السابع عشر + الثامن عشر بعنوان الزيارة الأخيرة السابع عشر
كنت أعرف بأننا نقف معاً عند السيارة و بدا أن هنالك شيء ما شديد الأهمية على وشك الحدوث , حدقت بعينيه قليلا , الذهبيتين الغائمتين لا افهمهما .. سألت بتردد : و... ماذا الان ؟!.
_ ننتظر .. فقط.. انظري نحوي واهدئي اتفقنا , ساعطيك حماية من قوتي .
لماذا يعطيني الحماية ؟! و لما نحن هنا , بدا دآنييل غامضا و اقرب للتردد على الاقتراب , لكنه فعل واقترب مني خطوتين , لكن ألم ننتهي من المعركة ! , بانتصارنا , اعني بعد استماتة .. لكننا فعلناها...
لماذا عدنا لهذا المكان ؟!. أريد الذهاب للمنزل !.
ردد صوت في داخل عقلي , أنها ذكرى ...!
ذكرى..؟! ذكرى ماذا بالضبط ؟! , آها قبل أن نبدأ بتلك الأمور الرهيبة التي بدأت وبصعوبة انتهت .. لكن .. لماذا هذه بالضبط ؟!.
أيمكن أنني سأرى كيف منحني دآنييل , قوته !. يجب أن تكون هناك طريقه لاستعادتها ! , أنني أحلم عنه ! وفي هذا الموقع , لاشك بأن خطبا ما سيحدث .. عقلي يريد أن يريني شيئا شديد الاهمية هذا مؤكد !.
_ ثقي بي.. .
صوته هادئ و غريب , هل حقاً قال هذه الكلمات قبلاً , لا أذكر , أم أن عقلي الغريب يتلاعب بي ؟!.
وقفت هادئة جداً انظر إليه وانتظر , توقف أمامي تماماً و مد يده بخفه ليضعها على رأسي , يفترض أن اشعر بكهرباء خفيفة تمر بي ولكن لا شيء , أنما حدث أن ... احنى دآنييل رأسه قليلاً ليقابل وجهي !.
رأيت رموش عينيه تنخفضان على الذهب الذي يلمع بهما ثم بلفحة باردة تضرب وجهي و كأنني اشهق , لا أصدق ما فعله !!!
شعرت بشفتيه الباردتين الناعمتين جداً كجليد جاف بارد تمس شفتي !!!.
لكن قلبي كاد أن ينفجر و كل شيء آراه أمامي حقيقي , احسست بخصلات من شعره الناعم الأسود على وجهي !! و ضياء فضي خافت يحيطنا لم اقدر على اطباق عيني !! ولا حتى أن اتحرك ..أنا ... أشعر .. بدفء ما في أعماق صدري !... لكن...
شهقت مصعوقة و قفزت منتفضه ألوح بيدي أمام وجهي و كأنني أدفع شبحاً ما !!.
سمعت صوت ينادي قربي و يد تمسك بكتفي !, التفت مذعورة ... ما هذا أنا في غرفتي , بفراشي الذي على الأرض قرب سرير والدي .. و تيرآ جالسة بجانبي و داليا واقفة أمامي و كلاهما تحدقان بي..
_ مالأمر كلآرا !, أهو كابوس...؟!
سألتني تيرآ بتوتر , عدت للتنفس جيداً ... هذا ليس كابوساً , أنما أسوأ .. !! أهو حقيقة ؟!.. أم أن... لكن لما رأيت هذا...!! لا اتذكر ما حدث حقا بتلك الدقائق القصيرة جداً... أهذه ذكرى حقيقية أم وهم....!
الويل له لو كانت حقيقة !!! هل فعل ذلك اللعين ذلك بي ! أفقدني وعيي , ثم... ثم....
همست داليا بتعجب : وجهك محمر و ضربات قلبك قوية جداً , أأنت بخير ؟!.
جيد , الفتيات هنا فقط ... تنفست بعمق و استعدت صوتي لأسألهن بصوت خافت : أ.. أين الشبان ؟!
_ آممم أنهم في دورة بسيطة حول المكان , أخبرينا كلآرا ما بك ؟!.
اجابتني تيرآ , ثم سألتني بريبة و ترقب , اخذت نفسا عميقاً آخر , ثم همست : آآه ألا تعرفون , كـ.. كيف يمكن لـ.. دآ.. دآنييل أن... أن يمنح... قوته .. أعني بشكل كـ... آ... أن يضع يده و هكذا...!
تبا صوتي يرتجف بوضوح , مسحت تيرآ على ذراعي تهدأني , و اجابت داليا وهي تهمهم مفكرة :
_ حسنا... يجب أن يكون شديد التركيز , أعني هو فعل شيئا جديداً جداً .. لا نعرف أن فعل أحد قبله مثل هذا الأمر , يمنح نصف قوته لشخص آخر.. يحتاج هذا ثقة قوية للغاية و رضى ..
زاغت عيناي وانا اشهق : مالذي تعنينه , رضى !!.
سألتني تيرآ بعيون ضيقة : أنت رأيتي ما حدث ؟!. لقد افقدك الذاكرة , لكن لا شك بأنك شاهدتِ شيئا ما كحلم !.
احسست بقلبي يصعد متضخماً في عنقي و لم اعد اقدر على التنفس , ضممت نفسي و اخذ امسح على ذراعي و كأنني مريض نفسي تعرض لصدمة عنيفة ! , لكن ذلك كان.. صدمة أيضاً , كيف جرؤ ...!!
صوت تيرآ القلق ظهر مجدداً : لا تقولي لي بأنه ... طعنك بمنجله !.
_ يا ألهي...!
شهقت داليا أيضاً , لكني قاطعتهما بسرعة و ارتباك : لا !... لا لم يفعل ...!
حسنا ليس بتلك اللحظات !... , أكملت بقلق و أنا أنظر نحوهن بتبادل : آآيه لا أعرف حقاً , ربما هذا اختراع من عقلي...!
ظللن يحدقن بي ... فتنهدت قائلة : أرجوكم , مؤكد بأن هنالك طريقة ما لأعادة قوته إليه..
_ اخبرينا كيف أمدك بها وسنبذل جهدنا لأيجاد الحل !. ربما يمكننا عكس الطريقة أو شيء ما ...
أومأ داليا وهي تقول هذا بثقة و تجلس على الأريكة التي أمامي...
هاها هذا مضحك ! بالطبع لن اخبر أحداً... فقط لو اضع يدي على ذلك ال....!! ألم يجد سوى هذه الطريقة !! ياله من... من وقح بغيض ! , و أنا الحمقاء لم أفعل شيئا .. مهلا لقد فقت وعيي ~.~" لماذا أفقد وعيي عند الأمور المهمة ! و عندما اتعذب و ألاحق من قبل الوحوش أكون بكامل وعيي و ادراكي و رعبي ! كم هذا لعين !!!
رفعت عيني لأجد الفتياتين تتبادلان الابتسامات الغريبة السرية , شعرت بالدماء تسحب من وجهي بسرعة ! ذلك ليس خطأي..!!
كانت داليا تكافح لاخفاء ابتسامتها وهي تغمز لي : حسنا ! ليس عليك نطق هذا !. لكن تيرآ رأت حلمك عندما لمستك..
التفت نحوها بسرعة و أنا ابعد يدها عني , فضحكت وهي تقول بهمس خافت : آسفة عزيزتي , ظننته أمر خطير ! , لكن , ظهر بالفعل أمر مهم..
قلت بقلق : آآه هل كان عليه فعل هذا ؟!.
أجابت داليا بهدوء : ربما كانت تلك الطريقة الوحيدة , لا نعرف.. لكنه وحده يعلم كيف يسترد قدرته كلآرا.. ويبد بأنه لا يريد هذا.
تأوهت باحباط و أنا اعود لوسادتي , طمئنتني تيرآ بمرح : لا تقلقي هذا سرنا نحن الفتيات فقط..
لكن داليا علقت بضحكة رقيقة : لم اعتقد بأن لعوب بهذا الشكل , عليك به كلآرا , أنت ليست فتاة عادية و عليه أن يتوقف عن العبث معك , ربما يمكنه ايجاد طريقة آخرى لمنح بعض القوة.. كأن يضعها بشيء ما و يعطيك أياه..
بقيت صامتة , و همست تيرآ بهدوء : بالفعل , مثلما وضع قوة بالسلسلة و ذلك الأنبوب.
ضاق جبيني و أنا اتذكر الانبوب ! , السيف الفضي الصغير الذي ساعدني بشدة في المعركة ! أين يكون ؟!, لقد تركته هناك بلا شك .. لقد نسيته آآه يالا حظي ..!
لا أدري كيف عدت للنوم مجدداً , نوم بلا أي أحلام أو ذكريات , لكني افقت كالعادة على صفعات جيني المؤلمة و صراخها بأذني !
_ تاااتـــــــااااا ؟!
فتحت عيني بثقل لأجدها بجنبي و من خلفها ساقي تيرآ الواقفة , والتي همست بذنب : كانت تريدك بشدة.. لقد كادت تبكي..!
