفكارها بعض الشيء... لم تكن لدي الشهية قط للطعام !
_ألن تأكلي شيئا ؟!.
سألني ليونارد , أجبت بهدوء : آمم , ليس الآن , لا شهية لدي...
سأل دانييل بعيون ضيقه : أتشعرين بغثيان أو ألم ؟!.
_ آه لا .. أني بخير ..
مرت الصفوف سريعاً و عدتُ للبيت .. رحب بي أبي بحرارة و قال بأن ليلة الغد هو الحفل المقام بمنزل الطبيب لوك لشرفي !.
لم تعجبني فكرة الحفلة , أريد أن نتدرب على خطة دانييــل !.
سألت بقلق : هل .. علي الذهاب ؟!.
كان سؤالاً سخيفاً , رد أبي بعيون متسعة : الحفلة بشرفك كلآرا , كيف ستتغيبين عنها ؟!.
كشرت و جلست بعبوس , جاء صوت رافييل من خلف أريكتي أفزعني : ما خطبك ؟!.
التفت بتوتر أنظر نحوه , قلت : ماذا ؟!. لا شيء...
كان دانييل يحدق بي من طرف الردهة و هو يشرب فنجان قهوة بيده , ولا يبدو بأنه سيتدخل لينقذني من رافييل المخيف...
قال الشاب بعبوس في وجهي وعيونه الحمراء القاتمة تضيق :
_ راقبي جسدك ! , أتشعرين بتغير ما....؟! ألم .. شعور غريب.. أحلام حتى ..؟!
هززت رأسي نفياُ , قلت : أني اشعر بالهدوء...
أتكأ يتأملني .. قال ببرود : آووه .. لأنك غير منفعلة فقط , دانييل هادئ أيضاً...!
ترددت ثم همست و أنا أنظر بعيدا عنه أبحث عن دانييل لكنه قد غادر الغرفة : هذا جيـد ..!
_ كلا , هذا غير جيد أطلاقاً , لقد ارتكب خطأً .. و هناك مصيبة قادمة .. أرجو أن نستعد جيداً .
هززت رأسي بتوتر : سوف أبذل جهدي لنسير على الخطة...
لا أدري مالنظرة التي ألقاها بوجهي , ربما استهزاء .. لكنه قال ببرود :
_ هناك احتمالية 80 بالمائة أن تموتِ , يظن دانييل بأنه يستطيع تنقيتك .. هذا لم يحصل أبداً من قبل !.
حدقت به بقلق و قلت اقنعه أو أقنع نفسي : اعتقد بأنه يعرف تماماً عما يستطيع فعله !.
مال برأسه ورد : لكن هذا لم يحدث من قبل و لا يعرف أحد كيف يقوم به... ستموتين على الارجح !.
سألت : هل سيموت الظل معي...!؟
_ اعتقد هذا...
_ إذن , هذا جيد , أنه ليس سيئا جـ...
_ عما تتحدثان ؟!.
التفت معه أحد بـ دانييل , عاد بفنجان قهوة ساخن , و عينيه ... عينيه بلون الزئبق الثائر , لا يبدو هادئاً...
قال ببرود لـ رافييل : أليس واجبك حراسة السيد موند .. لا أراه هنا !.
غادر رافييل بصمت , و حدق بي دانييل لثوان ثقيلة بعيونه المقلقة هذه .. يبدو غاضباً لكنه يكتمه...
ناولني فنجان القهوة و قال بتكشيرة حادة لي : لا تفكري بأي شيء قبل أن أشرح لك الخطة و الوضع كاملاً .. أتفهمين ؟!
قلت وعيون تطرف كثيرا : أجل , لا بأس .. متى سيكون هذا ؟!.
_ ليلة الغد ...؟!
_ ولم ليس الليلة ؟!.
_ الليلة أراقب أنا وضعك و كذلك المنطقة , كي نحدد مكان العمل و الأبادة .. يجب أن يكون بعيداً جداً , لأن المنطقة ستنقلب رأٍاً على عقب , و سوف أخرج جحيم الظلام بنفسي لتأديبهم و قتلهم , وبعدها سيكرهون أي شيء يسمى بوابة !.
كانت عيونه تحترق بالنيران المتحولة للأصفر , اعتدل بوقفته و قلقت حقاً من خطته , يبدو بأنه سيقوم بمعركة كبيرة , لهذا رافييل و ليونارد غير موافقين و قلقين مما سيحدث .. حسبت الوضع أقل تعقيداً...
سألته بينما هو يدور حول النوافذ ببطء : هل .. هل .. آحم والدك يعلم بما تخطط ؟!.
شعرت به يتجمد .. التفت نحوي ببطء و قال ببرود : والدي يوافقني .. أنه لا يتعرض طريقي أبداً.
حسنا .. و قبل أن أبدأ عمليات التفكير و التحليل , قال دانييل بهدوء و صوت عميق لا يظهر دائماً :
_ لن يكون هناك ألم كلآرآ , أنا سأحميك من هذا , ربما ستفزعين قليلا مما سترين , لكن .. لن أجعل شيئا يمسك بسؤ , سوف تكونين بخير و ستعودين لطبيعتك ..!
توسعت عيني دهشة , و عينيه بلون العسل الدافئ مجدداً .. آووه كيف يمكنه فعل هذا .. يشعرني بالراحة والأمان ..!
لم أقاوم الابتسام له , لأول مرة ,, قلت بخجل : آوه حقاً , أتظن هذا... شكراً لك.
احسست بالدهشة في عينيه , ربما بسبب خجلي تباً .. لما أبدو خجولة الآن ><" لقد قال من قبل أنه سيحميني..!!!
_ أجل , أظن بأنك ستعيشين طويلاً , و تتزوجين كذلك .. ستنجبين أطفالك وستأكلين كل من يقترب منهم !.
يا ألهي , أحمر وجهي تماماً , اشعر بالسخونة , قلت بلا شعور : حسنا .. هذا يكفي هلا خرست.. !
مع أنه تكلم بهدوء طبيعي و كأنه يكلم شخص غريب لا أنا ..!!
_ ماذا , أليست هذه أحلام طبيعية ؟!.
قلت ببرود : هل أصابك دور العرافة الآن ؟!.
هذه المرة هو ابتسم , و كانت ابتسامة عميقة في عينيه اللامعتين , ضم شفتيه و اشاح بوجهه نحو النافذة , اللعنة أي نوع من الابتسامات يمتلك .. لكنه مبهجة جداً .. لما لا يبتسم دوماً .. سيسقط أي فتاة تعبر حوله هكذا...ليس أنا طبعاً !!
تناولت عشاءا خفيفاً مع والدي و لعبت مع جيني طويلاً , ثم قررت النوم باكراً ..
دخلت الغرفة المظلمة و لم اشعل الضوء , لبست بجامتي , و اندسست بالسرير .. تنهدت عميقاً ثم نمت ..
كان كل شيء هادئ , لولا الظلام الذي تسرب فجأة لعقلي...!
آه كنت بمنزلنا القديم , تحديداً أقف أسفل الدرج , يبدو الجو حالكاً جداً , شعرت بالرهبة الشديدة ولا أدري مالذي جلبني إلى هنا ؟!.
أريد أن أخرج..!!
لكن سمعت صوت أمي في الأعلى .. رفعت رأسي و حدقت بها واقفة أعلى السلم , كانت حاملاً , تمسك ببطنها .. و وجهها شاحب , تبدو مرهقة و متعبة جداً...
قالت بصوت بعيد مرهق : كلآرا... عزيزتي ... اتصلي بـ والدك و...
لا اسمع ما تقول .. لأن ما حاز على كامل انتباهي المريع هو...
تلك العيون الحمراء المريعة جداً تظهر خلف والدتي .. و يتكون ظلا مخيف اسود طويل خلفها , ثم صرخت بصوت مرعوب عالي!!!..
بينما أمي تنزلق و تتدحرج من أعلى الدرج حتى أسفله !!!
اغشي عليها من شدة الألم و أخذت تنزف دما من رأسها و بطنها , صرخت أحاول لمسها أو تحسسها ...
_ لاااااااااا ... أمييييي !!
هذا لم يكن حلماً...!!! كانت ذكرى حقيقية شنيعة !!!...لكني كنت طفلة في الخامسة ربما !!.. و سقطت أمي عندما كانت حاملاً بطفل ما والسبب.... الظل ...!! الظل اللعين المتوحش....!!
_ لااااااااااااه , سحقاً لك..!
_ آششش كلآرآ... افيقي !
فتحت عيوني بسرعة و أنا اتشبث بذراعه , لما لم يوقظني قبلاً... تباً...!
تمالكت نفسي بصعوبة , كنت اهتز بعنف و دموعي تملء وجهي ..! كان حقيقة .... كان حقيقة !..
_ اشربي , هاك سأمسح وجهك...
أخذت اشرب كأس ماء بارد , دانييل منحني نحوي يمسح جبيني المتعرق , اخذت المنديل منه بيد ترتجف .. و مسحت كامل وجهي ...
_ ما كان الكابوس عنه ؟!.
كدت ابكي مجدداً , بلعت غصتي و قلت بصوت مبحوح .. : أ.. أمي...!
افلتت شهقة و لكن تبعتها الدموع , آآآآآآآآآه أمي الحبيبة قتلها اللعين !!.. تبا له .. هو السبب... لم يتركنا حتى قتلها و حتى الآن يسعى خلفنا ... يريد قتل أبي.... سحقا له ... الموت له... سأقتله .. سأقتله !!
_ آششش كلآرآ ... اهدئي...
كنت اشهق و اهتز و أبكي بلا صوت , لكني أكاد أتفجر من داخلي !!.. أشعر بأحشائي تتقطع !!.
يجب أن انتقم أنا منه... بيدي اقتله ...!
هدئت بعد لحظات قصيرة , وانتبهت أن دانييل يجلس خلف ظهري يحيطني بذراعه وهو صامت جداً فقط يمسح كتفي مهدئاً...
تنفست عميقاً بارتجاف , ثم مرة أخرى بشكل أفضل ..
_ هكذا .. فتاة طيبة .. هل تريدين المزيد من الماء ؟!.
_ لـ... لا شكراً لك ..
نهض من خلفي و جلس مقابلاً لي .. نظرت بعينيه و تبادلنا التحديق , عيونه بلون الذهب الهادئ ~
سألني بهمس : أهو ذلك الظل ؟!.
_ أجل ...!
رفع رأسه بهدوء وقال بجدية : ليلة الغد , ... ستكونين أنت عنوان كوابيسه .. أتودين قتله بنفسك ؟!.
