الموضوع
:
برونزي : نعمة العقل بين الإفراط والتفريط
عرض مشاركة واحدة
#
1
05-04-2018, 12:18 PM
ذكريات باقية
برونزي : نعمة العقل بين الإفراط والتفريط
-اورا
نعمة العقل بين الإفراط والتفريط
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، أما بعد :
فإن النعم الربانية كثيرة ، والمنح الإلهية غزيرة ، وحفظ النعم للخير بريد ، وشكر النعم عنوان المزيد ، ومن هذه النعم العظيمة : نعمة العقل الغريزي المطبوع ، والعقل المستفاد المسموع ؛ الذي يزكو بالجد والمثابرة ، وينمو بالقراءة والمذاكرة .
ولقد احترم الإسلام العقول ، وجعلها سلما للوصول ، ومناطا للتكليف والقبول ، وتعددت في القرآن ذكر مشتقاته ، وتكررت ذكر مفرداته ، تارة ب " تعقلون " ، وأخرى ب " يتدبرون " ، بل كم وُجهت العقول في القرآن للتفكر والنظر ، والتأمل والسبر ؛ " ويتفكرون في خلق السماوات والأرض " ، " أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق " .
كما جعل الإسلام العقل من الضرورات الخمس الأكيدة ، وحرم على المرء ما يفسده ويعطله من المفسدات والمسكرات العتيدة ، وما يحرفه ويعكره من قوادح العقيدة ، وهكذا في صور متنوعة من الإكرام والعناية الفريدة .
ومن احترام الإسلام للعقول أنه أحاطها بسياج يحفظها من الضياع ، وجعلها تابعة للنصوص التي تقتضي التقييد والانصياع ، مع حريتها في ضوء الثوابت المرسومة في الكتاب والسنة والإجماع .
فالإسلام وسط في نظرته للعقل بين طرفين ؛ طرف عطله تماما ، ومنع استعماله بتاتا ، وأوجب له التقليد الممنوع ، وسد عليه باب الاجتهاد في الفروع ، وألزمه بالتسليم التام للشيخ المتبوع ؛ حتى قال قائلهم : كن بين يدي الشيح كالميت بين يدي المغسل !
وفي المقابل طرف عظم العقل وقدسه ، وجعل له السيادة وأطلقه ، حتى قال قائلهم :
أيها الغر إن رزقت بعقل فاسألنه فكل عقل نبي !
بل وضع الوضاعون في فضله أحاديث مكذوبة ، ونصوصا متروكة ، وبالغ بعضهم فقدمه على النص والأثر ، وجعل الثوابت والمسلمات محلا للنقد والنظر ، وزعم أن للعقل حرية الفكر دونما قيود وأطر !
وفي الوسط نظرة الإسلام للعقل بالاحترام ، والتقدير والإكرام ، واستخدامه في النافع للأنام ، وعدم تعدي حدوده في النظر والاستخدام ، والوقوف عند حمى الدين العظام .
فيا من يريد سلامة العقل ونجاته ، والبعد عن مهاوي الفكر وزلاته ، دونك نظرة الإسلام الوسطية للعقل واستخدامه ، ومجال استعماله ؛ حتى لا ترد المهلكات ، ونشاز الأطروحات ، وخوض المغامرات .
كتبه د. صالح عبدالكريم في عصر يوم الأحد 16 / 3 / 1437 هـ الموافق 27 / 12 / 2015 م
__________________
رحمك الله يا لورين وغفر لك وتجاوز عنك
اللهم اجعل قبر وردة روضة من رياض الجنة يارب
صراحة
ذكريات باقية
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن المشاركات التي كتبها ذكريات باقية