عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 02-21-2018, 05:43 PM
 

مع وقف التنفيذ (الفصلى الرابع والخامس )

------------------







الفصل الرابع





أخذ فارس يقلب الصفحات فى شرود تام لا يدرى من اين يبدا معها وكيف سيكون وقع كلماته عليها وهل ستتقبل هذا الامر بسهوله أم ستظن انه يتملص من زواجه منها بهذا القرار المفاجىء

وكيف سيستمر يراها ويتعامل معها وهى زميلته فقط وكيف سيستطيع كتم مشاعرها تجاهها وهل سيقدر على ذلك كله هل ستكون تلك المشاعر مثل الامواج الثارة التى تتحطم عند ارتطامها بصخرة الحلال والحرام هل سيستطيع الصبر عليها وكبح جماحها ام ستتفلت منه ومن بين اصابعه دون ان يدرى لتندفع الى منسوبها الاول كما كانت بل واقوى

كانت كل تلك التساؤلات تموج بها راسه بعنف ويخفق قلبه لها بقوة ولم تتركه الا وعينيه كانت تنطق بالحيره فى وجوم تام تنتظر ما سيحدث ولا تملك غير ذلك وفقط..أيها الانتظار لو كنت رجلا لقتلتك

***************************
أشار باسم إلى دنيا بالجلوس فى المقعد المقابل له دون أن ينظر إليها وهو يتأمل الورقة فى يده ....ثم مد يده بها إلى دنيا وهو مازال ينظر للورقة وهو يقول بأهتمام:

- عاوزك تقرأى المذكره دى كويس وتكتبيلى ملحوظاتك عليها

مدت يدها لتمسك بها وهى تقول:

- أيوا بس أنا لسه ..ولكنها شعرت بيده وهى تتلمس أصابعها من تحت الورقة وهو يبتسم لها بهدوء وكأنه شىء عادى تلعثمت فى عباراتها وجذبت يدها فى أرتباك ولم تتكلم...ألتفتت إليه فوجدته يتفحصها ويتأمل ردود أفعالها الصامته على محاولته التى كانت عينة أختبار لها ليس إلا والنتيجة كانت مشجعه ...قالت فى أرتباك:

- حضرتك أنا لسه جديده ومش هافهم فى حكاية المذكرات دى دلوقتى

كانت كلماتها مشجعه بشكل أكبر بما أنها لم تنهره أو حتى تظهر أنزعاجها من تصرفاته ونظراته فنهض واقفاُ ودار حول مكتبه وتلمس ظهر مقعهدها وهو يقول:

- معلش كل حاجه فى الاول صعبه بكره تتعلمى

شعرت بأصابعه تتلمس ظهرها وكتفها فنهضت فى أرتباك وقد أحمرت وجنتها وقالت بتلعثم دون أن تنظر إليه :

- من فضلك يا استاذ باسم كده ميصحش

تبسم وهو يرى رد فعلها المتهالك وقال:

- هو ايه ده اللى ميصحش هو انا عملت حاجه...

قالت بتوتر:حضرتك لمست كتفى وظهرى

باسم بخبث:مكنش قصدى يا ستى ..متزعليش

ثم أستدرك قائلا :

- هو الاستاذ فارس خطيبك فعلا زى ما سمعت مش شايفك يعنى لابسه دبله

تنحنحت وقد زاد توترها وهى تقول:

- ايوا أحنا مخطوبين بس لسه ملبسناش دبل

رفع حاجبيه فى تصنع وقال بسخريه :

- مممممم يعنى لسه مش رسمى يعنى

ثم اردف بمكر:يا شيخه سيبك جواز ايه وبتاع ايه

رفعت راسها إليه وقالت :

- ليه بقى هو حضرتك مش متجوز برضه وعندك اولاد

أتسعت ابتسامته وكاد أن يضحك وهو يقول:

- ايه ده وكمان متابعه أخبارى

قالت بسرعه:

- لا ابدا انا عرفت صدفه ثم تناولت الاوراق وهى تقول طيب حضرتك انا هقرأها وهحاول أفهم الموضوع

سحبها منها ببطء وهو ينظر لعينيها بجرأة قائلا:

- لا خلاص خليها بعدين

زاغ بصرها وقالت وهى تتجه نحو الباب:

- طب عن أذن حضرتك

شعرت بنظراته تخترق ظهرها وهى تدلف للخارج نعم فهى مثلها مثل كل أنثى تستطيع أن تشعر بنظرات الرجل وتلميحاته والامر يعود اليها من الممكن ان تصده فى البدايه وان تجعله يفكر ألف مره قبل ان يتفوه بكلماته ومن الممكن أن تعطيه بتساهلها الضوء الأخضر ليمرر عباراته ونظراته وقتما يشاء

أما هو فقد علم طبيعة الفتاة التى أعجب بجمالها هى مرتبطة عاطفيا ورغم ذلك لا تريد أن ترسم حدودا قوية لا يتعداها الرجال معاها بل تفسح المجال لذلك فهى تمسك العصا من منتصفها وكأنها تبحث عن فرصة أخرى أيسر وافضل وفى نفس الوقت لا تريد فقد ما تملكه فعلا بيدها

جلست خلف مكتبها وهى تختطف نظرات شعواء بين الحين والاخر إلى فارس القابع خلف مكتبه فى شرود تام ......