ابتعلت ريقي , وقلت بهدوء : أجل .. أريد قتله بنفسي...!
ظلت عينيه مركزة بعيني , قال موافقاً : بالتأكيد , فكرت .. إن كنت مكانك , لن يرتاح لي بال حتى انتقم منه .. كوني مطمئنة كلآرا , نحن سنعمل معاً على التخلص من هذا الشر الرهيب .. يجب ألا تجعليه يتحكم بك و يؤلمك .. اتفقنا ؟!.
قلت باشمئزاز : ان جزء منه بداخلي , أشعر بأني أود لو أقتل نفسي خلفه و....
_ لا هو يريد هذا .. ولكننا سنقضي عليه و على كل ذرة منه .. ثقي بي فقط ..
_ أجل ..
واقفته بصوت خفيض مرهق , رفع يده و وضعها على كتفي , ثم جعلني أعود للوسادة ..
قال بهمس هادئ : اطرديه حتى من أحلامك , نامي بهدوء...
اغمضت عيني و فوراً غرقت بالنوم الهادئ المسالم ~
صباح اليوم كان اجازة و الجميع هادئون , لم أرى سوى الفتيات بالمنزل , ولم أرى حتى دانييل منذ استيقاظي , تناولت افطاري المتأخر و تيرآ معي تحمل جيني ...
داليا بالخارج تعاون أبي على العمل بالسيارة , لا أدري تماما ما يفعلان لكني أسمع أصوات الحديد !
سألت تيرآ مجدداً و أنا أتناول الشطيرة الثانية : أين قلت بأنهم ذهبوا ؟!
_ أنهم قريبون هنا في الخارج , دانييل يبحث عن شيء ما , ويود أن يذهب سريعاً ليحضر شيء آخر لا يخبرنا ما هو من عند سيد الظلام .. بينما طلب من ليون و راف أن يراقبا المنطقة بحدود أبعد قليلاً...
سألت : أهناك أي شيء مريب ؟!.
ردت بهدوء : آممم لا شيء , الوضع يبدو هادئاً ..
أتى المساء و رأيت رافييل الذي لم يكلمني ولا كلمة و ليون فقط , دانييل لم يعد ربما .. قال والدي بهدوء :
_ ربما , لا يمكنك الذهاب لحفلة بشرفك بالجينز عزيزتي ؟!.
حتى والدي غير متأكد من نوع ملابس الحفلات ~~" !
قلت بضيق طفيف : لا أملك فساتين ولا أحبها...!
قالت داليا بلطف : يمكنني جلب واحداً لأجلك ..
لكني قلت : لا .. آه سألبس شيئا ما جيداً ..
دخلت غرفتي و اخرجت بنكال أسود ضيق من فوقه بلوزة جميلة طويلة حتى ركبتي .. و رفعت شعري هكذا كل شيء... اوه الحذاء , صندل عادي مفتوح...
حدقوا بي بعيون غريب , لكن والدي قال بسعادة : فتاتي الجميلة ..
واحاطني بذراعه , ثم ذهبنا لحفلة لوك , قال ليون بأنهم سيراقبوننا بخفاء شديد..
مشيا حتى منزل لوك بحسب الوصف , كان منزله كبير و لطيف و جميل من الخارج جداً .. نزلنا من السيارة و جيني بين ذراعي , ثم طرقنا الباب بهدوء , خرج أليكس محييا بمرح , و كان سعيداً برؤيتي حقاً ..
أتت أمه و حيتنا بحرارة و خاصة أنا حيث قبلتني على كلا وجنتي وهي تقودنا للردهة أخذت جيني مني ..
فوجئت بفم مفتوح لوجود والديّ الطبيب , السيد و السيدة فرانس .!!
حيتنا العجوز بشكل عام و لكنها استحوذت على جيني فوراً , بينما تبسم لي العجوز جورج قائلا :
_ هاي كلآرآ , أيمكنك الجلوس قربي ؟!.
استغربت طلبه لكني فعلت , وجلس أبي من جانبي الآخر , أتى أليكسس بالعصير ثم جلس بمكانه , استغربت لم أرى الطبيب لوك حتى الآن , ثرثرت السيدة فرانس على أبي كثيراً .. بينما بقي جورج صامتاً يرمقني بنظرات عميقة من آن لآخر فقط ...!
بعد دقائق ثقيلة , رن جرس الباب و جاء لوك يصطحب اخته "ليندآ" , حيتنا بلطف و جلست معنا , لم تكن ثرثارة كأمها .. و أخذت تهتم بجيني ..
لكن لوك حياني بحرارة و أنهضني لأجلس على كرسي أنيق وهو يقول :
_ هذه حفلة لأجل شجاعة كلآرا , وقوتها ..!
هئ , شجاعتي التي تطير بسرعة وبشكل عجيب .. هل يدركون معنى الصدمات المتأخرة التي تصيبني =="
ذهبنا لغرفة الطعام , كان هناك مالذ و طاب من الأطعمة و السمك المشوي و العصائر .. لكني لا أزال فاقدة للشهية , فتناولت القليل لأجلهم .. و جلس أليكس بقربي , فأخذت اعطيه مما أمامي وهو يضحك و يقول :
_ أنا هارب من أمي كي لا تفعل هذا ! و ها أنت تقومين به !
فابتسمت معه قائلة : لا آكل المشاوي كثيراً , لكن والدتك طباخة رائعة !.
_ و كذلك عمتي ساعدتنا كثيراً , لكنها ذهبت لشراء هدية لك .. آوبس يفترض بها مفاجئة ~~"
_ لم يكن عليكم فعل كل هذا...!
عدنا للردهة و جلسنا قليلا , جاء السيد جورج و جلس بقربي وهو يتبسم لي متأملاً عيني ..
مال إلى قليلا بينما الجميع منشغلون وهمس بصوته العميق الهادئ : أحب أن اعطيك كتاب ما , كان لدى جدك ..
حدقت به وبعينيه العميقتين , قلت مستغربة قليلا : كتاب .. لدى جدي ؟!
أومأ و قال : جدك .. براين , طلب مني كتابة رسالة ما , لأجلك .. أنت ترين بأنكما تمتلكان نفس العيون , خضراء شاحبة بعيدة .. لكن هادئة...
شعرت بشيء غامض قادم بالطريق , لا يبدو شيئا جيداً... قلت بهدوء : لكنه , في الحقيقة ليس .. جدي الحقيقي أنه...
قاطعني بهدوء : أنه قريب لكم .. و والدك عرف هذا قريباً .. هو .. عم "جاك" .. براين الأخُ الأكبر لجدك الحقيقي...!
توسعت عيني و كدت انطق لكنه استوقفني بهمس هادئ : في الرسالة ستعرفين كل شيء... وهو ليس كله أمر سيء .. اثبتي حتى النهاية كلآرا موند ..
كانت عيوني ضائعة و العجوز جورج ينهض و يتركني ليجلس بجانب زوجته أي أنه لا يريد الحديث أكثر شكك بأنه يعرف أكثر من هذا .. سلمتني ليندآ هدية لطيفة بعلبة كبيرة , خمنت أنها فستان ما .. و كذلك اعطاني أليكس علبة مغلفة قائلا بأنها من جده .. أنه الكتاب والرسالة بداخله كما يقول... , لا اطيق صبرا حتى افتحه !!
بينما قال أليكس بخجل : آسف , لم استطع شراء هدية لك !.
تبسمت له شاكرة : لا بالطبع , أني أسعد بصحبتك بشدة أليكس .. وهذا أهم شيء بالنسبة لي...
عدنا للبيت و طرت لغرفتي بسرعة أحمل الهدايا و الشيء الأهم , القيت بالتحية لأبي و قلت بأني سأبدل ثيابي و سأراه قبل أن أنام ... اغلقت الباب خلفي و جلست على السرير افتح الهدية بسرعة ..
ظهر لي مغلف كتاب يبدو قديما بني اللون متشقق الاطراف , عنوانه باهت اللون لكن قرأته " القوى العقلية و العين الثالثة "
رفعت حاجبي , قوى عقلية ... عين ثالثة , ما هذا المزاح ! , أني لا أفكر بهذه الامور كثيرا و لا أريدها حتى لو كانت حقيقة ... المهم فتحت الصفحات كثيرا .. ربما جدي فقط يتسلى بهذا الكتاب ..
و اخيراً... رأت مغلف رسالة , سحبته و قطعت طرفه , ثم أخرجت ورقة منه ..
رأيت خط يد مكتوب ( تلك المخلوقات الغريبة التي تتسكع بيننا في مكان غير مكانها الحقيقي ستؤذينا .. أنها بوقت ما تستيطع الخروج من شق يصل بين عالمينا .. و تدخل قاصدة أو غير قاصدة .. فتضيع وتموت أو تؤذي الناس و تستحوذ عليهم لأنها اشياء بلا جسد .. غير مجسمة و تستيطع ان تعبر بجسد الانسان .. كما أنها تكره الضوء .. لذا من المحتمل أنها تشيع بمكان مظلم .. وهي بلا جسد لذا تستيطع اختراق الجدران ... قد يتواصلون بالبشر عقليا .. كما أن بعضها لديه الفكر و الفهم و الضمير .. و الاخر لا يعرف سوى القتل والتدمير .. )
قلبت الرسالة و رأيت التتمة ( ... لقد قابلت أحدهم , لقد انقذني من آخر .. و كان يحاول تحذيري ... الاخر ذو العيون الحمراء يسعى للقتل ... أنه يعرف الحقد ...و سعى خلف "آليشيا" و "كراوس" .. أخي و زوجته .. لكني حاولت ايقافه بشكل ما .. فرماني بمكان قاتم كليا... كدت أموت لولا مساعدة الصديق لي .. و قدم لي رذاذاً أسوداً لا أدري ما هو .. علمني شيئا بحلمي ... و خلطته مع فضة سائلة ... و عندها استطعت أن انتقم من قاتل اخي و زوجته و أخذ ابن اخي لتربيته عندي و حمايته ...)
_ أغلقي فمك المفتوح كلآرآ....
طرفت بعيني بألم و حركت رأسي بصدمة .. كل هذا كثير... حدقت بعيني دانييل الرماديتين المشعتين ..
لم اقدر على النطق...
قال دانييل يخاطبني بهدوء : لقد عرفت قصتك أنا أيضاً... شككت بالسيد المدعو جورج فرانس , و طلبت من رافييل قراءة ذكرياته .. كنا نريد رؤية جدك البطل .. و لقد رأيناه .. يملك نفس حدة تفكيرك ولون عمق عينيك...