حوطت جيني بذراعي لأضمها لصدري وأنا لازلت مستلقيه فأخذت اقبلها صغيرتي الحلوة , لكنها تذمرت مني و نهضت بعيدا عني لتحبو ناحية سرير والدي , جلست اعدل من شعري المنفوش وأنا أراقبها , استندت على السرير ثم مشت خطوات صغيرة بسيطة لتصل الى وجهه
_ ببابا... بابا .. بابا ؟!.
اعتصر قلبي ألما و أنا أراها تناجيه متعجبه من نومه الطويل , شعرت بالحرقة في كياني كاملاً , فنهضت نحوها و ضممتها بقوة لأهمس لها : يا حبيبتي بابا سيفيق قريباً , اهدئي.. تاتا مستيقظة الان.. هيا لننزل كي نأكل همم...
حاولت حملها لكني صدمت من مقاومتها لي !, صرخت فجأة تبعدني عنها , ثم عادت متعثرة لتقف تتلمس وجهي والدي الساكن , صعدت الدموع سريعا لعيني وأنا أراها تناجي بصوت حزين باكي...
نظرت بقلق نحو تيرآ التي بدت متأثرة هي أيضاً و همست لي : هي تفتقده بشدة...
شهقت رغما عني أكتم دموعي و قلت بصوت مختفي : آآه , سيعود الليلة صحيح ؟!
تردد تيرآ أرعبني بشدة , رغم اجابتها الهادئة : نعم مؤكد , وإلا سيأتي سيد الظلام بنفسه مجدداً..
دآنييل سيتأخر كثيراً أنا واثقة , فهو ليس بقوته الكاملة , وهو لا يبدو أصلا بحال جيدة , سيد الظلام ذاك قاسي .. وأنا لا اقدر على الجلوس هكذا و الانتظار , شيء ما يخبرني بضرورة القيام بفعل ما..
بعد الافطار , هدأت جيني كثيراً وهي تلعب بكل تلك الالعاب التي جلبتها الفتيات لأجلها فقط , كانت الردهة مليئة بألعابها و الجميع يشجعها للمشي , لكن رافييل خارجاً , و رأيت ليون قليلا فقط ثم خرج هو أيضاً..
والصغيرة سعدت جدا بكل هذه الاشياء الجميلة البراقة , عندما كنت صغيرة لم تكن لدي سوى دمية منفوشة الشعر بعين واحدة!! ,أما الثانية لا تسألوا مالذي حدث لها ××"
حلت فترة الظهيرة بعد انتظار طويل وكأن اليوم لا ينتهي.. غلبني نعاس غريب , و كان ذلك أيضا موعد نوم جيني , اهتمت بها الفتيات , بينما صعدت أنا للأعلى كي أرى والدي , آوه عندما اتذكر ما حدث في الصباح , يا حبيبتي يا جيني أنا أيضا اشتقت له و لصوته و لعناقه الدافئ..
فتحت غرفة أبي بهدوء , لكني فزعت لرؤية رآفييل جالس على الكرسي أمام السرير ..وكأنه يحرس أبي !.
سألت بهمس بينما هو يلتفت نحوي ببطء : مالذي تفعله هنا ؟!.
_ احرس السيد موند بالطبع , أتريديني النوم ؟!.
سؤاله غريب و بدا أيضا بمزاج هادئ مريب ؟!. هممم سألت مجددا : اشعر بالنعاس لكني لا أريد النوم..
رفع حاجبيه هامساً :.. حسنا .. جيد , هنالك رسالة لك من دآنييل...!
زاغت عيناي أحدق به ! , اسم ذلك المعتوة يوتر كل احشائي !!.ماذا الآن ؟!
_ أنه يقول بأنه حاول أن يمدك بأكبر قدر من المساعدة , لكن هناك حدود.. وهو آسف..!
ظللت مسمرة بمكاني .. همست بلا شعور : آ... لقد.. قابلته ؟!. متى ؟!. وما هو حاله ؟!.
كذلك عيني رآفييل الحمراوين القاتمتين بقيتا ثابتتين في عيني , تكلم بهدوء ولا شيء يتحرك منه سوى شفتيه :
_ نعم , بالنسبة لوقتكم هنا.. كان هذا فجراً , حاله.. هممم..
_ مـ..ماذا ؟!
لا اعرف صدقوني لكن انتابني شعور رهيب بالقلق عليه !, أنه سافل أحمق.. لكن.. فعل الكثير.. لأجلي , لأجلنا...
_ حسنا , لا يبدو بحال ممتازة , و.. مع الاسف أظنه سيتأخر كثيراً , لكن لا داعي للقلق , سيد الظلام سيأتي لعلاج والدك..
و دآنييل !! , ماذا سيحل به ! هناك ما يعيقه و يؤخره !! أسيبقى هناك...؟! أم سيعود ؟!. هل سيرجع إلى هنا.. أم سيغادر لمكان آخر...؟! و قوته .. قدراته التي تتلاشي معي.. لا استطيع الاحتفاظ بها ولا حتى فعل أي شيء !.
سألت وأنا أحاول ترتيب أفكاري التي ينبض بها التوتر و القلق : مالذي , كنت تفعله .. عنده...؟!
ماطلني بسخريته الباردة وهو يزم شفتيه الحمراوين : نلعب الشيطرنج , و نتسكع حولنا..!
زفرت بوجهه : أتمنى لو للحظة أن نتبادل أحاديث جدية محترمة , رآفييل ؟!.
أومأ وهو يرد : لكن لا استطيع ! , لو ترين نفسك .. تبدين مريعة بالنسبة للبشر حتى نحن لاحظنا هذا !.. جدية , سوداوية , متشككة ! , لا أعرف لكن لدي سؤال هل حاولت قتل نفسك من قبل كي تتخلصي من هذه الحياة ؟!. أعني كما تسمونه .. انتحار..!
حدقت به بصدمة : هل أنت مجنون !!, أنا لست كذلك أولاً , ثانيا من يفكر بالانتحار! , لدي عائلتي...
قاطعني ببرود جدي : و أن لم يكن لديك عائلة , هم فقط السبب الوحيد لتحملك و بقائك على قيد الحياة ؟!.
شعرت بصدمة كهربائية , سؤاله... يخيفني... لو كنت وحيده بلا عائلة , لا اعتقد بأن هذه ستكون شخصيتي.. وهل صحيح ما قاله عني.. لا أنا لست كذلك .!! قد أكون متشككة قليلا.. فقط...~.~" قلت لكم أكره الكلام مع رآفييل هذا...><!
توازنت و تمالكت نفسي وأنا أقول : حسنا.. لا يمكننا أن نقارن انفسنا بالآخرين بعد كل ما حدث معنا.. بعدما نسترد الحياة الطبيعية سيتحسن كل شيء..
أومأ بهدوء : أوافقك على هذا...
حدقت به مصدومة مجدداً , هو يوافقني على شيء !!, أنا و رآفييل نتفق هذا ... مريب , أبه شيء ما ؟!. >.>؟؟! حمى مصاصي الدماء ربما.. أن كانوا يصابون بالحمى..! يجب أن استدعي داليا و تيرآ ليرياه...!
_ تعابيرك غريبة , لكن هذا مقبول من كلآرا ذات الصدمات المتأخرة والغباء الغريب..
ضاق جبيني ورددت بحده خافته : هل عدت لسيرتك ؟! , أن اتى سيد الظلام سأذكرك له...
اختفت لمعة التسلية في عينيه و همس بجدية : سيد الظلام يعرف تماما ما أفعله !.
_ أنه لا يعرف مالذي تقوله لي ...!
وابتسمت بمكر , وهو يعبس بوجهي بشدة حتى أنني رأيت طرف انيابه... فشعرت بالقلق... ثم تذكرت لأقول بريبة :
_ مالذي كنت تفعله عند دآنييل ؟!.
_ لا شأن لك..
_ أنت قلت بأنه ليس صديقاً لك..
_ و لا شأن لك بهذا أيضاً...!
آآخ من هذا المعتوة ! كيف تتحمله دآليا ! , لا شك بأن لديها مقدرة ما.. عدت للهدوء و الجدية لأسأله ربما يعرف حيلة ما :
_ هل تعرف كيف أعيد قوى دآنييل إليه ..؟!
_ عندما يعود .. أسأليه هو.. هذا أن بقي منها شيء و إذا هو عاد إلى هنا ,عندما يفشل هو لن يعود.. سيمضى الوقت سريعا و سيد الظلام لا يحب التأخير ...!
عاد شعوري بالقلق , والارتباك بنفس الوقت , عندما تذكرت الحلم و الهالة الخفيفة كالرذاذ الفضي المتطاير..
فقلت مجدداً بتوتر : حسنا... و ..لا حتى أي حيلة لمنح القوى أو استردادها...!
_ لا.. اسأليه هو..
رد بضجر .. ولكن..
أنا واثقة بأن هنالك طريقة ما... يجب أن تكون هناك طريقة سريعة.. وكان على ذلك المعتوة أن يتحدث معي.. أو يقول أي شيء آووه الأمور حتى الآن لا تمشي على مسارها الصحيح !
