هذا البارت خاص بعد اكمال لرواية
عندما اخبركم بأن اليوم هو حكاية من الخيال , فهذا لا يعني بأنه يوم واحد .. بل هي تلك الأيام التي بدأت مشرقة لي بالسعادة كشمسٍ لها..
وحياتي المضيئة بحبه تنبع من بين عينيه , تلك العينان اللتان تأخذانني لعالم آخر , عندما تمنحانني تلك النظرة , وذلك الدفء , وعمق النبرة التي يخصني بها..
يجعلني أتسمّر أنظر نحوه كبلهاءٍ لا تتكلم... لا استطيع أن أعبر له حقاً , كيف أشعر وهو بقربي..
كيف أن بساتين السعادة تتفتح كلها دفعة واحدة عندما ينطق اسمي أو يبتسم شيئا يسيراً أو حتى يخصصني بنظرة عميقة مميزة لي أنا وحدي ,
هذه الدفقة القوية هي ما تجعلني أقع رأساً على عقب في حبه أكثر و أعمق..
لقد اخبرته.. أني أحبه , ولم أشعر بأن هذا كافياً , أريد أن أمنحه حياتي , أريد ان احتفظ به بقلبي إلى الأبد , يسد ذلك الألم , يطمر الفجوة التي كادت تكبر و تقتلني ببعده ..
لا أريد أي حواجز أو فواصل بيننا حتى ولو لفترة قصيرة.. دمائي تنتشر فيّ فقط عندما اشعر بأنه موجود حولي..
ولقد أخبرني بأنه يحبني , تلك النظرة تخبرني بذلك أيضاً , ونبرته الهامسة تذكرني بما أكون لديه حقاً , أعرف هذا و أشعر به..
لأنه ذكر الجنون الذي ارهقني وكاد يدفعني من حافة الحياة , لم اعرف بوجود مشاعر واحاسيس قاتلة كهذه.. أو يمكنها أن تضيء لك الحياة كشمس دائمة...
رغم أنني أشعر بأني سأموت فرحاً عندما قال بأنه سيبقى قربي دوماً , إلا أني أريد أن اخبرنه مراراً بأنه حياتي الآن !.
شعوري الغريب بالخجل و الانطواء قليلاً عندما افقت يوم التالي , بعد أن سمعت كلمة "أحبك" موجهة لي ..
_ هآي , هل نمتِ جيداً ؟.
سألني والدي بأشراق , ثم تابع بسرعة و حماس غريب , قبل أن أجيب : دآنييل لقد عاد.. أعنى.. هناك مفاجئة في الردهة..!
كان نومي عميقاً جداً و هادئاً وناعماً , وكنت أشعر به معي طوال الليل , لكني أفقت ولم اجده , هذا.. أشعرني باليأس قليلاً..
أريد أن أتأكد جلياً أن ما حدث قد حدث فعلاً .. لكن والدي "جاك" قام بهذا.. وخطأ بلسانه.. قال بأن دآنييل هنا.. هذا... جميل وكأن الشمس أشرقت بصدري المظلم البارد..
اسرعت للردهة و قبل أن أدلف تذكرت شعري و شكلي , فقمت بسرعة بمحاولة تعديل هندامي قبل أن أدخل لعلي أبدو مرتبة على الأٌقل..
أطللت بلهفة أبحث عنه بعيني .. لكن.. الصدمة شلت حركتي.. رغم أنه قال لي بأنهم سيعودون.. لكني لم اظن بأني سأشعر بمثل هذه السعادة ..
تيرآ وداليا يداعبان جيني كالعادة و رآفييل و ليونارد يتحدثان معاً بهمسات لا تسمع.. نظروا نحوي مندهشين , ربما فاجأتهم أنا أيضاً , بعد أكثر من عام على الفراق..
ابتسمت قائلة : كنت أعلم بأنكم ستعودون يوماً..
_ كلآرا.. أخيراً افقتِ..
عانقنني الفتيات بمرح وضحكات رقيقة , و كذلك ضمني ليون برقة وهو يقول : تبدين جميلة ومشرقة كلآرا..
لم يتغيروا شكلاً بالطبع , لكنهم حيوني بحرارة و رقة , رغم أن رآفييل اكتفى بهز كتفي بقبضته القوية قليلاً وهو ينظر بعمق في عيني قائلا :
_ لا , لم تتغيري , هذا أفضل..
ابتسمت له فارتفعت شفتيه لي بشكل ملتوي وكأنه يقاوم الابتسام , أومأ برأسه فقط و جرته داليا قائلة بمداعبة : الذي لم يتغير هو أنت..! والسنة بالنسبة إلينا كلآرا وكأنها يوم .. لذا أرجو أن تتحملي هذا فينا..
ضحكت قائلة في وجه رآفييل المبتسم بشكل واضح الآن : أنا لا أحب التغيير.. أنتم رائعون كما أحبكم..
دخل والدي وبيده كأس عصير , قائلا بمرح : ليتكم تشاركوننا الطعام , لكن يجب أن أطعم كلارآ قبل أن تسقط مغشياً عليها, فهي لا تحس بالجوع مؤخراً..
تذمرت ونحن نجلس متفرقين على الأرائك و والدي يسلمني الكأس : أنا لا يغشى علي من الجوع أبي..
حسنا ضحكوا علي حتى شبعوا و كذلك جيني كانت تسير من بينهم وهي تضحك وتصفق بسعادة , بينما يحملها ليون ليضعها على ساقيه وهي سعيدة جداً به..