ظللت صامتة أحدق به غير قادرة على التفكير ..
قلبت الرسالة بين يدي , و سقط من المظروف صورة ما ... سحبتها و قلبتها لأرى ... صورتي .. بين ذراعي جدي براين ...
كان يجلس على أريكة , لم يظهر رأسه بالصورة , فقط أنا أجلس على ركبتيه وهو يمسكني جيدا بين ذراعيه .. ربما عمري سنتين فقط .. فقد كانت اسناني الصغيرة ظاهرة بضحكة كبيرة , وعيني تلمعان بلون أخضر قاتم ..
تحدث دانييل بهدوء : اقلبي الصورة ..
قلبتها و قرأت المكتوب ( الصورة عام **** , كلآرا موند مع جدتها براين موند ..) ثم خط يد
( كلآرآ ستكملين خطى جدك , أليس كذلك ؟! ) أنه نفس خط جدها براين ...
شعرت بأني أحبه أكثر مما مضى , أنه لقد فعل الكثير لحمايتهم ..
قال دانييل هامساً : ما قرأته في الرسالة ليس سوى افكاره و ظنونه و بعض الامور التي حدثت , لكن .. اقول لك بأن هناك المزيد , تحريت أنا و ليونارد في جدك .. أنه حذق جداً .. لكني سأخبرك بأمر الظل المتحول ..
التفت نحوه و نطقت اخيراً بصوت مبحوح : لقد .. ذكر اسم...
_ اسما جديك الحقيقيين , والدك السيد جاك هما آليشيا و كراوس .. سعى خلفهما الظل لقتلهما , و نجح , كان والدك جاك رضيعاً صغيرا جداً , لكن عمه براين , وجد طريقه للانتقام , ألقاه الظل في عالم الظلام ,لكنه خرج بمساعدة الظل الآخر والذي هو يدعى سيليووس .. هذا ظل عاقل لا يؤذي البشر .. جلب سيليووس رماد ظل آخر و اعطاه لـ براين و علمه طريقة قلت المتحول , فقام جدك بمزجه بالفضة السائلة و وضع شيئا آخر بعد لم نستطع معرفة ما يكون سلاحه تماماً .. ثم قابل الظل و قلته و أوفى وعده ..
كانت الاحداث تتشكل مبهمة بعقلي ... لست واثقة من صورة جدي , فأنا لم أرى جيداً .. لكن ..
قلت أسأله غير واثقة : لكن ... ماذا عن الظل الذي يلاحقنا....!
_ هذا ظل آخر , يريد الانتقام من رفيقه الذي قتل .. لاحق والدك جاك كثيرا لكن براين كان يقف بوجهه , والان , مات براين .. فعاد الظل يلاحقكم .. و تشائم من رؤيتك و أنت التي تشبيهن براين , فقرر قتلكم جميعاً , و بدأ بأمك ثم يريد قتل أبيك و عائلتك .. أنه ببساطة يريد تدميرك كلياً ..!
هذه الحقائق ... كنت ... أشعر بها .... لكن ... بالطبع أنا ... من سيجعل النهاية مختلفة عن البداية التعيسة ...
قلت اسأل : لكن .. كيف .. استطاع الظل...
قاطعني يكمل كلامي بهدوء : الهرب من عالم الظلام ! , اخبرك بأن ظلنا اللعين هذا يمتلك قدرات مختلفة عن المخلوقات الاخرى , أنه يستطيع تكوين بوابة ان توافرت له بعض الامور , وهو قد صنع البوابة بك أنت ..
بقلق همست : ولماذا صنعها بي أنا ...؟؟
_ لأنك أولاً هدفه من البداية , و ثانياً... لا تكون البوابة بسهولة بالبشر .. هذا .. شبة مستحيل .. لذا أنت حالة غريبة جداً بالنسبة لنا نحن العارفون بهذه الأمور .. هذا الامر يفترض به مستحيلا , حتى الظل نفسه لم يصدق ما فعل , ولم يعرف كيف يفتحك في البداية...
تنهد بهدوء و جلس على طرف السرير .. قال وهو ينظر الى النافذة :
_ يظن ليونارد ... بأن السبب هو .. تعاستك , فأنت ضعيفة جداً ... جداً بتلك اللحظات , عند موت والدتك .. استطاع أن يختم البوابة بك .. فهم .. تشتد قوتهم عند ضعف خصمهم العقلي والنفسي وعند الرعب والخوف أيضاً .. فيستطيعون فعل ما يشاؤون ... يستحوذون عليه , يسيطرون على عقله ويقتلونه .. و بحالتنا النادرة جدا... يصنع بوابة به !.
فكرت بصدمة , لهذا يسألني رافييل بجدية عن الحادثة التي حصلت وعلاقتها بظهور البوابة ..
قال بأن شيئا ما حصل في الماضي القريب .. وهي حادث موت أمي وأنا معها في السيارة .. كنت مرعوبة جداً و قد رأيت الظل بالفعل ..!!
قلت بصوت خافت مرتجف : إذن .. هذا ما حدث ... منذ .. منذ أن كان والدي رضيعاً ..
رد بهدوء : براين يثق بأنك ستتولين الامر من هنا ..!
قلت بصدمة و ذكرى أمي تطوف بعقلي : لو ... لو كنت أعلم منذ البداية .. لما ... لما استطاع النيل منا ولـ....
قاطعني دانييل بحده خافتة وهو يهز كتفي : الآن نحن جميعا عرفنا القصة , يجب أن نفكر بالقادم .. استمعي إلي كلآرا...
التفت احدق إليه بعيون واسعة .. قال وهو يمسح شيئا رطبا مر على خدي :
_ اتذكرين الغرفة , احزري من استطاع فتحها .. طلبنا من "جيني" هذا .. ففتحتها من أجلنا .. أتريدين ألقاء نظرة ؟.
صعدنا الدرج و وجدت ليونارد الذي ابتسم لي ابتسامة واهنة , قبلت والدي بين عينيه و قلت
_ تصبح على خير أبي ..
_ وأنت كذلك حبيبتي , لكنك لم تبدلي ثيابك بعد...
_ آه , سأفعل الآن , هاي كعكة , أنت نعسة أليس كذلك ؟!.
اخذت جيني بين ذراعي و ضمتتها بقوة وهي نعسة تحك عينيها الجميلتين بكلا يديها , تذمرت من قوة عناقي فنادت
_ باباباااا ... آآآه...~~
أخذها والدي مني وهو يضحك , قال : أنها مرهقة , ستنام فوراً .. و أنت كذلك كلآري...
ابتسمت له ثم انتظرت حتى دخل غرفته كي ينام , اسرعت الخطى نحو غرفة الرسم الغامضة ..
و وجدت بابها مفتوح قليلا , ترددت قليلا ثم فتحته بيدي , و دخلت بهدوء في الظلام ..
بحثت عن مفاتيح الضوء و وجدتها , لكن اشتغل مصباح واحد خافت قليلا ..
جاء صوت دانييل من خلفي : هكذا تبدو , أنها غرفة قاتلة بالنسبة للرفاق , لكن لا بأس علي أنا لأني أمتلك دماءا بشرية , و أنت كذلك غير أن الظل عكر صفوك قليلا...
رددت بهدوء و أنا أحدق باللوحات المرسومة المغطاءة بأكياس بلاستيكية لكنه بيضاء :
_ حقاً , لكن ذلك اللعين سيندم على معرفته باسم مونـد ..
اقتربت لأول لوحة و حاولت ازالة الكيس برفق , قال دانييل من مكانه وهو يتألم الجدارن :
_ لا يكادون يصدقون بأن هناك بشري وقف وحده بوجه أشرس الظلال ,أنا قلق بأن هناك بشر آخرون يحاولون ردع شر الظلال وحدهم , لذا طلبت من تيرآ أن تستدعي كل الحراس كي ينتبهوا للبشر كذلك و يحموهم جيداً .. قد يكون بعض الظلال هارب منذ أمد بعيد ربما منذ خمسين سنة أو مئة سنة حتى و لا يزال يتجول بين البشر ..
توقفت عن عملي و حدقت به , قلت هامسة : إذن .. مراقبة البوابات لا تكفي ..
قال بعيون باردة : اعتقد بأني سأآمر بتدميرها , فقط لو يوافق والدي .. لكنها .. لكنها منشأ أبي , و ... جدتي ... جزء مني من هناك... أشعر بأني ..
اغمض عينيه بقوة و اشاح بوجهه بعيداً , لم استطع فهمه هنا , لكني شعرت بألم عميق .. دانييل يشعر بالضيق , بال... بالظلم , فهو يقتل الوحوش القادمة من نفس عالمه , والده و ..جدته من هناك ..
قلت بخفوت وأنا ازيح الغلاف بعيداً : ما .. نظنه الصواب .. سنفعله , ومن يريد الاذية سيعاقب . .. آووه ...
فغرت فمي , لا أكاد أصدق , أني أحدق بصورتي تقريباً... كانت رسمة لي !!!
شكلي وأنا كبيرة .. شعري بني قاتم و عيني هادئتين ربما باردتين قليلا , بلون رمادي مخضر .. بلباس زهري باهت اجلس على نفس الاريكة التي بالأسفل .. كيف ... من ... رسمني .. لكن...
اخفت عيني وقرأت اسم ( براين مونــد , عنوان الرسمة , ((حفيدتي كلآرا )) عام **** )
جدي .. رسمها , كيف استطاع تخيل شكلي بهذا العمر و رسمه ..!!
بغض النظر على انه رسام بارع جداً , فهو قدر على التنبأ بشكلي ..!
همس دانييل من جانبي : لقد علمنا بأن جدك هذا ليس شخصا عادياً , هممم.. تبدين أفضل بالصورة !.
التفت نحوه بنظرة باردة , عدت للنظر الى الرسمة غاص قلبي في الاعماق , وشعرت بالحنين , ... رأينا اللوحات الاخرى , رسم والدي عندما كان صبيا في الخامسة عشرة , ثم رسمة اخرى لوالدي وهو بالغ لكنه كان ملتفتا , و رسمة آخرى لأنية بالأزهار ..
لكن رسمة غريبة استوقفتنا أنا و دانييل...
حدقنا بالظلام و الالوان القاتمة , ثم بظل متجسد على شكل بشري بلا ملامح .. يمد يديه الطويلتين نحونا و بينهما شيء غير واضح لكنه لامع ..