ماذا لو.. لو... ذهبت أنا إليه , كما يدعون أنه سيتأخر كثيراً و لا تبدو حالته جيدة...
ولا أحد منهم يمد يد المساعدة , لكن السيد دآركنس لم يقل لي أي شيء.. لذا لا بأس علي...
.. هم لن يجعلونني أذهب إلى هناك مجدداً , ذلك المكان الأسود البارد القاسي.. الذي بلا ملامح حتى.. دآنييل نصف بشري و بنصف قوته.. لن يتركوه ينهار ثم يأتون في آخر اللحظات , هذا لا يجدي... وأنا لن اسمح بحدوثه..
جلست على طرف سرير والدي أنظر لوجهه الساكن و أمسك بيده الباردة , قبلتها و اغمضت عيني , والدي الحبيب سيعود كل شيء الى طبيعته قريباً و سنكون جميعا بخير..
شعرت بـ رآفييل يغادر الغرفة , فبقيت وحدي مع افكاري , عندما يحل الليل , وهو لم يعد... فهو لن يعود.. و سيأتي السيد دآركنس فقط .. و دآنييل... لن... نراه مجدداً...
هل هذا يعني بأنه فشل في مهمته أو عقابه مهما يكن.. بعدها .. لا يدري أحد مالذي سيحدث.. إن لم يستطع أحد مساعدته , أنا سأفعل , لكن.. كيف...؟!
تنهدت و أنا أغمض عيني بقوة , ثم فتحتهما لأنظر ليدي الممسكة بيد والدي... و ظللت أحدق دقائق بطيئة بـ الجرس المعلق بخيط رقيق من الصوف.. ضيقت عيني , الجرس الغريب الصغير جداً... ظهر أنه شيء لا يستهان به..
توسعت عيني و عقلي يلتقط فكرة خاطفة مرت به كالبرق !
سحبت السوار من يد الدي بهدوء , هذا الشيء يستطيع أن يدخل الى عالم الظلام عندما.. حسنا سأجرح نفسي و سأرغب بالدخول إلى هناك بشدة.. تحديداً عند دآنييل..
مهلاً... لكنه ليس قريبا لنا كي أجده... تنفست بعمق و أنا أقف باتزان و السوار في معصمي .. سأحاول , لم لا...!
مهلاً مجدداً .. يجب أن استعد قليلاً .. اخذت كنزتي الصوفية التي قد رميتها بوقت سابق على الاريكة , و لبستها فوق ملابسي , ثم سحبت معطفي أيضاً و ارتديته من فوقها , هذا جيد.. قد يحميانني من البرودة قليلا..
اخرجت شفرة صغيرة من الدرج , وتشجعت لأجرح نفسي جرحا صغيراً.. آآخ هذا مؤلم حقاً...!!
بسرعة قبل أن يأتون و رائحة دمي ستنبههم , مسحت بدمي على الجرس, همست بتركيز شديد , أريد الذهاب حيث دآنييل.. ركزت عيني على الجرس الملطخ بنقطة الدم الصغيرة , ثم صدر رنين طفيف مفاجئ بلا أدنى حركة مني... رن مرتين , ثم...
شهقت رغما عني و شيء ما يفتح تحتي كالدوامة لأسقط بسرعة خاطفة , رأيت أمامي الفتحة البيضاء تغلق و.. يحل الظلام الحالك جدا ليضرب عيني و البرودة القارصة تعود لتقتحم جسدي ...مجدداَ...!
صرخت وأنا لا أزال اقع !, لكن والدي ذكر شيئا ما عن ممر ...~,~!!! يا ألهي , دائما حظي مختلف بشكل سيء...!!
ارتطمت بأرضٍ صلبة وبقيت ساكنة بمكاني اتنفس بصعوبة و ارهف سمعي بما أن عيني فزعتا من عودة الظلمة , لاشك بأني سأصاب بالعمى نهاية المطاف !.. و حرارة جسدي ستتغير أيضاً ولن تعود لطبيعتها..
آهئ.. لماذا فعلت هذا...! فليذهب ذلك الاحمق بعيداً لا اكترث ..! لماذا أنا حمقاء بهذا الشكل... هل كان علي فعل هذا.. آآآه لا أريد مساعدته , لا اقدر عليها أصلاً ... أريد العودة , فليعيدني أحد , لقد ندمت بسرعة على فعل هذه البلاهة...~~"
أبي سيكون بخير , ودآنييل سيكون بخير أيضا , لكن الوحيد الذي لن يكون كذلك هو أنا بسبب غبائي... آآه ياربي.. أريد الخروج من هذا الظلام و البرد و الخوف...
_ ما هذا الكائن ؟!
_ أنه ملتصق بالأرض !. هل رأيته من قبل ؟!
_ لا أعرف , أين رأسه من قدميه؟!.
ما هذه الأصوات؟؟!! , صوتين مبحوحين مخيفين قليلا لكن.. رفعت جسدي قليلا و بانت ملامح المكان من حولي..
أرض مسطحة سوداء واسعة و هنالك مابدا.. هضاب أو مرتفعات ما لست متأكدة !.. كان علي جلب مصباح ما !!
ولكن الذي افزعني بشدة رؤية شخصين !!, يبدوان كالبشر تماما , رجلين شاحبي البشرة بشدة و عيونهما حمراء مضيئة مخيفة و انيابهما بارز قليلا وهما يقفان على بعد ثلاثة امتار تقريبا مني بملابسهما القاتمة .. يحدقان بي..
تحدث أحدهما ببرود لرفيقه : هاقد تبين.. ذلك هو الرأس..!
من يكونان !! مصاصي دماء......!! مثل ليون و رآف...؟!
ضاقت عيون الآخر قائلا : مهلا.. انظر جيداً , هذه بشرية !!
_ لا ! ... مستحيل أن يدخل بشري إلى هنا...
لا أعرف و لم أحبذ أن اتكلم معهما لا يبدوان لي خيرين.. يجب أن ابتعد.. كان علي أن أجد دآنييل سريعاً...لكني وقعت هنا !!
_ لا يا رفيقي.. أنها تلك البشرية التي من أجلها سير سيد الظلام جيشاً من جيوشه..!!
صعقت برعب , مالذي يقوله.. كانا ينظران نحوي بعيون مشتعلة و وتكشير شديد مخيف .. هذا.. لا يبشر بخير...!
لم أطرف بعيني حتى فجأة اصبح أحدهما أمام وجهي مباشرة , رغم طوله فقد انحنى لرؤية عيناي و وجهه و نظرته المرعبة تجمد جسدي.. هل سيؤذوني.....؟!
بعدما تأمل قليلا رفع رأسه و حدث رفيقه الذي تقدم ببطء : بلى أنها هي , لقد تلقينا تحذيراً بشأنها.. يعني لا نستطيع قتلها مع الأسف.. كل هذه الدماء الساخنة..!
نظر نحوي الآخر بنرة مسمومة وهو يهمس : أنا أشعر بقوى غريبة تتموج حولها.. لو قتلناها ستكون جائزة رهيبة !
حاولت القفز بعيدا او الهرب لكن لا جدى... ظللت أحد بهما بجزع..
_ .. معك حق , لكن سنتجاهلها و نستدير.. بالكاد تخلصنا من تلك المشاكل , كي يظهر لنا شيء مغري و لذيذ كهذه..!
_ حسنا , لنعود للمدينة.. قبل أن يرانا أحد الحراس مع هذا الشيء..!
استدارا على عقبيهما و سارا مبتعدين نحو الهضاب , بعد ثوان فقط وقعت على ركبتي اشهق بتعب , مالذي فعلاه لي ! , لكن حقا كيـ...
_ أنت جالسة تستريحين هنا في ساحة الموت هذه ؟!
التفت مذعورة نحو هذا الصوت الذي اعرفه , مر زمن... كالدهور... حتى أقابل هاتين العينين الرماديتين ذات الخطوط الذهبية المنطفئة.. واقف خلفي بهدوء بلباسه الأسود الكلي بلا كمين.. لم يبدل شيئا... غير أن هناك خطوط العبوس والتقطيب في وجهه بدأت بالظهور..!
مد يده ليرفعني من خصري بحركة خفيفة , شهقت محاولة أن أتنفس هذا الهواء الثقيل الغريب المسموم , لا أدري ما أقول..
_ أنت مجنونة تماماً كلآرا..
_ دآ.. دآنييـل..
_ كنت أراقب ما يحدث , كدت أقتلهما .. لكن حكيم ما فعلاه بتركك وشأنك !
تنفست بصعوبة : لقد كنت أبحـ...
رفع حاجبيه مقاطعاً : لا استطيع أن اعيدك يا حمقاء.. ابقي هنا ريثما أرسل رسالة لـ ليون كـ...
_ لا , اسمع .. جئت لـ.. لـ.. آ.. للمساعدة , و.. لـ.. لأعيد قوتك إليك..