وقبل أنتهاء العمل بحوالى الساعه استأذن فارس من الاستاذ حمدى لينصرف مبكرا هو ودنيا ...خرج معها من المكتب وسارت بجواره فى سكون وكأنها تشعر أنه رآها ورأى ردود فعلها المتهاونه مع باسم وتصرفاته وأنتظرته ليتحدث

صمت قليلا ليستجمع كلماته والمنطق الذى سيتحدث به بكل حال من الاول كان لا يريد فقدها أبداً كان سيقرر تأجيل الحديث فيما بعد ولكنه أستجاب لطبيعته التى تكره التسويف والتأجيل فى الامور الحاسمه فقال بسرعه وقبل أن يتراجع:دنيا عاوز أتكلم معاكى فى موضوع مهم

ألتفتت إليه وقد أنتشلها من شرودها قائله: هه ..موضوع ايه

أخذ نفساً عميقاً وقال:

- دنيا... تفتكرى ربنا راضى عن علاقتنا بالشكل ده كده

توقفت فجأة عن السير وكأنه افرغ عليها دلو من المياه البارده شعرت بمشاعر مختلطه بين الحيرة ومحاولة الاستنتاج وقالت:

- مش فاهمه ..تقصد ايه بالكلام ده يا فارس

هربت الكلمات منه حاول جمع شتاتها مرة أخرى وقال بصدق:دنيا أنتى عارفه ومتأكده أنى بحبك ولا لاء

نظرت إليه تحاول سبر أغواره وقراءت ما يدور فى خلده وقالت:

- أيوا متأكده ..ليه

وبحكم العاده أستعمل كلتا يديه فى الحديث هو يقول:

- دنيا ...أنا عاوز ربنا يبقى راضى عن علاقتنا وانا عرفت ان علاقتنا بالشكل ده تغضب ربنا وممكن يعاقبنا ويحرمنا من بعض بسبب الحاجات الحرام اللى بتحصل

حدث ما كان يتوقعه تماماً وقالت بسخريه لازعه:

- عاوز تسيبنى وتنهى علاقتنا يا فارس... لو عاوز كده قول على طول مفيش داعى للفه دى كلها

نظر لها بحده قائلا:

- أنتى أكتر واحده فى الدنيا عارفه أنى مبحبش اللف والدوران وانى دوغرى فى كلامى مع كل الناس وانتى أولهم

عقدت ذراعيها قائله بنفس النبرة الساخره:

- أومال ايه اللى جد فى علاقتنا علشان تقولى حرام وحلال ومن أمتى يعنى

حاول رسم ابتسامه على شفتيه وهو يحاول شرح الامر بصدق قائلا:

- دنيا أنا عرفت أن نظرى ليكى ووكلامى معاكى حرام وأنا عاوز يبقى ربنا راضى عننا وعلشان متفهميش غلط تانى أنا عاوز أتقدم رسمى ونكتب الكتاب على طول

أتسعت عينيها بدهشه وقالت :

- أفندم تكتب الكتاب...بس أحنا متفقين تستنى لما نشوف التعين بتاع النيابه وبعدين نتخطب

زفر بضيق وهو يقول:

- بصى بقى أنا مش عارف أنتى عاوزانى أنا ولا عاوزه فارس وكيل النيابه ..وانا مش هديكى فرصه تسيبينى وتمشى زى كل مره بنتكلم فى الحكايه دى...لو بتحبينى وعاوزانا نكمل مع بعض باقى حياتنا زى ما بتقولى دايما توافقى انى أتقدم دلوقتى وقدامك أختيارين يأما نتخطب بس وده لحد ما تيجى تعينات النيابه ومش هينفع برضه لا نتكلم ونخرج مع بعض ولا اى حاجه من اللى كانت بتحصل واللى عرفت انها حرام ومش هعملها تانى

يا أما أتقدم ونكتب الكتاب على طول وساعتها مش هيبقى فى حاجه حرام فى علاقتنا وفى كل الاحوال هنستنى النيابه

ها قولتى ايه ..وخلى بالك دلوقتى الكوره فى ملعبك علشان نحدد بقى مين اللى عاوز يتهرب من التانى

شعرت دنيا بأنه اربكها ووضعها أمام الاختيارين لا تستطيع أن تختار ثالثا لانه لم يكن هناك ثالث إن كانت تريد الابقاء عليه ....ولكن بالتأكيد هناك أختيار ستكون فيه الخسائر أقل

حاولت ان تماطل ولكن هيهات لم يكن هناك مجالا هو يريد معرفة رايها حالا

نظر إليها بجديه وهون يقول:

- ياه..قد كده قرارارتباطك بيا صعب عليكى

تنفست بعمق وهى تحاول رسم السعاده على وجهها وقالت:

- طب ممكن يا حبيبى تستنى لما أخد رأى ماما .....مش دى الاصول برضه.

قال بسرعه وبجديه:

- هستناكى تردى عليا النهارده مش هنام غير لما تكلمينى وتردى عليا .....ولو متكلمتيش النهارده هعرف أنك أخترتى الاختيار التالت ..أنك مش عاوزانى اصلا.

رأت الجديه والحسم فى عينيه وهو يتحدث وهى تعلمه جيدا أنه لا يحب المزاح فى الامور الجديه ابدا ولا يقبل به ولا يخلط بينهما...... وهذا ما يزيده رهبة فى عينيها وهو يتحدث بمثل هذا الحسم

أومأت برأسها وهى تقول:حاضر ..هتكلم مع ماما وهرد عليك النهارده........ حاولت أن تمزح وهى تستدرك قائله:

- بس ماليش دعوه بقى لو أتصلت وأنت مردتش.. قال بجديه وهو يشير لسيارة أجره:

- مش هنام ..هستناكى ان شاالله للفجر

هتفت بها والدتها :

- أنتى بتستعبطى ولا ايه ..هو ده اللى عارفه بتعملى أيه هو ده كلامى ليكى أنا مش قلتلك متخطيش خطوة الا لما تحسبيها كويس ده جواز يابنتى عارفه يعنى ايه جواز

زفرت دنيا بضيق وهى تقول بنفاذ صبر:

- يا ماما خلاص بقى نعمل خطوبه وخلاص وجلست على فراشها وتردف:

- أصلا انا وهو بنحب بعض وكده ولا كده كنا هنتخطب خلاص طالما مصمم نعمل خطوبه

ضربة والدتها كفاً بكف وهى تقول بغضب:

- وبعد سنه يجى يقولك عاوز أكتب الكتاب ويمكن عاوز نعمل دخله وتروحى تقعدى فى الحاره مع امه مش كده وساعتها برضه هتعملى زى دلوقتى تقوليلى هعمل ايه يا ماما ماهو مش سايبلى اختيارات تانيه

عقدت دنيا ذراعيها وقالت بحنق:

- طب قوليلى اعمل ايه ..وقبل ما تقولى أى حاجه لازم تعملى حسابك انى بحبه ومش ناويه اسيبه انا بس كنت بأجل لما ياخد وضعه مش أكتر

تفحصتها والدتها برهه ثم قالت:

- انا أمك وعارفاكى كويس أنتى مش متمسكه بيه علشان بتحبيه انتى بس شايفاه أحسن واحد لغاية دلوقتى ومتأكده ان لو حد غيره عجبك هتسبيه وترميه ورا ضهرك

رفضت دنيا حديث والدتها بشده وقالت:

- لا يا ماما غلطانه أنا بحبه وعارفه طموحه كويس ممكن يوصله لفين وانا عاوزه أوصل معاه يا ماما للى هيوصله ومش عاوزه أخسره وبعدين دى خطوبه ولا هتقدم ولا هتأخر..

قالت والدتها :

- وبعدين خلاص تبقى خطيبته وتدخولوا وتخرجوا مع بعض وأى حد أحسن منه تعجبيه يقول بس يا خساره دى مخطوبه خلاص.. وسوقك يقف على كده ..صح

ابتسمت بسخريه وقالت:

- لا متقلقيش ولا خروج ولا دخول هو اصلا مش عاوز كده ده داخلى فى موال حلال وحرام ...ومينفعش أبصلك ومينفعش اقابلك والكلام ده ....هو بس عاوز يطمن أنى عاوزاه وموافقه على الارتباط بيه قبل ما يبقى وكيل نيابه

زفرت والدتها بضيق وهى تقول:

- استغفر الله العظيم ..اعملى اللى أنتى عاوزاه..





كان يقف فى شرفته الصغيره يحتسى القهوة ببطء ويدور فى عقله الف سؤال وسؤال ومليون أجابة لكل سؤال حين سمع رنين الهاتف ورأى والدته تخرج من غرفتها فقال بسرعه :

- خليكى يا ماما التليفون ده ليا

وقف والدته أمام باب غرفتها وهى تراه يلتقط سماعة الهاتف بلهفه ويقول:

- ألو ..

صمت قليلا وأرتسمت على وجهه ابتسامة صغيره وهو يقول:

- يعنى والدتك وافقت على الخطوبة بس

كانت دنيا على الطرف الاخر تنظر لوالدتها وهى تقول له عبر الهاتف :

- ايوا يا حبيبى معلش بقى حاولت معاها كتير توافق على كتب الكتاب بس رفضت جدا وقالت لاء خطوبه بس فى الاول كده زى كل الناس وبعدين بقى لما نجهز نبقى نكتب الكتاب

أبتسم فارس وهو يقول :

- خلاص مش مشكله نعمل الخطوبه زى ما كنا متفقين قبل كده..هتحدديلى معاد مع باباكى أمتى

دنيا:بكره لما ارجع من الشغل على بالليل كده

ابتسم وهو يقول:

- بكره الخميس المكتب أجازة يا دنيا

قالت بمرح :علشان تعرف بس أنك بتنسينى نفسى...عموما استنى مني تليفون بكره واول ما أخد معاد من بابا هكلمك على طول..أوك

أغلق الهاتف وقد علا وجهه ابتسامة رضا كبيرة وألتفت ليجد والدته تقف خلفه تنظر له بحزن وقالت:

- برضه هتخطبها يا فارس

تغيرت ملامحه وقد شعر بحزن والدته الذى يطل من عينيها واقبل عليها يقبل راسها قائلا بخفوت:

- والله يا ماما دنيا بتحبنى مش زى ما انتى فاكره وبكره تعرفى كده لما تلاقينى سعيد معاها

أومأت براسها باستسلام وهى تقول:

- خلاص يابنى اللى يريحك

قبل يدها وهو يقول برجاء:

- مفيش حاجة هتنفع من غير رضاكى يا ماما

حاولت ان تبتسم لكنها فشلت وقالت :

- انا عمرى ما غضبت عليك وانت عارف كده وانا مش عاوزه غير سعادتك يابنى وربنا يوفقك فى حياتك ويخلف ظنى يارب

ضم راسها فى صدره برفق وطبع قبلة عليه وهو يدعو لها بطول العمر ووافر الصحه والعافيه

فى اليوم التالى طرقت دنيا باب غرفة والدها دخلت وأنتظرته حتى ينهى صلاة العصر وما أن أنتهى من صلاته حتى ابتسم لها وهو ينهض ..أقتربت منه قبلت كتفه وقالت حرماً يا بابا

ضحك بوقار وقال يابنتى أسمها تقبل الله هقولك كام مره....

ضحكت وهى تقول:

- ماشى يا حاج تقبل الله...

