" تتوارى خلف اللظى ، منسجمًا بغفوة شفيقة
الفراغ من حولك هجود ، فبك الأجواء آنية
تخطف الأنفاس و تأسر القلوب ، فبك بت ثملة "
.
.
بصوت عذب نمير ، لحنت تلك الحسناء القابعة بقرب منحدر مهلك ، تراقصت خصلات شعرها الأبيض مع وتيرة ألحانها ، نسجت بحركات أصابعها خيوطًا وهمية و اتخذتها كالكمان لها !
حبكت سيمفونية عذبة و هي تحدق بقمر يتمايل مع نجومه الوهاجة !
ارتسمت بسمة ناعمة على شفتيها و هي تحدق بتلك السماء الداكنة التي قد خجلت من مطالعتها لها فشدت سترة متلألأة تستر صفاءها الآسر !
بحنوة استقامت لتعانق القمر و هي تسرح معه بعيدًا !
تداعبه بنظراتها ... و تبهجه بابتسامتها الوديعة ، تلك الحسناء ماكانت إلا جنية القمر !
- بك ازدانت السماء يا بياض سوادي !. بنبرة مأنوسة أردفت .
لقطت أذناها خشخشة عشب تتقدم بالقرب منها !
اشتمت رائحة كريهة و ماكانت إلا سيجارة أشعلها ذلك الغريب خلفها !.
ضحك ساخرًا بملئ شدقيه :
- أرى الخوف قد شل جسدك ؟! أم أنكِ ترمين بنفسكِ إلى الهلاك ؟! .
لم تلتف و لم تجزع و إنما أردفت بنبرة صارمة و كأنها تلتهمه بكلماتها :
- من تكون ؟! غريب قدم إلينا ؟ أم شر حل بنا ؟.
- بل قرصانًا يبغى نعيمًا !.
- و هل ترى بي نعيمًا ؟ أم كنزًا يرفعك شأنا ؟!
- أرى حسناء تأسر روحي !.
صمتت لوهلة ثم التفت نحوه ،! شلت الصدمة فاهه ، لم يتوقعها هكذا ، توقعها ضعيفة ، توقعها خلة !!
- بل أرى جمالًا كونيًا !. أردف بتلكؤ و هو منبهر حقًا مما رآه .
ابتسمت بخبث لتصرخ عاليًا :
- قل للمتلصصين ، اغربوا فالغربان أنقى منكم
قل للطماعين ، اغربوا فالجشع قد تجسد بكم
قل للحمقى ، لا تهربوا فالموت قد تمكن منكم
انصدم من كلماتها ، لم يدرك ما تعنيه لكنه شعر بفزع يقبض رئتيه ، بدأ يهرع بالركض لكنه سرعان ما تألم فجأة لينثقب جسده ناحية قلبه
تطاير رذاذ دمه على الأرض السوداء ، يتوهج تحت ضوء القمر.
رسمت مكرًا غريبًا على محياها ، لتتقدم تجاه كأس الشراب ذلك الذي أعد لها من دم هذا القرصان .
تناولته بيدها لتهمس :
- أراك قد عدت بفاجعة كبيرة ! لم تعد ذلك الصغير الذي أحن عليه و أتلو له ترانيمي لكي ينام !.
نحنحة صاخبة دنت منها ، تبعها نبرة بادنة :
- لعودتي قد سقطت النجوم .. و لأجلكِ قد غدوت قمرًا قرمزيًا !