لم ينظر نحوي كان فقط يحدق من فوق رأسي , حيث لا شيء.. همهم : لست بحاجة للمساعدة..
اخفض بصره قليلا لينظر في عيني مكملاً بهمس بارد : .. لو مازحتني بهذا مجدداً سأقتلك , وعندها ستعود قوتي إلي , ولن أبالي بالعواقب..
ضيقت جبيني , هه أنا أعرفك , حتى لو كنت بأسوأ حالاتك..
_ لكني لن اسمح بقتلي قبل أن اقتص منك ! , و الآن أين الحجر الأزرق مهما كان اسمه لنأخذه لوالدي...؟!
هز كتفيه ببرود ثم التفت يمشي بعيدا وهو يردد : افعلي ما تشائين , ألحقت بي أم بقيت عندك لن اهتم لوجودك..
لكن ركضت خلفه قائلا بحده : اجلب ذلك الشيء...!
رفع ذراعه عاليا فجأة يشير لشق أسود عميق أمامنا يظهر ببطء من بين ضباب رمادي
_ أنه فوق سفح ما خلف هذا الشق الكبير.. مليء بالوحوش الهمجية التي لا تعقل.. سوف تقتلك ببساطة.. و أنا سأقول بأني لم أرك و أنه ليس من شأني ما حدث لك..
قلت ببرودة تنافسه و أنا أخطوة بجانبة : لا يهم , لدي نصف قوتك .. سأكون بخير..
يا له من لعين وقح حقير تافه بغيض ! , لا يبالي بي..! هل جن ؟!.. رغم ما يبدو عليه من الشحوب الغريب و الانهاك لكنه لم يفقد حسه المتجمد الساخر الغبي الاحمق , كم امقته... عندما ننتهي من هذا , سأخنقه حتى يكاد يموت..>< !
وصلنا عند حافة الجرف المخيف الذي تصدر من اصوات وحوش مرعبة جعلت ساقي تنهاران ارتجافاً , لم اقترب من الشق و بدأت تأتين نوبات الرعب خاصتي ~.~" .. كيف يفكر بأن يعبر هذا.. أفضل أن أناقش رآف على صحبة دآنييل..!!!
وقف هو على الحافة ببرود و انحنى ليلقي نظرة أيضاً.. كدت اصرخ به , لو ينزلق و يسقط من سينقذنا...؟!
رجع خطوة وهو يضع يده على رأسه و ينظر نحو الطرف الآخر البعيد الغير واضح بسبب الضباب.. قلت بصوت يرتجف :
_ لا تفكر بأن تقفز..
_ افكر بأن أنزل و اصعد مجددا للجهة الآخرى , لكنه شق عميق بداخله شق آخر و ثالث.. لذا سأتأخر كثيراً..
قلت بتوتر و أنا أحاول جاهدة أن أبعد ذكرى الحلم عن عقلي : لو تستعيد قواك مني , لربما سهل عليك الكثير..
ضاقت عينيه و شعرت بألم في صدري , هل هذا حقيقي , هل يتذكر هو أيضاً... تبا لـ...
_ هل أتيت قلقاً على والدك أم لمنحي قواي التي لن تعود...؟! أم لسبب آخر..؟!
مرحى عاد لهدوئه , لكن سؤاله... أجبت ببطء : لكلا السببين.. اعتقد..
زفر ببرود : من يجلب لي أحداً أحمق من هذه الفتاة سأعطيه ما يشاء !!
_هييييييييه >.<؟!!!
مشى عن حافة الجرف خطوات بسيطة ثم قال لي بنبرة جدية : اريدك ان تلتصقي بتلك الصخرة جيداً و كأنها حياتك! سأنادي أحد الوحوش لقتله وأخذ جناحيه..!
هتفت بنبرة جزعة : ماذا ستفعل ؟!!
_ سأمسك به أنا وهو لن يلتفت نحوك.. فقط انبطحي أرضاً و تمسكِ بتلك الصخرة هناك.. هيا كلآرا...!
رغم غرابة ما يطلبه , لكني اعتدت على هذا , رحت أركض نحو أقرب صخرة غريبة و اختبأت خلفها , ألقى نحوي بنظرة غريبة , ثم عاد يمشي خطوتين نحو حافة الجرف , صفق بيديه بقوة تصاعد صداها عالياً كأمواج قوية , كانت الصفقة قوية آلمت حتى أذني ..
صدر صراخ مفاجئ لوحش ما من أعماق الجرف , وانطلق شيء أسود رهيب عالياً في الظلام , ثم هبط الوحش بجناحيه الشبيهين بجناحي خفاش , لكنهما ضخمين جداً ممزقي الاطراف وحادين تشقان الهواء , والصفير الذي يصره عالٍ مزعج و مخيف !!.
كدت أصرخ بخوف و أنا أرى الوحش الطائر ذا الوجه البشع المرعب ينقض على دآنييل الذي سحب سلسلة فضية كبيرة من حزامه في مكان ما لم أره..!
التمعت السلسلة كالبرق وهي تضربه , صرخ الوحش مجددا وحاول الطيران للهرب , لكن السلسلة التفت حوله كأفعى ضخمة قيدته بقوة ولم يستطع الحراك !, اخذ الوحش يصرخ مستنجداً , لكن دآنييل قفز فوقه معطيا ظهره لي , فعقد السلسلة بقوة عليه.
التفت نحوي و نادى بسرعة : تعالي هيا.. ليس لدينا الوقت..
ماذا ؟! ألن يقتله... , ركضت نحوه لكني ابطأ قليلا بقلق و خوف , شكل الوحش الكبير مخيف و اجنحته حادة جداً قد تقطع ساقي لو اقتربت منه..
_ لا تخافي , اقفزي خلفي هيا..
ارتعبت كثيرا و عينا الوحش الحمراوان ترمقانني بشرر.. آآآه كان عليه قتله أنه يخيفني ><"... ذكروني مالذي جعلني أقفز إلى هنا...؟!... هذا صحيح أنه غبائي...!
_ كـــلارآآ ><!!!
مد لي ذراعه , فشهقت و أنا أركض ثم أقفز خلفه , صرخ الوحش غاضباً و كاد يلقي بنا , ومن رعبي التصقت بـ دآنييل بقوة , سنموت ~~"!
وكأنه يمتطي طائراً عاديا ضخماً , شد على سلسلته الكبيرة الفضية اللامعة في الظلمة , فقفز الطائر الوحش رغما عنه و حلق عالياً بقوة ... تشبثت به فقط و اغمضت عيني , لن افتحهما أبداً...
لكني فعلت ! , و حدقت بالاسفل حيث الشقوق المظلمة !!.. رأيت فقط المئات من الخيالات تتحرك متقافزة من جانب لآخر و أصواتها يملء المكان و يزيده رعباً..!
اخيرا قطعنا الشق و هبط بنا الطائر بقسوة و كأنه يريد تحطيمنا معه على الأرض القاسية.. صرخت بجزع... و هتف دآنييل وهو يضع كلا ساقيه من جانب واحد و يحيط ظهري بذراع ,بينما يده الاخرى ممسكة بالسلسلة..
_ سنقفز قبل أن يصطدم هذا المجنون بالارض.. استعدي... الآن...
قفزنا معاً بسرعة و اصطدمنا بالأرض لنتدحرج معاً , لكن لم اشعر بالصدمة حقاً , فقط كان قلبي يخفق كالطبول , و دآنييل حماني وهو يحيطني بذراعيه تماماً..
نهض قائلا : أأنت بخير ؟!.
أومأت غير قادرة على الكلام , التفت وهو يهمس بحده ناظرا نحو الوحش الطائر الذي أخذ يتخبط بالسلسلة غير قادر على التخلص منها : هذا اللعين ! , لقد اشفقت عليه بالبداية , لكني سأقتله الآن ! , وحوش الظلام لا أمان لها..
التفت نحوي قائلا ببرود وهو يسحب شيء آخر فضي لامع : اسمحي لي باستخدام هذا...!
شهقت , أنه الأنبوب !!... سيفي العزيز الرائع !.لقد استعاده !!
أومأت هامسة : كما تشاء...
_ اغمضي عينيك أن أردت وسدي اذنيك , فهو يملك صراخا مزعجاً..
بالفعل فعلت ماقال , ورغم هذا.. سمعت الصراخ الحاد و التخبط , ثم الهدوء.. عاد إلي و سلسلته حول حزامه والسيف بيده , قال بهدوء بينما أنا أقف : اعتادي هذا لأننا سنفعله بطريق العودة.. رغم أن راف علمني طريقة لاستخدام الاجنحة..
سرت معه على الارض الفلاة السوداء التي بلا حجارة ولا صخور , بل تراب و رمادي أسود متناثر ..
_ حقا..! , أنت و رآف صديقين..؟!
لكنه وضع ذراعه على كتفي من الخلف وهو يجعلني أمامه قليلا تحت ذراعيه : سيري أمامي , لا أريد ان تخطفي من وراء ظهري , و نعم أنا و ذلك المعتوة اصدقاء منذ زمن طويل , قبل أن اتعرف ليون حتى...!