ليتها تكبر و تعلم بأن مصاصي الدماء كانوا يعتنون بها و يداعبونها كثيراً في صِغرها.. أنا أحسدها أحياناً نعم ^^".. لكني سعيدة بأنها لن تمر بتلك الأيام السوداء..
و ستعيش بسعادة طبيعية.. تحت حمايتنا..
لكن ؛ منذ أن دخلت لم أره.. أين يمكن أن يكون ؟! , تنهدت .. افتقده.. لولا وجود هؤلاء الصحبة لخرجت للغابة ابحث عنه حتى اتمدد على العشب الرطب بيأس و انتظر الموت..
إن لم يأتي.. , أني فتاة واقعة بالحب , هائمة على وجهها.. وإن لم يأتي قريباً سأخرج للنظر عنه.. هل طرأ أمر ما اضطّره للذهاب..؟
قال والدي فجأة مقترحاً بلطف : لما لا نخرج لنتمشى الجو منعش جداً..
وافق الجميع , وقالت داليا وهي تأخذ جيني من حجر ليون : سآخذ جيني لأجهزها في الأعلى..
بينما رمقتني تيرآ وهي تهمس بلطف : أنا و كلآرا سنكون في الغرفة نستعد..
لا أعرف ما معنى تلك النظرات التي يتبادلونها و الابتسامات الخفية , لكني جلست في غرفتي و تيرآ تفتش في دولاب ملابسي قائلة بيأس :
_ آييه كلارآ , ما هذا؟؟ , ليس لديك شيء له لون معين !!.
قلت ببرود : مالمهم ! , نحن سنخرج للغابة !
التفتت نحوي بنظرة لاسعة قائلة : يجب هذا يا عزيزتي.. اظهري بعضا من جمالك..
صدمني قولها , أنا لست جميلة , ليس تماماً.. آآه ماذا أفعل , قلت بقلق مخفي : ماذا تـعنين؟!
_ لا شيء محدد.. سوى أنك تحتاجين لرحلة تسوق ضخمة !, هذه ذهبت موضتها منذ أمد بعيد !.
وهي تخرج قميصاً رمادياً لي.. هذا محرج.. قلت بخجل : لا اعتقد أن...
صفقت بمرح بيديها : بلى أعتقد هذا تماماً.. ولا تقلقي.. أنها هدية تخرجك من المدرسة.. سنذهب نحن الفتيات فقط.. وجيني معنا كذلك.
لم اعتقد بأنها فكرة مناسبة لكن.. مع نظرات تيرآ القوية الذكية فأنا أخشى مخالفتها.. مصاصو الدماء لا تعرف ما سيفعلون إن غضبوا !!
تعبت بشدة ونحن نفر في أسواق المدينة ليلاً بعدما أذن لي والدي بكل سعادة , ربما بسبب تأثير داليا و تيرآ المذهل عليه !, ذهبنا بسيارة داليا الفيراري الحمراء التي أوصلتنا للمدينة بسرعة شديدة..
ملئت ذراعي و ذراعي الفتاتين بالأكياس كلها لي و لجيني و لوالدي أيضاً... لا أصدق هذا رغم أنني حاولت الرفض كثيراً لكني لم أفلح بالطبع أنهما اثنان ضد واحد.. او بحساب جيني ثلاثة ضدي فكما رأيت هي احبت المحلات و الأضواء و الألعاب العديدة التي اشتريناها لها!
رجعت منهكة و جيني نامت في الطريق , كانت الساعة الثانية عشرة ليلاً , وزعنا الأغراض و صعد والدي بـ جيني إلى الأعلى..
ثم جلسنا في الردهة حيث كان هنا ليون و رآف الذين ابتسما لرؤيتنا و قال رآفييل هازئاً وهو ينظر نحوي : لقد عدتم باكراً..
كنت منهكة مسترخية على الأريكة الطويلة وحدي , ولم أرد عليه , لكن داليا من قالت بعذوبة : بالطبع , ونحن نخطط لرحلة أخرى غداً ربما..
تأوهت رافضة : لا أبداً..
فضحك ليونارد و تيرآ التي قالت : بوقت آخر إذن.. لا يمكنك الأنكار بأن التسوق كان ممتعاً..
همهمت ببرود ولم أرد.. لكن دلف أحدهم الردهة و ظننت لأول وهلة بأنه والدي.. لكن قلبي قفز ضارباً لرؤيته والشعور به , نظرت نحوه بعينين مستيقظتين تماماً ,
لقد طار كل التعب و اعتدلت جالسة على الأريكة , تمتم ليون و رآف بـ لقد عدت , أو ما شابة لم اسمعهما..
وأنا مشغولة بالنظر في وجهه و عينيه الهادئة الجميلة بلون الذهب السائل , رد عليهم بابتسامة جانبية صغيرة : مرحبـاً , ما هذا الاجتماع..
تخطاهم و جلس بجانبي تماماً ركبته مست ركبتي بشكل يسير.. لم استطيع النظر نحوه وهو بهذا القرب.. لم اشعر إلا بأنفاسي تضطرب و تتقطع ..
همس بأذني وهو يرفع ذراعه من وراء كتفي : هآي , كيف حالك ؟
أنها نظراتهم الخبيثة مجدداً وهم يبتسمون و يهمسون بلا صوت يستطيع البشر العادي مثلي سماعه.. تباً , لو يعلم عن حالي , لقد اشتقت إليه.. شعرت بالتوتر الرهيب , لأنني لا اعرف ما ستكون ردة فعلي لو لم يكن الرفاق هنا..!