قلت بهدوء وعيوني مسمرة على اللوحة : ما هذا برأيك ؟!.
_ اعتقد بأنه المتشكل الذي ساعد جدك , اتذكرين الذي ساعدك , ربما يكون من سلالته .. هناك ظلال صديقه و تحب البشر !.
وقفنا قرب رف مكتبة و شاهدت العديد من الكتب عن الامور الغريبة و الخارقة للطبيعة , يبدو بأن جدي متهم بهذه الامور الخفية عن البشر العاديين ... ثم رأيت لفرحتي الشديدة دفتر ملاحظاته !!..
خطفت الدفتر بسرعة شديدة , وعلق علي دانييل ببرود : لا تكوني مهووسة أنت أيضاً...
ظللت في سريري أقرأ ملاحظاته ..
كان في المدرسة و الطلاب يسخرون منه لأنه عاشق للكتب و الاطلاع جدا , ثم كبر قليلا و اشتغل بالتجارة و اهتم اكثر بأخيه الاصغر ..
لم تكن هذه الامور تعنيني جداً...
استوقفتني الصفحات الاخيرة .. كانت مكتوبة قبل عشرون سنة ربما ..
( لم اكن استطيع النوم ليلا في منزل كراوس و آليشيا وهما لم يمضي على زواجهما سوى بضعة اشهر .. كان هنا شيء ما يقبض على قلبي ... و اسمع صوتا بعيداً لكنه غير مريح ...
ذات ليلة افقت على بكاء آليشيا وهي تخبر اخي بأنها حلمت بشيء مريع يقتحم حياتهما .. حاول آخي تهدئتها و قررت عندها أنا أن اسير حول المنزل قليلا.... و ذلك الوقت .. قابلته...
رأيته بعيني .. كان يظن بأنني لا أراه .. لكني استطعت هذا ... بدا لي متوحشا جدا بعيونه الحمراء و الباحثة عن القتل و الدماء ... لم اشعر بالفزع في البداية , قابلت نظرته بنظرة ثابته ... فغادر ..
انجبت آليشيا "جاك" , عم الفرح بأخي و زوجته و الاصدقاء , لكني كنت قلقاً بالفعل , ذو العيون ينتظر امراً يحدث , اقترحت بأن تترك آليشيا جاك لدى المريبة في منزلها هي عندما يذهبون الى العمل ..
بعدها بليال اصبت بصدمة و رعب شديد لا ادري كيف جائتني .. حلمت بأمور مريعة و أني اتصارع مع ذلك الوحش ذو العيون ... و كان يريد المرور عبري نحو اخي و زوجته .. لكني اصده بالرغم من أن الدماء تسيل في حلمي كنت أتألم ..
و افقت مرعوبا و رأيت نفسي جريحا حقاً بساقي كلاهما جروحا عميقة ...لم اقدر على المشي ابداً ,اسرع بي اخي نحو المستشفى وابقوني هناك ليلة واحدة لم ارتح بها قط , هربت راكضا لمنزل آخي و حينها ...
كانت الفاجعة , رأيت الوحش يصارع أخي وهو يحمي زوجته حاولت التدخل لكنه رماني بشيء ما و وقعت بظلمة ثقيلة كدت أموت , جائني ما يشبه ظل انسان طويل ثلاث امتار ربما , و سحبني بقوة الى الضوء ...
رأيت .... ان المعركة انتهت و ... قتل اللعين اخي و اليشيا .. و رأيته لا يزال موجودا و جاك بين يديه .. فانقضضت عليه كالمجنون , و ساعدني الظل الانساني و سحبت جاك و هربت منه لأنه كان قويا جداً ..
قررت الانتقام لأخي , فأخذت اهيم على وجهي هنا و هناك ووضعت جاك بدار عناية للاطفال .. اشتريت الاسلحة لحماية ابن اخي الوحيد .. لكني حلمت و رأيت الظل الانساني و قد اعطاني رزمة بها رماد غريب وكأنه كلمني بعقلي كيف اصنعها ... افقت من الحلم و وجدتها حقا لدي ...!
اذبت جزء منها في فضة سائلة و كونت الانبوب السيف مع دم من دمي الحار , وقطرات من دموع عيني ... و الجزء الآخر , صنعت به السلسلة التي قد تحمي جاك , و عائلته بالمستقبل .. ))
حاولت تقليب الصفحات , لكن انتهى ...
جاء صوت دانييل يفزعني من جانب رأسي : أكانت الامور الاخرى التي لم نعرفها هي .. دم براين و دموعه الساخنة ..
بالرغم من هدوءه لكنه كان متكأ قربي يقرأ معي .. مالذي يريده ><!
قال دانييل بهدوء وهو ينظر في عيني : يبدو بأن ك تشبهين براين بالصدمات التي تأتيك متأخرة ..!
أهذا وقت المزاح دانييل ><؟؟؟!!
قلت وانا ابعد نفسي قليلا عن وجهه : لقد .. جدي .. كان غريبا , لكنه محق تماماً .. كان يشعر بوجود الوحش ..!
وافقني دانييل بهدوء : أجل , لقد صنع السلاح , صحيح تحطمت السلسلة , لكن لديك الانبوب السيف ..
قلت بهدوء وأنا اغلق الدفتر و اضعه تحت وسادتي : سأكمل ما بدأه جدي , ربما من الافضل ألا يعلم والدي.. لقد عانى بما فيه الكفاية , لقد .. قُدر لي بأن أشبه أنا عم أبي , بعينيه و بغرابته ربما .. و أحلامه .. لكن يبقى جدي الذي ربى والدي و حماه...
قال دانييل وهو ينهض واقفاً : جيد , نامي الان قبل أن تطلع الشمس كلآرا ..
صباح اليوم التالي , جلست مع الفتاتين بالمطبخ و والدي يجهز القهوة بينما جيني بين ذراعي العب معها .. ثم تململت مني و انزلتها على الأرض لتحبو متجه نحو تيرآ بسعادة ..!
التفت والدي مبتسما لي بشكل اقلقني قال بنعومة : ألديك شيء تحبين فعله اليوم ؟!.
كنت أفكر بعقلي عن الخطط التي يجب ان نبدأها , و المعركة التي ستحدث .. لكن .. شيء أحبه , بربك أبي...!!
قلت بنبرة هادئة : ليس تماماً ..
رفع والدي أحد حاجبيه وقال وهو يضع فنجان القهوة أمامي : أني .. أفكر كيف هي دروسك , هل تجدين بها صعوبة , أتحتاجين بعض الكتب ..؟!
طرفت بعيني و قلت : آه .. ليندآ تساعدني كثيراً .. و .. ربما احتاج لكتاب لتبسيط الكيمياء فقط ..
قال والدي وهو يحتسي قهوة : ربما .. لم يتبقى شيء لانتهاء الفصل الاول و يبدأ الفصل الثاني , لستُ... لست أدري...
نظر نحوي بحيرة وارتباك خفيف : لست أعرف تماماً مالذي تودين دراسته في... الجامعة بعد انتهاء ثانويتك !.
زاغت عيناي وأنا أحدق بأبي مصدومة ... في الواقع ... هذه صدمة .. فأنا لم أفكر بهذا الموضوع من قبل....!
عصرت دماغي , حسنا لقد فكرت بهذا منذ سنتين , عندما دخلت الثانوية , ماذا كنت أريد ... كنت أريد أن أكون طبيبة !!. لكني لم أعد أريد هذا الآن .. اشعر ... بأني فقدت الرغبة في العيشة الطبيعية , ... بالاضافة أنا لست مجتهدة جدا هذه السنة -_-"
قلت لأبي بصدق : لستُ ... لست واثقة أنا أيضاً..
تبسم لي بحنان وقال : لا بأس حبيبتي , لديك المزيد من الوقت , يجب أن تفكري بحياتك , و شيء آخر , لقد رأيت حسابنا في البنك , جدك .. براين وضع حساباً آخر باسمك لك فقط لأجل اكمال دراستك .. به ما يقارب ستون ألف دولار !.
سقط فكي وأنا أحدق به , أبي هذا ليس وقت الصدمات >< ... هل فعل جدي هذا ؟!.
أكمل والدي بلطف : هذا جميل , ولكني ايدعت به بعض المال أيضاً , لأجل مستقبلك حبيبتي , وسوف أجمع الكثير أيضا لجيني ..
قلت اقاطعه بسرعة : لا , أبي .. أنا...
_ يمكنك الدراسة بأي جامعة تريدين بأي قسم تحبين أيضاً .. هذا مهم كلآري ...
_ أجل .. لكن ..لست افكر بأن ادرس شيئا مهما .. بعيدا ..
_ لن تكوني بعيدة , نحن سنكون معك .. لا يجب أن تقلقي بهذا الشأن !.
أومأت وقررت انهاء هذه المحادثة بموافقتي , حسنا قد اكون محظوظة جداً , فجدي كان ثرياً كما يبدو ... فكرت ما كان عمله ؟!
سألت أبي : ما كان عمل جدي براين ؟!.
همهم والدي مفكراً وهو ينظر بعيداً : رساماً... اعتقد يعمل بالتجارة قليلاً ... لكنه يحب الرسم , أنه يرسم أشياء كثيرة ..
_ آهاا , أكان يبيع رسوماته ؟!.
_ أجل , باع البعض .. و ابقى اللوحات العائلية لديه , لكني لم اعثر عليها , رسم لي لوحة أو اثنتين , و لك واحدة عندما كنت طفلة , أنت لم تريها , أنها بالغرفة التي ننام بها أنا و جيني ..
أراني والدي اللوحات لاحقاً , لوحتين متوسطتين وليست كبيرة كتلك التي رأيناها أنا و دانييل في غرفة الرسم , لقد اقفلت الغرفة مجدداً بعد خروجنا , رأيت لوحة لي و أنا صغيرة جداً , جالسة على ارض عشبية في الخارج شعري و عيناي تلمعان تحت الشمس , بين يدي كرة صغيرة مطاطية .. كنت فاتحة فمي قليلا أحدق بغرابة نحو الرسام .. الذي هو جدي ..
اللوحة الاخرى كانت لأبي و لأمي معاً .. و هذه شكلت صدمة طفيفة آخرى لي .. غاص قلبي لرؤية الابتسامات وهم جالسون في كرسي خشبي بحديقة ما ربما من خيال جدي ..
زم والدي شفتيه وهو يأخذها بعيدا عن ناظري و يعيدها لمكانها في رف داخلي قال :
_ جدك رسام ماهر .. ألا تحبين الرسم كلآرا .. ربما تملكين موهبته ..