حدقت به و قلت مصدومة : لكنه يتفوه بأشياء فضيعة.. عنك أعني.. يشعرني بأنه...
_ أنه يحب أن يتلاعب بأعصابك رغم أني هددته , دعك منه فمزاح مصاصي الدماء ثقيل جداً..
ذلك ال .. رآف من يتحمله ؟!>.< صوت دآنييل جعلني انتبه إليه : هناك جبل يجب أن نصعده..
عيناه ذات الذهب المخفي تنظران نحوي وهو يكمل بنعومة : لا تتوقعي مني أن أحملك على ظهري مجدداً كتلك المرة..
شعرت بالخجل من نفسي , و رددت بثقة مهزوزة : لـ.. لا .. أ .. أنا سأفعل بالطبع..
بعدما سرنا قليلا فقط واقتربنا من الجبل , سمعت صوتاً ما.. و اهتزت الارض فجأة من أسفلنا.. هزات مرتجه متتابعة خفيفة لكن مقلقة جداً..
شتم دآنييل بحده و التفتنا الى الخلف حيث صوت هدير مرعب قادم من بعيد... أو .. قريب..
_ ربآآه !
شهقت و أنا أرى عاصفة مريعة قادمة من.. الملايين من القطع اللامعة الحادة كالسكاكين منطلقة نحونا , عاصفة من السكاكين ! هذا أسوأ شيء في حياتي...!!
سحبني دآنييل بقوة من ذراعي و ركض بسرعة خاطفة لا اقدر على مجاراته , نحو الجبل الاسود الذي نقصده.. بينما العاصفة المريعة تركض هي أيضا ورآئنا...!!
_ يجب أن نختبئ بسرعة قبل أن تقطعنا سكاكين جليد الظلام لألآف القطع !!
شهقت مجدداً فزعة و أنا أرى بعض الاشياء اللامعة الحادة تتطاير من أمامنا و تتخطانا.. يا ألهي سنموت !! , لكن اقتربنا من الجبل كثيراً , و رأينا شق ضيق في ناحية قريبة , اسرعنا نحوه وقرب الفتحة تعثرت و وقعت على وجهي بشدة فشعرت بأنفي يتحطم على الأرض الصلبة الباردة , آآخ... ~~
اسرع دآنييل نحوي و رفعني لكن هطلعت علينا موجة من سكاكين الجليد !!
ظننت بأنني سأطعن بالكثير منها لكنه حمى ظهري وهو يدفع بي للداخل الفتحة , سقطت بداخلها في ظلامها الشديد و شعرت بجسد دآنييل يترنح بجانبي , جر صخرة ما بذراعيه القويين وسد المدخل بسرعة و أنا أسمع صوت الضربات يرشقُ كالمطر القوي على جدران المغارة هذه...!!
كان الظلام تام للغاية وكأنني مغلقة عيني , لا أدري ما سعة هذا المكان لكنه ضيق قليلا وهو أقل برودة بقليل من الخارج ..
انتبهت لـ دآنييل بجزع , لمست كتفه وهو يتنفس بصوت مسموع و بصعوبة , كان جالساً على الأرض , جثوت بجانبه بقلق شديد , هل أصيب عندما كان يحميني !!؟!
_ دآ.. دآنييل...
_.. أعـ.. أعتقد بأن علينا المكوث هنا قلـ.. آآه..
تأوه رغما عنه و أنا ألف ذراعي حوله كي يجلس مستريحا قليلا , همست برعب وأنا أشعر بالدم الحار على يدي على ظهره!!.
_ يا ألهي ..دآنييل..!!
_ آششش! .. لا تجزعي..
_ لكن..! لكنك أصبت ! مالذي يمكنني فعله ؟ يألهي..
هدر بي بحده خافتة : اهدئي فقط ! , سأكون بخير !, امنحيني عدة دقائق فقط لأعالج جروحي بنفسي..
كنت امسك بكتفه وأنا جالسة بقربه , كان يتنفس بصعوبة وهو منحن الظهر ويديه على الارض القاسية , بينما ظهره مليئ بالدماء... آوووه يا ألهي فليكن بخير... كل هذا بسببي.. مالذي عليه فعله الان...!
مدتت يدي ولمست يد دآنييل كانت باردة كالصقيع !. كان جسده كله متجمد ويرتجف..
همس لي بصوت متقطع من التعب : سـ.. سأكون بخير.. قليلاً... فـ..قط..
كان الألم يحرقني لعجزي .. نزعت معطفي , وخلعت الكنزة الصوفية , ثم وضعتها أحيطها من ظهره إلى وسطه لأحاول عقدها
_ مالذي.. تفعلينه !, توقفي... كـ.. كلارا...!
كان صوتي يرتجف أيضا قلقا وأنا أرد محاولة منع يديه من ايقافي : لا.. ارجوك.. لا تتحرك..
عقدتها بقوة حوله , ثم ساعدته ليتكأ قليلا على الجانب , وجلست أنا بجانبه الآخر ثم وضعت المعطف من فوقه.. لقد بقيت بالقميص , لكنه البرودة سواء بالنسبة لي.. لا بأس علي لكن دآنييل يجب أن يرتاح كثيراً بعض الوقت على الاقل...
_ من يصدق.. !
قال ساخراً بصوت خافت : ...كلارا ترتدي معطفاً قبل أن.. تنزل لعالم الظلام.. هذا سيضحك أبي لسنوات...!
هم الحمقى ! , المكان جليدي أسود حقاً...!
همست بعبوس وأنا احيط ظهره بذراعي والتصق إلى جانبه كي ادفئه قليلا : فليكن ..! أنا.. أنا.. لا أحب والدك..
_ هو لا يهتم لهذا.. سوف تدهشين مالذي يثير اهتمامه فقط..
ترددت وأنا أهمس : أ..أشعر بأنه قاسٍ قليلا عليك..
زفر ببطء وصوت خافت : وكأنه يرسلني لغرفتي لأفكر بأخطائي! , ذلك ليس مهماً..
رفع ذراعه ببطء ليحيط ظهري أيضا و يقربني منه.. همس بتعب : اقتربي مني..
لا أصدق بأني أفعل هذا.. لكن ضممته بذراعي بهدوء والمعطف من فوق كلينا أريده أن يدفأ أن يرتاح.. , ساد الصمت الشديد في الظلمة الحالكة..
همس ببطء ناعم غريب ربما لأنني قريبة منه جداً و رأسه فوق رأسي : أتعلمين كيف تعيدين لي القوى؟!.. بنفس الطريقة التي منحتك أياها..
توسعت عيني صدمة , أهو مجنووون ؟!!
_ مااااذااا ؟!!! , إذن ودّعها فقط !! هي لن تعود إليك أبداً !
أردت أن أدفعه بعنف بعيداً كي يتألم , لكن تأوه بالفعل متألماً وهو ينحني قليلا.. شعرت بالرعب وأنا أناديه :
_ دآنييل ! ما بك...؟!
_ هل كان عليك أن تصرخي ؟!. عقلك الأحمق يثير غضبي ! , كان عليه ألا يتذكر..!
شعرت بالغضب وأنا أرد عليه ببرود : عقلي رائع جداً وبخير. ساؤجل حسابك لوقت آخر حتى تتعافى..
عاد لوضعه المريح وهو يهمس ببطء : جيد , عندما أكون بخير سأعرف كيف اتعامل معك!.
آوبس ! , ما كان علي فعل هذا.. عندما يكون بخير لا أود رؤية أو الكلام معه , سيكون شيطاناً...! , مع أنه يبدو مسكينا و ضعيفاً الآن , وغريباً قليلاً.. لكن لا أريد التفكير أكثر.. عدت لاقترب منه و أعدل المعطف فوقنا جيداً..
لا يزال هنالك هدير العاصفة بالخارج ,... و ياللهول .. عواصف عالم الظلام قاتلة !!. لاشك عندما تحل واحدة منها يندس الجميع مفزوعين..!! كيف أمكنني معرفة مكان رهيب كهذا !!... إن كل شيء به قاتل و مريع...
رغم هذا... يختبئ بزواياه.. بعض الخير.. و الظلال العاقلة كما يسمونها..
مر بعض الوقت لا أدركه , لكني امسيت استمع الان فقط لقلب دآنييل , ودقاته القوية , ولكنها هدأت الان.. تنفسه أصبح مريحا أكثر وبطئياً منتظماً والدفء قد عاد لجسده .. بينما يدي على صدره و رأسي على كتفه , اغمضت عيني متذكرة الكثير من الأمور التي تتضمن هذا الشخص..!
كان مزعجاً و قاسياً و بغيض جداً , ويخطط لقتلي في البداية أيضاً ليريح نفسه, لكنه اختلف.. أو.. لا.. ظهرت بعض حقيقته , هدوءه , اهتمامه و قلقه.. أنه ليس سيئا قط.. وأنا... لا أكرهه..! الجزء 18 [[ الزيارة الأخيرة ! ]]
أخذت انفاسي تتصاعد ساخنة في البرد القارص الذي تسلل حتى عظامي , الظلام شديد للغاية هنا , لا أرى أي شيء و كأنني معصوبة العينين .. المهم هو أن اسمع صوت قلبه , دقاته قلبه بطيئة قليلاً وهذا يرعبني.. همست باسمه قبل لحظات لكنه لم يجبني.. وكان هناك تلك العاصفة المهولة لا تزال تضرب في الخارج استطيع سماع صوتها المكتوم..