رددت بضعف والحرارة تشتعل في جسدي كله : بخير..
قالت داليا فجأة وهي تتأبط ذراع رآفييل : سنذهب لنمشي قليلاً , كلآرا ..أعتقد بأنك مرهقة اذهبي للنوم..
حياني الجميع و غادروا , فنهضت أنا و نهض دآنييل من خلفي في لحظة دخول أبي وهو يلوح للفتية ثم نظر نحوي قائلا :
_ ألن تنامي عزيزتي , تبدين منهكة ..
ثم وجه كلامه إلى دآنييل وابتسامة صغيرة تظهر في ثغره : هل سنكمل حديثنا قليلا , قبل أن يداهمني النعاس أنا أيضا..
تبادلا الابتسامات , مالذي يجري ؟!.. بين والدي و دآنييل , اخشى أنه يبدأ أن يهتم به أكثر مني ~.~" هذا مضحك.. لكني سأعرف سرهما هذين الاثنين قريباً..
ذهبت لغرفتي بعبوس و اخذت حماماً ساخنا سريعاً , واخذت بجامتي الجديدة التي اختارتها لي داليا , ذهبية و وردية حريرية بلا أكمام و سروالها قصير قليلا..
ربطت شعري بلطف جانباً ثم اندسست بفراشي هادئة...
ربما غاب النوم عني قليلاً , لأني أفكر به.. وكم يعني لي وكم أحبه.. و أحتاج لرؤيته و سماعه كل يوم كما احتاج الهواء للتنفس..
ليتني استطيع النطق له بكل شيء.. لكن ما أن اراه لا اقدر على قول ما أشعر حقاً.. هو يعلم بأنني أحبه.. لكني أريد الثرثرة معه بأن هو حياتي الآن , كما يفعل الأحبة في الأفلام كما أظن..
لكني أنا خرساء و غبية.. لا اتكلم جيداً.. ولا استطيع التعبير عن مقدار حبي..
رغم أني أغمضت عيني لكني واعية جداً و دمعتي تناسب هاربة بين جفناي.. تقطع تنفسي قليلا وأنا أشهق بقلبي قائلة : لا أريده أن يغيب غدا كما اليوم..
شعرت ببشرته باردة قليلا تمر على خدي الساخن المبتل , وهمسه باسمي ..
_ هيه , كلارآ ؟
لم افتح عيني , بل أغمضتهما بقوة و همست بارتجاف شاعرة بأن شفتي منتفختين : أريد النوم.. د.. دعني..
مرت ثوان من الصمت الثقيل , ثم فجأة شعرت به خلفي والسرير يأن قليلاً من تحتنا.. ضمني من الخلف برقة و تمتم بدفء :
_ اشتقتُ إليك , غبت قليلاً لرؤية والداي , اخبرهما بأني قد وجدتُ روحي هنا, وأنا لن استطيع العيش منفصلاً عنها أبداً..
تمسكت بذراعيه بقوة و فتحت عيني على ظلام الغرفة , تنفست بعمق و همست : كنتُ.. أريد أن أموت من دونك.. أ.. أحبك لدرجة أني لا أدري مالعمل ؟.
همس بعذوبة وشفتيه على شعري : أرجوك , لا تذهبي إلى أي مكان.. سوى إلي...دعيني أبقى معك.. لا تفعلي شيئا أكثر من هذا..
لا أدري لم دموعي الغبية أخذت تسيل , سعيدة جداً و متألمة قليلاً ربما لعدم ثقتي بنفسي.. التفتُ بجسدي نحو صدره و ضممته بقوة إلي وهو يحيطني بذراعيه , همست بلا صوت : أريد ان استيقظ لرؤية وجهك..
شعرت بشفتيه تطبعان على جبيني , فهدأت اخيراً و قبل أن أغيب في ظلامي الدافئ الجميلة , سمعته يهمس : أحبـك..
تنهدت صباحاً و انا استنشق عبيره المألوف و شعرت بذراعه من فوقي تمسح علي , همست : دآنييل..
همهم راداً بصوت رقيق من حنجرته : همممم ؟؟
فتحت عيني ببطء ويدي على صدره الدفء رفعت عيني لأنظر إلى وجهه الجميل الهادئ , تبسم لي هامساً : فكرت بطريقة لإيقاظك , لكنك افقت الآن..
شكرته وأنا نعسة للغاية أريد العودة للنوم في احضان هذا الدفئ الذي يمنحه لي : أشكرك لبقائك..
_ آوه هيا لا تعودي للنوم الآن.. سيأتي والدك لايقاظك قريباً..
آووووه افقت رغما عني وساعدني على النهوض وهو يهمس : يجب أن تأكلي جيداً , أنك أنحف كثيراً من ذي قبل..
رددت ببرود أخفي سعادتي وهو يقبل رأسي : هذا بفضلك , كدت أموت..!
تناولت الإفطار بشهية و والدي يتحدث مع الفتية عن كل شيء وهم يخططون لرحلة ما.. لكني تذكرت أمراً مهماً!!!
اختبار القبول لكليتي التابعة لجامعة المدينة اقترب , أنه في مطلع الشهر المقبل ..
ويجب ان استعد جيداً له.. عندما يتم قبولي بكلية الادارة الموجودة هنا في مدينتنا الصغيرة هذه , سأدرس هنا قرب عائلتي.. وليس في الجامعة الكبيرة في المدينة.. هذا يرعبني..