طرفت بعيني وقلت بغرابة : أحب الرسم .. لكن ليس بهذه البراعة ..
تبسم لي والدي بحزن وقال بصوت خافت : ليس تماماً , لقد ورثتي عينيه و هدوءه و نضج باكرٌ جداً .. اشعر بأنك بعيدة جدا عني , لا تسمحين لي بحمايتك بل العكس .. كنت اراك دوما وأنت طفلة رضيعة , لم تكوني مشاكسة كـ جيني ولست بفضولية جداً , بل عميقة و لا تمنحين الثقة .. لقد اقلقتني قليلا .. لكنك كبرت و أدركتِ حياتك .. ها أنت أمام عيني .. كبرت و كبرت معك أسرارك و قلقك حتى أنك مستعدة للتخلي عن مستقلبك لا تفكرين به .. بل تفكرين الان كيف يمكنني أن أحمي والدي و جيني و ابعد الشر عنهما .. لا يمكنك امتهان مهنة الحراسة لنا ... علمتي بأن براين عمي و ليس جدك الفعلي .. ولكنك بقيت صامتة .. لماذا حبيبتي ؟!.
لم انتبه لفمي المفتوح كثيرا هذه الايام , هززت رأسي و قلت بعيون دامعة : أبي .. براين , أليس هو جدي , أنا لا فرق لدي , كان قريبنا , لكني بالفعل أريد حمايتكم مثله..
_ لا يمكنك فعل هذا لأنك تشبهين جدك قليلا... أنا لن اسمح بتعرضك للخطر .. لذا توقفي عن القلق...
_ لكني أريد هذا حتى قبل أن اعرفه جيداً
اقتربت منه و ضمتته بقوة استنشق عبيره , فضمني لقلبه وهو يهمس :
_ أنت ابنتي الاولى الثمينة جداً .. أنا من يحميكم هنا ..
قلت ممازحة و عيني مغمضة : أنا أملك سلاحاً , أنت لا تملك , اسمح لي بأن أكون حارستكم أيضاً ..
_ وماذا تكون وضيفتي في الحياة ؟!.
_ وضيفتك هي والدنا الحبيب ^^ ..
_ ما رأيك أن تذهبي للمكتبة و تدرسي بجد أكبر !!!
طردني من المنزل ورأيت دانييل يخرج معي بهدوء , لكن رافييل كان معه , قال ببرود :
_ أنا ذاهب لأمر مهم سريع جداً لن يستغرق سوى دقائق , رافييل معك و كذلك ليونارد .. تيرآ و داليا مع والدك والطفلة بالطبع , لا تتأخري طويلا بالخارج سنتناقش الليلة بالخطط ..
قلت محدقة بتوتر بـ رافييل : حـ ـسنا... لا بأس .
لكن يبدو بأن الفتى شعر بارتباكي , قال لـ دانييل : يبدو بأن كلآرآ لا ترتاح سوى مع ليونارد ..
قال دانييل ببرود : مهما يكن .. أنا مغادر ..
و ركض سريعا إلى ما خلف المنزل , بينما جاء ليونارد قائل بهدوء من خلفي : هيا لنذهب و لنعود سريعاً , أكل شيء بخير كلآرا ؟!
التفت و أنا أقول : أجل ..
ركبا سيارة ليون السوداء السريعة , و خلال دقيقتين توقفا أمام مكتبة بسيطة , نزلت و قال رافييل : سأحرس في الخارج ..
بينما رافقني ليونارد للداخل , ولم ابحث كثيراً فقد وجدت الكتاب الذي أريد بسرعة !.
التفت لاشتريه و نخرج , لكني رأيت مارك !!
ناديت بمرح : مرحباً مــارك !
التفت نحوي و ابتسم باشراق و أتى ليحييني .. لكني لم انتبه إلا وهو يعانقني بخفه , تركني سريعا وهو يقول :
_ لم أرك لفترة .. لقد كانت طويلة بالنسبة لي , كيف حالك كلآرا..
قلت وأنا أنظر حولي , اين اختفى ليون : آوه أنا بخير , مارك , كيف حالك أنت..!
قال بلطف : بخير جدا بعدما رأيتك .. أنت تشترين الكتب أيضاً , الدراسة هنا هادئة جدا أليس كذلك ؟!.
قلت بسعادة و أنا أضم الكتاب : أجل ..
قال مقترحاً بابتسامة مترددة : ما رأيك أن نذاكر معاً قبل الامتحانات , بصراحة فاتتني بعض الدروس لكني أحاول التعويض ..
_ آوه حسنــا لا بـ....
_ كلآرآآآ...
فجأة ظهر ليونارد بجانبي , قال يحدث مارك المتفاجئ ببرود : للاسف لا يمكنها , لديها بعض الدروس المهمة , والان المعذرة..
سحبني من ذراعي و خرجنا , نسيت نفسي بالفعل قليلا مع مارك .. ألا يمكن أن تكون الامور طبيعية لبعض الوقت ..
شعرت بالبؤس و بأن دانييل كان محقاً ذات مرة ...!
قاد ليونارد السيارة و أنا بجانبه , بينما رافييل في الخلف , قال هو ببرود : تذكري يا كلآرآ بأنك قد تؤذين البشر العاديين أو نفسك , بالرغم من أن الشاب حسن مزاجك ..
قلت بخجل و ارتباك : أعرف... أعرف .. لقد نسيت نفسي لثوان.
مرت ثوان صمت ثقيلة , ثم همس ليونارد وعينيه على الشارع أمامه
_ آسـف كلآرا .. سننهي كل شيء قريباً .
الجزء الخامس عشر (( ترقُب و جمود ))
بقيت أحدق بوالدي طويلاً وهو يعمل قربي على الأريكة بتدوين الحسابات , و تذكرت أنا جورج فرانس , لكن لا أدري , هو يعيش حياة طبيعية الآن .. هل يعرف شيئا ما عن الظلال ؟!.
تنهدت بحده غير مقصودة , التفت نحوي أبي و قال رافعا حاجبيه : أهناك خطب ما ؟!.
قلت بهدوء وأنا أراقب عينيه : السيد .. جورج فرآنس .. يعرف جدي , أتعرف أبي ...
قاطعني بهدوء وهو يتأمل الورق أمامه : أنا أعرف....
حدقت به بدهشة : آه .. أن برآين .. هو ..!
_ عمي .. هذا رائع كفاية ..!
نظر نحوي وابتسم بعمق و عينيه الزرقاوين تلتمعان .. أكمل بهدوء :
_ كنت أشعر .. بأنه قريب لي .. كما أنه لمح لي قبلاً .. لم يريد أن أناديه بـ أبي و أنا لم أكن لأفعل... شعر بالسعادة عندما بدأت اناديه بـ عمي فقط ..
همست : لكن .. ألم تعرف والديك الحقيقيين أبي...؟!
كان قلبي يخفق بقوة تصل لحلقي وتخنقي .. بقي صامتاً قليلا وهو ينظر بعيداً , ثم همس :
_ ... لا .
انخفض صدري بزفير أليم , وكدت أنطق بشيء .. لكني اختنقت .. و فجأة همس هو ناظرا نحوي بحب :
_ لدي حياتي الان .. أنتِ و جيني .. حياتي .. , لقد قال برآين شيئا عن والداي , كنت في السابعة وظن بأني سأنسى أو لن أفهم .. لكن كلماته رسخت بعمق .. قال بأن والداي كانا رائعين و يحبانني جداً .. لم يكن هذا شيئا غامضا لقد كان بديهياً .. ولكنه برآين كان يدمع وهو يقولها .. ذلك الوقت .. قلت بأني أحبه أيضاً .. ولكن قال بأنه يجب أن أعيش طويلاً .. لم أفهم ما عناه ذلك الوقت .. أم الآن ..
وصمت ..نهضت ثم جلست بجانبه و عانقته , ضحك قائلا : حسنا .. لقد ذهب الماضي .. يجب أن نرى الان المستقبل...
سألني بشكل مباغت : .. مالذي تريدين فعله بعدما تتخرجين من المدرسة...؟
حدقت به بصدمة ... : مالذي ماذا ....؟!
في الواقع لا أفكر بأني سأعيش حتى ذلك الوقت .. كان هذا مستقبلا بعيدا جدا .. جدا لي...
طرف والدي بعينيه الزرقاوين الداكنيتن يتأملني ثم قال مبتسما بهدوء : لا عليك حبيبتي , لديك متسع من الوقت , اجتهدي فقط في دروسك الآن ..
نهضت و ذهبت لغرفتي حيث أخذت حماماً سريعا و لبست بنطال أسود و قميص مخطط عادي كانت الساعة تتجاوز التاسعة ليلاً و غداً لدي مدرسة ! ,
عندما دخلت المطبخ و جدتهم كلهم مجتمعين ..!
التفت نحوي رافييل أولاً و قال ببرود : لقد أتت البوابة المتشككة !.
رددت عليه ببرود أشد : أرجوك اهدأ أيها الجليد الشمالي !.
كشر بوجهي بينما ابتسم ليونارد وتيرآ و كذلك داليا , قال دانييل بحده وعيون مشتعلة مقاطعاً النظرات والابتسامات :
_ المطلوب هو فقط الالتزام بالخطة بحذافيرها , هل من اعتراض !؟
انقلب الجو بالطبع سريعاً بعد صوت دانييل و كلماته , فكشروا كلهم , تحدثت تيرآ أولاً :
_ أنا اعترض ...!
_ و أنا كذلك ...!؟! قال ليونارد بعبوس
_ هل من وجود للخطة ب ؟!. " سألت داليا
_ لم تجب على سؤالي أن كان سيد الظلام موافقاً على هذا...؟! " نبرة رافييل منقبضة و عينيه كذلك ..!
زفر دانييل بحده و رد ببرود عليهم جميعاً معاً : لم يكن علي سؤال هذا أليس كذلك ؟, المهم أن كلآرا موافقة !.
التفت نحوي رافييل بحده و سألني بعيون مشتعلة غيضاً : هل توقعين على شهادة موتك الآن ؟!!!
لكن ليونارد قال متوتراً : أنني لا أريد تحطيم الختم و البوابة و.. التنقية ~~"
_ لكن هذه كل الخطة ليووون !!
زفر دانييل بوجهه , قالت تيرآ محركة رأسها نحوي : كلآرا لا تعرف مالذي سيحدث حقاً , هذا سـ... سيقتلها فوراً !.