قال وهو ينظر إليها بأبتسامه حانيه :

- والدتك قالتلى على حكاية العريس دى هو محامى ولا وكيل نيابه ولا ايه بالظبط

قاطعهم دخول والدتها التى قالت:

- يلا الغدا جاهز تعالوا كملوا كلامكوا واحنا بنتغدى

ألتفوا حول مائدة الغذاء حيث قال والدها:

- ها أحكيلى بقى

وضعت دنيا الملعقه وهى تقول:

- هو بيشتغل فى مكتب الاستاذ حمدى مهران من قبل ما نتخرج وان شاء الله سنه ويبقى وكيل نيابه

أومأ برأسه وهو يقول:

- ممتاز ..يعنى شاب مكافح

قالت بحماس :

- ايوا يا بابا وعنده اصرار يبقى حاجه كبيرة

قاطعتهم والدتها وهى توجه حديثها لزوجها:

- بقولك ايه يا سمير أحنا معندناش غيرها يعنى مش هنرميها كده وخلاص...عاوزاك تشد عليه شويه لما يقابلك وتطلب براحتك أحنا بنتنا حلوه وألف مين يتمناها

ألتفت سمير لزوجته وقال:

- الموضوع مش موضوع حلاوة يا ام دنيا انا بدور لبنتى على راجل يشيل مسؤليتها وابقى مطمن عليها معاه ولو الولد جد ومكافح وأخلاقه كويسه زى ما سمعت يبقى الطلبات دى تيجى بعدين وعلى مهله

قالت بغضب:

- يعنى ايه الكلام ده انت ناوى تتساهل معاه ولا ايه

تدخلت دنيا وقالت بسرعه :

- يا ماما مش أحنا أتفقنا هتبقى خطوبه بس كده لما نشوف هنعمل ايه

نظر اليها والدها بتساؤل:

- يعنى ايه الكلام ده يعنى ايه خطوبه بس كده

ارتبكت دنيا وقالت:

- قصدى يعنى يا بابا هنعمل خطوبه لحد ما يكون نفسه يعنى مش أكتر

هزر راسه وقال وهو يكمل طعامه:

- خلاص خليه يجى بكره بعد العصر ان شاء الله

تدخلت والدتها مرة أخرى وقالت بحده:

- مفيش كلام فى كتب كتاب يا سمير ...خطوبه بس فاهمنى

التفت الى دنيا ينظر إلى ردود افعالها تجاه كلام والدتها فوجد علامات الارتياح على وجهها فعلم أنها موافقه على ما تسمع فهز رأسه وقال:

- اللى فى الخير يقدمه ربنا

بعد الغذاء هاتفته وابلغته بمعاد مقابلة والدها تلقى منها الخبر بسعاده كبيره وهو يشعر بمشاعر مختلفه بين القلق والسعاده..قلق من مقابلة والدها وسعاده بأقتراب تحقيق حلم قلبه الذى طالما أنتظره طويلا...نعم كانت مشاعر السعاده ناقصه نظراً للحزن الذى يراه فى عينين والدته منذ أن أبلغها بمعاد تلك المقابله ولكنه كان يمتلىء بالامل فى أن يسود بينهما جو من الالفه والحب بعد أتمام الخطبه

رفضت والدته الذهاب معه ولكنه أصر بشدة أن تصحبه فى هذه الزياره وقد كان

توقفت والدته تحت البنايه التى تسكن بها دنيا ووقفت تنظر حولها وتقول :تصدق انا كنت فاكره أن فى فرق كبير بينكم ...طريقة كلامها لما شوفتها أول مره خلتنى افتكر أنهم ياما هنا ياماهناك لكن طلعوا أهو ناس عاديه الفرق مش كبير يعنى ولا حاجه

أبتسم فارس وهو يحثها على دخول البنايه وقال :

- شوفتى بقى علشان تعرفى انها مش هتتكبر عليا زى ما كنتى فاكره يا ست الكل

كان أستقبال والدة دنيا لهما بارداً جدا شعرت به والدته منذ اللحظة الاولى التى وطأت بها باب بيتهم

أقبل عليهم والدها فى ترحاب شديد وبعد لحظات من الحديث مع فارس ووالدته شعر بالارتياح تجاهه وبمدى أحترامه لوالدته وتوقيره لها وهنا اقبلت دنيا بكامل زينتها ورحبت بهما وشعرت والدته ببعض البرود ايضا تجاهها وقد كان متبادل بينهما بمعنى أصح

تشجع فارس كثيرا عند حديثه مع والدها وهو يرى علامات الارتياح على وجهه وبكلماته المشجعه الداعمة له فقال:

- عاوزين يا عمى بعد اذنك نحدد معاد الخطوبه ان شاء الله

أبتسم والدها وهو يقول:

- أدينى بس يومين تلاته كده اسأل عليك وانا هكلمك بنفسى أحدد معاك المعاد ان شاء الله

تدخلت والدتها قائله:

- بمناسبه الخطوبه ..عندك استعداد تجيب شبكه بكام

تدخل سمير قائلا:

- مش وقته الكلام ده دلوقتى لسه فى قاعده تانيه وبعدين الشبكه دى هدية العريس لعروسته

نظرت له زوجته بحده تتوعده بنظراتها وقالت بعصبيه :

- أزاى يعنى لازم نحدد من دلوقتى ولا نيجى نلاقى الحكايه كلها دبلتين وخلاص

شعر فارس بالحرج من الحوار الدائر بينهم وقال :

- ان شاء الله مش هنختلف على حاجه اللى دنيا تطلبه فى حدود أمكانياتى مش هتأخر بيه

كادت والدتها ان تهتف بعصبيه مرة أخرى ولكن دنيا كانت تجلس بجوارها فضغطت على يدها وهى تظهر السعاده على وجهها وقالت بسرعه :

- مش مهم تمن الشبكه المهم معناها والتفتت الى والدتها وقالت وهى تضغط على يدها مرة أخرى :

- مش كده يا ماما

زفرت والدتها وقالت وهى تنهض أنا هقوم أجيب الشاى أحسن

أنتهى اللقاء بتحديد موعد بعد ثلاثه ايام ينهى فيهم والدها سؤاله عن فارس ويعلمه بالنتيجه...كان فارس يشعر بالاطمئنان من لقاءه بوالد دنيا فلقد رآه رجل حكيم ويعرف كيف يحكم على الرجال ولكن والدته قالت وهى تدلف من باب منزلهم وتغلق الباب بعصبيه خلفها :

- سبحان الله البت طالعه لامها نسخه طبق الاصل صحيح على رأى المثل أكفى القدره على فمها تطلع البت لامها

ضحك فارس قائلا:

- مرحباً بيكى يا ست أم فارس فى عالم الحموات

ضربته على كتفه وقالت:

- انا حما يا فارس ..تبقى انت لسه متعرفنيش

ضحك وهو يقبل يدها:

- عارفك والله يا ست الكل بس معلش أستحملى أمها شويه ولما دنيا تبقى فى بيتى هتاخد على طبعنا ومع العشره هتحبيها بأذن الله

شعرت والدته بالضيق التى تشعر به دائما كلما ذكرها بأن دنيا ستعيش معها فى مكان واحد فى يوم من الايام....