هذا كفيل بتعكير مزاجي السعيد , رفعت بصري لأنظر نحوهم , لأتوقف ناظرة إلى دآنييل , بتيشيرت رمادي و بنطال أسود.. أنه بهيّ , أنه جميل لحد لا يوصف , أنه حياتي.. أنه...
ينظر نحوي , آه محرج , أحمر وجهي سريعاً و أنا أكاد أغص بلقمة من المربى , ضحكت تيرآ هامسة بقربي : هذا واضح جدا كلارا..
حدقت إليها بخجل وارتباك.. بينما غمزت لي داليا التي تداعب جيني بهمس: أنت ظريفة جداً عندما تحمرين خجلاً بهذا الشكل , دآنييل لا يكف عن النظر نحوك..
لا أدري كيف , لكن هؤلاء المكرة ذو القوى العجيبة يعرفون ببعض الأمور , أو كلها , هذا يحرجني بشدة , لكنهم لا ينطقون بشيء..
انتهيت واردت الخروج من المطبخ , لكن تيرآ قبضت على كم قميصي قائلة بعبوس
_ ارتدي شيئا جيداً مما اشتريناه بالأمس كلارآ , بالله عليك , سألاحقك طوال حياتك لأتأكد بأن الملابس هذه لا يتكدس عليها الغبار منسية بدولابك العجيب..!
آخ تيرآ تتصرف كأمٍ لي , الأسوأ أنها ستطاردني إلى الأبد , لا أظن بأن مصاصي الدماء يمزحون بهذا الشأن..~~"
بدلت ثيابي لـ بنطال ناعم أزرق فاتح وقميص وردي هادئ بأكمام قصيرة ثم سرحت شعري و تركته منسدلً , سمعت أصواتهم في الحديقة يلعبون , أنهم يستمتعون هنا كثيراً .. غمرتني السعادة بشدة لهذا , أنهم حقاً كأخوة لي.. أحبهم كثيراً..
فجأة رن جرس المدخل الأمامي فأسرعت لأرد و تيرآ واقفة تنظر من خلفي , صدمت لرؤية .. مارك..
قال محييا بدهشة وهو ينظر متأملاً إياي : هآي , كلارا ..! لقد رأيت والدك وقال بأنك بالداخل.. كيف حالك..
حييته : أهلا مارك.. تفضل أرجوك..
_ لقد اخبرني والدك بأنك هنا بالداخل , اقرباءك موجودين .
قال الكلمتين الاخيرة بتوتر طفيف , جلسنا في المطبخ و كذلك أتت تيرآ و هي تحييه ببسمة متشككة ..ثم وقفت خلفي و كأنها حارس ما , سمعت صوت خطوات لكني وجهت انتباهي للضيف قائلة بابتسامة لطيفة :
_ كيف هي حالك , اذكر بأنك قلت ستدرس بالمدينة ؟
ابتسم لي وعينيه تنظران لشيء ما خلفي , ربما تيرآ : أجل , تمنيت لو تدرسين معي هناك أيضاً , لكنك لا تحبين المدينة صحيح !.
وافقته : أجل , لكنك ستزور منزلك هنا من آن لآخر ,صحيح !
ابتسم لي بعمق و السعادة في عينيه قائلا : أجل بالطبع , سآتي لأزور عائلتي و أزورك أيضاً..
أومأت له بسرور , مارك طيب القلب جداً و نقي الروح واتمنى له السعادة , هو سيدرس الاقتصاد ليساعد والده أيضاً في المحلات..
تنهدت و فاجأتني خطوات رزينة من خلف مقعدي تماماً , ثم بـ دآنييل ينحني قليلاً من خلفي لأشعر بمس شفتيه على خدي وانفاسه الدافئة , هامساً بصوت ساحر خافت :
_ ألم أقل لك.. صباح الخير.
تسمرت مصدومة أنظر أمامي و كذلك كان مارك مندهشاً يحدق به من خلفي ثم بي , اشتعلت خجلاً ولم أدري ما أقول , وقف بمكان ما خلفي و سمعت صوته الهامس يتحدث إلى تيرآ الضاحكة.. هل كان عليه احراجي هكذا أمام مآرك !! آآآه لقد صدمني ~~!
سألني مارك فجأة بخجل طفيف : هل يمكنني مراسلتك ؟
أومأت بجمود , ثم استعدت انفاسي بصعوبة , قلت : آوه بالطبع , أخبرني بكل شيء يحدث معك ^^
لا أدري لما راودني شعور مريب بانقباض في معدتي لكن تابعت الثرثرة مع مارك و الابتسام شاعرة بنظرات مركزة من خلفي.. نهضت معه عندما غادر و حيّته بحرارة ,
ثم التفتُ وعدت للمطبخ , شعرت بخطر مقلق عندما وجدت دآنييل فقط متكأ على الطاولة و تيرآ قد غادرت للخارج..
قلت بتوتر مدعيّة المرح - بينما نظراته هادئة لكنها مركزة علي , وأنا أمر من جانبه : هيا لنخرج !!
غير أنه قبض على ذراعي بلطف لكن بإحكام و أوقفني أمام درج الأدوات , وقف أمامي محاصراً إياي بذراعيه , قائلا بنعومة هامسة :
_ لكن.. كلآرا , أنا لا أريدك أن تراسلي ذلك الولد..
بدا وعيد غريب في عينيه الذهبية ذات اللمعان الغريب الرمادي , رغم أني في حالة مسحورة به , لكن قلت بتركيز ضعيف بسبب قربه الشديد :
_ أنه.. صديق قديم..