_ التنقية صعبة دااان... بل مستحيلة .. لم تحدث من قبل ! " قال ليون مجدداً يحاول أقناعه.
رفع دانييل بصره نحوي , ولا تسألوني ما شعوري , كنت أشعر بالجمود والغرابة , لكن .. لا خوف , لا قلق... فقط متعجبة مما يقولون , رأيت عينيه الذهبيتين مشتعلتين كالنيران , هذا لا يبدو جيداً .. أنه غير هادئ ..!
قال ببرود يعاكس نيران عينيه : أني أريد شرح كل الأمر لـ كلآرا وهي من يقرر ..أنتم فقط ... نفذوا !.
أمرهم بحده .. ثم قال يحدثني بنفش النبرة : لنتحدث خارجاً , بعيداً عن هؤلاء الحمقى !.
_ دانييل !!
خرج من باب المطبخ الآخر , و ذهب يسير بعيدا... قلت لهم اطمئنهم قبل أن ألحقه :
_ ...أني لست خائفة , أشعر بأن ما يقوله هو الحل الأمثل , لكنه صعب قليلا ربما..
ثم خرجت راكضة , و أين اختفى هو بتلك السرعة ... ظللت اسير حول المنزل قرب الاشجار احدق ابحث عنه ولم أجده حتى أن الجو مظلم جداً ,
الان لو رأني والدي سيقلق مالذي افعله بالخارج هكذا >< ؟!
هل قصد بعيداً... بعيداً .. جداُ ~~" ؟ , ثم لما يهين اصدقائه ولا يراعي حتى رأيهم ..! يبدو مزاجه سيئا جدا اليوم !
!.
رأيت ظله عند الاشجار واقف بعيد قليلا , فهرعت نحوه , سيشرح لي كل الخطة بنفسه ..
قلت لاهثة بحماس لا أدري من أين جاء : ها قد جئت ..
نظر نحوي ببرود لكن عينيه لا تزالان مشتعلتين , قال وهو يجلس على الأرض ممسكا بغصن صغير :
_ اجلسي أمامي ..
تربعتُ أمامه بهدوء , فخط على الأرض بالغصن نقطة عميقة مشوهة و قال ببرود : لنفترض هذه أنتِ ..!
امتعضت قليلا ~.~ , لكن هززت رأسي , و فجأة خط على النقطة علامة أكس مخيفة و قال بصوت بارد لكن حاد قليلا :
_ وهذه التي بداخلك البوابة .. في البداية طبعا ..
_ حـ.. حسنا .. "
ثم وضع أكس آخر اعمق و اكبر فوق السابق و قال بتكشيرة : هنا جزء من الوحش اللعين .. ثم خط أكس أكبر من سابقيه واكثر عمقا وتشوها حتى أن النقطة "أنا" لم تبين ~~":
_ وهذا .. ختم سيد الظلام فوقهما كلاهما ...
وترني اسلوبه و نبرته , فقلت بضيق : أنا أعلم ..
رفع عيني حادتين بلون وقال بنبرة خافتة : ألا تلاحظين الترتيب , البوابة أولا ثم الوحش .. ثم الختم .. كلها معاً متشابكة و مختومة بإحكام شديد..
أنار هذا قليلا من فهمي , فقلت بتوتر مخفي : هذا .. واضح و.. معقد بنفس الوقت ..
طرف بعينيه اخيراً , وقال بهدوء بينما الهواء البارد يلفح جسدي : صحيح , لكن .. ما سأفعله أنا يختلف .. أولاً سنقضي على الجزء الذي بداخلك .. سأمسك به و أمزقه أرباً , أتعرفين ما سيحدث لك حينها كلآرا ..
وقبل أن أنطق , تابع بهدوء وعيونه مركزة علي بشكل مقلق : ستتألمين كثيراً .. سيقاوم مؤكد , وسيجعلك هذا تتألمين جداً...
أني متوقعه تماماً لوجود ألم شديد , سأحاول أن أتماسك .. وأحاول التحمل .. لكني بقيت هادئة أنظر إليه الان ..
لا أدري لم تأملني لثانية قبل أن يكمل : ...هذا هو الأفضل , أن نتخلص منه أولاً كي يضعف الظل الحقيقي لفقدانه هذا الجزء .. ثاني شيء سأقوم به هو .. كسر الختم !... وهذا يعني .. أن البوابة ستكون مفتوحة على مصراعيها , كسر ختم سيد الظلام القوي الذي لم يسبق لأحد أن حطمه , سأفعله أنا .. و.... بصراحة ....
تقلب لون عينيه بغرابة , ثم همس بضيق : لا أدري... ما مقدار الألم الذي سيسببه لك , الأختام للبوابات الجمادات والتي ستتفتت كلياً أن تحطم ...ليست .. للبشر .. الضعفاء ... فتاة مثلك .. بدأ أشك بأنني سأقتلك مع خطتي...
توسعت عيني قليلا , و تجمد عقلي .. مالذي... مالذي يتفوه به ؟!!!
زفر قليلا ثم همس بهدوء : أنا .. لن أقوم بهذه الخطوة قبل .. رؤيتي لشيء ما .. قبل أن...
قاطعته بهدوء وعقلي معطل تماماً : كيف ستدمر البوابة...؟!.
حدق بي بحده مفاجئة , قال بهمس يصر بين اسنانه : أني يجب أن أرى شيئا ما , بعد قتال الظل بك .. لا أدري .. هل ستتحملين , قد تموتين بالفعل , والدي حذرني , حدثته بشكل سري للغاية , واخبرته عنك .وعما سأفعل .. كنت واثقاً جداً , لكن اؤلئك الحمقى بدؤوا يثيرونني و يشككون بي... و جعلوني أخشى عليك بشدة .. و أن تخفق الخطة بأكملها وأن تموتِ وأن تتدمر البوابة و أن تثار الفوضى ..!
حدقت به مذهولة قليلا , لا أدري .. لكني لا أشعر بأي ذرة قلق الآن .. فقط اترقب .. لكني لست قلقة , بل مستعدة للقتال...
قلت بنبرة غريبة هادئة : لكني مستعدة للقتال ...! < وكأنني سأخسر شيئا رهيباً إن لم أقل هذه الكلمة ××!
ارجع رأسه فوراً للخلف ينظر لي بنظرات غريبة , كانت عيونه تتموج , همس بهدوء : مستعدة حقاً...؟!
هززت كتفي و نظرت الى خطوطة المشوهة الغريبة على الأرض الترابية
و قلت : أجل .. قلت لك سابقاً , أنا أثق بخطتك و موافقه عليها حتى لو مت مهما يكن يجب أن تنتهي هذه المأساة .. اعني الظلال , البوابة....!
رفعت عيني نحوه فوجدت يده على فمه وينظر نحوي بتركيز وكأنني مسألة رياضية صعبة !!!
أومأ و قال بهدوء : لا يمكنني تدمير البوابة إلا بتدمير الختم الذي يقفلها اولاً , وبهذه المرحلة , طلبت من رافييل وليونارد أن يكونا في مقابل البوابة في عالم الظلام , بينما تيرآ و داليا سيحميا والدك و الطفلة ..
سألته بهدوء : آممم لكن , عندما تدمر الختم هل سيظهر الظل مباشرة ؟! .
ضيق جبينه و سألني بهدوء غريب وهو يضع يده تحت شفتيه : بخصوص هذا , أيمكنني تغيير وعدي لك بقتاله , اعتقد بأنك ستكونين فاقدة لوعيك .. بعدما أحطم الختم ..!
رفعت حاجبي وقلت بسرعة رافضة
_ : لا يمكن .. أنا لن أكون صريعة ويجب أن أقتل بنفسي ذلك الظل الشرير. أنت وعدتني دانييل... أنت تعرف مالذي فعله بعائلتي ..!
عبس بوجهي واطبق شفتيه .. لكني هدأت وقلت
_: أظن بأني اتخيل الوضع مختلفاً , هل يمكن أن يخرج بتلك السرعة ؟.
رفع رأسه وتغيرت لون عينيه للرمادي اللامع , همس بهدوء :
_ تخيلك خاطئ جداً , كلآرا .. سأخبرك بالأمر ..نحن سندمر جزء ذلك الوحش الذي بداخلك , سنقطعه و سنجعله رماداً متناثر .. وهو .. سيتألم جداً ... جداً .. أنه بمثابة أنك تقفلين الباب بقوة على ذراعي سفاح ثم تقومين بتقطيع ذراعيه كلياً , بعدها ستفتحين له الباب , ما ظنك سيكون رده .. سأخبرك .. سيكون غاضباً جداً , متألماً جداً .. حاقداً جداً !!... سيكون مجنوناً تماماً سيحاول تقطيعك أنتِ ومن حولك كلهم و سيقاوم بشدة , أننا سنفتح له الباب في النهاية ... هل تخيلت هذا إذن ؟!.
شعرت بالخوف , لكن لا .. سأقتله أنا , من قال له أن يضع بوابة بي ! ظل أبله ~~ ؟!! سأنتقم لأجدادي و لأمي ..!
لكن دانييل أكمل : لن يكون هو فقط .. ستحاول الوحوش والظلال الأخرى العبور منك بشدة , بوابة فتحت لهم فجأة , لهذا سأرسل راف و ليون إلى هناك .. لكن الظل المتشكل مرتبط بك , حيثما تفتحين سيظهر هو .. لأنه .. هو من صنع البوابة !.
صمتُ قليلا أنظر مجدداً لخطوطه البشعة على الأرض .. حدثني بهدوء : أنه ظل مختلف , ليست كل الظلال تستطيع فعل ما فعله .. كل شيء يحدث غريب و جديد و مقلق علينا .. لكن ..
لاحظت صمته العميق لكني بقيت احدق بالأرض الباردة و شعرت ببرودة جسدي تزداد ~
جائني همسه الهادئ : لقد .. وعدت أن أحميك من الألم , لكن... لابد منه الآن .. أنا .. سأحاول بكل قوتي .. وستعيشين كلارآ , سأتطلع حقا الى اليوم الذي ستنسين به كل هذه المصائب و الآلام .. لن .. لن أجعلك تموتين ..
حدقت بصدمة به , هل ارتجف صوته في اخر كلمتين ؟!! ..
قلت ببطء : أنا .. لا أمانع .. أن كنت سأموت مقابل حل هذه الفوضى...
حدق بي بغضب و قال بحده : هل أنت عديمة الاحساس ؟! , لم أرى أي بشري مثلك , ما بك ؟!. أكثر برودة من رافييل حتى !!
