نافذتها العسجدية كشفت لها ما يتوارى خلف الجدران بظلمة ذلك الفناء
رجال ملثمون يحملون براميلا من الغاز ،كل منهم قد القاه ارضا بعد ان سكبه فى المنطقة التى حددت له،تراجعو للوراء بينما بقى احدهم بمكانه يشعل عودا من الثقاب بيده.
عضت على طرف شفتها لتتقهقر للوراء ناطقة بفزع:الشبان..!
انطلقت بذلك الرواق تصرخت بكل ما اوتيت من قوة: استيقظو علينا الخروج من هنا بسرعة
اخذت تطرق بقوة ابواب غرفهم وهى تناديهم بهلع ولكن ما من مجيب،تمتمت لنفسها بعد ان المتها يداها: تبا لم يغلقون على انفسهم.
تراجعت للخلف قاصدة الغرفة التى خرجت منها تحوى بجعبتها ،كريسا وجولى ،ومينا، اندفعت بها صارخة بأسمائهم وتوجهت بلهفة لصديقتها المقربة كريسا
هزتها بقوة وهى تنادى بإسمها عدة مرات ولكن لا فائدة، كن نائمات وكأنهن اموات..!
صوت شخير مينا اكد لها انهن احياء ولكن هناك خطب ماه..!
ركضت خارجا علها تنجد البقيه واخذت تعيد الكرة دقا على ابوابهم
سمعت حركة قادمة من الغرفة التى يرقد فيها اقربهم لقلبها فصاحت بعجلة: كارل اخرج وايقظهم الملجأ يحترق.
ركضت لاسفل على تلك السلالم الخشبية لتنزلق قدمها من فرط سرعتها وتهوى لاسفل،تأوهت بشدة منضجرة من حظها لتتحرك بصعوبة وتعتدل مستعينة بحافة الدرج
حدقت فى لون الخشب القاتم وهى تحاول كتم بقبة تأوهاتها، لتوقن قطعا بأنه تشرب من ذلك الغاز حتى ارتوى
استدارت وهى تعرج من قدمها اليمنى التى تأذت اثر سقطتها لتصدم بالنيران التى تطاولت على ممتلكاتهم ،فتراجعت للوراء بفزع هاربة من تلك النيران التى تلتهم بضراوة.
سارت بعجلة لباقى الغرف وهى تغمض عينها الماً متناسية وضع قدمها
بذلت كل جهدها فى محاولة ايقاظهم ولكن دون جدوى فأيقنت بأن هناك فى الامر لغزا..!
ضربت فخذها بقبضتها بقوة سخطا على نفسها؛ اكان عليها النوم باكرا تلك الليلة،أكان عليها رفض عرضهم للسهر..!
فكرة "دون"كانت جميلة ،كفاها انها ستنسيهم حزنهم على ما هم فيه من بؤس.
تذكرها لدون وتصرفاته الغريبة بأخر ايامهم، جعلها تلتفت بين الصبية بلهفة بحثا عنها ،تعرف مكانه جيدا الركن الايمن تحت الناقذة ،حدقت بمكانه الخالى بدهشة "اين اختفى"..؟
ترقرقت عيناها بالدموع لما اكتشفت لتتراجع للخلف وهى ترا النيران تحوط اصدقائها من جميع الجهات تقريباً ،صرخت وهلعت لخارج الغرفة علها تجد من يساعدها وهى تتمتم: لقد تمت خيانتنا ،كان على فهم ذلك، من اين لدون المال ليشترى كل ذلك العصير.
ركضت لغرفة العجوز "ميلى" عله لم يشرب من ذلك العصير ولكنه لم يكن بها، انهمرت دمعاتها وهى تشعر بتلك الحرقة على جسدها وبقلبها اثر تلك النيران التى تلتهم المنزل بمن فيه.
رائحة الخشب المحترق وكذلك تلك الرائحة البغيضة التى كادت تقتلها دون ان تدرك انها رائحة اجساد رفاقها جعلاها تتقهقر وتجثو على قدميها بعجز، لون النيران المتوهج وحرارتها الاسعة داعبتا بشرتها النقية
تمعنت فى اركان منزلهم البسيط ،غرف اصدقائها بالسفل والاعلى غرفة ميلى مستضيفهم بجوارها تلك البئر التى ترويهم،كل ركن وشبر فى المنزل كان له ذكرياته ولحظاته الخاصة.