_ لا يهمني..
أجابني بهدوء وهو يميل برأسه نحوي حتى همس قرب اذني : لقد سمحت هذه المرة بسلام مني , لكن.. لن أجعل أي كائن كان يتقرب منك , حسنا..
قلت بعبوس وأنا أضع يدي على صدره كي ابعده قليلاً فقط لا أريد أن نتجادل : آه لا تبالغ دآنييل..
لكنه لم يتزحزح , بل أمسك بجانبي وجهي بكلا يدي , ناظراً نحوي بعمق شديد و صوته خافت حزين يؤلمني في الأعماق:
_ ليتك تعلمين كم تعنين لي , ومنذ زمن طويل.. لا شيء يدور بعقلي بجنون سوى خيالك.. هل تنامين جيداً بلا كوابيس , أما عدتِ تكرهين الظلام , هل لا تزال البرودة تعتمل في صدرك.. أتتذكرين الآلام ؟.. ألا تزالين مشتتة تكرهين هذه الحياة !.
شعرت بأني سأنهار على قدميّ , لكن لا .. لم يكن هنالك من ألم أو كوابيس , سوى الشوق إليه.. تمتمت بهمس و أنا أتمسك بقميصه :
_ لا.. في الحقيقة ..
نظرت بعينيه وأنا اقرب نفسي منه : كنت احتضر بدونك..
انحني و ضمني إليه بإحكام وبقوة أقرب إلى قلبه حتى أصبحا ينبضان معاً كروح واحدة , أروع ما يمكن أن يكون هذا الشعور وهو معي تماماً هنا أحيطه و اريده أن يطمئن أن لا أحد يسكن قلبي سواه..
جاء المساء فاضطرا ليون و تيرآ للمغادرة , وبقيت داليا و رآف الذي لا يكف عن ردوده الساخرة الباردة لا أحد يستطيع أن يصمته سوى داليا أو نظرات دآنييل الحارقة .. غادر والدي قليلاً لمكتبه عند الساعة التاسعة و حملت أنا جيني إلى أعلى وهي نائمة بعمق طفلتي الجميلة الصغيرة !.
نزلت لأسفل مبتسمة وسعيدة , لكني وجدت رآفييل و دآليا على وشك المغادرة , قلت بأسف : الوقت باكر..
ابتسمت دآليا قائلة بغمزة : سنعود غداً..
كنت بلا شعور أقف قرب دآنييل الذي انحنى هامساً لي : لا بأس يكفي وجودي صحيح..
أحمررت خجلاً وقلبي يجيبه بالطبع !, بينما رآفييل يعلق ببرود : لديك واجبات كثيرة أيضاً , أترك الفتاة تنام قليلا الليلة !
همس دآنييل بثقة باردة وهو يحيط خصري بذراعه ليقربني منه : لا شأن لك كيف تنام كلآرا , حسنا !.
ضحكت داليآ بينما رآف ينظر بحقد , قالت هامسة بنظرة مذنبة : لكن , رآف محق .. عليك بدورية سريعة..
شعرت به يتنهد بعبوس فانحنى نحوي مجدداً هامساً قرب اذني بنبرة ناصحة ناعمة : ادفئِي نفسكِ جيداً حبيبتي..
آووه "حبيبتي" , أنا ؟؟ , لا أدري لكن النجوم ضربت في عيني فجأة و ركبتيّ تهاوت أرضاً..
_ كلارآ...!
لم اقدر على فتح عيني أشعر بالألم في رأسي و قلبي يضرب بجنون.. آوه أحببت تلك الكلمة من شفتيه.. أنها جميلة..
شعرت بطبطة على خدي , ففتحت عيني والنجوم والضياء يتراجع , آوه ما أجمل عيناه البراقتان ~
_ دآنييل..
همست بابتسامة , وصوت رآفييل واضح وحاد قليلاً : لقد صرعت الفتاة !!, يجب أن أخبر والدها عنك !.
داليآ ساعدتني لأجلس قليلا وأنا متمددة على الأريكة الطويلة , ثم قدمت لي كأس من الماء و دآنييل جالس بجانب ساقيّ ينظر نحوي بعيون ضيقة قلقة , شربت قليلاً , ثم اخذ هو الكأس من يدي , لمس وجهي قائلا بقلق :
_ هل تشعرين بالدوار ؟ أو أي ألم ؟!.
آووه هذا محرج !!, مالذي حدث لي ؟! هل جننت ~~".. هي كلمة واحدة منه و سقطت صريعة !!
_ اعتقد بأن عليك أن تكون أكثر حذراً , مثلا أن تبدأ بالخروج من هنا !.
سخر رآفييل , و شهقت قائلا بلا شعور : لا !..
فابتسمت داليآ قائلة : طيب , تصبحين على خير عزيزتي , رآف هيا لنغادر..
سحبت رآفييل معها على غير رضاه , وبقيت أنا شبه مضطجعة على الأريكة و دآنييل قربي , نهض ثم مد ذراعيه نحوي هامساً :
_ يجب أن تنامي صحيح , تعالي لأوصلك لغرفتك..
كان العرض مغرياً وأنا اسمح له بحملي و رأسي على صدره , همست وهو ينزلني على السرير : ابقى معي.. قليلاً..
ابتسم بخفوت في الظلام : ها أنا لديك..
آوه أنت روحي الآن !, بقي فوق الفراش وهو يمسح على شعري و رأسي , همس بنعومة : أنا حبك الأول !.