مر يومان وهاتفه والدها كما وعده وأخبره بأنه ينتظره لمقابلة أخرى للأتفاق على ميعاد الخطبه وبقية التفاصيل

لم تكن المقابله باقل توتر من المقابلة السابقه بل على العكس زادت عن المرة الاولى لما فيها من تفاصيل ماديه ولقد كان فارس يتوقع ذلك لذلك لم يأخذ معه والدته حتى لا تسمع كلمة تحرجها أو تشعر معها بقلة الحيلة ولقد كان محقاً فلقد أستشاطت والدتها غضباً عندما علمت المبلغ الذى حدده فارس للذهب المطلوب للشبكه وكادت أن ترفض الارتباط من قبل ان يبدأ لولا محاولات والد دنيا التى هدأتها قليلا ولكنها لم تنتهى عن عباراتها المؤلمه حتى نهض فارس واقفاً بحزم وهو يقول:ده اللى عندى ودنيا عارفه كده كويس

تدخلت دنيا لحسم الامر بشكل نهائى وقالت بلهجه قاطعه:

- وأنا موافقه يا ماما وزى ما قلت قبل كده الشبكه بمعناها مش بتمنها

وتم تحديد موعد نهائى للخطبة بشكل رسمى بعد أسبوع وأنتهت معركة الذهب وهو يحمد ربه على عدم حضور والدته مثل هذا المزاد الرباعى وما قيل فيه من ألفاظ جارحه

عاد ليخبر والدته بالموعد النهائى الذى تم الاتفاق عليه لم تكن تعلم هل تشعر بالسعاده لخطبة ولدها أم تشعر بالاسى لاجله فقلبها ينبأها بفشل هذه الزيجه من قبل أن تبدأ ...قامت توضأت وصلت ..سجدت لربها وهى تدعو بحراره قائله :

- يارب لو فيها خير يسرله أمره ولو غير كده ابعدها عنه ومتكسرش قلبه ياااااارب

------
الفصل الخامس


كانت عزة تعد الطعام فى المطبخ بصحبة عبير أختها وهما يتضاحكان ويمزحان حين دخلت والدتهما وقالت:

- أعملوا شاى يا بنات لخالتكوا أم فارس

قالت عزة بهمه :

- هعملوا أنا يا ماما حاضر ..ثوانى بس

ضحكت عبير وهى تقول :

- اه طبعا هتعمليه جرى النشاط حل عليكى دلوقتى

نظرت لها عزة بحده وارتباك وهى تضع براد المياه على الشعله ...أقتربت والدتها منهما وهى تقول بتردد :

- فارس هيخطب يوم الخميس اللى جاى....أرتعشت يدها وسقطت المياه على الشعله فأطفأتها

على الفور أقتربت منها أختها بلهفه وهى تنظر ليدها وتقول:الحمد لله الميه كانت بارده لسه

زاغت نظرات عزة وهى تشعر ان المياه كانت ساخنه لا انها فعلا كانت شديده السخونه ولكنها لم تسقط على يدها وأنما سقطت على قلبها نعم ستحرقها بحرارتها المرتفعه ولكنها فى النهايه ستطفىء النبته التى كانت تنبت بداخله من مشاعر يتيمه من طرف واحد

قاومت دمعة كانت ستقفز من عينيها وقالت بأنفاس متقطعه :

- معلش يا ماما هعمل غيرها حالا ...أخذت عبير براد المياه من يدها وقالت بشفقه :

- أستنى يا عزة انا هعمل الشاى

جاهدت عزة لترسم ابتسامه مصطنعه وهى تقول:

- أنا نسيت اصلى العصر هروح اصلى واى بسرعه

توجت الى الحمام ..دخلت بسرعه وأغلقت الباب خلفها توضأت فأختلطت الدموع بماء الوضوء خرجت وتوجهت لغرفتها وبدأت فى الصلاة..وقفت وركعت وسجدت بغير هدى لم تنتظرها العبرات للسماح لها بالقفز على وجنتيها بل أنسابت بأنهمار وبهدوء لا يشعر بها أحد ولا يستطيع ان توقفها اى كلمات عزاء او مواساة

نعم كانت تعلم أنها ستسمع هذا الخبر يوما ما ان آجلا او عاجلا ولكنها كانت تمنى نفسها بأنه لن يحدث بل كان الامل لديها يزداد كلما تذكرت شخصية دنيا المختلفه تماما عن فارس ........لماذا تمنيت ونسجت خيوط الامل حول أمنيه بعيده لا يراها سواى ...ألقى قلبى فى بحر الاحلام فاستيقظ لاجد نفسى وقد غرقت قدماى فى لجة مظلمه لا أكاد أن أرى يداى من شدة ظلمتها أصرخ فلا يسمعنى أحد

أستغيث ولا مغيث لى الا الله وحده...امن الممكن ان يكون عقابا من الله ؟!.....نعم ولم لا ...لقد ملك علي قلبى أكثر مما يجب ...كنت أنتظره وأنسى صلاتى وأخرها لاجله...أحرص على رضاه ولا احرص على رضى خالقى....أبيت الليل فى سهود أحترق بحبه ولا أقوى على القيام لربى ركعتين فى جوف الليل...أعتمدت على الاسباب ونسيت مسبب الاسباب....نعم والله كان حقا على الله يعذب قلبى بمن شغله عنه نعم انا فى الظاهر فتاة صالحه اقوم بفرائضى ولكن وقود قلبى ليس حب الله وطاعته وأنما هو الهوى وحظ نفسى والدنيا فكنت أشقى بشقاؤه وأفرح لسعادته لذلك شقيت به وسأظل أشقى ان لم أفيق الى نفسى سريعا وأنظر لماذا خلقت.......قفزت المزيد من العبرات على وجنتيها ولكن هذه المره كانت دموع من نوع آخر لها مذاق آخر...مذاق محبب