حقاً لا يخطر شيئا كهذا ببال أحد ! , هل استطيع تشبيهها بـ انهيارات ثلجية عنيفة في عالمنا...؟!
لا أريد أن ينتابني الفزع الرهيب.. ربما.. هو يريح نفسه قليلا.. لكن أخشى , أن ينام طويلاً و يضعف وعندها لن يكون بيدي شيء لاساعده .. مالذي يمكن لشخص ضعيف مثلي أن يفعل بهكذا وضع..؟!
اشعر بقلبي يطرق بقلق و قوة عكس قلبه , يا ألهي .. ساعدنا... همست مجدداً باسمه.. لكنه لم يجبني , تنفسه خافت و بطيء , ارتعشت برعب .. " دآنـــييل !! .. دآنييــل !!" هتفت باسمه بصوت أعلى وأنا اهزه قليلاً , بينما كل جسدي يرتجف بعنف ليس بسبب البرودة أنما الخوف , لا يمكنه ان يتركني مجددا !...
هممت بالصراخ باسمه مجدداً , لكن صوت ما اوقفني.. هل تخيلت أم ماذا ؟! , التفتُ ببطء حولي.. ظلام فقط.. لا شيء آخر.. و اعتقد بأننا في ثغر صغير أو مغارة مهما كانت.. ليس هنا أي شيء.. لكن انصت بشدة احاول التركيز وتجاهل صوت ضربات قلبي القوية التي تهزني قلقاً...
آوووه العاصفة توقفت..!! لا يوجد أي ضجيج في الخارج.. هذا.. جانب جيد... يجب أن اوقظ دآنييل بسرعة..
تعدلت بجلستي لاصبح أمامه تماما يدي على ركبتيه والجاكت فوقه.. امسكت بوجهه بين كفي , كم كان بارداً , رددت بقلق و شفتي ترتجفان :
_ دآنييــل .. أرجوك.. دآآن .. دآآنييــل؟!
مسحت على وجهه مراراً لعله يشعر بي لكنه ثابت تماما بلا أي حركة... لا يا ألهي.. ابقى حياً... ماذا أفعل... ماذا أفعل...؟!
شعرت بالجنون , لا اقدر على التفكير بأي شيء.. سيموت.. أنه سيموت حقاً , ماذا أفعل.. فليحدث أي شيء.. أي معجزة.. صرخت في الظلام :
_ النجدااااااااااااااة !!!... يا ألهي ... انقذوناااا... النجدااااااااة !!
تلفت في الظلمة و حولي بسرعة , لكن حتى الفتحة التي دخلنا منها لا أعرف أين تكون.. زحفت على ركبتي و لمست الصخر الصقيعية لجدران هذه المغارة... صرخت بيأس و قلبي يكاد ينفجر : سحقاً... فليساعدنا أحــــد !!!
يا ألهي كلانا هالك !!.. و كل هذا بسببي ..!! ربااه كيف أفعل الآن...!!
التفت مجدداً بخوف , لقد اضعت مكانه .. زحفت على ركبتي شاعرة بأن المكان والظلام يخنقي لا اقدر على التنفس !!.. لا اقدر على التفكير.. سأجن... سنموت...!
لمسته اخيراً فاندسست بجانبه و ضممته وأنا أناديه بقوة لعله يسمعني لعلي اعيده الان لينصحني بأي شيء للتصرف هنا.. سأفعل أي شيء للخروج.. فقط قل لي..
_ دآنييــــــــــل أنا أرجـــــوك .. أرجــوك !!.
أتعلمين كيف تعيدين لي القوى؟! فجأة ظهر هذه الكلمة بعقلي المتجمد , توقف الزمن , كلانا على حافة الموت..
همست أشجع نفسي , يجب أن تعود... يجب أن تعودي إليه أيتها القوى .. يجب أن تعودي.. يجب أن يكون بخير.. سنكون جميعا بخير... لم أقدر على العودة للتنفس و حلقي الجاف المتجمد لن يستطيع الصراخ مجدداً سيتقطع كأسوأ نزلة برد تصيبني عندما أسعل دماً..!!
مسحت على وجهه بيدي , و تشجعت لاهمس لنفسي : سيكون كل شيء بخير.. لن أجن الآن.. سنكون بخير..
ضمتته إلي قليلا , أنه عزيز إلي , لا أريده أن يموت.. بل أن يعيش بسعادة .. يجب أن أخلصه من هذا لأنني السبب في مأزقنا , وربما كنت مزعجة قليلاً سابقاً , لكني فهمت ما يجري..
ليس لدي أي فكرة حقاً الآن عن.... لكني انحنيت لأقبله بين عينيه أولاً , شاكرة.. ثم طبعة بأشد رقة استطيعها على شفتيه الباردة لا أريده أن يشعر بشيء , لكني كنت ارتجف.!!... لا أريد أن أفكر ما تكون ردة فعله لاحقاً , و أدعو أن تعود كل القوى إليه..!!
احسست بشيء ما ينسحب من كامل عروقي.. وخافقي الذي توقف لثانية ثم عاد للعمل.. رغم شدة الظلمة إلا أنني رأيتها.. الهالة الفضية الغريبة كضوء قمر مشتت.. خرجت مني سريعاً و احاطت بـ دآنييل ثم اختفت به.. لقد.. نجح هذا !!... و... تباً له ~.~"!
عدت لأعدله كي يتكأ على الجدار و من فوقه الغطاء , ثم انحشرت بجانبه شاعرة بالبرد الرهيب يصل لقلبي والجمود لأطرافي.. لن استطيع التحرك بعد ثوان , والضعف بدأ يتسلل لعظامي شاعرة بثقل الظلام على جسدي.. , آآه .. سأتجمد حتى الموت..
أخذت انفاس ثقيلة متعبة وأنا أغلق عيني بقوة .. ثم فتحتهما بتعب.. مجدداً الظلام الذي أ.....
شهقت بلا صوت رغما عني ... وأنا ... حقاً أرى شيئا... يا ألهي... مـ... ما.. ما هذه ؟! عيون...!
كانت هناك على بعد قريب لا استطيع تحديده , عينين صفراوين كبيرتين و ذاتا بؤبؤ أخضر فاقع , تحدقان بي بقوة و صوت حشرجة عميقة وكأنها قادمة من حلق جائع..
رغم الظلمة القاتمة لكني شعرت بضخامة هذا الشيء لأنه يميل بنظرته و رأسه المخفي .. واحتكاك جسده بالجدران الصخرية..
حسنا... قضي علينا..
ويالا الخسارة بعد كل ما فعلته..!
فقط لأجل الأمل... سأجرب الصراخ مجدداً , لكن ظهر مني توسل كسير ضعيف : أرجوك.. لا تؤذنا...!
_ هذا.. نآيت.. لقد أتى أخيراً .. للمساعدة..!
لم أصرخ مثل هذه الصرخة من قبل !!! , لأقفز مفزوعة مرتطمة بالجانب الآخر من الصخور.. متألمة اعدت أطرافي إلى جانب جسدي أضمه..
وأحدق بالضوء الخافت الذي ظهر من كف يد دآنييـل وهو ينهض واقفاً ممسكا بمعطفي ..
رأيت خيال ذلك الوحش في الضوء الخفيف الشاحب... جسده ضخم وبدا كنمر أسود لكن أضخم من الطبيعي بمرات...!!
عينيه تحدقان بي بقوة لكنه هرهر بخفوت و بقي بمكانه...
اقترب مني دآنييل وأنا انزع عيني من ذلك الوحش لأنظر نحوه وهو يمد ذراعه ليوقفني , سألت بصدمة وتعب :
_ لقد .. عدت..
_ أجل.. لا تخافي من هذا.. فهو حيواني المدلل.. لقد ذكرته من قبل لك.. اسمه نآيت.
صدمت وهو يضمني إليه و يلف المعطف من فوقي هامساً : أنك متجمدة تماما كهذه الصخور.. يجب أن تدفئي.. سنخرج من هنا فوراً..
لم ينطق بأي شيء آخر.. اشار للنمر فاقترب منا بخفه كالظلال.. و توقف قربي , وضع ذراعاً خلف ظهري ليقول : اصعدي..
ههه.. هل يمزح...؟!
دفعني رغما عني لأجلس فوق الفرو الناعم القوي المليء بالعظلات , ثم صعد هو خلفي تماماً وهو يهمس مجدداً :
_ لقد استطعت ان استدعيه قبل أن افقد وعيي.. ضعي يديك على كتفيه كلآرا.. وأنا سأمسك بك..
شعرت بصدمة الحرارة تعود إلي بقوة جعلني أشعر وكأنني ألقيت بفرن ضخم..!!