لا أدري هل يسألني أم يقرر حقيقة وهي حقيقة بالطبع ! , جيد أن الظلام يخفي قليلا من وجهي المشتعل حرارة عندما يهمس لي هكذا..
_ أنت الوحيد.. ولا أحد غيرك..
ضمي ببطء و برفق , وهو يهمس : أعرف هذا , وأنا ظننت بأني سأعيش هكذا حتى وجدتك.. نامي الآن , سأراك غداً..
_ لـ.. لكن.. لا أريدك أن تذهب !
شهقت رغماً عني أحدق بوجهه في العتمة , اقترب وطبع قبلة رقيقة بين عيني , وهو ينهض هامساً : سأكون في الصباح هنا , هيا نامي بهدوء..
لمس خدي قليلا ثم اختفى في الظلام...الغريب رأيت أمي في الحلم , لم أحلم بها منذ أمد بعيد, كنا نجلس معاً تحت شجرة الأرجوحة في هذا المنزل , كان شعرها الأشقر يلمع تحت الشمس وهي تنظر نحوي و تبتسم لا أدري ما كنا نتحدث به , لكنها كانت مسرورة جداً و كدت أشعر بيديها وهي تلمس وجهي بحنان ..
اردت أن ألقي بنفسي عليها و اضمها , لكن أبيّض كل شيء وانتهى الحلم بسرعة..
فتحت عيني بضيق شديد شاعرة بالحزن يحيط قلبي مسحت دمعة هربت و حدقت لثانية بالسقف , أني مشتاقة إليها بشدة ! , ليتها معنا تضيء حياتنا ! لكنها .. ليست في هذه الحياة.. لم اقدر على التنفس من بالحزن .. الجو معتماً قليلاً هنا , سمعت همس خافت من طرف سريري قرب قدمي :
_ لا تحزني..
حركت رأسي قليلاً فقط ,لأنظر نحوه جالس آخر السرير ينظر إلي بهدوء , تمتمت باختناق وأنا أرفع يدي أمام وجهي : كانت.. كانت أمامي قبل ثوان.. لكن بسرعة.. اختفت.. اردت أن أضمها.. أخبرها أني أحبـ...
شهقت باكية غير قادرة على الاكمال.. تباً ما كان ذلك.. أريد رؤية أمي مجدداً..
_ آششش , هي تعرف هذا.. لا يمكنك الحزن بعدما رأيتها هكذا.. كنتِ مبتسمة قبل ثوان في نومك.. أنه حلم سعيد..
مد ذرعه إلى شعري ليمسح عليه بلطف , تنهدت و تنفست ببطء من جديد..
_ ها أنتِ , فكري بما لديك الآن كلآرا..
بقي قربي حتى عدتُ للنوم بهدوء مجدداً , وفي الصباح تعجبت لعدم وجود الرفاق , ولا حتى دآنييل , كان هنا "لوك" و زوجته "ماريان و "أليكس" اخته "ليندآ" وقد جلبوا إفطاراً رائعاً معهم , تحدثوا جميعاً بأشراق و والدي سعيد جداً معهم .. حييتهم وأنا اخفي عبوسي لعدم وجود دآنييل ..
قالت "ليندآ" بأنها ستساعدني كثيراً لأجل اختبار الكلية , فوافقت لبعض المراجعات .. هي لن تكون هنا سوى لليلتين أو ثلاث كل أسبوع.. بينما أليكس يتحدث معي بكل مرح انساني قليلا حزني ..
بعدما غادر الجميع قرب الظهيرة , جلست متكأة بعبوس و ملل على طاولة الإفطار , بينما والدي يلاعب جيني في حجره , لاحظته ينظر نحوي بتركيز بضع دقائق , فارتبكت قليلاً , هل يبدو شيء ما على وجهي ؟!
سألني فجأة بهدوء : تبدو الهالات تحت عينيك!, أمن خطب ما ؟
هززت رأسي بسرعة نافية , ثم قلت محاولة اخفاء توتري و صورة دآنييل معلقة أمام عيني : آه , لا .. كل شيء بخير..
تأملني قليلاً ثم ابتسم , ففزعت ! , مالأمر ربآه ~.~"!!
ضممت يدي معاً لأنهما ترتجفان قليلاً , همس والدي : من فترة.. سألني دآنييل شيئاً..
يا ألهي !!, كنت أشعر بأمر رهيب بينهما... حدقت به بقلق فتابع وهو ينظر إلى جيني ويخرج قبضتها من فمها الكبير :
_ تحدثنا كثيراً , .. حدثني عن نفسه.. وعنك..
نظر نحوي وهمس بخفوت : المهم.. هو.. حسنا أنا أثق به كثيراً و ارتاح لوجوده هنا , يمنح الأمان.. أنه.. مميز هذا الشاب.. دون ان اتطرق لموضوع الخوارق تلك .. شخصيته تثير اعجابي كل يوم.. قال لي.. أنه مهتم بك.. و سألني أن يعود لحمايتك.. أن.. يكون.. حسناً.. معك كثيراً.. آممم , إن اردتِ هذا عزيزتي..
حدقت بدهشة بـ والدي , بعدما استوعبت الأمر شعرت بالحرارة تهاجم وجهي.. دآنييل سهل الأمر علي كثيراً , و والدي بدأ بالموضوع هذا جيد ~~" , قلت بارتباك و خجل شديد :
_ آه.. أنا...
فكرت بأنها اللحظة.. يجب أن أقولها بسرعة قبل أن افقد الوعي أو يحدث أمر سيء ..
_ أنا أحبه أبي..!