*****************************************************

وقف فارس أمام المرآه يتأنق ويتألق فى حلته السوداء وهو لا يصدق نفسه ....أخيرا سيرى دنيا بعد ساعه أو يزيد ويزين أصبعها بخاتم الخطبه لتكون له وحده ارتسمت ابتسامه لا اردايه على شفتيه فى سعاده وهو يربط ربطة عنقه بدقه وأناقه ثم ينظر نظرة أخيرة فى رضا تام عن مظهره ألتفت ليجد والدته تقف على باب غرفته مبتسمه فى حنان وهى تقول:

- ماشاء الله زى القمر ...ياما كان نفسى أشوف اليوم ده من زمان وبدموع الامهات الحاضره دائما أختلطت أبتسامتها بدموع سعادتها به

توجه فارس اليها مسرعها ووقال بلهفه:

- ايه ده يا أمى هو انتى تزعلى تعيطى تفرحى تعيطى وضم راسها وهو يقبله فى حب قائلا:

- ربنا يخليكى ليا يا ست الكل

أبعدها عنه برفق وهو يقول ببهجه:

- الواد عمرو جه ولا لسه

أنتبهت فجأه وكأنها قد نسيته فى خضم مشاعرها المختلطه والمتلاطمه وقالت:

- صحيح والله ده انا نسيته....ده بره مستنيك

خرج فارس ليجد عمرو جالسا امام التلفاز يقلب قنواته واضعاً ساقاً فوق الاخرى فهتف به وهو يضربه على كتفه:

- ايه يابنى انت قاعد على القهوة يلا أتأخرنا....قاطعته والدته وهى تقول :

- هنروح احنا التلاته بس يا فارس

التفت لها قائلا:

- يا ماما دى خطوبه على الضيق كده يدوب اهلى واهلها بس مفيش حد..يلا بينا يا جماعه هنتأخر كده

ضحك عمرو وهو ينزر لوالدة فارس:

- مستعجل اوى على ايه بكره تندم يا جميل

ضربه فارس على كتفه وقال:

- طب بكره نتفرج عليك يوم خطوبتك يا أمور

ثم تابع بمكر :

- اه صحيح ساعتها مش هتبقى مستعجل ده البيت لزق فى البيت

ضحكت أم فارس بينما لكزة عمرو فى يده وهو يقول :

- خفيف اوى ياخويا

وما أن فتح الباب وكأنه قد فتح شلال ضرب وجوههم فجأه ...أندفعت مهره تجاههم تدفعهم تاره وتختبأ خلف فارس تارة أخرى وتتعلق بقدمه حتى كاد ان يسقط وهى تصيح ماليش دعوه هاجى معاكوا الفرح ..ووالدتها تجرى خلفها مسرعه وهى ممسكه بعصا صغيره وتهتف بها بغضب:

- يابت تعالى هنا بقولك والله هتضربى يا مهره لو ابوكى عرف بعمايلك دى هكسر عضمك

وضع فارس يديه بين مهره والدتها وهو يقول :

- فى ايه بس ايه الحكايه

قالت الام بأحراج شديد :

- والله أسفين يا أستاذ فارس البت دى مش عارفه مالها كده مجننانى من يومها معلش متزعلش انا هقول لابوها ماشى يا مهره والله لقوله على اللى بتعمليه ده

صرخت مهره من خلف فارس :

- انا معملتش حاجه انا عاوزه اروح الفرح بس

تدخلت والدة فارس قائله بحنان:

- خلاص علشان خاطرى يا ام يحيى متضربيهاش ..أقولك خليها تيجى معانا مفيهاش حاجه

أم يحيى:

- ازاى بس يا ست أم فارس هو أنتوا خلفتوها ونسيتوها

قاطعتها فارس بعتاب:

- لاء كده أزعل منك أوى يا أم يحيى أنتى عارفه ان مهره أختى الصغيرة ..طب ايه رايك بقى هاخدها معايا

أم يحيى:

- مينفعش يا استاذ فارس مش شايف منظرها

ألتفت عمرو وفارس ووالدته ليروها بوضوح لاول مره منذ دخولها عليهم كالعاصفه :

- هى كما هى بشعرها الاشعث دائما وغرتها المبعثرة على جبينها بغير هدى ولكن زاد عليها شىء واحد جعلهم يضحكون بغير توقف ...كانت تضع أحمر شفاه على شفاهها بطريقه مضحكه جعلها مثل مهرجين السيرك

وقفت تضع يديها فى خصرها وتقول بحنق:

- بتضحكوا على ايه

قال عمرو وهو مازال يضحك:

- ايه اللى انتى حاطاه على بؤك ده

تلمست مهره أحمر الشفاه بزهو وهى تقول بثقه كبيرة فى مظهرها:

- ده روش أنت متعرفش المكياش ولا ايه

ضحك الجميع وهم ينظرون الى بعضهم البعض وقال فارس لعمرو :

- كسفتنا يا جاهل فى حد ميعرفش المكياش

هجمت والدتها عليها وأخذت بشعرها وجذبته منه وهى تقول :

- والله ما هسيبك يا مهره لازم تضربى النهارده

أبعدتها أم فارس عنها وخلصت شعر مهره من بين يدى والدتها وقالت بحسم:والله لتسبيها انا حلفت بالله...وايه رايك بقى هتيجى معانا...يالا خديها ولبسيها حاجه كويسه وسرحيلها شعرها