من آواهم وحماهم من عواصف الشتاء القاتلة كانت اخشابه المتضرمة بالنيران،وها هى الان تحاول ضمها جعلها جزءا منها حتى بعد احتراقها.
ضمت نفسها بجزع رفضا لما تفكر ونطقت بضعف: لا لا لن اترك رفاقي ،لن انجو بنفسي لامت معهم ألست السبب فى موتهم..!
لكن لإحتراق جلدها وصعوبة ذلك تحركت قدماها تلقائيا كأى غريزة طبيعية للنجاة من ذلك الالم.
ركضت لتلك البئر وهى تهز نفسها بقوة محاولة التخلص من قطع القماش التى تسترها تلك، بعد ان كانت حامية وساترة لها ها هى الان مجرد جحيم ملتصق بها.
ما ان وصلت لفوهة البئر حتى رمت بنفسها فيه بكل جنون، هوت وهوت حتى استقرت اخيرا بكبده بين تلك المياة المتكدسة.
سبحت لاعلى حتى استقرت بسطح مياهه تحاول جاهدة التقاط انفاسها،ظلمة المكان وبرودة المياة اطفئا نيران ملابسها ولكنهما لم يطفئا نيران قلبها المحترق.
كانت تحاول جاهدة الثبات بنفسها وعدم الغرق ولكن شيئا لمس قدماها قبل ان يطفو بجانبها هز ثباتها واهلعها للتنغمس بالمياه اثر حركتها.
عادت للسطح وهى ترتعد رعبا لتتأكد عيناها مما رأت "انه غريق"
ارتعدت اطرافها لوضعها ،فها هى بعد ان هربت من النيران بصبحبة غريق بقلب البئر.
انهمرت دمعاتها لتَعرُفها على صاحب تلك الجثة "انه العجوز ميلى" لكن اسقط وهو يحاول استخراج الماء ام ماذا..؟
نظرت له وهى ملتصقة بجدار البئر تحاول جاهدة البقاء بعيدا عنه لتتمتم بتقطع ويإس: ما الذى يحدث ميلى ماذا فعلنا لنلاقى كل هذا..؟
ضوء النيران المتوهجة فوقها مكنها من رؤية ما بدد باقى تماسكها ،هو لم يكن غريقا كما ظنت انه قتيل..!
هناك من طعنه بقلبه والقاه هناك،بدأت فى البكاء بحسرة وهى تنظر للون المياه حولها قد تكدرت بفضل دمائه.
شهقت بألم ملقية كل اللوم على نفسها لو استيقظت باكرا قليلا او لو اطاعت ذلك اللود من البداية لما حصل كل هذا،لو استسلمت له لما آذاها ومن تحب.
عضت على شفتها ونظرت لاعلى تصرخ بغضب: تبا لك كارل ما كان عليك دعمي "انخفضت وتيرة صوتها" كان عليك دفعي له،كان عليك كسر كبريائى مثلهم،انظر فيما تسببت لكم "ذادت شهقاتها ودموعها متأثرة بمصير رفاقها" ماذا سأفعل دونكم كيف سأعيش ،كيف سأقاومه دونكم،" صرخت بأعلى صوت لديها " ااااااااااااااااااا تبا لك لورد جوزيف ،تبا لبطشك وجبروتك.
شعرت بأن جسدها سيتداعا ،جروحها تحرقها بشدة ورؤيتها لتلك النيران التى تتغذى برفاقها
اوصلتها لاوهن حالاتها ،حدقت فى المياه بشرود تفكر كيف كان جهل رفاقها بإعجاب ذلك الخبيث بها ذا منفعة لهم ،منذ اكتشافهم للامر استغل هوا الامر لصالحه واظهرهم للقانون كمجموعة من المتشردين يجب التخلص منهم.
كما الفراغ الذى بنفوسهم سَبَبَ خيانة صديقه وملاقاتهم لحتفهم،كيف ان المظاهر خداعه ،كان صديقهم من الطفولة لكن بعض النقود او التهديد جعلته يبيع اصدقائه ويلقى بهم الى الهلاك.
اكتسى وجهها تعابير الغضب لتغطي خصلات شعرها عينيها بهالة سوداوية ،حركت يدها لتمسك بمقبض سيفها وتضغط عليه بحقد : سأنتقم منك دون،سأنتقم منك لورد جوزيف.