عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04-06-2018, 01:24 PM
 
مسابقة:و لم يبتعد صديقي: ذهبية





قصة مؤثرة

بالتوفيق

لون










و لم يبتعد صديقي





ها قد حل يوم جديد في الحياة
استيقظت على أمل أبقيه في داخلي دائما
كالشعلة لوﻻه ﻻنطفأ نور حياتي
لكن يبدو بأن تلك الشعلة بدأت تخبو
فتحت عيني و كل ذرة في كياني تصرخ رغبة في رحيله
لكن
يبدو أن صوت هذه الصرخات
منخفض أكثر من اللازم
كان بجانب سريري
يجلس مراقبا لي
أليس لديه عمل في الحياة سواي؟
لكن مع هذا
ﻻ أستطيع التخلي عنه هكذا
صديقي الوحيد في هذا العالم
أتمنى لو أبتعد عنه لتبتعد عني نظرات الجميع
لكنه يبقى ملتصقا بي
يرفض أن يبرح مكانه
نظرن إليه مطوﻻ
لما ﻻ يفهم أنني أريد ابتعاده
نطقت بيأس
"لما ﻻ تعود من حيث أتيت ألم يحن الوقت لتبتعد عني؟"
كما في كل مرة
يسمع كلامي و يتجاهله
هل أنا غير مرئي أم ماذا
لما فقط ﻻ ترحل و تتركني أعيش بسلام
أشعر و كأن شيئا يخنقني حين أراه
إنه شعور مزعج
أريده أن يبتعد عني
و بنفس الوقت ﻻ أستطيع
ﻻ أستطيع المضي بدونه
سمعت صوت باب غرفتي يفتح
ﻻ شك أنها أمي
كنت ﻻ أزال أرمقه بعتاب صامت
و أنا أشعر بنظرات الشفقة من خلفي


تلك النظرات التي تحرقني
تميتني ببطء
ﻻ يا أمي
ﻻ تنظري إلي هكذا
ألست ابنك الصغير؟
لماذا تعذبينني هكذا
لم أنظر لها
ﻷنني ﻻ أريد أن أرى تلك اللمعة بعينيها
دمعة ظلت حبيسة مقلتيها لسنوات
ترفض إخراجها أمامي
فقط لتشعرني أنني لست السبب بها
لكن ﻻ يا أمي
ابنك الصغير ليس هذا الطفل الذي ترينه أمامك
ابنك الصغير لم يعرف شيئا من عبث الطفولة و لهوها
بل شب و في قلبه غمامة حزن دفين
أعلم ما سبب حزنك
و الذنب يقتلني ألف مرة
ﻷنك تتألمين
نعم تتألمين بشدة
تتعذبين مثلي لو حاولت تحقيق حلمك في أن تصبحي أما طبيعية
ﻷنني لست ابنا طبيعيا
أنا عالة عليك فقط
و السبب
هو أنت يا صديقي
أنت من تسببت بهذا
ﻷنك لو لم تكن موجودا
لما ذكرتني كل دقيقة بألمي
لم أعرف طعم السعادة يوما و أنت بجانبي.
ما بك اﻵن
صامت؟
هذا طبيعي
لم تتكلم يوما
لم تدافع عن نفسك أمامي
كل من بعمري يعيش حياته في الفرحة فقط
يتمنون عودة هذه اﻷيام حين يكبرون
لكن أنا
ليس لي الحق بهذا
و أنت اعتراف بهذا اﻷمر
يا صديقي الوحيد

دخلت أمي إلى غرفتي
يبدو أنها قد أحكمت وضع قناع التحمل على وجهها
بدأت تكلمني بحنان
أرى جيدا ذلك الحرمان بعينيها
حرمانها من طفل يحوم حولها بالحب
يحيل حياتها أزهارا متفتحة و لو كانت وسط اﻷشواك
خرجت أنا و أمي من منزلنا
و بالطبع صديقي ملتصق بي كما هي عادته
أشعر بغصة في حلقي
أريد البكاء
أريد الصراخ
أريد إجباره على اﻻبتعاد
لكن ﻻ أستطيع
أنا أضعف من هذا
لم أعد أتحمل
لم أعد أتحمل شيئا
صديقي الذي يبقى ملتصقا بي بينما ﻻ أريده
نظرات أمي و دمعها
البشر الذين يتجنبونني بسبب صديقي
لم أعد أحتمل شيئا من هذا
وصلنا إلى مكان ما
لكن عقلي لم يصل لمكان
ذاتي الممزقة لم تجد شاطئا ترسو عليه
بل ﻻ تزال تبحر في أمواج عاتية تزيد تمزقها
خرجت أنا و أمي و صديقي من السيارة
و ذهبنا لذلك المكان
طلبت أمي أن أنتظر ريثما تتحدث مع أحدهم بغرفة ما
أعلم جيدا ما هو محور الحديث
أنا
لهذا اقتربت من الغرفة ﻷستمع لهم

أصغيت إلى ما يقولونه
انتهى الطبيب من كلامه لتعلو شهقات أمي
"آسف سيدتي بذلنا ما بوسعنا لكن ﻻ علاج له"
نظرت إلى صديقي
أحس برجفة في جسدي
ما هذا
لم أتت هذه الرياح الشديدة فجأة
لقد أطفأت شعلتي بدون رحمة
ابتسمت بسخرية و نظري مرتكز على صديقي
أترى
يبدو أنك ستظل معي طوال عمري
أنت جزء مني اﻵن.
خرجت من ذلك المكان بصحبته
لم أنتظر أمي لتخرج
ﻻ أريدها أن تراني مجددا
وضعت يدي على يده لنذهب
يده باردة
أتعلم يا صديقي
أنت مثلي تماما
كلانان يفتقد الدفء الحقيقي
خرجت معه و أنا ﻻ أريد شيئا من هذه الحياة القاسية
ثوان حتى تعالى صوت صرخات الناس في الشارع
ما هذا
أشعر بألم فظيع
"اتصلوا باﻻسعاف...سيموت هذا الطفل لو بقي الكرسي المتحرك في جسده...كيف يخرج طفل مقعد إلى الشارع وحده هكذا"
عبارات رنت بأذني
آخر ما رأيته بعدها
صديقي
كان قد تحطم و دخلت أجزاءه في جسدي
لقد بقينا معا حتى النهاية
حتى في وفاتي ﻻ تزال ملتصقا بي
و ها قد انطوت صفحتي
صفحة طفل مقعد
عاجز عن السير
كرسيه المتحرك
هو صديقه الوحيد في الحياة
.
.
.
تمت






__________________


يا رب ان عظمت ذنوبي كثرة
فلقد علمت بأن عفوك أعظم

التعديل الأخير تم بواسطة لون السحاب ; 04-10-2018 الساعة 05:51 PM
رد مع اقتباس