هتفت مهره بسعاده وهى تحتضن أرجل أم فارس حاولت والدتها الاعتراض ولكن أم فارس حسمت الامر وأغلظت الايمان عليها فأضطرت بالقبول

خرجت أم يحيى بصحبة مهره لتبدل لها ملابسها

نظرعمرو الى فارس مداعبا وقال:

- كنت مستعجل أديك هتقعدلك نص ساعه على الاقل ثم اردف قائلا:بقولك ايه احنا ممكن نهرب من مهره ولا دى محدش بيعرف يروح منها فين

ضحكت أم فارس وقالت:

- طب والله البنت دى زى العسل محدش يعرفها أدى انا هدخل اعملكوا شاى لحد ما تنزل ان شاء الله مش هتتأخر

جلس فارس أمام التلفاز وهو يقول :

- وأدى قاعده ..منك لله يا مهره هتبقى السبب فى طلاقى فى يوم من الايام

ضحك عمرو وهو يقلب قنوات التلفاز فقال له فارس هامساً:

- مش ناوى بقى تتقدم انت كمان ولا ايه يا عم المهندس أنت

جلس عمرو وظهرت علامات الشرود على وجهه قائلا:

- مش عارف يا فارس والله

فارس :

- ليه يا عمرو

ثم اشار له قائلا:

- أوعى تقولى انى فهمت غلط

أشاح عمرو بوجهه وقال :

- لا مش غلط بس اولا لسه فاضلى سنه فى الكليه ثانيا مش متأكد منها خايف ترفضنى

ربت فارس على كتفه وقال بابتسامه :

- خلاص كلها سنه وتتخرج وهتبقى مهندس قد الدنيا وبعدين احنا جيران ومحدش يعرف عنك غير كل طيب هترفضك ليه بقى

زفر عمرو بضيق وهو يقول:

- مش عارف يا فارس قلقان بس مش أكتر

هتف فارس مداعباً:

- أنت هتعملى فيها بقى عندك دم وبتحب وكده

قفز عمرو من مكانه ووضع يده على فم فارس ليسكته قائلا:

- اسكت يابنى انت ..انت ايه عاوز تسيحلى وخلاص

خرجت أم فارس من المطبخ تحمل أكواب الشاى فتصنع عمرو انه يهندم ملابس فارس قائلا:

- لالا مظبوط متقلقش

بعد نصف ساعه كانت مهره تطرق باب الشقه بقوة وأزعاج أنتفض فارس ليفتح الباب وهو يقول:

- ايه يا بنتى ده ده انتى خبطتك ولا خبطت المخبر

نظرت أم فارس لها بأعجاب وهى تقول :

- ماشاء الله ايه الفستان الحلو ده وايه الشعر الحلو ده

دارت مهره حول نفسها بأعجاب ليدور معها ذيل فستانها الوردى الرقيق وهى تقول:

- ده فستان العيد يا طنط واشارت الى حذائها بشغف وهى تقول:ودى جزمة العيد

قاطعها عمرو مداعبا :

- وطبعا ده شعر العيد مش كده

ضحك فارس ووالدته التى قالت :

- أخيرا شفتك مسرحه شعرك يا مهره ..

هتفت مهره بصياح:

- يلا بينا بقى أتأخرنا على الفرح

ثنى فارس ركبتيه بمرح وهو يمد يده اليها قائلا بصوت طفولى:

- يلا بينا يا عروستى

ضحكت بسعاده وهى تضع يدها فى يده بيد وتمسك بطرف فستانها باليد الاخرى وتقول:

- يلا يا عريسى

بالفعل كانت حفلة الخطبة صغيرة وبسيطه وكأنها مقابله عادية باستثناء الاغانى والموسيقى المرتفعه فى البيت وبعض باقات الورود فى أركان المنزل ودنيا بفستانها الذهبى وزينتها الكامله مما جعل فارس يشعر بالحرج بسبب وجود عمرو ورؤيته لها بهذا الشكلكان فارس يجلس فى المنتصف بين والد دنيا ومهره وكان يلتفت الى والد دنيا ويتحدث معه بأهتمام بينما نهضت دنيا وجلست بجوار مهره وقالت بابتسامه صفراء قومى يا حبيبتى اقعدى جنب ماما

رفعت مهره راسها ونظرت لدنيا وهزت راسها نفياً ولم ترد .......حاولت دنيا كتم غيظها وهى تعيد أمرها مره أخرى:بقولك قومى يا شاطره اقعدى فى اى حته تانيه

هذه المره لم تنظر لها مهره من الاصل وقالت ببرود:

- مسميش شاطره ومش قايمه

شعرت دنيا بالدماء تغلى فى راسها وصاحت بعصبيه:

- بقولك قومى

ألتفت فارس على صوت دنيا وقال بتساؤل:

- فى ايه يا دنيا

قالت بعصبيه البنت دى بتعند معايا ومبتسمعش الكلام انا كنت فاكراها مؤدبه زى ما كنت بتقول عنها

صاحت مهره بصوت يشبه البكاء :

- انا مؤدبه والشتيمه حرام واللى بيشتم الكلمه بتلف تلف وترجعله

والتفتت ل فارس وهتفت به :

- مش انت قولتلى كده يا فارس

لف فارس ذراعه حول كتف مهره وهو يقول:

- ايوا يا حبيبتى صح بس وطى صوتك شويه ممكن؟

صاحت دنيا :

- أنت بتنصرها عليا يا فارس وكمان بتستأذنها

نظرت أم دنيا لمهره بحده وقالت بغضب:

- أسمعى الكلام يا بنت

فركت مهره عينيها وهى تصيح :

- كده حرام ماما قالتلى عيب نشخط فى الضيوف

نهضت أم فارس وأخذت بيد مهره وهى تقول لدنيا:

- معلش يا دنيا هى متقصدش ونظرت لمهره وهى تجذبها اليها قائله:

- تعالى يا مهره اقعدى جنبى يا حبيبتى

تشبثت مهره بذراع فارس وقالت ببكاء :