قلبي يضرب بقوة و حرارة تحرقني و تصل لوجهي.. لم انطق بشيء.. لكن هذا كثير لأنه يحتظنني من الخلف ويهمس لوحشه أو حيوانه المدلل كما يقول بالانطلاق..!
قفز الحيوان بقوة عالياً و تسلق فتحة ما ضيقة لكنه سريع .. ثم اخيراً خرجنا من بطن الجبل لجانبه , كانت القمة أعلانا و نحن بالمنتصف و هنا بعض الضياء كضوء النجوم بليلة بلا قمر.. لقد زالت العاصفة بالفعل.. و بقيت فقط تلك السكاكين الجليدية منغرزة بكل مكان.. يبدو بأن "نايــت" هذا الهر الضخم القوي لا يواجه مشكلة معها.. فهو يدسها بقدميه لتنسحق تماماً..
ظللنا نصعد للقمة بلا أي مشاكل.. و هذا كان رائعاً للغاية و كأن الشمس قد اشرقت هنا.. أن تمشي متراً بلا أخطار في هذا العالم.. أنها معجزة...!
شعرت بعظلات الحيوان تستعد , ثم قفز بقوة عالياً جداً , و هبط بخفة كالريشة على سفح الجبل الأسود هذا.. وآآه هذا الحيوان مذهل بالفعل.. أنه قوي للغاية لكن خفي كالظلال..
رأينا من بعيد و "نآيت" يسير بنا ببطء وحذر.. الاضواء الزرقاء الشاحبة.. للحجارة المقصودة.. والتي كنا نقتل بسببها...! أو بسببي.. لا يهم ~.~".. المهم بأننا وصلنا أخيراً..
كانت جميلة كالبلورات , و ضوئها خافت و جميل وكأنه ساطع جداً في الظلمة.. لكنها كبيرة و صغيرة وبعضها أكبر مني حجماً.. همس دآنييل وهو يقفز من خلفي :
_ ابقي هنا.. سأجلب لنا بعضاً منها..
أومأتُ فقط بجمود.. ذهب راكضاً لايزال سيف جدي يلمع بحزامه , بينما خفق قلبي بشكل غريب قوي , لكن متباطئ الايقاع.. ما كان هذا...؟! ..
ربما فقط سعيدة جداً لأنه عاد لقوته..
لم انتظر سوى ثوان ثقيلة فوق ظهر النمر الكبير , ليعود هو بتلك البلورات الجميلة الزرقاء بين يديه ,
لا استطيع ان أصفها بحجارة..!! أنها كالبلور الصافي النابض بالضوء الازرق السماوي الجميل..!
كنت اعتقد بأن واحدة تكفي , لم جلب ثلاثة إذن ؟!.
قفز خلفي مجدداً قائلاً بهدوء : سنعود الآن.. , امسكي بهذه مباشرة على بشرتك كلآرا..
مد لي ببلورة صغيرة بحجم الكف , فقلت بدهشة : أنا !, لماذا...؟!
_ لأنك جريحه..! ودخلت العالم , وأنا كذلك جرحتْ و نحن كلآنا بشريان دمائنا مملؤه بالسم الآن..
ترددت لا أدري ما أفعل.. قفز "نآيت" من أعلى الجبل و اخذ يهبط بقفزات كبيرة وأنا اتمسك به بقوة بينما دآنييل يلف ذراع واحده حول وسطي والآخرى يمسك بها البلورات..
هبطنا الى الارض أخيراً , نزل"دآنييل" أولاً , ثم لأنزل أنا من خلفه بحذر فالحيوان طويل جداً رغم انه انحنى قليلاً لأجلي , التفت نحوي بهدوء ولكني بخجل رهيب لا أدري من أين اصابي نظرت بعيداً هاربة من عينيه.. تباً , مالذي يجري لي.. اهدئي.. كلآرا..
_ الآن إلى تلك البوابة .. سنظهر قرب المنزل تماماً..
اردت أن اتحرك خطوة صغيرة لكن صدمت بدوار شديد ضرب جسدي فجلست سريعاً أرضاً احاول التنفس و اراحت رأسي
أشعر بالنيران تحترق بصدري ,والبرودة المجمدة في اطرافي , آوه سأموت..
_ كــلآرا...!
شعرت به قربي وذراعه على ظهري.. همست بالكاد : دعني.. ارتاح.. قليلا..
_ سترتاحين كثيراً أنها قوى السلسلة فقط من يحميك , لكن بقي القليل.. تعالي فوق نـآيت..
حملني بخفة ليضعني فوق نمره , وهو يقول : اتبعني بحذر , وانتبه لـ كلآرا جيداً .. سأسير أمامكم..
تابع بصوت بارد : هناك من سيزعجنا قليلا عند البوابة..
سار بسرعة أمامنا.. ومشى خلفه النمر بحركة خفيفة سريعة , مررنا بستار من الضباب , ثم ظهرت تلك البوابة الغريبة معلقة في الهواء بالأعلى..
ولكن ظهرت لنا أيضاً مجموعة من الظلال , لا أعرف عددها ربما عشرة أو أكثر يعترضوننا مصدرين اصوتاً مخيفة .. كانوا معاً بعيونهم الحمراء المشقوقة المريعة , زمجر النمر بحده وهو يقف مشدود العظلات و شعرت بالقلق الشديد.. ستحصل معركة..!!
وقف دآنييل أمامنا هامساً لـ حيوانه : اهدأ نـآيت.. هم فقط لا يعرفون ما سيحدث لهم. اهتم بـ كلآرا فقط..
تراجع بي قليلا بخفة , عير أن عيني معلقة به وهو يرفع يده اليمنى بوجوههم و يهمس بصوت بارد : ستموتون..!
اضاء نور قوي من يده و انطلق كشعاع ليزر ليخترقهم و تتفجر الصخور, يتصاعد غبارها يملء المكان.. والصرخات اختفت .. ثم ... سويت الأرض تماما و اصبحت خالية..!
لقد قتلهم جميعاً بحركة صغيرة واحدة .. حسنا.. قوته مرعبة هل كان علي اعادتها ~~؟ ؟!!
التفت نحونا بعيون بلون الزئبق السائل اللامع جداً , واشار لـ نآيت الذي اسرع نحوه.. فقفز خلفي بحركة خاطفة وهو يحيطني بذراعه اليسرى , قال بهدوء : اقفز إليها الان..
اصبحنا على عتبة هذه البوابة البرونزية الضخمة الغريبة , فقط لمسها دآنييـل بيده , فانشقت تنفت لنا بضوء ساطع يخرج منها , دلفنا ببساطة , و قفز النمر عدة قفزات في الضياء الذي آلم عيني قليلا ..
ثوان فقط .. واصبحنا في باحة .. منزلي ..!
الجو ليلاً.. والقمر في منتصف السماء... لقد... تأخرنا كثيراً جداً..
اختفى النمر الذي لآحظت تقاسيمه جيداً الآن , أسود لآمع جداً حول عنقه الغليظة حلقة ذهبية كلون عينيه الكبيرتين و رأسه الضخم بحجم وسادتين !!
تحرك برشاقة و اختفى في ركن مظلم..
ظللت ممسكة بالبلورة الزرقاء بيدي , سرت خطوة , لكن ضربني الدوار مجدداً و الارهاق المفاجئ الذي سحب كل القوة من جسدي..
فجلست على عتبة المنزل سريعاً قبل أن أقع.. وضعت رأسي على ركبتي.. لكن هذا لا ينفع احتاج إلى أن أتمدد قليلاً...
آآه كم احتاج للهواء الجيد..
_ لا بأس عليك.. ارتاحي قليلا..
طبطب على ظهري برفق , لكن تمتمت بتعب طفيف والنجوم تتراقص في عيني : لنصعد..
لف وسطي بذراعه و رفعني ببساطة , صعدنا الدرحات و بدا منزلي خالياً هادئاً.. شعرت بالتوتر..
حتى وصلنا لغرفة أبي.. قام هو بفتح الباب و دلفنا... ظللت ثانية ثقيلة احدق بـ
والدي الذي يجلس بكل ارتياح على الأريكة و بحجره جيني , و السيد "آرثر دآركنس" جالسا على الكرسي في المقابل باستراخاء...
تركني دآنييـل لأسرع كي اعانق أبي و أشعر بقلبه.. قبلته على جبينه وهو يضحك بسعادة و يضمني إليه.. أنه بخير يا ألهي.. حمدا لله.. احتجت جيني علي لأنني انافسه على اهتمام أبي.. فابتعدت قليلا عنه ليتنفس.. و أنا كذلك..
همس لي والدي برقة : أجلسي هنا يا حبيبتي..
جلست قربه.. و انتبهت لأختفاء دآنييـل..! , بقينا مع سيد الظلام وحدنا.. الذي راقبني بعيون رمادية عميقة لا أعرف ما مقصدها..
همس لي بعد ثوان : مرحبا بعودتك كلآرا..!
رددت وأنا أشعر ببعض القلق : شـ..شكراً ..