وددت أن أدفن رأسي في الأرض ! , ابعدت عيني عنه و بقيت أنظر بأسى إلى يدي المضمومتين بقوة لدرجة أن الدماء لم تصل إليهما :
_ آه , حقا ! , كنت أشك بهذا في الحقيقة , تغيرك الذي اخافني تلك الأيام.. آحمم.. أنتِ.. لا تزالين صغيرة حبيبتي قبل أي شيء..
نظرت نحوه هامسة بتوتر طفيف مع أنني ارتحت بشدة بعدما اخبرته : أجل.. بالطبع..
ابتسم لي بشحوب وهو يضم جيني و يقبلها , نهضت وأنا اقترب منه و انحنيت لأضمه واقبل وجنته هامسة : بالطبع لا أزال صغيرتك أبي , أحبك !.
ها نحن , قد وصلنا..
همس بهدوء وهو يوقف سيارته الزرقاء الداكنة أمام مبانٍ ضخمة و مواقف كثيرة لسيارات من كافة الأنواع , و طلاب كبار يدلفون البوابة الرئيسية للجامعة , لقد درست بجد لأجل الاختبار بمساعدة ليندآ .. رغم خوفي من هذا المكان إلا أن دآنييل اصطحبني هو ليشجعني أكثر..
تنفست بعمق , بينما هو يخرج من السيارة مرتدياً تيشيرت أزرق رمادي و بنطال رمادي داكن , شاهدت برعب كيف أن فتيات الجامعة الجذابات الفاتنات و الجريئات بملابسهن يلتفتن نحوه بوضوح !, تحطم شيءٌ بداخلي و وهنت كثيراً .. اعتقد بأن ثقتي بنفسي تكسّرت !!
آآآه و قبل الامتحان بقليل ’ آود البكاء...!
نزلت بملابسي العادية , بنطال مخملي أسود و معطف أبيض رمادي من فوقه لأن الجو بارد قليلاً , ولكن دآنييل لا يشعر بشيء..
شعرت بالدماء مسحوبة من وجهي وانفاسي ضيقة , جلب حقيبتي و توقف أمامي تماما وهو ينحني نحو وجهي هامساً بنعومة :
_ لا تقلقي ستبلين جيداً أنا واثق.. تنفسي جيداً كلارا.
حاولت أقسم لكن عيني تطوفان على الفتيات اللاتي يتعمدن المرور من قربنا وهن ينظرن بجرأة و وقاحة نحو دآنييل !
سحقاً لهن !!! , سأقتلهن الآن >< , وقحات جداً , ما هذه النظرات >< !!
_ هييه , مالأمر..؟
امسك بوجهي ليجعلني أنظر في عينيه البراقتين بلون الذهب الحقيقي والحدود الداكنة الساحرة , ربما فكرة جلب دآنييل معي سيئة ! كان علي جلب رآفييل حتى يؤدب هؤلاء بطريقته الخاصة ><!!
_ كوني واثقة بنفسك , سأنتظرك هنا.. اذهبي هيا و أريهم من تكون كلارا جاك برآين موند!
غمز لي برقة و انحنى ليطبق قبله سريعة بين عيني , تنفست مجدداً وهمست له : حسناً.. لـ.. لكن.. لا تبتعد كثيراً أرجوك..
قربني منه كثيراً , هامساً : أنا هنا حبيـ.. لكن لا أريد أن يغشى عليك قبل الامتحان.. انسى تأثيري عليك احياناً..
ضحك في النهاية , فقلت ببرود وأنا ابتعد عنه : غيرت رأيي , ابتعد عني الآن ..
دخلت القاعة بتكشير شديد , طلاب المدينة هؤلاء مخيفون و غريبون , رغم لباقة بعضهم.. انهيت الاختبار بصبر شديد , كانت الاسئلة كثيرة تؤلم عيناي هل عليهم أن يصعبوا الأمر بهذا الشكل !
خرجت اتنفس بعمق و اخيراً انتهت ساعتيّ العذاب !..
جئت في الساحة التي ينتظرني بها دآنييل , نظرت جيداً و وجدته واقفاً هنا قرب سيارته , وكان قد رآني وهو يعتدل واقفاً أسرعت نحوه بسرور شديد , لكن , طرآآآخ...!!
اصطدمت بأحدهم , وكدت اقع , لكنه أُمسك بيدي , نظرت أمامي إلا بفتى غريب يرتدي زياً رياضياً , ابتسم لي قائلا :
_ هي , أنظري أمامك جيداً يا آنسة !.
قلت بعبوس : آسـفة..
لكن يداً قبضت على خصري تبعدني عنه , وصوت دآنييل البارد ينطق قرب اذني : ألا ترى بعينيك !
نظر نحوه الفتى بتوتر ثم ابتعد بسرعة عنا , بينما دآنييل يسير وهو يشدني معه.. سألني بعبوس و نحن نقف قرب السيارة :
_ كيف كان الاختبار ؟
_ لا بأس به.. لم أنت مكشر هكذا ؟
تضايقت من ضيقه ! , فهمس وهو ينظر بعيون مشتعلة بعيداً : لا أطيق أولئك الذين ينظرون نحوك , أكاد أمزقهم.. لذا لنخرج من هنا قبل أن أُغرق جامعتهم هذه بأكملها في الظلام !.
سألته بتوتر و خجل سؤال يدور بعقلي منذ أمد طويل : آ... دآن..
نظر نحوي بعمق و اقترب منحنياً هامساً بدفء : مــاذا ؟!