ضمتت نفسي و قلت بضيق أنظر بعينيه الثائرتين : أعتقد .. بأنك ..محق .. أني اشعر بالجمود...
_ قولي بأنك لن تفعلي هذا مجدداً...
_ أفعل .. مـ ماذا ؟!.
_ الصدمات المتأخرة ما غيرها !!... لاحقا سوف تتجمدين رعباً. أو أسوأ...
_ لن أفعل >< .. سأقاتل دانييل... أنا واعية بكل شيء...!
حاولت اقناعه بأني بخير , لكنه ظل ينظر نحوي بعصبية , ثم زفر و همس :
_ لم أشعر بالتردد طوال حياتي .. حتى قابلناك .. لم تكوني بشرية طبيعية حقاً , أأنت بخير مع هذا ؟!.
قلت بامعتاض : أتظنني معتوهة أو غريبة الاطوار ..!
ضاقت عيناه و سألني : هل سقطت على رأسك في مرحلة ما في الطفولة..
_ هلا توقفت عن هذا دانييل...
لكنه ظل صامتاً ثابتا بمكانه ينظر يمينا بعيدا عني , تنهدت أنا وسرت رجفه بجسدي , نهض هو بخفه مفاجئة ومد ذراعيه قائلاً :
_ لم ألحظ بأن الجو بارد جداً عليك .. تعالي لنعود بسرعة ..!
لم أمانع وضع يدي بيديه فأنهضني بسرعة , ثم سرنا بهدوء إلى الداخل , لم أرى أي من الحراس ..
دخلت غرفتي و بقي دانييل يقف في المطبخ , لبست بجامة ثقيلة دافئة , ثم ذهبت لأحيي أبي , ولكني وجدته نائما هو وجيني بغرفتهم ,
اقتربت بهدوء شديد و قبلت جيني بحنان , ثم قبلت جبين والدي العزيز ..
همست بقلبي : سيكون كل شيء بخير .. أحبكم كثيراً جداً ..
نزلت لغرفتي و وجدت دانييل في ظلامها , سألني بهمس بعيد : أستذهبين غداً للمدرسة ؟!
_ أجل .. بالطبع ..
_ هل ... ستخبرين أباك بكل هذا ؟!.
اندسست بفراشي , ثم قلت ببساطة : آه لا اعتقد هذا .. سيكون مفزوعاً جداً وسيرفض خطتك بأكملها .. وأنا لن أجعل أبي يشعر هكذا أبداً ..
_ أتعتقدين ...؟! ... أتعتقدين بأنه سيسامحني لو ... متِ أنتِ ؟!
حدقت به بصدمة .. ذهبت أنفاسي بعيداً جداً .. مالذي يقوله , ألا تلاحظون بأنه يتفوه بأشياء غريبة هذه الايام !! .. كنت لا أرى سوى خياله الأسود و عينيه الرماديتين الباردتين...
ضاق جبيني و كذلك قلبي , بدا دانييل .. بدا ... لا أعرف ... لا .. فاقدا للثقة بنفسه ربما ...لا ...~
قلت وأنا استعيد أنفاسي بصعوبة : أخبره بأني .. أردت هذا.. حسنا... على كلٍ أظن بأني سأكتب له ورقة ما... لا... استطيع تخيل موقفه .. أرجوك .. لا تسألني بشيء كهذا مجدداً ..
انقلبت على جهتي مقابل الجدار و ظللت أحدق بالظلام طويلاً .. لا أدري أن غادر دانييل أم لا .. لكنه جعلني احزن حقاً .. لأجل والدي .. آه لا اتحمل رؤيته مصدوماً .. حزيناً ... أرجوك لا... هذا مريع كل شيء إلا حزن أبي وجيني ...!!
اغمضت عيني المحترقتين بقوة و دموعي الساخنة تسيل .. لقد تركني اتخيل موقف أبي وهو يراني جثة هامدة ..
استيقظت بصعوبة شديدة هذا الصباح و صداع مدوي برأسي .. كان أبي يجلس على طرف السرير يوقظني , نظرت نحوه بدوار ثم قلت بتعب : اهلا .. أبي...
_ هاي حبيبتي , هل أنتِ بخير ؟ , منذ ساعة وأنا أروح و أجي محاولا ايقاظك , آوه لما عينيك متورمتين هكذا...؟!
نظر نحوي بقلق , أنا لا أطيق قلقه فما بال حزنه .. تبا... هل عيوني متورمه بسبب بكاء أمس ><
و كل هذا بسبب سؤال دانييل الغبي...! لقد فتح لي مجالاً مرعباً للتفكير... ربما هذا دافع كي لا ألقي بنفسي للموت ~~
غسلت وجهي و تجهزت بلباس عادي ثم أخذت حقيبتي التي لم أفتحها منذ الأمس , كنت فقط كالبلهاء ادور هنا و هناك .. والدراسة ارسلت لها سلامي !!
رأيت بالردهة ليونارد و رافييل يتهامسان ثم حدقا بي بنظرات غريبة , قلت ببرود : و صباح الخير لكما أيضاً ..!
كشر رافييل و رد ليونارد بما بدا كابتسامة : اهلاً كلآرا , أنمتِ جيداً ؟!.
لكن رافييل رد عليه ببرود : أنظر لعينيها فقط و ستعرف .. كلآرا خائفة جداً ..
رددت بحده عليه وأنا أتقدم : أنا لست خائفة أتفهم ؟! , و توقف عن أغضابي و إلا سأقتلع عينيك هاتين .. أني أشعر بالغضب والحقد فقط .. سأجن اتفقنا !!.
كان يتراجع برأسه مذهولاً , بينما حدق بي ليونارد بدهشة أيضاً ..
ثم قلت ببرود وأنا اريد الرجوع نحو المطبخ : أرجوك أن تحمي والدي جيداً , وأشكرك كثيراً جداً ..
التفت بكل جسدي و فوجئت بـ دانييل يقف محدقاً بي عند المدخل ومن خلفه تيرآ وداليا .. قال دانييل بهدوء لي :
_ لا تفسدي مزاجك الآن كلآرا , ودعيني فقط احدث راف بنفسي..
مررت بهدوء من عندهم و لحقت بي تيرآ وهي تقول بنعومة هادئة : صباح الخير كلآرا , كيف تشعرين ؟!.
قلت بهدوء ارد عليها وأنا أسكب لنفسي بعض القهوة : آوه لا بأس , أحيانا أشعر بالجمود... لكني .. لست قلقة..
هزت تيرآ شعرها الأشقر وهي توافقني : بالطبع لا .. هذا واضح منذ أن التقينا بك عزيزتي , دانييل يظن بأنه يجب أن نبدأ الليلة , لقد اقنعنا بالأمس .. لكن لا تقسي على راف .. أنه يريد ارعابك فقط كي تكوني بأمان ..
رددت بهدوء وأنا احتسي القهوة : أنا بخير .. طالما دانييل معي سأكون بخير...
_ ضعي حقيبتك على كتفك الآن لقد تأخرنا..
التفتُ مفزوعة جداً نحوه , كان دانييل يقف عند باب المطبخ , شعرت بسقوط قلبي , منذ متى وهو هناك , أشعر بالحرج , هل سمعني ~~" !!!
ذهبت الى المدرسة المملة بشكل لا يصدق .. أكرهها , أريد أن نبدأ العمل الجاد لا أن ندرس الرياضيات والفيزياء ×× !
همس دانييل من خلفي وأنا جالسة مع ليون و تيرآ في فترة الاستراحة :
_ سنبدأ الليلة .. والدك يطلبه المدعو جورج فرانس لمراجعة بعض الملفات وقت العشاء و سيذهب مع الطفلة و تيرآ و داليا .. بينما ستبقين أنتِ متحججة بالمذاكرة , لكننا في الواقع سنذهب لمكان بعيد جدا عن المنزل .. و سنبدأ الخطة ..
أومأت بصمت , إذن والدي و جيني سيكونان بأمان بعيداً ..
_ أكل شيء بخير كلآرا ؟!.
سألني ليونارد بهدوء , فأومات .. بينما تنفست تيرآ بعمق و زفرت ولكنها لم تنطق , كان القلق واضحاً بعينيها ..
همس دانييل جائني مجدداً , لماذا يقف خلفي على أية حال لا يمكنني رؤية تعابيره ~~
_ الانبوب السيف سيكون معك .. ثقي بي فقط كلآرا ..
أومأت مجدداً ولم اقدر على تناول أي شيء , كان حلقي مقفلاً جداً ..و كنت فقط أريد رؤية ذلك الظل >< !!
عدت للمنزل و فاجئني دانييل قائلا : إلى النوم هيا...
حدقت به مندهشة بينما هو يحاول دفعي من ظهري : ماذا ؟!.. لكني...
_ لا أريد أن تكوني مرهقة , وعينيك لا تزالان منتفختين .. هيا نامي الآن .. اولاً حدثي والدك قليلا...
كشرت بوجهه أنه يحب التخطيط لكل شيء , دخلت الردهة , رأيت أبي فانطلقت اليه و عانقته !
قال ضاحكاً وهو يحيطني بذراعيه : هاي حبيبتي لقد عدتِ .. ما خطب هذا العناق المفاجئ ؟!.
_ لا شيء .. لم أحييك ليلاً , أحبك جداً أبي ..
_ لا عليك صغيرتي , وأنا أحبك كثيراً ..
عانقت جيني أيضا وعصرتها بشدة وأنا أهمس لها بشوق : أحبك... أحبك... أحبك... يا حلوتي الصغيرة الرائعة... اهتمي بأبي حبيبتي ..
تململت مني كثيراً وعندما وضعتها على الأرض وأخذت أراقبها وهي تلعب لدقائق .. ثم التفتت نحوي و لمست وجهي القريب منها
همست برقة : كلالا .. أحبك ... كلالا ..
توسعت عيني دهشة , أروع كلمات في التاريخ , قبلتها كثيراً , ثم أخذتها للنوم معي على سريري عندما جاء وقت قيلولتها .. فنمنا معاً ..
_ كلآرا ... عزيزتي... هيا انهضوا وإلا نمت بجانبكما أنا أيضاً..!!!
فتحت عيني وانا ابتسم بهدوء عندما رأيت أبي متكأ عندي على السرير , تبسم لي وقال بهدوء :
_ ها قد افاقت الاميرة الأولى .. بقي الأميرة الصغيرة .. هيا كعكتي .. هيا لنذهب لدينا موعد مهم...
حدثني أبي عن موعده مع فرانس و أنه سيعود بأقرب وقت .. جهزت داليا جيني , بينما أنا واقفة أحدق بهم فقط ..