- عاوزه اقعد جنب فارس

نهض والد دنيا ليحل المشكلة ويفض النزاع وأخذ بيد ابنته قائلا:تعالى اقعدى مكانى يا دنيا تعالى

جلست دنيا بجوار فارس على الجهة الاخرى وهى ترمق مهره بنظارت ناريه

نهض عمرو وجلس بجوار مهره وأنحنى على اذنها قائلا:

- تيجى نتفرج من البلكونه شويه

حركت كتفيها برفض وهى تمد شفتاها بغضب وهى تتشبث بذراع فارس أكثر ...ظلت على هذا الوضع فترة من الوقت ومن الحين للآخر يربط فارس على شعرها أو يدها ليبعث الطمأنينه فى نفسها..حتى وضعت راسها على ذراعه المتشبثة بها وأغمضت عينيها نامت ببراءة ...مما جعل دنيا تستشيط غضبا من الصغيره وشعرت انها أنتصرت عليها

أقبلت هيام صديقة دنيا وجلست بجوار عمرو بخجل وبحثت عن كلمات تستطيع بها ان تتحدث اليه وتجذب أنتباهه ولم تجد افضل من مهره للحديث عنها فقالت:

- هى البنوته دى أختك ولا اخت فارس

ألتفت عمرو اليها وقد تفاجأ بحديثها اليه وقال بابتسامه صغيره :

- لا دى جارتنا بس متعلقه بينا اوى يعنى زى اختنا الصغيره كده

أومأت برأسها باهتمام وأسترسلت فى الحديث قائله:

- واضح أنكم أصحاب اوى انت وفارس

قال باقتضاب محاولا أنهاء الحديث:

- اه فعلا

صمتت لبرهه ثم قالت:

- غريبه

شعر بالفضول والتفت اليها مرة اخرى قائلا:

- هو ايه اللى غريب

ابتسمت وقد لفتت انتباهه مرة أخرى وقالت:

- قصى يعنى غريبه انكوا اصحاب وجيران وانت تدخل هندسه وهو يدخل حقوق

أبتسم قائلا:

- اه .....بس مفيهاش حاجه غريبه يعنى كل واحد ليه اهتمامات غير التانى.... عادى

قالت بتلقائيه:

- معاك حق ماهو انا ودنيا اصحاب ورغم كده هى دخلت حقوق وانا دخلت أداب

بس هى بقى لقت نصها التانى لكن انا لسه

ابتسم بمجامله ولم يرد وكان قد استشعر سخافة الحوار فوجدها تقول متسائله:

- أومال مجبتش خطيبتك معاك ليه

ابتسم ساخراً فى نفسه فالعبارة مباشرة جدا بعكس ما كنت تتصور هى وقال:

- لا انا مش خاطب

ثم أستدرك قائلا:

- انا لسه بدرس وبعد التخرج لسه هشتغل واكون نفسى ومبفكرش فى الحكايه دى دلوقتى لسه قدامى كتير اوى عليها

شعرت بالاحباط من كلماته وهذا ما كان يريده تماما ولكنها لم تستطع ان تقاوم جاذبيته وخفة ظله التى أعطت للحفل جو مرح ومبهج ظلت جالسه بجواره ....حاولت ان تقاوم هذا الشعور فكلماته واضحه وضوح الشمس ولكنها لم تستطع

فى اليوم التالى حدث أول تنازل منه ووافق على طلب دنيا التى هاتفته وطلبت منه التنزه سويا قليلا ...رفض فى البدايه ولكنه لم يستطع مقاومة ألحاحها المتكرر وحزنها الذى ظهر فى كلماتها وهى تتهمه بالتقصير تجاههاوعدم سعادته بارتباطهما أخيراً

التقى بها فى أحدى المتنزهات التى أعتادا اللقاء فيها وجلسا على المقعد المعتاد لهما أمام النيل مباشرة ألتفتت اليه وهى مبتسمه وقالت برقه:

- متقدرش تتصور وحشتنى ازاى من امبارح للنهارده

أبتلع ريقه وهو يتذكر كلمات الشيخ بلال أنها مازالت غريبة عنه فالخطوبه ليست الا وعد بالزواج فقط لا يحل له شيئا منها .....حاول السيطره على مشاعره فهو يعلم ان هذا لا يجوز حاليا وقال :

- منا علشان كده يا دنيا كنت عاوز أكتب الكتاب علشان اعرف اعبرلك عن مشاعرى براحتى

نظرت اليه بجرأه وتفحصت ملامحه التى تحبها وكأنها لم تسمعه وقالت برقه وهى تتلمس ذراعه بأطراف اصابعها :

- يعنى انا موحشتكش

أختلج قلبه للمستها وشعر بحراره تسرى فى جسده غلبه شيطانه وهواه وحظ نفسه من متعها وهو يستمع لكلماتها الرقيقه التى تلقيها بدلال :

- زمان يا فارس لما كنت بتمسك ايدى كنت بحس انى ملكة الدنيا وما فيها ...ياه لمستك وحشتنى اوى

قالت عبارتها الاخيره بطريقه لم يتحملها أنهارت معها كما تنهار أبواب السدود لتغمر الارض العطشه بالمياه وأنساه الشيطان كل ما كان يحذره منه صديقه بلال كان محقاً..لقد وضع نفسه موضع فتنه كبيرة وهو بشرى وغير ملتزم بطريقه صحيحه فكانت النتيجه الحتميه هى التنازل واتباع الشهوات

أمسك كفيها ببطء وهو ينظر لعينيها وتعانقت اصابعهما بعضها ببعض ورفع كفها لشفتيه وقبل كفها قبله طويله أذابت ما بقى بداخله من مقاومه

ومــــــر عـــــــــــــــــام

------

يُتبع


__________________
"لبّيك إن العمر دربٌ موحشٌ إلا إليك "
يا رب