الويل لي ! , تابع متمتماً وهو يرفع يده باتجاهي : ألقي لي بالجرس لو سمحتِ..
آآخ من الآباء أنهم لا يبدؤون سريعاً بتوبيخك , بل تعذيب النفسي البطيء أولاً , اخرجت الجرس من جيبي و ألقيته نحوه ببعض التوتر , التقطته سريعاً و تأمله قليلاً , ثم همس : لقد اتفقت مع والدك على تدميره , أنه يشكل مدخلاً بشكل ما نحو الظلام.. ما رأيك أنتِ ؟!.
آووه , لكنه شيء جيد و... قلت موافقة بهمس ضعيف : أجل.. ~~"
_ حسنا.. شابة جيدة , ماذا عن السيف ؟!
أشار برأسه على السيف الذي وضعه دآنييل دون أن ألاحظه على المنضدة الصغيرة قرب مدخل الغرفة .. نظر والدي نحوي , فقلت بهدوء : لا.. أريده معنا , من فضلك.
طرف بعيونه الرماديه العميقة و أومأ ببرود , ثم تحدث مجدداً بهدوء شديد : رغم أني غاضب منك لكن الدهشة اخذتني أكثر , واخبرت والدك بما فعلت..
همست بانكسار و عيني على يدي المضمومتين فوق حجري : آســفة حقاً.. أنا..
قاطعني صوت والدي الهادئ : مع أن تصرفك شجاع وغريب حبيبتي , لكني لا أزال غاضب منك , ماذا لو فقدتك إلى الأبد..؟!
بقيت صامتة و والد "دآنييـل" يقول ببرود : ...وأنتِ لستِ تحت حماية تامة هناك ! , و فعلتما الكثير من المصائب , لا استطيع احصائها الآن.. اعرف بتهور دآنييل , لكنني حسبت أكثر تعقلاً.. ذلك المكان ليس ملهٍ أيتها الشابة , وأحاول أن ابقيه بوضعه بعيداً عنكم.. لكنكما حطمتما القوانين..!
بدأا التهزيئ سريعاً , يا ربي سأموت ~.~".. همست بتوتر رهيب وقلق : صدقاً , لم نقصد هذا..
ولماذا دآنييـل ليس هنا ليتلقى التوبيخ أيضاً ؟!.
_ سأتصرف مع دآنييـل لآحقاً , لقد تحدثت مع السيد موند والدك كثيراً , يجب أن تعودوا لحياتكم السالمة الطبيعية..
همس والدي بهدوء : ليس هنالك أي داعٍ للقلق بعد الآن يابنتي , كان عليك التحدث معي.. رغم هذا , تجاوزنا تلك الأمور , وقال السيد دآركنس بأن كل شيء انتهى الآن , حتى الحراس سيغادرون اليوم..
حدقت بأبي بصدمة , حقاً....؟! الحراس...؟!... لكن....؟!
قال السيد "دآركنس" : لكني سأبقي دآنييل بضع ليالٍ فقط لأجل أن يطمئن قلبي تماماً , بما أن كامل قوته عادت إليه..
ثم تبسم بشكل رقيق هادئ نحوي يا ألهي هل يعلم ؟!... شعرت بالحرارة تجتاح وجهي بقوة..., وهو ينهض و يقول : سأعود لزيارة خاصة لكم لاحقاً , يجب ان ترتاحوا تماماً من كل ما حدث , ولا اعتقد بأن رؤيتنا اصحاب ذلك الجانب قد تنفع بهذا..
نهض والدي وهو يضع جيني جانبا و يقول بضيق : لا حقاً , كانت معرفتكم من أجمل ما حدث.. يجب أن تفعلوا هذا.. هل تعتقد بأنه يمكننا نسيانكم بهذا الشكل..
ظل سيد الظلام مبتسما برقة و هو ينظر نحوي ويهمس : ونفس الشيء لنا , لكني سأترككما معاً قليلاً وأنا سأحدث الحراس بالأسفل.
خرج بهدوء وخطوات بلا صوت , اغلق الباب تلقائياً , التفتُ و ضممت والدي بقوة بينما جيني ملتهيه بلعبتها عند قدمي أبي على الأرض.., فضحك هو بصوت رقيق قال :
_ آوه يا صغيرتي.. انظري إلي..
ابتعدت عنه قليلاً وانا ابتسم بسعادة , ابتسم لي بعيون لامعة , ثم اختفت الابتسامة ليقول بعبوس و جدية :
_ مالذي بحق ال.. فعلته ؟! , أذهبت إلى هناك مجدداً ؟! , لقد افزعتني كلآرا لحد لا يتصور و وحدك هكذا..! مالذي كنت تفكرين به ؟!
همست بخجل وتوتر وقد توقفت جيني عن اللعب لتحدق إلينا بعيون واسعة مستغربة ...: كنت أحاول.. المسـ...
_ لا أرجوك عزيزتي ! , لم يكن هناك أي داعٍ لوجودك !.. وحتى عند آخر لحظة عندما ظننت بأننا خرجنا بخير في منزلنا.. أنا لا أريد أن أفقدك.. أرجوك..
شعرت بالذنب الشديد يؤلمني في قلبي , قلت هامسة و يداي تداعبان البلورة الصغيرة الزرقاء : آسـفة أبي.. سامحني..
_ تعالي إلى هنا..
وعانقني بلطف وقبلني على رأسي هامساً : لا أريد معاملتك كطفلة صغيرة ! , لكنني لا استطيع , تبقين أنت وجيني طفلتي دوماً.. أحبكما كثيراً..
همست بخفوت وأنا اتذكر أمي فجأة و تلك الآلآم ..: أحبك أبي.. آسـفة لقلقك..
نزلنا إلى أسفل , وكان سيد الظلام واقفا في الردهة التي اعتمت قليلاً ..و أمامه يقف الحراس تيرآ بجانب ليونارد و داليا قرب رآفييل.. لكني لم أرى دآنييل.. كان يهمس بشيء ما لهم و وجهه شديد الجدية بعيون معدنية ضيقة التفت نحوها , ثم تلطفت نظرته و ابتسم نصف ابتسامة
قال بهدوء : ألقوا التحية يا فتيان , ثم عودوا لمراكزكم كما كنتم قبلاً..
آووه أهذا الوداع حقاً...؟!!.. ألن... أراهم مجدداً...؟!
قال والدي للفتيات و تيرآ تداعب جيني برقة : لقد اعتادت عليكم حقاً , لقد احبتكم.. هل ستعودون للزيارة ؟!
ابتسمت داليا : لا أدري , ربما ان سمح سيد الظلام لنا..
رفعت عيني لأنظر نحوه , كان يرمقنا دون ان يلتفت , وثبتت عينيه الرمادية القوية العميقة بعيني .. شعرت بالخجل الشديد و الاحراج من نفسي.. لقد سببت مشاكل لا تحصى أيضاً بالتعاون مع ابنه..! هذا محرج...~.~"
حيا رآفييل والدي , ثم غمز لي قائلا ببرود : لن أقول سررت بالتعرف إليك أنتِ , لكن العمل معك لم يكن سيئا.. كنت تثيرين الكثير من الازعاج.
أومأت مواجهة عيونه الحمراء الداكنة و همست : لكنك كذلك مزعج !.
رفع رأسه عالياً وهو يرد بابتسامة : لكن.. معجب بروحك القتالية..
والتفت بعيداً قبل أن ابتسم له ..
ليونارد لمس وجهي بنعومة هامساً : لا حاجة للخوف عليك كلآرا..
همست ناظرة في عينيه : ألن أراكم مجدداً..
ضاقت عينيه وهو يهز رأسه هامسا بصوت خافت جداً : لا أدري عزيزتي.. اهتمي بعائلتك.. شابة جيدة.
ضحكت تيرآ وداليا قائلتين بهمس لي بينما والدي يتحدث مع الفتية : آوه و كيف عادت قوى دآن إليه.. كيف فعلت هذا كلآرا؟!
بالتأكيد هذا غير معقول !!.. قلت بخجل رهيب وصوتي يتقطع : لا أعرف كيف !! , و أرجوكما لا تلمسانني..!!
وأنا أضم نفسي مبتعدة عنهما قليلاً , ضحكت تيرآ و همست داليا بنعومة : طيب.. نستطيع التخمين..
_ لا تنزعجي منا كلآرا , لأننا سنحاول زيارتكم مجدداً , العمل معك كان ممتعاً و فريداً جداً ^^
قالت تيرآ برقة ثم نسيت و تعانقنا ثلاثتنا بمرح ..
أنهم اصدقاء اعزاء ! , سأفتقدهم حتماً بشدة .. ولكن لم السيد "دآركنس" يريد ابقاء دآنييل هنا وحده ...
أليس يحمله الكثير من العمل , اعتقد بأننا بخير تماماً الآن..
__________________ مهما زاد عنائي
لا يمكن أن أنساك
حتى إن تنساني
باقية لي ذكراك
لأن الروح داخلي
لا زالتْ تهواك نبع الأنوار ايناس نسمات عطر |