قبلني والدي مودعاً , ثم غادروا ..
قبل أن أبدل ثيابي قبل قليل , امسكت بقطعة ورقة صغيرة و كتبت كلمات قليلة لأبي ,
"( أبي أنا أحبكم كثيراً , وأني فعلت هذا لأجلكم .. )" , لن أفكر أبدا بما ستكون ردة فعله ..!
التفتُ خلفي , و رأيت الشبان واقفين يحدقون بالسيارة المغادرة عيني ليونارد بلون أزرق فاتح لامع جداً و رافييل بلون الدم انقلبتا بسرعة , بينما عيني دانييل بلون الفضة القاتمة , ما خطب الجميع يرتدي بذلات سوداء لكن دانييل قميصه بلا أكمام و عضلات ذراعيه بارزة بينما يتدلى من حزامه الاسود سلسلة طويلة .. نظر نحوي و قال وهو يظهر الأنبوب الفضي الصغير من جيبه ..
_ هاك , اكتشفت بأني استطيع لمسه , عندما تضغطين عليه بقوة هكذا يظهر سيف غريب دقيق جداً...!
ركبنا السيارة السوداء كلنا معاً رافييل يقود و أنا في الخلف مع دانييل , ثم سرنا بسرعة شديدة الى مناطق بعيدة .. في ظلمة الليل ~
همس دانييل للشابين العابسين : احرسا ذلك المكان جيداً , الليلة سنصلح كل تلك الاخطاء الغبية .. ولن تتكرر ..
كشرت أنا أيضاً , لما لا يشجعهم بدل القاء الاوامر و اظهار الغضب ..
التفت نحوه و قلت بخفوت : أشعر بأني أكثر هدوئا منك ..
رد علي ببرود : أنا لا أريد أي خطأ صغير كي لا تزهق روحك بسرعة !.
توسعت عيني و قلت بحده خافتة : ماااذا ؟!.
رفع يده ببرود وقال : لا تصرخي مجدداً كي لا ينكسر الختم قبل آوانه !!.
عبست ثم التفتُ بعيدا أحدق بالخارج ... هذه الليلة ستكون طويلة جداً .. و... متعبة .. هل ستكون آخر ليلة لي ..
هل سيعود أبي للمنزل ولن يجدني بعدها أبداً .. ثم سيجلبون له جثتي ... هل سيسامح دآنييل أن علم بما حدث ..؟!
أظن بأنه سيصدق أن فعلت شيئا مماثلاً .. لكني , لا أريده مصدوماً حزيناً ..
توقفنا في باحة بين أشجار ضخمة مظلمة , و القمر هلال ضعيف بعيد وهناك غيوم خفيفة ..
تهامس ليونارد و رافييل بعيداً عني بشيء ما , بينما توقف دانييل بعيداً يتأمل المكان , ثم التفت نحونا ..
قال يحدث الفتية : يمكنكما الذهاب الآن , اقتلوهم أن تطلب الأمر ..
كان يبدو على رافييل عدم الرضى والغضب المكبوت , بينما نظر نحوي ليونارد و همس مشجعاً بعبوس
_ ابقي قوية كلآرا ..
أومأت و تبسمت له .. ثم غادرا في ظلمة المكان , نظر نحو دانييل , كان يمسك بالأنبوب الذي صنعه جدي .. قال لي ببرود
_ هذا سيقتله , سأستخدمه أولاً لقتل الجزء الذي بك , اتقفنا ..
_ حسنا ..
حدق بي قليلا بعيون رماديه عميقة ثم قال وهو يقترب مني خطوة : سأعيرك شيئا ما ..
اخرج القلادة من عنقه .. السلسلة الفضية الناعمة , و وضعها حول عنقي ..
_ هذه لمزيد من الحماية .. سلسلة سيد الظلام .
ثم فكر بينما اتحسس أنا السلسلة الباردة كالثلج حول عنقي , وآو سلسلة السيد معي ^^!
نظرت نحوه .. كان ينظر بعيداً , بعدها أغمض عينيه و قال وهو يمد يده إلى وجهي ..
_ انظري , سأمنحك شيئا من قوتي .. اهدئي اتفقنا . لا تفزعي...
توسعت عيني , واه حقاً... شكرا دانييل .. لكن ما يقصد بـ لا تفـ....!
ارتجفت بقوة و يده على جبيني وكأن كهرباءً باردة صعقني من رأسي أغمضت عيني بقوة , و شعرت بشيء غريب يحيطني كلياً كالماء البارد الثقيل ..
نزلت يده ليمسك بذقني بلطف .. ثم شعرت بالنعاس فجأة لكن ...
فتحت عيني و وجدت نفسي جالسة فجأة على الارض و قلبي يرسل نبضات سريعة و حرارة و برودة تتمازج بي... آه أشعر بالدوار .. ولا اقدر على النهوض...
اتى من خلف السيارة بدا وجهه غريباً , طرف بعينيه الذهبيتين كثيراً وسألني بخفوت وكأنه مذنب : أأنت بخير ؟!.
مالذي حدث !.
رفعت رأسي إليه و اتكأت على السيارة كي اقف قلت بضيق : بخير , هل آ ... اعطيتني بعض القوة ..؟
أومأ ثم سحب االانبوب و ضغطه ليظهر السيف الرقيق جداً لامع في العتمة ..
قال بهدوء : أشيري لمكان طعنة الوحش , اتذكرينها ؟!.
قلت و قلبي لا يكف عن الخفقان بقوة : بالطبع . هـ.. هنا ..
_ سأطعن هذا المكان وامسك به , تذكري كلارآ هذا لا يؤلمك أنت بل الوحش , وهو سيحاول أيلامك .. السف لن يؤذيك ..
آه سيخرج الجزء و يقتله بسيف جدي .. حسنا .. تشجعي كلارآ , يجب .. أن ...
حدقت بعينيه الغريبتين , لما انقلبتا ذهبيتين فجأة ... هذا يعني بأن مشاعرة ثائرة رغم هدوءه ..!
قلت بهدوء : و.. أنت كذلك .. اهدأ ..
منحني ابتسامة غريبة , ثم بحركة لم أراها .. اخترق شيئا ما معدتي ..!!
و ارتفع ألم حاد و سمعت صوت صراخ أكثر حده يفجر أذناي ... صوت مزجع و ألم رهيب شيئا ما يصرخ بداخلي ..!!
شعرت بعظامي تسحق مجدداً .. لم أقاوم صرخت أنا أيضاً : آآآآآآآآآآآآآه !!
تمالكت نفسي و امسكت بالسيف الغارز بوسطي .. الالم ينبعث من هنا .. و الصراخ يفجر رأسي .. سحقاً...
_ .. تماسكي كلآرااااا !!..
ثم فجأة صرخ الصوت برأسي ... ( لن أموت هكذا... سأسحبك معي... لا احد يقدر على قتلي ....! )
صرخت متألمة بشدة وأنا أتلوى : دآنييل .. أخرجه !!!
_ اللعين أنه يؤذيك.. تماسكِ .. قليلاً... أني قابض عليه..
نزع دآنييل السيف و سقطت أرضاً بقوة أشعر بأني أنزف من وسطي .. لكن لم يكن هنالك دماء !!!
كل هذا الألم ولا .. شيء... دار رأسي بقوة لكن تماسكت , و نظرت إلا بـ دآنييل يقف موجها السيف بوجه ظل طويل يتلوى على الأرض و كأنه أفعى سوداء غليظة ...
نهضت بسرعة و اخذت السيف منه قائلة :
_ دعه لي....!
_ احذري... أنه...
لكني ركضت نحو الظل الاسود و رفعت السيف كي اقتله , غير انه التف بسرعة حول ساقي و اسقطني ..
فأخذت اقاومه بشدة و السيف بين يدي كيف يمكنني قتاله وهو يتلف حولي...
_ كلارا .. اضربيه .. اطعنيه فقط....!
ركلته بقدمي فابتعد عني قليلاً ثم اسرعت و غرزت السيف به .. أخذ يصدر صياحاً قوياً افزعني...
ثم ضربته مجدداً و كل مرة اغزر السيف يظهر مكان الطعنة ضياء غريب ينتشر حتى اخذ لونه الاسود يتغير إلى رماد... يتفتت... ثم ضربته بقوة في منتصفه ..
طار عالياً من شدة الضرب ثم سقط ... رماده !!.
و قبل أن استوعب الاحداث السريعة .. سمعت صراخ مدوي آخر برأسي ... ثم صوت وكأنه زجاج يتخدش !!!
بعدها ألم رهيب بساقي !!!... وكأن سيخ حديدي محمر من النار غرس بساقي التي كانت مصابة قبلاً...!!
سقطت ارضا امسك بها بألم و الصراخ بعقلي يزداد ... ( ستموتين ... سأقتلك أنا...! )
صرخت بقوة _ أخررررس .. هيا اخرج و تجرأ لمواجهتي...
_ سأكسر الختم الآن قبل أن يحطمه صراخك .. هل تسمعينه ؟!
ركع دانييل قربي يلمس كتفي , تأوهت و الالم ينحصر بشكل مفاجئ خفيف .. قلت لاهثة : أنه غاضب...!
_ سيندم قريباً .. هل تتألمين بشدة...!
_ لقد خف الان ..
اعاد لي السيف و قال بضيق : سأحطم الختم .. استعدي .. اتفقنا ..
تنفست بصعوبة و كأني أرى الاجواء تتقلب لأدكن و أظلم .. راودني شعور سيء...
همست بتوتر : أشعر بأنه .. معي دوماً .. ماذا لو سحبني لعالم الظلام مجدداً...
نظر نحوي بعيون ذهبية هادئة : لهذا تملكين سلسلتي .. لكن لن يفعل , راف و ليون هناك .. ما أن يخرج , سوف يندم .. الآن سأخرج سلاحي لأكسر ختم السيد ..
_ ألن ينفع السيف...؟!
_ أحتاج لشيء أقوى .. لا ترتعبي اتفقنا...!
لا أدري كيف , لكنه صفق بيديه و ظهر ضوء خافت أحمر ثم انحصر... لأراه يمسك بيده اليسرى , منجل !!!
منجل ضخم غريب و كبير و أسود يلمع بلا مصدر للضوء ..
.. أخافني جداً هذه المرة .. لا تقل لي بأنك ستضربني بهذا !!
كان ينظر نحوي بجدية مرعبة و عيون فضية لامعة ... ها هو الموت قادم إلي !!!