أخذ قلبي يقرع بجنون ,لكن سألته و وجهي يحترق احمراراً : هل .. آ.. أنا .. جميلة ؟!
رفع رأسه محدقاً بي بصدمة , ثم كشر قائلاً : آه كلآرا هل أنتِ جادة !...ألا ترين نظرات الناس إليك , مهما ارتديتِ , أو مهما كانت حالتك تأتين رغبة بأن اخطفك بعيداً عنهم, و من أول يوم رأيتك به كنتُ مندهشاً , من أن تكون فتاة رقيقة حساسة وجميلة مثلك في ورطة رهيبة مع عالم الظلمة..
واضعاً يديه على خصري يقربني منه وهو يتكلم , همست وأنا أضع يدي على صدره القوي : كنت تود قتلي..!
_ أنها الخطيئة الأكبر , كنت سأقتل نفسي من وراءك.. لقد عذبتني كثيراً حبيبتي..
احطت ظهره بذراعي لأشعر بقلبه النابض بقوة , تمتمت برقة : لكننا نعيش و أنت حياتي الآن !.
سرنا عائدين إلى مدينتنا الصغيرة المسالمة , والتي تبعد ساعتين تقريباً , ولأنني لم أنم جيداً بالأمس من كثرة المذاكرة , غفوت بالطريق قليلاً..
افقت على صوته الهامس :
_ كلآرا..
حركت عيني بصعوبة و همهمت هل وصلنا , لكن أجابته افزعتني و ايقظتني بشكل تام :
_ كنت أسرع لنصل إلى البحر , اكافئ اتعابك لعودتك لحياتك الطبيعية , لنخرج هيا..
فتحت باب السيارة و انزلت قدمي على الرمال البيضاء الجميلة , أتى بقربي و مد لي بيده فاشتبكت اصبعنا بتلقائية ليتأبط ذراعي و نتمشى معاً على حافة المياه ..
قبل رأسي هامساً : أتذكرين .. عندما اخبرتك بأنني سأتطلع لليوم الذي تنسين به كل تلك المصائب..؟ هل سأجلب لك هذا اليوم ؟
اجبت وأنا أتأمل يدينا المتشابكة : لقد جلبته لي منذ وقت طويل.. رغم أنك تركتني..
توقف و توقفت معه , وهو يقف أمامي , تمتم ناظراً بعمق في عيني : لقد فقدت تلك اللحظات ثقتي بنفسي ! , أنا الوريث الأقوى الذي لا شيء يقف بوجهي.. خشت فقدك !, و شككت بنفسي أني لن اقدر على انقاذك..
أنه يتذكر تلك الليلة المصيرية الرهيبة ! , و الألم لامع بعينيه , آوه كان وقتاً عصيباً.. لكن..
همس وهو يحيط وجهي بيديه الباردة : قلت لك.. بأني لن أجعلك تتألمين !, لكن رأيت الحقيقة و رأيت عذابك.. لم استطع أن أفي بوعدي.. تحطمت ثقتي و كان همي الأكبر ألا تموتي !... لم تكن الخيارات بين يدي منذ البداية !..لم أرد أن أتركك في معركتك الحاسمة.. وبعدها لم استطع أن أريك وجهي... , كلارآ.. أنا.. كنت..
_ آشششش..
رفعت ذراعي حول كتفيه هامسة بتركيز في عينيه المعذبتين : أنت كنتَ معي طوال الوقت.. حتى النهاية , لكني لم استطع رؤيتك في البداية.. ثم شعرت بك.. أنت سعادتي دآنييل الآن و معك أنسى كل شيء.. لم يعد كل ذلك مهماً لتذكره أبداً..
ظل ينظر نحوي بعيون ضيقة من الألم , لمست وجهه , هامسة : أنا أحبك.. هذا هو المهم , قلبي ينبض بك و روحي الآن لأجلك.. سأموت من دونك..
ابتسم ببطء وهو يحيط ظهري بذراعيه و يقرب وجهه : حياتي الآن ملكك, أنا أعيش لأجلك أيضاً.. فقط أنت.. حبيبتي..
انحنى كثيراً وعينيه تسبلان ببطء على ذهبهما الساخن , تنفست بحرارة و قلبي يطرق بقوة من شدة السعادة :
_ آه , ستمنحني نصف قوتك... دآنييل..
_ إذن ستضطرين لإعادتها لي..
_ هل أنت خبيث لهذه الدرجة..؟
سألته مبتسمة وأنا أتأمل عينيه اللتين بلون العسل الصافي من وراء رموشه المنسدلة, أجاب هامساً وهو ينحني أكثر : ليس لديك أي فكرة , لكني أفكر بمستقبلنا البعيد , والهدية التي في جيبي لك , لكني سأنتظرك قليلاً بعد.. لا تزالين طفلة..
همست بتكشيرة : لا تجعلني ابتعد عنك..!
_ آوه ليس بهذه السهولة.. ستقتلين كلينا هكذا..
وهو يطبق بشفتيه برقة فوق شفتي و يضمني إليه بقوة , تنفس بحرارة : أحبك يا فتاتي الشجاعة , فكري ثم اخبريني ليلاً أين تحبي أن يكون منزلنا في المستقبل , لدينا الكثير لنتحدث عنه..
تنفست عبق الحياة معه , الجمال و السعادة و الروعة كلها مجتمعة بهذا الكيان الجذاب ~
, انفاسي ضربات قلبي نظرات عيني حرارة دمي في عروقي كلها له دآنييل ~